..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الأدبية > منتدى القصص والحكايات
 
أدوات الموضوع
إضافة رد
قديم 31 Mar 2007, 03:56 PM [ 11 ]
نائب المشرف العام


تاريخ التسجيل : Mar 2005
رقم العضوية : 106
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 478
الردود : 33237
مجموع المشاركات : 33,715
معدل التقييم : 25عبدالله الشدادي is on a distinguished road

عبدالله الشدادي غير متصل




مشكوره يابسمه جداً الراويه طويله

توقيع : عبدالله الشدادي
الأعلى رد مع اقتباس
قديم 31 Mar 2007, 06:17 PM [ 12 ]
عضوة متميزة


تاريخ التسجيل : Nov 2006
رقم العضوية : 1994
الإقامة : qatar
الهواية : كتابة الخواطر
مواضيع : 1901
الردود : 9766
مجموع المشاركات : 11,667
معدل التقييم : 25بسمة is on a distinguished road

بسمة غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 3
العضو المميز

الحضور المميز

عضو مخلص




الله يعافيك أخوي عبدالله على الحضور

والحلقة الثانية والثالثة نزلتها في موضوع ثاني

تحيتي لك

بسمة


توقيع : بسمة
اللهم ارحم أبي و أمي وجدتي و أختي واغفر لهم واجعل قبرهم روضة من رياض الجنة لا حفرة من حفر النار
اللهم اجزهم عن الإحسان إحسانا وعن الإساءة عفواً وغفراناً
الأعلى رد مع اقتباس
قديم 31 Mar 2007, 06:18 PM [ 13 ]
عضوة متميزة


تاريخ التسجيل : Nov 2006
رقم العضوية : 1994
الإقامة : qatar
الهواية : كتابة الخواطر
مواضيع : 1901
الردود : 9766
مجموع المشاركات : 11,667
معدل التقييم : 25بسمة is on a distinguished road

بسمة غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 3
العضو المميز

الحضور المميز

عضو مخلص




مشكور أخوي عبدالله على الحضور

تحيتي لك

بسمة


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 02 Apr 2007, 03:26 AM [ 14 ]
عضوة متميزة


تاريخ التسجيل : Feb 2007
رقم العضوية : 2277
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 102
الردود : 4490
مجموع المشاركات : 4,592
معدل التقييم : 39السارية is on a distinguished road

السارية غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 4
عضو مخلص

العضو المميز

الحضور المميز

فعالية لقطة ومقاديرها




يعطيك العافية بسمة .........ننتظر

توقيع : السارية









كل حزُن يزيد , ويتكاثر حين "نَحكيه" ؟!
الحزُن الذي نرويه لـ
( الله )
فقط هو الذي يتقلّص ويختفي : )
الأعلى رد مع اقتباس
قديم 02 Apr 2007, 05:07 AM [ 15 ]
عضوة متميزة


تاريخ التسجيل : Nov 2006
رقم العضوية : 1994
الإقامة : qatar
الهواية : كتابة الخواطر
مواضيع : 1901
الردود : 9766
مجموع المشاركات : 11,667
معدل التقييم : 25بسمة is on a distinguished road

بسمة غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 3
العضو المميز

الحضور المميز

عضو مخلص


تداعي الفصول


تداعي الفصول (الحلقة الرابعة ) رواية للكاتبة مريم آل سعد





الحلقة الرابعة

الفصل العاشر
التناقضات

كان سالم يشارف اعوامه الأربعين، ويتمتع بشكل مقبول، وجسد رياضي، وشخصية ديناميكية استحوذت تماما على سارة. فهو متفتح، مطلع، ذو افق مفتوح، ثقة مطلقة بالنفس، مرح، وما زالت تكتشف الكثير من الأمور عنه، حيث بدا لها مختلفا جدا عن الرجال الأربعة الذين عاشت معهم، اشقاءها ووالدها، كذلك يختلف تماما عن نسيبها احمد، وتشعر بأنها ترى من خلاله عالماً آخر لا تعرفه.
قالت لشقيقتها تسامرها :
لم اكن ادري ان في البلاد شخصيات متفتحة اجتماعية، وبدون عقد ولايخجل من ذكر اسم خطيبته أوشقيقته، ولا يقول الأهل والرضيعة الى آخر هذه التعقيدات. انه ببساطة لا يخجل من نساء عائلته.. هل نظرت كيف كلمني ببساطة امام اخوتي غير عابئ بأن عبدالرحمن تعمد عدم ذكرنا أو الاشارة الينا مع اننا جالسات امام الرجل.
تضحك وضحة جذلى وهي تشعر بأنه في النهاية وجدت اختها الخف الذي يطابقها واستراح بالها، واذا الأموات يحسون ستسعد امهما.
ولكن هناك اشياء كانت لا ترتاح لها سارة تماما ويقلقها وجودها في سالم. ومنها علاقاته المفتوحة بشكل عجيب مع شخصيات مختلفة، لم تكن سارة تشعر بالرضا عنها او الارتياح لطريقة كسبها لمواردها. كذلك كلماته التي كانت تود أن تأخذها بحسن نية، ولكنها لا ترضيها عندما كان يقول لها أنه يحرص على سرعة زواجهما لانه يريد أن يفتخر بها في المجتمعات التي يرتادها داخل وخارج البلاد، وينتظر اليوم الذي ترافقه للحفلات وتبهر الناس بجمالها وتحضرها حيث تربطه علاقات عمل مع شركات اجنبية ويريد من زوجته ان تنافس الأجنبيات بتطورها. كان لا يعجب سارة منطقه، ولا تعتقد في قرارة نفسها بأنه يعني كلامه عندما انتقد حجابها، وقال لها بلهجة يقينية واثقة من نفسها :
كل هذا سيصبح من الماضي، ستكونين شخصية اخرى.. وتابع بلهجة ودودة.. أنا لا اطعن في اناقتك ولكن لدي خبراء سيغيرونك بالكامل بعد ان تخرجي من محيطك المعقد. !
لم تحاول ان تبوح لوضحة بمخاوفها اشفاقا عليها، وهي تراها تحلق بالسحاب فرحة بالخطبة، وتجهز ملابس بناتها لحفل الزفاف حيث ان سالم قال لها انه سيتولى الاعداد للحفلة، ولا يريد منها سوى الاستعداد حيث سيكون الزواج بعد ثمانية اشهر.
كان سالم يفترض ضمنا بأنها مادامت تعمل في مجال مختلط، وسافرة الوجه، وتتعامل مع المراجعين، وترأس قسما مهما بمعنى انها مسؤولة مباشرة عن موظفين رجال تتعامل معهم وجها لوجه فان ذلك يعني تحررها، وتمدنها، وان حجابها مجرد اجراء شكلي لارضاء العادات والتقاليد ليس الا، ولا يعني التزاما منها واقتناعا ومبدأ.
وحدث الاحتكاك الأكبر الذي تجاهله كلا منهما، مع انه بقي في الأعماق يتهرب كلاهما من مواجهة مكنوناته الحقيقية بعد ذلك لئلا يتأكدا من اختلافهما التام. لقد اتصل بها مساء يخبرها بوجود غداء عمل مع عميل اجنبي وزوجته نهار الغد، ويود حضورها ومشاركتها الغداء وذلك في فندق الشيراتون بعد دوام العمل. رحبت سارة بالدعوة للتعرف اكثر على خطيبها في مجال عمله. وعندما اتى السائق ليقلها الى البيت من العمل ظهرا توجهت مباشرة الى مطعم الحبارى، وتليفونات سالم تلاحقها مؤنبا اياها على التأخير مما يعطي انطباعا سيئا وخصوصا للتعرف على الناس لأول مرة.
ومنذ وطأت قدماها المطعم بحثت بعينيها عن طاولة سالم حتى رأته قادما نحوها بسرعة، وقد لمحها داخلة حيث اختار ان يجلس في موقع يرى الداخلين والخارجين ترقبا لقدومها.
وكانت كلماته التي يفترض أن تكون ترحيبية بها صدمة مفجعة لها، فقد قال بضيق وهو يحاول أن يسير بها خارج المطعم حتى لا يرونها ضيوفه :
ما هذا الذي ترتدينه..؟؟
ملابس.. ماذا ترى عباءة وحجاب.
وهل هذه ملابس سيدة راقية..؟؟
ماذا تقصد..؟؟ هذه ملابس الخروج..؟؟ لا ادري ماذا تتوقع اوتقصد..؟؟
قال سالم بعصبية :
كنت اتحدث معهم للتو عن اوضاع المرأة في البلاد وكنت احدثهم منذ قليل عن وجود طليعة من المثقفين لا تساير التخلف الموجود والذي يغلف البعض، وكنت اضرب لهم مثلا بك. موظفة في قطاع مختلط ومن الأوائل الذين عملت في مجالك، وفتحت بجرأتك المجال لغيرك من النساء، والآن تتولين مركزا قياديا في عملك.
قاطعته سارة بضيق :
وما دخل الثقافة في العباءة والحجاب..؟؟
الا تفهمين..؟؟ ما هذه الأسمال التي ترتدينها كأنك ناطور في السوق مع هذا الجلباب..؟؟هل انت في مأتم حتى تلبسين اسود على اسود. ؟
هل تراني لأول مرة..؟؟ هذه ملابسي التي عرفتني بها في العمل والتي اخرج بها الى الحياة العامة وقد اخترتها عن قناعة، وليس مجاراة كما تحب ان توحي بالعادات والتقاليد البالية. انني احس بالراحة فيها واضمن نظرة الاحترام التي اود ان ينظر بها الناس الي.
ومن يجرؤ أن ينظر اليك بأي نظرة أخرى وانت مع خطيبك وغدا مع زوجك، وأنا اريدك ان تخلعي هذه الملابس الرثة و ترتدي ما تطرحه احدث بيوت الأزياء.
لعلمك انني البس ما تطرحه الموضة ولكن في بيتي ومع اهلي وليس في الشارع. واذا كنت لا تبالي بنظرات الآخرين النهمة والمريضة فأنا ابالي.
على العموم لن تدخلي لهم بهذه الملابس. ان هذا محرج بالنسبة لي، وسوف اعتذر لهم عن عدم قدرتك على مشاركتنا الغداء ربما في وقت آخر حتى نجد حلا لهذه الاشكالية.
وبلعت سارة الاهانة حيث تم طردها للتو، ترفعا من مقابلة ضيوفه الأجانب خجلا منها لانها ارادت التمسك بحشمتها، وقالت بضيق :
على العموم ليس لي انا ايضا نفس لمشاركتكم جلستكم بعد الذي سمعته منك. عن اذنك.
وبينما انصرفت سارة وهي تغالب دمعة مقهورة من تصرفه، كان سالم يعود وقد رسم ابتسامة عريضة لضيوفه، ويطلب منهم البدأ في طلب الطعام حيث ان خطيبته فأجأها موقف طارىء في عملها عطلها آسفة عن المجيء على امل ان يلتقوا في وقت آخر قريبا.
كان هذا الموقف قويا كفاية لكي يوضح الفرق بين الشخصيتين، ولكن قرارا كبيرا كالزواج لا يمكن ان تنفصم عراه لهذا السبب. انها رفضت ارتداء ملابس مزركشة قليلا، وتستبدل العباءة الجلباب بأخرى مفتوحة حتى تظهر البلوزة والتنورة او الفستان من تحتها، بينما بامكانها تغيير الحجاب بشيلة مطرزة او حتى تلبس حجابا ملونا على شكل وشاح.
كانت تعلم بأن شقيقتها أو اهلها سيقولون لها ذلك، وتعلم اكثر بأن الموضوع ابعد من ذلك، ولكن سالم لم يدعها لافكارها فقد ارسل لها صباحا في جهة عملها باقة ورد جميلة استطاعت ان تنسيها قهر الأمس، وترسم ابتسامة وادعة على شفتيها، وتزهو أمام زملائها وهي تقول بخفر لكل من يسألها :
انها من خطيبي..!!
كان التناقض في معاملة سالم موظفا لخدمة اغراضه، وكانت ذات طيبة مشوبة بالسذاجة احيانا، ولا تفرق كثيرا في النوايا ما دام ظاهرها حسنا، ومن يأتيها خطوة كانت تسرع اليه خطوات لذلك نست تماما الموقف السابق، ولم تذكره حتى به ولم تكدره بالعتاب أواللوم.
لا يعيب الرجل الا جيبه.. !! هكذا تقول العجائز وعلينا تصديق حكمتهن.. ! ويتابعن.. ويغيب الرجل ويطير كالعصفور ثم يعود لعشه هكذا يبررن خياناته. وعلى المرأة ان تكون تابعة لزوجها وتساير قناعاته مهما كانت متطرفة في اليمين اواليسار. سواء ان البسها خيمة، أو كما وصف سالم عباءتها بمعطف الخفير، فعليها الانقياد و الطاعة، وان استعرضها على ضيوفه ومعارفه عليها تأبط ذراعه والظهور في المجتمعات، وتدفن حقيقتها وقناعتها وشخصيتها. أي عندما تتزوج تسلم رباطها لزوجها ليقودها حيث ملته وبيئته. أي انها لا تكون بالمعنى المفهوم شريكة بل دمية يشكلها كما يرغب. ولم يتساءلن هل سيسأل الله زوجها عن ذنوبها يوم القيامة ويعفيها ويدينه، وقد ملكها العقل والتمييز وكرمها بالحكمة والتدبير..؟؟
لم ترد سارة مناطحة سالم وتصيد الأخطاء له، ووضع القواعد لحياتهم المقبلة بشكل حاد وصدامي لا يحتمل المناقشة و منح الفرص. ودعت الأمور تأخذ مجراها ليعرفها وتعرفه لعلها تغير شيئا فيه وتصل الى تسويات تحفظ الحياة الموعودة بينهما. على صعيد آخر لم تنس سارة مهمتها في المؤسسة أو الواجب الملقى على عاتقها. لم تشعر بأنها اصبحت مخطوبة الآن وعليها التفرغ للحياة المقبلة، وخصوصا مع شخص تبدو حياته الاجتماعية ممتلئة حيث انه كثير الأسفار محاط بحياة اجتماعية صاخبة، منوعة بالحفلات والاجتماعات على شكل وجبات عمل.

الحادي عشر
الدوامة

ما هذه القوة الغبية التي تمنعها من سؤاله اين سيذهب ومع من..؟؟ او لا تخرج اليوم من البيت..؟؟ او لا تأخير عن الساعة التاسعة مهما كانت الأسباب..؟؟
لم تكن وضحة قوية او ناضجة كفاية او واثقة من الدور الذي تقوم به. كانت مهتزة وضعيفة وخائفة وقد التقط خالد هذا الإحساس وبدأ يستخدمه لصالحه أو ما اعتقد انه لصالحه ولم يكن كريما وشفوقا لكي يرمم عجزها ويداري خوفها كما تفعل معهم جميعا. كان يسكنه ابليس شيطاني يدفعه الى انتهاز الفرص واستغلالها غير آبه او مفكر بما يبذله الآخرون من جهد لمساعدته وحمايته. كان يسير بطرق الضياع، مصمما على ولوجه غير مدرك بخطورته، وعلى عينيه عصابة من الغفلة، وتحيط به شلة تحفر له اخدود الهاوية. لم يخش أباه لانه يعتمد على الصراخ وليس الفعل، وعلى الرغبة بالابتعاد عن المشاكل وليس المساهمة في تحملها.
كان ذكاء خالد طامته الكبرى حيث استخدمه بشكل عكسي، وكانت طيبته الأغرب الى السذاجة وولاؤه لأصدقائه مفتاحين لاستغلاله دون أن يدري وحبسه في افخاخ الدمار. كان تهوره وجموحه قد ابعداه عن اقرانه، كان ينظر الى اولاد خاله بأنهم متخلفون جبناء، وكان يسمي رفقاء مدرسته الذين نشأ معهم ثم انفصل عنهم بأنهم عديمو الشخصية ذوو النظارات.. كناية عن انكبابهم على الدراسة كهدف اسمى في الحياة.
كانت نظرته للكون ولنفسه واحلامه تخيفها، لانه يبالغ بهذه النظرة ويشتط به الخيال لدرجة آمنت بها انه ليس طبيعيا وان هناك قوى تسكنه وتشوش تفكيره.
ويفرقون بين المرء وزوجه
ومن شر حاسد اذا حسد
ما هو التفسير العلمي للذي يجتاحه كالطوفان ويعذبه ويعذبها، ويجعله مضطربا لا يكاد يستقر على موضع ولا يدرك الحق من الباطل..؟؟ لم يقتصر سلوكه على مستواه الدراسي بل امتد الى الشغب، واثارة المشاكل، والاختلاط بالفاشلين وانتقاد الناجحين. واصبحت النماذج الدنيا في المجتمع يعتبرون مثله الأعلى بمعنى انه يتكلم عن ترك الدراسة ليعمل سائق سيارة وحاجباً وحارساً.
آلمها ان يمسك ورقة وقلما بعد مجادلة ساخنة معها عن ضرورة تعليمه لبناء مستقبله، ويقسمها الى نصفين، النصف الأول المميزات التي سيجنيها ان اكمل تعليمه، والأخرى ان بحث له عن عمل وكانت له سيارته الخاصة !! كادت تجن وهي تقول له.. ستندم على قرار الدراسة ولكن بعد فوات الأوان. انني اتحسر على ذكائك وعقلك وحواسك الكاملة، وبنيتك القوية، ووضعك الاجتماعي الجيد، ماذا ينقصك لتبدده وتضيعه..؟؟ كيف تترك كل شيء وتبحث عن عمل..؟؟ لم لا ترى اقرانك..؟؟ لماذا لا تكون واحدا منهم..؟؟ ماذا حل بك..؟؟ وكيف اتصرف معك..؟؟
هكذا افهمها.. سيكون في المدرسة لارضائهما ولكنه لن يدرس بالمفهوم الصحيح لانها ليست رغبته. ويجب ان يبحث عن عمل وهو لن يستحمل ازعاجهم وتعييرهم له وتهديدهم بحرمانه من المصروف.
كان هذا ما يخيفها ترك المنزل والتسرب من الدراسة والبحث عن عمل وتطويه الدروب ولا تعد تعرف عنه شيئا..!! على الأقل تعيش مع النيران التي تحرق اصابعها ولا يحترق كيانها كله.
حاولت ان تعمل صفقة معه.. كان في المرحلة الثانوية العامة وأصر أن تكون له سيارته على وعد الاهتمام بالدراسة. وقد استحملت غضب والده وعدم رضاه عندما اصرت على ضرورة توفير السيارة كحل لتمرده، وعزوفه عن الدراسة، وأخذ يصبحها ويمسيها بتذمره من افسادها اياه ،وقد ساهمت السيارة اكثر واكثر في غيابه واستقلاليته عنهم.
الآن.. تفكر وتفكر بدهشة. لماذا يكتفي احمد بالصراخ والصراخ فقط. ؟ لم لم يتدخل بالفعل، لم لم يقم بعمل ما، سواء ايجابيا اوسلبيا، على حركة، فعل، أي شيء، لم ترك عليها تنفيذ وادارة كل الأمور، وحرمها حتى من الدعم والمشاركة والمؤازرة..؟؟
لم كانوا يعملون كفريقين متناقضين يحاول كل منهم تهميش الآخر كحالته معها، والتقليل من حكمتها، وقراراتها، ودفعها الى الخوف منه واخفاء الأمور عنه لئلا يثور ويحاكم ويطلق الأحكام المدانة دائما وابدا.؟ هل اسلوبهم هذا ساهم بشكل كبير بضياع ابنهم. ان ذكاءه الجهنمي وظف هذا التناقض وهذه الاستراتيجية المضادة بين الطرفين لمصلحته ليتركهم يعاقبون بعضهم بعضا على اخطائه هو.!
فوالده ينفث عن غضبه وغيظه في والدته، وهي لا ترى مدى ما يقودها هذا الابن من تنازلات في محاولاتها لتخفيف وطأة تصرفاته، وتبريرها، وايجاد الاعذار لها عند والده.. !!
تكره ضعفها امامه، وهي ترى محاولاتها بالتماسك والحزم تتلاشى مع قدرته الدفاعية الخارقة. كان أكبر من عمره، بتفكيره، بشخصيته، برغبته بامتلاك مصيره، والتحرر من السلطة الأبوية، وتقرير ما يفرضه الاندفاع المراهقي عليه، وتخيل نفسه قد ملك الزمام وأصبح اكبر وأوعى وأعلم من والديه، فكلما ارادت أن تعرف مع من يخرج ومن هم أصدقاؤه واين يذهبون، رد عليها بصراخ وعينين تكاد تخرج من محجريهما:
مالك و اسماء اصدقائي انهم رجال.. لا لن اخبرك مع من اخرج والى اين، لا دخل لك..!
اويهددها بقوة وصفاقة.. لا تحاولي ابدا ان تسألي اصدقائي اوتكلميهم.. الا تخجلين..؟؟ هل تريدين قهري امام اصدقائي..؟؟ من جهة اخرى.. كانت تصدم بقوة نقده وملاحظته ومحاكمة اخوته الآخرين، لديه حساسية مفرطة في التقاط الأشياء ومحاسبتها:
لماذا تركت الفتاتين تخرجان بهذه الملابس..؟؟
هذه آخر مرة اراهما في المول مع بنات خالهما وحدهم مع الخادمة.
ما هذا كل يوم والثاني اراك وبناتك في السوق.. ما هي القصة..؟؟ والله ان رأيتهما ثانية..
كانت على حافة الجنون من كمية التناقضات التي يمكن ان توجد لشخص عجيب يؤمن بأنه على صواب، ويجد تفصيلات مقنعة وردود متمكنة تخرس أي متشكك يمكن أن يتجادل معه.

الثاني عشر
الصراع

كانت سارة تحس ان مهمتها التي استحقت عليها الترقية قد بدأت للتو، ولن تخذل سلطان وقد اعطاها الثقة وستكون عند حسن ظنه. وبدأت بحماس مفاجئ كأنها تخاف ان تشغلها حياتها المقبلة عن تحقيق طموحها وتنفيذ ما تريد. هل الثقة الزائدة التي منحها اياها سلطان للعمل بلا قيود ام حماسها المتدفق، واخلاصها الشديد للعمل كان وراء الدعوة الجادة لقيادة مسلسل التغيير في المؤسسة ومكافحة الفساد.. !! أم انها صدقت الشعارات التي يطرحها سلطان في كل مناسبة وتمتلئ بها ملفاتهم عن ضرورة التطهير وتصحيح الأوضاع وخلق قاعدة انتاجية متطورة.؟؟ انها آمنت به، فهل ستشك في مقولاته..؟؟ بالطبع لا. فمنذ دراستها بالجامعة وهي تصدق بأن هدف هذه المؤسسة ورئيسها هو النماء وصنع مجتمع افضل والتكاتف للقضاء على السلبيات والطفيليات السامة واستغلال النفوذ لحصد المنافع وتعطيل عملية التقدم.
لذلك سعت بقوة وحماس لتطوير القسم وبمطالبات ملحوظة في تقاريرها لتطويرالمؤسسة ككل، والى التخلص من الزوائد الوظيفية المهلهلة التي تشيع الفوضى في الأقسام، وتؤدي الى الاتكالية من جهة، وتكريس التسيب والفوضى من جهة اخرى. وخصوصا الأيدي العاملة غير المنتجة التي يجري توظيفها بدون الحاجة الفعلية لها، والنتيجة وجود موظفين بلا وظيفة، واسماء في سجل الموظفين بدون حضور، ومحسوبين على جهة العمل بدون انتاج. ربما كانت ماهية كلمة انتاج غريبة على هذه المنشأة المتضخمة التي تتشابك فيها الخيوط وتتقاطع، وتضيع المهام والاجراءات الوظيفية ويختلط الحابل بالنابل.
وقد اثارت في الكثير من المرات التي تسنى لها الاجتماع مع المسئولين حسب طلبها، ذلك التسيب المتهور في صرف الميزانية بدون توخي الدقة في معرفة الجهات المستفيدة من شراء المواد والأجهزة المخبرية، وضعف وان لم يكن فقدان بند الصيانة الذي عنى المزيد من الاستهلاك اللامسئول، والتعامل مع الطلبيات بدون تمحيص وبحث.. !! وقد اشارت في مرات كثيرة بأسلوب صريح الى سوء استخدام السلطة الذي يؤدي لتعطيل العمل في الادارات الأخرى، وعدم الاستفادة من الطاقات الموجودة، وعدم وجود نظام المحاسبة وتوزيع العمل وتنظيمه، وتأهيل الموظفين بمنحهم مسئوليات محددة منوطين بها، ودعت الى مراقبة بند المصروفات وعمليات الشراء لمواد واجهزة يكون مكانها المخازن والأهمال والتبديد، وأشارت الى ضعف عمل المعامل وعدم تشغيلها الا بربع طاقتها وعدم وجود الخطط الواضحة لها والتي يجب تحديدها على الأقل لسنة قادمة ان لم يكن لسنتين وأكثر.
ولم تكن تعلم بأن كلامها ينقل ولكن ليس من باب انها قالته لأجل النقد البناء، وحرصا على المصلحة العامة، بل من باب الطعن في رؤسائها والسخرية منهم واثارة البلبلة، والتقليل من شأنهم والتدخل في عمل غيرها. كان ذلك اكثر مما يتحمله البيرقراطيون وتحديا مباشرا لسلطتهم امام الآخرين. وكان بابا انفتح امام من كرهوا نشاطها، وحماسها ونجاحها ليثيروا المسئولين عليها ويتهمونها بالتحريض على العدوانية، والسعي للتخلص من اداراتهم وازاحتهم من مواقعهم.. ! وكان دافعا قويا لمن تأججت نيران الحسد الضارية بصدورهم ليألبوا عليها الآخرين، ويحولوا اخلاصها للمؤسسة الى نية لتخريبها وتقويضها.. !!
كان يجب ان توقف حربها الصارمة والمندفعة والمتهورة التي لا تنظر للعواقب، ولا تقيم وزنا للنفوس المتحفزة المشحونة ضدها، وتقف عند نقطة ما، وتتراجع قليلا فقليلا لانها تجاوزت الاشارات الحمراء بمراحل..!!
ولكنها لم تدرك الوضع المتأزم ولم تهتم له، ولم تزيدها حرب الحاقدين الا اصرارا وتحديا اكثر على كسر معاقلهم وتهشيم معسكر فسادهم، وفضح انتهاكاتهم المالية والادارية الواضحة التي لا تحتاج الى بحث اوتنقيب، والى تعرية الأشياء وتسميتها بأسمائها.
ولما لم تكن من النوع الذي يجلس على مائدة المفاوضات، وتحتقر لعبة المساومات، ولما كانت رأس عنيد مملوء بمبادىء غير قابلة للتسويات، وليست مستعدة لتقبل حجج مراعاة الأوضاع والظروف.. فكان لا بد من ازاحتها عن مكان العمل.
كانوا يبحثون عن نقطة ضعفها.. !! كرهوا هذه القوة التي تنبعث منها، هذا التماسك العجيب، وهذه المثالية الفجة، وهذا الاخلاص الذي يصفعهم ويكشف تكالبهم وذلهم، وانصياعهم، وضحالتهم وعفونة نفوسهم ودنسها.
كانوا قبل وجودها بينهم يتكلمون بثقة ووقاحة وصدارة عن النزاهة والتفاني والنقاء، ولا يصح الا الصحيح دون ان يعريهم اويكشف تناقضاتهم واكاذيبهم أحد. كانوا يصدقون انفسهم، وفي تصالح ذاتي معها، و لا يشعرون بأنهم يفسدون، ويدمرون، ويضربون بعرض الحائط بقيمة المسئولية الملقاة على ظهورهم، لا يدركون حجم الواجب المنوط بهم، والرسالة المبعوثين لتأديتها. يسيرون على وتيرة تخدمهم ،وترضيهم، وتطمئنهم بأنهم الأصلح والأفضل والأتقى، ثم تأتي هي لتكشف المستور والغطاء عن حقيقتهم القبيحة، لتتغير الصورة وتهتز وتظهر لهم مدى حقارتهم وفشلهم وكسلهم، مدى نفاقهم وزيفهم وتواطئهم على الصالح العام.
كان لابد لهم من ايقافها و اخراسها، فلم يعودوا يطيقون احكامها التي نغصت عليهم الحياة الرغدة الوثيرة، والاستقرار الناعم الذي يرفلون بين احضانه. انها مخربة وباعثة على الفتنة، ولا بد ان لها اهدافا تخريبية باتت غير خافية على أحد، هكذا كانت عيونهم تتأجج بالمقت والحنق، يتحينون ساعة القضاء عليها، وتحطيم صورتها وتهشيمها الى آلاف القطع، لعلها تشفي غليلهم المتنامي بقدر صفائها وحماسها وجديتها واصرارها.. !
فوجئت يوما بزيارة غير متوقعة لأحد اقطاب المؤسسة، من الذين تم استبعادهم منها منذ فترة، لتغير ميزان المصالح فيها، ويشغل الآن وظيفة كبرى في قطاع آخر، المهندس علي عبدالرحمن.
على الرغم من تعليمه العالي ومسئولياته الكبيرة في المؤسسة، الا انه قد وظف هذه المؤهلات لحصد المزيد من المكاسب الشخصية والمهنية ليرضي طموحه وتطلعاته الوظيفية النهمة للسلطة والمركز والمال.
شعرت باطراء لأول وهلة ان تخصها شخصية وظيفية بهذا الحجم بزيارة الى قسمها المتواضع بالمؤسسة، وشعرت بتميزها المهني وبنوع من الفخر بالذات. لم يضيع علي عبدالرحمن وقته عندما دخل بموضوعه بحماس مشحون بالانفعال المضطرب :
لا بد انك سمعتي بوجود خلافات في الوزارة..؟؟
وعندما كشفت عينا سارة المنزعجتان اللتان لا تدركان ما يرمي اليه الضيف المهم جهلها بالموضوع، انبرى يقول بضيق اكبر :
هناك مخالفات ادارية ومالية واضحة في المؤسسة وتمت الموافقة عليها من الوزير نفسه..!! اقصد اصحاب القرار داخله.!! هل تعرفين ان شركتين من الشركات الأجنبية التي تم التعاقد معها لتوريد بعض المواد والمعدات وهمية..؟؟ وان بعض كبار المسئولين في المؤسسة حصلوا على امتيازات ومكافآت وامتيازات خاصة بدون مبرر..؟؟ وان هناك بعض الشركات التي تم التعاقد معها بمناقصات مكشوقة واخرى من الباطن.. كل ذلك هنا امامك بالأدلة والأوراق الرسمية التي تثبت صحة ادعاءاتي.. !!
وبصورة عصبية محمومة أخذ علي عبدالرحمن يعرض اوراقه عليها بينما يلتفت الفينة تلو الأخرى خشية أن يراه أحد الموظفين متلبسا بالجرم المشهود.. !!
تخبطت الأفكار بذهن سارة، لم يخصها هذا الشخص المتنفذ بهذه المعلومات والوثائق السرية..؟؟ لم يحرضها بصورة خفية للقيام بفعل ما..؟؟ وماذا يتوقع لن تفعل..؟؟ ولم هي بالذات..؟؟ ألا يمكن أن تكون زيارته فخا لها لدفعها للوقوع بحماقة ما، والاحتكاك بمراكز القوى بالمؤسسة، والتصادم معهم بعدما توتر الوضع بينها وبينهم في الفترة الأخيرة بحيث يوجدون مبررا لايقافها وفرملتها، بعد ان اصبح تدقيقها في المسائل الادارية جديا اكثر من اللازم، واسلوبها في فرض اللوائح والتقيد بالضوابط يحرج زملاءها الآخرين الذين ينتفعون بصور متعددة من الأوضاع المتسيبة ويروجون لمصالحهم وامورهم الشخصية. أو أنها قد تكون مجرد أداة لتصفية الخلاف بين الكبار، وقد تم اختيارها بذكاء فمن السهل استدراجها لتقود الحرب بدلا عن آخرين يستفيدون بالمؤكد من ورائها..!!
قد يكون كل ذلك ولكنها امام حقيقة مرعبة تتعلق بفساد الضمائر والذمم لا يمكنها تجاهلها، وغض الطرف عنها والقول.. ومالي أنا..؟؟ اوانني مجرد موظفة عادية وهذه امور خاصة بالكبار.. أو.. لم قصدتني بالذات.. ولم لا تتحرك أنت ومركزك اقوى ونفوذك اعظم. انها لا تستطيع التنصل مما سمعت، وما قرأت، وما انكشف امامها من وقائع واحداث.. لقد اصبحت مسؤولة امام ربها عنها.. ليس امام هذا الشخص اوغيره، ولكن امام الله وسيسألها يوم القيامة.. عندما رأيت المنكر.. ماذا كانت ردة فعلك..؟؟ هل تقول كنت ذكية حتى افر بنفسي، وأنأى عن المشاكل، وادعي انني لم أر اواسمع شيئا كالشيطان الأخرس..؟؟ أم تقول.. لقد فضحته يارب العالمين، وكشفت الستار عنه وحاربته بكل ما استطيع من قدرة ومعرفة..؟؟ انها لا تحترم هذا الشخص الانتهازي الخبيث الجالس امامها، الذي لم يلجأ اليها حبا في التطهير والاصلاح بقدر ما هو لأغراض خبيئة بنفس يعقوب، ولكن ذلك لا يغير من صحة هذه الوثائق وصدق محتوياتها.
بنفس مصدومة ومقدمة على اجراءات خطيرة لملمت سارة الوثائق، بينما انسل علي عبدالرحمن كثعبان سام من مكانه وقد انهى مهمته، ورأت سارة ابتسامة خبيثة ترتسم على محياه، وهو يسرع بالخروج لئلا يراه احد الموظفين ويتساءل عن سبب زيارته المفاجئة.

الفصل الثالث عشر
الطوفان

بدأ مشوار سارة الصعب نحو اعلان الحرب الكبرى.. لم تكلم هذه المرة احدا من المؤسسة، وعلى الرغم من عدم وجود ما يشير الى الوزير وليس هناك أية تواقيع له على هذه الأوراق ولكن أكبر الرؤوس متورطة فيها ولا يمكنها أن تجازف وتحدث احدا بالموضوع وهي لا تعرف من معها ومن ضدها، انها لا يمكن أن تثق بأحد في هذه المرحلة.. فحاميها حراميها.. !
اتصلت بمكتب المدعي العام وقدمت بلاغا ضد الوزارة بتهمة التلاعب بالمال العام وسلمت كل الوثائق بحوزتها للتحقيق بما جاء بها، على أمل أن تظهر الحقيقة ويتبين الحق من الباطل.. !!
لم ينظروا الى سارة بأنها قامت بواجبها الذي يمليه عليها دينها وضميرها الاخلاقي، بل اعتبروه هدما وتحريضا من جهة، وتجاوزا اداريا من جهة اخرى.. وقامت القيامة عليها تريد اجتثاثها من جذورها.. !!
لن يتركوها تقضي على اساس وجودهم الذي يتنفسونه ولا يعرفون غيره لتصريف امورهم وادارة اعمالهم، ولا بد ان يسعوا بما اوتوا من تدبير ونفوذ واساليب وطرق لايقاف التحقيق وافساده وابطاله من الأساس لانه ينال اكبر الرؤوس في المنشأة، ويهدد امتيازاتها التي تعتبر عرفا لهم و حقا مكتسبا لا لبس فيه، ولا يتفقون معها بأنه نهب للمال العام واستغلال السلطة وتزوير بالأوراق الرسمية بعدما استحال المال العام جزءا من ميزانياتهم، واصبح حقا مكتسبا بوضع اليد..!!
انه كاختلاف الثقافات بين الشعوب، فبينما تسير القبائل الافريقية شبه عارية، ولا تحس بالخجل من عريها الفاضح، فان شعوبا أخرى تنظر له بازدراء وتعاقب من يتجرأ من مواطنيها على خدش الشعور العام بهذا التصرف، المستهتر المنحرف.. !! وكل يدافع عن معتقداته بالمفاهيم التي تربى عليها والمقومات التي يعتنقها وشتان ما بين الجنة والنار.. !!
لذلك تحركت النفوس الموتورة التي كانت تتحين الفرصة لنهشها وتهشيمها منذ البداية، وتتصيد الموقف المناسب لذلك، بينما بدأت الأدمغة الخبيثة تخطط للرد على اتهاماتها وسحب البساط تحت رجليها، ورد السحر على الساحر.
كان صباحا مبكرا عندما دخل مكتبها احد المديرين المسئولين في الجهاز التنفيذي، من الذين لا يخفون كراهيتهم لها أو شماتتهم فيها، ويتحينون الوقت لتصفية حساباتهم، ورد الصاع صاعين لمن يتجرأ على المساس بمكتسباتهم التي لا يفهمون سوى انها حقهم الشرعي، ومن لا يعجبه عليه بماء البحر والخرس افضل..!!
ولكنه جاء هذه المره ليعرض عليها منصبا تنفيذيا كبيرا. ان سارة تخلط كثيرا بين شعورها نحو سلطان وبين كينونة سلطان نفسه ، بمعنى.. ان ما يحدث من تجاوزات في الوزارة لا يحدث بعيدا عن وعي سلطان وموافقته وعلمه، ولكنها بسذاجة المحب، وعدم تصديقه او عدم رغبته بالتصديق، وضعت في اعتبارها واستيعابها بأنه ما أن يعرف بما يحدث فلن يرضى وسوف يقوم بالتحقيق الفوري وايقاف عمليات التلاعب واحباطها. انها تسقط عليه رغباتها وامنياتها، وليس بالضرورة انها صحيحة، او تمت للصحة بصلة، ولكنها كانت غارقة في التحيز له، وفصله عن ما يجري حوله.
وعندما قام هذا المسئول الذي تشم انتهازيته من بعد أمتار، ولا يملك أي مصداقية بعرض هذا المنصب لم يخطر ببالها الا شيء واحد.. انه جاء من قبل سلطان لكي تبدأ عملية التطهير، واجتثاث الفساد، ووضع ركائز البناء والتطوير. يا لهذا السلطان الذي سيطر على تفكيرها وشوش على تعاطيها واكتشافها للأمور..!!
بالطبع ابتسمت ورحبت بالمنصب واعتبرته وسام تقدير لها وايضا مسئولية جسيمة تدعو الله أن تكون على قدرها.
وبكل بساطة وبكل ثقة طلب منها سحب التقرير، لانه تم تسريبه بطرق غير مشروعة، كما ان الوزارة كذبت كل ما جاء به و تجري المباحثات لوقف التحقيق الذي يجريه مكتب الادعاء العام.
ليس هناك ما هو أكثر مرارة من القهر والغضب وخيبة الرجاء.. !!
ليس هناك ما أدمر من الاحتقار والابتذال والانحطاط.. !!
ها هو امامها من يقايضها بنزاهتها وذمتها، من يساومها بأسلوب رخيص، لا احساس به على بيع التزامها وكرامتها، من يعاملها على انها مجرد مرتزقة باحثة عن المركز والنجومية، وتحقيق اكبر المصالح بادعاء الأمانة والشرف.. !! يقول لها بعرضه الحقير.. انها مجرد موظفة تبحث عن ارخص الوسائل للتسلق، ولوادعت الاخلاص فقط لتجني المزيد من المكاسب.. !! وانه يمكن شراؤها وضمها الى جوقة المداحين واللصوص والأفاكين، وبامكانها ارتداء مسوح الاصلاح والتشدق بعبارات التطهير مثلهم، وكل شيء ممكن ومباح وجائز ومعروض للبيع في سوق النخاسة والفساد.. !!
اتسعت حدقتا عينيها غير مصدقة ما تسمع، غير متوقعة ان تكون ردة فعل الوزارة على ما يحدث فيها من فساد هذا الأسلوب الرخيص. هل هذا تقييمهم للموقف..؟؟ اسكات مثيريه وشراؤهم وجرهم للجوقة، واجراء عملية غسيل مخ للنزهاء لتلطيخهم، ولاسعاد العصابات الفوضوية واغراقهم اكثر في مستنقع الفساد..؟؟
كانت الابتسامة اللزجة تسيل من فم الجالس قبالتها وقد احست بنظراته المملوءة بالاحتقار كأنه يقول لها : ها.. انك تدعين النزاهة والضرب على المفسدين لانك لم تحظي بقطعة من الكيكة، وها نحن نسد فمك بقطعة منها..
احست بالاهانة وبدأ العرق يتصبب منها.. الهذه الدرجة ينظرون الى مبادىء الناس كأنها جيف مهترئة نتنة بلا قيمة..!!
غضبت وانفعلت وصرخت كأنها تبيع الموقف كله، فلديها قد وصلت الأمور للحضيض..!!
اسمع.. خذ منصبك وبله واشرب ماءه.. !! من تظنني واحدة من شلة الفساد التي تنتمي لها..!! وليكن في علمك انني ارفض سحب التحقيق، وأصر عليه، واضيف هذه الواقعة اليه، واتحداك أن تنكرها..!!
شحب وجهه وتغير، وقال وهو ينهض متوعدا :
انني سأنكر انني قلت لك شيئا من هذا القبيل ، هذا اولا وثانيا اعتبري نفسك موقوفة عن العمل بتهمة تسريب معلومات سرية دون اذن رؤسائك. ونحن سنوقف التحقيق بهذا الموضوع بوسائلنا الخاصة، وستتعرضين أنت للمساءلة والتحقيق لاقدامك على القذف والتشهير واتهام المسئولين بالباطل.
غلى الدم في عروقها، توترت وحنقت، واحست بالقرف والرغبة بالتقيأ..!!
وعندما لجأت لسالم تبحث لديه العزاء والتفهم لم تتوقع سارة ان تكون ردة فعله بهذه الصورة. كانت متوترة، غاضبة، مجروحة وكانت تبحث لديه الأمان والحنان، فاذا به زوبعة اخرى لا تقل حدة عن ضيفها الموتور.
وما لك وهذه الأمور اصلا من البداية، انك موظفة مثلك مثل بقية الموظفين وهاهم قانعون سائرون في دربهم، لم تتدخلين في ما لا يعنيك.
ماذا تقول يا سالم.؟؟ لا مساومة على هذه الأمور.
وزاد سالم بعصبية : ولم لم تخبريني بكل ذلك قبل أن يستفحل الموضوع ويصل الى هذا المدى، اليس من حقي ان اكون في الصورة. ؟
هذا ليس موضوعاً شخصياً لأضعك في الصورة انه عملي وضميري و قيمي ولا مجال للمساومة عليهم من اي جهة.
رد عليها بحدة جارحة :
- لكن مصلحتنا واحدة..؟؟ هل تعتقدين انني لن اتأثر بما تفعلين.. في عملك..؟؟ والا تظنين بأنه من صميم عملي ايضا؟؟ اليست لشركتي مصالح مع المؤسسة و ألا تعتقدين بأنه سيطالني العقاب أنا ايضا و سأدفع الثمن معك.؟


وللأحداث بقية





الأعلى رد مع اقتباس
قديم 02 Apr 2007, 09:32 AM [ 16 ]
عضو متميز


تاريخ التسجيل : Jul 2005
رقم العضوية : 291
الإقامة : saudi arabia
الهواية : إِحْتِضاّن الـ غَ ـيمَ ..!!
مواضيع : 669
الردود : 16167
مجموع المشاركات : 16,836
معدل التقييم : 29عـــلاوي is on a distinguished road

عـــلاوي غير متصل




جداَ رآئع هذا الفصل من الراويه الجميله ..


بسمة شكراَ لكِ يا غاليتنا ع جهودكِ الطيبه ..


بـ إنتظار البقيــه ..!


توقيع : عـــلاوي
مثواك الجنهه يا ابو حسام
الأعلى رد مع اقتباس
قديم 02 Apr 2007, 03:06 PM [ 17 ]
نائب المشرف العام


تاريخ التسجيل : Mar 2005
رقم العضوية : 106
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 478
الردود : 33237
مجموع المشاركات : 33,715
معدل التقييم : 25عبدالله الشدادي is on a distinguished road

عبدالله الشدادي غير متصل




مشكوره اختي بسمه على نقل الروايه

الأعلى رد مع اقتباس
قديم 02 Apr 2007, 05:30 PM [ 18 ]
عضوة متميزة


تاريخ التسجيل : Nov 2006
رقم العضوية : 1994
الإقامة : qatar
الهواية : كتابة الخواطر
مواضيع : 1901
الردود : 9766
مجموع المشاركات : 11,667
معدل التقييم : 25بسمة is on a distinguished road

بسمة غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 3
العضو المميز

الحضور المميز

عضو مخلص




يسلمواا

أتمنى القصة أعجبتكم

تقبلوووا تحيتي

بسمة


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 02 Apr 2007, 06:11 PM [ 19 ]
عضوة متميزة


تاريخ التسجيل : Nov 2006
رقم العضوية : 1994
الإقامة : qatar
الهواية : كتابة الخواطر
مواضيع : 1901
الردود : 9766
مجموع المشاركات : 11,667
معدل التقييم : 25بسمة is on a distinguished road

بسمة غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 3
العضو المميز

الحضور المميز

عضو مخلص




اسعد الله اوقاتك بكل خير وسرور

والله يعطيك العافيه على مشاركتك الجميله

دمتي بخير


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 03 Apr 2007, 05:52 AM [ 20 ]
عضوة متميزة


تاريخ التسجيل : Nov 2006
رقم العضوية : 1994
الإقامة : qatar
الهواية : كتابة الخواطر
مواضيع : 1901
الردود : 9766
مجموع المشاركات : 11,667
معدل التقييم : 25بسمة is on a distinguished road

بسمة غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 3
العضو المميز

الحضور المميز

عضو مخلص


تداعي الفصول ،، رواية للكاتبة : مريم آل سعد



تداعي الفصول (الحلقة الخامسه) رواية للكاتبة : مريم آل سعد

الرابع عشر

المؤامرة

وهكذا كان.. بوسائلهم وببساطة منقطعة النظير استطاعوا وقف التحقيق وسحب الاتهامات وتهويمها وحرقها وتبخيرها كأنها لم تكن.. !! وحدها سارة التي توغل فيها القهر والغيظ واحرق كل مسامها، وحدها التي باتت معرضة لانعكاسات واجهة صلبة تعكس اشعاعات كل احقادهم وتهديداتهم وحربهم النفسية.. !! لم يكتفوا بتكذيبها وإزاحتها عن طريقهم ولكن جعلوها هدفا سهلا لأزلامهم ومحسوبيهم ووسطائهم ليسقطوا عليها عقدهم وتخرصاتهم وتلفيقاتهم، لم يبق احد منهم لم يحاول استدراجها بالحديث لعله يتصيد شيئا ما يؤذيها منه اويحاول حفر حفرة لها اويحاول إيقاعها في شرك مدمر.

ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بتجميد عملها بحيث آلت المسئوليات الي موظف جديد تم نقله من قسم آخر وخرج تعميم بتوليه المسئولية من تاريخه. كانت تستشيط غيظا وانفعالا واشمئزازا في البداية وعندما ارهقت اعصابها وتعبت وحامت عليها بوادر الانهيار العصبي اختارت الصمت والابتعاد والانزواء. ومع ان المحسوبين كانوا يفرحون بتوترها وارهاقها النفسي ويجدون فيه ارضا خصبة لميولهم العدوانية ومجالا واسعا يمنحهم مادة غنية من الأكاذيب والحكايات لتلفيقها والصور المريضة لنسجها إلا إنها كانت تمنحهم هذه الرغبة وتفتح لهم الأبواب لينهشوها ويتلاعبوا بلسانها وبنواياها، ويشوهوا وجدانها وحقيقة مشاعرها. كانت مطعونة بالصميم وكانت كمثل المذبوح الذي لا يملك سوي الانتفاض والتلوي لتفجير آخر مخزون من الرفض والغضب قبل ان يهمد الجسد تماما.

وأين كان مثلها الأعلي، وتمثالها الماسي، وأفقها النير، اين كان سلطان من كل هذا.. ؟؟ اين كان المسئول الأول في المنشأة والتي تدور الأحداث له، ومن حوله، ومن تحت عباءته.. ؟؟

اين هو مما يجري.. ؟؟ هل هو راض بما يحصل.. ؟؟ إذن ما ابعد الشقة بينه وبينها.. .؟؟ هل هو من يحمل كأس العذاب والهوان ويتلذذ برؤية حواشيه وهم يجبرونها علي ابتلاعه.. ؟؟

هل هو من حزب الشيطان وشلة المصالح وشيلني واشيلك والأزلام والمحاسيب والشللية والمنافع وإطعام الأفواه الشرهة واكتساب المحاسيب والأنصار علي حساب النفع العام وسلامة الإجراءات.. ؟؟

كانت وحيدة لم يتجرأ احد في المؤسسة لمؤازرتها ودعمها وتشجيعها، ولو بالكلام مع ان واجبهم، ومسئوليتهم امام ربهم وانفسهم الوقوف والدعم والشهادة بأن ما أوردته بدعواها كان حقيقة وقد تم تنفيذها، والاستفادة منها بموافقة مسئولي الوزارة انفسهم.. !!

السكوت عن الحق شيطان اخرس.. !!

وكانوا جميعهم شياطين حينها.. !!

يا الله لم يعاقبها الجميع لأنها تمسكت بالنزاهة والحق.. ؟؟ لم نبذوها وتخلوا عنها كأنها مصابة بمرض معد..؟؟ إلا أنها واجهت الباطل وتمسكت بالحق العام، ودفعت الثمن من مستقبلها واعصابها وعملها.

لقد سقطت في هوة عميقة من صدمة المفاجأة وقسوة المعاملة وانتحار الحلم.. !! حينما تتبدل وجوه الأصدقاء وتختلط المشاعر وتتمازج المصالح. كانت وحدها تبحر في مركب التيه تحاول ان تجد قلوبا مخلصة تقف معها ومع الحقيقة والحق اللذين طالما آمنت بهما ولكن دون جدوي.

لقد خذلها سلطان.. خذلها في الصميم ليس كمسؤول تخلي عن امانته، ولم يوقف الظلم الذي نالها ولكن ايضا كإنسان اعطته من وهمها بأنه مقرب اليها، ويحس بها كما تحس به، قد انهار الوهم، وبينت الأحداث المتلاحقة بعد ذلك بأنه يسعي للانتقام حتي لا يفكر أحد بالتعالي علي المنشأة، وتربية جناحيه اكثر من اللازم، ومحاولة الطيران وتجاوز تقاليدها المتزمتة. بعد ان تحمس لها في البداية ومنحها الصلاحيات لكي يكون لها دور فاعل في تطويرها وتحديثها، لقد كان واضحا تعرضه لها بالأذي بواسطة مخبريه وحثالة المؤسسة الذين تكالبوا علي ازعاجها، كل منهم يريد ان يفوز بالسبق للتنكيد عليها، والحصول علي صك ادانتها، ووصمها بالتهم الجاهزة التي يودون الترويج لها. كأن اعدام شخص والنيل منه وتشويهه اصبح مطلبا يؤجج حماسهم للغدر والطعن والتهشيم.

تليفونها مراقب، ومكتبها مقتحم، وادراجها المقفلة منتهكة بمحاولات خارجية لفتحها، الأوراق الخاصة التي تنساها كدفتر تليفونها منتشلة، زيارات من أناس لم تعرفهم سابقا يأتون لاستجوابها بشكل غبي يستفز اعصابها بينما يدعون البراءة.. كان الجو حولها يدفع للفوران والغثيان، والغضب الكاسح والتوتر والقلق وعدم فهم هذه النفوس الملوثة والمؤججة بالكراهية والإيذاء والبلادة..!!

كل ذلك وفي داخلها جانب غبي ما يزال يدافع عنه ويصنع له الأعذار.. !! ما زالت لا تصدق بأن اعجاب هذا الشخص بها او ما اشعرت نفسها بأنه اعجاب، سيتحول الي كره محمل بالبغض والعدوانية رغم كل المسلمات العقلية والشواهد المنطقية علي ذلك الأذي والتنكيل..!! حتي محاولات الضغط عليها للتراجع عن موقفها التي زاولها كبار الموظفين مستترين بصغارهم كأنها لا تستحق ان يظهروا لها وظائفهم الحقيقية لم تفلح في هزها من ذهولها، والمحاولات القميئة لزيادة توترها من أناس يجهلون حقيقتها الداخلية، ويسقطون عليها اسقاطاتهم النفسية المريضة، ويحاكمونها بناء عليها لم تفلح في افاقتها من الصدمة، أما دسائسهم الرخيصة لجرها للوقوع في المصائد النتنة والمؤامرات الرخيصة لم تفد سوي في انسلاخها من الواقع والهرب بعيدا داخل نفسها تريد الحماية من الداخل، بعدما تحول العالم الخارجي الي غول يحاول التهامها والوقيعة بها واحراقها حية في محرقة العداوة والبغضاء التي تسيرها شياطين لا يحكمهم التقوي ولا ذكر الله ومخافته..!!

هل يمكن ان يعيش الإنسان وحيدا محاصرا بالأوهام والأشباح والتخرصات المريبة..؟؟ هل يمكن ان تستمر طويلا تجابه تلك الحياة المخيفة التي لا تفسير لها..؟؟ تتحدث مع احد في الصباح لتجد في المساء ما له علاقة بالموضوع يحدث..!! امور تقع في النهار ولا يكاد ينتصف حتي تواجهها مواقف لها علاقة بهذه الأحداث، ويا ليتها تكون منقولة بشكل صحيح ولكنها محورة بشكل بشع مما يوقعها بالحرج والألم وسوء الظن.. !!

لقد عانت كثيرا من نظرات تحمل الكثير، وردات فعل للأشياء لا تفهمها كأن هناك اشخاصاً يريدون إدارة حياتها بأسلوبهم، وتوجيهها بشكل منحرف ومقزز. تعبت من الدفاع والمجابهة، والصبر والصمت والتغاضي، والدوس علي نفسها وقهر غضبها وغيظها. تعبت من تكذيب ما يحدث لها، وإنه اضغاث احلام وإنها تتخيل الأذي وربما تعاني من عقدة الاضطهاد. تعبت من اتهام ذاتها بالمبالغة والتخيل وجنون العظمة. لم تعد تتحمل تهاونها وضعفها في وجوه من استحلوا الاستعلاء عليها وتجاوزها وقد استمرأوا صمتها وإذعانها لما يحدث. كانت كل طعنة منهم تحفر اخدودا في صدرها وتقول لها.. هل ما زلت لا تصدقين إنهم يطعنونك في صدرك وامام ناظريك وأنت تتغاضين، وتساعديهم علي وجعك بتواطؤك الصامت ضد نفسك.. ؟؟ هل ما زلت مصممة علي خذل ذاتك وقهر استيائك وتكذيب احساسك وتركهم يعيثون الفساد في طبيعتك..؟؟

لقد تحولت الي إنسانة فاقدة الثقة في نفسها..؟؟ لا تعرف كيف تدافع عن حقها لأنها لا تفهم من الأصل سبب الهجوم عليها..؟؟ ولماذا..؟؟ ولا تفسر إيذاء الآخرين لها حتي من احسنت لهم. هل تريدون معرفة معادن الناس..؟؟ اكرموا الكريم وستعرفونه عندما تملكونه، واللئيم سيطعنكم بلدغته لأنه سينقلب عليكم ويكشف لؤمه ووضاعته.. ويا إلهي ما اكثر اللؤماء وما اضعفها واشد خيبتها حين لا تعرف التعامل معهم.. !!

أليس هو الشيطان يتخذ وجوهه، ويرتدي اقنعته..!!

انه الإحساس بأن المرء يعيش وسط عالم من البشر يبحث عما يضايقه ويسوءه كي يقوموا به لكي يستفزوه. انه اشبه بشخص يحيا وسط مجموعة من الحثالة ينقبون عما يمكن ان يعد صيدا ثمينا يكشف وجها دنيئا للشخص الآخر، وجها يمكن ان يكشفوه ويعروه ويدينوه به ويتشفوا من اماطة اللثام عنه.

والأسوأ من كل ذلك انهم يتراكضون لإرضاء ارباب نعمتهم بتحطيم الآخرين.. انهم كالمرتزقة الذين يحاربون اشخاصا لا لأنهم يختلفون معهم بالمبدأ والعقيدة بل لأن من يدفع لهم يفعل مهما كانت ديانته ومبدأه وهدفه..!!

بأي منطق وتفسير وسند.. ؟؟ لإرضاء الغير ؟؟ وهل تعمي البصائر لهذه الدرجة بحيث تداس كرامة الناس وخصوصياتهم ومشاعرهم وحياتهم في سبيل ارضاء ذوي النعم والنفوذ.. ؟؟

هل تكتسح احاسيس البشر ومشاعرهم وحياتهم برمتها وهل يتم التلاعب بمصائرهم وكأنها حبال من ليف دون احساس بمدي عذابهم والآمهم وتعاستهم.؟

ما هو شكل العيش وسط مجموعة تنقب في ما حولك، ماضيك وحاضرك ومستقبلك، زلات لسانك ونواياك ونظراتك وتطلعاتك وامنياتك واحلامك. ؟

تستغل ساعات غضبك وتستفيد من تنفيث همومك وتستخدم لحظات رضاك، تسارع الي التقاط ما يبدر عنك لتستخدمه سلاحا ضدك وكنصل تغرزه في صدرك.

اذا لم يكونوا هؤلاء الأعداء فمن هم إذا..؟؟

ما هو تفسير كلمة اعداء وما تحليلها..؟؟

هل اختلطت عليهم الأمور وذابت المعايير ولم يعودوا يفرقون بين متعة الفوز والكسب، وبين الخوض في حياة الناس والعبث بها والتلاعب بمشاعرهم وسحقها والدوس علي خصوصياتهم وانتهاكها واقتحام خلواتهم بكل شراهة وسطحية ووحشية وسوقية. لقد فقدوا الإحساس بمدي الحدود ما بين المسموح والممنوع، وبين الممكن وبين المرفوض، وبين الطبيعي وبين المختلق والمزيف والمصتنع.. !!

كانت تعيش حالة من الترقب، كانت تعرف بأن هناك صفعة مؤلمة ومفاجئة وغير متوقعة قادمة، ولكنها لا تعرف متي.. ؟؟ ومن أين.. ؟؟ ومن من.. ؟؟ وما هي.. ؟؟ ولكنها تدرك بحكم تداعياتها السابقة بأن الصفعة ستكون من مصدر غير متوقع وليس من الممكن التنبؤ به وبأسلوب لا تتوقعه اوتفكر بتفاصيله.

( إنك صدامية مع الجميع ).. يا لها من عبارة مميزة لخصت كل شيء.. !!

هل ما يفعلونه معها هو اجراء تأديبي ردعي، ألا يكفيهم لجمها وتكميمها وتجريدها من صلاحياتها وتقليم أظفارها أم ان المطلوب تركيعها واذلالها وكسر كبريائها..؟؟

ويجدون تبريرا كافيا لذلك ومعقولا فقد تعودوا علي الطاعة العمياء وطأطأة الرؤوس ولا يعلمون ان هناك عقليات ترفض ذلك وتدينه. ما اتعسها عندما اضاعت كل الخيوط من يديها وتركت نفسها العوبة لمن يحاول استفزازها واستغلال ظروفها لأي سبب، فبدأت تفقد شيئا فشيئا اعصابها والبقية الباقية من اتزانها..

ولم يكن بداً من الانهيار.. !!

تعبت اعصابها من الأشباح المتخفين الذين تري آثارهم وبقاياهم حولها، والذين يتشكلون في احلامها علي شكل كلاب مسعورة تحاول نهشها أو حشرات تطاردها بوحشية.. !!

هل ما يحدث حقيقة ام وهم.. وما أبشعها من حقيقة وما اقساه من وهم.. !!

شيئا فشيئا.. اصيبت بالإرهاق والأرق والتعب والذهول، والانخلاع عن الواقع والشعور بالخوف من المجهول.

كانت صدمتها في الآخرين تشلها وتعطل تفكيرها وحواسها وتوغل في تغييبها.. ووقعت في الانفصال عن الواقع ، لا تصدق خيبتها في أناس وثقت بهم واحبتهم واكتشفت بأنهم ينالون منها ولا تفهم لماذا..؟؟ وهل يساوي هذا شيئا..؟؟


الخامس عشر


التوتر


كان سالم يفقد ترابطه، وهو يعرف منها التطورات التي حدثت معها، وكيف تم تكذيب الوقائع والتحقيق معها بتهمة الادعاء بتهم باطلة بحق المسئولين بالمؤسسة، وقد جري إعادتها الي وظيفة عادية هناك ليس لها علاقة بالعمل التنفيذي أوالإداري ككل، اي وظيفة بدون عمل ولا ادني صلاحيات، سواء أكانت موجودة أوغير موجودة سيان. !

وتحول الي اللوم والتقريع عندما عرف النتيجة وصرخ بها بالتليفون :

هذه عاقبة تسرعك وتهورك.. مالك ولهم.. ؟؟ هل تستطيعين مواجهتهم.. ؟؟ من لديك.. ؟؟ من سيقف معك.. ؟؟ فقط جررتينا الي المتاعب.. !! لقد اوقوفك.. !! هل انت مرتاحة الآن. . ؟؟ وسيتقصدونك ويضعونك علي اللائحة السوداء ولن يسامحوك ابدا علي تهورك وتحديك وصفاقتك..!! ثم ما ذنبي انا لتجريني معك.. ؟؟ هل نسيت إن مكتبي يتعامل مع هذه المؤسسة، واحاول جاهدا توثيق الروابط معهم لأجل المناقصة القادمة.. ؟؟ لم تفكري إلا في نفسك ولا تضعين اعتبارا لأحد.. ؟؟

ها هي الصدمة الثانية تصفعها.. لا تضعي اعتبارا إلا لنفسك.. .!! وما هو هذا الاعتبار..؟؟ التوقيف والنبذ والشماته ونظرات الحقد والكراهية. هذا كل ما جنته فهل كانت تبحث عنه في الأساس. . ؟؟ هذا الجو المحموم المحمل بمشاعر الكراهية يكاد يفيض بكثافته ويقتل كل محاولاتها للسيطرة علي اعصابها والتماسك. إنه جو مدمر يقودها الي الانعزال والشك والريبة والتوهم وعدم الثقة بالآخرين.

لم تطق سارة المتابعة بهذا المنطق العقيم من جانب سالم وردت عليه بعصبية بأنه من الأفضل عدم اثارة الموضوع لأنه تم ولا رجعة فيه، وتابعت بتهكم. ولا مجال لندمك ايضا وكل الذي راهنت عليه إذا كان تفكيرك كذلك فقد خسرته.

لم يكن سالم راضيا عليها ولا من اسلوبها وقد ظل اسبوعين لا يكلمها.

لم تتوقع سارة ردة فعل سالم المؤنبة. ولم تربط بين عمله وعملها ولم تفكر بأن هناك تداعيات لتصرفها لديه. من البداية هما يعملان بأسلوبين مختلفين ولأهداف متناقضة ويقولون لها.. ما دخل الزواج بهذا وإنه ليس سببا للرفض اوالانفصال في حالة الارتباط..؟؟ كيف لا يكون عندما تكون مشاعرهما مرتحلة بقطارين ذوي وجهتين متناقضتين.. ؟؟ إنه خلاف فكري ينسف أية دعائم انسانية اخري قد ترتكز علاقتهما عليها. لم يهمه في الموضوع إلا مصلحته ولم ينتبه الي نزفها الحاد. وفي وضعها كإنسانة مطعونة من المكان الذي احبته اكثر شيئا في عمرها ومنحته اجمل سنوات حياتها، لقد فقدت نفسها، شخصيتها، كيانها، حلمها.. .ألم يفطن الي انها فقدت هويتها.. ؟؟

من هي الآن..؟؟ بلا شخصيتها وتأثيرها في العمل. كأنها مغنية سحب منها صوتها فهي لا شيء بدونه، وكأنها عازف بيانو احرقوا اصابعه، او رسام قطعوا كفيه فكيف تبدع وتلحن وترسم.. ؟؟ لم يعرف إنها كأم ثكلي انتزعوا وليدها منها قبل ان تتم رسالتها بتربيته وتراه يشب عن الطوق.. ؟؟ الم يحس بآلامها وألم يسمع عواء روحها وألم يلاحظ شحوبها وقد انتزعوا البسمة منها.. ؟ الم يرها جسداً بلا روح.. ؟؟ بدلا من ان يخفف عنها ويعوضها وينتزعها من الهوة التي تتآكلها والدوامة التي تلفها.. يلومها ويعنفها وينشغل عنها.. ؟؟

هل تستطيع ايضا ان تثير الزوابع معه، وهو بارد اصلا لا يكاد يرد عليها إن اتصلت، وإن تجاهلته تصلها منه مكالمة مقتضبة يقول فيها إنه مسافر حاليا، أو لديه بعض الأعمال التي لا تقبل التأجيل.

بل إنها عندما بحثت لديه العزاء وارادت مسامحته علي موقفه، وعاتبته لعدم السؤال، تعلل بانشغاله الدائم، وحينما تسمع ضحكات نسائية حوله لا يكلف نفسه عناء الاعتذار والمداراة بل يرد بلا مبالاة إنها سكرتيرته أو احدي وكيلات الأعمال التي يناقش معهن بعض الأشغال.. !

من المفجع بأن زفافهم المقرر حسب الجدول السابق سيكون موعده بعد اربعين يوما، ولكن مع هذا التوتر والفتور الذي اعتري علاقتهما، احست سارة بأنه سيتأجل وربما لأجل غير مسمي.

كان من الواضح لديها بأن سالم يستعمل بروده وزعله وادعاء انشغاله لكي يضغط عليها لتغير اسلوبها مع المؤسسة، وتواكب الجمع وتتراجع عن ادعاءاتها. ففي الوقت الذي كانت تتألم وتعاني فيه، كان يزيد من ضغط شبكة العنكبوت عليها، ويريدها ان تركع وتنحني، ولم يعجبها ذلك..

لم تعجبها شخصيته ولا سلوكه ولا موقفه، كانت محتاجة الي حنانه ودعمه وتأييده، الي وجوده معها يسندها، وليس كما يفعل يتواري ويختفي، وحتي دون التفكير بإيجاد عذر مناسب لنسيان الاعتذار عن تأجيل موعد زفافهم، والتظاهر بالتشاغل ولا يهتم بما قد تفكر وما قد تمر به من جراء هذا الوضع المتوتر.

كانت محطمة بالفعل، نفسيتها تزداد سوءا بالوحشة التي تحسها بالمؤسسة، والجو المريب الذي يحيط بها كأنها قد خرجت عن السرب وايقظت الشامتين والحاسدين الذين كانوا يرقبون نشاطها الوظيفي بحسد، ولا يعترفون بأنه جراء جهدها واخلاصها وقدراتها، كانوا يخافون صعودها لأنه بشكل ما يذكرهم بوجود فجوة بإمكانياتهم ويكرهون لهذا السبب نجاحها، وفرملتها وتحجيمها يعني إعادتها للحجم الطبيعي الذي يمكن مسايرته.. ولكنه لم يكن حجما طبيعيا بالنسبة اليها، لقد كان تهشيما واسوأ من ذلك كان تشويها، لقد تزلزلت بها الأرض من الصدمة وما زالت. إتها لا تطيق الألم المصاحب لإحساسها بالظلم.. الذي يضاعف الشعور الداخلي المبهم الذي يسيطر عليها، ويشل قدرتها علي التقييم الحقيقي للمشكلة، ويضاعف ردود افعالها. انها تنسحب الي الداخل وتغيب عن عالمها لتبتلعها الأفكار والتهيؤات وتفصلها عن الواقع لتبقي اسيرة المشاعر المتضاربة التي تعصر قلبها.

تود لو تفرغ شحناتها العصبية.. كأن تضرب الحائط اوتصرخ اوتجري وتجري وتجري. بات الوهم ينسج شبكته المخيفة ويحاصرها ويعزلها في كهف الخوف والترقب وبحر التخيلات. إنه محيط هائج من وقع في لجته يضيع ويتخبط، سيظل يفسر كل نظرة، ولن تفوته اية اشارة وكلمة، ولن يتجاوز أي موقف بل سيتوقف لديه ويشرحه بالتحليل والتفكير، ويتخبط فيه وستضلله الوساوس، ومن يدعي إنه يدرك كل شيء ويفهمه فهو مخطئ، حتي لو اصاب ببعضه وحتي لو أحس بأنه في الجو غيم.. لكنه لن يدري بكل تأكيد بحقيقة ما يدور، ولعلها امور لا علاقة لها به و بالذي يعتقد.!!

هل يمكن للمرء ان يدخل ضمائر الناس ويفسرها بالأسلوب الذي صمم عقلهم علي التفكير به، بالطبع لا.. ولكنها تحس بأرواح حولها تستهدفها تترصدها تحاول التلصص عليها ونبش اغوارها والتوغل في شرايينها.

لم تكن مخطئة بظنونها نحو الكثيرين ممن حولها ولكنها كانت مخطئة في إبعاد قلوب أخري احبتها وأرادت التعاطف معها بصمت ولكنها مذعورة وخائفة للدرجة التي جعلتها تكاد تشك حتي في اخوتها وخطيبها مع تصرفاته المريبة التي تزيد من ظنونها وشكوكها وتكسر إيمانها بمن حولها.

يا لهذا القلق الذي ينهشها.. قلق يمنع النوم عنها، ويشغل بالها، ولا يدعها تري غير تيار تفكيرها الصاخب

يسكنها لحد الوجع، ويستولي علي اهتمامها وكيانها، ويمتص وجودها خلاله فلا تتنفس الا دوائره المتداعية بالحيرة والتوتر.

انه الخوف من القادم.. من الآتي.. من المجهول

اللهم اكفنا شر ما في الغيب

ما كانت تردده والدتها في الفجر عندما يأتيها صوتها بين صحوة النوم واليقظة وهي توقظها

اصبحنا واصبح الملك لله، اللهم إني لا اسألك رد القضاء ولكن اسألك اللطف فيه

وكانت تعتقد نفسها ذكية عندما كانت تعلق في سرها.. ما دام بإمكاني السؤال برد القضاء كله.. لماذا اكتفي بطلب اللطف والتخفيف من شدته فقط.

وعندما عصرتها المحن، ادركت بأن القضاء واقع لا محالة ولا راد له.. ولكن التضرع يكون فعلا ليهبنا الله القدرة علي تحمله ومواجهته وعدم الانهيار فيه. الدعاء بأن يلهمنا الله القوة لتقبله وابتلاعه وتجاوزه بدون ان نفقد عقولنا اوقدرتنا علي التصديق والاحتمال وتقبل مصيرنا والاستمرار به.


السادس عشر


الخيبة


الذي لا تعرفه سارة إنها عندما بدأت نشاطها الإصلاحي بالمؤسسة، ورفع تقاريرها بضرورة تغيير اوجه التسرب وووضع الخطط التنموية، وعندما كانت ترفق الحلول والتصورات، وتضع التنظيم لإنتاجية المعامل وتحسين ادائها، وتوصيف المواد اللازمة للمختبرات ووضع جداول لكل العمليات المصاحبة لها توضح تحركاتها وجميع المسارت التي تمر بها لتتبعها ومعرفة استهلاكها بدقة والمواقف التي تتعطل لديها لتمكن من نقاط ضعفها وتلافيها وتشغيل الطاقة الممكنة للإنتاج. عندما بدأت تصمم علي عملية التغيير والنمو كانت افكارها تصل مسئولي الوزارة، وكان الوزير شخصيا من اكثر المتبنين لها والمهتمين بتنفيذها، والذي استفاد منها وادخلها في تعليماته والقرارات التي اصدرها. ولم يعجب المسئولون الآخرون إيمان سلطان بهذه الموظفة التي تهدد مصالحهم، وانتقادها للأسلوب الذي لا يعرفون غيره لإدارة العمل والذي يهبهم السلطة المطلقة بدون أن يسمح لأطراف اخري بانتزاعها منهم، والذي يهبهم شرعية التملك والأخذ والتوزيع والتصرف بدون وضع معايير للصالح العام وللتنظيم وحماية الموارد، إنهم لا يستوعبون ان يكون هناك فصل بين ميزانية المؤسسة وتنظيمها وبين املاكهم الخاصة، إنهم لا يخضعون لقوانين ولوائح ولم يخضعوا يوما ولا يعجبهم أن يخضعوا لها، إنهم يعينون من يريدون وينقلون من لا يحبون، يرفعون من رضوا عنهم، ويشيحون بوجه من غضبوا عليهم، يديرون المؤسسة بما تمليه عليهم مصلحة اعمالهم الخاصة هذا الذي يعرفون، أما أن تأتيهم فتاة متفلسفة تريد ان تطبق افكارها ومثاليتها فهذا مرفوض مرفوض، بل إنهم ما زالوا حانقين علي توظيفها بالدرجة الأولي وفتح المجال لها لترسي شخصيتها ونظرتها للأمور.. !!

كان وكيل الوزارة يفور غيظا من كل ملاحظة ترفعها، وكيف يهتم بها سلطان فحاول ان يعرقل وصول مذكراتها، ولكن هناك نسخة دائمة الي مكتب سعادة الوزير. لم يكن المديرون الكبار وبقية المسئولين يختلفون عن مشاعر الوكيل وزملائه الحانقين اما لنفس الأسباب أو لأنهم لا يريدون اغضابهم، ويودون كسب رضاهم والتودد اليهم، مع ادراكهم بصحة ما يكتب وضرورته لحماية المؤسسة وتطورها.

لذلك كانت القشة التي اوقعت الجمل عندما اندفعت سارة بالاتصال بمكتب المدعي العام بعدما تأكدت ان حاميها حراميها وكيف تشكو الي الخصم ليكون الحكم، وعدم تبليغ مسئولي الوزارة اولا للتحقيق بوقائع المسودات التي تظهر التجاوزات والتدبيرات الفاحشة بمقدرات المؤسسة ومصروفاتها. حينها وجد الوكيل المؤشر الذي يستند عليه، فدخل غاضبا مكتب سلطان ورمي علي المكتب خطاب استدعاء الادعاء العام وفجر قنبلته :

الم اقل لك إنك وظفت ارهابية.. ؟؟ الم انصحك بتوقيفها وعدم ترقيتها.. ؟؟ الم اشكك بنواياها وتحذلقها.. ؟؟

وسلطان لا يفهم شيئا مما يقال حوله، وعندما فهم كان يوما صعبا عليه هو الآخر لأنه آمن بها وتبني بالفعل اطروحاتها واحترم تفكيرها. كان يعدها لمنصب اكبر ولدور اعمق لتطوير المؤسسة ونقلها الي افق انتاجي وتنظيمي حديث، وفجأه ينهار كل شيء ويتلاشي الصرح الذي خطط له لأه يعلم يقينا بأن لا يوجد احد في المؤسسة يملك نفس فورة الحماس والقدرة علي مساعدته في تحقيقه.

لم يكن سلطان اقل ضيقا من مساعديه والأعضاء الآخرين في الوزارة من سوء تصرفها برأيه، وكان ايضا لا يحبذ تطاولها بفرض مثالية اصبحت غير واقعية وتتنافي مع واقعه الذي يفرض عليه إرضاء رجاله. ولكنه كان الوحيد الذي يعرف بأنه بإبعادها وتهميشها وانتزاع صلاحيتها الوظيفية قد اخذت معها الحماس والتصميم والروح التي تعطي المؤسسة الحيوية والتجدد والحياة النابضة.


السابع عشر


الحادث


يفرح الناس بعطلة الربيع حيث يستمتعون مع اولادهم بعد عناء الامتحانات وفرحة نجاح منتصف العام ولكن وضحة لم تفرح بالإجازة بل كانت إذانا بغياب خالد وسهره وعدم عودته الي البيت احيانا بدعوي النوم في مجلس أهل صديقه بعد ليلة سهر طويلة يقضيها مع الشباب.

لم تفرح بالإنجاز الدراسي الذي حققه ولداها فاطمة ومحمد وشهادات التقدير التي حصلوا عليها ولم تستوعب حدوثها فقد مرت عليها بعيون زائغة كأنها تحصيل حاصل ولم تكن تشعر بأنها مباركة من الله علي هذين الرائعين مع اخوتهما الأصغر نواف وريم وإنهم بخير وصحة. للأسف فيكفي أن يكون عضوا متأخرا في الجوقة ليفسد اداؤها مهما كان بقية العازفين جيدين.. !! عندما يتحلق ابناؤها حولها يحاولون بغريزتهم الطفولية شد انتباهها اليهم، يريدون نصيبهم منها لا ينالون سوي الشرود والنظرة الساهمة الغائبة في الأفق ووضع اسوأ الاحتمالات والمخاوف. يحاولون شحنها بمرحهم وحيويتهم ولكنها منطفأة تماما تكاد تفرغ ما في جوفها لكثرة الامتعاض والقلق.

لقد فوتت عليها الاستمتاع بسنوات عمرهم الجميلة، كأنها تعاقب نفسها علي عدم استطاعتها مساعدة ابنها البكر، وايقاف اندفاعه وفتح عينيه ليري الطريق الوعر الذي يقودهم اليه.

إنها تحبه كقطعة من فؤادها وتصلي وتطلب من الله فقط أن يهديه ويجعله شابا صالحا طبيعيا كغيره من الأولاد. لقد اصبحت مراهقته الصاخبة اكبر من قدرتها علي الاستحمال والاستيعاب.

عندما كانت ترتب مخزنهم وتنظم ما فيه اصابتها الكآبة طوال اليوم، كانت هناك شهاداته المدرسية في المرحلة الابتدائية والإعدادية وحتي في الروضة وهي تشي بنبوغ مبكر وتفوق وذكاء وعقل شفاف والآن يتخبط ضائعا لا يدرك ما يريد وربما يجهل حقيقة من يكون بأعماقه.

بكت علي هذا الذكاء المهدور وعلي هذه الطاقة المبددة وعلي الحلم المبتور، إنه بكرها الذي قابلت امومتها به، إنه تحديها لتصنع شيئا جميلا خلابا وضعت كل جهدها فيه، إنه سهرها وتربيتها وتدريسها وصورتها الجميلة التي ارادت أن تباهي العالم بها، إنه قلادتها التي تتزين بها وقد اصيبت بالصميم وكان الجرح غائرا لا يتوقف نزفه.

ليس اقسي من فشل الأم الصالحة في تربيتها، لو أنها اساءت ليكون ذلك مبررا للوم نفسها ولكنها عجنت روحها وكيانها من اجله، أم تراه الحب المندلق والرعاية المتدفقة والوصاية الحذرة تعتبر ذنبا ومدعاة للندم.. ؟؟

كان تأزم وضحة واضحا عليها ويخنقها ويمد حوافره المميتة الي اعماق روحها، ولم يعد بيت والدها مقر بهجة وانتشال مما هي فيه من كآبة وضيق. فهناك يخيم جو جنائزي آخر.. فسارة يكاد يقتلها هي الأخري القنوط والأسي. لقد شحب لونها وضاق صدرها ولا تكاد تطيق آية هفوة ممن حولها. تغيب في عوالم داخل نفسها يقف علي ابوابها حراس وهميون لا تراهم وضحة ولكنهم يخرسونها ولا تستطيع في حضرتهم سوي الركون للصمت والاستسلام لأتون جحيمها الخاص تاركة اطفالها يلهون مع ابناء خالهم ويسلون جدهم.

كمحاولة لكسر الروتين والصمت والانتظار البغيض لتغيير ايجابي لحياتهم، قالت وضحة فجأة :

لم لا تأتون للغداء عندنا غدا الجمعة.

تململت سارة مكانها، لم تتحمس فقد كان الطعام آخر مشاكلها.

تابعت وضحة كأنها تكلم نفسها.. إنه نوع من التغيير وسأدعو عبدالرحمن واهله وتساءلت : هل سأدعو بقية الاخوان.. ؟

سكتت فجأة وقد استبعدت هذا الخاطر فهي تعلم بأن زوجاتهم ستمطران سارة بالأسئلة.. متي الزواج..؟؟ وألم يكن مفترضا هذا الأسبوع.. ؟؟ ولم تأجل.. ؟ وإلي متي.. ؟؟ إنهن لطيفات ولكنهن فضوليات وأيضا فيهن نوع من الشماتة تكاد تحسه من عدوانيتهن غير المبررة لكثير من الأمور العائلية التي تصادفهم كعائلة كبيرة واحدة. وحدها فاطمة زوجة عبدالرحمن متفهمة وهادئة، وذات قلب كبير وتعرف متي تبتعد، وتحترم خصوصية الآخرين ولا تجرحهم والحمدلله إنها جارة سارة وليست واحدة أخري من زوجات الاخوة الآخرين.

بعد تملل قصير، مالت سارة علي والدها كأنه سيقرر الرد، وسألته : وضحة تريدنا للغداء عندها غدا بعد صلاة الجمعة، ما رأيك يا والدي.. ؟؟

ردد الأب بطيبة وهدوء.. علي خيرة الله، علي خيرة الله.

كان غداء هادئا لم يحضره احمد كعادته ولو للترحيب بالضيوف فهو لا يطيق الفوضي وعبث الأطفال علي حد قوله وخصوصا وإن عبدالرحمن وعائلته اعتذروا لارتباطهم يوم الجمعه ببيت اهل فاطمة ولا يستطيعون التخلف لأن والدة فاطمة من النوع المتحكم وتسيء تفسير سلوكيات ابنائها ولا تسامحهم بسهولة إن اخلوا بأحد تقاليدها.

كانت وضحة تغص بلقمتها فقد تأخر خالد ولم يعد للبيت من الأمس. وقد احست بأن هناك شلة مشاغبة بدأت تترصد له وتحاول مكايدته، لقد بدأوا يضايقونه مؤخرا ولم يكن يعرفهم من قبل، وصاحب ذلك تغير بعض اصدقائه وتناقضهم معه كأنه يعيش مرحلة تكاد تصعد مسار حياته الي المزيد من التشويش والبلبلة. إنها تحس بأنهم ينوون الشر ولكنها عاجزة عن نقل احساسها اليه، وما يتعسها أكثر بأن لسانها ملجوم مربوط لا يستطيع التعبير والنطق. كانت تود التدخل بالموضوع لتعرف ابعاده ولكن خالد يبعدها لأنها امرأة علي حد قوله وعليها ألا تتدخل في عالم الرجال. وكانت في نفس الوقت لا تريد الفتنة عند والده وتحريضه عليه بل تتمني ان يبادر بنفسه لاحتضان ابنه لا للصراخ عليه، لسؤاله بأبوة وحنان: لم تفعل ذلك.. ؟؟ لم تزج نفسك في المشاكل.. ؟؟ لم لا تهديء وترتاح وتحدد اولوياتك بسلاسة.. ؟ سأكون معك، سأرافقك كصديق وانزل الي مستواك واشاركك حياتك واتعرف علي أصدقائك واتحاور معك واحترم عقليتك واعطيك خبرتي وتفكيري وحكمتي. ليعرف قصة هؤلاء الدخلاء ولماذا يريدون الشر وألا يدركون بأن بعض المسائل تخرب النفوس وتدمر الكيانات وتدخل في المناطق التي يصعب الإرتداد عنها، وعندما تحدث يكون تأثيرها مأساويا إلا إذا كانوا من النوع الذي يستبيح الحرمات ويحلل الدمار والفتن إنها تعلم إن احمد عصبي لدرجة إنه لا يدعها تكمل كلامها ليشب فيها كالنار، كان خوفه اكبر من حبه، وخشيته من الآتي اكبر من يقينه برحمة الله والاتكال عليه.

قبل صلاة العصر استأذن الضيوف فالوالد علي لم يفوت صلاة في المسجد الملاصق لبيتهم رغم عماه حيث يقوده السائق إليه مع كل فرض. اوقف السائق السيارة لدي عتبة الفيلا الداخلية حيث ركب الوالد في المقعد الأمامي مع السائق بينما اقتعدت سارة المقعد الخلفي وحاول نواف وريم الذهاب معهم ولكن والدتهما نهرتهما حيث إن اولاد عبدالرحمن ليسوا هناك وجدهما وخالتهما تعبان ويحتاجان للراحة قليلا بعد الصخب الذي عاشوه بينهم الساعات الماضية.

غادرت السيارة حوش المنزل وبينما وضحة تعيد ترتيب ما افسده الأطفال وتفكر بالإستعداد للصلاة التي يحين موعدها بعد نصف ساعة من الآن حينما سمعت صوت بريكات سيارات وجلبة.. .هرعت تأخذ رداء رأسها وتستشف الموقف من عتبة الحوش ذي البوابة الكبيرة المفتوحة : مذا حدث، سليم، ماتي اين إنتم، ما هذه الأصوات.. ؟؟ اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. ؟؟ كانت ركبتاها تصطكان، هل تركب السلم لتري الموقف من السطح.. ؟؟ هل تخرج الي باب الشارع لتتبين ما يجري، هل ترسل ابنها محمد، واخذت تصرخ بعصبية : اين انت يا محمد.. اترك الكمبيوتر الآن واذهب ولتري ما يحدث بالشارع.

لم يعرها محمد ذو الحادية عشرة ادني اهمية وتابع اللعب مع شقيقته فاطمة وصرخاتهم الجذلي تتراقص في المنزل.

عادت وضحة تخب الي باب الصالة الأمامي كأنها لا تريد مفارقة الباب ومنه تعرف المعلومات : اين هؤلاء الخدم.. اين يختبئون.. ؟؟ كانت تدرك إنه موعد راحتهم اليومي بعد انتهاء وجبة الغداء حيث يخلدون للراحة قليلا ومعاودة العمل عصرا. كانت ترتجف غضبا وعصبية وتكاد تخر من طولها خوفا ولكنها تتماسك.

ألا يتحرك احد.. ويأتيها من بوابة الحوش صوتا فيه ندب وبكاء وروع، كان سائقهم يهرول الي حيث هي واقفة تريد من يجيب عليها، وهو يردد بكلمات هستيرية مختلطة :

خالد فيه موت، بابا علي فيه موت، ماما سارة فيه موت، كومار فيه موت

هل وصلت الكلمات اليها، هل استوعبتها وسائقهم يرددها وقد اختلطت ببكائه، هل اخذت ترتجف ام فقط خارت قواها واحست بالدنيا تميد بها.. ؟؟

هل اصطكت اسنانها، هل انهارت وغابت عن الوعي أم هل تجمدت بمكانها.. ؟؟

هل كان صوتها الذي يستجديهم ان تفهم ما يقال أوتكذب ما تسمع، خالد وبابا علي وسارة..؟؟ كيف وقد خرج بابا علي وسارة وحدهم.. ؟؟

ولكن الصوت يأتيها نائحا :

خالد فيه موت، بابا علي فيه موت، ماما سارة فيه موت، كومار فيه موت

بعيون جاحظة، وريق قد نشف نبعه، وفك تهاوت عظامه، وقلب تتابعت رعشاته ونبضاته وتدفقه و وجيبه يكاد يخلعه من صدرها ماذا يقول.. ؟؟؟ ماذا.. ؟؟

والسائق يتابع هذيانه، وركبتاها ترتجفان، والأرض تتابع دورانها، وهي لا تستحمل اللحظة أوالواقع أوالحدث.

وتهرب، وتهرب، وتغيب عن الوعي.

وللأحداث بقية







الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشتاء ملح الفصول حجازية الهوى مرافئ البوح 10 07 Apr 2010 10:40 AM
أرتقي بطموحك حتى تكون مثل شجرة الفصول الأربعة البسمة الخجولة القسم العام 6 26 Mar 2010 08:57 PM
"الآخرون" للكاتبة السعودية الشابة "صبا الحرز"،رواية فضائحية جديدة . كديميس كتّاب المنتدى في القصص والرواية الأدبية 5 16 Mar 2007 08:16 PM
~:: حلو الكلام ::~*~* للكاتبة مشاعل العيسى رغداء القسم العام 16 04 Oct 2006 10:05 PM
من أي الفصول أنت؟ بحر مرافئ البوح 7 02 Feb 2006 09:41 PM
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

08:19 AM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com