الاسراف

محمد بن حسن المريخي في خطبة الجمعة:
الإسراف وباء اجتماعي وعلاجه مسؤولية الفرد والأمة

الدوحة- الراية:
تناول فضيلة الشيخ محمد بن حسن المريخي في خطبة الجمعة أمس موضوع الإسراف والتبذير من ناحيتيه الدينية والاجتماعية فقال:إن الانفاق وحسن تدبير النعمة له أثره البالغ علي الأمة والفرد، ويعطي المؤشر الصادق إن شاء الله والعلامة المبشرة بالفوز بين يدي رب العالمين.
وفي هذا الصدد يوجهنا كتاب ربنا، وسنة نبينا صلي الله عليه وسلم إلي رعاية أموالنا وسائر النعم وصيانتها وتقديرها، ويحذرنا من الإسراف والتبذير والعبث بالأموال والنعم واهدارها إن النعم يا أمة المسلمين إما أن تشكر، وإما أن تكفر، وكفران النعم بالاسراف فيها والتبذير، وهو مسلك خاطيء وخطير نهي الله عنه، وتوعد عليه، وجعل العذاب والسخط نتيجة وعاقبة للإسراف والمسرفين.
يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ويكفي بالإسراف خسة وبالتبذير مسلكا انه اتصف به كل من فرعون والشيطان فالمبذر موصوف بأنه أخو ابليس يقول تعالي إن المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا .
وأرسل الله تعالي ملائكة ليعذبوا أهلها المسرفين يقذفونهم بالحجارة حتي هلكوا، حجارة مخصوصة لهم قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلي قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين .
وقال المريخي إن الاسراف هو تعدي الحد المعقول، وتجاوزه في كل شيء، وهو في النعم أبلغ وأوضح. وقد أهلك الله تعالي الأمم السابقة لاسرافها في أمرها، وبدل أمنا علي آخرين بسبب تجاوزاتهم واسرافهم، وغير نعماً وحولها عن أناس لم يقدروها حق قدرها واضرب لهم مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون
يقول صلي الله عليه وسلم كلوا وتصدقوا والبسوا في غير اسراف ولا مخيلة. رواه النسائي وابن ماجه وهو حديث حسن وقال: إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال رواه البخاري ومسلم.
يقول عطاء بن ابي رباح رحمه الله في معني الآية، وآتو حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه ل يحب المسرفين
قال: نهوا عن الإسراف في كل شيء وقال ابن القيم: إن مجاوزة الحد في كل أمر يضر بمصالح الدنيا والآخرة، بل يفسد البدن، فكلما زادت اخلاطه عن حد العدل والوسط ذهب من صحته وقوته بحسب ذلك، أيها المسلمون:
عظات التاريخ
المريخي في الخطبة وتحدث عن بيوت وقصور عامرة، ودول قوية، أسسها أهلها وشيدوا بنيانها، فلما نسوا الله، أسرفوا، فخرت عليهم أسقفها، وتهدمت حيطانها، وصارت أثرا بعد عين، وتبدلوا بالغني فقراً وبالأمان خوفا وفزعا، وبالشبع ورغد العيش جوعا، وبالصحة ضعفا ومرضاً، وكم تخربت بيوت عامرة، نسي أصحابها ربهم وأسرفوا وتكلفوا ما لا يطيقون ونافسوا ما لا يقدرون، فكانت العاقبة الدنيوية خسارة هذه النعمة والتحول إلي الفقر ومد اليد.
إن الاسراف داء ومرض قتال ينبت أخلاقا مرذولة، ويهدم بيوتا عامرة، الجبن والظلم من آثاره، وقلة الأمانة، بالاسراف تمسخ الفطر، وتفسد الأمزجة، وتختل به الأذواق، وتهتز به القيم والموازين.
في الاسراف تتعلق النفوس بمشتهياتها، وزينتها، ولذيذ عيشها، فيقوي في النفس حرصها علي الحياة وكراهية الموت ومن ثم فإنها تجتنب مواقف الشرف والذود عن الحياض والوطن، ومواطن الكرم والمروءة فترث الجبن والكسل إن النفس المحفوفة بألوان المطاعم ووثير الرياش والمراكب يضعف طموحها، وتتلبد عبقريتها.
المسرف ضعيف العزيمة، واهن القوة، لا يصمد أمام الشدائد منهمك في فنون المتاع الرخيص، فلهذا هو بعيد عن الطموح والرفعة ونيل المراتب العليا في الدين والدنيا، لأن هذه المراتب لا تنال إلا باحتمال المكاره والصبر عليها ومواجهة الشدائد.
والاسراف يسلك بصاحبه مسالك الظلم والجور والخيانة، لأن المستسلم لشهواته يحرص علي الكسب ليشبع سعار رغباته، فلا يبالي أن يأخذ من طريق غير مشروعة، يمد يده علي حقوق غيره بطرق الرشوة والغصب والاختلاس، ولا يعف أو يكف عن طرق أكل أموال الناس بالباطل.
والاسراف يمسك بأيدي أصحابه عن فعل الخير، وبذل المعروف لقد أخذ الاسراف بمجامع بطنه وقلبه، همه جمع المال، وانفاقه في ما لذ وطاب من مأكول وملبوس ومركوب، إن غالب أهل الاسراف تأبي أيديهم أن تبسط في اسعاد ذوي الحاجات والفقر والنكبات.

يقول أهل الخبرة والتجربة بالناس ان من اعتاد التقلب في الزينة وألف العيش الرضي يغلب عليه الحرص علي هذه الحال فيتحاشي المواقف التي تفوت عليه بعض لذائذه، فيسكت عن حق، ويتغاضي عن باطل، وتثقل عليه مجالس الناصحين الأخيار.
حتي علي الصحة فضرر الاسراف يكون واضحاً ظاهراً، فالمسرف في مأكله وشهواته وبطعامه تنحرف صحته ويعتل بدنه، حتي يصل الي آخر المطاف فيمنع من كل شيء إلا قطرة الماء ومذقة لبن.
وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم : ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه . رواه الترمذي.
بذخ الحفلات
وقال المريخي: إن الحديث عن الاسراف في المأكل يمتد الي مظاهر البذخ في الافراح والمناسبات والحفلات، إسراف في ألوان الحفلات، وصنوف الموائد، رثاء الناس، ونشدان الظهور والسمعة، والمناسبات غير الشريفة المحرمة كشهور أعياد النصاري والكفار، غلو وغفلة، ولهو وطرب، وغناء ورقص، وخلاعة، وملاه، وألبسة ما أنزل الله بها من سلطان.
ومن أجل المزيد من البسط في هذا الشأن فهذه وقفة مع صورة من بدع هذا الزمان، وصورة جلية من ماديته المسرفة.
انها سوق الأزياء، ودورها، وأدوات التجميل وصناعها التي يلاحقها المسرفون من الرجال والنساء، يتابعونها، ويترقبونها أولاً بأول، فما تنزل نازلتها الاسواق إلا طار لها هؤلاء المسرفون وأخذوها واشتروها بأغلي الأثمان سواء كانت أصباغاً أو ملابس، أو مما تحيكه شركات الغواية والاسراف لأهلها وروادها.
إسراف في هذه الأزياء والاصباغ والملابس، صيغت وصممت لغير المسلمين والمسلمات، ولكن أرسلت الي المسلمين لافسادهم وتحطيم أخلاقهم. واستنزاف أموالهم بما لا يجر عليه إلا السخط والغضب. وتجر عليهم الذم والإثم.
سوق الأزياء والموضات، أفسد علي المسلمين دينهم ونساءهم ورجالهم وشبانهم وفتياتهم.
موجات مسعورة في كل مكان، إسراف واستسلام وخضوع، وانقياد لهذه الأسواق والدور. استهلاك مشين في الأقمشة والحلي والحلل، والمصوغات والمصنوعات.
ناهيكم عن ملابس النساء في الأفراح والمناسبات والحفلات، ملابس عارية، وشبه عارية، واعلان لها وعرض ودعوة اليها.
ان النهي عن التبذير والاسراف في القرآن والسنة قُصد به حماية الأمة وأفرادها من الليونة المفرطة، والاسترسال في المتع الرخيصة، مما يستدرج في العادة الي الانحدار في الرذائل والمحرمات، ويصرف عن حياة الجد والجهاد والبذل والتضحية. كما قُصد به حفظ الأموال التي بها قيام الناس واستقامة معاشهم.
ومن أجل ذلك فكما أن الفرد مسؤول ومحاسب عن اسرافه وترفه، فإن الأمة مسؤولة عن هذه الظاهرة وتفشيها ان هذا المرض وهو الاسراف، اذا استشري وانتشر فهو وباء ومرض اجتماعي يقود الي فساد عريض يجب مقاومته ومنعه، والتبصر بمخاطره وسييء آثاره. وانها ان لم تفعل يخشي عليها من وعيد القرآن وتهديده جزاءً وفاقاً وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً وكنا نحن الوارثين .
وأضاف: ان المسرفين المترفين في العادة هم أشد الناس استغراقاً في الاستمتاع وذهولاً عن المصير، مترفون مسرفون غارقون في لهوهم ومتعهم حتي تترهل نفوسهم. وترتع في الفسق حياتهم، وتستهتر بالقيم والكرامات سلوكياتهم، اذا لم يوجد من يأخذ علي أيديهم ويرشدهم دنياهم، ويدلهم علي الصراط المستقيم لهذا كان علي المسلمين من أهل العلم والقلم أن تتضافر جهودهم وتتعاضد توجهاتهم علي المجاهدة في هذا السبيل حتي يخرجوا الأمة من الوحل وينتشلوها من الردي وينقذوها من عذاب يوم أليم وعذاب مستعجل في هذه الدنيا قبل يوم الدين

كلام قيم وفي محله!
بارك الله في الشيخ محمد المريخي..


والله يعينا والله على هالشي بالذات!
والله مرات الواحد يصرف ولا يفكر!
سبحان الله!
لسان حاله يقول (وأما بنعمة ربك فحدث)


يزاج الله خير ياختي بسمة
اختيار موفق .. موضوع مميز!
بارك الله فيج

اشكر كل من مر من هنــــــــــا

الاسراف والتبذير
من الصفات السيئة التي لا تدل أبداً على شكر النعمة
ومن الخصال التي نهانا عنها ديننا الإسلامي الحنيف
أشكرك أختي بسمة

الله يجزاك خير

ويجعلها في موازين حسناتك

تحياتي