آخر 10 مشاركات |
مختارات | عن وَابصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ رضي اللهُ عَنْهُ قالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "جِئْتَ تَسأَلُ عَنِ الْبِرِّ ؟" قُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَ: "اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إلَيْهِ الْقَلْب، وَالإِثْمُ مَا حاكَ في النَّفْسِ وَتَردَّدَ في الصَّدْرِ وَإنْ أَفْتَاكَ النّاسُ وَأَفْتَوْكَ" |
مواضيع ننصح بقراءتها |
|
||||||||||||||||||
اشتغل في صنعة أبيك
يُحكى أنه كان هناك شابّ زاهد متعبّد يرتدي ثياب الزاهدين ، من ثوبٍ أبيض وعمامة خضراء وغيرها ، وكان هذا الشاب هو الذي يعيل أمه وإخوانه بعد وفاة والده ، وفي ذات يوم ضاقت في وجهه سبل العيش ولم يجد عملاً ، أو أي شيء يرتزق منه ، وكان يتمشّى في أحد الأيام في سوق البلدة والحزن يخيّم عليه وعلامات اليأس والقنوط ترتسم على وجهه ، فرآه شخصٌ من معارفه ، وسأله ما الذي بك يا فلان ؟ أراك على غير وضعك الطبيعي ، فأخبره عن حاله وعن الوضع الماديّ الصعب الذي يعيشه . فقال له : إعمل يا أخي في صنعة أبيك وتوكّل على الله . ولما كان الشابّ لا يعرف ما هي صنعة أبيه لأن والده مات وهم صغار توجّه إلى أمه وسألها قائلاً : ماذا كان أبي يعمل يا أمي ، وما هي صنعته ؟ فتغيّر وجه الأمّ وأصابها شيء من الوجوم وقالت بشيءٍ من عدم المبـالاة : كان أبوك يعمل في التجارة يشتري ويبيع ويربح ويرتزق من ذلك ، غير أن الشابّ لم يقتنع بهذا الكلام فقال لأمه : والله إن لم تخبريني عن صنعة أبي لأتركنّ هذا البيت ولن أعود إليه مرة أخرى . ولما رأت الأمّ الإصرار في نبرات ابنها وفي نظرات عينيه ، وأيقنت أنه يعني ما يقول تنهدت وهي تقول : وماذا كان يصنع أبوك يا ابني ؟! كان لصاً يحمل عَتَلَةً(1) ونَبُّوتَاً(2) وهذه هي أدوات صنعته ، فيفتح أبواب الناس خلسـة في الليل بالعتلة ، ويضرب بالنبوت من يجيء في وجهه من الناس ، لقد قضى أبوك أكثر أيام حياته هائماً على وجهه في الجبال مطارداً من الناس ومن الحكومة ، وقضى بقيّة أيامه في السجون ، وكنت لا أراه في السنة إلا لأيام قليلة ، وصدّقني إني كنت أتمنى له الموت حتى يريحني ويريح نفسـه . وسكتت الأم بعد أن أفرغت ما لديها من كلامٍ طالما كتمته ولم تُصرّح به ، ولكن دمعات خفيفة كانت تتدحرج من مقلتيها .
أما الشابّ فذهب إلى السوق وإشترى عتلة ونبوتاً ، وقرّر أن يشتغل في صنعة أبيـه ، وبعد منتصف الليل سار لوحده يحمل أدواته المذكورة حتى وصل إلى قرية مجاورة ، وكان الظلام حالكاً والليلة غير مُقمرة مما يُسهِّل مثل هذه الأعمال ، وتوجّه إلى أول بيتٍ صادفه في طرف البلدة ، وبالعتلة الحديدية فتح الباب الخشبي بخفة ورشاقة دون أن يُحدث صوتاً أو ضجّة ، ونظر داخل الغرفة وإذا برجل وامرأة ينامان على سريرهما ، فأغلق الباب وقال : أعوذ بالله من أعمال الشيطان ، وأخذ يلوم نفسه ويقول : من أعطاني الحقّ في فتح بيوت الناس وكشف أسرارهم وعوراتهم ، ثم ترك البيت وذهب للبيت المجاور ، وبخفة ورشاقة فعل به كما فعل بالبيت الأول ، وإذا بفتاة وحيدة تنام على سريرها ، فتعوّذ بالله من الشيطان مرة أخرى وأغلق الباب ، وقال لنفسه : إنّ هذه الأعمال التي أقوم به هي أعمال لا يرضاها الله ، فترك هذا البيت وسار إلى البيت الذي يجاوره ، وفتح بابه بعتلته كما فتح سابِقَيه ونظر داخله وإذا به يرى بضعة جِرَار ، فقال الآن أصبح الوضع أحسن مما كان عليه في الأوّل ، ثم دخل وفتح جرّةً من هذه الجرار وإذا بها مليئة بالقطع الذهبية والنقديّة ، وفتح بقية الجرار ، ونظر داخلها وإذا بها مثـل الجرّة الأولى ، فقال لنفسه : إن هذا المال له أصحاب ادَّخروه ووفّروه وتعبوا من أجله ، فمن أعطاني الحقّ في سرقته ، والله لن أسرقه ولكنني سآخذ منه الزكاة ، سأقسمه وآخذ منه العُشْر ، فأشعل سراجاً كان هناك وأفرغ واحدة من هذه الجرار ، وبدأ يعدّ ويخرج تسعة قطع ويضعها في ناحية ، ويضع قطعة واحدة في ناحية أخرى ، وهكذا وهو على هذه الحالة يعدّ تسعة هنا وواحدة هناك أذَّنَ مؤذّن البلدة لصلاة الفجر ، فترك العدّ وفَرَشَ عباءته وأخذ يصلّي الفجر ، ومرّ الناس إلى المسجد فرأوا البيت مفتوحاً والسراج مضيئاً فتنافروا وأتوا بهراواتهم وعصيهم ، وتحلّقوا حول الرجل ، ولكن عندما رأوه يصلّي تركوه حتى يكمل صلاته ، وبعد أن فرغ من الصلاة أحاطوا به وقالوا له : ما الذي تعمله هنا ؟ وكيف تفتح بيوت الناس وتأخذ أموالهم ؟ وما الذي تعمله في هذا المال حتى جعلته كومين : فقال لهم : أتركوني وسأخبركم بالحقيقة ، ثم سرد عليهم قصته بكاملها ، فقال أحدهم وكان أكثر الناس لغطاً : أما البيت الأوّل الذي فتحته ورأيت به الرجل والمرأة وسترتهم وأغلقت عليهم الباب ، فهذا بيتي والرجل الذي رأيته هو أنا والمرأة زوجتي ، أما البيت الثاني الذي فتحته ورأيت به الفتاة وسترتها وأغلقت عليها الباب فهذا بيتي أيضاً والفتاة هي ابنتي الوحيدة ، أما البيت الثالث الذي به المال وهو هذا البيت ، والذي لم ترضَ أن تسرق منه المال بل اكتفيت منه بالزكاة فهو بيتي أيضاً وهـذا مالي ، ولأنك شابّ مؤمن وتقيّ فقد زوجتك ابنتي الوحيدة التي رأيتها وقاسمتك في مالي هذا الذي بين يديك ، وأعطيتك بيتاً من هذه البيوت تعيش فيه مع زوجتك ، فخرَّ الشابُّ راكعاً لله يشكره ويحمد فضله ، على أن هداه وأبعد عنه إغواء الشيطان ، ثم ذهب إلى بلده وأتى بأمه وإخوانه ليعيشوا معه في هذا العزّ الذي لم يكن يحلم بـه وهكذا نرى مدى تأثير الإيمان على النفوس ، وعلى الأخلاق السامية النبيلة ، وكيف تقود الإنسان إلى عمل الخير ونبذ الشر والفساد . (1) - العَتَلَة : عمود من الحديد له رأس عريض يستعمله البنَّاءُ ،ويُهدم به الحائط . (2) – النبّوت : العصا الغليظة المستوية .
|
12 Sep 2013, 02:23 PM | [ 2 ] | ||||||||
|
رد: اشتغل في صنعة أبيك
لاهنت طال عمرك
على الإيراد الرائع كل الشكر والتقدير |
||||||||
|
|||||||||
12 Sep 2013, 02:25 PM | [ 3 ] | |||||||
عضوة متميزة
|
رد: اشتغل في صنعة أبيك
قصة اكثر من رائعه شكرا لك ماتقصر |
|||||||
|
||||||||
13 Sep 2013, 09:16 AM | [ 4 ] | ||||||||
مراقب عام
|
رد: اشتغل في صنعة أبيك
الله يعطيك العواافي على الطرح الرائع والمميز كون بخير |
||||||||
|
|||||||||
13 Sep 2013, 11:08 AM | [ 5 ] | ||||||||
مؤسس شبكة الشدادين
|
رد: اشتغل في صنعة أبيك
أهلاً بالجميع هنا والشكر الجزيل لطيب تفاعلكم وكرم تواصلكم والله يحفظكم ويرعاكم |
||||||||
03 Oct 2013, 12:16 PM | [ 6 ] | ||||||||
|
رد: اشتغل في صنعة أبيك
قصة جميل جدا بورك العطاء يا مديرنا الفاضل لك احترامي |
||||||||
|
|||||||||
03 Oct 2013, 03:37 PM | [ 7 ] | ||||||||
مؤسس شبكة الشدادين
|
رد: اشتغل في صنعة أبيك
حياكم الله وأهلاً وسهلاً بمن تواجد معنا وعطرنا بجميل ورائع تفاعله |
||||||||
03 Oct 2013, 03:50 PM | [ 8 ] | |||||||
ممنوع من المشاركة
|
رد: اشتغل في صنعة أبيك
يالجمال هذه القصة يا أبا عبدالله . أعدك إنني سأقرؤها أكثر من مره ، ولكن لعل الرجل ، صاحب البيوت يعيد النظرة ! ربما في الأمر شجباً . تحياتي لهذا الذوق والرقي المبهر. يرقى للمفضلة !! أخوك أبو حمد. |
|||||||
09 Dec 2013, 12:15 PM | [ 9 ] | ||||||||
مؤسس شبكة الشدادين
|
رد: اشتغل في صنعة أبيك
أهلاً بجميع من حضر وشارك معنا هنا وبمن شرفنا بالتواصل والتواجد فله منا كل شكر وتقدير |
||||||||
09 Dec 2013, 08:52 PM | [ 10 ] | |||||||
<img border=
|
رد: اشتغل في صنعة أبيك
قصة جميله دمت ودام لنا روعه مواضيعك لكـ خالص احترامي |
|||||||
|
||||||||