المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرجال والبيت


لمحة خفوق
21 May 2006, 07:52 AM
عندما يخرج الرجل من بيته فكأنما يخرج إلى ميدان معركة، فالحياة أصبحت صعبة،
والنجاح الحقيقي لايُنال إلا على أسنة الرماح، ومع اشتداد المنافسة بين الرجال يزداد بذلهم
وتضحياتهم من أجل تأمين حاضر الأسرة ومستقبلها
ونحن النساء- ربات البيوت- نقدر هذا جيداً، لكن المشكلة أن الرجال لايرون إلا مايفعلونه،
وكلما ازداد نجاحهم ازداد اعتدادهم بما يقومون به، وبالمقابل تمادوا في احتقار ماتقوم به الزوجة في المنزل
فالسهر طوال ليال متواصلة بجوار طفل مريض لايعادل عند الزوج ثقالة مراجع لحوح في العمل
بل إن كل ماتقوم به الزوجة من عمل متواصل طوال النهار والليل لايعادل ساعة عمل عند الرجال.

أبوعبدالله طموح ويحب النجاح في عمله، بل إنه دائماً يصرح بأن زوجته الأولى عمله
ومايقوم به من مهام صعبة خارج المنزل تنال إعجاب رؤسائه يجعله يستخف بما أقوم به في المنزل
فلا يحتمل الأخطاء ولايقبل الأعذار بل لايقدر- مجرد تقدير- ماأقوم به،
إنه لايستطيع أن يجد لي عذراً إذا كسرت وعاء زجاجياً فاخراً أثناء تنظيفه بحجة أن أمي وأمه
لم تفعلا مثل هذا الخطأ طوال ثلاثين سنة، مع أنه يصدم سيارته كل شهر مرة وبسبب خطأ منه،
لكنه يجد لنفسه قائمة طويلة من الأعذار لايسمح لي باستخدامها.

وبمرور الوقت ازدادت معاناتي، وأصبح كل ماأقوم به لايخلو من عيب يحذرني منه أو
تصرف أفضل ينصحني باتباعه في المرة القادمة، واختفت من قاموسه كلمات الشكر والثناء والتقدير،
فإذا أعددت سفرة عامرة فإنها في نظره لاتستحق الشكر لأنها جاءت متأخرة.
وإذا كان يجد كل يوم ثياباً نظيفة جاهزة للبس فليس ذلك إنجازاً مع وجود غسالة أوتوماتيكية،
وتزداد معاناتي معه في أوقات الإجازة عندها يتفرغ لاصطياد أخطائي وينهال علي بالتوجيهات،
ويذكرني بعجز النساء وضعف عقولهن، ويصبح مثل مفتش الوزارة الذي يتفنن في رصد العيوب والأخطاء.

كما يقال: اشتدي أزمة تنفرجي، مرض الأولاد جميعهم مرة واحدة، وعندما يمرض أولادي
أفقد صوابي وتوازني، وهذا ينعكس على مهامي المنزلية الأخرى بل حتى واجباتي الزوجية تجاه
أبي عبدالله، أصبح معظم طعامنا في تلك الأيام من المطاعم، واضطر أبوعبدالله لأخذ ثيابه إلى المغسلة مرتين،
وتراكمت الصحون المتسخة في الأحواض وعمت الفوضى المنزل
لم يحتمل أبوعبدالله مايجري وأصبح يرى القضية تجاوزت حد الإهمال والتسيب إلى الاستخفاف به وبرجولته
وبقوامته على هذا المنزل، فاشتد علي في التأنيب، وجرحني بكلامه مرة بعد مرة،
وكنت ليلتها متعبة من تواصل السهر وأعصابي متوترة فانفجرت باكية
وقلت له: إنني أتحداك أن تقوم بأعمال هذا المنزل يوماً واحداً فضلاً عن أسبوع أو شهر،
وكان هو الآخر غاضباً فرد علي قائلاً: إنك لاتفعلين شيئاً ذا بال، ولاتصنعين قنبلة ذرية،
وكل ماتقومين به في أسبوع أستطيع القيام به في يوم بإصبع واحد من أصابعي العشر،
طبعاً لم يحسب ماذا ينبني على كلامه ولأنه عنيد- وهي صفة أستفيد منها في ترويضه بعض الأحيان-
أردت استغلال الموقف لألقنه درساً لاينساه، فقلت له: غداً يوم إجازتك الأسبوعية «هذا الميدان ياحميدان»
أرني شطارتك، ووقع المسكين في المصيدة من حيث لم يعلم.

أخذت بعض الكتب والمجلات وأسرعت إلى غرفة النوم، وأغلقت الباب خلفي فلم أكن أرغب
في ترك فرصة للتراجع، وقد كان مرض الأولاد أتلف أعصابي وأحتاج إلى قليل من الراحة لأستعيد عافيتي.

بدأت الهزيمة الأولى مع الأولاد، فالأطفال عندما يمرضون لايريدون غير حضن أمهم مهما حصل،
وقد حاول أبوعبدالله جاهداً أن يسكتهم، وجمع كل الألعاب وحتى بعض أدوات عمله،
وحملهم على ظهره وبطنه وخرج بهم ودخل دون فائدة، فصراخهم ظل متواصلاً،
وبدأت أقتنع بنظريتي التي كنت أنصح بها زميلاتي:
أن أفضل علاج لرجل عنيد طفل في الثانية من عمره، وعندما حانت ساعة العشاء أخذ الأطفال معه إلى المطبخ
ليعد العشاء ويحاول تسليتهم في الوقت ذاته، وكان من قبل إذا رآني والأطفال معي في المطبخ يقيم الدنيا
ولايقعدها، وهو محق في ذلك، فوجود الأطفال في المطبخ أثناء إعداد الطعام يبعث القشعريرة من كثرة حوادث
الأطفال في المطابخ
الأطفال يعتبرون المطبخ أفضل أماكن اللعب، فيسحبون هذا الوعاء ويفتحون ذاك الدرج،
وبعضهم يحاول أن يستمتع بالجلوس داخل الثلاجة، وثالث يريد أن يساعد في إعداد الطعام وتقليبه على النار!
!
خلال خمس دقائق فقد أعصابه، وصفع عبدالله صفعة أسكتت أخاه الصغير ولم يضربه من قبل يوماً،
وبينما انهمك في البحث عن السكر مع أن حافظته مميزه ومكتوب عليها سكر احترق البيض
وصرخ عبدالله: بابا الحليب، فالتفت مسرعاً لينزع إبريق الحليب من فوق الموقد- بدون عازل طبعاً-
فاحترقت يده، وطار إبريق الحليب ليحلق في سماء المطبخ وينهمر الحليب الساخن على الأرض،
وسلم الله الأولاد بلطفه ورحمته.

أسرعت من غرفتي على إثر الروائح التي ملأت المنزل، ولم أستطع كتمان ضحكتي،
خصوصاً ويد أبوعبدالله مغموسة في إبريق مليء بالثلج، وقلت لعله يستسلم ويكتفي بما حدث له
فقلت له: إنني أعرض عليك استسلاماً مشروطاً، فأنت لم تر من البعير سوى السنام، فاستسلم خيراً لك.

لكن يأبى عناده إلا خدمتي فأومأ برأسه رافضاً، فعدت إلى غرفتي أدعو الله أن يحفظ الأولاد من التسمم الغذائي
كما نجاهم من الحريق.

بدأ الفصل الساخن مع الأولاد عندما حان وقت الدواء، وأبوعبدالله متخصص في المجال الطبي،
وطالما عنفني على الإهمال في مواعيد الدواء وعدم الدقة في الجرعة، كان يظنها مهمة سهلة،
لكن الصغير عندما يرى زجاجة الدواء لايفتح فمه إلا بزرادية، وبين صراخ وبكاء وشد وجذب ومحاولة
إدخال الدواء بالإكراه انسكب نصف مافي الزجاجة على ثياب الصغير دون أن تدخل فمه قطرة واحدة،
واكتملت مشاكل الأولاد عند وقت النوم، فالأطفال لاينامون بالأمر،
أمضى معهم قرابة الساعة بين التهديد والوعيد والترغيب والترهيب، يغني لهم تارة ويرقص أخرى،
وأخيراً ناموا، لكن فرحته لم تكتمل، فسرعان مااستيقظ عبدالله باكياً بسبب الحمى، وببكائه استيقظ أخوه الصغير
. شعرت أن الرجل قد فقد أعصابه، فلم ينم منذ عاد من العمل،
وقد دخل نصف الليل الآخر، وخشيت أن يضطر لضربهم، فأسرعت إليه
وقلت له: هذا يكفي، الأولاد خارج اللعبة، اذهب للنوم فلديك غداً يوم حافل بالعمل المنزلي،
لم أكد أفرغ من حديثي حتى كان شخيره يصل إليّ في غرفة الأطفال.

في اليوم التالي، بدا أكثر إصراراً على تعويض هزائمه في البارحة، لكن اجتهاده كان يقوده دوماً إلى مزيد
من الأخطاء، أراد أن يختصر وقت الغسيل فجمع الثياب الملونة والبيضاء مرة واحدة،
وزاد من كمية المبيض حتى يختصر من وقت الغسيل ويطيل عمر الغسالة،
لكنه وقف مذهولاً عندما أخرج الثياب من النشاف، تناولت أحد الثياب ونشرته أمامه وقلت ساخرة: الله..
كم يبدو الثوب جميلاً بهذه البقع! انتزعه من بين يدي وجمع الغسيل في كيس وأسرع نحو المغسلة
علهم يجدون حلاً لمشكلته.
كان يوماً ممتعاً ضحكت فيه والأولاد كذلك حتى عادت إلينا العافية، يحاول إزالة رسوم الأطفال من الجدران
فيبالغ حتى يزول الطلاء، ويحاول تنظيف طقم الحمام فيفقد صبره ويكسر المرآة،
ويحاول إزاحة دولاب الملابس حتى ينظف المناطق المهجورة خلفه فيصاب بشد عضلي،
وهو مصر على إكمال المهمة، وفي كل فشل يعدنا بمفاجأة على طعام الغداء.
أعد سفرة الغداء بعناية، واجتمعنا حولها بعد صلاة العصر، وبدا لي من شكل الطعام
أن القطط ستزهد فيه، الصغير اعتبر طعام أبيه نوعاً من الدواء فأغلق فمه،
عبدالله تذكر صفعة البارحة ومزاج أبيه المتوتر فأراد أن يكون دبلوماسياً فاكتفى بالسلطات والفواكه،
أما أنا فكنت مصرة أن يعلن استسلامه فتظاهرت أني معجبة بالأكل وتجرعت مااستطعت،
لكنه لم يستسغ طعامه وسرعان مارمى الملعقة
قائلاً: حسناً.. حسناً أنا أعلن استسلامي بدون قيد ولاشرط وبالضربة القاضية.
أجبته مستخفة بكلامه: إنك لم تعرف الضربة القاضية بعد.
قال وهو يتحسس ظهره الموجوع: وماذا بعد كل هذا.
قلت: ساعة من ساعات المخاض.
ولى من أمامي هارباً نحو المطعم، يدٌ على ظهره وأخرى على رأسه
وهو يقول: امرأة من ضلع أعوج خير من رجل بظهر مكسور.

منقول[/quote]

المستحيلة
21 May 2006, 12:27 PM
http://www.castlemountains.com/postcards/eunifun/february/febcheer1.gif

ما اروع ان يكون البيت واحه جذابة يشتاق لها الزوج وهو في الخارج ... ويحن لمن فيها ويكره ان يخرج منها ..

لمحة خفوق
22 May 2006, 07:58 AM
المستحيلة

كم اسعدني حضوورك

ودمتي علئ العز

تحياتي لك

خالد بن سعود
22 May 2006, 03:57 PM
تسلمين ياأختي لمحة خفوق على المقال المميز فعلا
وماشاء الله أستطعتي في فتره قصيرة أن تسرقي الأضواء
من خلال المواضيع الجاده والمتميزه والراااائعه
تحياتي وتقديري لكي أختي الكريمه

لمحة خفوق
04 Jun 2006, 04:11 PM
تسلمين ياأختي لمحة خفوق على المقال المميز فعلا
وماشاء الله أستطعتي في فتره قصيرة أن تسرقي الأضواء
من خلال المواضيع الجاده والمتميزه والراااائعه
تحياتي وتقديري لكي أختي الكريمه

كم اسعدني هذا الكلام
مشكور ياسعود
هذادليل على الرقي والأحترام من قبلك
تحياتي

عـــلاوي
04 Jun 2006, 04:23 PM
كلام جميل ونقل رآئع أختي لمحه خفوق

اعجبني ما نقلتيه وأسجل أعجابي بما أستمتعت به وقرآته


مشكوورهـ اختي لمحة خفوق على الموضوع الشيق والرآئع


تــقــبــلي مـنـي كـــل التــقــدير والأحترام

لمحة خفوق
04 Jun 2006, 04:49 PM
كلام جميل ونقل رآئع أختي لمحه خفوق

اعجبني ما نقلتيه وأسجل أعجابي بما أستمتعت به وقرآته


مشكوورهـ اختي لمحة خفوق على الموضوع الشيق والرآئع


تــقــبــلي مـنـي كـــل التــقــدير والأحترام
أكيد قرأته
طيب وش مكتوب في السطر الرابع عشر
لك الأحترام والتقدير
تحيا تي