عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Feb 2008, 12:28 PM [ 4 ]


تاريخ التسجيل : Oct 2005
رقم العضوية : 549
مواضيع : 131
الردود : 1331
مجموع المشاركات : 1,462
معدل التقييم : 108sanaa will become famous soon enoughsanaa will become famous soon enough

sanaa غير متصل






همس الروح

علب الحب الفارغة . . .
بقلم : كديميس

جلست يوماً على رصيف ميناء الأماني انتظرها .. كل شيء حولي غارق في سكون رهيب إلا من أصوات طيور النورس وهي تمسح خد المحيط بظلها ..تأثرت ألحانها المتشابكة ، طال انتظاري دون مجيئها ، عدت مكتئباً أركل بين أقدامي علبة الأوهام ، حتى وصلت لكشك لبيع الكتب على جانب الطريق ملت إليه ، وابتعت كتاباً عتيقاً عنوانه ( حكايات العاشقين) حملته بين ذراعي وقطعت الطريق لحديقة صغيرة في الجانب المقابل ذات بساط أخضر ، جلست على أحد المقاعد الخشبية ، يبدو أننا في فصل الخريف ، فأوراق الأشجار تتساقط كما تتساقط همتي ، فتحت الكتاب ألتهم حروفه ، قرأت قصة رجل اسمه " قيس بن الملوح" أحب ابنه عمه "ليلى" لحد الجنون حتى لقب بمجنونها ، فطلب من عمه أن يزوجها أياه غير أنه رفض فخرج يهيم على وجهه في الصحاري والقفار ويصاحب الوحوش والغزلان ويأكل الحشائش والأشجار ضحكت كثيراً حتى البكاء .. إنه افتراء .. مزقت الكتاب قطعاً صغيرة وألقيتها على أرض الحديقة ، أخرجت منديلاً لأمسح ما تساقط على وجنتي غير أن المنديل مبتل ومعطفي أيضاً يبدو أن السماء تبكي لبكائي ، ألتفت حولي ، لم أجد أحدا أختفى الجميع هربا من الدموع ، يبدو أنهم لا يحبون الأحزان ، المكان أظلم وأضيئت المصابيح استجمعت ما بقي في جسدي المهترئ من قوة ونهضت كما تقوم الخيل الهرمة لأسير في طريق طويل ، اصطبغ بلون الأنوار الزرقاء.. المباني الشامخة أمامي بنيت من أوراق شفافة ولكأنني أشاهد من بداخلها تعصف بهم(ال ..) ما زال المطر يتساقط وأوراق الاشجار تتساقط وأملي في العثور عليها يتساقط ، الأفكار تتزاحم في رأسي المرتعد ، والتساؤلات المتلاحقة تعصف ذاكرتي المرتجفة ، من أنا؟ وما الذي أريده؟ ما الحب؟
لا أعلم ما الوقت الذي مضى وانقضى ، وأنا أهيم أبحث عن إجابة ، كل ما أعلم أنني أسير إلى المجهول .

وبينما أنا كذلك إذا بي أشاهد فتاة تقف على جانب الطريق ممسكة بأعلى السياج ، ومن تحتها بحر لا قرار له ، كانت ملامحها توحي بالبراءة حالمة كحلم أسطوري ، وشعرها المتدلي على أكتافها بعفوية يلاعب حبات المطر ، وعيناها السوداوان تسافران ، تنظران للافق البعيد ، اقتربت منها بفضول ووجدت نفسي أسألها ، إلى ما تنظرين سيدتي؟
إجابتني دونما التفاته بصوت تنساب منه الرقة والحنان والدفء:
- إلى الشمس.
أهي مجنونة؟ أي شمس ، يمكن رؤيتها في المساء والسماء مليئة بالغيوم؟ عدت أشبع فضولي البليد لأسألها ، وماذا تفعلين هنا في هذا الجو الماطر؟
قالت بأسى : لقد وعدني أنه سوف يأتي هنا وأنا انتظره ، عرفت الآن كيف تستطيع النظر للشمس في المساء.
التفت أستشرف الطريق لأواصل البحث عنها ، كل الدروب أمامي تائهة تحاول أن تجد في عيني دليل ، أغمضت عيني وسرت أحمل قدمي على كتفي.. وصلت لمدينة كتب على مدخلها "مدينة الحب" ابتسمت ابتسامة تملأ المساء وتقلق الصباح ، من المؤكد أنني سوف أجدها هنا فلأدخل "دخلت " تفاجأت .. دهشت؟
كل الحيطان العالية والأسوار الحديدية والأسلاك الشائكة سقطت أمامي ، كما سقطت الأقنعة الزائفة التي تحمل الصدق والحب ، وبدت لي الوجوه الحقيقية والقسمات الممتلئة حقداً وبغضاً وخيانة وشهوة ، أسمع الأصوات الخافتة وأقرأ الأفكار التي لم تعد أسراراً ،وأرى العيون الزجاجية التي تنظر بغير مبالاة لقد استطعت أن أخفي نفسي في يدي.
هناك في الجانب الأيسر من مدخل المدينة شاهدت عاشقين قد تعانقا لتتحول الوردة التي كان يمسك بها لخنجر مسموم وبدأ الرجل بمظهر شيطاني.
التفت إلى الجانب الآخر لأجد رجلين يجلسان على مقعد رخامي أحدهما يبدو مكتئباً وقد أخذ يتوعد ويهدد " تلك الخائنة" لقد خدعتني فلسوف تلقى جزاءها .. سوف أقتلها"
أرعبني ما سمعت فأسرعت مبتعداً حتى أستوقفني شجار رجل وامرأة أخذا في توجيه اللوم والسباب لبعضهما البعض حتى كادا يتشابكان بالأيدي ، أكملت مسيري إلى أن قابلني مطعم كبير ، أحسست بالجوع فدلفت لداخل المبني المزدحم ، أخذت مكاني في انتظار المباشر فأثار دهشتي حديث مجموعة من الشباب وبخاصة تلك الجملة من أحدهم " لقد تركته بعد أن فقد ماله ومنصبه" حاولت سد أذني ولكنني لم استطع لاسمع صوت امرأة تحدث جارتها " لقد رأيته معها مرة أخرى بعد أن نذرت له روحي وحياتي".
فأجابتها الأخرى " لا تندهشي يا عزيزتي هكذا هم الرجال خونة". حينها تعالت من خلفي ضحكات شاب ذيلها بقوله " إلى الآن والأمور تسير حسب ما خططت لها ، سوف أسايرها حتى أظفر بها" وأحصل على ما أريد ثم أرميها ككلب ذليل" لم استطع الالتفات له ، فقد تصلبت رقبتي ووقف شعر رأسي وشحب وجهي وتجمد دمي أهذا هو الحب؟ هؤلاء هم العاشقون كذب وخداع وغش واحتيال وخيانة وصل المباشر قائلاً : أهلاً وهلاً يبدو أنك غريب عن مدينة الحب ، أرجو لك طيب الاقامة والآن ماذا تريد سيدي؟
أريد … أريد أن أخرج من هذه المدينة التعيسة نهضت مسرعاً بعصبية وسط دهشة العامل وأخذت أجرى هرباً من مرض الحب ، ولما أطمئننت لبعدي عن تلك المدينة توقفت وقد توقف المطر وانتشر الضباب والرياح المسافرة تعمل جاهدة في تحريك أوراق الشجر المتساقطة وعلب الحب الفارغة لتصدر صوتاً أشبه بمسفونية حزينة تدخل ردهات قلبي فتخدش جدرانه الزجاجية.
انكفأت في ركن مستند برأسي على ركبتي ، مسافراً من الحقيقة للخيال ، لأمحوها منه بعد أن رسمتها في أحلى صورة وأخذت أجوب العالم بحثاً عنها دون جدوى ، عندها سمعت صوت أقدام تنحو جهتي ، رفعت رأسي فزعاً لأجدها تقف أمامي وتنظر إليّ بنظرات يشع منها الحنان ، وما هي إلا لحظة من الزمن حتى رمتني بصورة لها تحمل في الخلف عنوانها وسارت .. نظرت للصورة هممت أن ألحقها غير أنني تراجعت فسرت في الاتجاه المعاكس بعد أن مزقت صورتها.



توقيع : sanaa


...je ne veux ni cadeau ..ni fleur..ni promesse
seulement
!!... le don de ton coeur
sanaa

الأعلى رد مع اقتباس