..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


آخر 10 مشاركات وفاة اللواء سلطان بن عايض بن حسين    <->    حصرياً لقاء الكبار مع سعادة اللواء / سلطان بن عايض الشدادي    <->    القليل عن اللواء / سلطان عايض الشدادي أبو ثامر    <->    Reyadh رابطة جمهور العالمي (18)    <->    نشاط كريستيانو رونالدو CR7    <->    وردة محشي بطاطس    <->    وردة شوربة اش رشته الايرانية    <->    وردة تكساس فرايز    <->    وردة شوربة الشوفان    <->    كيك امريكانا    <->   
مختارات   قال تعالى: { وَآيَةُ لَّهُمُ الأَرْضُ المَيْتَةُ أَحيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبَّاً فَمِنْهُ يَأكُلوُن، وَجَعَلْنَا فيِها جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فيِهَا مِنَ العُيُونِ}   
مواضيع ننصح بقراءتها وفاة اللواء سلطان بن عايض بن حسين
العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الشعبية > التراث والآثار والسياحة
 
أدوات الموضوع
إضافة رد
قديم 19 Sep 2012, 07:42 AM [ 31 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: الدولة الأموية


يزيد بن عبد الملك 101 ـ 105 هـ :
هو يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو خالد القرشي الأموي، أمير المؤمنين.

وأمه عاتكة بنت يزيد بن معاوية..

وُلِدَ بدمشق سنة 72هـ على أرجح الأقوال..


أولاً: حياته قبل الخلافة:

كان قبل خلافته محبوبًا في قريش، بجميل مأخذه بنفسه، وهديه وتواضعه وقصده، وكان الناس لا يَشُكُّون إذا صار إليه الأمر أن يسير بسيرة عمر لما ظهر منه، وقد تلقى تربيته على علماء أهل الدين والفضل فكان منهم الضحاك بن مزاحم، وعامر بن شراحيل، وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر والزهري وهؤلاء العلماء اختارهم عبد الملك لتربية أولاده، وقد تأدب يزيد على يد إسماعيل بن أبي المهاجر والزهري، وكان يكثر من مجالسة العلماء قبل أن يلي الخلافة، ويغشى مجالسهم، ويحضر حلقاتهم ويـتأدب بآدابهم، ويصغي لكلامهم، ويقبل توجيهاتهم، ويأخذ العلم عنهم، وشيوخه الذين تلقى عنهم العلم: مكحول الزهري في الشام، والمقبري وابن العتاب من علماء المدينة، وعلى ما يبدو أنه بلغ درجة رفيعة من العلم، وبخاصة حفظ الحديث وروايته مما جعل بعضهم يعده من المحدثين، وعن ابن جابر قال: أقبل يزيد بن عبد الملك إلى مجلس مكحول، فهممنا أن نوسع له؛ فقال: دعوه يتعلم التواضع، وقد كان رأي عمر بن عبد العزيز فيه حسنًا.

ثانيًا: توليه الخلافة:

بويع له بالخلافة بعد عمر بن عبد العزيز في رجب سنة إحدى ومائة، بعهد من أخيه سليمان بن عبد الملك، أن يكون الخليفة بعد عمر بن عبد العزيز..

وسار في بادية حكمة بسيرة عمر بن عبد العزيز، إلا أنه لم يستطع المواصلة، قال عنه الذهبي: وكان لا يصلح للإمامة، مصروف الهمة إلى اللهو والغواني، وقال عنه ابن كثير: فما كان به بأس، يقول الدكتور عبد الله الشريف"..

لكن الواضح أن درايته السياسية وكفاءته الإدارية، لم تكن تؤهله لملء مكانه، وقيادة الدولة أو تحقيق العظيم من المنجزات، والفريد من السياسات التي تلفت إليها الأنظار، فكان يزيد حاكمًا عاديًا ليس سياسيًا مقتدرًا كمعاوية، أو إداريًا ناجحًا كعبد الملك، أو مصلحًا كعمر، كما لم يكن مسيئًا كابنه الوليد بن يزيد، ويمكن القول إن توليته الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز جعل المفارقة بينه وبين عمر واضحة وكبيرة، وأدت إلى عتامة صورته لدى جمهرة المسلمين..

وكان بإمكان يزيد أن يسير على نهج تجربة عمر بن عبد العزيز، ويعطي العلماء دورهم القيادي المنوط بهم كما كانوا في عهده، إلا أن العلماء تراجعوا إلى حَدٍّ كبير، وحُرِمت الأمة من تجربة ناجحة تنفست بها الصعداء، وأطلت من خلالها على عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، ولعل هذا التراجع الذي حدث لمشاركة العلماء في عهد يزيد يرجع إلى عدة عوامل أهمها:

1ـ شخصية يزيد بن عبد الملك، حيث لم يكن بمكانة عمر وحماسته وحرصه على أن يسوس الناس بمنهج الله بلا محاباة ومساومة، كما لم يكن على منهج عمر في نظرته للخلافة على أنها تكليف لا تشريف، وأنها عمل لإسعاد غيره على حساب نفسه وأهله، ويدل على ذلك أن يزيد لم يُطِقْ أن يسير على نهج عمر أكثر من أربعين يومًا، ثم عدل عنه إلى نهج الملوك..

2ـ العامل الثاني مترتب على الأول ومرتبط به، إذ لما رأى العلماء عزم يزيد ترك العمل بسيرة عمر، ولم يجدوا عنده ما وجدوه عند عمر، تركوه وانصرفوا إلى مسؤلياتهم العلمية، فحين قال قائل لرجاء بن حيوة لما اعتزل يزيد: إنك كنت تأتي السلطان فتركتهم! قال: إن أولئك الذين تريد قد ذهبوا"، وأما ما ورد من أن يزيد تخلَّى عن السير على نهج عمر لأنه شهد له أربعون شيخًا بأن ليس على الملوك حساب ولا عذاب فهذا ادِّعاء أوهَى من أن يُرَدَّ عليه؛ فهو يتضمن في طياته الرد على مختلقه، فمن هم الشيوخ الذين شهدوا بذلك الزور؟!!

ثم إنه يتعلق بأمر من ضروريات الإيمان وبديهياته، فأي مسلم ـ مهما بلغ به الجهل مبلغه ـ يعلم أنه يُسأل عن أعماله، ويجازَى عليها، والحديث الصحيح: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"..مشهور عند عامة المسلمين ـ فضلاً عن خاصتهم ـ في هذه العصور المتأخرة، فكيف بعصر صدر الإسلام؟!! ولكن حقيقة الأمر فيما ذكره ابن كثير قال: "فلما ولي يزيد عزم على أن يتأسى بعمر بن عبد العزيز، فما تركه قرناء السوء، وحسَّنُوا له الظلم"..


تشويه صورته بالجواري في كتب التاريخ:

صورت كتب التاريخ يزيد بن عبد الملك بصورة الخليفة اللاهي عن مصالح دولته لاهثًا خلف جارية، ولما ماتت إحداهما رفض أن يدفنها وظل مقيمًا بجوارها حتى جَيَّفت ولما دفنوها عاد ينبشها من جديد، وفي أسانيد هذه الروايات غير واحد من المجهولين، وقصة يزيد مع جاريته في الأصل بسيطة كما يبدو، فهما جاريتان جميلتان ظريفتان مغنيتان اشتراهما يزيد بعد استخلافه، فملكتا عليه قلبه، خصوصًا حُبابة التي كَلُفَ بحبها، واشتد طربه لغنائها، فحظيت عنده، فلما ماتت حزن لموته، وجزع عليه، ولم يطل العمر به بعدها حيث مات بعدها بأيام معدودة بالطاعون ـ أو كان مرض السُّل ـ وقد أغمض كثير من المؤرخين القول بموته مطعونًا أو مسلولاً، وجعلوه كمدًا وأسفًا على فَقْد حُبابة، مع أنه من غير المستبعد موته بسبب الطاعون أو السل، بل هو الأولى، فكثيرًا ما انتشر وباء الطاعون وغيره من الأوبئة في حواضر الشام كدمشق، فكان ذلك من الأسباب التي دعت الخلفاء الأمويين إلى بناء القصور في بوادي الشام.

إن قصة يزيد مع جاريته جاءت في المرويات التي تناولتها مهولة مشوهة، اعتراها كثير من المبالغة والاضطراب والتناقض والزيادة، بل والاختلاق فمنها ما يشير إلى تلك القصة باتزان، ومنها ما شابهه بما لا يقبل ولا يعقل، ومنها ما ظهرت فيه الإساءة والطعن بتحريف أو زيادة أواختلاق؛ فجاءت تلك المرويات تحمل العجب والمنكر، وذلك إما لهوى في نفس راويه، وإما لغرض يقصده ناقلها، أو نقلها مسندة فحمَّل المسئولية من رواها..


انتصار يزيد بن عبد الملك لفاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب:

في ربيع الأول عام 104 هـ عزل يزيد بن عبد الملك عن إمرة الحرمين عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس، وكان سببه أنه خطب فاطمة بنت الحسين، فامتنعت من قبول ذلك، فألح عليها وتوعدها، فأرسلت إلى يزيد تشكوه إليه، فبعث إلى عبد الواحد بن عبد الله النضري نائب الطائف فولاه المدينة، وأن يضرب عبد الرحمن بن الضحاك حتى يسمع صوته أمير المؤمنين وهو متكيء على فراشه بدمشق، وأن يأخذ منه أربعين ألف دينار فلما بلغ ذلك عبد الرحمن ركب إلى دمشق، واستجار بمسلمة بن عبد الملك؛ فدخل على أخيه فقال: إن لي حاجة، فقال: كل حاجة تقولها فهي لك إلا أن تكون ابن الضحاك، فقال: هو والله حاجتي؛ فقال: والله لا أقبلها ولا أعفو عنه، فرده إلى المدينة؛ فتسلمه عبد الواحد فضربه وأخذ ماله حتى تركه في جبة صوف؛ فسأل الناس بالمدينة - وكان قد باشر ولاية المدينة ثلاث سنين وأشهرًا - وكان الزهري قد أشار على الضحاك برأي سديد، وهو أن يسأل العلماء إذا أُشْكِلَ عليه أمرٌ؛ فلم يقبل ولم يفعل؛ فأبغضه الناس وذمَّه الشعراء، ثم كان هذا آخر أمره..

سياسة يزيد بن عبد الملك الإدارية والمالية:

تولى يزيد بن عبد الملك أمر المسلمين بعد الخليفة عمر بن عبد العزيز، فسار بسيرته برهة من الزمن، ثم ترك نهجه واتخذ نهجًا آخر تابع فيه كثيرًا من سياسات أسلافه من بني أمية الإدارية والمالية، وخالف عمر بن عبد العزيز في بعض تجديداته وإصلاحاته خاصة في المجال المالي.

وبتفحص الروايات عن شخصية يزيد وسياسته يتبين أن الاختلاف بين شخصيتي يزيد وسلفه عمر هو الذي كان وراء الاختلاف بين سياسة الرجلين؛ فقد غلب على عمر بن عبد العزيز الوازع الديني فاتسمت سياسته بالروح الإسلامية، مما دفعه إلى تطبيق السياسة الإسلامية على نظم الحكم، كما فاقه عمر من حيث القدرة و الكفاءة الإدارية والحضور الدائم، والانصراف إلى العمل، وتحمل المسئولية..

والحق أن يزيد بن عبد الملك لم يدع الأمور تجري بلا ضابط، فلم يكن بالبعيد عن إدارة دفة الحكم، فسنجده وراء الكثير من الأحداث يعالجها ويوجهها ويخطط لها، لكنه لم يعط كل جهده ووقته واهتمامه لشئون دولته كما كان يفعل سلفه عمر، ومع ذلك فقد حرص على بقاء دولته مهابة مصونة في الداخل والخارج، وإن كان قد اتخذ في سبيل تحقيق ذلك سياسات تخالف نهج سلفه عمر،قال ابن تغري بردي: غير أنه لما ولي الخلافة يزيد بعد عمر بن عبد العزيز غيَّر غالب ما كان قرره عمر، وقال: ثم عزل جماعة من العمال.. فلم يقل: غير كل ما قرره عمر، أو عزل جميع عماله، ويبدو جليًا أن الخليفة يزيد لم يكن يملك الرؤية البعيدة، ولم يعمل وفق استرايجية مرسومة، كما يظهر أنه لم يُحِط بظروف دولته بعد حركة الفتوح الكبرى التي تمت في عهد أسلافه، وأهمية استيعاب الدولة للمتغيرات التي تعيشها من جَرَّاء دخول أجناس ومذاهب مختلفة متباينة، كان على الدولة صهرها في جسم الأمة ونشر الدين الإسلامي بينه، وهذا ما لمسه عمر بن عبد العزيز وسعى إليه، إلا أن الخليفة يزيد لم يدرك ذلك فعاد إلى سياسة من سبق عمر من خلفاء بني أمية وذلك عن طريق العودة إلى تنشيط حركة الفتوح وضرب المعارضة بكل قوة، وإهمال الإصلاح الداخلي وعدم الاهتمام بصهر القوى الجديدة في أمة الإسلام وتطبيق الإحكام الإسلامية عليهم، وللحق فإن سياسة يزيد وحده لم تكن وراء الوهن الذي أصاب دولة بني أمية، لكنه بعدم إدراكه ما تحتاجه الدولة في تلك المرحلة من إصلاح، وما تعيشه من متغيرات، استمر في سياسة أسلافه قبل عمر، وأدار ظهره للكثير ما صنعه عمر، فاستمر الوهن في عهده، وجرت بعض سياساته بالدولة نحو هاوية الانهيار، وإن كان هذا الوهن والتدهور لم يظهر جليًا في زمنه بل استطاع الإبقاء على حدود دولته مصونة وكيانها مهابًا، فظل ينخر في جسم الدولة متواريًا، حتى ظهر ذلك متأخرًا فيما بعد..










توقيع : شيهانة المرقاب
أنآ ترى ..( بنت آلرجآل ) .. آلمنآعيـر ..
.. .. من خلقتي مآجيت درب آلمعيبـــه ..
أبوي وصآني على .. (آلعز و آلخير) ..
.. .. ( مهرة أصيلة ) .. وآلطهر له نصيبــه ..
( رعبوبةٍ ) .. لآ أقبلت مثل آلتبآشيـر ..
.. .. ولآ أقفيت ..( شيهانة ) بـ رآس آلرقيبـه
الأعلى رد مع اقتباس
قديم 19 Sep 2012, 04:03 PM [ 32 ]


تاريخ التسجيل : Jul 2012
رقم العضوية : 58777
الإقامة : saudi arabia
الهواية : لغة الأنقلش+الكمبيوتر فقط..,
مواضيع : 75
الردود : 1176
مجموع المشاركات : 1,251
معدل التقييم : 87بعثرة فتى will become famous soon enough

بعثرة فتى غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 3
وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز

الحضور المميز


رد: الدولة الأموية


مشكوره شيهااانه على الطررررح المفييييد
وآشكرك مره اخرى على تفاعلك المبهر


توقيع : بعثرة فتى
لآ اله الآ الله

Instagram: http://www.Instagram.com/s_alhartii
الأعلى رد مع اقتباس
قديم 19 Sep 2012, 07:36 PM [ 33 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: الدولة الأموية


الثورات الداخلية في عهد يزيد بن عبد الملك :

1ـ ثورة يزيد بن المهلب:

عندما تولى يزيد بن عبد الملك الخلافة خرج عليه يزيد بن المهلب، وخلع بيعته واستولى على البصرة؛ فجهز يزيد بن عبد الملك لقتاله جيشًا بقيادة أخيه مسلمة بن عبد الملك، فجمع يزيد بن المهلب جموعًا كبيرة، والتقى الطرفان بالعقر من أرض بابل، ودارت بينهما معركة رهيبة دامت ثمانية أيام قُتِلَ فيها يزيد بن المهلب، وعدد من إخوته، وخلق كبير من جيشه، وتفرق سائر جيشه وأهل بيته فلُوحِقوا وقُتِلُوا بكل مكان وكان ذلك سنة 102هـ.

2ـ حركات الخوارج:

حركة شوذب: ما إن تولى يزيد بن عبد الملك الخلافة حتى تجددت حركة شوذب الخارجي، وتم القضاء عليه وعلى أصحابه على يد مسلمة بن عبد الملك أثناء سيره للقضاء على حركة بن المهلب، فإنه لما دخل الكوفة شكا إليه أهلها شوذب وخوفهم منه؛ فجهز جيشًا من عشرة آلاف جعل قيادته لسعيد بن عمرو الحرشي، ووجهه إليهم فدارت سنة 101 هـ الوقعة وتم القضاء على شوذب وكل أصحابه.

حركة مسعود العبدي في البحرين واليمامة: وقد تم القضاء عليها على يد سفيان بن عمرو العقيلي أمير اليمامة، وكان القضاء عليها في أواخر عهد يزيد على قول البعض، وهناك من يرى أن الحركة في عهد يزيد كانت على يد أخِ مسعود العبدي.

حركة مصعب الوالبي: خرج مصعب الوالبي بالكوفة، وتم القضاء عليه في عهد يزيد بن عبد الملك بواسطة عامله ابن هبيرة.

حركة عقفان: خرج عقفان الحروري على يزيد بن عبد الملك بناحية دمشق وكان عدد أصحابه ثمانين رجلاً من الخوارج وعندما أراد يزيد القضاء عليه عسكريًا، أُشِيرَ عليه أن يبعث إلى كل رجل من أصحاب عقفان رجلاً من قومه يرده عن رأي الخوارج، على أن يؤمنهم الخليفة، فقد قالوا للخليفة: إن قُتِلَ هؤلاء بهذه البلاد اتخذها الخوارج دار هجرة، فوافقهم الخليفة على رأيهم، وسار إليهم أهلوهم وقالوا لهم: إنا نخاف أن نؤخذ بك، وأَمَّنوهم فرجعوا عن رأيهم وانفضوا من حول زعيمهم عقفان، فبقى وحده فأرسل إليه يزيد أخاه فاستعفه وأمَّنه، فردَّه وقد ترك رأي الخوارج، بل إنه خدم الدولة فتولى زمن هشام أمر العصاة، ثم استعمل على الصدقة حتى توفي هشام.

3ـ حركة شريم اليهودي:

وهو يهودي سوري أعلن أنه المسيح المنتظر والمنقذ لليهود، وسير حملة لانتزاع فلسطين من المسلمين، فغادر يهود بابل وأسبانيا موطنهم ليشتركوا في هذه المغامرة، إلا أن القائم بها أُسِرَ، وعرضه الخليفة يزيد بن عبد الملك على الناس على أنه مهرج دجال، ثم أمر به فقُتِل









الأعلى رد مع اقتباس
قديم 19 Sep 2012, 07:37 PM [ 34 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: الدولة الأموية


الفتوحات في عهد يزيد بن عبد الملك :

نشطت الفتوحات الإسلامية في عهد الخليفة يزيد بن عبد الملك بعد حالة الاستقرار التي عاشتها أيام سلفه الخليفة عمر بن عبد العزيز، والذي لجأ لذلك في شيء من التوازن من أجل التفرغ لحركة الإصلاح الكبرى التي شهدها عهده، وكانت حركة الفتوح على الجبهات كالتالي:

1ـ الفتوحات في بلاد ما وراء النهر:

أوقف عمر بن عبد العزيز حركة الفتوحات في بلاد ما وراء النهر، وكان الباعث على هذه السياسة هو نشر الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة بدلاً من الجهاد الحربي، ومع ما لهذه السياسة من إيجابيات كإسلام بعض ملوك وأهالي هذه المناطق، إلا أنها أطمعت آخرين في المسلمين، وحفزتهم على التمرد وشق عصا الطاعة، فقد تمرد الصغد على سلطان المسلمين، وهاجم الترك البلاد وعاونوا الصغد منذ أيام عمر بن عبد العزيز خلال ولاية عبد الرحمن بن نعيم الغامدي (100 ـ 102هـ) وظلت مستعرة الأوار حتى ولاية سعيد بن عبد العزيز الحرشي (102 ـ 103هـ) الذي تولى خراسان من قِبَلِ الخليفة يزيد بن عبد الملك الذي كان عليه إخماد ذلك التمرد، وبعد سلسلة من المعارك خاضها سعيد بن عبد العزيز إبان حملته على ما وراء النهر ما بين عامي (103 ـ 104 هـ قضى على حركات التمرد من جانب الصغد والترك، وأعادهم إلى الاعة صلحًا أو عنوة، وبذلك استعاد المسلمون سيطرتهم التامة على تلك المنطقة من جديد.

ولم يدم للمسلمين ما حققه سعيد الحرشي من تمكن وسيادة فيما وراء النهر؛ فقد تحول المسلمون من دور الهجوم إلى الدفاع في ولاية مسلم بن سعيد الكلابي على خُراسان( 106 \ 104 هـ)، فقد غزا الأخير الترك فيما وراء النهر سنة 105هـ فلم يفتح شيئًا وعاد أدراجه، بل إن الترك تعقبوه فلحقوا به، وهو يعبر نهر جيحون بجنده.

وقد كانت هذه الحملة آخر الغزو وفي عهد الخليفة يزيد بن عبد الملك وهي في ظاهرها حملة ناجحة، وإن لم تحقق مكاسب جديدة، إلا أن لحاق الترك بمسلم وتعقبه كان فيه دلالة على طمع الترك بهم، وبداية لضعف سيطرة المسلمين على ما وراء النهر، وعودة الاضطراب إليها.

2ـ الفتوح في أرمينية:
استؤنفت الحملات العسكرية المنظمة إلى الثغور في عهد يزيد بن عبد الملك، وقد أشار الطبري وغيره إلى إغارة قام بها الترك سنة 103هـ على اللان، ومنها يتبين عوده الخزر إلى التحرش بالمسلمين ومهاجمة ممالكهم في أرمينية، وهذا ما دفع أمير أرمينية ـ آنذاك ـ معلق بن صفار البهراني إلى القيام بحملة على الخزر؛

فلقيهم بمرج الحجارة في رمضان في نفس العام ولكنه هزم، مما أطمع الأقوام القوقازية والتركية في المسلمين؛ فاندفعوا نحو الحدود الأرمينية وشنوا غاراتهم وتوغلوا في البلاد؛ مما دعا الخليفة يزيد بن عبد الملك إلى استعمال الجراح بن عبد الله الحكمي على أرمينية وأذربيجان سنة 104هـ وأسند إليه مهمة صد الخزر، وأَمْرَ حربهم، وأمده بجيش كبير، وأمره بحرب الأعداء وقصد بلادهم وما أن سمع الخزر بمقدم الجراح حتى ارتدوا عن البلاد الإسلامية التي كانوا قد استولوا عليها، وانسحبوا عائدين حتى نزلوا مدينة باب الأبواب وعندما وصل الجراح إلى مدينة باب الأبواب وجدها خالية؛ فبث سراياه على ما يجاوره من البلاد فنصروا وغنموا.

ويبدو أن ما حققه المسلمون من نصر ومغانم أثار الخزر فتوجهوا إلى الجراح في أربعين ألفًا بقيادة ابن ملكهم ويدعي "نارستيك" ابن خاقان أما المسلمون فكانوا خمسة وعشرين ألفًا بقيادة الجراح والتقى الفريقان على نهر الران سنة 104هـ بعد معركة عظيمة نصر الله المسلمين وهزم الخزر، وتم إخضاع تلك المناطق لحكم المسلمين وسيادتهم..

كما فتح الجراح حصن "بلنجر" سنة 104هـ عنوة، وأصاب المسلمون غنائم عظيمة أصاب الفارس منها ثلاثمائة دينار، أما صاحب بلنجر فقد تمكن من الفرار مع خمسين من قومه، فبعث الجراح إليه بالأمان ورد إليه حصنه وأهله وأمواله ليكون صنيعة للمسلمين وعينًا لهم على أعدائهم، ثم واصل الجراح فتوحاته، وتوجه إلى حصن "الوبندر" وصالح أهله ثم رجع بجيشه إلى "شكى" بعد سماع أخبار من صاحب "بلنجر" تتعلق باجتماع الخزر لحربه، وبعد نزوله "شكى" كتب الجراح إلى يزيد بن عبد الملك بما فتح الله على يديه، ذاكرًا له اجتماع الخزر لحربه كما سأله المدد إليه، وبعد مجيء هشام بن عبد الملك حرص على إكمال ما بدأه سلفه، فأقرَّ الجراح على ولاية أرمينية وأمده بما يمكِّنه من صيانة الثغور، ودفع الأعداء عن ديار الإسلام.

3ـ الفتوح في أرض الروم:

تمثلت الجهود العسكرية- التي نمت في عهد الخليفة يزيد بن عبد الملك ضد الروم- في تحصين الثغور وشحنها وصيانة الحدود والدفاع عنها، والفتح برًا عن طريق الصوائف والشواتي، وما تم خلال ذلك من فتوحات في آسيا الصغرى، والغزو بحرًا لجزر الحوض الأوسط والغربي من البحر المتوسط عن طريق إفريقية-وقد كان عهد يزيد بن عبد الملك خاليًا من الحملات العسكرية الكبرى ضد البيزنطيين-وفي معاودة التفكير في فتح القسطنطينية عاصمتهم العتيقة، وإن كانت الصوائف الصوائف والشواتي التي وُجِّهَت لآسيا الصغرى قد حفلت بكثير من الانتصارات، وفتح كثير من المدن والمواقع الرومانية..

4ـ الجهاد في البحر المتوسط:

تابع ولاة إفريقية من قبل الخليفة يزيد بن عبد الملك جهود من سبقهم من أمراء الشمال الأفريقي، فقد قام يزيد بن أبي مسلم أمير أفريقية (101 ـ 102هـ) بغزو جزيرة صقلية سنة 101هـ، كما وجه مِن قِبَلِه سنة 102 هـ محمد بن أوس الأنصاري في غزوة بحرية إلى صقلية فعادت الحملة سالمة غانمة، وكان سبب تركيز أمير أفريقية على صقلية لأهميتها بالنسبة للروم، وهي محاولة لضرب تلك القاعدة البيزنطية المهمة، وتهديدًا للأعداء وإشغالهم عن مهاجمة الساحل الإفريقي، وأما ولاية بشير بن صفوان على إفريقية (102 ـ 109هـ) فقد كانت حافلة بالغزوات البحرية على جزر سردينية وكورسيكا وصقلية.

ومن غزواته في خلافة يزيد بن عبد الملك الحملة التي وجهها بقيادة يزيد بن مسروق اليحصبي إلى جزيرة سردينية سنة 103 هـ فكان نصيبها النجاح حيث غنم المسلمون وسلموا.

5ـ الفتوح في بلاد الغال:

بلاد الغال: تعني عند العرب الأرض الواقعة بين جبال البرتات (البرينة) وجبال الألب والأوقيانوس، ونهر ألبا وملكة الروم، وهذا المفهوم ينطبق على فرنسا أيام شارلمان، وأممها تتحدث بعدة لغات.

شهد عصر الخليفة يزيد بن عبد الملك حملة من أهم الحملات التي قام بها المسلمون لفتح بلاد الغال عن طريق الأندلس، وهي الغزوة التي التي قادها السمح بن مالك الخولاني (101 ـ 102هـ) إلى تلك الأصقاع.

وفي معركة غير متكافئة حيث بلغ جيش الفرنج عشرة أضعاف جيش المسلمين، أبدى فيها المسلمون من ضروب الشجاعة والإقدام ما لا يتصوره عقل، استُشهِد السَّمْح بن مالك سنة 102هـ في معركة "طولوشة" فأُسْنِدَتْ قيادة الجيش إلى أحد كبار الجند وهو "عبد الرحمن الغافقي" الذي نجح في الانسحاب بالجيش في مهارة حرمت الفرنج من تعقب المسلمين وإصابتهم في حالة التقهقر حتى وصل "أربونة"..

استمر عبد الرحمن الغافقي أميرًا للأندلس بتقديم أهل الأندلس له منذ استشهاد أميرهم السمح بن مالك الخولاني حتى قدوم عنبسة بن سحيم الكلبي أميرًا للأندلس من قبل بشر بن صفوان عامل الخليفة يزيد بن عبد الملك عى إفريقية والمغرب، وذلك في سنة 103هـ، وكان عنبسة من طراز السمح بن مالك رجلاً تقيًا وإداريًا بارعًا وعسكريًا فذًا، وكان حريصًا على الإسلام وأمينًا على دولته، فكان خير خلف لخير سلف، لقد شغل الأمير الجديد صدر ولايته بضبط الأمور في الأندلس، وإخماد الفتن فيها، ومن ذلك توجهه إلى المنطقة الشمالية في الأندلس للقضاء على حركة "بلاي" وإخماد التمرد الذي قام به "أخيلا بن غطيشة" في مدينة طركونة حتى استقام له أمرها، ثم أعد نفسه للجهاد وباشر الفتح فيما وراء البرتات بنفس، وكان بداية ذلك سنة 105هـ وهو ما أخذ به أكثر المؤرخين، وبذلك يكون الإعداد والتجهيز لهذه الحملة قد تم في عهد الخليفة يزيد بن عبد الملك، وقد يكون خروجها قد تم في أواخر زمنه ـ أيضًا ـ أما ما تم على يد عنبسة من فتوحات في بلاد الغال فإن ذلك قد حدث في خلافة هشام بن عبد الملك.

وفاة يزيد بن عبد الملك:

قيل إن يزيد مرض بالسل ومات يوم الجمعة لخمس بقين من شعبان سنة 105هـ بسواد الأردن، وقيل: إنه مات بالجولان، وقيل: بحوران، وصلَّى عليه ابنه الوليد بن يزيد، وقيل: صلَّى عليه أخوه هشام بن عبد الملك وهو الخليفة من بعده، وحمل على أعناق الرجال حتى دُفِنَ بين باب الجابية وباب الصغير بدمشق ، وكان قد عهد بالأمر من بعده لأخيه هشام ومن بعده لولده.









الأعلى رد مع اقتباس
قديم 19 Sep 2012, 07:38 PM [ 35 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: الدولة الأموية


هشام بن عبد الملك 105 ـ 125 هـ :
هو هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس أبو الوليد القرشي الأموي الدمشقي أمير المؤمنين، وأمه أم هشام بنت هشام بن إسماعيل المخزومي.

وُلِدَ هشام بن عبد الملك ـ على القول الراجح ـ سن 72هـ، وسماه عبد الملك منصورًا لانتصاره على مصعب في تلك السنة.

قضى هشام الشطر الأخير من طفولته في منزل الخلافة الأموي بالشام في أواخر حكم أبيه وإخوته من الخلفاء وكان هشام مغمورًا في البلاط الأموي زمن أخويه الوليد وسليمان، وقد بقي بعيدًا عن مسرح الأحداث نسبيًا حتى توليه الخلافة سن 105هـ، وهو الرابع من ولد عبد الملك لصلبه الذين ولوا الخلافة.

كان هشام في خلافته حازم الرأي جماعًا للأموال، وكان ذكيًا مدبرًا، له بعد للأمور جليلها وحقيرها، وكان فيه حلم وأناة، قال فيه الذهبي: كان عاقلاً حازمًا سائسًا فيه ظلم وعدل.

تولى هشام بن عبد الملك الخلافة بعهد من أخيه يزيد سنة 105هـ ،وكان هشام يُعَدُّ من ساسة بني أمية المشهورين، كان شديد المراقبة لعماله ودواوينه، وقد شهد له بجدارته أحد خصومه فقال عبد الله بن علي بن العباس: جمعت دواوين بني مروان فلم أَرَ ديوانًا أصح ولا أصلح للعامة والسلطان من ديوان هشام.

نبذة عن حياته:

وُصِفَ هشام بالبخل وجمع المال، قال الجاحظ: كان هشام يقول: ضع الدرهم على الدرهم يكون مالاً، ويبدو أن السبب في هذا الوصف شدة مراقبته للمال العام، فقد كان شديد المحاسبة للمشرفين على الديوان وحريصًا على مال المسلمين، ولذلك وصفه الشعراء والكُتَّاب بالبخل؛ لأن الشعراء اعتادوا الهبات الكبيرة من ملوك بني أمية.

اتهامه بشرب الخمر:

جاءت روايات لا يصح إسنادها تشير إلى أن هشام بن عبد الملك كان يشرب الخمر كل يوم جمعة بعد الصلاة، وكانت له مجالس يدار فيها الخمر، فإن تلك الروايات لا تصح من حيث السند، كما أن سيرة هشام منافية لهذا الاتهام الباطل، فقد زجر ولي عهده لمعاقرته وإدمانه الخمر، كما زجر ابنه مسلمة المكَنى أبا شاكر، وألزمه الأدب وحضور الجماعة.

تقبله للهدايا:

كان هشام يتقبل الهدايا من الولاة وغيرهم، ولم يَرَ بذلك إضرارًا بمصلحة الدولة أو إجحافًا بحقوق الناس، ولا شك أن قبول هشام للهدايا من الولاة خاصة، وعدم إمعانه في التحري عن مصادر تلك الهدايا أمر غير مقبول، من حاكم مثله وهذا مخالف للنهج الذي سار عليه عمر بن عبد العزيز

فعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ الْلَّتَبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ قَالَ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ فَيَأْتِي فَيَقُولُ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ بَصْرَ عَيْنِي وَسَمْعَ أُذُنِي. صحيح البخاري

تربيته لأولاده:

كان لهشام عشرة من الأولاد الذكور وبعض البنات، ويختلف المؤرخون في عددهم؛ فيذكر ابن حزم أن عددهم كان ستة عشرة ولدًا وبعض البنات، وقد حاول هشام أن يحسن تربية أولاده فاختار لهم محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري المحدث لتأديبهم، واختار هشام لأولاده ـ أيضًا ـ من يعلمهم اللغة والشعر وكان يحضر أحيانًا مجالس مؤدبيهم، وكان يعطي مؤدب ولده ألف درهم كل شهر، إلى جانب الكسوة والجوائز، وكان يوصي مؤدب ابنه أن يعلمه القرآن، ويروِّه الأشعار، وأيام الناس، ويأخذه بعلم الفرائض والسنن، وقيل: أوصاه أن يأخذ ولده بكتاب الله ويقريه في كل يوم عشر آيات ليحفظ القرآن، ويروه من الشعر أحسنه، ويتخلل به مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطرفًا من الحلال والحرام والخطب، ويصله بأهل الفقه والدين، وبالرغم من ذلك فقد أساء بعض أبنائه السيرة، ولم يشتهر أحد منهم بعد سقوط الدولة الأموية عدا حفيده عبد الرحمن بن معاوية بن هشام، مؤسس الدولة الأموية بالأندلس.

ويُذكَر أن هشامًا شتم ابنه محمدًا لقيام أحد عبيده بضرب طفل نصراني، كان قد اعتدى على أحد أولاد محمد، كما منع أحد أولاده من ركوب الدابة سنة، عقابًا له على عدم حضوره لصلاة الجمعة بحُجَّة موت دابته، وأنه ليس باستطاعته أن يحضر إلى المسجد ماشيً، وقد كان هشام يهتم بتصرفات أولاده ويرغب لهم أن تكون سمعتهم جيدة بين الناس، وتصلح أحوالهم مع ربهم ودينهم، ويتضح ذلك من اختياره لمؤدبهم، وتوليتهم مواسم الحج، وإجبارهم على حضور الجمعة.

كما كان هشام يُشرِكُ أولاده بالحروب، ويقلدهم قيادة جيوش الغزو وقد اشتهر منهم معاوية بن هشام، قال عنه ابن حزم: قاد الصوائف عشر سنين،وقد شارك معاوية في قيادة الحملات الموجهة لغزو الروم زمن أبيه أكثر من عشر مرات، وقد شارك في قيادة حملات الغزو من أولاد هشام: سليمان، ومسلمة، وسعيد، ومحمد.









الأعلى رد مع اقتباس
قديم 19 Sep 2012, 07:39 PM [ 36 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: الدولة الأموية


علاقة هشام بن عبد الملك بالرعية :

كان هشام يضع الرقباء والعيون من خيار الناس على ولاته وعماله ليتأكد من سيرهم بالعدل، وقضائهم حوائج الخلق، ولا يكتفي بذلك بل يتعرض للناس بنفسه يسأل عن أحوالهم، ويحرضهم على المطالبة بحقوقهم، وكان له موضع بالرصافة تُضرَب له به السرادقات، فيكون فيه ستين ليلة بارزًا للناس، يرد فيها المظالم ويأخذ على يد الظالم، من جميع الناس وأطراف البلاد، ويصل إلى مخاطبته في ذلك الموضع راعي السوام والأمة السوداء، فمَنْ دونهما وقد وَكَّل رجالاً عقلاء بإدناء الضعفاء، والنساء واليتامى منه، ويستقبل وفود الأمصار فيلبي حاجاتهم، ويخرج مع مستشاريه يصنع لهم الطعام بنفسه فيأكل منه، ويأكل معه الناس، وإن نشبت بينه وبين أحد من أشراف رعيته خصومة لم يجد مفرًا من إرضائه بكل سبيل، فقد شتم هشامٌ مرة رجلاً من الأشراف؛ فوبخه ذلك الرجل وقال: أما تستحي أن تشتمني وأنت خليفة الله في الأرض؟ فاسْتَحَى منه وقال: اقتصَّ مني، فقال: إذًا أنا سفيه مثلك، قال: فخُذْ عوضًا من المال؛ قال: ما كنت لأفعل، قال: فهبها لله، قال: هي لله، ثم لك؛ فنكس هشام رأسه واستحى، وقال: والله لا أعود إلى مثلها أبدًا.

وفي أيام هشام قحطت البادية، فقدمت عليه وفود العرب، فهابوا أن يكلموه وكان فيهم درواس بن حبيب وهو ابن ست عشرة سنة، ثم قال هشام لحاجبه: من أراد أن يدخل عليَّ فليدخل فدخل حتى الصبيان، فوثب درواس حتى وقف بين يديه؛ فقال: يا أمير المؤمنين إن للكلام طيًا ونشرًا، وإنه لا يعرف ما في طيه إلا بنشره، فإن أَذِنَ لي أمير المؤمنين أن أنشره نشرته، فأعجبه كلامه وقال: انشره لله دَرُّك؛ فقال: يا أمير المؤمنين إنه أصابتنا سنون ثلاث: سنة أذابت الشحم، وسنة أكلت اللحم، وسنة دقت العظم، وفي أيديكم فضول مال، فإن كان لله ففرقوها على عباده، وإن كانت لهم فلا تحسبوها عنهم، وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم، فإن الله يجزي المتصدقين، قال هشام: ما ترك لنا الغلام واحدة من الثلاث عذرًا، فأمر للبوادي بمائة ألف دينار، وله بمائة ألف درهم، ثم قال له: أما لك حاجة؟ قال: ما لي حاجة في نفسي دون عامة المسلمين.

كان هشام لا يدخل بيت ماله مالاً حتى يشهد أربعون رجلاً أنه أُخِذَ من حقه، ولقد أعطى لكل ذي حق حقه، ويقال: إنه جمع من الأموال ما لم يجمعه خليفة قبله..

يوميات هشام ومجلسه:

كان هشام إذا صلَّى الغداة كان أول من يدخل عليه حرسه، فيخبره بما حدث في الليل، ثم يدخل عليه موليان له مع كل واحد منهما مصحف فيقعد أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره حى يقرأ عليهما جزأه، ويدخل الحاجب فيقول: فلان بالباب، وفلان، وفلان، فيقول: ائذن، فلا يزال الناس يدخلون عليه، فإذا انتصف النهار وُضِعَ طعامُه، ورُفِعَتِ الستورُ، ودخل الناس وأصحاب الحوائج وكاتبه جالس خلف ظهره، فيقول: أصحاب الحوائج، فيسألون حوائجهم، فيقول: لا، ونعم، والكاتب خلفه يوقع بما يقول: حتى إذا فرغ من طعامه وانصرف الناس صار إلى قائلته، فإذا صلى الظهر دعا بكُتَّابه فناظرهم فيما ورد من أمور الناس حتى يصلي العصر، فإذا صلَّى العشاء حضره سمَّاره: الزهري وغيره.

اهتمامه بحلبات السباق:

كان هشام بن عبد الملك يستجيد الخيل، وأقام الحلبة فاجتمع له من خيله فيها وخيل غيره أربعة آلاف فرس، ولم يكن ذلك في جاهلية ولا إسلام لأحد من الناس، وكان هشام يقبل الهدايا من الخيل، ويقيم حلبات السباق لها، ويصلح الطرق ويوسعها لأجل ذلك، وكان يفرح كثيرًا إذا فازت خيله في السباق ويطلب من الشعراء وصف الفرس أو الحصان الفائز..

اهتمامه بالآثار الأدبية الخاصة بالأمم الأخرى:

كان الخليفة هشام بن عبد الملك شغوفًا بالإطلاع على الآثار الأدبية الخاصة بالأمم الأخرى، فقد أمر بترجمة كتاب عن تاريخ فارس، وتسرب هذا الشغف إلى المحيطين به، فترجم مولاه سالم بعض كتب أرسطو إلى العربية، كما ورث ابنه جبلة بن سالم عن أبيه كثيرًا من معارفه وعلومه؛ فترجم بعض الآثار التاريخية إلى العربية.

العلماء في عهد هشام بن عبد الملك:

عندما تولى هشام بن عبد الملك حاول تقريب بعض العلماء ـ بعض الشيء ـ والاستفادة منهم، ومن أشهر هؤلاء العلماء العالم الجليل محمد بن شهاب الزهري، والإمام الأوزاعي، وأبو الزناد وغيرهم، وكان تأثير هؤلاء العلماء في اتخاذ القرار في بعض الجوانب، وبطريق غير مباشر من خلال تأثير قربهم من الخليفة وأسرته ـ لاسيما الزهري ـ على سلوك هشام وسيرته، ولعل الذي حَدَّ من تأثير العلماء في توجيه القرار في عهد هشام ـ مقارنة بتأثيرهم في عهد عمر بن عبد العزيز ـ هو محاولة هشام أن يمسك العصا من الوسط، فحاول أن يسير وَسَطًا بين سياسة عمر بن عبد العزيز الإسلامية الخالصة وسياسة المُلك، ووسطًا بين عصبية القبائل القيسية واليمنية، وهذا ما دعا الذهبي حين وصف سياسته أن يقول فيه: ".... فيه ظلم مع عدل"..

سياسة هشام بن عبد الملك الخارجية:

لم يكن هشام بن عبد الملك رجل دولة من طراز رفيع في إدارة شئون الدولة الداخلية فحسب، بل أعطى عناية كبيرة للسياسة الخارجية، ولصيانة حدود الدولة وتأديب أعدائها، يقول فلهاوزن: "ولا شك أن المؤرخ يخطيء في تصور هشام، إذا ظن أنه كان خليفة لا هَمَّ له إلا أمور الإدارة والشئون الداخلية، على أن هشامًا لم يكن جنديًا ولكنه لم يكن يرهب الحروب، بل هو وجهها بهمة وبكل الوسائل، وجهَّز جيوشًا كبيرة، ولم يدخر في ذلك الأموال ولا حياة الرجال وكانت يداه -دائمًا- مشغولتين بالمشروعات الحربية في أكثر المواضع تباعدًا؛ فقد كانت جيوشه تقف بالمرصاد للروم، واستمر في إقامة الحصون على الحدود، وكان قواده لا يكفون عن الغزو والجهاد، وكان هشام يسند قيادة الجيوش في معظم الأحيان إلى رجال من أسرته، مثل: أخيه مسلمة بن عبد الملك، وأبنائه معاوية وسليمان، وأبناء عمه مثل: مروان بن محمد بن مروان، وأبناء إخوته مثل: العباس بن الوليد بن عبد الملك.

وإذا كان هناك من مأخذ على هشام بن عبد الملك فهو تغافله عن دعاة بني العباس الذين نشطوا في عهده في الدعوة لآل البيت وانبثوا في خراسان،وجَدُّوا في تشويه سمعة الدولة الأموية، وفي الاستعداد لتقويضه، ولعل كراهية هشام للعنف وسفك الدماء كانت سببًا في تغاضيه عنهم حتى استفحل أمرهم، وقد ظهرت آثار ذلك قبيل وفاته واستفحلت بعده، بحيث لم يستطع خلفاؤه وقف مَدِّ الدعوة العباسية التي نجحت في نهاية الأمر في القضاء التام على أسرته، ولذلك يقول ابن كثير: "لما مات هشام بن عبد الملك مات مُلْكُ بني أمية وتولى، وأدبر أمر الجهاد في سبيل الله، واضطرب أمرهم جدً، وإن كانت تأخرت أيامهم بعهده، نحوًا من سبع سنين، ولكن في اختلاف وهيج، وما زالوا كذلك حتى خرجت عليهم بنو العباس فاستلبوهم نعمتهم وملكهم وقتلوا منهم خلقًا وسلبوهم الخلافة"

وفاة هشام بن عبد الملك:

تُوُفي هشام بن عبد الملك يوم الأربعاء من شهر ربيع الآخر سنة 125هـ.









الأعلى رد مع اقتباس
قديم 19 Sep 2012, 07:40 PM [ 37 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: الدولة الأموية


عصر الضعف في الخلافة الاموية:

بعد وفاة هشام بن عبد الملك عام 125هـ بدأت عوامل الضعف تسري في جسد الدولة الأموية، وبدأت الدولة تسير في منحدر الهاوية، وبدأت شمس الدولة في الأفول، فبوفاة هشام بن عبد الملك بدأت الاضطرابات والفتن والقلاقل تظهر على مسرح الأحداث في الدولة الأموية، واستمر الأمر كذلك نحوًا من سبع سنوات بعد وفاة هشام بن عبد الملك حتى سقطت الدولة الأموية وقامت الخلافة العباسية.

وقفات مع الجهاد في الخلافة الاموية:

حافظت الدولة الإسلامية في العصر الأموي على أن تظل أُمَّةً مجاهدة؛ فأبقت القسم الأكبر من مواردها المالية يُصرف في المجال العسكري. وإضافة إلى إخراج الرواتب للجند، والأرزاق للذرية، والمعونة للمقاتلة عملت الدولة على توفير وسائل القوة ووجوه المنعة للجيش؛ فأقامت المدن العسكرية في جميع جبهات القتال ،وعبأتها بالجنود وشجعت الناس على الانتقال إليها والإقامة به، وأقطعتهم الأراضي الزراعية يستغلونه، والمنازل يسكنونه، ووفرت بها الطعام ومخازن الأسلحة والكسوة وحَصَّنتها بالأسوار والخنادق وبَنَتِ القلاعَ والحصونَ وأقامتِ المناظرَ والمنارات على طول الطريق بين الثغور والداخل ،وجعلت المواقد عليها لتكون أخبار الثغور حاضرة على الدوام عندها.

وقد تحول كثير من هذه المدن العسكرية إلى مراكز مدنية حافلة بالبناء و أماكن العبادة ومراكز الثقافة وأسواق التجارة، وأخذت تشهد نهضة طيبة في الوجوه المختلفة من النشاط البشري.

كما عززت الدولة القوة العسكرية بإنشاء سلاح البحرية ،وأقامت دور صناعة السفن في عكا ثم من بعدها في صُور من بلاد الشام، وفي جزيرة الروضة والفسطاط من بلاد مصر، وفي تونس ،وزُوِّدَتْ هذه المصانع بما يلزم من المواد والصناع.( اليعقوبي، تاريخه ج2 ص324 ، لبلاذرى فتوح البلدان ص\ 104 مروج الذهب )

ولم تغفل الدولة أن تأخذ الجيش بالتدريبات وإقامة العروض، وفي حال القيام بالغزو ،كانت تعطى الجنود أعطياتهم كتلا ،وتأخذهم بالخيول الروائع والسلاح الكامل، وتوعب فيه أهل الجدة والصبر والشجاعة ، وتجعل القيادة إلى أهل الخبرة والرأي والبأس والشجاعة والفضل والدين (أبو جعفر الطبري ،تاريخه ج: 6 ،ص\727 ).

لقد امتدت الفتوحات الإسلامية على يد الأمويين إلى آفاق لم يعرفها عصر الراشدين ،حيث شملت دولة الإسلام ما بين الصين شرقا وبلاد الأندلس وجنوبي فرنسا غربا.....وطرقت أبواب القسطنطينية ، وضيَّقت عليها الخناق، وحاصرتها ثلاث مرات ،وتحول بحر الروم إلى بحيرة إسلامية ،ونشرت أعلام الإسلام في القارات الثلاث المعروفات آنذاك آسيا وأفريقيا وأوروب، ودخلت أعداد غفيرة من البشر بذلك في دين الله ،وأصبحت لغة العرب في أوج قوتها وثرائها ،وأضحت لسانا لكثير من سكان هذه البلاد ،وتحققت ألوان فذة من البطولة والتضحية ،وطلب الشهادة في سبيل الله خلَّفت ذكرياتٍ مجيدة ،ظلت غذاء ومددا على امتداد التاريخ وتوالى الأجيال حتى اليوم ،ولا تزال مسامع الدنيا تعى أسماء مثل المهلب بن أبى صفرة ويزيد بن المهلب ،وقتيبة بن مسلم ومحمد بن القاسم الثقفي وموسى بن نصير وطارق بن زياد ومسلمة بن عبد الملك...وغيرهم.

ولا ريب أن هذه الصفحات من صفحات الفَخَار للأمويين قد أثارت إعجاب الكثيرين من المؤرخين المنصفين والمتحاملين على الأمويين على السواء فقال الحافظ ابن كثير:":فكانت سوق الجهاد قائمة في بنى أمية ،ليس لهم شغل إلا ذلك ،قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ،وبرها وبحرها ،وقد أذلوا الكفر وأهله ،وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبا. لا يتوجه المسلمون إلى قُطْرٍ من الأقطار إلا أخذوه ،وكان في عساكرهم وجيوشهم في الغزو الصالحون والأولياء والعلماء من كبار التابعين في كل جيش منهم شرذمة عظيمة ينصر الله بهم دينه "... ويعترف جورجي زيدان- أحد المتحاملين على بنى أمية- بذلك:"ولم يبلغ العرب من الغزو والسؤدد ما بلغوا إليه في أيام هذه الدولة ،وقد تكاثروا في عهدها ،وانتشروا في ممالك الأرض "

ولم يكن تحقيق هذه الانتصارات الرائعة أمرا سهلا ،أو عملا يسيرا؛ فقد استمر الأمويون يحاربون الروم والبربر في شمالي أفريقيا -مثلا- نَيِّفا وأربعين سنة حتى تمكنوا أخيرًا من إخضاعهم و إتمام الفتح ، وعلى الجبهة الشمالية كان القتال في اتجاه القسطنطينية مكلفا وباهظا ومتواصلا تقريبا عبر الصوائف والشواتي ،وفي ظروف جغرافية ، ومناخية عسيرة، أما في الجبهة الشرقية في بلاد فارس وخراسان وما وراء النهر وبلاد السند وعلى ما يرى فلهوزن –فإن "الحروب في تلك البلاد لم تكن بالأمر اليسير عليهم فقد كانوا أول الأمر قلة في العدد ،ولم يكن سلاحهم كافيا ،وكان بُعْدُ المسافات وصعوبة الأرض وظروف المناخ كلها مصدرا لعقبات كثيرة قامت في سبيلهم، وكان لابد لهم أن يحملوا معهم المؤن والملابس التي تقيهم البرد ،ولم يكونوا يستطيعون الخروج إلى الغزو إلا في الفصل المناسب لذلك من العام، ولم يكن أعداؤهم بالذين يُستَهانُ بهم ،وكان المسلمون إذا حاصروا مدينة جاءت لنجدتها في معظم الأحيان جيوش جرارة".


أمويون مجاهدون بأنفسهم:

كان الأمويون أنفسهم يصطلون بنيران هذا الجهاد ، ويقدمون بأنفسهم القدوة والمثل في التضحية وقيادة الجيوش ومصادمة الأعداء فقد أرسل معاوية –رضي الله عنه –ابنه يزيد على رأس جيش لحصار القسطنطينية ،وأرسل عبد الملك ابنه الوليد مراتٍ للغزو في بلاد الروم، وكان ابنه الثاني مسلمة قائد جبهة الروم، وغزواته أكثر من أن تُعد، وحصاره مدينة الروم-القسطنطينية- معروف ومشهور، وكان أخوه محمد بن مروان أمير الجزيرة يتولى الغزو في أغلب الأحيان ،وأولاد الوليد بن عبد الملك وهم العباس وعبد العزيز وعمر ومروان يقودون الغزو في بلاد الروم، ويساعدون عمهم مسلمة بن عبد الملك في ذلك، كما أن سليمان بن عبد الملك كان ابنه داود على رأس قواته المجاهدة في بلاد الروم ، وأما هشام بن عبد الملك فقد كان يفرض الغزو على بنى مروان جميع، ومن يتأخر عن الغزو يمنع عنه العطاء، وكان أولاده في مقدمة الغزاة ،ومنهم معاوية وسليمان ومسلمة وسعيد وغيرهم ،أما مروان بن محمد فكان بنفسه يقود الجيوش ويصبر في القتال صبرا شديدا حتى لُقِّبَ بالحمار.









الأعلى رد مع اقتباس
قديم 19 Sep 2012, 07:41 PM [ 38 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: الدولة الأموية


الفتوحات في الخلافة الأموية:

لا شك في أن معظم إنجازات الأمويين الباقية على الزمن تلك الفتوحات التي تمت في عهدهم، والتي شملت مناطق عديدة في قارات العالم القديم ـ آسيا وأوروبا وأفريقيا ـ ففي آسيا فتح الأمويون أقاليم ما وراء النهر وهي المناطق الواقعة بين نهري جيحون وسيحون، وإقليم السند، بالإضافة إلى تثبيت الفتح في المناطق التي كانت قد فتحت في عهد الخلفاء الراشدين، وبصفة خاصة في فارس، فقد كانت خراسان وسجستان وجرجان وطبرستان وأرمينية وأذربيجان كثيرة الانتقاض والارتداد، فأبلى الأمويون بلاءً حسنًا في تثبيت دعائم الإسلام في هذه البلاد حتى أصبحت من أهم ركائز العالم الإسلامي..

وفي أفريقيا فتح الأمويون شمال القارة بأكملها من حدود مصر الغربية حتى المحيط الأطلسي، وفي أوروبا فتحوا شبه جزيرة أيبريا ـ الأندلس ـ وأجزاء من جنوب فرنسا، كما استولوا على العديد من الجزر في شرق وجنوب وغرب البحر المتوسط، ثم واصلوا ضغوطهم على القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية، وحاصروها أكثر من مرة وحاولوا الاستيلاء عليه، وإن كانت محاولتهم لم تنجح في إسقاطها إلا أنهم نجحوا في جعل الدولة البيزنطية تعيش في حالة دفاع عن النفس ولم تكن هذه الفتوحات مجرد فتوحات عسكرية لاستغلال الشعوب على نسق الاستعمار الأوروبي في العصر الحديث، وإنما كان هذا فتحًا دينيًا، ولغويًا وثقافيًا..

فقد كان الغزو أيام معاوية رضي الله عنه يشمل مناطق واسعة تمتد من المحيط الأطلسي في غربي إفريقية إلى البحر الأبيض المتوسط كله، وتساير ذرا جبال طوروس، وبلاد القفقاس وبلاد ما وراء النهر، وطخارستان، والأفغان، لتصل إلى بلاد السند فسواحل المحيط الهندي على بلاد الهند، وهي مع هذا الامتداد العظيم تشمل جبهتين رئيستين هما:

1ـ الجبهة الغربية: التي تضم مناطق الروم..

2ـ الجبهة الشرقية: التي تضم مجموعات وثنية في شمال وشرقي الدولة الإسلامية..

الجبهة الغربية:

وتشمل مناطق الروم والمناطق التي يسيطرون عليها سواء أكانت في البر مثل: أفريقية ومنطقة الأناضول أم في البحر الذي كان آنذاك البحر المتوسط الذي يسيطر عليه الروم، ويعرف وقتذاك ببحر الروم، ثم جاء المسلمون ينازلونهم فيه..

وقد لاحظنا أن الدولتين الكبيرتين اللتين كانتا في صراع دائم عند ظهور الإسلام قد وقفتا في وجه الدعوة الجديدة إلا أن دولة الفُرْسِ قد انتهت وزالت من الأرض أمام جهاد المسلمين وضرباتهم المتتالية، على حين بقيت الروم لمناعة أرضها واتساع الأجزاء التي احتلتها، وقوتها البحرية الكبيرة على حين لم يكن للمسلمين في بداية الأمر قوة بحرية؛ لذا فقد وجه معاوية رضي الله عنه قوة كبيرة في البر ومثلها في البحر، بعضها إلى قلب بلاد الروم وعاصمتهم، في محاولة منه للضغط على الدولة البيزنطية من خلال الضغط على عاصمتها القسطنطينية تمهيدًا لإسقاطها..

ومن هنا كانت الجبهة الغربية ثلاث جهات:

1ـ بلاد الروم: وهي التي تعرف اليوم باسم بلاد الأناضول أو تركيا..

وقد وصل المسلمون إلى تلك الجهات وتوقفوا عند أقدام جبال طوروس الممتدة من البحر الأبيض المتوسط عند (مرسين) نحو الشمال الشرقي حتى تصل إلى مناطق قريبة من البحر الأسود في هضبة أرميني، وقد أقيمت هناك ثغور وقلاع لكلا الجانبين ومن أشهرها: مرسين، والمصيصة، ومرعش، وملاطية، والحدث، وزبطرة، وخرشة، وعين زربة، وكانت الغارات على الروم لا تنقطع أبدًا، وقد يحدث تقدم في بلاد الروم من قِبَل المسلمين إثر كثير من الغزوات لكن لا يلبث المجاهدون أن يعودوا إلى ثغورهم وقلاعهم، وقد رتب معاوية رضي الله عنه في هذه الجهات الصوائف التي كانت تقوم بالجهاد في فصل الصيف، والشواتي التي تقوم بالجهاد في فصل الشتاء، حتى تكون حروب دائمة تستنزف قوة العدو، وتجعله في النهاية يخضع لحكم المسلمين، وفي أثناء قتال مجموعة تكون المجموعة الثانية قد عادت إلى أماكن مرابطتها تجد الراحة، وتتمتع بالنشاط مع أهليها حتى يحين موعد جهادها..

وقد اشتهر من بين القادة في هذه المنطقة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وبسر بن أرطأة الذي تقدم على رأس شاتية عام 47 هـ حتى اقترب من القسطنطينية، ومالك بن هبيرة، وأبو عبد الرحمن القيني، وعبد الله بن قيس الفزاري، وفضالة بن عبيد الأنصاري، وسفيان بن عوف الأزدي الذي توفي في أرض الروم، وعبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي، وجنادة بن أبي أمية الأزدي ومعن بن يزيد السلمي، ومحمد بن مالك، ومالك بن عبد الله الخثعمي، وعبد الله بن كرز البجلي، وعمرو بن مرة الجهني وكان هدف الغزوات جميعها القسطنطينية وبعضهم كان يقترب منها، وبعضهم يصل إلى عمورية في جنوب موقع أنقرة اليوم..

الحصار الأول للقسطنطينية:

في عام 50هـ جهَّز معاوية رضي الله عنه حملة كبيرة من البر والبحر لتغزو القسطنطينية، وأعطى قيادة جيش البر لسفيان بن عوف الأزدي، وجعل ابنه يزيد في قيادة الحملة إلا أن يزيد لم يخرج مع الحملة، أما الأسطول فقد قاده بسر بن أرطأة وحوصرت عاصمة الروم، وجرت اشتباكات بين الطرفين خسر فيها المسلمون خسائر كبيرة، فعمل معاوية على إرسال نجدة كبيرة كانت بقيادة ابنه يزيد ومعه أبو أيوب الأنصاري وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن الزبير بن العوام، وعبد الله بن العباس بن عبد المطلب، رضي الله عنهم، وبوصول النجدة ارتفعت معنويات المجاهدين فاشتد الحصار وأصاب المسلمون من الروم، وإن لم يستطيعوا فتح القسطنطينية، وقد استشهد في هذا القتال أبو أيوب الأنصاري خالد بن يزيد رضي الله عنه، وعبد العزيز بن زرارة الكلابي، وقد كانا على رأس الذين يثيرون حماسة المقاتلين..

ثم رجع يزيد والجيش إلى الشام، دون أن تنال هذه الحملة من القسطنطينية لمناعتها، وأغلب الظن أن معاوية رضي الله عنه كان يعلم صعوبة الاستيلاء على هذه المدينة الحصينة التي يزيد من صعوبة الوصول إليها -فوق مناعتها الطبيعية- قسوة المناخ حولها شديد البرودة بالنسبة للعرب، ثم شدة التيارات المائية القادمة من الشمال من البحر الأسود، والتي كانت تعوق حركة سير السفن وتردها على أعقابها..

فالمسلمون يعرفون كل ذلك، ولكنهم لم يتهيبو، ولم تمنعهم الصعوبات من المحاولة بل أقدموا واقتحموا وأثبتوا للبيزنطيين أن عاصمتهم رغم مناعتها وقوة تحصينها فهي ليست بعيدة المنال وأنهم على استعداد للصبر والمصابرة، وبذل الأرواح في سبيل إنهاك أعداء الإسلام، ومع أن الحملة لم تنجح عسكريًا إلا أنها تعتبر ناجحة من الوجهة السياسية حيث جعلت شغل الأباطرة الشاغل هو الدفاع عن عاصمتهم..

الحصار الثاني للقسطنطينية:

لم يُثْنِ فشل الحملة السابقة في الاستيلاء على القسطنطينية معاوية رضي الله عنه عن المضي قدمًا في محاولاته الاستيلاء عليها، وقد استولى بعد عودة الجيش على عدة جزر منها رودس وأرواد، وقد كان لجزيرة أرواد أهمية خاصة لقربها من القسطنطينية حيث اتخذ منها الأسطول الإسلامي في حصاره الثاني للمدينة أو حرب السنين السبع من سنة 53هـ ـ 60هـ، قاعدة لعملياته الحربية، وذلك أن معاوية رضي الله عنه أعدَّ أسطولاً ضخمًا وأرسله لحصار القسطنطينية، وظل مرابطًا أمام أسوارها من سنة 60 : 53 هـ، فكانت الأساطيل تنقل الجنود من هذه الجزيرة إلى البر لمحاصرة أسوار القسطنطينية..

ورغم جَلَدِ المسلمين وتحملهم مشقة الحصار إلا أن المدينة صمدت أمامهم لا بفضل مناعتها الطبيعية فحسب بل إن الإمبراطور قسطنطين الرابع كان قد تنبه منذ الحصار الأول للخطر المحدق بالمدينة، فقضى الفترة فيما بين الحصارين في إصلاح أسوارها وتقوية دفاعاتها فضلاً عن حشدها بالمؤن والعتاد لتقاوم الحصار إذا ما فكر المسلمون في معاودة المحاولة، وفوق هذا فقد ساعد المدينة على الصمود ذلك السلاح الرهيب الذي اخترعه الإغريق في ذلك الوقت، والذي تسميه المصادر النار الإغريقية..

فعلى الرغم من صبر الجنود المسلمين وبسالتهم وتحملهم المشاق إلا أنهم لم يستطيعوا الاستيلاء عليها، فقد دعت الظروف الداخلية في كل من الدولتين إلى إنهاء الحصار؛ فدخلوا في مفاوضات انتهت بعقد صلح بينهما عاد بمقتضاه الجيش الإسلامي والأسطول إلى الشام..

الحصار الثالث والأخير للقسطنطينية في العصر الأموي:

بعد عودة الجيش الذي كان يحاصر القسطنطينية في آخر حياة معاوية رضي الله عنه سنة 60هـ لم يلبث معاوية رضي الله عنه أن توفي، فدخلت الدولة الأموية في دوامة من الفتن وواجهت العديد من الثورات، وقد استمر هذا الوضع إلى أواخر خلافة عبد الملك بن مروان الذي إليه يرجع الفضل في إعادة الوحدة إلى الأمة الإسلامية حيث ترك لابنه وخليفته الوليد 86 ـ 96 هـ دولة قوية مهابة، فشهد عهده حركة فتوحات كبرى على عدة جبهات، وكان الاستيلاء على القسطنطينية من الأهداف الرئيسية للوليد، وفي الحقيقة هو هدف رئيسي للسياسة الأموية عامة؛ فقد تابع الوليد بن عبد الملك هذه السياسة واستمر في الضغط على الإمبراطورية البيزنطية، فواصل الاستيلاء على أهم المعاقل والحصون على الطرق التي ستسلكها الجيوش الإسلامية البرية في زحفها القادم على القسطنطينية: من ذلك أنه أرسل أخاه مسلمة بن عبد الملك وابنه العباس بن الوليد فاستوليا على حصن مهم هو حصن طوانة الذي يعتبر مفتاح الطريق بين الشام ومضيق البسفور، ورغم استماتة البيزنطيين في الدفاع عنه إلا أن القوات الإسلامية قد استولت عليه، ولم تكد تمر سنة من سنوات خلافة الوليد دون أن يستولي جيشه على معقل أو حصن أو مدينة من مدن الحدود مع البيزنطيين..

وبينما يمضي الخليفة الوليد بن عبد الملك في استعداداته للزحف على عاصمة البيزنطيين إذ وافته المنية سنة 96 هـ فخلفه أخوه سليمان بن عبد الملك 99 : 96 هـ ليواصل جهوده في هذا الميدان؛ فأرسل سليمان الحملات لفتح القسطنطينية، واتخذ من دابق في شمال الشام مركز قيادة أقام فيه ليكون على مقربة من مسرح العمليات الحربية، وليشد وجوده هناك من أزر الجند ويرفع من روحهم المعنوية، وأعطى الله عهدًا ألا ينصرف حتى يدخل الجيش الذي وجهه إلى أرض الروم القسطنطينية، وكان هذا الجيش بقيادة مسلمة بن عبد الملك، وعلى الأسطول أمير البحر سليمان، وعلى الرغم من ضخامة الجيش حوالي ثمانين ألفًا، والأسطول أكثر من ألف وثمانمائة سفينة، وإحكام الحصار على المدينة إلا أن الحملة لم تنجح في الاستيلاء عليها لعدة أمور منها:

ـ خدعة (إليون الإيسوري) لمسلمة بن عبد الملك؛ فقد تظاهر هذا الرجل بعرض خدماته وتسهيل الطريق لوصول المسلمين إلى القسطنطينية، ولكن إليون كان يبيت في نفسه أمرًا خطيرًا وهو استغلال المسلمين في الوصول إلى عرش بيزنطة، ثم ردهم عن القسطنطينية عندما يتمكن من ذلك، وحقق إليون هدفه ووصل إلى عرش بيزنطة وكان أول شئ فعله هو التصدي للمسلمين وردهم عن العاصمة، وكان قد مكر بالمسلمين ليضعف مركزهم، ويضعهم في موقف حرج حيث أشار عليهم بحرق ما معهم من طعام فقال لمسلمة: "إن الروم قد علموا أنك لا تصدقهم القتال وأنك تطاولهم ما دام الطعام عندك، فلو أحرقته أعطوا الطاعة بأيديهم؛ فأُمِرَ به فأُحْرِقَ فقوي أمر الروم، وضاق المسلمون حتى كادوا يهلكون..

ـ التقلبات الفجائية في المنطقة حيث غيرت الرياح التي كانت قد ساعدت المسلمين في إغلاق المدخل الشمالي للبسفور اتجاهها فجأة وانحدرت إلى الجنوب بقوة فأدت إلى تدمير عدد كبير من سفن الأسطول الإسلامي..

ـ استخدام البيزنطيين للنار الإغريقية في إحراق ما تبقى من سفن المسلمين..

ـ دخول فصل الشتاء، وهو قارص البرودة ويعتبر من العوامل الطبيعية المهمة التي تعتمد عليها القسطنطينية في الدفاع عن نفسها، وإطالة مدة مقاومتها..

وأثناء حصار القسطنطينية توفي الخليفة سليمان بن عبد الملك سنة 99هـ، وتولى الخلافة بعده عمر بن عبد العزيز 99 ـ 101هـ فأدرك الصعوبات التي تواجه المسلمين الذين استمر حصارهم للمدينة عامًا، كاملاً 98 ـ 99هـ، فرأى من موقع مسئوليته عن سلامة المسلمين أن ينهي هذه العملية فكتب إلى مسلمة بن عبد الملك وأمره بالرجوع بالجيش فرجع..

ولكن على الرغم من فشل الحملة فإن ذلك لا يقلل من جهود الأمويين في إعلاء شأن الإسلام، والتصدي بكل حزم وعزم لأعدائه، غير مبالين بالصعوبات مهما كانت شاقة، فقد صبروا وصابروا ولم يقصروا، ويكفي أنهم أذلوا دولة كبرى عتيدة، وجعلوا قصارى جهدها أن تدافع عن عاصمتها، وجعلوا الاستيلاء على هذه العاصمة أملاً ظل حيًا في نفوس المسلمين أكثر من سبعة قرون ونصف، حتى تحقق في النهاية على يد شعب مسلم آخر قادم من أقصى الشرق، وهم الأتراك العثمانيون، حيث فتح السلطان العثماني محمد الفاتح المدينة واستولى عليها سنة 857هـ/ 1453م، وأنهى الدولة البيزنطية من الوجود..

وفي عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله أغار الترك على أذربيجان فقتلوا جماعة من المسلمين ونالوا منهم، فوجه إليهم عمر بن عبد العزيز حاتم بن النعمان الباهلي فقتل الترك، ولم يفلت منهم إلا اليسير، وجاء على الخليفة وهو بخناصرة بخمسين أسيرًا منهم..

وغزا الوليد بن هشام المعيطي وعمرو بن قيس الكندي بأهل حمص بلاد الروم على رأس صائفة..



وقد غزا السمح بن مالك الخولاني فرنسا فاخترق جبال البرانس، وزحف على مقاطعتي سبتمانيا وبروفانس، ثم أغار على أكتيانيا وحاصر طلوشة (طولوز) فخرج له دوق أكتيانيا بجيش كبير، ونشبت معركة عظيمة بين الطرفين استُشْهِد فيها السمحُ بن مالك الخولاني عام 102هـ وتولى إمرة جند المسلمين عبد الرحمن الغافقي فانسحب بفلول الجيش إلى ناربونة (قاعدة سبتمانيا)..

ولم تطل مدة خلافته إذ توفي ولم يتجاوز الأربعين من العمر، ولربما لو طالت لكثرت الفتوحات، ولانتشر الإسلام على نطاق واسع إذ لم تكن هناك أحداث داخلية تشغل الناس عن الجهاد، ولم يكن هناك عوز يجعلهم بحاجة إلى التفكير في تأمين حاجات أهليهم، والعمل لسد الضرورات في الحياة..

وفي عهد يزيد بن عبد الملك غزا العباس بن الوليد بلاد الروم عام 103هـ على رأس صائفة كما غزاها سعيد بن عبد الملك، وفي عام 105هـ غزا مسلمة بن سعيد الترك..

أما في عهد هشام بن عبد الملك فلم يكن هناك فتوحات واسعة كالتي حدثت أيام الوليد بن عبد الملك، وإنما كانت غزوات يحدث فيها تقدم قليل ثم يعود المسلمون إثرها إلى ثغورهم، أو تفتح رقعة صغيرة من الأرض أو بعض الحصون، أو يحدث قتال بسبب نقض العهد من قبل أعداء المسلمين الأمر الذي يضطر فيه المسلمون إلى معاودة قتالهم وإجبارهم على طلب الصلح ثانية ودفع الجزية..

ففي بلاد الروم استمرت الغزوات في أرض الروم طيلة أيام هشام بن عبد الملك فكانت تندفع الصوائف والشواتي مجاهدة في البر والبحر، ولكن لم تحدث معها تغيرات في الحدود وإنما توغُّل في أرض الروم، ثم عودة إلى الحصون الكائنة على مرتفعات جبال طوروس..

وفي عام 108 هـ فتح مسلمة بن عبد الملك مدينة قيصرية ثم رجع عنها إلى الثغور، ووصل سعيد بن هشام عام 111هـ إلى مدينة قيصرية أثناء توغله في أرض الروم، وهزم عبد الله البطال قسطنطين وجيشه وأسره، ووصل سليمان بن هشام مدينة قيصرية ثانية، ورابط معاوية بن هشام عام 113هـ في ناحية مرعش وكان قد فتح حصن خرشنة قبل عام..

2ـ بحر الروم:

منذ أن تسلم معاوية رضي الله عنه إمرة بلاد الشام وهو يطمح بمنازلة الروم بحريًا، وما أن سمح له الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بذلك حتى انطلق في ذلك ليحمي المدن الساحلية ويصد عنها غارات الروم وأساطيلهم؛ فقد فتح قبرص عام 28هـ، وأعادها عام 33هـ، وانتصر على الروم في معركة ذات الصواري، وغزا صقلية غزوة استطلاعية كما غزا رودس، وقد نظم التعاون بين الجيوش البرية والأساطيل تنظيمًا دقيقًا، واشتُهِرَ من قادة البحر بُسْر بن أرطأة، ومالك بن هبيرة السكوني، والمنذر بن زهير، وخالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وفضالة بن عبيد الأنصاري ويزيد بن شجرة الرهاوي وعقبة بن نافع، وجنادة بن أبي أمية الأزدي وغيرهم..

ومن الملاحظ أن بعضهم كان يتسلم إمرة الجيوش البرية في بعض الأحيان فلم يكن هناك اختصاص، وإنما الروح المعنوية العالية تدفع المؤمن لأن يجاهد بأية منطقة كانت، كما يجب أن نعرف أن غزو البحر لم يكن محصورًا بأهل الشام من أبناء الساحل ولا بأهل مصر فقط، بل أصبح جميع المسلمين مجاهدين في البر والبحر على حدٍّ سواء، سواء كانوا من أهل البادية الذين لم يروا البحر طيلة حياتهم أم من أبناء السواحل الذين اعتادوا على العمل فيه، وكلهم يجيد القتال، ويحسن التصرف، ويضحي بكل شئ ففي عام 48 هـ قاد مالك بن هبيرة السكوني أهل مصر في البحر، وقاد أهل المدينة في البحر المنذر بن زهير وكان على الجميع خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، كما أنه من المعروف أن أكثر هؤلاء القادة كانوا من جزيرة العرب في الأصل، ومن أهل الداخل والبوادي.

واتخذ معاوية رضي الله عنه خطة في نقل أعداد من العرب المسلمين إلى الجزر في البحر الأبيض المتوسط لحمايتها ونشر الإسلام في ربوعها، ففي عام 48هـ نزل المسلمون بصقلية، واستطاع فضالة بن عبيد الأنصاري فتح جزيرة (جربا) عام 49هـ وقد سار إليها على رأس شاتية في ذلك العام..

وفي عام 50هـ تم حصار القسطنطينية، وفي عام 53هـ فتح جنادة بن أمية الأزدي جزيرة رودس، ونقل معاوية رضي الله عنه جماعة إليها لحمايتها..

وفي عام 55هـ تم فتح جزيرة كريت وبعد عامين فُتِحَتْ جزر بحر إيجة القريبة من القسطنطينية مقدمة لحصارها من جديد..

وفي عهد عبد الملك بن مروان غزا عطاء بن رافع جزيرة صقلية عام 84هـ..

وفي عام 89هـ دخل المسلمون جزيرة صقلية وميورقة على عهد الوليد بن عبد الملك..

أما في عهد هشام بن عبد الملك فقد حدثت غارات بحرية للجزر الواقعة في البحر الأبيض المتوسط، ومن أشهر قادة البحر في عهده عبد الله بن عقبة بن نافع، وعبد الله بن أبي مريم، وميمون بن مهران، وغزا أمير أفريقية جزيرة صقلية عام 121ه، وكان قائد الغزو حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الذي استطاع فتح مدينة سرقوسة، وكذا غزا أمير أفريقية عبيد الله بن الحبحاب جزيرة سردينيا عام 117هـ بإمرة قثم بن عوانة الذي تمكن من الاستيلاء على قلعة الجزيرة إلا أن المقاتلين قد غرقوا في البحر عند عودتهم..

3ـ إفريقية:

بعد أن فتح عمرو بن العاص رضي الله عنه مصر عام 20هـ أيام الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تقدم نحو الغرب حتى وصل إلى طرابلس إلا أن الخليفة لم يأذن له بالتقدم نحو إفريقية، وكان قد وجه عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ففتح مصراته، وسيَّر عقبة بن نافع ففتح زويلة، وعينه أميرًا على حامية مرابطة في برقة، وأرسل بسر بن أرطأة ففتح ودان، وعين عبد الله بن سعد بن أبي سرح أميرًا على الصعيد..

وعندما تولى عثمان بن عفان رضي الله عنه الخلافة أَذِنَ بفتح إفريقية؛ فأمر بإرسال قوة بإمرة عبد الله بن سعد بن أبي سرح نحوها وأمده بجيش من المدينة فيه الحسن والحسين ابنا علي وعبد الله بن العباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص، فالتقوا بأمير برقة عقبة بن نافع، ودخلوا طرابلس وانتصروا على الروم قرب موقع القيروان، وفتحوا قفصة..

ثم نقضت إفريقية العهد فعاد عبد الله بن سعد بن أبي سرح إليها، وجدد فتحها، وبقي عقبة بن نافع أميرًا على برقة، وكثيرًا ما كان يحدث نقض العهد من قِبَلِ البربر فيقوم المسلمون بإعادة تسيير الجيوش ويجددون الفتح..

وعندما آلت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عاد عمرو بن العاص واليًا على مصر، وكان قد دخلها منذ عام 38هـ، وتولى أمر المغرب معاوية بن حديج ففتح بنزرت عام 41هـ، كما دخل قمونية موضع القيروان عام 45ه، وأرسل عبدالله بن الزبير ففتح سوسة في العام نفسه، ورجع معاوية بن حديج إلى مصر فتولى أمر المغرب رويفع بن ثابت الأنصاري، وبقى عقبة بن نافع على برقة ففتح سرت ومغداس، وأعاد فتح ودّان ودخل فزان ووصل إلى جنوبها إلى كاوار، ودخل غدامس وقفصة وابتنى القيروان، كما فتح كورا من بلاد السودان..

وفي عام 50هـ تولى أمر مصر مسلمة بن مخلد فعزل عقبة بن نافع عن أمر المغرب، وولى أبا المهاجر دينار فوصل إلى المغرب الأوسط.

بعد أن وصل عقبة بن نافع، إلى ساحل المحيط الأطلسي، وقام بفتوحاته هناك عاد إلى قاعدته القيروان، وفي طريق عودته فاجأه الروم وهو في عدد من جنده لا يزيد على ثلاثمائة فارس، وكلموا كسيلة الذي كان في عسكر عقبة؛ فأظهر غدره وجمع أقرباءه وهاجموا عقبة؛ فاستشهد ومعه أبو المهاجر دينار وذلك عام 63هـ وكان نائبه على القيروان زهير بن قيس البلوي فقصده كسيلة، واضطر زهير إلى العودة إلى برقة وانتزع كسيلة القيروان من أيدي المسلمين، وقد كثر الروم في إفريقية إذ توقفت هجمات المسلمين كما أن البربر قد قويت شوكتهم، وعزَّ أمرهم بمجئ الروم إليهم، وكتب زهير إلى عبد الملك يخبره بذلك فأرسل إليه قوة كبيرة من بلاد الشام سار بهم إلى إفريقية واقترب من القيروان عام 69هـ ونازل كسيلة في (ممس) إلى الغرب من القيروان فانتصر عليه وقتله، ولاحق المسلمون البربر والروم حتى المغرب الأقصى، وكانت معركة ممس معركة حاسمة ذل بعدها الروم تمامًا وضعفت مقاومة البربر، وجاءت مراكب كثيرة من الروم من القسطنطينية وجزيرة صقلية فأغارت على برقة؛ فسلبت ونهبت كثيرً، وصادف ذلك قدوم زهير فطلب من جنده الحركة السريعة نحو الساحل لاستنقاذ سبي المسلمين، فلما رأوه استغاثوا به وهم يُسحبون نحو المراكب فأسرع لنجدتهم وكانت الروم بأعداد كبيرة فجرت معركة استشهد فيها زهير عام 71هـ..

وأرسل عبد الملك عام 73هـ حسان بن النعمان الغساني واليًا على إفريقية فسار من مصر بأربعين ألفًا ويقال إنه أول من دخل إفريقية من جند الشام فنزل طرابلس عام 74هـ وسار بعدها إلى القيروان ولم يجد أثناء سيره سوى مقاومة خفيفة ثم سار إلى قرطاجنة وأمر بهدمها فهدمت حتى يحرم الروم من الإفادة من مرافئها، ثم أقام إلى الجنوب منها مدينة تونس، ولاحق الروم إلى الساحل فهزمهم في بنزرت وصطفورة، ثم عاد إلى القيروان فمكث فيها مدة، ثم انطلق نحو الكاهنة في جبال أوراس وكان البربر يطيعونها، وأمرها عظيم يخشاه الروم، والتقى الطرفان وهُزِمَ المسلمون بعد بلاء عظيم، وأخبر حسان الخليفة عبد الملك بذلك فأمره بالانتظار حتى تصل إليه الأوامر، أما من ناحية الروم فقد سُرُّوا بهزيمة المسلمين وحرصوا على استرجاع إفريقية، ووصل أسطولهم عام 78هـ إلى قرطاجنة بإمرة البطريق يوحنا فتمكن من دخولها، وقسا الروم على المسلمين قسوة شديدة تدل على حقدهم ومحاولة الانتقام، وتحصنوا في قرطاجنة والمدن المجاورة لها، وأخبر حسان أمير المؤمنين عبد الملك بما قسا به الروم.

بقى حسان مقيمًا في مكان (قصور حسان) بالقرب من سرتة مدة خمس سنوات وهو يستحث عبد الملك لإرسال الجنود إليه إلا أن عبد الملك كان مشغولاً في حوادث المشرق التي شغلته مدة من الزمن وهي حركة الخوارج وحركة ابن الأشعث، ثم أرسل نجدة إلى حسان عام 81هـ وأمره بالسير نحو إفريقية فتحرك حسان نحو الكاهنة فهزمها وقتلها عام 82هـ وعمل على الإحسان إلى البربر فحَسُنَ إسلامُهم، ثم عاد إلى القيروان فاستراح به، مدة ثم اتجه شمالاً نحو قرطاجنة، وجرت معركة بحرية هُزِمَ فيها الرومُ، وفُتِحَتْ قرطاجنة وانتقل البطريق يوحنا هاربًا إلى بيزنطة، وطلب حسان النجدة البحرية من عبد الملك فأرسل له أسطولاً بإمرة عبد الملك بن قطن فاستولى على جزر (كركنة)، ثم أرسل حسان خيلاً إلى المغرب فسيطر على فاس، وخلصت له المغرب تمامًا، وحتى لا يعود الروم إلى قرطاجنة أنشأ حسان مرفأ تونس جنوب قرطاجنة..

وقام حسان بتدوين الدواوين وضرب الدنانير والدراهم العربية ثم عُزِلَ عن إفريقية سنة 85هـ..

وبعد أن تولى موسى بن نصير إفريقية عمل على توطيد الوضع فيها، فعمل على نشر الإسلام بين البربر، وقد نجح في مهمته، ودان البربر بالطاعة للإسلام..

الجبهة الشرقية:

ولم تكن ساحة واحدة شأنها في ذلك شأن الجبهة الغربية، فكانت عدة ميادين، لأنها تقع على بلاد عدة أمم، ومعظمها وثنية بعكس الغربية التي يدين غالبية سكانها بالنصرانية فنرى في الشمال شعوب القفقاس المختلفة التي أشهرها اللان، وفي الشمال الشرقي نجد الأتراك في بلاد ما وراء النهر، وكانوا على الوثنية أيضًا، وفي الشرق نجد طخارستان وسجستان وسكانهما من الوثنين، وفي الجنوب الشرقي بلاد السند.

غزا المسلمون بلاد اللان عام 41هـ، وفتحوا الرُّخج، وغيرها من بلاد سجستان عام 43هـ، ودخل الحكم بن عمرو الغفاري منطقة القيقان في طخارستان وغنم غنائم كثيرة عام 45هـ، كما فتح المسلمون قوهستان، وفي عام 55هـ، قطع عبيد الله بن زياد نهر جيحون ووصل إلى تلال بخارى..

وغزا المسلمون عام 44هـ بلاد السند بإمرة المهلب بن أبي صفرة، كما غزوا جبال الغور عام 47هـ، وكان المهلب مع الحكم بن عمرو الغفاري..

وكان سكان المناطق الشرقية ينكثون بالعهد مرة بعد أخرى ويعود المسلمون لقتالهم ودخول أراضيهم؛ لذلك نلاحظ أن مناطق تلك الجهات قد فتحت عدة مرات، واستمرت مدة من الزمن على هذه الحال حتى دانت نهائيًا أيام الوليد بن عبد الملك..

استغل الأعداء حروب المسلمين فيما بينهم فقاموا بحركات على كل جبهات القتال، وهدد الروم بلاد الشام، واضطر عبد الملك بن مروان إلى أن يدفع لهم إتاوة سنوية ريثما ينتهي من تدبير أمره، ووصلوا في عام 79هـ إلى أنطاكية، وتمكنوا في إفريقية من قتل عقبة بن نافع وأبي المهاجر دينار عام 63هـ ثم قتل زهير بن قيس البلوي عام 71هـ حتى تراجع المسلمون إلى برقة، وتركوا القيروان قاعدتهم الأولى وراءهم..

ونقض أهل أرمينيا العهد، وكذا الترك على الجبهة الشرقية، وهاجموا المسلمين عدة مرات، فلما اجتمع أمر المسلمين على خليفة واحد، وتوحد أمرهم قاموا برد الضربة، وعاد للجهاد أثره وحدثت فتوحات على الجبهات الإسلامية كلها.









الأعلى رد مع اقتباس
قديم 19 Sep 2012, 07:43 PM [ 39 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: الدولة الأموية


أسباب سقوط الدولة الاموية:

قال الله تعالى: [قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ].. {آل عمران:26}.

حقًا.. لكل أمة أجل، ولكل أجل كتاب.. والمُلك بيد الله تعالى.. يقلب الليل والنهار، فيعزُّ من يشاء بتوفيقه، ويذل من يشاء بخذلانه.. ويرفع من يشاء بقدرته، ويخفض من يشاء بحكمته.

ومن حكمة الله أنه إذا جَارَ الملوك على الرعية، فجار القوي على الضعيف، ولم يؤخذ للمظلوم حقه من ظالمه سلط الله على الملوك من يفعل بهم كفعلهم برعاياهم وضعفائهم سواء بسواء.. وهذه سُنَّةُ الله تعالى منذ قامت الدنيا إلى أن تزول..

فلما قدَّر الله وشاء زوال ملك بني أمية.. هيَّأ لذلك أسبابه، وإذا قدَّر الله أمرًا فلا مردَّ له، وكان أمر الله قدرًا مقدورًا..

اختلفت كلمة بني أمية، وسارع الناس واجتمعوا على الخليفة العباسي فكان انقراض ملك بني أمية، وبدأ مُلك بني العباس.. ولكن يبقى التساؤل: ما جوانب التقصير التي طرأت على الأمويين فأدت إلى زوال دولتهم؟

وعندما ننظر إلى حقبة الخلافة الأموية نجد أن جميع خلفائهم من لدن معاوية ـ رضي الله عنه ـ إلى آخرهم.. لم يتجاوزوا أربعة عشرة رجلاً..

وعندما نستعرض سير وأدوار حياتهم نجد عدة أسباب اجتمعت عندهم كانت هي الأسباب الحقيقية لسقوط دولة بني أمية وزوال عزهم ومجدهم..

فسقوط دولة الخلافة الأموية هو أمر طبيعي إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الدول كالأفراد والكائنات الحية تمر في أدوار ومراحل مختلفة من نمو وقوة وضعف ثم فناء، وإنما كل دولة تُذكر بمآثرها وبما تتركه من آثار إيجابية
..

ومما لا شك فيه أن هذه الدولة الأموية تركت مآثر جليلة تُذكر لها منها:

أنها زادت في مساحة الدولة الإسلامية فامتدت من أواسط أسيا شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا، وصبغت هذه المساحة الشاسعة من الأراضي بالصبغة العربية عن طريق تشجيع هجرة القبائل من الجزيرة العربية إلى البلاد المفتوحة حيث استقرت واختلطت بالسكان المحليين، فنتج عن هذا الانتشار العربي نشر اللغة العربية في أنحاء البلاد المفتوحة باعتبارها لغة القرآن، وكان من عوامل انتشار العربية تعريب الدواوين وضرب النقود العربية الإسلامية..

كما اهتمت بتدوين الحديث النبوي الشريف الذي بدأ في عهد عمر بن عبد العزيز الأمر الذي ساعد على انتشار اللغة العربية بين المسلمين على مختلف طبقاتهم ومستوياتهم..

هذا وقد سُئِلَ بعضُ شيوخ بني أمية ومحصِّليها عقب زوال الملك عنهم إلى بني العباس: "ما كان سبب زوال ملككم؟

قال: إنا شُغِلْنا بلذاتنا عن تفقُّدِ ما كان تفقدُه يلزمنا فظلمنا رعيتنا فيئسوا من إنصافن، وتمنوا الراحة منا، وتحومل على أهل خراجنا فتخلَّوا عنا، وخرُبت ضياعُنا فخَلَتْ بيوتُ أموالن، ووثقنا بوزرائنا فآثروا مرافقهم على منافعنا، وأمضوا أمورًا دوننا أخفوا علمها عنا، وتأخر عطاء جندنا فزالت طاعتهم لنا، واستدعاهم أعادينا فتضافروا معهم على حربنا، وطلبنا أعداؤنا فعجزنا عنهم لقلة أنصارنا، وكان استتار الأخبار عنا من أَوْكَد أسباب زوال ملكنا"..

الواضح أن التماسك كان لا يزال باديًا على دولة الخلافة الأموية حتى عهد هشام بن عبد الملك، فقد أضاع الأمويون بعد وفاته في عام 125هـ / 743م كل شيء بعدما فقدوا تماسكهم، وكان عهد الوليد الثاني وما اكتنفه من عبث.. إلى جانب الحروب الأهلية التي حدثت بعد مقتله... كل ذلك ساعد في تحطيم ما كان من هيبة للأمويين في قلوب الناس..

وعلى الرغم من أن مروان الثاني كان مقاتلاً شجاعً، وقائدًا ممتازًا.. إلا أن فرص الإصلاح كانت قد تبدَّدت، ولم يستطع لمّ شعث الأمويين.. فتفرقوا وذهبت ريحهم..

ويبدو أن لهذا الانحلال الذي سرى في جسم الدولة أسبابًا خاصة ترجع إلى الظروف التي قامت في ظلها، وإلى الآثار الدينية والمعنوية التي أثارتها السياسة الأموية بالإضافة إلى أسباب عامة تكمن في التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي برزت نتيجة التوسع في الفتوحات والاحتكاكات مع الشعوب المجاورة عسكريًا وحضاريًا..

والواقع أن سقوط دولة الخلافة الأموية لا يمكن أن يُعزَى إلى حادث منفرد؛ فلا بد أن تكون هناك جملة أسباب أدت إلى هذه النهاية المحتومة كان من بينها:


تولية العهد لاثنين في وقت واحد!!

من الأسباب التي أضعفت البيت الأموي وآذَنَتْ بذهاب ريحه تولية العهد لاثنين يلي أحدهما الآخر.. ويبدو أن ما دفع بعض الخلفاء أن يسلكوا هذا المسلك لم يكن إلا تفاديًا لنشوب الحروب الأهلية بعد وفاة الخليفة!.. وقد بذر هذا النهج بذور الشقاق والمنافسة بين أفراد ذلك البيت وأورثهم الحقد والبغضاء، ولا غرو.. فما كان يتم الأمر لأول الأميرين حتى يعمل على إقصاء الثاني من ولاية العهد بل تعداهم إلى القواد والعمال.. فإنه لم يكد يم الأمر لثانيهما حتى ينكل بمن ظاهر خصمه، وساعده على إقصائه من ولاية العهد..

وأول من سَنَّ هذه السنة مروان بن الحكم فقد ولى عهده ابنيه عبد الملك ثم عبد العزيز، ولم يأبه بما كان في مؤتمر الجابية حيث بايعوا عبد الملك ثم خالد بن يزيد وعمرو بن سعيد بن العاص وكان من أثر ذلك أن خرج عمر بن سعيد على عبد الملك..

سار عبد الملك على سنة أبيه مروان، فقد فكر في خلع أخيه عبد العزيز من ولاة العهد وتولية ابنيه الوليد ثم سليمان، إلا أن وفاة عبد العزيز دون ما كانت تحدثه به نفسه من خلعه، ولم يمنعه ذلك من ارتكاب تلك الغلطة التي أورثت البغض والعداوة بين الأخوين، بل تعدتهما إلى القواد والعمال، فإن الوليد بن عبد الملك لما ولي الخلافة عمل على خلع أخيه سليمان من ولايته للعهد وجعلها في ابنه عبد العزيز، وكتب بذلك إلى العمال فأجابه الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق، وقتيبة بن مسلم والي خراسان، ومحمد بن القاسم والي السند، وأجزل الوليد العطاء للشعراء للإشادة بفضل عبد العزيز مما أثار روح الكراهية والبغضاء بينه وبين أخيه، فلما ولى سليمان الخلافة بعد وفاة أخيه الوليد انتقم ممن كان لهم يد في خلعه..

وهكذا تطورت المنافسة بين أفراد البيت المالك تطورًا غريبًا وأضحت خطرًا على الدولة الأموية، فقد كان الخليفة ينتقم من القواد والعمال لمجرد اتهامهم بممالأة الخليفة السابق على خلعه..

هكذا بدأ سليمان عهده بالانتقام من كبار القواد وخيرة العمال والتشفي منهم، وكان من حسن حظ الحجاج أن مات قبل الوليد. على أن ذلك لم يصرف سليمان عن الانتقام من أهل بيته، فقد أمر يزيد بن المهلب وكان عدو الحجاج الألد، وصالح بن عبد الرحمن أن يذيقا آل الحجاج أشد صنوف العذاب، كذلك انتقم سليمان من محمد بن القاسم ذلك القائد العظيم الذي بسط نفوذ الدولة على الهند والسند، وكذلك كان نصيب قتيبة بن مسلم الذي بسط نفوذ الدولة في بلاد ما وراء النهر..

ظهور روح العصبية:

ظهرت روح العصبية بين القبائل العربية عقب وفاة يزيد بن معاوية غير أنها لم تكن من الشدة بحيث تؤثر في انحلال الحزب الأموي الذي ظل حافظًا لكيانه كحزب سياسي يناضل خصومه من الأحزاب الأخرى إلى أن كانت خلافة عمر بن عبد العزيز التي تعتبر فترة انتقال بين حال القوة والتماسك وحال الضعف والتفكك الذي اعترى ذلك الحزب فقد كان عمر صالحًا عادلاً قضى فترة خلافته في إصلاح ما أفسده من سبقه من خلفاء بني أمية حتى نال رضاه جميع العناصر الثورية فلم يتعصب لقبيلة دون أخرى، ولم يوِّل واليًا إلا لكفايته وعدالته، سواء أكان من كلب أو من قيس، فسكنت في عهده الفتن التي كانت تنتاب الدولة وتكاد أن تذهب بريحها..

فلما توفى عمر بن عبد العزيز خلفه يزيد بن عبد الملك، فاستقبل بخلافته فتنة كان لها أسوأ الأثر في حزب بني أمية، وكانت هذه الفتنة في الواقع نزاعًا بين عرب الشمال وعرب الجنوب أو بين مضر واليمن، ولما كان الخليفة من عرب الشمال لم يتورع عن خوض غمار تلك الفتنة..

وكانت هذه الفتنة سببًا في القضاء على أفراد بيت المهلب بن أبي صفرة، فقد قُتِلَ بعضُهم في الحرب، وحمل بعضهم في الأغلال إلى يزيد بن عبد الملك فأمر بهم فقتلوا جميعًا..

وقد أخلصت أسرة المهلب في خدمة بني أمية، فأبلى هو وأبناؤه في حرب الأزارقة من الخوارج بلاءً حسنً، كما حارب أهل خراسان والخزر والترك، وخلفه أبناؤه فكانوا مثله في الشجاعة والنُّبل والفضل، فمدحهم الشعراء وتغنَّى بفضلهم الركبان، وقصدهم الشعراء وذوو الحاجات، فأجزلوا لهم العطاء، ووصلوهم بالصلات الجمَّة، فعظم أمرهم وبعد صيتهم ونبه شأنهم، فكانوا غُرَّة في جبين الدولة الأموية، كما كان البرامكة في دولة بني العباس؛ لذلك لا ندهش إذا انحاز إليهم العنصر اليمني الذي أصبح منذ ذلك الحين خطرًا يهدد كيان حزب بني أمية، وقد زَجَّ يزيد بنفسه في تلك العصبية التي عادت سيرتها الأولى يوم مرج راهط، وأخذ الخلفاء يعملون على توسيع مسافة الخلاف بين هذين العنصرين اللذين كانا عصب دولتهم مصدر قوتهم، فنراهم ينضمون إلى القيسية حينًا وإلى اليمنية حينًا آخر..

كان طبيعيًا بعد هذه الحاثة أن يأخذ يزيد جانب القيسيين، فولَّى أخاه مسلمة -الذي قضى على ثورة يزيد بن المهلب- على المشرق، ثم ولى عمر بن هبيرة وهو قيسي واصطبغت الدولة كلها بالصبغة القيسية المضرية، وأصبح العنصر اليمني ضعيفًا لا يملك من الأمر شيئًا..

ولما توفي يزيد بن عبد الملك وخلفه أخوه هشام، رأى أن القيسية قد علت كلمته، فخاف ازدياد نفوذها على الدولة، فعمل على التخلص منهم والانحياز إلى اليمنية ليعيد التوازن بين العنصرين: اليمني والقيسي، فعزل العمال المضريين وولى مكانهم بعض اليمنين؛ فولى خالد بن عبد الله القسري على العراق، وولى أخاه أسدًا على خراسان؛ وبذلك أخذ العنصر اليمني يستعيد قوته وأخذ العنصر القيسي في الضعف، وتعصب خالد وأخوه لليمنية فأخذوا ينتقمون من المضريين..

على أن هشامًا لم يتبع سياسة ثابتة بإزاء القبائل المختلفة، فإنه بعد أن إنحاز إلى جانب اليمنيين لم يلبث أن تحول عنهم إلى المضريين وولى منهم العمال: فولى يوسف بن عمر الثقفي العراق، ونصر بن يسار خراسان، وكذلك فعل في بلاد الأندلس..

وكان مقتل خالد بن عبد الله القسري زعيم اليمنية من أقوى الأسباب التي عجَّلت بسقوط حزب بني أمية، فإن اليمنية الذين لم ينسوا للدولة قضاءها على آل المهلب فُوجِئوا بقتل زعيمهم خالد بن عبد الله لاتهامه بممالأة العلويين وإغداقه عليهم حتى خرج زيد بن علي زين العابدين، كما اتهم بالزندقة الإلحاد فعادت القلاقل سيرتها الأولى، وعمل اليمنية على التخلص من سيادة الأمويين..

ولزم الوليد بن يزيد بن عبد الملك جانب المضريين لأن أمه كانت منهم وأقصى العنصر اليمني، فأثار ذلك عوامل السخط والغضب في نفوس اليمنية عليه بعد أن قتل زعيمهم وأقصاهم من مناصب الدولة؛ فأخذوا يدبرون المكائد لقتله وسخط عليه عامة الناس، فانتهز اليمنيون هذه الفرصة وثاروا عليه، وانضم إليهم يزيد بن الوليد بن عبد الملك الذي كان يُظهِر التنسك والتواضع، فقتلوه في جمادى الآخرة 126هـ وبايعوا يزيد..

ولم يضع قتل الوليد حدًا للنزاع الذي قام بين أفراد البيت الأموي وظهر بين العنصرين اليمني والمضري بل ساعد على تفاقم ذلك النزاع؛ فإن يزيد لم يكد يعتلي عرش الخلافة حتى أخذ بسيرة أسلافه فانضم إلى اليمنيين ولزم جانبهم، وأخذ يولي العمال منهم لأنهم ساعدوه على الوصول إلى الخلافة..

وأطلق اليمنيون يدهم في الإساءة إلى المضريين الذين ثارت ثائرتهم، فأشعلوا نار الثورة في حمص، وانضم إليهم يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية وغيره من أفراد البيت الأموي، كما ثاروا في فلسطين بزعامة يزيد بن سليمان بن عبد الملك، وحذا أهل الأردن حذوهم بزعامة محمد بن عبد الملك، غير أن يزيد بن الوليد استطاع بمساعدة اليمنيين أن يتغلب على هؤلاء جميعًا فأخضعهم وزج بزعمائهم من أهل بيته في أعماق السجون..

ثم توفي يزيد بعد أن حكم ستة أشهر (126 هـ) فولي الخلافة بعده أخوه إبراهيم، وكان يزيد قد عهد إليه بالخلافة التي فقدت ماكان لها من هيبة في نفوس المسلمين، ولم يلقَ إبراهيم الاحترام الذي كان لمن سبقه من الخلفاء، حتى كان الناس يسلمون عليه بالخلافة تارة وبالإمارة تارة أخرى، وطورًا لا يسلمون عليه بواحدة منهما..

سار مروان بجنوده من الجزيرة يريد الشام مطالبًا بدم الوليد بن يزيد، وتظاهر بعزمه على إعادة الخلافة إلى ابنه إبراهيم وسرعان ما انضمت إليه القيسية لمناهضة اليمنية التي دبرت مؤامرة لقتل الوليد، فأخذ إبراهيم يحشد الجيوش لقتال مروان بن محمد عامل الجزيرة وأرمينية، ولكن مروان كان قائدًا شجاعًا حنكته الحروب مع الخزر والترك فاستطاع أن يتغلب على جنود إبراهيم وهزمهم شر هزيمة ودخل الشام، وفرَّ إبراهيم وكثير من أنصاره..

وكان مروان يريد أن تكون الخلافة في وَلَدِ الوليد، ولكن اليمنيين عمدوا إلى ابني الوليد فقتلوهما في السجن خوفًا من أن يليا الخلافة فيقتصا منهم، وشهد محمد السفياني بأنهما جعلا الخلافة من بعدهما لمروان، ثم قال السفياني لمروان: ابسط يدك أبايعك، فبايعه وتبعه أهل الشام، وبذلك أصبح مروان خليفة المسلمين عام 127 هـ وفي عهده ثارت روح العصبية في جميع أنحاء الدولة الأموية وتقوَّض بناء البيت الأموي وأَشْرَفَ على الزوال.

على أن مروان سار سيرة سلفه فتعصب للقيسية، وطالب اليمنية بدم الوليد الذي قتلوه انتقامًا لخالد بن عبد الله القسري فانتفض أهل حمص بزعامة ثابت بن نعيم وانضم إليهم أهل تدمر برئاسة الأصبغ بن ذؤالة الكلبي غير أن مروان استطاع أن يتغلب عليهم ويهزمهم؛ فأرسل مروان جيشًا أحلَّ بهم الهزيمة وقتل يزيد؛ فخلصت له دمشق ، وحذت اليمنية حذوهم في فلسطين، فأرسل إليهم مروان جيشًا قضى عليهم..

ولم يكد الأمر يستتب لمروان في بلاد الشام حتى خرج عليه بها سليمان بن هشام بن عبد الملك، ودعا أهلها إلى خلعه فانضمت إليه اليمنية فسار إليه مروان وهزمه بعد حروب طويلة، وفرَّ سليمان إلى العراق وانضم إلى الخوارج لمناوأة مروان، كما انضم إليه عبد الله بن عمر بن عبد العزيز..

هذه هي حال العصبية في الشام وقد ساعد على قيام الثورة فيها أن أكثر أهلها كانوا من العنصر اليمني، وربما كان ذلك هو السبب الذي حدا مروان إلى عدم اتخاذها مقرًا لملكه، والانتقال إلى الجزيرة حيث أقامت القيسية الذين كانوا عماد دولته..

وأما بلاد العراق فإن الحالة لم تكن فيها أحسن مما كانت عليه في بلاد الشام فقد اشتعلت نار العصبية في هذه البلاد حتى ظهر الضحاك بن قيس الخارجي الذي استولى عليها، كما استولى فريق من الخوارج على بلاد اليمن والحجاز بقيادة المختار بن أبي عبيدة..

وهكذا أصبحت البلاد مرتعًا للفتن والاضطرابات، وشغل إخمادُ هذه الفتن مروانَ، فلم يلتفت إلى خراسان وما كان يجري فيها من بثِّّ الدعوة العباسية التي اشتد أمرها وعظم خطرها، ولم يلبث أن باغتته الرايات السود من خراسان وطاردته وقضت على جيشه؛ ففر إلى مصر حيث أدركه عبد الله بن علي العباسي ثم أخوه صالح بن علي الذي قتله 132 هـ، ويعتبر القضاء على بني أمية قضاء على نفوذ العرب الذين كان الأمويون يعتمدون عليهم دون سواهم..


انغماس بعض الخلفاء في الترف:

كان لانصراف بعض خلفاء بني أمية إلى حياة البذخ الترف اللذين أخذوهما عن البلاد البيزنطي أثر كبير في سقوط دولتهم، فقد اشتهر يزيد بن معاوية بحبه للّهو..

أما يزيد بن عبد الملك فإنه لم يكن أحسن حالاً من يزيد بن معاوية، فقد كان كما ذكر البلخي صاحب كتاب "البدء والتاريخ" صاحب لهو فقد شغف بجارية تسمى حبابة واشتهر بذكرها، كذلك اشتهر ابنه الوليد باللهو والمجون وكان شاعرًا مجيدًا له أشعار كثيرة في العتاب والغزل..

تعصب الأمويين للعرب:

كانت الدولة الأموية دولة عربية لحمًا ودمً، ومن ثَمَّ تعصب الأمويون للعرب والعروبة، وأخذوا ينظرون إلى الموالي نظرة الاحتقار والازدراء، بما أيقظ الفتنة بين المسلمين وبعث روح الشعوبية في الدولة الإسلامية، وكان منشأ تلك الحركة اعتقاد العرب أنهم أفضل الأمم وأن لغتهم أرقى اللغات..

وإذا نظرنا إلى حركة الشعوبية ألفيناها حربًا سلمية اشتبكت فيها الألسنة والأقلام اشتباكًا لا يقل أثرًا عن اشتباك الأسنة والرماح، وترجع هذه الحركة ـ على ما يظهر ـ إلى الوقت الذي دخل فيه العرب بلاد الفرس وغيرها من بلاد الأعاجم، ولما جاء الأمويون حملوا لواء هذه الحركة طوال خلافتهم، وانحازوا إلى العرب ولم يساووا بينهم وبين الموالي، فأجمع هؤلاء أمرهم وثاروا على الأمويين في عهد عبد الملك بن مروان، فأرسل إليهم الحجاج بن يوسف الثقفي ليقضي على حركاتهم..

ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة أمر عماله بوضع الجزية عمن أسلم سواء كان عربيًا أو غير عربي، ولقد نجحت سياسته في حياته، ثم تبدلت الحال بعد وفاته، فعاد الأمويون يفرقون في المعاملة بين العرب والموالي.

فلا عجب إذا أثارت هذه المعاملة حنق الموالي وسخطهم على الأمويين، وأخذوا يتلمسون الفرص للإيقاع بهم، فانضموا إلى المختار ثم إلى الخوارج واشتركوا في فتنة عبد الرحمن بن الأشعث، كما ثاروا مع يزيد بن المهلب للقضاء على هذه الدولة، فلما نشط دعاة العباسين انضموا إلى الدعوة العباسية لينالوا حقوقهم المهضومة، وقد فطن العباسيون إلى ما كان يضمره الموالي لبني أمية ودولتهم من كراهة فاستعانوا بهم في نشر الدعوة لهم..

انقلاب الخلافة الإسلامية إلى الملك العضوض:

فبعد أن كان الخليفة يُختار من مجموع المسلمين أو من أهل الحل والعقد بعد توافر عدة كفاءات به، وعلى رأسها الجانب الديني من التقي والصلاح، أصبحت الخلافة ملكًا يرثه الابن من أبيه، والأخ من أخيه، ومن استطاع الغلبة..

تخلِّي خلفاء بني أمية عن القيادة الدينية:

كان من صميم عمل الخليفة الحج بالناس والإمامة في الأعياد والجمع والصلوات إلا إذا طرأت له الأعذار من مرض أو نحوه..

وهذه القيادة الدينية كانت تقرب الخليفة من الرعية، وتشعرهم بقربه منهم، وحرصه على سلامة دينهم، وتقرب طائفة العلماء والزُّهَّاد من الخليفة فتصلح الدنيا والدين معًا..

فكان خلفاء بني أمية في بدء عهدهم يَؤُمُّون الناس، فخلف من بعدهم من أخَّر في إقامة الصلوات، ثم ازداد الأمر سوءًا عندما تخلى الخلفاء عن القيادة الدينية وأنابوا عنهم الولاة والأمراء..

ويتمثل المنصب الديني ـ أيضًا ـ في القيام بدور القضاء، والفصل بين الناس في الخصومات، وكان خلفاء بني أمية يباشرونه بأنفسهم في بدء خلافتهم، ولا يجعلونه إلى أحد سواهم، إلا إذا شغلوا بجهاد أو نحوه من الأمور العظام..

فلما طال الزمان ترك الخلفاء القضاء للأمراء، والذين بدورهم أنابوا غيرهم، مما أضعف من شخصية الخليفة في أعين الرأي العام..

بغض الكثيرين من الرعية لبني أمية:

وقع بعض خلفاء بني أمية في بعض الأخطاء القاتلة التي جلبت لهم سخط الكثيرين من الرعية من أمثلة ذلك: موقف يزيد بن معاوية من الحسين ـ رضي الله عنه ـ وما نشأ عنه من قتل الحسين، وموقف عبد الملك بن مروان من آل الزبير، وقتاله لعبد الله ومصعب ابني الزبير حتى قتلا..

فقد ظهرت الشيعة وغيرها واجتمعوا على مناوأة الأمويين، والكيد لهم، وليس خروج المختار وتتبعه لقَتَلَة الحسين ـ رضي الله عنه ـ وقتلهم شر قلة إلا مثلاً من تلك الأمثلة على تغلغل الشعور بالبغض والسخط في قلوب الكثيرين من الرعية..

تأخر رواتب الجند في بعض الأحيان:

الجندي ما هو إلا سلاح الحاكم ضد الخارجين على الشريعة، والدرع الواقي للدولة الإسلامية ضد أعدائها فإن أُعطِيَ ما له من عطاء كانت طاعته حاضرة، وإذا العطاء مُنِعَ تذمر وتخاذل، وتواطأ وتأمر..

وهذا ما حدث بالفعل في عهد بعض خلفاء بني أمية، وعلى الخصوص في أواخر عهدهم في خلافة مروان بن محمد حيث قلَّت الأموال، وتوقف الكثير من الأقاليم عن إرسال الأموال إلى دار الخلافة لسقوط تلك الأقاليم تحت راية الخوارج، وقد سُئِلَ شيخ من شيوخ بني أمية بعد زوال دولتهم عن أسباب زوال ملكهم فقال:.... وتأخر عطاء جندنا فزالت طاعتهم لنا، واستدعاهم عدونا فظاهروه على حربنا"..

النزاع بين أبناء البيت الأموي:

كان الملك موضع حديث بين أبناء البيت الأموي منذ زمن طويل، فقد شكت رملة بنت معاوية بن أبي سفيان إلى أبيها ما دار من حديث بين مروان بن الحكم وزوجها عمرو بن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ عندما جاء مروان يعوده من مرض ألمَّ به، ومنه أن مروان قال لعمرو: "إنما ولي معاوية الخلافة بذكر أبيك، فما يمنعك من النهوض لطلب حقك فنحن أكثر من آل حرب عددًا".. وما زال مروان يَعُدُّ فضلَ (كثرة وزيادة) رجال بني أبي العاص-قوم مروان وعمرو-على بني حرب-قوم معاوية-حتى تمنت رملة أن ولديها عثمان وخالدًا من عمرو بن عثمان ماتا..

فكان معاوية ـ رضي الله عنه ـ يستعين بمروان بن الحكم وسعيد بن العاص في الولاية على الحجاز دون غيرها لما يراه من طموحهما وتطلعهما إلى الخلافة، يداول ويغري بينهما في الولاية ليأمن مكرهما، ولم يحتج معاوية ـ رضي الله عنه ـ في مدافعته إياهم عن الملك إلى امتشاق السيف وظل بنو حرب يتقدمون بني أمية في قيادة الأمة حتى خلا منصب الخلافة منهم عام 64هـ، فاختار أهل الحل والعقد من أهل الشام مروان بن الحكم خليفة بإزاء عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ الذي بويع له بالخلافة خارج الشام، وقدموا مروان على خالد بن يزيد بن معاوية الذي كان صغيرًا، وهكذا خرجت الخلافة من آل أبي سفيان بن حرب إلى بني مروان بن الحكم من غير أن تُراقَ قطرة دم، ولم يقم آل أبي سفيان بمغالبة المروانيين على الملك، ولعلهم رضوا من الخلافة بحظهم الفائت منها بعد ما رأوا تحول أهل الشام عنهم إلى المروانيين..

وثار عمرو بن سعيد بن العاص الملقب بالأشدق، وأغلق دمشق في وجه عبد الملك بن مروان ولكن عبد الملك نجح في السيطرة على الثورة بقتل عمرو بن سعيد واستغل خطر عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ في تجاوز هذه الفتنة..

ولم يُهج آل عبد الملك -أثناء حكمهم- أحدًا من بني أمية إلا ما كان من أمر ولاية العهد فقد روي أن عبد الملك بن مروان همّ أن يخلع أخاه عبد العزيز بن مروان ويعقد لابنيه الوليد وسليمان وتردد في ذلك، وكان هناك من ينهاه ومن يشجعه، ولكن موت عبد العزيز أغلق باب الشر..

كما حاول الوليد بن عبد الملك أن يعزل أخاه وولي عهده سليمان ويجعل ابنه عبد العزيز مكانه، وأطاعه بعض رجال دولته، ولكنه لم ينجح..

وحاول هشام بن عبد الملك أن يعزل ابن أخيه الوليد بن يزيد بتهمة الفسق والمجون ويولي ابنه مكان،ه ولكنه لم يفلح في ذلك أيضًا وحتى عام 125هـ وهو العام الذي توفي فيه هشام بن عبد الملك لا نجد المروانيين يبلغ لهم الخلاف على الملك حدَّ النزاع الدموي..

فلما قام الوليد بن يزيد بالخلافة لم يستعمل أحدًا من آل الوليد بن عبد الملك وجفاهم واشتد عليهم وعلى بعض بني عمه، ثم جعل الخلافة من بعده في ولديه الحكم وعثمان، فقام آل الوليد بن عبد الملك بالعمل ضده وكان رأسهم في هذا الوجه يزيد بن الوليد بن عبد الملك، ومعه منهم ثلاثة عشرة رجلاً، ولما بلغ جمع يزيد عسكر الولاية دعوهم إلى الكتاب والسنة وجعل الأمر شورى، وأخذوا يستميلونهم بالمال والولايات، فضعف أمر الوليد وقتل..

فثار أهل حمص والأردن وفلسطين الذين دعوا إلى الطلب بدمه وثروا على يزيد رغم إظهار يزيد التنسك وتذرعه بالدين في قتل الوليد..

ولكن قيام يزيد بقتل ابن عمه الوليد وجلوسه مجلسه في الخلافة، وضع سلطان بني أمية في قفص الاتهام ورفع عنه أستار المهابة، ودفع بهم إلى السقوط وبعد أن كانت الخلافة تؤخذ بعهد من الخليفة القائم وبيعة الأمة أخذت هذه المرة بالقوة، وتحركت في مروان بن محمد أمير الجزيرة وأرمينيا وأذربيجان وقائد جيوش ثغورها أحاسيس الملك والسلطان وصار يرنو بنظره إلى دمشق.. فسار مروان بن محمد من الثغور إلى دمشق، وأظهر أنه يأخذ بثأر الوليد بن يزيد، ويعيد الخلافة في ولده فآزره أهل حمص ثم استوى على كرسي الخلافة، وأبعد بني عبد الملك الذين مضت الخلافة فيهم قرابة ستين عامًا، وهو ما لم يرضه أكثر الناس الذين كانوا حتى مقتل الوليد بن يزيد يوالون بني أمية..

ففي الشام عارض أهل الغوطة وتدمر وحمص وفلسطين وغيرهم مروان بن محمد، واضطر مروان لإخضاع من ثار منهم أن يخوض معهم حروبًا قاسية سالت فيها الدماء وقتل الكثير، وقاد بعض فصولها ضده بعض بني عبد الملك بن مروان مثل: سليمان بن هشام بن عبد الملك، وبعد صراع مرير امتد نحو ثلاث سنين خرج مروان منه منتصرًا على خصومه ومخالفيه وبدت الأمور منقادة له، كشفت معركة الزاب أن صف مروان في هذه المعركة لم يكن موحدًا فقد ظهر التردد والتواكل بين جند مروان وبدا السيف وإن صنع الخضوع والانقياد عاجزًا أن يزرع المحبة والولاء في النفوس، والتضحية والوفاء والإخلاص في القتال، فهُزِمَ مروان بن محمد وفَرَّ إلى مصر؛ فتتبعه العباسيون وقتلوه في قرية بوصير بمصر وانتهت بمقتله الخلافة الأموية عام 132 هـ / 750 م وقامت الدولة العباسية..

الخلافات المذهبية:

كان الخلاف حول موضوع الخلافة أحد الأسباب التي أدت إلى إضعاف الدولة الأموية ومن ثَمَّ زوالها، والمعرف أنه وجدت في العصر الأموي أربع جماعات في الميدان السياسي:

الأول: أنصار بني أمية وأغلبيتهم من السنة..

الثانية: أنصار العلويين من الشيعة الذين حصروا الخلافة في نسل علي بن أبي طالب وقد حملوا لواء المعارضة طيلة العصر الأموي إلا أنهم مُنُوا بالفشل، وقد أدى فشلهم هذا إلى تحويل حركتهم إلى عقيدة دينية عاطفية شبه باطنية، وأن يختفوا في المناطق البعيدة عن مركز الخلافة حتى تسنح لهم فرصة الظهور..

الثالثة: جماعة الخوارج الذين لا يؤمنون بالوراثة كأساس لنظام الحكم ولا يرون حصر الخلافة في جنس معين أو بيت معين، بل يعتقدون أن الخلافة للأمة يكون الاختيار فيها هو الأساس، كما أعلنوا غضبهم واشمئزازهم من شرور الحكام ومطامعهم، لهذا كانت هذه الجماعة معارضة للخط الأموي، وقد اشترك أفرادها في الفتن التي قامت ضد الدولة الأموية، كما انتشر عدد كبير منهم في المناطق البعيدة عن مركز الخلافة بدمشق..

الرابعة: جماعة العباسيين الذين دخلوا ميدان السياسة في أواخر العصر الأموي لينافسوا الأمويين والشيعة معًا، ويبدو أن هؤلاء كانوا أكثر براعة في دعوتهم وأساليبهم من الشيعة؛ فأقاموا تنظيمًا سريًا انتشر بسرعة في النصف الشرقي من دولة الخلافة الأموية عن طريق خلاياه السرية..

وقد أدَّى هذا الخلاف إلى اصطدامات دامية، شغلت جانبًا كبيرًا من نشاطات الأمويين وأنهكتهم، وكانت تعبيرًا عن استياء أكثر من فئة في المجتمع الإسلامي من حكمهم، وغدت بعد ذلك عنصرًا مهماً من عناصر المعارضة، استُغِلَّ اسمُها ليكون الواجهة الدينية للشعارات التي طرحها دعاة بني العباس..

انتشار الدعوة العباسية:

في الواقع إن انهماك مروان بن محمد في إخماد الثورات والفتن شغله عن الاهتمام بما كان يجري في المشرق خاصة في خُرَاسان التي كانت مركزًا للدعوة العباسية، وقد انتشرت في المنطقة انتشارًا واسعًا، واستقامت الأمور فيها لبني العباس، مما أدى إلى اقتناع الدعاة العباسيين بأن الوقت قد حان للجهر بها، وفعلاً حصل هؤلاء الدعاة على موافقة إبراهيم الإمام الذي كان يعيش في الحميمة على الجهر بالدعوة والخروج على الأمويين، وقد تولى أبو مسلم الخراساني الذي أضحى رئيسًا للدعوة في خراسان أخذ البيعة تحت شعار "البيعة على الرضا من آل محمد"..

فالتف الناس حول الدعوة العباسية وسيطر أبو مسلم الخراساني على خُراسَان سيطرة تامة، ثم دخلت القوات العباسية مدينة الكوفة بقيادة حميد بن قحطبة في شهر ربيع الأول عام 132 هـ وسلَّم الأمر إلى أبي سلمة الخلال الذي أضحى وزير آل محمد..

وبويع في الكوفة لعبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس المعروف بأبي العباس، وقد كان أخوه إبراهيم الإمام قد عَهِدَ إليه بأمر الدعوة عندما قضى عليه مروان بن محمد بعدما افتضح أمره ليصبح أول خليفة عباسي..

وبعد أن تم له الأمر في العراق أرسل جيشًا بقيادة عمه عبد الله بن علي التقى بجيش مروان بن محمد علي نهر الزاب - وهو أحد فروع نهر دجلة - ودارت بين الجيشين الأموي والعباسي رحى معركة عنيفة في شهر جمادى الآخرة عام 132 هـ / 750م استمرت أحدَ عشرَ يومً، وانتهت بهزيمة مروان وفراره إلى قرية بوصير في منطقة الفيوم بمصر، وهناك داهمته في الليل قوة عسكرية عباسية فقاوم مروان حتى خَرَّ صريعًا وانتهت بمقتله أيام دولة الخلافة الأموية وكان ذلك في عام 132 هـ / 750 م وقامت على أنقاضها دولة الخلافة العباسية.









الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

05:01 AM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com