الموضوع: مقال على الرف
عرض مشاركة واحدة
قديم 15 Oct 2017, 09:50 AM [ 13 ]
عضو متميز


تاريخ التسجيل : Oct 2017
رقم العضوية : 76226
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 1
الردود : 219
مجموع المشاركات : 220
معدل التقييم : 66ريحـان will become famous soon enough

ريحـان غير متصل


رد: مقال على الرف


القط : يوسف المحيميد
محمد السحيمي - 2009



ما هي الرواية؟هي أنت وما تريد: فإن كنت تريد خبراً سردياً مباشراً،يبدأ بـ"كان يا ماكان"،وينتهي بـ"سلامتكم والسامعين والمشاهدين"،فكل ما تقع عينك عليه، مما كتب على غلافه:"رواية،وكل ماتقرؤه أوتشاهده من أحداث،وكل ماتشهده من مجالس ومناسبات، حتى استراحة الزملاء العامرة،وسوالف المعلمات،أثناء تصحيحهن الدفاتر، كل ذلك يمكن أن يكون ـ إذا أردت ـ رواية!ولكن لماذا تقول:هذه رواية جيدة،وتلك رواية ليست رواية؟ وبعبارة مباشرة:لماذا تعجبك هذه الرواية، ولاتعجبك تلك؟
ستجد بين يديك إجابات كثيرة،لكنهاـ ربماـ صبَّت جميعاً في:أن للرواية تقاليد درامية،تدفعك لتعيشها،بوصفك واحداً من أبطالها، لامتفرجاً عابراً عليهم! هذه التقاليد لايمكن تحديدها أكاديمياً بشكل صارم حاسم، لايأتيه الباطل،لكنها ـ كالحياة ـ تعيشها أولاً،ثم تصدر أحكامك عليها!ولعلك سمعت كثيراً،عن دور"الحكواتي"في العالم العربـي،وكيف أنه يثير الحماسة في نفوس الجماهير،حتى يلاحقه المتخاصمون إلى داره،ويقسمون عليه بالطلاق من بنات "حوَّاء" جميعاً أن يحسم الصراع،بين "ذياب بن غانم"و"الزناتـي خليفة"،قبل مطلع الفجر! وقل ماشئت في تفسير تفاعل تلك الجماهيرـ مع قصصٍ تعرف أنها من نسج الخيال ـ لكنك في النهاية ستقر أن "الراوي"ورَّطهم في "روايته" توريطاً حقيقياً! لتصوغ نظريتك في تعريف الرواية فتقول: تكون الرواية رواية حقيقية..رائعة..ممتازة ..إلى أَخِّخِه،بقدر ورطتك فيها،ومعايشتك لمفاصلها الدرامية!
ولوتفحَّصتَ الكم الهائل،الذي قرأته من الروايات في العالم العربـي،لوجدت ما يحقق هذه النظرية قليلاً جداً،ولولا عمنا/"نجيب نوبل محفوظ"،لقلت:إنه نادر جداً،كـ"موسم الهجرة إلى الشمال"للطيب صالح،و"وسمية تخرج من البحر"و"المرأة والقطة"لـ"ليلى العثمان"!
نظرية التوريط،ومقياس براعة الروائيين فيها،هي ما يمكن أن يجيب عن سؤال طويل عريض : لماذا لم تؤثر الرواية في المجتمع العربي، كما أثرت الرواية الغربية في المجتمعات الغربية؟هل لأن الجمهور لايقرأ،أم لأن الكاتب لم يورِّطه معه؟
أما على الساحة السعودية، فلا أحد يجيد فن"التوريط"كيوسف المحيميد: يورطك أولاً بقتله نفسه/الكاتبة ـ بالسوء أو الحسن ـ ودفنها وإخفاء، آثار الجريمة: فلايؤذيك بآرائه المسبقة، ولايفرض عليك "أيديلوجياته" اللزجة كالديزل،بل يقدم لك كل ما يريد،وكأنه كل ما تريد أنت! كالسكرفي الشاي، أوالدم في العروق،حتى وهو يحدثك بضميرالأنا، مباشرةً في "لغط موتى"!
إنه كاتب محترفٌ،يتعب كثيراً،وطويلاً في حبكة عمله،ومع هذا ـ لبعده عن الترهُّلات ـ يشعرك بأنه فعلها،وهو يتلقى أوامر"المدام"بالجوال،في"كارفور"!
ويورِّطك ثانياً،بحسِّه الدرامي اللئيم،فيعرف كيف يبقيك مشدوداً إليه،لاتقوى على مفارقة أرجوحة القلق:بين تقديمٍ وتأخير،وحدث متوقع، وآخرلم يخطر لك ببال!يتجلى ذلك الحس في ربطه بين أحداث أزمة"احتلال الكويت"،ومأساة"منيرة الساهي"في "القارورة"!وفي استفزازك في "فخاخ الرائحة"،حتى تشعر أنك أمام فيلم هندي،و.. وإذا الدنيا كمانعرفها** وإذا الأحباب كلُّ في طريق!
إنه يورطك في كل رواية،بينما يخرج هو،من مغامرةٍ إلى أخرى،كقطَّةٍ بسبعة أرواح! فكاتب"نزهة الدلفين"،ليس بينه وبين كاتب"الفخاخ"،و"اللغط"،و"القارورة"،إلا بطاقة الأحوال المدنية!وقليل من الروائيين من يمتلك هذه المقطـ....عفواً:المقدرة الفذة!


الأعلى رد مع اقتباس