تاريخ ترج في القرنين الرايع والخامس الهجري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين.

فإن الحديث عن تاريخ وسيرة وأخبار منطقة أو أمة في غاية الأهمية، حتى نرى ما كنوا عليه، وبالتالي نستطيع أن نستخلص من تلك الأخبار العبر والدروس التي تفيدنا في حياتنا الحاضرة والمستقبلية كذلك هو تسجيل لحضارة منطقة أو أمة معينة. وقد أمدنا القرآن الكريم برويات كثيرة من القصص التي تروي تاريخ أمم ومناطق بادت وانقرضت، بل أفراد وجماعات ومنهم من كان على المنهج القويم، ومنهم من كان متمادياً في غيه وضلاله. وهذه سنة كونية أن جعل الله عز وجل، كتلتي الحق والباطل، وهاتان الكتلتان في صراع دائم منذ خلق الله السماوات والأرض إلى أن تقوم القيامة. هكذا هي طبيعة التاريخ، وما أريد أن أورده في هذا الموضوع عن التركيبة السكانية لترج وبيشة منما ذكرها مدونوا التراث القدماء كذلك تسليط الضوء على الإمام القاسم العياني مؤسس الدولة العينية حيث أن مقره كان بتـرج ومنها أعلن قيام دولته كذلك عن رحلة حفيدية الأميرين القاسم ومحمد ابني جعفر الى ترج، وكانت تلك الحقبة في نهاية القرن الثالث الهجري حتى بدايات القرن الخامس الهجري

التركيبة السكانية لترج وبيشة:
يعد وادي ترج من أحد روافد بيشة ذاك الموطن الحضاري القديم وإحدى المحطات التجارية الهامة الواقعة على الطريق الجبلي الذي يربط بين صنعاء ومكة(1).
ذكرت أنها من منازل شهران من خثعم(2) وقال الأصعمي ترج موضع ببيشة مأسدة، وهو من بلاد خثعم(3) أما ما يجاورهم من بيشة فغالبيتهم من القبائل العربية القحطانية والعدنانية، ووصفوها مدونوا التراث القداماء فيقول هي: " قرية عظيمة كثيرة الأهل ... مضرية وقيسية "(4) ويشير عرام إلى تبالة المجاورة لترج، فيقول " أهلها سلول ، وعقيل ، وغامد ، وعامر بن ربيعة "(5) ويشير أبو علي الهجري إلى بلدة بيشة فيذكر أنها ذات قرى كثيرة وسكانها أكثرهم من بني عامر بن هوازن ويخالطهم قبائل من خثعم(6) ويذكر ياقوت أن " ديار بني سلول بيشة "(7) ويضيف قائلاً " بيشة بطون من الناس كثيرة من خثعم ، وهلال ، وسواءة بن عامر بن صعصعة ، وسلول ، وعقيل ، والضباب ، وقريش وهم بنو هاشم لهم المعمل "(8) ويورد ناصر خسرو تفصيلات عن الأجزاء الشرقية من بلاد السرو بما فيها بيشة فيقول " في هذا الجزء قرى كثيرة ، وبواد لا تدخل تحت الحصر ، وفي كل بادية حاكم مستبد لا يخضع لأي سلطة مركزية "(9) ومصادر أخرى تذكر أن بعض عشائر باهلة العدنانية كانت تستوطن بيشة، ونجد الرسول صلى الله عليه وسلم يكاتب بعض شيوخ تلك العشائر في حاضربيشة وباديتها، ويحثهم على تطبيق شرع الله في بلادهم(10) وتشير مصادر الى أن تواجد العبيد الذين هم من أصول زنجية كنوا قد جلبوا من الحجاز وغيرها لأجل العمل في مواطن الزراعة وبعض الحرف والمهن الأخرى(11) وتذكر بعض الروايات أن الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك (105 ـ 125 هـ) أمر والي مكة بإرسال200 زنجي مع نسائهم إلى بيشة كي يعملوا في بعض قطاعات الدولة الزراعية هناك(12) والفاحص للتركيبة السكانية لترج وبيشة يجد أن معظم سكان هذه البلاد من خثعم.

نشأة الإمام العياني وحياته السياسية والإدارية:
العيّاني: هو الأمام القاسم بن علي بن عبدالله بن محمد بن الإمام القاسم إبراهيم الرسي الحسني اليمني المعروف بالعياني(13) وأحد أئمة الزيدية الكبار. ولد سنة 310هـ في تبالة ونشأ في وادي ترج وعاش معظم حياته فيها، وكان له رحلات إلى الحجاز واليمن، مع أن جل وقته قضاه في العبادة والقراءة والتأليف(14) إلى جانب أنه كان على صلات بأحوال اليمن السياسية، وبخاصة مواطن الأئمة الزيدية فيها مثل صنعاء وصعدة(15) وفي عام 383هـ رأى بعض اليمنيين الزيديين عدم وجود إمام قادر على جمع شملهم وتوحيد بلادهم تحت راية واحدة، عندئذ ذهبوا إلى الإمام العيّاني في بلاد خثعم وفي وادي ترج تحديداً(16) و عرضوا القدوم إلى صعدة كي يتولى أمرهم السياسي، وبعد إلحاح منهم ذهب معهم، لكنه لم يجد الوفاء والإخلاص الذي وعدوه به، فعاد إلى موطن أهله وذوية في ترج، وبقي على عادته في العبادة والقراءة حتى عام 388هـ ، ثم قدم عليه وفد يمني زيدي آخر وأقنعوه بالذهاب معهم ووعدوه بالنصر والإخلاص(17) وكان قد كتب لهم رسائل عديدة وقال لهم أقولاً بليغة، منهـا: لستم أعزكم الله تجهلون حالي، ولا كيف كان سبيل مدخلي مع أهل الزمان، أنتم تعلمون أعزكم الله أني أقمت نيفاً وعشرين سنة معتزلاً في رأس جبل، وأهل اليمن يختلفون إلي عاماً بعد عام، ويسألوني مع ذلك القيام، فلم أسعفهم على مسألتهم لا جاهلاً لما في ذلك من الثواب، ولا زاهداً في طاعة رب الأرباب، ولكن لعلمي بأهل زماني، وما عليه من كثرة الإدغال والميل إلى المحال ...(18)

ــ الحواشي ، والتعليقات ــ
(1) الحسن بن احمد الهمداني. صفة الجزيرة العربية. تحقيق محمد بن علي الأكوع
(2) المصدر نفسة
(3) معجم ما أستعجم لياقوت
(4) الفرج قدامة. نبذة من كتاب الخراج وصنعة الكتاب
(5) عرام بن الأصبغ السلمي. كتاب أسماء جبال تهامة وسكانها وما فيها من القرى وما ينبت عليها من الأشجار وما فيها من المياه. تحقيق عبدالسلام هارون
(6) أبو علي الهجري، التعليقات، جـ 4 ص 1687
(7) ياقوت، معجم
(8) المصدر نفسة
(9) أبو معين ناصر خسرو. سفرنامة (رحلة ناصر خسرو) ترجمة من الفارسية وحققة أحمد خالد البدلي
(10) جمال الدين يوسف بن المجاور. صفة بلاد اليمن ومكة وبعض الحجاز
(11) ياقوت، معجم، جـ 5 ص 158
(12) أورد ياقوت الحموي خبراً عن بعض نواحي بيشة في عصر الدولة الأموية وما تتصف به أرضها من الخيرات الزراعية. فيقول " المعمل قرية من أعمال مكة، قال أبو منصور: لبني هاشم في وادي بيشة ملك يقال: المعمل وكان أول أمر المعمل أنه كان بُني من بيشة بين سلول وخثعم فيحفر السلوليون ويضعون فيه الفسيل فيجيء الخثعميون فيزيلون الفسيل، ولا يزال بينهم قتال وضرب فكان ذلك المكان يسمى مطلوباً فلما رأى ذلك العجير السلولي تخوف أن يقع بين الناس شر هو أعظم من ذلك، فأخذ من طينه ومائه، ثم ارتحل حتى لحق بالخليفة هشام بن عبدالملك ووصف له صفته، وأتاه بمائه وطينه، وماؤه عذب، فقال هشام: كم بين الشمس وهذا الماء؟ قال: أبعد ما يكون بعده، فقال: فأين هذا الطين؟ قال: في الماء وأخبره بما في جوف بيشة، وبيشة من أعمال مكة ... وأخبره بما في بيشة والأودية التي معها من النخل والفسيل، وأخبره أن ذلك يحتمل نقل عشرة آلاف فسيلة في يوم واحد، فأرسل هشام إلى أمير مكة، أن تشتري 200 زنجي، ويجعل مع كل زنجي أمرأته، ثم يحملهم حتى يضعهم بمطلوب، فينقل أليهم الفسيل فيضعونه بمطلوب، فلما رأى الناس ذلك قالوا: إن مطلوب معمل يعمل فيه، فذهب اسمه المعمل إلى اليوم
(13) عُرف عن الامام القاسم بن علي باسم (العيّاني) نسبة إلى قرية عيان في اليمن. مجموع بلدان اليمن وقبائلها. تحقيق إسماعيل الأكوع
(14) يعقوب، سيرة الإمام المنصور (العيّاني) ص31. مجموع كتب ورسائل العياني ص55
(15) المصادر نفسها
(16) ترج: بفتح أوله وإسكان ثانية فجيم موحده، واد عظيم، ويعد مجمعاً للأودية المنحدرة من سراة بلقرن والحجر، ويتجه للشرق حتى يلتقي مع وادي بيشة بجانب بلدة الحيفة شرق الحازمي، ويستوطنها اليوم قبائل بني الحارث بن كعب للمزيد انظر عبدالله بن عبدالعزيز البكري. معجم ما أستعجم من أسماء البلاد والمواضع. تحقيق مصطفى السقى
(17) يعقوب، سيرة الإمام المنصور (العياني) ، ص12. مجموع كتب ورسائل العياني، ص7
(18) مجموع كتب ورسائل العيّاني، ص8

( للحديث بقية )

الله الله
أخي العزيز الحاجب المنصور
مبدع دائماً في طرحك وحضورك ومشاركاتك
ومتميز في اجتهادك ومتابعتك

كفو والله يا ربعنا أهل ترج
وونعم والله بكل القبائل
ولا هنت على هذا السرد الجميل

الله يعطيك العافيه على هذا النقل الجميل
تقبل تحيتي

يعطيك العافية وماتقصر

مشكور

......................

بيض الله وجهك يالذيب ننتضر باقي البحث

هداك الله يالقنثلي تنقل ماهو لبيشة وتقول انه قيل في ترج
ذكر الهمداني ـ ت 334 هـ ـ مواضع سكن بني مخزوم في تلك المواطن ، فقال : " اعراض نجد بيشة وترج والمراغة وأكثر ساكن المراغة قريش بهما حصنان أحداهما القرن مخزومي والثاني البرقة سهمي "

كذلك قد كان الهمداني خبيراً بهذه الديار عارفاً بكهوفها ومخابئها ، وغاباتها المتشابكة فقال فقد كان في وادي ترج وتبالة وحدهما من الغابات الكثيفة والكهوف المظلمة ، ما يجعلهما مألفاً للوحوش المفترسة
وترج أحد روافد بيشة الكبار

كما قال عنه البكري : نقلاً عن حاتم عن الأصمعي : هو موضع ببيشة مأسدة ويسكنه بني مخزوم وأنشد لأوس بن حجر :
وما خليج من المروت ذو حدب
يرمي الضرير بخشب الطلح والضال
يوماً بأجود منه حين تســأله
ولا مغب بــترج بيـن أشـــــــــــــبال


ومن المثبت أن من سكن ديار الشلاوي حتى قبل قدوم الشلاوي هم بنو معفر
وبنو معفر من سلالة خالد بن الوليد
وقبر أبو اسحاق المعافري في ديار الشلاوى وهو معروف ليومنا هذا.

و هناك نقوش موجودة تدل على أن ترج و بيشة سكنت من قبل بني مخزوم في العصور القديمة و هذا أحد هذه النقوش الذي يعود إلى ماقبل 1190 سنة.
يقول الدكتور محمد بن عبد الرحمن راشد الثنيان (قسم الآثار والمتاحف، كلية الآداب, جامعة الملك سعود) في بحث له بعنوان " نقوش إسلامية مؤرخة من طريق الحج اليمني الأعلى (محافظة بيشة، المملكة العربية السعودية) "

" النقش الثالث، (اللوحة رقم 4):
معلومات أولية:
الموقع والمنطقة: أُمّ وقْر (محافظة بيشة).
خط الطول ودائرة العرض: َ30 42ْ –َ15 42ْ شرقاً / َ30 20ْ –َ15 20ْ شمالاً.
نوع الخط:كوفي بسيط.
عدد الأسطر: 3 أسطر.
طريقة التنفيذ: الحز الغائر السميك.
نوع الصخر: جرانيتي داكن.
موضوع النقش:طلب المغفرة من الله.
صاحب النقش: عبد الرحمن بن موسى بن إسماعيل المخزومي.
تاريخ النقش: مؤرخ في سنة 240 هجرية (الموافق لعام 854م).
قراءة نص النقش:
1. اللهم اغفر لعبد الرحمن بن موسى
2. (ا) بن إسمـ(ـا)عيل المخزومي ذنبه العظيم
3. وكتب في ذي القعدة سنة أربعين ومئتي سـ(ـنة)
التحليل العام للنقش:
نفذ هذا النقش الصخري المؤرخ، المحتوي على ثلاثة أسطر، بواسطة الحز الغائر السميك، وذلك باستخدام الخط الكوفي البسيط على سطح صخري جرانيتي التكوين يميل لونه إلى الاحمرار الداكن. تتميز كلمات النص بكبر أحجامها وتساويها، ويخلو النص من التنقيط (الإعجام) أو التنميق الخطي ولا تلحق بالمادة الخطية أي محاولة للزخرفة الكتابية. تبرز بعض السمات الخطية في رسم كلمات هذا النص والمتعارف عليها في النصوص الصخرية المبكرة، من أبرزها: الانحناء الخطافي لقاعدة حرف الألف في بداية الكلمة، وهذا الرسم يتوافق مع النمط التقليدي للألف النبطية (اللهم:1، اغفر:1)؛ المثلث المقلوب حاد الزوايا ليمثل حرف العين بوسط الكلمة (لعبد:1، إسماعيل:2)؛ تطابق صورة جسم حرف الكاف في بداية الكلمة (كتب:3) مع رسم حرف الدال والذال الأخيرة (لعبد:1) وذلك باستطالة الحرف ووجود نتوءً في نهاية سقف الحرف، (انظر: اللوحة رقم:6).
يظهر النص مكتمل المعنى واللفظ ومقروءاً، وخالياً من الأخطاء اللغوية ؛ ومن الهفوات الإملائية الملحوظة في نص هذا النقش هو عدم تثبيت همزة الوصل السابقة لكلمة (بن: 2) لتصبح (ابن) بسبب وقوعها في بداية السطر، وحذف ألف المد الوسطى من الاسم الثالث لصاحب النقش (إسمعيل:
2)، والصحيح إبقاؤها لتصبح (إسماعيل). وهذه من التأثيرات النبطية في الخط العربي، ولها شيوع في نصوص الكتابات والنقوش الصخرية والشاهدية الإسلامية المبكرة.
يفتتح صاحب النقش نصه بدعاء المغفرة له من ذنبه العظيم، ويختتمه بتثبيت تاريخ خطه للنص.


النص الدعائي:
1. "اللهم اغفر(...) ذنبه العظيم"- (السطران 1-2):
يتمحور موضوع نص هذا النقش في دعاء ديني يشتمل على طلب المغفرة من الذنوب (الاستغفار من الذنوب)، وهو من الأدعية الدينية الشائعة في نصوص الكتابات والنقوش الصخرية والشاهدية([1]) ويبدو أن تراكيب هذا الدعاء مستوحاة من بعض الآيات القرآنية الكريمة التي تحث المؤمن على الاستغفار من الذنب وتدعوه إلى التوبة الحقة والإنابة قبل أن يأتي العذاب([2])، ومنها على سبيل المثال؛ قول الله تعالى:
- (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالأِبْكَارِ)([3]).
- (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ)([4]).
- (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاِّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)([5]).
- (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ([6]).
شخصية صاحب النقش:

"عبدالرحمن بن موسى بن إسمــاعيل المخزومي" - (السطران 1-2):

ينتسب صاحب هذا النقش وشخصيته، عبد الرحمن بن موسى بن إسماعيل المخزومي، إلى بني مخزوم البطن القرشي العدناني المشهور. وتشير المصادر المتاحة بأن مخزوم كان اسماً لأبي حَي من قريش ينتسب إلى يقظـة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ابن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار ابن معد بن عدنان([7]).
وكان لبني مخزوم مقام اجتماعي مرموق في المجتمع المكي عند ظهور الإسلام، واشتهر عن أفراده قيادة الجيوش وقيادة القوافل التجارية المكية وتولي حكم مكة المكرمة. وتشير الدراسات التاريخية الحديثة أن بني مخزوم كانوا يمثلون أكثر البطون القرشية عدداً في مكة المكرمة عند بداية ظهور الدعوة الإسلامية بدورها المكي.ارتبط هذا البطن القرشي، تاريخياً، مع بني عبد شمس إذ كانوا من أكثر البطون القرشية نفوذاً في مكة المكرمة ومن أثراها وقد كانت المنافسة قائمة فيما بين هذين البطنين على المكانة الأولى في مكة المكرمة([8]).
وكما أشير سابقاً في مستهل هذه الدراسة، استوطن محافظة بيشة بطنان من بطون قبيلة قريش، وهما بنو مخزوم وبنو سهم، واتخذوا مدينة المراغة مركزاً لهم إذ ضمت هذه المدينة حصنين مشهورين يعرفان باسم هذين البطنين أحدهما يدعى حصن القرن، وهو مخزومي، والآخر حصن البُرقة، وهو سَهْمي.
وفيما يتعلق بشخصية النقش فإن المصادر التي بين أيدينا لم تسعفنا بالتعرف إلى ترجمة تخصه مع أن مكونات اسم الشخصية (عبدالرحمن، وموسى، وإسماعيل) هي من الأسماء الشائعة والمتعارف عليها منذ القدم والمستخدمة حتى وقتنا الحاضر (انظر: الجدول رقم 9).
تاريخ النقش:

"وكتب في ذي القعدة سنة أربعين ومئتي ســنة "- (السطر رقم 3):

يختتم الكاتب نصه بتدوين تاريخ تنفيذه للنقش موضحاً ذلك بذكر اسم الشهر متبوعاً بالسنة، وهذا هو النقش الثاني في هذه المجموعة من نقوش محافظة بيشة الذي يحمل تاريخه في طياته إشـارة إلى اسم الشهر (انظر الجدولان رقم 7، 8).
10). وقد قام عبدالله بن محمد بن داود في الحج بالناس في هذه السنة([12]).
ووفقاً لتاريخ هذا النقش وتاريخ النقش الذي يليه المدونين في نصوصهما، تتم إضافتهما إلى قائمة النقوش العربية الإسلامية المؤرخة المكتشفة على أراضي المملكة العربية السعودية، والعائدة للقرن الثالث الهجري (القرن التاسع الميلادي)؛ ويسبقهما في الترتيب الزمني نقش عنقيد بن كندي بن أبرهة، المكتشف في منطقة الباحة والمؤرخ في سنة 234 هجرية (848م)([13]) ويلحق بهما، زمنياً، نقش عبدالله بن أحمد بن عبدالله، المكتشف في رواوة بمنطقة المدينة المنورة، المؤرخ في سنة 246 هجرية (860 م) " انتهى كلام الباحث حول هذا النقش ص23 إلى ص27.