..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الإسلامية > منتدى خير البشر وخاتم الرسل
 
أدوات الموضوع
إضافة رد
قديم 11 Jun 2012, 12:17 AM [ 21 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


رد: الفصول في سيرة الرسول



فصل: فيما يقوله ويفعله من بلي بالوسواس
فصل: فيما يقوله ويفعله مَنْ بُلِيَ بالوساس
عن عبد الله بن مسعود يرفعه: "إنّ للملك بقلب ابن آدم
لَمّة، والشّيطان لَمّة، فلمة الملك إيعاد بالخير، وتصديق بالحقّ، ورجاء صالح ثواب،
ولَمّة الشّيطان إيعاد بالشّر، وتكذيب بالحقّ،
وقنوط من الخير، فإذا وجدتم لَمّة اللمك، فاحمدوا الله، واسألوه من فضله، وإذا وجدتم لَمّة
الشّيطان، فاستعيذوا بالله واستغفروه".
وقال له عثمان بن أبي العاص: قد حال الشّيطان بيني
وبين صلاتي وقراءتي؟ قال: "ذاك شيطان يقال له:
خِنْزَب، فإذا أحسسته، فتعوّذ بالله، واتفل عن يسارك
ثلاثاً ".
وشكا إليه الصّحابة أنّ أحدهم يجد في نفسه ما لأن
يكون حُمَمَةً أحبَّ إليه من أن يتكلّم به، فقال: "الله أكبر،
الله أكبر، الحمد لله الذي ردّ كيده إلى الوسوسة".
وأرشد مَن بُلي بشيء من وسوسة التّسلسل في
الفاعلين إذا قيل له: هذا الله خلق الخلق، فمَن خلق الله؟
أن يقرأ: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ} ، .
وكذلك قال ابن عبّاس لأبي زميل وقد سأله: ما شيء


أجده في صدري؟

قال: ما هو؟ قلت: والله لا أتكلّم به، فقال: أشيء من
شكٍّ؟


قلت: بلى. قال: ما نجا من ذلك أحدٌ فإذا وجدت في نفسك شيئاً، فقل: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ} الآية،

.
فأرشدهم بالآية إلى بطلان التّسلسل ببديهة العقل،
وأنّ سلسلة المخلوقات في ابتدائها تنتهي إلى أوّلٍ ليس قبله شيء، كما تنتهي في آخرها إلى آخر ليس بعده
شيء، كما أنّ ظهوره: هو العلوّ الذي ليس فوقه شيء، وبطونه هو: الإحاطة التي لا يكون دونه فيها شيء،
ولو كان قبله شيء يكون مؤثّراً فيه، لكان هو الرّبّ
الخلاّق، فلا بدّ أن ينتهي الأمر إلى خالقٍ غنيٍ عن غيره،
وكلّ شيءٍ فقير إليه، قائم بنفسه، وكلّ شيء قائم به، موجود بذاته، قديم لا أوّل له، وكلّ ما سواه فوجوده
بعد عدمه، باقٍ بذاته، وبقاء كلّ شيء به.
وقال ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ: "لا يزال النّاس يتساءلون
حتى يقول قائلهم: هذا الله خالق الخلق، فمَن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئاً، فليستعذ بالله، ولينته".
وقال تعالى:
{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}، الآية. .
ولما كان الشّيطان نوعين: نوعاً يُرى عياناً وهو الإنسي،
ونوعاً لا يُرى وهو الجنّي، أمر الله تعالى نبيّه ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ أن يكتفي من شرّ الإنسي
بالإعراض والعفو والدّفع بالتي هي أحسن، وشرّ الجنّي بالاستعاذة، وجمع بين النّوعين في (سورة الأعراف)،
و(المؤمنين) و(فصلت).
فما هو إلاّ الاستعاذة ضارعاً ... أو الدّفع بالحسنى هما
خير مطلوبٍ
فهذا دواء الدّاء من شرّ ما يُرى ... وذاك دواء الدّاء من شرّ محجوبٍ


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Jun 2012, 12:45 AM [ 22 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


رد: الفصول في سيرة الرسول


فصل في هديه صلى الله عليه في الصيام
فصل: في هديه ـ صلّى الله عليه وسلّم
ـ في الصّيام
لما كان المقصود من الصّيام حبس النّفس
عن الشّهوات، لتستعدّ لطلب ما فيه غاية سعادتها، وقبول ما تزكو به مما فيه
حياتها الأبدية، ويكسر الجوع والظّمأ
من حدتها، ويذكّرها بحال الأكباد
الجائعة من المساكين، وتضييق
مجاري الشّيطان من العبد بتضييق
مجاري الطّعام والشّراب، فهو لجام
المتّقين، وجنة المحاربين، ورياضة الأبرار المقرّبين، وهو لربّ العالمين من بين
الأعمال، فإنّ الصّائم لا يفعل شيئاً
وإنّما يترك شهوته، فهو ترك المحبوبات
لمحبّة الله، وهو سرٌّ بين العبد وربّه،
إذ العباد قد يطّلعون على ترك المفطرات الظّاهرة، وأمّا كونه ترك ذلك لأجل
معبوده فأمرٌ لا يطّلع عليه بشرٌ، وذلك
حقيقة الصّوم.
وله تأثير عجيب في حفظ الجوارح
الظّاهرة، والقوى الباطنة عن التّخليط
الجالب لها المواد الفاسدة، واستفراغ
المواد الرّديئة المانعة لها من صحّتها،
فهو من أكبر العون على التّقوى، كما
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ،
وأمر ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من
اشتدّت شهوته للنّكاح، ولا قدرة له
عليه بالصّيام، وجعله وجاء هذه الشّهوة.
وكان هديه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
فيه أكمل هدي، وأعظمه تحصيلاً
للمقصود، وأسهله على النّفوس،
ولما كان فطم النّفوس عن شهواتها ومألوفاتها من أشقّ الأمور، تأخر فرضه
إلى ما بعد الهجرة، وفرض أوّلاً على وجه التّخيير بينه وبين أن يُطعم كلّ يوم مسكيناً،
ثم حتم الصّوم، وجعل الإطعام للشّيخ
الكبير والمرأة إذا لم يطيقا، ورخّص
للمريض والمسافر أن يفطرا، ويقضيا، والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما كذلك، وإن خافتا على
ولديهما زادتا مع
القضاء إطعام مسكين لكلّ يومٍ، فإنّ
فطرهما لم يكن لخوف مرضٍ، وإنّما كان
مع الصّحّة، فجبر بإطعام مسكين، كفطر الصّحيح في أوّل الإسلام.
وكان من هديه ـ صلّى الله عليه وسلّم
ـ في شهر رمضان الإكثار من أنواع
العبادة، وكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان، وكان يكثر فيه من الصّدقة
والإحسان، وتلاوة القرآن، والصّلاة،
والذّكر، والاعتكاف.
وكان يخصّه من العبادات بما لا يخصّ
به غيره، حتى إنّه ليواصل فيه أحياناً
ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة.
وكان ينهى أصحابه عن الوصال،
فيقولون له: إنّك تواصل؟
فيقول: "لست كهيئتكم إنّي أبيت عند
ربّي يطعمني ويسقيني". نهى عنه
رحمةً للأمّة، وأذن فيه إلى السّحر.
وكان من هديه أن لا يدخل في صوم
رمضان إلاّ برؤيةٍ محقّقةٍ، أو بشهادة
شاهدٍ، فإن لم يكن رؤية ولاة شهادة،
أكمل عدة شعبان ثلاثين، وكان إذا حال
ليلة الثّلاثين دون منظره سحاب أكمل
شعبان ثلاثين، ولم يكن صوم يوم الإغمام،
ولا أمرَ به، بل أمر بإكمال عدة شعبان ولا يناقض هذا قوله: "فإن غُمّ عليكم
فاقدروا له" فإنّ القدر: هو الحساب
المقدور، والمراد به الإكمال.
وكان من هديه الخروج منه بشهادة
اثنين، وإذا شهد شاهدان برؤيته بعد
خروج وقت العيد، أفطر، وأمرهم
بالفطر، وصلّى العيد من الغد في وقتها.
وكان يعجل الفطر، ويحثّ عليه،
ويتسحر ويحثّ عليه، ويؤخّره ويرغب
في تأخيره، وكان يحضّ على الفطر
على التّمر، فإن لم يجده فعلى الماء.
ونهى الصّائم عن الرّفث والصّخب
والسّباب، وجواب السّباب، وأمره أن
يقول لِمَن سابّه: إنّي صائم.
وسافر في رمضان، فصام، وأفطر،
وخيّر أصحابه بين الأمرين، وكان
يأمرهم بالفطر إذا دنوا من العدوّ،
ولم يكن من هديه تقدير المسافة
التي يفطر فيها الصّائم بحدٍّ، وكان
الصّحابة حين ينشؤون السّفر يفطرون

من غير اعتبار مجاوزة البيوت،
ويخبرون أنّ ذلك هديه وسنته ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ.
وكان يدركه الفجر وهو جنب من أهله، فيغتسل بعد الفجر ويصوم.
وكان يقبّل بعض أزواجه وهو صائم في رمضان، وشبّه قبلة الصّائم بالمضمضة
بالماء، ولم يصحّ عنه ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ التّفريق بين الشّاب والشّيخ.
وكان من هديه إسقاط القضاء عَمَن
أكل أو شرب ناسياً، وأنّ الله هو الذي
أطمعه وسقاه، والذي صحّ عنه تفطير
الصّائم به: هو الأكل والشّرب، والحجامة والقيء، والقرآن دلّ على الجماع،
ولم يصحّ عنه في الكحل شيء.
وصحّ عنه أنّه يستاك وهو صائم،
وذكر أحمد عنه أنّه كان يصبّ على
رأسه الماء وهو صائم، وكان يتمضمض ويستنشق وهو صائم، ومنع الصّائم من المبالغة في الاستنشاق.
ولا يصحّ عنه أنّه احتجم وهو صائم.
فصل
وكان يصوم حتى يقال: لا يفطر. ويفطر
حتى يقال: لا يصوم.
وما استكمل صيام شهر غير رمضان،
وما كان يصوم في شهر أكثر مِمّا كان
يصوم شعبان، ولم يكن يخرج عنه شهر
حتى يصوم منه، وكان يتحرى صيام
الإثنين والخميس.
وقال ابن عبّاس: كان رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ لا يفطر أيام
البيض في حضرٍ ولا سفر. ذكره النّسائي. وكان يحضّ على صيامها.
وأمّا صيام عشر ذي الحجّة، فقد اختلف
عنه فيه، وأمّا صيام ستة أيام من
شوّال، فصحّ عنه أنّه قال: "صيامها مع رمضان يعدلُ صيام الدّهر".
وأمّا يوم عاشوراء، فإنّه كان يتحرى
صومه على سائر الأيام.
ولما قدم المدينة وجد اليهود تصومه
وتعظمه، فقال: "نحن أحقّ بموسى
منكم" فصامه وأمر بصيامه، وذلك قبل
فرض رمضان، فلمّا فرض رمضان
قال: "مَن شاء صامه ومَن شاء تركه".
وكان من هديه إفطار يوم عرفة بعرفة
ثبت عنه ذلك في (الصّحيحين)،
وروي عنه أنّه نهى عن صوم يوم
عرفة بعرفة رواه أهل (السّنن).
وصحّ عنه أنّ: "صيامه يكفّر السّنة
الماضية والباقية". ذكره مسلم.
ولم يكن من هديه صيام الدّهر. بل
قد قال: "مَن صام الدّهر لا صام
ولا أفطر".
وكان يدخل على أهله، فيقول:
"هل عندكم شيء؟" ، فإن قالوا: لا.
قال: "إنّي إذاً صائم".
وكان أحياناً ينوي صوم التّطوّع،
ثم يفطر.
وكان إذا نزل على قومٍ وهو صائم أتمّ صيامه، كما فعل لما دخل على أمّ سليم،
ولكن أُمّ سليم عنده بمنْزلة أهل بيته.
وفي (الصّحيح) عنه أنّه قال: "إذا
دُعي أحدكم إلى طعامٍ وهو صائمٌ،
فليقل: إنّي صائمٌ".
وكان من هديه كراهة تخصيص يوم

الجمعة بالصّوم.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Jun 2012, 12:49 AM [ 23 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


رد: الفصول في سيرة الرسول




فصل في هديه صلى الله عليه في الاعتكاف
...
فصل: في هديه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في
الاعتكاف
لما كان صلاح القلب، واستقامته في طريق سيره إلى
الله تعالى متوقفاً على جمعيته على الله، وَلَمِّ شعثه
بإقباله بالكليّة على الله، فإنّ شعث القلب لا يلمّه إلاّ
الإقبال على الله، وكانت فضول الشّراب والطّعام،
وفضول مخالطة الأنام، وفضول المنام، وفضول الكلام
مما يزيده شعثاً، ويشتّته في كلّ وادٍ، ويقطعه عن
سيره إلى الله تعالى، ويضعفه، أو يعوقه ويوقفه،
اقتضت حكمة العزيز الرّحيم بعباده أنّ شرع لهم من
الصّوم ما يذهب فضول الطّعام والشّراب، ويستفرغُ من القلب أخلاط الشّهوات المعوّقة له عن سيره إلى الله، وشرعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في
دنياه
وأخراه، ولا يضرّه، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده
وروحه عكوف القلب على الله، والانقطاع عن الخلق، والاشتغال به وحده، فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه
بالخلق، فيعده بذلك لأنْسِه به يوم الوحشة في القبر.
ولما كان هذا المقصود إنّما يتمّ مع الصّوم، شرع
الاعتكاف في أفضل أيّام الصّوم وهو العشر الأخير من رمضان، ولم يذكر الله ـ سبحانه ـ الاعتكاف إلاّ مع الصّوم،
ولا فعله رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إلاّ مع الصّوم.


وأمّا الكلام، فإنّه شرع للأمّة حبسَ اللّسان عن كلّ ما
لا ينفع في الآخرة،

وأما فضول المنام، فإنّه شرع لهم من قيام اللّيل
ما هو من أفضل السّهر وأحمده عاقبةً، وهو السّهر
المتوسط الذي ينفع القلب والبدن، ولا يعوق العبد عن مصلحته، ومدار رياضة أرباب الرّياضات والسّلوك على
هذه الأركان الأربعة، وأسعدهم بها مَن سلك فيها
المنهاج المحمدّي، فلم ينحرف انحراف الغالين،
ولا قصّر تقصير المفرطين

كان ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يعتكف العشر الأواخر
من رمضان حتى توفّاه الله ـ عزّ وجلّ ـ، وتركه مرّة فقضاه
في شوّال، واعتكف مرّة في العشر الأول، ثم الأوسط،
ثم العشر الأواخر يلتمس ليلة القدر، ثم تبيّن له أنّها
في العشر الأواخر، فداوم على الاعتكاف حتى لحق
بربّه ـ عزّ وجلّ ـ، وكان يأمر بخباء، فيضرب له في
المسجد يخلو فيه لربّه ـ عزّ وجلّ ـ، وكان إذا أراد
الاعتكاف صلّى الفجر، ثم دخله، فأمر به مرّة، فضُرب له،
فأمر أزواجه بأخبيتهن فضربت، فلمّا صلّى الفجر، نظر
فرأى تلك الأخبية، فأمر بخبائه فقُوض، وترك الاعتكاف
في رمضان حتى اعتكف العشر الأوّل من شوّال،
وكان يعتكف كلّ سنة عشرة أيّام، فلمّا كان العام الذي
قُبِضَ فيه، اعتكف عشرين يوماً، وكان يعارضه جبريل
بالقرآن كلّ سنة مرّةً، فلمّا كان ذلك العام عارضه به
مرّتين، وكان يُعرض عليه القرآن أيضاً في كلّ سنةٍ
مرّة، فعرض عليه تلك السّنة مرّتين، وكان إذا اعتكف
دخل قبته وحده، وكان لا يدخل بيته إلاّ لحاجة الإنسان، ويخرج رأسه إلى بيت عائشة فترجله وهي حائض،
وكان بعض أزواجه تزوره وهو معتكف، فإذا قامت تذهب،
قام معها يقلبها، وكان ذلك ليلاً، ولم يكن

يباشر امرأة من نسائه وهو معتكف لا بقبلة ولا غيرها،
وكان إذا اعتكف طرح له فراشه وسريره في معتكفه.
وكان إذا خرج لحاجته، مرّ بالمريض وهو في طريقه،
فلا يعرجُ عليه ولا يسأل عنه، واعتكف مرّة في قبّةٍ
تركيّةٍ، وجعل على سدتها حصيراً، كلّ هذا تحصيل
لمقصود الاعتكاف عكس ما يفعله الجهّال من اتّخاذ
المعتكف موضع عشرة، ومجلبة للزّائرين، فهذا لونٌ والاعتكاف المحمّدي لونٌ.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Jun 2012, 12:52 AM [ 24 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


رد: الفصول في سيرة الرسول


فصل في هديه صلى الله عليه في حجته وعمرته
...
فصل: في هديه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في حجّه وعُمَره
اعتمر ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بعد الهجرة أربع عمر كلّهن في
ذي القعدة:
الأولى: عمرة الحديبية سنة ستّ، فصده المشركون عن البيت،
فنحرَ وحلق حيث صُدَّ هو وأصحابه وحَلُّوا.
الثّانية: عمرة القضية في العام المقبل دخلها، فأقام بها ثلاثاً
ثم خرج.
الثّالثة: عمرته التي قرنَها مع حجّته.

الرّابعة: عمرته من الجعرانة،وكانت عُمره كلّها في أشهر الحجّ
مخالفاً لهدي المشركين فإنّهم يكرهون العمرة فيها، وهذا
دليل على أنّ الاعتمار في أشهر الحجّ

أفضل منه في رجب بلا شكّ، وأمّا في رمضان، فموضع نظر،
وقد صحّ عنه أنّ: "عمرة في رمضان تعدل حجّة".
وقد يقال: كان رسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يشتغل في
رمضان من العبادات بما هو أهمّ من العمرة مع ما في ترك
ذلك من الرّحمة لأمّته، فإنّه لو فعل لبادرت الأمّة إلى ذلك،
فكان يشقّ عليها الجمع بين العمرة والصّوم، وكان يترك كثيراً
من العمل وهو يحبّ أن يعمله خشية المشقّة عليهم.
ولم يحفظ عنه أنّه اعتمر في السّنة إلاّ مرّة واحدة، ولا خلاف
أنّه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لم يحجّ بعد الهجرة إلاّ حجّة
واحدة سنة عشر، ولَمّا نزل فرض الحجّ، بادر إليه رسول الله
ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من غير تأخير، فإنّ فرضه تأخّر إلى
سنة تسع أو عشر.
وأمّا قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}،
، فإنّها وإن نزلت سنة ستٍّ، فليس
فيها فريضة الحجّ وإنّما فيها الأمر بإتمامه وإتمام العمرة، بعد
الشّروع فيهما.
ولما عزم ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ على الحجّ أعلم النّاس
أنّه حاجٌّ، فتجهّزوا للخروج معه، وسمع بذلك مَن حول المدينة، فقدموا يريدون الحجّ مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ،
ووافاه في الطّريق خلائق لا يُحصَون، وكانوا من بين يديه ومن
خلفه، وعن يمينه وعن شماله مدّ البصر، وخرج من المدينة
نهاراً بعد الظّهر لستٍّ بقين من ذي القعدة بعد أن صلّى الظّهر
بها أربعاً، وخطبهم قبل ذلك خُطبة علّمهم فيها الإحرام،
وواجباته وسننه، فصلّى الظّهر، ثم ترجل، وادّهن، ولبس
إزاره ورداءه، وخرج فنَزل بذي الحليفة، فصلّى بها العصر
ركعتين.
ثم بات بها، وصلّى بها المغرب والعشاء، والصّبح والظّهر، وكان

نساؤه كلّهن معه، وطاف عليهن تلك اللّيلة.
فلمّا أراد الإحرام، اغتسل عسلاً ثانياً لإحرامه، ثم طيّبته
عائشة بيدها بذريرة وطيب فيه مسك في بدنه ورأسه حتى
كان وبيصُ المسك يُرى في مفارقه ولحيته، ثم استدامه، ولم يغسله، ثم لبس إزاره ورداءه، ثم صلّى الظّهر ركعتين، ثم أهلّ
بالحجّ والعمرة في مصلاّه.
ولم يُنْقَل أنّه صلّى للإحرام ركعتين.
وقلّد قبل الإحرام بدنه نعلين، وأشعرها في جانبها الأيمن،
فشقّ صفحة سنامها، وسلّت الدَّم عنها.
وإنّما قلنا: إنّه أحرم قارناً. لبضعة وعشرين حديثاً صريحة صحيحة
في ذلك، ولبّد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ رأسه بالغسل
هو بالمعجمة: وهو ما يغسل به الرّأس من خطمي ونحوه يلبد
به الشّعر حتى لا ينتشر، وأهلّ في مصلاّه، ثم ركب ناقته،
فأهلّ أيضاً، ثم أهلَّ أيضاً لما استقلّت به على البيداء،

وقول ابن حزم: إنّ ذلك قبل الظهر بيسير وهم منه، والمحفوظ أنّه
إنّما أهلّ بعد الظّهر، ولم يقل أحد قط: إنّ إحرامه كان قبل
الظّهر.
فلا أدري من أين له هذا.
ثُمّ لبّى، فقال: "لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك،
إنّ الحمد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك".
ورفع صوته بهذه التّلبية حتى سمعها أصحابه، وأمرهم بأمر الله
له أن يرفعوا أصواتهم بالتّلبية.
وكان حجّه على رحلٍ لا محملٍ وزاملته تحته، وقد اختلف في
جواز ركوب المحرم في المحمل والعمارية ونحوهما.

وخيّرهم ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ عند الإحرام بين الأنساك
الثّلاثة، ثم ندبهم عند دنوهم من مكّة إلى فسخ الحجّ والقران
إلى العمرة لِمَن لم يكن معه هدي، ثم حتم ذلك عليهم عند
المروة.
وولدت أسماء بنت عميس محمّد بن أبي بكر، فأمرها أن
تغتسل، وتستثفر بثوبٍ وتحرم وتهلَّ.
ففيه جواز غسل المحرم، وأنّ الحائض تغتسل، وأنّ الإحرام
يصحّ من الحائض.
ثم سار رسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وهو يُلَبّي بتلبيته
المذكورة، والنّاس معه يزيدون فيها وينقصون، وهو يقرّهم.
فلمّا كان بالرّوحاء، رأى حمار وحش عقيراً قال: "دعوه، فإنّه
يوشك أن يأتي صاحبه". فجاء صاحبه، فقال: "شأنكم به" ، فأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أبا بكرٍ، فقسمه بين الرّفاق.
ففيه جواز أكل المحرم صيد الحلال إذا لم يصد لأجله.
ويدلّ على أنّ الصّيد يُملك بالإثبات.
ثم مضى حتى إذا كان بين الرّويثَةِ والْعَرْج إذا ظبي حاقف في
ظلٍّ فيه سهم، فأمر رجلاً أن يقف عنده لا يريبه أحد، والفرق
بينه وبين الحمار أنّه لم يعلم أنّ الذي صاده حلال.
ثم سار حتى إذا نزل بالْعَرْج وكانت زاملتُه وزاملة أبي بكرٍ واحدة
مع غلامٍ لأبي بكرٍ، فطلع الغلام وليس معه البعير، فقال:
أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة. فقال أبو بكرٍ: بعيراً واحداً
وتُضله! فطفق يضربه ورسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم
ـ يبتسم، ويقول: "انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع" .

ثم مضى حتى إذا كان بالأبواء، أهدى له الصّعب بن جثامة
عَجُز حمار وحشٍ، فردّه، وقال: "إنّا لم نردّه عليك إلاّ أنّا حُرم ".
فلّما مَرَّ بوادي عُسفان قال: "يا أبا بكرٍ أيّ وادٍ هذا؟". قال:
وادي عُسفان. قال: "لقد مَرَّ به هود وصالح على بكرين
أحمرين خُطُهما اللّيف، وأزرهما العَباء، وأرديتهما النّمار يلبُّون
يحجّون البيت العتيق" . ذكره أحمد.
فلما كان بسَرف حاضت عائشة، وقال لأصحابه بسَرف:
"مَن لم يكن معه هدي، فَأَحَبَّ أن يجعلها عمرة، فليفعل،
ومَن كان معه هدي فلا". وهذه رتبة أخرى فوق رتبة التّخيير
عند الميقات، فلمّا كان بمكّة أمر أمراً حتماً مَن لا هدي معه أن يجعلها عمرة، ويحلّ من إحرامه، ومَن معه هدي أن يقيم على إحرامه،
ولم ينسخ ذلك شيء البتّة، بل سأله سراقة بن مالك
عن هذه العمرة التي
أمرهم بالفسخ إليها: هل هي لعامهم
ذلك أم للأبد؟ فقال: "بل للأبد" ، قال: ثم نهض رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ إلى أن نزل بذي طُوى وهي المعروفة
بآبار الزّاهر، فبات بها ليلة الأحد لأربعٍ خلون من ذي الحجّة،
وصلّى بها الصّبح، ثم اغتسل من يومه، ونهض إلى مكّة،
فدخلها نهاراً من أعلاها من الثّنية العليا التي تشرف على
الحجون، وكان في العمرة يدخلها من أسفلها، ثم سار حتى
دخل المسجد، وذلك ضحىً.
وذكر الطّبري أنّه دخل من باب بني عبد مناف الذي يُسمّى
باب بني شيبة، وذكر أحمد أنّه كان إذا دخل مكاناً من دار
يعلى استقبل البيت، ودعا، وذكر الطّبري أنّه كان إذا نظر
إلى البيت قال: "اللهم زدْ هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابةً".

وروي عنه أنّه كان عند رؤيته يرفع يديه، ويكبّر، ويقول:
"اللهم أنتَ السّلام، ومنك السّلام، حيّنا ربّنا بالسّلام،
اللهم زدْ هذا البيت تشريفاً وتعظيماً، وتكريماً ومهابةً، وزدْ مَن
حجّه أو اعتمره تكريماً وتشريفاً وتعظيماً وبرّاً". وهو مرسل.
فلمّا دخل المسجد، عمد إلى البيت، ولم يركع تحيّة المسجد،
فإنّ تحية المسجد الحرام الطّواف، فلمّا حاذى الحجر، استلمه،
ولم يزاحم عليه، ولم يتقدّم عنه إلى جهة الرّكن اليماني، ولم
يرفع يديه، ولم يقل: نويتُ بطوافي هذا الأسبوع كذا وكذا،
ولا افتتحه بالتّكبير، ولا حاذى الحجر بجميع بدنه، ثم انفتلَ عنه
وجعله على شقّه الأيمن، بل استقبله واستلمه، ثم أخذ على يمينه، ولم يدع عند الباب، ولا تحت الميزاب، ولا عند ظهر
الكعبة وأركانها، ولا وقّت للطّواف ذكراً معيّناً، بل حفظ عنه بين الرّكنين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، .
ورَمَلَ في طوافه هذه الثّلاثة الأشواط، وقاربَ بين خُطاه،
واضطبعَ بردائه، فجعله على أحد كتفيه، وأبدى كتفه الآخر
ومنكبه، وكلّما حاذى الحجر الأسود أشار إليه، واستلمه
بِمِحْجَنه وقبّل المحجن، وهو عصاً محنية الرّأس.

وثبت عنه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنّه استلم الرّكن اليماني،
ولم يثبت عنه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنّه قبّله، ولا قبّل يده
عند استلامه، وثبتَ عنه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنّه قبّل
الحجر الأسود، وثبت عنه أنّه استلمه بيده، فوضع يده عليه،
ثم قبّلها، وثبت عنه أنّه استلمه بمحجنه، فهذه ثلاث

صفات. وذكر الطّبري بإسنادٍ جيّدٍ أنّه إذا استلم الرّكن قال:
"بسم الله والله أكبر" ، وكلّما أتى على الحجر الأسود قال:
"الله أكبر" ، ولم يستلم ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ، ولم يمسّ
من الأركان إلاّ اليمانيين فقط.
فلمّا فرغ من طوافه جاء إلى خلف المقام، فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ
مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى} ، ، فركع ركعتين، والمقام بينه وبين البيت،

وقراءته الآية بيان منه المراد منها لله بفعله.
فلمّا فرغ من صلاته أقبل على الحجر، فاستلمه، ثم خرج إلى
الصّفا من الباب الذي يقابله، فلمّا دنى منه قرأ: {إِنَّ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ، ، "أبدأ بما
بدأ الله به".
وللنّسائي: "ابْدؤوا" على الأمر.
ثم رقى عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحّد الله
وكبّره، وقال: "لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملكُ
وله الحمدُ، وهو على كلّ شيء قدير، لا إله إلاّ الله وحده
، أنجزَ وعده، ونصر عبدهُ، وهزم الأحزاب وحده" ، ثم دعا بين
ذلك قال مثل هذا ثلاث مرّات، ثم نزل إلى المروة يمشي،
فلمّا انصبّتْ قدماه سعى حتى إذا جاوز الوادي وأصعد،
مشى، وذلك قبل الميلين الأخضرين في أوّل المسعى،
والظّاهر أنّ الوادي لم يتغيّر عن وضعه.
فكان ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إذا وَصَلَ المروة رقى عليها،
واستقبل البيت، وكبّر الله ووحّده، وفعل كما فعل على الصّفا.
فلمّا أكمل سعيه عند المروة، أَمَرَ كّل مَن لا هدي معه أن
يحلّ حتماً، وأمرهم أن يحلّوا الحلّ كلّهن وأن يبقوا كذلك إلى
يوم التّروية، ولم يحلّ من أجل هديه.

وهناك قال: "لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لما سقتُ
الهديَ، ولَجَعَلْتُها عمرة".
وهناك دعا للمحلّقين بالمغفرة ثلاثاً، وللمقصّرين مرّة.
وأمّا نساؤه فأحللن، وكن قارنات إلاّ عائشة، فإنّها لم تحلّ من
أجل تعذر الحلّ بالحيض، وأمر مَن أهلّ كإهلاله أن يقيم على
إحرامه إن كان معه هدي، وأن يحلّ إن لن يكن معه هدي.
وكان يصلّي مدّة مقامه إلى يوم التّروية بمنْزله بالمسلمين
بظاهر مكّة، فأقام أربعة أيام يقصر الصّلاة، فلمّا كان يوم
الخميس ضحى توجّه بِمَن معه من المسلمين إلى منى،
فأحرم بالحجّ مَن كان أحلّ منهم من رحالهم، ولم يدخلوا إلى المسجد، بل أحرموا ومكّة خلف ظهرهم.
فلمّا وصل إلى منى نزل وصلّى بها الظّهر والعصر وبات بها،
فلمّا طلعت الشّمس، سار إلى عرفة، وأخذ على طريق
ضبّ على يمين طريق النّاس اليوم، وكان من الصّحابة الملبِّي، ومنهم المكبِّر، وهو يسمع ولا ينكر، فوجد القبّة قد ضربت
له بنمرة بأمره، وهي قرية شرقي عرفات، وهي خراب اليوم،
فنَزل فيها حتى إذا زالت الشّمس أمر بناقته القصواء فرحلت،
ثم سار حتى أتى بطن الوادي من أرض عُرَنَة.
فخطب النّاس وهو على راحلته خطبةً عظيمةً، قرّر فيها
قواعد الإسلام، وهدم فيها قواعد الشّرك والجاهلية، وقرّر
فيها تحريم المحرّمات التي اتّفقت الملل على تحريمها وهي
الدّماء والأموال والأعراض، ووضع فيها أمور الجاهلية تحت
قدميه، ووضع فيها ربا الجاهلية كلّه وأبطله.
وأوصاهم بالنّساء خيراً وذكر الحقّ الذي لهنّ وعليهن،
وأنّ الواجب لهم الزّرق، والكسوة بالمعروف، ولم يقدر ذلك
تقديراً، وأباح للأزواج

ضربهن إذا أدخلن إلى بيوتهن مَن يكرهه أزواجهن.
وأوصى فيها الأمّة بالاعتصام بكتاب الله، وأخبر أنّهم لن يضلّوا
ما داموا معتصمين به، ثم أخبرهم أنّهم مسؤولون عنه،
واستنطقهم بماذا يقولون، وبماذا يشهدون؟ فقالوا: نشهد
إنّك قد بلّغتَ وأدّيتَ ونصحتَ. فرفع إصبعه إلى السّماء،
واستشهد الله عليهم ثلاث مرّاتٍ، وأمرهم أن يبلغ شاهدهم
غائبهم وخطب خطبةً واحدةً ولم تكن خطبتين جلس بينهما.
فلمّا أتمّها، أمر بلالاً فأذّن، ثم أقام، فصلّى الظّهر ركعتين أسرّ
فيهما القراءة وكان يوم الجمعة، فدلّ على أنّ المسافر
لا يصلّي الجمعة، ثم أقام، فصلّى العصر ركعتين أيضاً، ومعه
أهل مكّة، فصلّوا بصلاته قصراً وجمعاً، وفيه أوضح دليل على
أنّ سفر القصر لا يتحدّد بمسافةٍ معلومةٍ.


فلمّا فرغ من صلاته، ركب حتى أتى الموقف، فوقف في
ذيل الجبل عند الصّخرات، واستقبل القبلة، وجعل حبل
المشاة بين يديه، وكان على بعيره، فأخذ في الدّعاء
والتّضرّع والابتهال إلى غروب الشّمس، وأمر النّاس أن
يرفعوا عن بطن عُرَنَةَ، وأخبر أنّ "عرفة كلّها موقف" ، وأرسل
إلى النّاس أن يكونوا على مشاعرهم، ويقفوا بها، فإنّها من
إرث أبيهم إبرهيم، وكان في دعائه رافعاً يديه إلى صدره،
كاستطعام المسكين، وأخبرهم: "أنّ خير الدّعاء يوم عرفة".


وهنا أنْزلت عليه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ
نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} ، .
وهناك سقط رجل عن راحلته، فمات فأمرَ رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ أن يكفن في ثوبيه، ولا يمس بطيبٍ،
وأن يغسل بماءٍ وسدرٍ، ولا يغطى رأسه ولا وجهه،
وأخبر أنّ الله تعالى يبعثه يوم القيامة يلبِّي.

<<
منع المحرم من تغطية وجهه. وبإباحته، قال ستة من الصّحابة، واحتج المبيحون
بأقوال هؤلاء، وأجابوا عن قوله: "لا تخمّروا وجهه" بأنّ هذه اللّفظة غير محفوظة.>>


فلما غربت الشّمس واستحكم غروبها بحيث ذهبت الصّفرة،
أفاض من عرفة، وأردف أُسامة بن زيد خلفَهُ، وأفاض بالسّكينة
وضمّ إليه زمام ناقته حتى إنّ رأسها ليضرب طرف رحله،
وهو يقول: " أيّها النّاس عليكم السّكينة، فإنّ البرّ ليس
بالإيضاع". أي: بالإسراع.
وأفاض من طريق المأزمَيْنِ، ودخلَ عرفة من طريق ضبّ،
وهكذا

كانت عادته ـ صلوات الله وسلامُهُ عليه ـ في الأعياد أن
يخالف الطّريق، ثم جعل يسير العَنَق وهو ضرب من المسير
ليس بالسّريع ولا البطيء فإذا وجد فجوة ـ وهو المتسع
ـ نصّ سيره، أي: رفعه فوق ذلك، وكلما أتى ربوة من الرّبى
أرخى للنّاقة زمامها قليلاً حتى تصعد.
وكان يلبِّي في مسيره ذلك لا يقطع التّلبية، فلمّا كان في أثناء الطّريق نزل، فبال وتوضّأ وضوءاً خفيفاً، فقال له أسامة: الصّلاة
يا رسول الله. قال: "المصلّى أمامك ".
ثم سار حتى أتى مزدلفة فتوضأ وضوء الصّلاة، ثم أمرَ بالأذان،
فأذن المؤذّن، ثم أقام، فصلّى المغرب قبل حطّ الرّحال،
وتبريك الجمال، فلمّا حطّوا رحالهم أمرَ، فأقيمت الصّلاة،
ثم صلّى العشاء بإقامةٍ بلا أذانٍ، ولم يصلّ بينهما شيئاً، ثم
نام حتى أصبح.
ولم يحي تلك اللّيلة، ولا صحّ عنه في إحياء ليلتي العيدين
شيء، وأذن في تلك اللّيلة لضعفة أهله أن يتقدموا إلى منى
قبل طلوع الفجر، وكان عند غيبوبة القمر، وأمرهم أن لا يرموا
الجمرة حتى تطلع الشّمس.
وأمّا الحديث الذي فيه أنّ أمّ سلمة رمت قبل الفجر، فحديث
منكر أنكره أحمد وغيره، ثم ذكر حديث سَوْدة، وأحاديث غيره،
ثم قال:
"ثُمَّ تأملنا فإذا أنّه لا تعارض بين هذه الأحاديث، فإنّه أمَر الصّبيان
أن لا يرمُوا الجمرة حتى تطلع الشّمس، فإنّه لا عذر لهم في
تقديم الرّمي، أمّا من قدمه من النّساء: فرمين قبل طلوع
الشّمس للعُذر، والخوف عليهن من المزاحمة، وهذا الذي
دلّت عليه السّنة: جواز الرّمي قبل طلوع الشّمس لعذرٍ من
مرضٍ أو كبرٍ، وأمّا القادر الصّحيح فلا يجوز له ذلك. والذي دلّت
عليه السّنة إنّما هو التّعجيل بعد غيبوبة القمر لا نصف اللّيل،
وليس مع مَن حدّه بالنّصف دليل".

فلمّا طلع الفجر صلاّها في أوّل الوقت ـ لا قبله قطعاً ـ
بأذانٍ وإقامةٍ،ثم ركب حتى أتى موقفه عند المشعر الحرام،
فاستقبل القبلة، وأخذ في الدّعاء والتّضرّع والتّكبير والتّهليل
والذّكر حتى أسفر جدّاً، ووقف ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
في موقفه، وأعلم النّاس أنّ مزدلفة كلّها موقف، ثم سار مردفاً للفضل وهو يلبِّي في مسيره، وانطلق أُسامة على رجليه
في سُبّاقِ قريش.
وفي طريقه ذلك أمر ابن عبّاس أن يلقط له حصى الجمار
سبع حصيات، ولم يكسّرها من الجبل تلك اللّيلة، كما يفعله
مَن لا علم عنده، ولا التقطها باللّيل، فالتقط له سبعاً من
حصى الخذف، فجعل ينفضهن في كفّه، ويقول: "أمثال هؤلاء
فارموا، وإيّاكم والغلوّ في الدّين، فإنّما أهلك مَن كان قبلكم
الغلوّ في الدّين". فلمّا أتى بطن محسِّر حرّك ناقته وأسرع
السّير، وهذه كانت عادته في المواضع التي نزل بها بأس
الله بأعدائه، فإنّ هناك أصاب أصحاب الفيل ما قصّ الله،
ولذلك سُمِّي وادي محسِّر؛ لأنّ الفيل حسّر فيه، أي:
أعيي وانقطع عن الذّهاب إلى مكّة.
وكذلك فعل في سلوكه الْحجر. ومحسّر: برزخ بين منى
ومزدلفة، لا من هذه، ولا من هذه، وعُرَنة: برزخ بين
عرفة
والمشعر الحرام فبين كلّ مشعرين برزخ ليس مهما، فمنى
من الحرم وهي مشعر، ومحسّر من الحرم، وليس بمشعرٍ، ومزدلفة: حرم ومشعر، وعُرَنَة
ليست مشعراً، وهي من الحلّ، وعرفة: حلّ ومشعر.

وسلك الطّريق الوسطي بين الطّريقين وهي التي تخرج
على الجمرة الكبرى حتى أتى منى، فأتى جمرة العقبة،
فوقف في أسفل الوادي، وجعل البيت عن يساره، ومنى
عن يمينه، واستقبل الجمرة وهو على راحلته، فرماها راكباً
بعد طلوع الشّمس واحدةً بعد واحدةٍ، يكبّر مع كلّ حصاةٍ
وحينئذٍ قطع التّلبية وبلال وأُسامة معه أحدهما آخذ بخطام
ناقته، والآخر يظلّه بثوبه من الحرّ.
وفيه جواز استظلال المحرم بالمحمل ونحوه.




الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Jun 2012, 12:56 AM [ 25 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


رد: الفصول في سيرة الرسول


فصل
ثم رجع إلى منى، فخطب خطبةً بليغةً أعلمهم فيها بحرمة
يوم النّحر وتحريمه وفضله، وحرمة مكّة على جميع البلاد،
وأمر بالسّمع والطّاعة لِمَن قادهم بكتاب الله، وأمر النّاس بأخذ مناسكهم عنه، وقال: "لعلّي لا أحجّ بعد عامي هذا" ، وعلّمهم مناسكهم، وأنزل المهاجرين
والأنصار منازلهم، وأمر النّاس أن لا يرجعوا بعده كفاراً يضرب بعضهم رقاب بعضٍ، وأمر بالتّبليغ عنه،
وأخبر أنّه "رُبَّ مُبَلَّغٍ أوعى من سامعٍ" ، وقال في خطبته:
"لا يجني جانٍ إلا على نفسه". وأنزل المهاجرين عن يمين
القبلة، والأنصار عن يسارها، والنّاس حولهم، وفتح الله له
أسماع النّاس حتى سمعه أهل منى في منازلهم، وقال في
خطبته تلك: "أعبدوا ربّكم، وصلّوا خمسكم، وصوموا شهركم،
وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربّكم" . وودع حينئذٍ النّاس،
فقالوا: حجة الوداع.
ثم انصرف إلى المنحر بمنى، فنحر ثلاثاً وستين بدنة بيده وكان ينحرها قائمة معقولة يدها اليسرى، وكان عددها عدد سني
عمره، ثم أمسك، وأمر عليّاً أن ينحر ما بقي من المائة، ثم
أمره أن يتصدّق بجلالها وجلودها ولحومها في المساكين، وأمره
أن لا يعطي الجزار في جزارتها شيئاً منها، وقال: " نحن
نعطيه من عندنا" ، وقال: "مَن شاء اقتطع".
فإن قيل ففي (الصّحيحين) عن أنس في حجّته: ونحر ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ بيده سبع بُدُن قياماً؟

قيل: يخرج على أحد وجوه ثلاثة:

أحدها: أنّه لم ينحر بيده أكثر من سبع بُدُنٍ، وأنّه أمر مَن نحر
إلى تمام ثلاث وستّين، ثم زال عن ذلك المكان وأمر عليّاً، فنحر
ما بقي.
الثّاني: أن يكون أنس لم يشاهد إلاّ السّبع، وشاهد جابر تمام
النّحر.
الثّالث: أنّه نحر بيده منفرداً سبعاً، ثم أخذ هو وعليّ الحربة معاً
فنحرا كذلك تمام ثلاث وستّين، كما قال غُرْفَة بن الحارث
الكندي1: أنّه شاهد النّبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يومئذٍ
قد أخذ بأعلى الحربة، وأمر عليّاً فأخذ بأسفلها، ونحرا بها البُدْن،
ثم انفرد عليّ بنحر الباقي من المائة. والله أعلم.
ولم ينقل أحد أنّه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ، ولا أصحابه جمعوا
بين الهدي والأضحية، بل كان هديهم هو ضحاياهم، فهو هدي بمنى، وأضحية بغيرها،

ونحر ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بمنحره بمنى، وأعلمهم أنّ "منى
كلّها منحر "، وأن "فجاج مكّة طريق ومنحر".
وفيه دليل على أنّ النّحر لا يختصّ بمنى، بل حيث نحر من فجاج
مكّة أجزأه، لقوله: "وقفت ها هنا وعرفة كلّها موقف" .
وسئل أن يُبْنَى له بمنى مظلّة من الحرّ، فقال: "لا. مِنى مناخ
مَن سبق".
وفيه دليل على اشتراك المسلمين فيها، وأنّ مَن سبق إلى
مكانٍ، فهو أحقّ به حتى يرتحل عنه، ولا يملك بذلك.
فلمّا أكمل نحره، استدعى بالحلاق، فحلق رأسه، وقال: "يا معمر أمكنك رسول الله من شحمة أذنه، وفي يدك الموسى" . فقال:
أمّا والله يا رسول الله إنّ ذلك لمن نعمة الله عليَّ ومنّه. قال:
"أجل". ذكره أحمد. وقال له: "خذ". وأشار إلى جانبه الأيمن،
ثم قسمه بين مَن يليه، ثم أشار إليه، فحلق الأيسر، ثم قال:
"ها هنا أبو طلحة؟ " فدفعه إليه.
ودعا للمحلّين بالمغفرة ثلاثاً، وللمقصّرين مرّة، وهو دليل على
أنّ الحلق نسكٌ ليس بإطلاق من محظور.


فصل
ثم أفاض إلى مكّة قبل الظّهر راكباً، فطاف طواف الإفاضة، ولم
يطف غيره، ولم يسع معه، هذا هو الصّواب، ولم يرمل فيه،
ولا في طواف الوداع، وإنّما رمل في طواف القدوم.
ثم أتى زمزم وهم يسقون، فقال: "لولا أن يغلبكم النّاس لنَزلت فسقيت معكم" ، ثم ناولوه الدلوّ، فشرب

وفي (الصّحيح) عن ابن عبّاس: طاف رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ في حجّة الوداع على بعيرٍ يستلم الرّكن بمحجن،
وفيه مثله من حديث جابر، وفيه: لأن يراه النّاس، وليشرف، وليسألوه، فإنّ النّاس غشوه. وهذا ليس بطواف الوداع، فإنّه
طافه ليلاً، ولا طواف القدوم، فإنّه رمل فيه، ولم يقل أحد:
رملت به راحلته، ثم رجع إلى منى.
واختلف هل صلّى الظّهر بها أو بمكّة؟وطافت عائشة في ذلك
اليوم طوافاً واحداً، وسعت سعياً واحداً أجزأها عن حجّها
وعمرتها.
وطافت صفية ذلك اليوم، ثم حاضت فأجزأها ذلك عن طواف
الوداع، فاستقرّت سنته ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إذا حاضت
المرأة قبل الطّواف أن تقرن وتكتفي بطوافٍ واحدٍ، وسعيٍ واحدٍ،
وإن حاضت بعد طواف الإفاضة أجزأها عن طواف الوداع.
ثم رجع إلى منى من يومه ذلك فبات بها، فلمّا أصبح انتظر زوال الشّمس، فلمّا زالت مشى إلى الجمرة ولم يركب فبدأ بالجمرة الأولى التي
تلي مسجد الخيف، فرماها بسبع حصياتٍ واحدة
بعد واحدةٍ يقول مع كلّ حصاةٍ: الله أكبر، ثم تقدّم عن الجمرة
أمامها حتى أسهل فقام مستقبل القبلة، ثم رفع يديه، ودعا
دعاءً طويلاً بقدر سورة البقرة، ثم أتى الوسطى، فرماها كذلك.

ثم انحدر ذات اليسار مما يلي الوادي، فوقف مستقبل القبلة
رافعاً يديه يدعو قريباً من وقوفه الأوّل، ثم أتى جمرة العقبة، فاستبطن الوادي وجعل البيت عن يساره، فرماها بسبع حصيات كذلك، ثم رجع، ولم يقف عندها.
فقيل: لضيق المكان، وقيل: ـ وهو أصّح ـ إنّ دعاءه كان في
نفس العبادة، فلمّا رماها، فرغ الرّمي، والدّعاء في صلب العبادة أفضل.
ولم يزل في نفسي هل كان يرمي قبل الصّلاة أو بعدها، والذي
يغلب على الظّنّ أنّه قبلها؛ لأنّ جابراً وغيره قالوا: كان يرمي
إذا زالت الشّمس.


فصل
فقد تضمنت حجته ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ستّ وقفاتٍ
للدّعاء: على الصّفا، وعلى المروة، وبعرفة، وبمزدلفة،
وعند الجمرة الأولى، وعند الجمرة الثّانية.
وخطب بمنى خطبتين، يوم النّحر وتقدمت، والثّانية في أوسط
أيام التّشريق، واستأذنه العبّاس أن يبيت بمكّة ليالي منى
من أجل سقايته، فأذن له، واستأذنه رعاء الإبل في البيتوتة
خارج منى عند الإبل، فأرخص لهم أن يرموا يوم النّحر، ثم
يجمعوا رمي يومين بعده يرمونه في أحدهما.
قال مالك: "ظننتُ أنّه قال: في أوّل يومٍ منهما، ثم يرمون يوم
النّفر".
وقال ابن عيينة في هذا الحديث: "رخص للرّعاء أن يرموا يوماً،
ويَدَعُوا يوماً، فيجوز للطّائفتين بالسّنة ترك المبيت بمنى".
وأمّا الرّمي، فإنّهم لا يتركونه، بل لهم أن يؤخرّوه إلى اللّيل،
ولهم أن يجمعوا رمي يومين في يومٍ.
ومَن له مالٌ يخاف ضياعه، أو مريض يخاف من تخلفه عنه،
أو كان مريضاً لا يمكنه البيتوتة، سقطت عنه بتنبيه النّصّ على
هؤلاء.
ولم يتعجل في يومين، بل تأخّر حتى أكمل الرّمي في الأيام
الثّلاثة، وأفاض يوم الثّلاثاء بعد الظّهر إلى المحصب، وهو الأبطح،
وهو
خيف بني كنانة، فوجد أبا رافعٍ قد ضرب قبّته هناك، وكان
على ثقله توفيقاً من الله ـ عزّ وجلّ ـ دون أن يأمره به رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ، فصلّى به الظّهر والعصر، والمغرب
والعشاء، ورقد رقدةً، ثم نهض إلى مكّة، فطاف للوّداع ليلاً سحراً.


فصل
ويرى كثير من النّاس أنّ دخول البيت من سنن الحجّ
، اقتداءً بالنَّبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ، والذي تدلّ عليه
سنته أنّه لم يدخله في حجّته، ولا في عمرته، وإنّما دخله
عام الفتح، وكذلك الوقوف في الملتزم الذي روي عنه أنّه
فعله يوم الفتح.
وأمّا ما رواه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه،
عن جدّه أنّه وضع صدره ووجهه وذراعيه وكفّيه وبسطهما، وقال: هكذا رأيت رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يفعله. فهذا
يحتمل أن يكون وقت الوداع، وأن يكون في غيره، ولكن قال
مجاهد وغيره: يستحب أن يقف في الملتزم بعد طواف الوداع،
وكان ابن عبّاس يلتزم ما بين الرّكن والباب.
وفي (صحيح البخاري) أنّه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لما أراد
الخروج، ولم تكن أمّ سلمة طافت بالبيت وهي شاكية، وأرادت الخروج، فقال لها: "إذا أقيمت صلاة الصّبح،
فطوفي على بعيرك والنّاس يصلّون". ففعلت ولم تصلّ حتى خرجت، وهذا محال
أن يكون يوم النّحر، فهو طواف الوداع بلا ريب، فظهر أنّه صلّى
الصّبح يومئذٍ بمكّة، وسمعته أمّ سلمة يقرأ بـ: (الطّور) ثم ارتحل راجعاً إلى المدينة.
فلمّا كان بالرّوحاء لقي رَكْباً، فسلّم عليهم، وقال : "مَن القوم؟ "، فقالوا: المسلمون. قالوا: فمَن القوم؟ فقال: "رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ"، فرفعت إليه امرأة صبيّاً لها من محفةٍ، فقالت: يا رسول الله ألهذا حجٌّ؟ قال: "نعم، ولك أجر".
فلَمّا أتى ذا الحليفة، بات بها، فلمّا رأى المدينة كبّر ثلاث مرّات،
وقال: "لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد،
وهو على كلّ شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون، لربّنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".
ثم دخلها نهاراً من طريق المعرس وخرج من طريق الشّجرة.




الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Jun 2012, 12:59 AM [ 26 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


رد: الفصول في سيرة الرسول


فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الهدايا والضحايا والعقيفة
...
فصل: في هديه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في الهدايا والضّحايا
والعقيقة
وهي مختصة بالأزواج الثّمانية المذكورة في (سورة الأنعام)، وهذا
مأخوذ من القرآن من أربع آيات: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} ،
.
الثّانية: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} ،
.
الثّالثة: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً} ، ، الآية،
والتي تليها.
الرّابعة: قوله: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} ، .
فدلّ على أنّ الذي يبلغ الكعبة من الهدي هو هذه الأزواج الثّمانية، وهذا
استنباط علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه

والذّبائح التي هي عبادة ثلاث: الهدي والأضحية والعقيقة، فأهدى ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ الغنم، وأهدى الإبل، وأهدى عن نسائه البقر
والهدي في مقامه، وفي حجّته، وفي عمرته، وكانت سنته تقليد الغنم
دون إشعارها، وإذا بعث بهديه وهو مقيم، لم يحرم منه شيئاً كان منه حلالاً،
وإذا أهدى الإبل قلّدها وأشعرها، فيشق صفحة سنامها الأيمن يسيراً حتى
يسيل الدّمّ، وإذا بعث بهدي أمر رسوله إذا أشرف على عطب شيء منه أن ينحر،
ثم يضع نعله في دمه، ثم يجعله على حد صفحته ولا يأكل منه، ولا أحد من
رفقته، ثم يقسم لحمه، ومنعه من هذا الأكل سدّاً للذّريعة لئلا يقصر في حفظه.
وشرك بين أصحابه في الهدي البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، وأباح
لسائق الهدي ركوبه بالمعروف إذا احتاج حتى يجد غيره، وقال عليّ:
يشرب من لبنها ما فضل عن ولدها.
وكان هديه نحر الإبل قياماً معقولة يدها اليسرى، وكان يسمّي الله عند نحره
ويكبّر، وكان يذبح نسكه بيده وربّما وكّل في بعضه، وكان إذا ذبح الغنم،
وضع قدميه على صفاحها، ثم سمّى وكبّر ونحر، وأباح لأمّته أن يأكلوا من
هداياهم وضحاياهم، ويتزودوا منها، ونهاهم أن يدّخروا منها بعد ثلاثٍ لدافةٍ
دفت عليهم ذلك العام،
وربّما قسم لحم الهدي، وربّما قال: "مَن شاء اقتطع ". واستدلوا به على جواز النّهبة في النّثار في
العرس ونحوه، وفرّق بينهما بما
لا يتبيّن، وكان من هديه ذبح هدي العمرة عند المروة، وهدي القران بمنى،
ولم ينحر هديه قطّ إلاّ بعد أن حلّ، ولم ينحره أيضاً إلاّ بعد طلوع الشّمس وبعد
الرّمي، فهذه أربعة أمور مرتّبة يوم النّحر أوّلها: الرّمي، ثم النّحر، ثم الحلق،
ثم الطّواف، ولم يرخص في النّحر قبل طلوع الشّمس البتّة.
فصل
وأمّا هديه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في الأضاحي، فإنّه لم يكن يدع الأضحية،
وكان يضحّي بكبشين ينحرهما بعد الصّلاة، وأخبر أنّ مَن ذبح قبلها، فليس
من النّسك في شيء، وإنّما هو لحم قدمه لأهله هذا الذي ندين الله به، لا
الاعتبار بوقت الصّلاة. وأمرهم أن يذبحوا الجذع من الضّأن، والثني مما سواه،
وروي عنه أنّه قال: "كلّ أيّام التّشريق ذبح ". ولكنه منقطع. وهو مذهب عطاء والحسن والشّافعي واختاره
ابن المنذر.
وكان من هديه اختيار الأضحية واستحسانها وسلامتها من العيوب،
وكان من هديه أن يضحّي في المصلّى، وذكر أبو داود عنه أنّه ذبح يوم النّحر
كبشين أقرنين أملحين موجوءين، فلمّا وجّههما قال


" {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
ـ ـ {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} ـ
ـ اللهم منك ولك عن محمّدٍ وأمّته، بسم الله والله أكبر". ثم ذبح.
وأمر النّاس إذا ذبحوا أن يحسنوا الذّبحة، وإذا قتلوا أن يحسنوا القتلة، وقال:
"إنّ الله كتب الإحسان على كلّ شيء".
ومن هديه أنّ الشّاة تجزئ عن الرّجل وعن أهل بيته.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Jun 2012, 01:02 AM [ 27 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


رد: الفصول في سيرة الرسول



فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في العقيقة


فصل:
في هديه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في العقيقة
في (الموطّأ) أنّه سئل عنها فقال: "لا أحبّ العقوق" ، كأنّه كره الاسم، وصحّ
عنه من حديث عائشة: "عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة". وقال: "كلّ غلامٍ
رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم السّابع، ويحلق رأسه ويسمّى". والرّهن في اللّغة:
الحبس، قيل: محبوساً عن الشّفاعة لأبويه، والظّاهر أنّه مرتهن في نفسه محبوس
من خيرٍ يراد به، ولا يلزم منه أن يعاقب في الآخرة.
وقد يفوت الولد خيرٌ بسبب تفريط الأبوين، كترك التّسمية عند الجماع، وذكر
أبو داود في (المراسيل) عن جعفر بن محمّد عن أبيه أنّ النَّبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم
ـ قال في عقيقة الحسن والحسين: "أن يبعثوا إلى بيت القابلة بِرِجْلٍ، وكلوا وأطعموا
ولا تكسروا منها عظماً".
قال الميموني: تذاكرنا لِكمْ يسمّى الصّبي؟ فقال أبو عبد الله: يروى عن أنس أنّه
يسمى لثلاثة، وأمّا سمرة، فقال: يسمّى اليوم السّابع.




الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Jun 2012, 01:05 AM [ 28 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


رد: الفصول في سيرة الرسول



فصل: في هديه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في الأسماء والكنى
ثبت عنه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنّه قال: "إنّ أخنع اسمٍ عند الله ـ عزّ وجلّ ـ
رجلٌ تسمّى ملك الأملاك، لا مالك إلاّ الله".
وثبت عنه: "إنّ أحبّ الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرّحمن، وأصدقها حارث وهمام،
وأقبحها حرب ومرّة ".
وثبت عنه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنّه قال: "لا تسمّين علامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً
ولا أفلح، فإنّك تقول: أَثَمَّ هو؟ فلا يكون، فيقول: لا".
وثبت عنه أنّه غيّر اسم عاصية، وقال: "أنتِ جميلة" ، وكان اسم جويرية برّة، فغيّره
باسم جويرية، وقالت زينب بنت أمّ سلمة: نهى رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
أن يسمّى بهذا الاسم، وقال: "لا تزكّوا أنفسكم الله أعلم بأهل البرّ منكم" .
وغيّر اسم أبي الحكم بأبي شريح، وغيّر اسم أصرم بزرعة، وغيّر اسم حزن جدّ ابن
المسيّب بسهل، فأبى، وقال: السّهل يُوطأ ويمتهن.
وقال أبود: وغيّر النَّبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان
والحكم وغراب وحُباب وشهاب، فسمّاه هشاماً، وسمّى


حرباً سلماً، وسمّى المضطجع المنبعِث، وأرضاً عَفْرة سمّاها خضرة وشِعب الضّلالة
سمّاه شعب الهدى، وبنو مغوية سمّاهم بني رِشدة.
ولما كانت الأسماء قوالب للمعاني دالّة عليها، اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها
ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنْزلة الأجنبي المحض، فإنّ الحكمة تأبى
ذلك، والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسمّيات، وللمسميّات تأثر عن
أسمائها في الحسن والقبح، والخفّة والثّقل، واللّطافة والكثافة، كما قيل:
وقلّ أن أبصرت عيناك ذا لقبٍ
...


إلاّ ومعناه إن فكرت في لقبه
وكان ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يحبّ الاسم الحسن، وأمر إذا أبردوا إليه بريداً أن يكون
حسن الاسم، حسن الوجه، وكان يأخذ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة،
كما رأى أنّه هو وأصحابه في دار عقبة بن رافع، فأتوا برطبٍ من رطب ابن طاب، فَأَوَّلَهُ
أنّ العاقبة لهم في الدّنيا، والرّفعة في الآخرة، وأنّ الدّين الذي اختاره الله لهم قد
أرطب وطاب.
وتأوّل سهولة الأمر يوم الحديبية من مجيء سهيل، وندب جماعة إلى حَلْبِ شاةٍ،
فقام رجلٌ يحلبها، فقال: "ما اسمك؟" ، قال: مرّة. فقال: "اجلس"، فقام آخر: فقال:
"ما اسمك؟ "، قال: أظنّه: حرب. قال: "اجلس" ، فقام آخر، فقال: "ما اسمك؟" ،
قال: يعيش، قال: "احلبها".
وكان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء، ويكره العبور فيها، كما مرّ بين جبلين، فسأل
اسمهما، فقالوا: فاضح ومخزي، فعدل عنهما.
ولما كان بين الأسماء والمسميّات من الارتباط والتّناسب والقرابة ما بين قوالب الأشياء وحقائقها،
وما بين الأرواح والأجسام، عَبَرَ العقل من كلّ منهما إلى الآخر،
كما كان إياس بن معاوية وغيره يرى الشّخص، فيقول: ينبغي أن يكون اسمه
كيت وكيت،
فلا يكاد يخطيء، وضد هذا العبور من اسمه إلى مسمّاه،

كما عبر النَّبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ عن اسم سهيل إلى سهولة أمرهم، وأمر
أمّته بتحسين أسمائهم، وأخبر أنّهم يدعون يوم القيامة بها، وتأمّل كيف اشتقّ للنَّبِيّ
ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من وصفه اسمان مطابقان لمعناه وهما: أحمد، ومحمّد،
فهو لكثرة ما فيه من الصّفات المحمودة وشرفها وفضلها على صفات غيره أحمد،
وكذلك تكنيته لأبي الحكم بأبي جهل، وكذلك تكنية الله ـ عزّل وجلّ ـ لعبد العزّى بأبي
لهبٍ لما كان مصيره إلى ذات لهبٍ، ولما قدم النَّبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ المدينة،
واسمها يثرب، سمّاها طيبة لما زال عنها من معنى التّثريب. ولما كان الاسم الحسن
يقتضي مسمّاه قال ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لبعض العرب: "يا بني عبد الله إنّ الله قد
أحسن اسمكم واسم أبيكم". فانظر كيف دعاهم إلى عبودية الله بذلك.
وتأمّل أسماء السّتة المتبارزين يوم بدر، فالوليد له بداية الضّعف، وشيبة له نهايته، وعتبة
من العتب، وأقرانهم علي وعبيدة والحارث، العلوّ والعبودية والسعي الذي هو الحرث،
ولذلك كان أحبّ الأسماء إلى الله

ما اقتضى أحبّ الأوصاف إليه، فإضافة العبودية إلى اسمه (الله) و(الرّحمن) أحبّ إليه من إضافتها إلى
(القادر) و(القاهر) وغيرهما، وهذا لأنّ التّعلّق الذي بين العبد وربّه إنّما هو
العبودية المحضة، والتّعلّق بين الله وبين العبد بالرّحمة المحضة، فبرحمته كان وجوده
وكماله، والغاية التي أوجده لأجلها أن يتألّهه وحده محبّةً وخوفاً ورجاءً. ولما كان كلّ عبدٍ
متحركاً بالإرادة، والهمّ مبدأ الإرادة، وترتّب على إرادته حرثه وكسبه، كان أصدق الأسماء
همام وحارث. ولما كان الملك الحقّ لله وحده، كان أخنع اسم عند الله، وأغضبه له اسم
(شاهان شاه"، أي: ملك الملوك، وسلطان السّلاطين، فإنّ ذلك ليس لأحدٍ غير الله ـ
عزّ وجلّ ـ فتسمية غيره بهذا باطلٌ، والله لا يحبّ الباطل. وقد ألحق بعضهم بهذا
قاضي القضاة، ويليه في القبح سيّد النّاس، لأنّ ذلك ليس لأحدٍ إلاّ لرسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ.
ولما كان مسمّى الحرب والمرارة أكره شيء للنّفوس، كان أقبح الأشياء حرباً ومرّةً.
وعلى قياسه حنظلة وحزن وما أشبههما. ولما كانت أخلاق الأنبياء أشرف الأخلاق،
كانت في أسمائهم أحسن الأسماء، فندب النَّبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أمّته إلى
التّسمِّي بأسمائهم، كما في سنن أبي داود والنّسائي عنه: "تسمّوا بأسماء الأنبياء"
، ولو لم يكن فيه إلاّ أنّ الاسم يذكر بمسمّاه، ويقتضي التّعلّق بمعناه، لكفى به مصلحةً.


وهذا كما أنّ من المدح يكون ذمّاً موجباً لسقوط الممدوح عند النّاس، فإنّه يمدح بما
ليس فيه، فتطالبه النّفوس بما مدح به، وتظنّه عنده، فلا تجده كذلك فينقلب ذمّاً،
ولو ترك لغير مدحٍ لم تحصل تلك المفسدة، وأمر آخر وهو اعتقاد المسمّى أنّه كذلك،
فيقع في تزكية نفسه كما نهى أن تسمّى برّة، فعلى هذا تكره التّسمية بالرّشيد والمطيع والطّائع وأمثال ذلك.
وأمّا تسمية الكفار بذلك، فلا يجوز التّمكين منه ولا دعاؤهم بشيء من ذلك.
وأمّا الكنية، فهي نوع تكريم، وكنى النَّبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ صهيباً بأبي يحيى،
وعليّاً بأبي ترابٍ، وكنى أخا أنس وهو صغير بأبي عمير، وكان هديه تكينة مَن له ولد،
ومَن لا ولد له، ولم يثبت عنه أنّه نهى عن كنيةٍ إلاّ الكنية بأبي القاسم، فاختلف فيه،
فقيل: لا يجوز مطلقاً، وقيل: لا يجوز الجمع بينها وبين اسمه، وفيه حديث صحّحه
التّرمذي،
وقيل

: يجوز الجمع بينهما، لحديث عليّ، إن ولد لي من بعدك ولد أسمّيه باسمك،
وأكنّيه بكنيتك؟ قال: "نعم". صحّحه التّرمذي، وقيل: المنع منه مختصّ بحياته.
والصّواب أنّ التّكنّي بكنيته ممنوع منه، والمنع في حياته أشدّ،
والجمع بينهما ممنوع منه، وحديث عليّ في صحّته نظر، والتّرمذي فيه
نوع تساهل في التّصحيح. وقد قال عليّ:
إنّها رخصة له. وهذا يدلّ على بقاء المنع لِمَن سواه. وحديث عائشة: "ما الذي أحلّ
اسمّي، وحرم كنيتي" غريب، لا يعارض بمثله الحديث الصّحيح.
وكره قومٌ من السّلف الكنية بأبي عيسى، وأجازه آخرون، فروى أبو داود عن زيد بن أسلم
أنّ عمر ضرب ابناً له تكنّى بأبي عيسى وأنّ المغيرة تكنّى بأبي عيسى، فقال عمر:
أما يكفيك أن تكنّي بأبي عبد الله؟ فقال: إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
كنّاني بذلك، فقال: إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قد غفر الله له ما تقدّم من
ذنبه وما تأخّر، وإنّا لفي جلجلتنا، فلم يزل يكنّي بأبي عبد الله حتى هلك.
ونهى عن تسمية العنب كرماً، وقال: "الكرم قلب المؤمن" ، وهذا لأنّ هذه اللّفظة تدلّ
على كثرة الخير والمنافع، وقال: "لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا وإنّها العشاء،
وإنّهم يسمّونها العتمة ". وقال: "لو يعلمون ما في العتمة والصّبح لأتوهما ولو حبواً ".
والصّواب أنّه لم ينهَ عن إطلاق هذا الاسم بالكلّيّة، وإنّما نهى عن أن يهجر اسم العشاء،
وهذا محافظة منه على الاسم الذي سمّى الله به العبادات، فلا تهجر
، ويؤثر عليها غيرها، كما فعله المتأخّرون ونشأ به من الفساد ما الله به عليم، وهذا
لمحافظته على تقديم ما قدّمه الله.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Jun 2012, 01:07 AM [ 29 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


رد: الفصول في سيرة الرسول


فصل في هديه صلى الله عليه في الذكر ,والتسميه وآداب الاكل والشرب

...

فصل:في هديه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في الذّكر

كان أكمل النّاس ذكراً لله ـ عزّ وجلّ ـ، بل كان كلامه كلّه في ذكر الله وما والاه،

وكان أمره ونهيه وتشريعه ذكراً منه لله، وإخباره عن أسماء الرّبّ وصفاته،

وأحكامه وأفعاله، ووعده ووعيده ذكراً منه له، وثناؤه عليه بآلائه وتمجيده

وتسبيحه وتحميده ذكراً منه له، وسكوته ذكراً منه له بقلبه، فكان ذكره لله

يجري مع أنفاسه قائماً وقاعداً، وعلى جنبه، وفي مشيه وركوبه وسيره

ونزوله، وظعْنِه وإقامته.

وكان إذا استيقظ قال: "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النّشور".

ثم ذكر أحاديث رويت فيما يقول إذا استيقظ، وإذا استفتح الصّلاة، وإذا
خرج من بيته، وإذا دخل المسجد، وما يقول في المساء والصّباح، وعند
لبس الثّوب، ودخول المنْزل، ودخول الخلاء، والوضوء والأذان، ورؤية الهلال،
والأكل، والعطاس.

فصل

ثبت عنه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنّه سنّ الأذان بترجيعٍ وغير ترجيعٍ، وشرع

الإقامة مثنى وفرادى، ولكن كلمة الإقامة: "قد قامت الصّلاة" لم يصحّ عنه

إفرادها البتّة، وكذلك الذي صحّ عنه تكرار لفظ التّكبير في أوّل الأذان، ولم يصحّ

عنه الاقتصار على مرّتين، وشرع لأمّته عند الأذان خمسة أنواع:

أحدها: أن يقولوا كما يقول المؤذّن إلاّ في الحيعلة، فأبدلها بـ: "لا حول ولا قوّة

إلاّ بالله"، ولم يجيء عنه الجمع بينهما، ولا الاقتصار على الحيعلة، وهذا

مقتضى الحكمة، فإنّ كلمات الأذان ذكر، وكلمة الحيعلة دعاء إلى الصّلاة،

فسّن للسّامع أن يستعين على هذه الدّعوة بكلمة الإعانة.

الثّاني: أن يقول: "رضيت بالله ربّاً، والإسلام ديناً، وبمحمّدٍ رسولاً"، وأخبر أنّ

مَن قال ذلك "غفر له ذنبه".

الثّالث: أن يصلّي على النَّبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بعد فراغه من إجابة

المؤذّن، وأكملها ما علّمه أمّته، وإن تحذلق المتحذلقون.

الرّابع: أن يقول بعد الصّلاة عليه: "اللهم ربّ هذه الدّعوة التّامّة، والصّلاة القائمة،
آتِ محمّداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً ".

الخامس: أن يدعوَ لنفسه بعد ذلك، وفي (السّنن) عنه: "الدّعاء لا يُرَدُّ بين

الأذان والإقامة"، قالوا: فما نقول يا رسول الله؟ قال: "سلوا الله العافية في

الدّنيا والآخرة". حديث صحيح.

وكان يكثر الدّعاء في عشر ذي الحجة، ويأمر فيه بالإكثار من التّهليل والتّكبير
والتّحميد، ويذكر عنه أنّه كان يكبّر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر
أيّام التّشريق، فيقول : "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، والله أكبر، الله أكبر،
ولله الحمد ". وهذا وإن كان لا يصحّ إسناده، فالعمل عليه، ولفظه هكذا بشفع
التّكبير، وأمّا كونه ثلاثاً، فإنّما روي عن جابر وابن عبّاس، مَن فعلهما ثلاثاً نسقاً
فقط، وكلاهما حسن، قال الشّافعي: وإن زاد، فقال: الله أكبر كبيراً، والحمد لله
كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. كان حسناً.




فصل

وكان إذا وضع يده في الطّعام قال: "بسم الله"، وأمر بذلك، ويقول إن نسي:

"بسم الله في أوّله وآخره" . حديث صحيح. والصّحيح وجوب التّسمية عند

الأكل، وتاركها شريكه الشّيطان في طعامه وشرابه، وأحاديث الأمر بها صحيحة صريحة، ولا معارض لها،

ولا إجماع يُسوِّغ مخالفتها.

وهل تزول مشاركة الشّيطان بتسمية أحد الجماعة؟

فنصّ الشّافعي على إجزاء تسمية الواحد، وقد يقال: لا ترتفع مشاركة الشّيطان
للآكل إلاّ بتسميته هو. وللتّرمذي وصحّحه عن عائشة: كان رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ يأكل طعاماً في ستة من أصحابه، فجاء أعرابي، فأكله بلقمتين، فقال رسول الله
ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ: "أمّا إنّه لو سمّى لكفاكم".
ومعلومٌ أنّه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ هو وأصحابه سمّوا

ويذكر عنه أنّه كان إذا شرب تنفس في الإناء ثلاثة أنفاس يحمد الله في

كلّ نفسٍ، ويشكره في آخرهن.

وما عاب طعاماً قطّ، بل إن كرهه تركه وسكت. وربّما قال: "أجدُني أعافه".

أي: لا أشتهيه.

وكان يمدح الطّعام أحياناً كقوله: "نعم الإدام الخل". لِمَن قال: ما عندنا إلاّ خل.

تطييباً لقلب مَن قدمه، لا تفضيلاً له على سائر الأنواع، وكان إذا قرب إليه

الطّعام وهو صائم قال: "إنّي صائم"، وأمر مَن قدّم إليه الطّعام وهو صائم

أن يصلّي، أي: يدعو لِمَن قدّمه، وإن كان مفطراً أن يأكل منه.

وإذا دعي إلى طعامٍ، وتبعه أحدٌ، أعلم به ربّ المنْزل، فقال: "إنّ هذا تبعنا،
فإن شئت أن تأذن له، وإن شئت رجع"، وكان يتحدث على طعامه، كما
قال لربيبه: "سمِّ الله، وكُلْ مِمّا يليك" . وربّما كان يكرّر على أضيافه عرض
الأكل عليهم مراراً كما يفعله أهل الكرم، كما في حديث أبي هريرة في اللّبن.
وكان إذا أكل عند قومٍ، لم يخرج حتى يدعو لهم. وذكر أبو داود عنه في قصة
أبي الهيثم: فأكلوا فلمّا فرغوا قال: "أثيبوا أخاكم". قالوا: يا رسول الله، وما
إثابته؟، قال: "إنّ الرّجل إذا دخل بيته، فأكل طعامه، وشرب شرابه فدعوا له،
فذلك إثابته".

وصحّ عنه أنّه دخل منْزله ليلة، فالتمس طعاماً، فلم يجده فقال: "اللهم أطعم

مَن أطعمني، واسق مَن سقاني".

وكان يدعو لِمَن يضيّف المساكين، ويثني عليهم، وكان لا يأنف من مؤاكلة أحدٍ
صغيرٍ كان أو كبيراً، حرّاً أو عبداً، ويأمر بالأكل باليمنى، وينهى عن الشّمال،
ويقول: "إنّ الشّيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله". ومقتضاه تحريم الأكل
بها، وهو الصّحيح


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Jun 2012, 01:09 AM [ 30 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


رد: الفصول في سيرة الرسول



فصل: في هديه صلى الله عليه وسلم عند دخوله منزله
...
فصل: في هديه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
عند دخوله منزله
لم يكن يفجأ أهله بغتةً يتخونهم، ولكن كان
يدخل على علمٍ منهم، وكان يسلّم عليهم،
وإذا دخل بدأ بالسّواك، وسأل عنهم، وربّما قال: "هل عندكم من غداءٍ؟ "، وربّما سكت حتى
يحضر بين يديه ما تيسر.


وثبت عنه أنّ رجلاً سلّم عليه وهو يبول، فلم
يردّ عليه، وأخبر أنّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ
يمقت على الحديث على الغائط، وكان لا
يستقبل القبلة، ولا يستدبرها بغائطٍ، ولا بولٍ،
ونهى عن ذلك.


الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

03:51 PM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com