شبكة الشدادين - عرض مشاركة واحدة

الملف الشخصي للكاتب · توقيع : كديميس

إن قُدر لك أن تتجاوز حاجز البطالة وتلتحق بكادر التعليم .. بعد أن حصلت على ورقة اجتياز مشكوك في صحتها من جامعة محلية مشكوك في منهجها .. فـ لتعلم أنه قد كتب عليك طريق طويل من الشقاء والعناء والظلم البيروقراطي .. هذا في حال أن حافظت على نزاهتك وفطرتك الإنسانية السليمة التي بداخلك .. أما إذا ألقيت بها تحت حذائك العتيق الذي التصقت به جميع أوساخ الشوارع التي سرت بها تحمل في يدك ملفك الأخضر باحثا عن وظيفة قبل أن تلتحق بالتعليم ..! وهذا هو المؤكد .. فسوف تحقق طموحاتك ونجاحاتك وتتسنم موقعا قياديا في أحد هياكل التعليم لتصبح "خفاشا" لا يشق له طريق ..

للأسف المفرط حد البكاء .. لقد أنتشر الفساد الإداري ولاإداري إن صح التعبير بوزارة التربية والتعليم وإداراتها الإقليمية بكل صوره وأنواعه المتمثلة في الرشوة والسرقات المالية والوساطات والمحسوبيات المؤذية والنعرات والعصبيات بقناع من النظام المزور في الحقيقة والظاهر بمشروعيته أمام ثلة من البسطاء حيث تهضم حقوقهم وهم مقتنعين بما كُتب لهم ..

هؤلاء الخفافيش لهم قدرة فائقة على التمثيل وإخراج الموقف في صالحهم والتخفي وراء الشكل الذي من الممكن أن نذعن له كمجتمع ينخدع بالمظاهر .. كما يجيدون التلاعب بالمصطلحات والألفاظ الرنانة والثقيلة والمثالية فنقتنع بجدارتهم ونطمئن إلى أن الشخص المناسب في المكان المناسب في الوقت الذي يسعى هو للوصول إلى مصالحه والحفاظ على مكانه .. والدليل أن التعليم مازال هو الآخر في مكانه رغم مرور السنين .. فالمشكلة ليست في المباني وليست في المناهج وليست في طرق التدريس فقط .. المشكلة بالمقام الأول هي في فساد القائمين على التعليم .. لأنه لو صلح حالهم لصلح التعليم بكل مشكلاته ..

يقول صديق لي أثق فيه كـ ثقتي بنفسي وما أكثر الحكايات والوقائع .. يقول :

وصلني تعميم يفيد بأن إحدى الإدارات في العاصمة تحتاج من كل مدينة معلميّن يعملان بها في أعمال محدده .. فعلى من يجد في نفسه الرغبة أن يتقدم بملء استمارة مرفقة وترشيح نفسه ..

قمت بتعبئة الاستمارة وإرسالها وقد علمت أنه لم يتقدم غيري وشخص آخر .. بمعنى أننا نحن من سوف يتم ترشيحنا بلا منافسة .. توجهت لتلك الإدارة أستفسر عن طبيعة العمل ليقابلني موظف بابتسامة فاترة ويخبرني بالحقيقة التي تجعلني أتوقف عن التفكير بالنقل بهدف إراحتي من عناء مشوار طويل .. أخبرني بأن الأسماء محددة قبل صدور الإعلان وأن التعميم ماهو إلا ستار يدارون به لعبتهم وفسادهم القذر .. وأنه من الممكن أن يخدمني فقط بأن يخبرني إن كان إسمي من بين الأسماء أم لا .. طلبت منه أن لا يقدم على تلك الخطوة لأنه من المؤكد عدم وجوده .. فقط لأنه لا يوجد لدي واسطة أو ظهر أتكئ عليه .. فعدت أدراجي بعد أن شكرت الموظف على توفيره لطول عنائي ..

هذا القصة لا تختلف عن قصة الترشيح التي ذكرها لي أحد المشرفين السابقين .. طبعا هذا المشرف عاد معلما يقف أمام السبورة لأنه لم يستطع أن يقف أمام الفساد الذي كان يواجهه يوميا مع زملائه .. يقول :

تم الإعلان عن حاجة القسم لمشرف تربوي .. تقدم للترشيح خمسة عشر معلماً لم يدر في خلدهم أن المرشح محدد مسبقا لأنه فقط ينتمي لعشيرة السيد رئيس القسم .. وأن المقابلات الشخصية والاختبارات ما هي إلا ستار يمثل النظام أمام أعين الرقابة المغمضة و"المغمصة"..

هذا المرشح أعرفه تماما وأعرف قدراته المحدودة فهو زميل دراسة قبل أن يكون زميل عمل وقد أكد لي القصة بنفسه داعيا الله أن يوفقه لخدمة التعليم ..

أي تعليم يمكننا أن نتخيله وأي جيل يمكن أن يفرزه هذا التعليم مادام أن القائمين عليه ما هم إلى خفافيش ظلام يمارسون سلطتهم التعليمية بما يتناسب مع مصالحهم المغلفة بالفساد الإداري ..