عرض مشاركة واحدة
  [ 1 ]
قديم 18 Dec 2008, 08:54 PM
عضو متميز

السنافية غير متصل

تاريخ التسجيل : Dec 2006
رقم العضوية : 2117
الإقامة : saudi arabia
الهواية : النت القراءة
المشاركات : 268
معدل التقييم : 25
الملف الشخصي للكاتب
إضافة تقييم
الرد على الموضوع
ارسال الموضوع لصديق
طباعه الموضوع
تبليغ عن الموضوع
ابن المطر ...( صالح بن مطر) رحمه الله



ابن المطر





الناس من حولنا يموتون كل يوم، وتنتقل الانفس الى بارئها في كل مكان، وقديماً قال شاعر العرب: «تعددت الاسباب والموت واحد»، وربما كان محقاً في وسائل الموت، لكن للموت تأثيرات مؤلمة غالباً، وجميلة أحياناً، ومجالس العزاء هي مجالس للمراجعة والتأمل والعبرة، كون الموت كما حدّث المصطفى عليه الصلاة والسلام الموعظة الكافية في حديثه: «كفى بالموت واعظاً»، وربما ايضاً توزيع نسب الألم والجمال، وتحت كل منهما كلمات ومباحث لا تكفيها المتون.
نفارق الاهل والاصدقاء والأحبة بمصيبة تبدأ كبيرة، ولله الحمد انها تصغر شيئاً فشيئاً، ربما لاننا نعرف ان الموت شيء لا بد منه لكل انسان اذا حان أجله، والبشر سواسية فيه.
البعض يموت وفي خاطره شيء من الدنيا وأهلها، والآخر يغادرنا وفي خاطر اهل الدنيا شيء عليه او منه، والمحظوظ من حاز بعد رضا ربه دموعاً صادقة ودعوات مخلصة، ورضا من وطنه واهله ومجتمعه. لحديث الموت شجون وربما فنون، ساقتها لي مدينة الطائف، مدينتي، بنت المطر، وهي تودّع دونما عناق عاشقاً اصيلاً لها، رجلاً مثقفاً بطريقته، و «طايفي» - نسبة الى الطائف - بطريقة لا يمكن ان يخطئها ابناء عروس المصائف، ودعته من بعيد فما تسنى لهما اللقاء الاخير الا في اعين ابنائه وأحبابه وطيف ذكرياته، وهو الذي التقاها لسبعين عاماً من «الحب».
الاسبوع الماضي توفي في جدة الدكتور صالح بن مطر الحارثي، وووري الثرى في مقبرة المعلاة في مكة المكرمة التي شهد حرمها الشريف وداعه الاخير، وهو رجل عرفه الاهالي في الطائف لثلاثة عقود تقريباً طبيباً حاذقاً وادارياً ناجحاً وعضواً اجتماعياً فاعلاً، تولى ادارة الوحدة الصحية المدرسية في الطائف، وشارك لسنوات وسنوات في مواسم الحج، وكان دوماً ابناً باراً للطائف، وقبلها عرفوه ابناً باراً ومعاوناً ميدانياً لوالده العم مطر احد أشهر تجار العسل والسمن البلدي في السوق القديمة بجوار برحة القزاز.
اعجبني فيه لسنوات طويلة حبه لمدينته الصغيرة، فهو عند عودته بشهادة الطب من القاهرة قبل تدشين الكليات الطبية في الجامعات السعودية تم تخييره بين اي مدينة او مستشفى في المملكة، متوقعين ان يطلب التعيين في العاصمة او مدينة جدة اسوة بزملائه، لكنه اصر على الطائف وهي قبل 40 عاماً اقرب للقرية منها الى المدينة بمفهومها العصري.
في محكية اهل الطائف يسألون عن الميت في المجالس بقولهم: «من عقب؟» اي من ترك بعده، والدكتور صالح عقب اثنين من المهندسين وطبيباً، وكريمتهم في سلك التعليم، وهو قبل ذلك وبعده عقب القدوة الحسنة في الوفاء، والمثال المحتذى في حب الارض والاخلاص للمكان، رحمك الله يا عاشق الطائف يا ابن المطر.



بــقـــلم محمداليامي بجريدة الحياة


توقيع : السنافية
(لا إلــة إلا الله الملك الحق المبين )

رد مع اقتباس