..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الإسلامية > المنتدى الاسلامي
 
أدوات الموضوع
إضافة رد
  [ 1 ]
قديم 26 Mar 2011, 04:51 PM

حجازية الهوى غير متصل

تاريخ التسجيل : Feb 2010
رقم العضوية : 25036
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التصاميم
المشاركات : 18,600
معدل التقييم : 981
الملف الشخصي للكاتب
إضافة تقييم
الرد على الموضوع
ارسال الموضوع لصديق
طباعه الموضوع
تبليغ عن الموضوع
شخصيات من القرآن الكريم



آدم عليه السلام
قصة الخلق وسجود الملائكة له ، وقصة الخطيئة ، ونحن مثله أو اكثر ، ومن شابه أباه فما ظلم ،وتلك شنشنة نعرفها من أحزم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (()وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إبليس أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة:34)
هنا قضايا هائلة وأحداث عالمية ؛ عاشها آدم ، عليه السلام ، وسمعها الأنبياء والرسل والملأ الأعلى .
أولها : يقول سبحانه وتعالى : ((وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ)) أي : كلفنا وأمرنا وتعبدنا الملائكة أن يسجدوا لآدم .
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ)) وفي هذه الكلمة قضايا :
أولها : ما هو هذا السجود الذي يريده ، سبحانه وتعالى ، من الملائكة ؟ وهل يصرف السجود لغير الله ؟
في الحديث : أن معاذا أتى من الشام قال : يا رسول الله ، رأيت العجم يسجدون لملوكهم وأنت أولى أن نسجد لك .
قال r (( لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليه ولكن لا يكون إلا لله ))[1].
فلا يسجد إلا لله ، وهذه السجدة هي سجدة التشريف ، ويوم تضع جبينك في الأرض على التراب يرفعك الله درجات ، ففي حديث ثوبان قال : قال رسول الله r : ( إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة ))[2]، وعن ربيعة الاسلمي قال : قلت يا رسول الله ، أريد مرافقتك في الجنة ، فقال : (( فأعني على نفسك بكثرة السجود))[3].
كلما سجدت كلما رفعك الله ، وكلما تحررت من العبادة لغير الله ، من عبادة الوظائف والطواغيت ، والمناصب ، والدراهم والدنانير ، ارتعت في مقامات العبودية .
فهل هذا السجود الذي أمر الله به الملائكة لآدم السجود على الأرض مثل ما نسجد للصلاة ؟
لأهل العلم رأيان أو قولان :
يقول الأول : معناه : الانحناء والخضوع ، وهو : أن يهدهد رأسه وان يخضع .
والقول الثاني : معناه : أن يسجد للأرض فالسجود لله ، ولكن تكريما لآدم ، وإجابة لأمر الله سبحانه وتعالى .
والرأي الثاني هو الصحيح ، وكان في شرع من قبلنا السجود للإكرام ، قال ، سبحانه وتعالى ، في قصة يوسف : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً )(يوسف: من الآية 100) أما عندنا في شريعتنا فلا يسجد إلا لله ، ولا يسجد لعظيم مهما كان ،ولا ينحني له ، فان الانحناء محرم.
وفي هذا : قضايا أثارها ابن تيمية وابن القيم ،وغيرهما ، هل الملائكة افضل أو بني ادم افضل ؟
قال بعضهم : الملائكة افضل ؛ لأنهم اقرب إلى الله ، ولان الله رفع أمكنتهم ، ولان الله ما جعل عندهم شهوات ، فانهم عقول بلا شهوات ، وابن آدم شهوة وعقل ، والحيوان شهوة بلا عقل .
ومنها : انهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، وكل ما في السماء من ملك ، كلهم سجود إلى قيام الساعة ، وهناك ملائكة لهم اختصاصات عجيبة ومجال التوسع في بسط الكلام عنها يكون في موضوع الحديث عن الملائكة.
واستدلوا بأدلة : منها: انهم يستغفرون لمن في الأرض ، والفضل يستغفر للمفضول ، ليس المفضول يستغفر للفاضل .
وقال قوم : بل بنو آدم افضل ؛ لأنهم ركبت فيهم الشهوة ، وصارعوا الشهوات ، يعني : الصالحين ، أما الكفرة فلا يوازنون بالحمير ولا بالخنازير ولا بالكلاب ( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً)(الفرقان: من الآية 44) .
والصالحون كما يقول بن تيمية : العبرة بكمال النهآيات لا بنقص البدآيات .
فأما في الدنيا فالملائكة افضل ؛ لأنها اقرب إلى الله ، ولأنهم لا يذنبون ولا يخطئون ولا يعصون الله ،وأما في الأرض فإذا قرب الله بني آدم ودخلوا الجنة – نسأل الله من فضله ، اصبحوا افضل من الملائكة.
بالله لفظك هذا سال من عسل أم قد صببت على أفواهنا العسل
((وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسجدوا)
أولا : خلق الله آدم من طين لا-، ما حمأ مسنون ،قالوا : من فخار ، والطين اللا-، هو : الطينة اللزجة كالغراء ، فلما خلقه الله تركه أربعين يوما طينا ، تدخل الرياح من فمه وتخرج من دبره ، انظر إلى الخلق الضعيف ، وانظر إلى اصل النشأة ، وانظر إلى الناس جميعا ؛ ملوكا ومملوكين ، ورؤساء ومرؤوسين ، وأغنياء وفقراء ، كلهم من هذا الطين ، ثم انظر إلى المتكبرين المتجبرين في الأرض .
الذي ما ينظر بعين البصيرة ، إنما ينظر بعين البصر يتيه تيهانا ، ويهيج هيجانا ، ويمشي وكأنه ليس من ذاك الأصل .
أحد وزراء بني أمية وزير متكبر متجبر ، عنده بغال ، وعنده خيول وسيوف ، وعنده حشم ، مر والحسن البصري جالس ، فقام له الناس إلا الحسن البصري .
فالتفت الوزير قال : ما عرفتني ؟
قال الحسن البصري لما عرفتك ما قمت .
قال : من أنا ؟
قال : أنت الذي خرج من مخرج البول مرتين ،أن تتحمل العذرة ، و أصلك تعاد إلى جيفة قذرة ، وأتيت من نطفة مذرة ، فسكت ، فكأنما أغشي على وجهه النار .
دخل المهدي العباس مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فقام الناس له جميعا ، إلا ابن ابي ذئب المحدث الكبير ما قام ، جلس فسلم على الحضور ، ثم التفت إلى ابن ذئب قال : ما لك لا تقوم لنا وقد قام لنا الناس ؟ قال : أردت إن أقوم لك فتذكرت قوله تعالى : ()يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (المطففين:6) فتركت القيام لذلك اليوم ، قال : اجلس ، والله ، لقد أقمت كل شعرة من رأسي .
عن طاووس بن كيسان العالم الثقة الزاهد العابد المحدث تلمي ابن عباس قال : دخلت الحرم فطفت ، ثم صليت ركعتين عند المقام ، ثم جلست انظر في الناس أتفكر في هذه الخليقة ، وهي ، والله ،عبرة من العبر ، انظر إلى المطارات إذا كنت في انتظار أو مغادرة ، وانظر إلى الصالات والمستشفيات ، اختلاف الصور ، اختلاف الأبدان ، اللمحات ، النظرات ، السمات ، كل واحد من الناس عالم مستقل في نفسه ، هموم وغموم وأحزان وأقطار ، شقي وسعيد ، فقير وغني ، سالم من الهموم ، ومتورط في المدلهمات ، فسبحان الباري .
ومع ذلك ، فالله يراقب كل حركة من الناس ، كل يوم هو في شأن ، ما تفعل من حركة ، ولا سكنة ولا كلمة ولا خطوة إلا والله معك ، يموت هذا بعلم من الله ، ويولد هذا بعلم من الله ، ويمرض هذا والله بعلمه ، ويشفى هذا والله يعلمه .
فجلس طاووس ينظر فإذا بجلبة السلاح والحرأس والرماح ، فالتفت قال : فإذا هو الحجاج ابن يوسف ، قال : فالتفت فإذا جلبة السلاح فسكنت مكاني وإذا بأعرابي ، إعرابي لكنه مسلم متصل بالله يطوف بالكعبة ، فلما انتهى من الطواف أتى ليصلي ركعتين ،فنشبت حربة في ثيابه فارتفعت فوقعت على الحجاج ، فمسكه الحجاج بيده .
فقال له الحجاج : من أين أنت ؟
قال : من أهل اليمن .
قال : كيف تركتم أخي ؟ وكان أخوه محمد بن يوسف عاملا على اليمن .
قال : من أخوك ؟
قال : أنا الحجاج أخي محمد .
قال : تركته سمينا بطينا – انظر إلى الإجابة ما أحسنها ..
قال : ما سألتك عن حالته وسمنه وبطنته سألتك عن عقله ؟
قال : تركته غشوما ظلوما .
قال : أما تدري انه أخي ؟
قال : أتظن انه يعتز بك اكثر من اعتزازي بالله ؟
قال طاووس : والله ، ما بقيت في رأسي شعرة إلا قامت .
قال ابن عبد الهادي ك دخل ابن تيمية الإسكندرية ، دخل يريدون سجنه ، فأخرجوه من سجنه إلى سجن آخر ، لماذا يسجن ؟ يسجن لتثبت لا اله إلا الله في الأرض ، يرد على المبتدعة والملاحدة والزنادقة والمعتزلة والجهمية والاشاعرة ، فقال له أحد المبتدعة : يا ابن تيمية ، واله ، كل هؤلاء يطالبون بدمك ، ويريدون قتلك الآن .
فقال ابن تيمية أتخوفني بالناس ، ثم نفخ في كفه قال : واله ، كأنهم ذبان ، لكن من مثل ابن تيمية ؟
قال بعض المفسرين : لما خلق اله ، سبحانه وتعالى، آدم تركه أربعين يوما هكذا ، فكان يمر به الشيطان فينظر إليه من طين فينخ فيه فيجلجل نفخه فيه فعرف انه ضعيف لا يتماسك.
وقال الله عز وجل : ( وَخُلِقَ الْإنسان ضَعِيفاً)(النساء: من الآية 28))) وخلق ظلوما جهولا ، وخلق عجولا ، وهي في الإنسان طبعة إلا إذا رتبها ونقاها وسيرها بالكتاب والسنة فإنها تصلح ، بإذن الله .
فلما نفخ الله فيه من روحه ، سبحانه وتعالى ، وهذا شرف ، أحياه الله للملائكة : اسجدوا لآدم .
ولنا إن نتساءل ، لماذا أمر الله الملائكة بالسجود لآدم ؟
أولا : يمتحنهم لطاعة هل يطيعونه أم لا ؟
ثانيا : يرى من يعصي منهم .
ثالثا : يرى الناس فضل آدم ، عليه السلام ، فقاموا فسجدوا جميعا إلا إبليس تكبر ، ولماذا تكبر ؟
قال ابن عباس : كان إبليس اعلم الملائكة لكن ما نفعه علمه ، بل زهى وتكبر وافتخر.
وقال في بعض الروآيات – أوردها ابن كثير وغيره - : كان إبليس ملك السماء الدنيا ، هو مسؤول عن السماء الدنيا ، فأبى إن يسجد لما قال الله للملائكة اسجدوا ، فأتى يعترض ، ويقول لرب العزة الذي خلق السماوات والأرض ، ويعلم ما تحت الثرى . يقول : خلقتني من نار وخلقته من طين ، ااسجد وأنا اشرف العناصر ، عنصري من نار وعنصره من طين ؟ والنار اشرف من الطين فكيف تسجد النار للطين ؟ هذه الكلمة هي بداية الخذلان وبداية اللعنة وبداية الحرمان ، اعتراضه هو الكبر ()وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى)(البقرة: من الآية 34)) هذه اشد المفتريات ، رفض إن يسجد وأبى وامتنع ، وما كفى في اللفظ إن يقول : أبى ، بل قال : واستكبر ، ولذلك كانت أركان الكفر ثلاثة :
الحسد ،والكبر ، والكذب .
فمن كان فيه كبر ، فقد اخذ ثلث الكفر ، وما عليه إلا الباقي .
الكبر هذا هو شعار إبليس ، نعوذ بالله .
ومن علامات المتكبر : انه لا يستفيد من غيره ، ولا يرى الفضل لغيره ، ولا ينقاد للحق إذا عرفه ، ويعرف بلفظه ويعرف بمشيته ،ويعرف بنحنحته ، ويعرف بسعلته .
قالت العرب : أحمق الناس المتكبر ، ولذلك أحمق الطيور الطاووس ؛ لأنهم متكبر .
ذكروا لبعض الحمقى من السلاطين المتكبرين ، ما الله به عليهم ، سلطان من السلاطين عزل عن منصبه ، فذهب إلى قرية من قراه ، ففرشوا له ملاحفهم وعمائمهم في الطريق ؛ لأنهم جاد عليهم بمال وهو في عمله ، فالتفت إلى الناس وقال : لمثل هذا فليعمل العاملون .
ومر وزير من الوزراء العباسيين على الجسر – جسر بغداد – وقف قبل الجسر ، وقال : والله ، إني أخشى إن لا يحمل الجسر شرفي ، وان ينكسر بي في النهر .
وذكروا عن الحجاج بن أرطأ : أحد المحدثين ، رحمه الله ، انه دخل المجلس فجلس في طرف الناس ، فقالوا : اجلس في الصدر ، قال : حيثما جلست فأنا صدر ، في أي مكان اجلس فأنا صدر ، وهذه من عبارات الكبر التي اكتسبت في أصل ذاك العنصر أو أخذت بالاقتباس .
وفي هذه الآية : () أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)(البقرة: من الآية 34)).
قال المفسرون : كيف يقول : وكان من الكافرين ولم يكن هناك كافر ، بل أول الناس آدم ؟
قالوا : سوف يكون في علم الله انه من الكارين ، وهو الرأي الصحيح .
قال : ()وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أنت وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:35) سجد الملائكة ، و أراد الله إكرام آدم فأسكنه جنة الخلد ، وقد أورد ابن القيم وغيره في الجنة التي أسكنها وزجه أقوال ، هل هي جنة في الأرض وبستان في الأرض ، ام هي جنة الخلد؟
والصحيح : إنها جنة الخلد ، أدخله الله في جنة الخلد .
قالوا : فاستوحش ، عليه السلام ، وما كان معه أحد ، فجلس فارغا والتفت يريد إن يجلس مع أحد ، لكن من يجلس معه ؟ الملائكة لهم جنس خاص ، الجن جنس خاص ، وهو يريد من جنسه .
ولما استوحش آدم ، عليه السلام ، نومه الله ، كما يقول أهل التفسير ، - منهم ابن كثير - : نومه ، وأخذ من ضلعه الأيسر حواء ، ما أضعفنا ، وما أذلنا ،وما أقلنا ، وما أحوجنا إلى رحمة الله ، إنسان هذا خلقه ، وهذه أمه ، ثم يأتي الإنسان ، ويظن انه واحد العالم ، فريد العصر ، وان الناس ليسوا بشيء ، يركب الكبائر ، ويأتي بكل جرم ،وكل ما خطر له ، ويسنى تلك النشأة.
خلق الله حواء ، فالتفت آدم إليها بعد إن استيقظ ، فرآها بجانبه فعرف انها زوجته فسكن إليها ()وَمِنْ آياتهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أنفسكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )(الروم: من الآية 21) لماذا سميت حواء ؟ قالوا : لأنها من الحياة ، والله اعلم .
قال الله لهم : كلوا من الجنة واسكنوا في الجنة ،وتمتعوا في الجنة ، هذه قصورها ، وهذه أنهارها، وهذه ثمارها ، وهذا كل ما لذ وطاب ، لكن هذه الشجرة لا تأكلان منها ، لماذا ؟ امتحان وابتلاء من الله ليرى عودتهم ، وليرى صدقهم ، وليرى إيمانهم .
ما هي هذه الشجرة ؟ اختلف أهل العلم فيها على أقوال .
قيل: السنبلة .
وقيل : العنب .
وقيل : التين .
وذلك كله لا يهم ، يقول ابن جرير : إن الله لم يحددها أسما بعينها ، ولم يسمها لنا ، ولم يأت بها قران ولا سنة فلماذا نتكلم ؟
فاحب شيء للإنسان ما منع عنه الآن ، لو تدخله غرفة مكيفة مفروشة ، عنده ما لذ وطاب من الطعام والشراب ومرتاح ، فتقول : أحذر لا تخرج من هذه الغرفة ، وإن خرجت عاقبناك عقابا أليما ، فيأتي ويقول : منعني من الخروج ، حبسني في هذا المكان ، حسنا الله عليه .
قال علي بن أبي طالب : لو منع الناس من فت البعر لفتوه .
ولذلك انظر إلى الخمر الآن ، تذهب العقل واللب وتفسد الأسر ، وتسبب المذابح بين الأهل والأقارب ، وترتكب بها الطامات، ومع ذلك يسافر لها بعض الذين لا يرجون لله وقارا ، ولا يخافون لله هيبة ، ولا رقابة ، يسافرون إلى بلادها ، بل بعض الناس بلغ الثمانين من عمره ، وهو يعاقر الخمر ويشربها ، وقد ذهب لبه وعقله وأرادته ، وهو ممنوع منها ، وكذا الزنا وكذا النظر إلى المحرمات والربا وغيرها ؛ لأنه منع .
وهذه هي التكاليف ، ولو كانت المسالة بلا منع ولا حظر ، لما كان هناك ابتلاء ، وكان الناس في الجنة ، وما عرف الطيب من الخير والمؤمن من الكافر .
فلما منعه الله ، أتى إبليس يوسوس له ، هذه العداوة ،والسؤال كيف دخل معه إبليس الجنة ؟
سبق ، وان ذكرنا ، انهم كانوا في السماء ، وخلق الله آدم في السماء ،ثم اسجد له الملائكة ، ورفض إبليس ، وجعل الله عز وجل آدم وحواء في الجنة وإبليس بمنأى ، فلما حذرهم الله من الشجرة أتى إبليس يوسوس لآدم وحواء ، فأين وسوس لهما ؟
لأهل العلم ثلاثة آراء وأقوال :
القول الأول : قالوا : هو مطرود محروم ، لكنه دخل يوسوس ولا يتنعم ، فهو مطرود من رحمة الله ، لكن جعله الله يذهب ؛ لأنهم سال الله إن يمهله ليغوي آدم وذريته إلا قليلا ، فانظره الله ، فهو يدخل بلا حجاب ، ويدخل بلا حرس ، ويدخل عليك وأنت في فراشك ، وأنت في السيارة والطائرة ، وهو معك يجري منك مجرى الدم .
والقول الثاني : قالوا : أخذته الحية ، حية شارقة مارقة ابتلعت إبليس ،ثم دخلت الجنة ، أوردها أهل التفسير .
والقول الثالث : قالوا : وسوس من بعيد ، ما دخل الجنة ، لكن اخذ يوسوس فوصلت الوسوسة .
والراجح، هو : الرأي الأول ، انه دخل مطرودا محروما لكن أتى يوسوس فانظر إلى وسوسته () وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)(لأعراف: من الآية 20) فصدقه آدم .
الإنسان يصدق إبليس ، حتى الآن ، ولو كان مؤمنا ، يأتيك فيقول مثلا : جارك ما تكلم عليك بتلك الكلمة إلا لمقصد في نفسه ، ما هو مقصده ؟ قال : امتهانك واحتقارك والازدراء بك ، فيقول : صدقت ،ويذهب بسيفه وخنجره يقاتل جاره .
يغض طرفه في السوق ،قال : أنت ما نظرت إلى السحر الحلال ، لو نظرت إلى الجمال نظرة واحدة فقط ، حتى ترد نفسك بنظرة واحدة ، ينظر النظرة فيكون هلاكه فيها .
وتسمع الأغنية الماجنة يقول : ما عليك من الغناء ن هذا حلال ،والعلماء الذين قالوا بتحريمه ليس عندهم دليل ثابت ، اسمع وتمتع قليلا ، وأنت ما ارتكبت جريمة ، لا شربت خمرا ولا زنيت ، أنت تستمتع إلى أغنية ، فيسمع الذي يقول : هل رأى الحب سكارى مثلنا فيسكر ، ثم يزني ، ثم يرتكب الفواحش يدهده على وجهه في النار .
فوسوس لآدم ، فاستمع له آدم ، فأكل من الشجرة ،وأكلت حواء ، فلما أكلا سقط اللباس الذي يواري عوراتهما ، وعليهما لباس الجنة وحسن الجنة وحلي الجنة ، وبهاء الجنة تناثر في الأرض .
لا اله إلا الله ، ما أشده من موقف ، هذا موقف المسكنة ، موقف الذنب والخطيئة .
يقولون : إن يوسف ، عليه السلام ، لما هم بالمرأة وهمت به سمع هاتفا يقول : يا يوسف ، لا تزني فان من زنى كالطائر الذي عليه ريش نتف ريشه .
وهذه مغبة المعصية ، انظر كيف سلب الحياء والجمال والحلي وكل نعمة ، فأصبح في موقف هو وحواء عراة ، فأخذا أوراق الشجر ، عليه السلام ، وعليها السلام ، يغطيان عوراتهما من الناظرين إن كان ملائكة أو غيرهم ، فأتاهم الخطاب مباشرة ( اهبطا ) (طه :123) فالعصارة لا يجاورون الواحد الأحد ، وهذه ، والله ، اعظم مصيبة منينا بها .
يقول ابن القيم :
ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلم

يقول : نحن سبينا من الجنة ، سبانا إبليس وأنزلنا في الأرض ، فيا ليت !! متى نعود لأوطاننا ، نحن أهل الأوطان أهل الأنهار أهل القصور .
يا راقدا يرنو بعيني راقـــد ومشاهد لأمر غير مشاهــد
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي نزل النعيم وفوز خلد واحـد
ونستي إن الله أهبد آدمـــا من جنة المأوى بذنب واحـد

فكيف بنا نحن وقد أتينا بعشرات من الذنوب ؟
فحي على جنات عدم فإنها منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلــم

هبط ، عليه السلام ، وانظر إلى الهبوط من علو من جنة الخلد ن هبط ووقع في الأرض ، ارض يابسة ارض قاحلة .
نقل أهل العلم ، عن ابن عباس : أما آدم فهبط في الهند ، وبيده غصن شجرة ، وقالوا : وأما حواء فهبطت بجدة ، ونقل غيرهم : هبط آدم على الصفا وهبطت حواء على المروة ،ولا يهمنا هبط هنا أو هنا ، فان المقصود : إن الله اهبطهم إلى الأرض ، أما آدم ، عليه السلام ، فهبط بغصن شجرة ، فنزل هذا الغصن فنبت في الهند ،فقالوا : كل بخور ، وكل طيب يأتي من الهند من آثار ذاك العود.
()وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّة)(البقرة: من الآية 35) .
اسكن لفظ فيه حياة ، ما قال : اقعد ، ولا قال : اجلس ، بل قال : اسكن ، وهذه الكلمة فيها من اليقين والطمأنينة والفرح والبشر ما الله به عليم ( اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً )(البقرة: من الآية 35) هنا ليس الرغد إلا في الجنة، قد يطلق مجازا على الدنيا : عيش رغيد ، لكن إذا سمعت الإنسان يقول : أنا في عيش رغيد مستمر ، فلا تصدقه .
هشام بن عبد الملك قال لوزرائه : تعالوا نحصي الأيام التي أتاني السرور فيها منذ توليت الخلافة ، تولى سنوات الخلافة ، فحسبها فوجدها ثلاثة عشر يوما ، سنوات كلها تصفي 13 يوما سلم فيها من النكود والزلازل والفتن والمحن ، يعني 13 يوما استقر حاله فقط .
فقال لوزرائه : لا جرم – يعني : لا جرم : لا ريب ، لا شك – أخلون غدا في بستاني ، وعلي الحرأسة لأسعد من الصباح إلى المساء .
قالوا : فخرج في بستان له في روضة دمشق وقال للحرس : لا تستقبلوا رسولا ، يعني : رسولا موفدا ، ولا تأذنوا لأحد ، ولا تسمعوني مشكلة واتركوني في هذا البستان يوما كاملا .
فجلس في هذا المكان من الصباح ، فلما قرب الظهر وإذا هو بسهم فيه دم وقع بجانبه ، فرفع السهم فوجده طار من اثنين تقاتلا خارج البستان وأتى إليه السهم ، قال : ولا يوم واحد – حتى يوم واحد – ما نسلم من المشاكل .
لا دار للمرء بعد الموت يسكنهـــا إلا التي كان قبل الموت بانيها
إن بناها بخير طاب مسكنـــــه وان بناها بشر خاب بانيهــا

يقول أبو الفتح البستي أحد العلماء :
يا عامرا لخراب الدار مجتهدا بالله هل لخراب الدار عمران
ومن العجيب ، انك تجد الشيخ الكبير ، عمره يناهز الثمانين ، ومع ذلك تجده حريصا على طلب الدنيا ولذلك قال r : ( يهرم ابن آدم وتشب منه اثنتان : الحرص على المال . والحرص على العمر )[4].
هذا هو الإنسان وهذه طبيعته ، ولا يعرف حقيقة الدنيا إلا من عرف الله ورسول الله والدار الآخرة .
عندما أتت هارون الرشيد سكرات الموت قال : أخرجوني أرى الجيش ، فخرج جيشه فإذا هم تسعون ألفا ، فنظر إليهم ، وقال : يا من لا يزول ملكه ارحم من زال ملكه .
الوليد بن عبد الملك بنى قصورا في دمشق ما يعلمها إلا الله ، وهو الذي وسع المسجد النبوي ووسع المسجد الأقصى ، وأتى بالمشاريع الهائلة ، بنى قصورا وحدائق لا يعلمها إلا الله ، فلما أتته سكرات الموت لبط وجهه في الأرض وضرب وجهه ، وقال : ()مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ) (الحاقة:28) )هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ) (الحاقة:29) وهذا عبد الملك بن مروان عندما حضرته سكرات الموت سمع غسالا ، بجانب القصر ، قال : يا ليتني كنت غسالا يا ليت أمي لم تلدني ، قال سعيد بن المسيب لما سمع الكلمة : الحمد لله الذي جعلهم يفرون الينا وقت الموت ولا نفر إليهم .
أما ميمون بن مهران وهو أحد الصالحين الكبار ، فقد حفر قبرا له في قعر بيته ، في حوشه في داره ، فإذا أراد أن ينام توضا ونزل في القبر وبكى كثيرا ، ثم خرج من القبر قال : يا ميمون ، عدت إلى الدنيا فاعمل صالحا .
()وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً )(البقرة: من الآية35)
هذا الرغد لا يكون إلا في الجنة ؛ رغد لا هم ولا غم ولا حزن ، فأهلها لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمرضون ، ورشحهم المسك ، قلوبهم على قلب امرئ واحد ، خلا من كل حقد وحسد وغيظ وبغضاء ، لا يخافون موتا ولا جوعا ولا هرما ، ولا يصيبهم سوء أبدا (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أنفسهُمْ خَالِدُونَ (102) لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأكبر وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103) ) الأنبياء (101-103).
( وقلنا يا آدم اسكن ... فتكونا من الظالمين . قربا من الشجرة فظلما أنفسهما ، فنزلا إلى الأرض .
أولهما : الوضوء دائما إن تكون على طهارة الوضوء هذا حصن حصين .
الأمر الثاني : الأذكار ، الأذكار دائما وأبدا ، خاصة آية الكرسي ، فهي تحرق الشياطين ، والمعوذات وقل هو الله أحد ، ولا اله إلا الله محمد رسول الله ، ولا اله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، مائة مرة ، وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من قالها في يوم مائة مرة كتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له عدل عشر رقاب ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ،ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به ، إلا رجل عمل بعمله أو زاد عليه ))[5].
ومن الحروز من الشيطان : إن تتبع أمر الرحمن من غض البصر ، وحفظ الأذن ، وحفظ اليد ، وحفظ البطن ، وحفظ الفرج ، فهذه من الحروز.
ومن الحروز أيضا : إن إذا غضبت فلا تتكلم ، وان تسكت ليزيل الله عنك سبحانه وتعالى وسوسة الشيطان .
()فَأَزَلَّهُمَاالشَّيْطَانُ عَنْهَا)(البقرة: من الآية36)) الشيطان من الجن على كل حال ، بعضهم يكون من الملائكة ، وبعضهم يكون من الجن ، لكن قال سبحانه وتعالى : (كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)) الكهف 50) هذا الشيطان .
والشيطان ، فيه حجم كبير ، وحجم صغير على كل المستويات ، إذا كان الإنسان ضعيفا يرسل له شيطانا من الدرجة الثالثة ، وإذا كان الإنسان من الغليظين يرسل له شيطانا أقوى ، والمؤمن شيطانه ضعيف ، ضعيف جدا يقول : أنهكه وأضناه كالجمل الضعيف ؛ لأنهم كلما حاول الشيطان أن هذا العبد قال : استغفر الله ، وعاد إلى الله وتاب إلى الله ، و انهدم المبنى يجره معه ، فإذا أراد أن يدخله بيته ، قطع الحبال وفر ، فهو دائما في صراع.
ومن المؤمنين من لم يستطع لهم إبليس أبدا ،حاول وحاول ثم ترك ، أما بعض الناس فيأخذهم يمينا وشمالا .
رسولنا r يقول : ( كل منكم له قرين وكل به ) يعني: من الشياطين .
قالوا : حتى أنت ، يا رسول الله .
قال : ( حتى أنا ، لكن الله أعانني عليه فأسلم ))[6] ، أعانه الله على شيطانه فأسلم ، أعلن الإسلام فلا يأمره إلا بخير ، واما نحن فالقرين مضاد دائما ، لكن نتحفظ منه بالآيات والأحاديث .
يقول ابن عباس : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم يأتي كالحية ، هكذا جاثم على القلب ، فإذا سكت وغل الإنسان وسوس ، وإذا ذكر الله خنس ، وهو يجري من الإنسان مجرى الدم .
(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ )(البقرة: من الآية36) من النعيم المقيم وقرة العين ، أخرجهما إلى الدنيا .
( وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ) ، إذن : العداوة بين الناس قضاء كوني قدري من الواحد الأحد ، ولكن تزول العداوة بالإيمان ، والله عز وجل يقول : (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) [ هود : 118:119].
ولكل شيء آفة من ضده حتى الحديد سطا عليه المبرد

الحديد ، وهو الحديد ، سلط عليه الله المبرد ، وهذا يقسمه نصفين، كل شيء له عدو ، تجد الشاة ما تخاف من الحمار، ولا تخاف من الجمل ،لكن إذا رأت الذئب خافت وثبتت مكانها ، ولا تأخذ خطوة لأنهم عدوها ، والحمار له عدو وهو الضبع ، والثعبان للإنسان ، وهذه المواشي للأسود ولغيرها ، لكن هي فصائل .
يقول أهل العلم : من العداء الذي جعله الله في الأرض العداء الذي جعله بين الأجناس ، ولذلك نجد بعض الحيوانات تتوافق وبعضها تتعادى .
قال : ( بعضكم لبعض عدو ) فالله هو الذي جعل هذا العدوان لهذا الأمر ، والناس كذلك بينهم عداء ، والعداء على قسمين بين الناس :
قسم بحق ، وهو عداء أهل الحق لاهل الباطل (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً (31) ) [ الفرقان ] وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) [ البقرة ]
وأما العداء الباطل ، فعداء المؤمنين بعضهم لبعض وهذا يحصل ، ولكن على المؤمن أن يصلح ، وان يكظم الغيظ ،وان يحسن ، وان يحلم ،وان يصبر ، (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) [آل عمران ]
ويقول سبحانه وتعالى : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) [ الأعراف ]
ويقول سبحانه وتعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) [فصلت ]
يقول علي ، رضي الله تعالى عنه و أرضاه ، في معركة الجمل لما رأى طلحة مقتولا ، مسح التراب عن وجهه ،وقبله وقال : يعز علي ، يا أبا محمد ، أن أراك مجندلا على التراب ، ولكن أسال الله أن أكون أنا وإياك ممن قال فيهم الله عز وجل : (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) [ الحجر]
يعني : لابد من شيء بين المؤمنين ، حتى نجد من الدعاة والعلماء من يكون فيه غل ،لكنه ينزعه ، سبحانه وتعالى، يوم القيامة ، فيصبحون أصفياء إخوانا أصدقاء أحباء ، وهذا لا يكون إلا في الجنة ، ولكن في الدنيا لا بد أن يسود الإخاء ، يقول أبو تمام في مسالة الدين والإسلام :
إن كيد مطرف الإخاء فإننــــا نغدو ونسري في إخاء تالد
أو يختلف ما الغمام فماؤنـــا عذب تحدر من غمام واحد
أو يفترق نسب يؤلف بينــنا دين اقمناه مقام الوالد

هذا هو نسبنا ، نسب الدين .
() بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)(البقرة: من الآية36) تستقرون في الأرض ، ومتاع إلى زمن قريب ، ووالله ، انه زمن قصير ، وانه عيش بسيط سهل ، أنها كلمحة البصر .
عاش نوح ، عليه السلام ، ألف سنة ، فلما أتته سكرات الموت قالوا له : كيف وجدت الحياة ؟
قال : وجدت الحياة كأنها بيت له بابان ، دخلت من هذا وخرجت من هذا .
وقال علي ، وهو يبكي في ظلام الليل : يا دنيا يا دنية طلقتك ثلاثا ، عمرك قصير ، وسفرك طويل ، وزادك حقير ، اه من قلة الزاد ، وبعد السفر ،ولقاء الموت !!
كل الدنيا ليست إلا لمحة (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ إنكم كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) )[المؤمنون ]
(ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ) هي : الدنيا متاع فقط ، يعني خير متاع تتمتع فيه إلى حين ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، أو إلى حين الموت (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)) [ ق ] ، فحين تفيض روحك فلا عليك من العالم أن يتأخر بعدك ، أو يتقدم إذا قامت قيامتك .
()فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:37) يا رب ، لك الحمد ، ولك الشكر ، ولك الثناء الحسن .
أذنب آدم وانزل واهبط ، فاخبره الله بكلمات يقولها ليتوب الله عليه ، قال له : قل : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16)) [القصص ] ، وقال له ولحواء قولا : (قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أنفسنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)) [الاعراف] ، فمد يديه ، عليه السلام ، وقال : ربنا أننا ظلمنا أنفسنا ، فان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ، فتاب الله عليهما ، فمن فعل مثل أبيه في الذنب فليفعل مثله في التوبة .
( فتلقى آدم من ربه كلمات ) وقالوا : الكلمات ، هي : لا اله إلا الله سبحانك أني كنت من الظالمين .
وقولوا : الكلمات : لا اله إلا الله الحكيم العليم ، لا اله إلا الله رب العرش العظيم ، لا اله إلا الله رب السماوات والأرض رب العرش الكريم .
وقالوا : الكلمات قال : استغفر الله الذي لا اله إلا هو ، وكلها تدخل في الاستغفار ، إنما علمه الله كلمات فأنقذه بالكلمات ، وهذه هي التوبة ، وفي حديثه r مرفوعا : (( يا ابن آدم انك ما دعوتني ورجوتني على ما كان منك ، غفرت لك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ، ولا أبالي ، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم جئتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة )[7]
إن كان لا يرجوك إلا محسن فبمن يلوذ ويستجير المجرم
ما لي إليك وسيلة إلا الرجـا وجميل عفوك ثم إني مسلم
وقال الأول :
سبحان من يعفو ونهفو دائما ولم يزل مهما هفا العبد عفا
يعطي الذي يخطئ ولا يمنعه جلاله عن العطا لذي الخطأ
انظر ما أكثر المعاصي : زنا ، وربا ، وقطيعة رحم ، وعقوق والدين ، وضياع أوقات ، وتفلت على أمر الله ، وترك للصلوات ، والرزق يأتينا من كل مكان.
يعطي الذي يخطئ ولا يمنعه جلاله عن العطاء لذي الخطا
( فتلقى آدم من ربه كلمات ) فقالوا آدم وقالتها حواء ، فغفر الله لهما وتابا عليهما ، انه هو التواب الرحيم ، ما أحسن الكلمات .
النصرانية تفتك الإنسان إذا أذنب قالت له : خزيت وبعدت ليست لك توبة ، واليهودية كانت التوبة عندهم قتل أنفسهم .
قال سبحانه وتعالى : (فَاقْتُلُوا أنفسكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ) [البقرة :54] ، والإسلام يقول لك : إذا أذنبت توضأ وصل ركعتين ، واستغفر الله من الذنب ، وتب توبة نصوحا
ما اسهل الإسلام وما ايسر الإسلام ،وما أوسع باب الله ، عطاؤه ممنوح ، فضله يغدو ويروح ، وبابه مفتوح ، ولذلك أرهقتنا الذنوب ؛ لأننا ما عرفنا طريق التوبة (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم )(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أنفسهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135))[ آل عمران] ، (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أنفسهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53))[ الزمر ] ، ويقول تعالى في الحديث القدسي : (( يا عبادي إنكم تذنبون بالليل والنهار ، وأنا أغر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم ))[8].
(()قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:38) قلنا : اهبطوا منها جميعا من الجنة ، قيل : هبط آدم وحواء ، وبعضهم يقول : مع آدم وحواء الحية والشيطان () فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً )(البقرة: من الآية38) ما هو الهدى ؟
الهدى : دين الله الذي يبعث به رسله ، كل الرسل اتوا بالهدى وكل له شريعة، وهم يتفقون انهم أتوا بالإسلام ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(البقرة: من الآية38) .


رد مع اقتباس
قديم 26 Mar 2011, 04:55 PM [ 2 ]

تاريخ التسجيل : Feb 2010
رقم العضوية : 25036
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التصاميم
مواضيع : 738
الردود : 17862
مجموع المشاركات : 18,600
معدل التقييم : 981حجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to behold

حجازية الهوى غير متصل


رد: شخصيات من القرآن الكريم


جولة مع بني إسرائيل

قال تعالى : (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وأنتمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52))[البقرة].
وقال سبحانه في سورة الأعراف : ( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ)(لأعراف: من الآية 142).
كيف واعده سبحانه ؟
يقول الرازي وغيره : إما انه واعده قبل أن يلتقي ، سبحانه وتعالى ،بموسى في اللقاء التاريخي ليتلقى كلام الله .
وهذا أمر عجيب !
فقبل أن يكلمه الله واعده أن يأتي بعد أربعين.
وقيل بل مدة المكالمة أربعين ليلة ، أي : أن الوقت والزمن الذي تستغرقه المكالمة مع الله هو أربعون ليلة.
فلما نجى الله موسى ، عليه السلام ، قال لبني إسرائيل مكانكم اجلسوا ، وكانوا ستمائة ألف ، لكنهم خبثاء حقراء ، أهل تمرد على الله ، إلا من رحمه الله .
قالوا : أين تذهب
قال : اذهب آل الله ليكلمني.
قالوا : لا بد أن تأتي معك بشيء لنعلم هل كلمك أم لا .
فذهب ، عليه السلام .
وفي بعض السير انه مكث ثلاثين يوما صائما .
فلما كان في الطريق وجد ثار الصيام ( الخلوف ) في فمه .
فأخذ سواكا فتسوك.
فلما كله الله ، قال يا موسى ، وتستاك ؟
قال لأكلمك يا ربي ، وأنا طاهر الفم .
لأن في الحديث الصحيح : (( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ))[29].
قال : يا موسى ، إما تعلم أن خلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك.
عد فصم عشرة أيام ثم تعال
فلما أتم الأيام عاد فكلمه ، وأوصى إليه ما أوصى .
فقال : ( رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إليك)(لأعراف: من الآية 143)).
قال الله : (لنْ تَرَانِي )(لأعراف: من الآية 143)).
(فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً )(لأعراف: من الآية 143)
فاستفاق وقال : ( سُبْحَانَكَ تُبْتُ إليك وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)(لأعراف: من الآية 143).
حينها عاد موسى ، وقد أعطاه الله الألواح ، وكب الله له التوراة بيده كما في ((الصحيح )).
أما بنو إسرائيل في تلك الفترة ، فقد جمعهم رجل مجرم ،اسمه : ( السامري ).
وكان رجلا داهية منافقا ، يزعم أن جبريل رباه بالوحي الذي ينزل به من عند الله .
وكان اسمه الحقيقي ( موسى ) أيضا .
فلذلك يقول الشاعر :
فموسى الذي رباه فرعون مؤمن وموسى الذي رباه جبريل كافر
أتى هذا السامري ، فقال لبني إسرائيل : عندي لكم نبأ عجيب.
قالوا ما هو النبأ العجيب ؟
قال : موسى ذهب يبحث عن إلهه ، وإلهه هنا .
قالوا : أين ؟
قالوا : هذا العجل .
وكان قد أخذ حلي النساء ، وذهب النساء ، وفضة النساء ، ثم سبكها ، ثم صور لهم عجلا ، فكان ينفخ فيه فإذا هو يصلصل .
قال : ( هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ)(طـه: من الآية 88) أي : نسي موسى الهه وتركه هنا .
سبحان الله !
عجل ، لا يملك لهم ضرا ولا نفعا ، ولا يرد لهم قولا ولا رشدا ولا حكمة .
ولكن العقول السخيفة .
فأتى موسى ، عليه السلام ، وإذا هم عاكفون على العجل ، فقال : ما هذا ؟
قالوا : هذا إلهنا .
فألقى الألواح من الغضب .
انظر إلى الغضب ماذا يفعل ؟
فكلام الله لا يلقى في الأرض .
وعمد إلى هارون أخيه ، وهو أكبر منه سنا ، فأخذه بلحيته أمام الناس ، وأراد أن يقتله .
فقال : لا تشمت بي الأعداء لقد استضعفوني ؛ لأن موسى كان يرهب بني إسرائيل إذا كان فيهم ، فلا يستطيعون المخالفة ، بخلاف هارون ،عليهما السلام جميعا .
ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم في عمر بأن فيه شبها من موسى.
ولذل فبعض المؤمنين يكون قويا في الحق ، وبعضهم يكون ضعيفا لا يستطيع قول الحق أو إنكار المنكر .
ذكروا في التاريخ أن الخليفة المعتضد كان من ابرز خلفاء بني العبا ، فأتى عالم من العلماء فوجد الخمر يباع في السوق .
فاخذ سكينا وعمد إلى جرار الخمر فقطع مائة قربة ، ثم أتى إلى الطبول فشقها .
فذهبوا إلى الخليفة ليخبروه فقال : افصلوا رأسه عن جسمه .
فدخل على الخليفة ، فقال له الخليفة : ما هبتني ؟
قال : والله ، ما أقدمت عليها إلا من بعد ما تصورتك اقل من الذباب .
قال : أما علمت إني المعتضد؟
قال : علمت .
قال : ماذا تصورت إني افعل بك ؟
قال : تصورت انك تفصل رأسي عن جسمي ، والمصير الجنة .
قال : لماذا شققت مائة قربة ، وتركت قربة واحدة ،وقطعت الطبول وتركت طبلة ؟
قال : لما بدأت أشق القرب والطبول أعجبتني نفسي ، فرفعت السكين خشية من الرياء في إنكار المنكر .
فسامحه الخليفة ، وقال :علمت انك صادق .
فقال هارون لأخيه موسى : ) ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(لأعراف: من الآية 150).
فاستغفر له ولأخيه .
فقال موسى لهم : لقد كلمني ربي وهذه الالواح .
وسيأتي إكمال ذلك ، ولكن نعود إلى الآيات .
يقول ، سبحانه وتعالى )وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وأنتمْ ظَالِمُونَ) (البقرة:51)
الظلم ظلمات يوم القيامة .
والظلم على قسمين .
1- ظلمك لنفسك وهو أن تحرمها طريق السعادة .
فأظلم الناس من ظلم نفسه .
إذا رأيت الإنسان يشرك بالله فقد ظلم نفسه ظلما ما بعده ظلم ، وهكذا إذا كان يعطل الصلاة في المسجد ،ويعق والديه ، ويقطع رحمه ، ويرتكب المعاصي .
2- وظلم الناس هو النوع الثاني .
والظلم ظلمات يوم القيامة .
والله عز وجل لا يفصل في العرصات يوم العرض الأكبر ، حتى يفصل بين الناس في المظالم .
حتى أن الشاة القرناء يقتص منها للشاة الجلجاء الجماء التي لا قرون لها .
قوله : ( ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة:52)
بعدما عبدوا العجل .
وقد ورد في القرآن العفو ، وورد الرضا ، وورد المغفرة . فما الفرق بينهما ؟
الرضا اعظم المنازل ، نسأل الله أن يرضى عنا وعنكم .
الرضا أن يعفو عنك ، ولا يعاتبك ، ولا يقررك بشيء ، بل يعفو عنك أبدا ، ويرضى عنك ، ولا يعاتبك في شيء .
وهذا مثل – ولله المثل الأعلى – إنسان أخطأت معه ، فأتيت عنده فرضي عنك رضاء تاما ، وقال : إنما رضيت عنك لأني احبك .
أما المغفرة فيقول : غفرت لك ،لكن قلبي يعلمه الله ، لكن ما أجازيك وأتعرض لك ، اذهب .
أما العفو فهو المسامحة مع العتب .
يعفو عنك فيقول : أنا عفوت عنك ، لكن لماذا فعلت هذا الفعل ؟ فيأخذ في معاتبتك .
قال سبحانه وتعالى : (ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ ) لماذا لم يقل : ثم رضينا عنكم .
كيف يرضى عن بني إسرائيل أهل الفضائح في التاريخ ؟
لكن قيل : بان هؤلاء الذين عاشوا مع موسى r ، رضي الله عنهم وعفا عنهم ، أما غيرهم فلا ، كما سيأتي .
(ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.)
للشر أقسام : شكر بالقلب ، وشكر باللسان ، وشكر بالجوارح .
فتشكر الله ، سبحانه وتعالى ، بلسانك فتقول : لقد انعم الله علي ، فلله الحمد والشكر والمنة والفضل .
وهذا معروف عند العرب ، فإن العربي أو السلطان من العرب ، أو الملك من العرب إذا أعطى عطية فإنه يشكر عليها عندهم .
وهكذا غيره من الكرماء ومن الناس المشهورين .
كما فعل زهير بن أبي سلمى مع هرم بن سنان ؛ الذي مدحه بقصائد طويلة شكرا له على ما قدم ، وفدى بماله في الحرب التي وقعت .
فقال فيه زهير :
لمن الديار بقنة الحجر اقوين من حبي ومن هجري
دع ذا وهات القول في هرم خير البداة وسيد الحضر
لو لم يكن شخصا سوى رجل كان المنور ليلة البــدر

والشكر بالقلب : أن تعتقد أن هذه النعمة من الله .
قال داود : يا رب كيف أشكرك ؟ وقد أنعمت علينا بالنبوة .
قال : يا داود أتعرف أن ذاك مني ؟
قال : نعم يا رب .
قال : فقد شكرتني ، )وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)(النحل: من الآية 53)
وهذا شكر القلب
وشكر الجوارح أن تستعملها في مرضات الله عز وجل .
انعم الله عليك بالشباب ، فانك تستخدمه في طاعته سبحانه ، إما إن استخدمته في معصيته فما شكرته .
ا ) لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(المائدة: من الآية 6)لكن ما شكروا الله .
ثم قال سبحانه وتعالى : )وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (البقرة:53)
هل هناك فرق بين الكتاب والفرقان ؟
ثلاثة أقوال لأهل العلم :
قيل : الفرقان هو جزء من التوراة .
وقيل : هو كتاب مستقل .
وقيل : هو التوراة ، أي : من باب الترادف.
والصحيح : انه يدخل في التوراة ، وانه من باب الخاص بعد العام ، أي : أن الفرقان جزء من التوراة .
والفرقان على قسمين :
فرقان ظاهر ، وفرقان باطن .
فالفرقان الظاهر ، هو القرآن ، وهو السنة ، وهو العلم النافع .
وفرقاننا ، يا مسلمون ، هو الكتاب والسنة ؛ نفرق به بين الحق والباطل .
وأما الفرقان الباطل ، فهو فرقان في القلب يأتي من التقوى )يَا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (لأنفال:29)
ويحصل الفرقان كلما اتقيت الله ، وأكثرت من النوافل ، وصدقت مع الله ، وأخلصت نيتك ، رزقك الله فرقانا به بين الخير والشر والصادق والكاذب والهدى والضلال .
قال سبحانه وتعالى )وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (البقرة:53) هداية القرآن وهداية الفرقان.
لكن ما اهتدوا .
أتدرون ماذا فعل بنو إسرائيل بهذا الميراث ؟
يقول سبحانه وتعالى : )وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (البقرة:78) أي : يتمتمون بالتوراة ، فحرفوها وبدلوها واشتروا بها ثمنا قليلا ، فغضب الله عليهم ولعنهم في الدنيا والآخرة.
إذا لا يوثق بمعلوماتهم أبدا ؛ لأنهم بدلوا وغيروا .
والمقصد من الكتاب والفرقان : الهداية .
والهداية لا تحصل عندنا إلا بالقران وبالسنة .
وهنا اقف وقفة بسيطة ، وهي انه وجد من غلاة الصوفية من يقول : علمنا علم ال-، وعلمكم علم الورق ، أي : أن علمهم يأتيهم مباشرة من الله دون حاجة الىتعلم الحديث والفقه وغيرها.
حتى نقل ابن القيم أن أحد علمائهم يقول : أنتم تأخذون علمكم من عبد الرزاق ، ونحن نأخذ علمنا من الرزاق .
أي : عبد الرزاق بن همام أحد المحدثين الكبار ، وقد جاء عبد الرزاق ، ما عرفتم الخلاق .
قال سبحانه : )وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إنكم ظَلَمْتُمْ أنفسكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أنفسكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:54)
يقول موسى لهم : كفارتكم عند الله من الذنوب : أن تقتلوا أنفسكم .
فلله الحمد والشكر أن جعل توبتنا أن نعود إلى الله دون حاجة لقتل أنفسنا .
مهم عصى العبد وتاب ، تاب الله عليه ، بأن ينزع من الذنب ويستغفر ويصلي ركعتين )قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أنفسهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53)
لكن بنو إسرائيل توبتهم تكون بقتل النفس .
فقالوا : كيف نقتل أنفسنا ؟
قال : خذوا سكاكين .
فأنزل الله عليهم غمامة ، كما قال ابن كثير : حتى لم يعد يعرف الواحد منهم ولده من أخيه من خاله .
فأخذوا يتقاتلون بالسكاكين ، ثم كشف الله عنهم الغمام ، فإذا القتلى سبعون ألف قتيل !
هذه توبتهم .
(فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) فتاب عليهم ربهم .
وان بنو إسرائيل إذا أذنب العبد منهم ذنبا كتبت خطيئته على جبينه ، فيأتي في الصباح أمام الناس ليجلس معهم في المنتدى ، أو في المجلس ، أو في السوق ،وإذا مكتوب عليه : ( سرق البارحة ) (سرق عشرة ريالات) ( شرب الخمر ) (زنى)... الخ .
لكن نحن سترنا الله ، وحفظنا من الفضيحة ،وآوانا الله .
فلله الحمد والشكر .
يذنب العبد فلا يعلم بذنبه إلا الله .
تصور في نفسك أن عليك رقيبا من الناس ، أو أن والدك دائما يراقب حركاتك وسكناتك ، فهل تعصي ؟
هذا هو بشر ، فما ظنك بالمحيط بل شيء سبحانه ؟
ولذلك صح في الحديث أن الله يقرر العبد بذنبوه فعلها في الظلام ، وليس عنده إلا الله الذي يشاهده يوم ارتكب ذنبه ، فيغفرها الله له .
أما المجاهر بالمعاصي فإنه يهلك عند الله ؛ لأنه تبجح بمعصية الرحمن ولم يستح ، قال صلى الله عليه وسلم : (( كل أمتي معافى إلا المجاهرين )) [30]، فالواجب على العبد أن يستر ذنبوه وعيوبه عن الناس ، ويتوب فيما بينه وبين مولاه ، قبل أن يفضحه فيفتضح أمامهم.
وواجب على المسلم أيضا أن لا يحاول نشر وإشاعة المعاصي والنكرات ، بالتحدث عنها بان يقول : حدثت جريمة قتل البارحة ، أو زنا أو لواط ، أو غير ذلك من الجرائم.
بل يبلغ الجهات المختصة دون نشرها على الناس .
لأن مثل هذا الفعل يجعل النفس تستمرئ سماع هذه الأخبار فتستهين بالمعصية .
ولأنها تحبط بعض النفوس عن الخير والعمل الصالح .
ولذلك في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : (( إذا قال الرجل : هلك الناس ، فهو أهلكهم ))[31] روي بالنصب (( أهلكهم )) ، ورويت بالرفع (( أهلكهم )).
أما على النصب فمعناه من الفعل الماضي ، أي : هو الذي تسبب في إهلاكهم بكثرة نشره للسيئات .
وأما على الرفع فهو أهلكهم ، يعني : أشدهم هلاكا ، لأنه اعجب بنفسه .
فكأنه بذلك يزكي نفسه .
فيا من أذنب في الليالي والأيام .
ويا من ترك الصلاة والصيام.
ويا من هجر البيت الحرام .
ويا من رآه الظلام عاصيا للواحد العلام .
عد إلى الله .
إن الملوك إذا شابت عبيدهم في رقهم عتقوهم عتق ابرار
وأنت يا خالقي أولى بذا رما قد شبت في الرق فأعتقني من النار

قال سبحانه وتعالى : )وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأخذتكُمُ الصَّاعِقَةُ وأنتمْ تَنْظُرُونَ) (البقرة:55) .
دائما بنو إسرائيل مثل الأطفال .
طفلك الآن إذا أجلسته في حجرك ارتقى إلى كتفك .
فإن أجلسته على كتفيك صعد على رأسك .
لقد آذوا موسى ، عليه السلام ، كثيرا .
ضرب لهم الحجر ، فتفجرت اثنتا عشرة عينا .
فقالوا : أعطنا الطعام .
فدعا الله لهم ، فأنزل المن والسلوى فأكلوا .
فقالوا : لا نريد المن والسلوى ، أعطنا فولا وبصلا وكراثا .
فقال : ) أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ )(البقرة: من الآية 61) .
فهبطوا مصر .
فلما أرادوا أن يدخلوا الباب ، طلب منهم أن يقولوا : حطة .. أي : اغفر يا رب ذنوبنا وحطها عنا.
فدخلوا يزحفون ويقولون : حبة في شعيرة ، استهزاء واستهتارا .
فلما دخلوا قال لهم : هناك عدو نريد أن نقاتله .
قالوا : ) فَاذْهَبْ أنت وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)(المائدة: من الآية 24) .
وهكذا شأنهم في كل أحوالهم معه لمن تأمل سورة البقرة .
قال سبحانه وتعالى : )وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً)(البقرة: من الآية 55) أتى موسى : بالصحف – كما سبق – وقال : كلمني الله وهذه هي الصحف .
قالوا : لا ، حتى نرى الله .
سبحان الله !
فهذه الأمة تتوارث الخبث صاغرا عن صاغر .
قال بعضهم : معنى جهرة ، أي : عيانا .
وقيل : علانية .
فقال الله عن نفسه )لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ)(الأنعام: من الآية 103).
والناس في إثبات الرؤية ثلاثة أقسام :
1- المعتزلة قالوا : لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة وقد كذبوا .
أما في الدنيا فلا يرى ، وأما في الآخرة فيرى ، كما قال سبحانه )وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ) (القيامة:22) )إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (القيامة:23)
فنسأل الله أن يرينا وجهه .
واستدل الشافعي بقوله تعالى : )كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (المطففين:15) فلما حجب أهل المعصية عن النظر إلى وجهه علم أن أهل الطاعة ينظرون إليه ، سبحانه وتعالى .
2- والصوفية أو بعض غلاة الصوفية قالوا : يرى في الدنيا والآخرة .
وقد كذبوا ، أما في الدنيا فلا يرى ، وأما في الآخر فيرى كما سبق .
3- وأما أهل السنة ، فقالوا وقد صدقوا : انه سبحانه لا يرى في الدنيا لقوله تعالى : ) لَنْ تَرَانِي )(لأعراف: من الآية 143) ، ولكن يرى في الآخرة ، ولا يراه إلا الصالحون المؤمنون .
نسأل الله من فضله

)وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأخذتكُمُ الصَّاعِقَةُ وأنتمْ تَنْظُرُونَ) (البقرة:55)
قيل : الصاعقة صوت نزل عليهم من السماء
ومعنى وأنتمْ تَنْظُرُونَ) قال أهل العلم : ينر بعضكم إلى بعض .
وقيل : قتل بعضهم بالصاعقة ، فلما ماتوا أحياهم الله ، ثم قتل الآخرين ثم أحياهم .
)ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة:56)
بعثهم الله فأحياهم بعدها أخذتهم الصاعقة ليشكروا .
فما شكروا .
)وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ) (البقرة:57) وهذه من النعم الجليلة أن يكون الجو جميلا معتدلا .
الهواء بارد ، والظل وارف ، والماء سلسال ، والجمال في الطبيعة ، والشجر تتظلل به ، وزقزقة العصافير في كل مكان .
فكن الغمام يسير معهم إذا ارتحلوا وإذا حلوا .
(وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى).
المن : شبه الحلوى .
والسلوى : طير يشوى لهم .
فكان يأتيهم رغدا من كل مكان ، يجدونه على الشجر ، ينزل دون عناء أو تعب منهم .
(كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ولم يقل : كلوا مما رزقناكم . ليبين انه حلال ؛ لأن الرزق قد يكون حراما ، وقد يكون حلالا .
ولكن الطيب هو الحلال .
(وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أنفسهُمْ يَظْلِمُونَ)
الله ، عز وجل ، لا تنفعه طاعة الطائع ، ولا تضره معصية العاصي .
قال سبحانه في الحديث القدسي : (( يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد ما نقص ذلكم مما عندي شيئا ))[32].
وإما الإنسان هو الذي يظلم نفسه بمعاصيه وذنوبه .
نسأل الله أن لا يجعلنا من الظالمين .
هذه جولة عجلى على بعض أحداث هؤلاء القوم الأذلاء ؛ لنعرف ماضيهم وتاريخهم من قرآننا ؛ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
فنعلم انهم أمة ظالمة قد غضب الله عليها ؛ لأنها كثيرا ما عصت رسله وأنبياءه .
ونعرف شيئا من طباعهم ، وعلى رأسها المكر والخديعة وعدم الوفاء بالعهود.
فلا نثق بهم اليوم ، ونحاول أن نقيم معهم العهود ؛ التي هي سرعان ما تنتقض كما علمنا ذلك القرآن .


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 26 Mar 2011, 04:59 PM [ 3 ]

تاريخ التسجيل : Feb 2010
رقم العضوية : 25036
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التصاميم
مواضيع : 738
الردود : 17862
مجموع المشاركات : 18,600
معدل التقييم : 981حجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to behold

حجازية الهوى غير متصل


رد: شخصيات من القرآن الكريم


الغريق


قال ، سبحانه وتعالى (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وأنتمْ تَنْظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وأنتمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52)) [البقرة] .
لا زال الحديث مع بني إسرائيل ، ولا زال الخطاب لبني إسرائيل ، حيث يحدثهم الله بنعمه عليهم فيناديهم قائلا :
أما نجيناكم من آل فرعون ؟
أما واعدنا موسى وأعطيناه التوراة لمصلحتكم ؟
أما عفونا عنكم ؟
أما فرقنا بكم البحر ؟
أما فعلنا وفعلنا ؟
فلماذا هذه الجرائم ؟ ولماذا هذه العظائم ؟
فهي - ولله المثل الأعلى – كأن تؤدب ابنك ، فتقول : أما علمتك ؟ أما بنيت لك بيتا ؟ أما اشتريت لك سيارة ؟
وفي هذه دروس أولها :
مجمل القصة أن موسى ، عليه السلام ، يقاتل قتالا بريا وبحريا ، وصراعا ميدانيا وعلميا ، يرسله الله أي فرعون في ديوانه ، وفي إيوانه ، وفي قصره،ويجعل معه أخاه هارون ؛ لأنهم افصح منه لسانا ،وهو لا شك افضل من أخيه .
وقال بعض المؤرخين بأن هارون أكبر منه بسنة ، ولكن الله اصطفاه دونه .
فقال له : (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)) ، فقال : (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25)) لأنهم أمر صعب وتكليف لا يحتمله .
تخيل انك راعي غنم ،ومعك عصا تهش بها على غنمك ، ثم تكلف بالدخول على طاغية من طغاة الدنيا ، هو فرعون حاكم مصر ، وحرسه كما قال أهل العلم : ستة وثلاثون الفا ، منتشرون في كل مكان ،بجوار القصر وخارجه وداخله.
قال : (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26)) ما أحسن الدعاء ! الله هو الذي ألهمه أن يدعو بهذا الدعاء ، (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27)) يا رب أنت تعلم أن لساني يتلعثم فحله لي .
قال الحسن البصري : رحم الله موسى ، ما سأل إلا أن تحل عقدة واحدة من لسانه .
وسبب طلبه من الله أن يحلل هذه العقدة ؛ كما قال موسى : (يَفْقَهُوا قَوْلِي) ليفهموا قوله ويفقهوه ، ولم يقل : اجعلني اعظم خطيب في مصر ، ولا افضل متحدث في مصر ، ولكن (يَفْقَهُوا قَوْلِي) فقط لأبلغ الرسالة.
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29)) يساعدني ، ويكون من أهلي ؛ لأنهم لو كان من غير أهلي ربما كان حاقدا أو حاسدا .
ثم عينه باسمه ؛ لان اهله كثيرون ، كبار وصغار وأبناء عمومة وأقارب فقال : (هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً (35)).
فجاء الجواب مباشرة (قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36)) لم يقل سؤالاتك ، لأنها سؤال واحد في علم الله (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أراد شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82))[يس ]
(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37)) فبدأ اله من هذه الآية يذكره بشريط حياته ، وبتلك النعم التي أسداها له في الماضي لعله يتذكرها ولا ينساها ، فيشكر ولا يكفر .
لما ذهبا واصبحا في عرض الطريق أوصاهما الله بأدب الدعوة ، فقال : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44))انتبهوا من الخبيث لينوا في الخطاب ، وعليكم بالأسلوب السهل ، والله يعلم في علم الغيب أن فرعون لا يؤمن فهو من أهل النار .
لماذا ؟ (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23))[الانفال] فيقول موسى وهو في الطريق وفرائصه ترتعد ، فهناك أمامه سيوف ورماح وخناجر ، وجيش وأسطول ، وفرعون وهامان وقارون ،فقال هو وأخوه : ()قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى) (طـه:45) أي : أن يستعجل بالعقوبة أو أن يطغى في الحكم.
قال الله – وما احسن العبارة - : ( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)(طـه: من الآية46)) .
لا إله إلا الله ! انتم في الإيوان ،وعلمي معكم .
انتم في الصحراء ، وأنا معكم بعلمي وإحاطتي .
انتم في البحر وأنا معكم بعلمي (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا)[المجادلة 7] الله معكم بعلمه و إحاطته وشهوده.
الزم يديك بحبل الله معتصما فانه الركن إن خانتك أركان

ثم كان اللقاء التاريخي المشهود بين فرعون رئيس الضلالة ، وبين موسى كليم الله ، فكان ما كان من إظهار الحجة أمامه ، ومشاهدته لمعجزة العصا واليد .
ففكر وقدر ، فاختار المبارزة في الميدان أمام الجموع الهائلة والحشود الضخمة ، لتكون النهاية الفاصلة : إما الهزيمة ، وإما الظهور في الأرض .
فتواعدا ضحى يوم الزينة ،وهو يوم العيد الأكبر عندهم .
فجاء السحرة من كل مكان تلبية لسلطان الزمان ، وربهم الأعلى فرعون ، واصطفوا متهيئين للانقضاض بسحرهم على عصا موسى ؛ التي سمعوا بها ، وما رأوها ، وظنوها كحبالهم التي معهم .
فاختار موسى أن يلقوا هم بالأول لكي تكون الخاتمة له ، وهذا من حكمته أن يجعلهم يخرجوا ما في كيدهم ،وآخر ما عندهم من حيل ومغالطات.
ثم يأتي هو فيقصم ظهرهم بعد أن عرف منتهاهم .
فألقوا حبالهم ، فكانت تتراقص كالحيات ، وهذا أقصى ما لديهم أن يجعلوا الحبال تتراقص ويسحروا أعين الناس بها .
فألقى موسى عصاه بعد أن داخله شيء من خوف طبيعي ينتاب البشر لما رأى حياتهم الكثيرة .
فقال له تعالى : (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى)(طـه: من الآية68) الأعلى مكانة ، والأعلى حجة وغلبة .
فالقى العصا ، فأخذت تلتقم سحرهم وحبالهم واحدة تلو الأخرى ، فدهش السحرة ؛ لأنهم لم يروا في حياتهم منظرا كهذا ، قد خبروا السحر وعلموه ، ولكنهم في حياتهم كلها التي ضاعت بين تلكم الخزعبلات لم يشاهدوا كمثل هذا اليوم .
فعلموا انه ليس بسحر ، وإنما معجزة من رب الأرباب .
فخروا سجدا لله رب هارون وموسى.
فكانت النهاية الأليمة لفرعون وحزبه ، عندما انهارت على رؤوسهم الحيل والتدابير .
فلما سقط الخيار الجدلي ، كان لا بد عند فرعون أن يختار الفصل والحسم العسكري ، أمر بمطاردة موسى وقومه بعد أن تشاور مع وزرائه ، فأتوه بذلك لكي لا يكسب مزيدا من الناس حوله .
فخرج فرعون بجيش قوامه كما يقال ألف ألف ، وأما موسى فلم يكن معه إلا بني إسرائيل من الأطفال والنساء وقليل من الرجال ، ولكن الله معه.
فلما بلغ موسى وقومه البحر رأوا عجاجة في السماء ، فالتفتوا فإذا فرعون وجيشه ، وقد اقتربوا منهم ، فجزعوا وهلعوا من الموقف ، فالبحر أمامهم ، وفرعون وجنوده من خلفهم .. فأين المفر .
أما موسى فقد علمه الله طيلة تلك السنين انه ناصره في كل موقف .
فأصبح هذا عنده عقدية ويقينا فقال : (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)) أي : لن يضيعني في آخر الجولة بعد أن كان معي سابقاً.
فاقترب موسى من البحر وضربه بعصاه انفلق ، واصبح كالجبل العظيم ، وحسر عن القاع وبنو إسرائيل ينظرون مبهوتين دهشين من هذا المنظر .
فأمرهم موسى بالدخول في البحر والمضي ، بعد أن جعله الله طريقا يابسا ، فسلكوه وهم لا زالوا في عجبهم .
وأما فرعون فانه اقترب من البحر ولم يعثر على موسى وقومه ، وإنما شاهد هذا المنظر الغريب الذي يشاهده لأول مرة ، فتقهقر في البداية .
وفي هذا الموضع يورد المفسرون بعض الأخبار الإسرائيلية التي لا باس بالاستئناس بها؛ لأنها لا تعارض نصا عندنا ، وإنما هي من جملة الأخبار .
قالوا : إن فرس فرعون رأى بغلة في البحر ، قيل : بغلة كان يركبها جبريل فأرادها ، لأن الفرس يهيج عند رؤية البغلة ، فاقتحم بفرعون البحر ، فتبعه الجنود لأنه قائدهم ، فلما اكتملوا في وسط البحر انصك عليهم واضطرب ، فقتلوا جميعا جزاء نكالاً.
فقال فرعون في اللحظات الأخيرة : (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ)[يونس :90] .
ولكن لم ينفعه ذلك (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91))[يونس 91] فلفظه البحر جثة ميتة ليراها من خلفه ، ويعلموا انه رجل حقير لا يستحق أن يجعل ملكا ، فضلا عن أن يجعل ربا الها .
فقال تعالى مذكرا بني إسرائيل بهذه النعمة العظيمة عندما اهلك عدوهم الطاغية فرعون وآله وجنوده (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49))[البقرة] .
والنجاة معنوية وحسية :
فالحسية أن تنجو من العذاب ، ومن السجن ، ومن المرض.
وأما المعنوية فان تنجو من الفسق ، ومن المعصية ، ومن المعتقدات الباطلة.
يقول حسان ن رضي الله عنه ، في هجو الحارث بن هشام ، الذي كان من سادات قريش:
إن كنت كاذبة الذي حدثتني فنجوت منجى الحارث بن هشام
ترك الاحبة أن يقاتل دونهم ونجا بفضل طمرة ولجام

أي : انه فر يوم بدر على خيل له ، وترك أهل بدر من المشركين يقتلهم المسلمون ، فلم يدافع عنهم .
وقال معاوية ،رضي الله عنه :
نجوت وقد بل المرادي سيفه من ابن أبي شيخ الأباطح طالب

أي :أن الله نجاني يوم مقتل علي ، رضي الله عنه ؛ لأن الخوارج كان في مخططهم أن يقتلوا عليا ومعاوية وعمرو بن العاص ، رضي الله عنهم جميعا ، ولكنهم لم يستطيعوا إلا قتل علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، لحكمة قدرها الله .
فقال معاوية هذا .
قوله يسومونكم سوء العذاب )[ يعني: تلقون منهم شدة ومشقة وعنتا ، وهو اشد العذاب لا اقله .
يقول عمرو بن كلثوم في (( معلقته ):
إذا ما الملك سام الناس خسفا أبينا أن نقر الخسف فينا

يقول هذا عندما ذهب هو وأمه إلى عمرو بن هند ، فقال أم عمرو بن كلثوم لأم عمرو بن هند : ناوليني هذا الطبق ، تريد إذلالها .
فرفضت ، فضربتها كفا على وجهها ،فصاحت تنادي ولدها وتولول ، فقام ابنها وقتل عمرو بن هند ،وقال معلقته في تلك الساعة .
فكان الإسرائيليون خدما عند أهل مصر في ذلك الزمان ، يقومون بالأعمال الحقيرة عندهم ؛ من كنس وطبخ وتحضير للطعام وهكذا .
(يذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ )(البقرة: من الآية49) أي : بعد أن علم فرعون بواسطة السحرة ، انه سيقتل في مصر على يد طفل ذر لبني إسرائيل يولد بعد ذاك الزمان .
فأخذ لغبائه يقتل كل ولد يولد لبني إسرائيل ، ولكن الله تعالى بإرادته غلب إرادة هذا السفيه ، فجعل الله موسى يتربى في قصر فرعون اذلالا له وتحقيرا .
() وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ)(البقرة: من الآية49) ، أي : نقمة شديدة حلت بكم ، فلا تنسوها ولا تنسوا نعمة الله إذ نجاكم منها.
ولكنهم نسوا واعرضوا ، فلا زالوا في سخط من الله إلى اليوم
وفي هذا الدرس دروس وعبر :
أولها : أن اعتصامنا بلا اله إلا الله ، فلا اله إلا الله من اجلها الكتب نزلت ،ومن اجلها الرسل أرسلت ، ومن اجلها الدنيا دمرت خمس مرات ، ومن اجلها أقيمت المعالم ، وبثت .

الأجيال ،وبذلت الأموال ، ورفعت السيف ، فلا اله إلا الله لا بد أن تسيطر على كل واحد منا ، على الملك ، على الأمير، على الوزير ، على العالم ، على القاضي ، على المسؤول ، لا بد أن يعتقد في ضميره أن لا إله إلا الله على الصحفي يوم يكتب ، على الشاعر ، يوم ينظر ، على الأديب يوم يتوج أن يكون عبدا لله ، وإذا لم يفعل ذلك فسوف يكون من أعداء الله ومن المحادين لله .
والقضية الثانية : أن الدين يكون بالصلاة ، ولا صلاة إلا بدين ، ولا دين بغير صلاة.
والقضية الثالث : أنا إذا لم نجعل في أذهاننا الإيمان باليوم الآخر ، فوالله لا نعيش في سلام ولا أمن ، ولا في استقرار ولا في طمأنينة ، لأن الذين نسوا اليوم الآخر تقاتلوا ودمروا بعضهم ، وأطلقوا صواريخهم وقتلوا الآمنين والنساء والأطفال ودمروا البيوت ، لأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر .
والقضية الرابعة: أن الله ، عز وجل ، ينصر أولياءه ، ولو ظهروا على الساحة انهم مهزومون ، أو انهم قليلون ، أو انهم مضطهدون ، فالنصر معهم والعاقبة لهم .
والقضية الخامسة :أن الله ، عز وجل ، يطلب من العبد أن يحفظ النعم والأيادي ، وان يتذكر المعروف ، وان يتذكر الجميل .
والقضية السادسة : أن على الداعية أن يعرف مداخل القلوب ، وان لا يكون عنيفا في أسلوبه مجرحا للشعور منتهكا للقيم.
دخل أحد الأعراب على هارون الرشيد ، الخليفة العباسي الكبير ، فقال الأعرابي : يا هارون .
قال : نعم .
قال : إن عندي كلاما شديدا قاسيا فاسمع له
قال : والله لا اسمع له .
قال : ولم
قال : لان الله أرسل من هو خير منك إلى من هو شر مني ، قال : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) ).
فأسلوب الأدب ومراعاة الشعور ، و إقامة حقوق الناس مطلوبة في الدعوة ليصل الداعية إلى القلوب .
والقضية السابعة : أن لا خوف على المسلم ، فالنفوس بيد الله ، والأرزاق في خزائن الله ، فهو الذي يحيي ويميت ، وهو الذي يغني ويعدم ،وبيده مقاليد الأمور سبحانه وتعالى .
هذا درس من دروس التوحيد ؛ لأن أغلبية سور القران دائما تحلق بنا مع موسى ، ولا تكاد تقرا سورة في الغالب إلا وتسمع (وَلَقَدْ أرسلنَا مُوسَى)[هود 96] فسلام على موسى في الأولين ، وسلام عليه في الآخرين ، وشكر الله سعيه يوم رفع لا إله إلا الله .
وأما فرعون ، وآل فرعون ، حالهم كما ذكر المولى ، عز وجل : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46))[غافر] .


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 26 Mar 2011, 05:06 PM [ 4 ]

تاريخ التسجيل : Feb 2010
رقم العضوية : 25036
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التصاميم
مواضيع : 738
الردود : 17862
مجموع المشاركات : 18,600
معدل التقييم : 981حجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to behold

حجازية الهوى غير متصل


رد: شخصيات من القرآن الكريم


المناظرة


يقول تعالى : (وَإِذْ قَالَ إبراهيم لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (74))[الأنعام ] إمام التوحيد يريد أن يثبت التوحد أولا ، وهو قد أثبته في نسه قبل أن يثبته لأبيه ثم يثبته للناس .
إمام التوحيد يعيش صراعا رهيبا في نفسه ، حتى يعلم أن لا إله إلا الله .
والله ، إذا أراد أن يرسل رسولا من الرسل ابتلاه بالمصائب والأزمات ، حتى يعلم أن لا إله إلا الله ، ولا نافع إلا الله ، ولا ضار إلا الله ، ولا محيي ولا مميت إلا الله .
مكث صلى الله عليه وسلم يذوق التوحيد ، ويتجرع التوحيد من صغره ، فلما بلغ الأربعين انزل الله عليه (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)[محمد : 19].
يقول أهل التفسير : خرج إبراهيم ، عليه السلام ، إلى البحر وجد جيفة حيوان قد ألقيت على الشاطئ ، فأتت الذئاب والوحوش والكلاب والطيور تفترسها.
فوقف متأملا وقال : سبحان الله ، أيعيد هذه الله بعد أن تأكلها الطيور والوحوش؟
ثم التفت ورفع يديه وقال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى)[البقرة : 260] .
هل شك في القدرة ؟ وقدرة الواحد الأحد ثابتة وهو يعرف ذلك ، وهو الذي علم الناس بان الله قدير ،وهو الذي أتى بهذا العلم( علم التوحيد الخالص ).
عند البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (( نحن أحق بالشك من إبراهيم ))[13].
ولأهل العلم معنيان في هذا الكلام منه صلى الله عليه وسلم :
1- المعنى الأول : لو كان إبراهيم يشك ، لكنا نحن أكثر منه شكا ؛ لأنهم ارفع منا إيمانا .
2- والمعنى الآخر : انه لا يسلم من الشك أحد حتى نحن ؛ لأن إبراهيم وهو أفضلنا قد انتابه شيء منه ، والأول اصح وأولى .
قال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى)[البقرة : 260]بعد أن أصبحت في بطون الوحوش والطيور والعجماوات والكلاب والزواحف .
قال الله ، عز وجل : ( أولم تؤمن )؟
أفيك شك من لا إله إلا الله ؟ ومن قدرة القدير ؟ وقدرة الواحد الأحد ؟ الذي يقول فيها الإمام مالك : تعدد الأصوات والنغمات واختلاف اللغات يدل على قدرة الله .
وقيل لأحدهم : ما دليل القدرة ؟
قال : نقض العزائم .
أي : انك تعزم على أمر ، ثم ينق عزيمتك . مثلا : تصمم على السفر ثم يلقى سفرك لسبب أو لآخر.
يقول أبو العلاء المعري ، وهو من احسن أبياته – ولو أن له أبياتا قبيحة -:
تقضون والفلك المسير ضاحكا وتقدرون فتضحك الأقدار
يقول : انتم في الأرض خفافيش تقدرون ، وتتوقعون ، ويأتي الله فيلغي تقديراتكم ويفنيها (أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62))[الأنعام ] (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً)[الأنعام : 115].
قال ابن كثير : صدقا في الأخبار ، وعدلا في الأحكام
وهذا التعريف من الدرر ، وهذا هو الإكسير والمعنى القليل .
(قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي)
يعني : أريد أن يطمئن القلب ، وهو دليل على أن درجة الإحسان أعلى من درجة الإيمان ، وان من رأى الشيء كان أكثر يقينا ممن سمع به .
يقول الشاعر أبو الطيب المتنبي:
خذ ما رأيت ودع شيئا سمعت به في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
وهذا مثل ما يذكر أن علي بن أبي طالب قال : والله ، لو كشف لي الله الغطاء، فرأيت الجنة والنار ، ما زاد ما عندي من إيمان مثقال ذرة . يعني : انه بلغ درجة اليقين .
يقول حافظ الحكمي عنه :
هو رسوخ القلب في الإيمان حتى يكون الغيب كالعيان
ما دام بان هناك جنة ، فقد صدقوا بذلك وأيقنوا ، وهذا كحال الصحابة الذي يقول أحدهم في معركة أحد : ( إياك عني يا سعد ، والذي نفسي بيده أني لأجد ريح الجنة من دون أحد ).
هذا هو اليقين ، لا علم الدكتوراة التي جعلت الإنسان في القران الخامس عشر لا يعرف يصلي جماعة في المسجد ، ثم يقول : هذا هو العلم !! (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخرة هُمْ غَافِلُونَ (7))[الروم] .
قال : ( ولكن ليطمئن قلبي ) فقال له الله : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إليك)(البقرة: من الآية260) وسبق أن قلت : لا يهمنا استطرادات المفسرين في ذكر نوع الطيور ، هي بط أو حمام أو اوز ؟ إنما هو طير ، ولو كان هناك مصلحة ، لكان سمي لنا الطير .
(فَصُرْهُنَّ) قيل : قطعهن ، فقطعها إبراهيم وخلطها ونثرها على أربعة جبال ونزل في وسط الوادي .
قال ثم ادعهن ) ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً)(البقرة: من الآية260) فنزل فدعاهن ، وأحياها الله ورد الأرواح فيها ، فكان إبراهيم يقدم الرأس للطائر لا يقبله ؛ لأنه ليس رأسه ، ويقدم الرجل للطائر فلا يقبلها ؛ لأنه ليست رجله.
ثم قال : () وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(البقرة: من الآية260)).
لماذا قال الله قبلها في قصة صاحب الحمار : (أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(البقرة: من الآية259)) ، وهنا قال : ( عزيز حكيم ).
قال أهل العلم : لأن إبراهيم هو أستاذ التوحيد وصاحب العقيدة ، وهو لا يصل إلى أن لا يعلم أن الله على كل شيء قدير ، ولكنه بعد القصة ازداد علما بعزة الله وحكمة الله فقيل له : (وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)[البقرة :260] .
فذهب إبراهيم إلى أبيه ، وهو أول ما يدعو أباه .
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ )(الأنعام: من الآية74) قيل : انه ليس بأبي بالنسب ، والصحيح انه ابوه بالنسب .
قال : ( أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً)(الأنعام: من الآية74)) هذه القضية الكبرى .
إن من مبادئ الجدل : انك إذا أردت أن تهدم شيئا أن تورث الشك في نفس من تجادل.
فإذا أردت أن تجادل معتنقي النصرانية مثلا ، فتقو لهم : هل الله ثالث ثلاثة ؟ هل يعقل أن الواحد ثلاثة ؟ تعالوا بنا إلى الحساب ، هل سمعتم أن الواحد يصبح ثلاثة ؟ من هنا نهدم عقائدهم .
قال : (أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً) أتتخذ الحجارة آلهة ؟ فهل هي تسمع أو تعقل أو ترى ؟
(إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
نعم ! يطلب من الداعية أن يكون حكيما ولا يواجه بعنف ، لكن إبراهيم هنا استخدم الأسلوب المناسب للموقف المناسب ، وهذا لا ينافي الحكمة ، فان الله لما أرسل موسى وهارون قال : ( فقولا قولا لينا ) مع العلم أن موسى يقول لفرعون لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (102) )[الاسراء] ، لأنه سمع اليقين والعلم والخبر ولكنه تكبر ، فاستدعى ذلك الاغلاظ معه.
كحال إبراهيم ، عليه السلام ، هنا.
(وَكَذَلِكَ نُرِي إبراهيم مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75))[الانعام]
ما الذي يدل على الله ؟ الشجر والزهرة والغدير والسماء والأرض .
وفي كل شيء له آيــة تدل على انه واحد
كلها تشير على الوحدانية (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)[يونس : 101] الرابية : الهضبة ، والتل والماء كلها تدل على الله .
يقول علماء الكلام : لا بد قبل أن تقول اشهد أن لا إله إلا الله ، واشهد أن محمدا رسول الله ، فانه عليك أن تتفكر بالنظر والاستدلال حتى تشهد .
وهذا خطأ عند علماء السنة ، ونبه عليه الشيخ عبد العزيز بن باز ، رحمه الله ، في تعليقه على (( فتح الباري )) وقال : لا ، بل الواجب أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وتشهد أن محمدا رسول الله ، لا النظر والاستدلال .
قال r (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أني رسول الله ))[14].
وقال سبحانه : (وَكَذَلِكَ نُرِي إبراهيم مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) وهذا دأب الأنبياء ، فالرسول r قبل البعثة ما كان يقرأ ، ولا يكتب ، لكنه كان يقرأ في الكون وفي كتاب الكون ، وقيل في قوله تعالى : (اقْرَأْ)[الاسراء : 14] وهي أول سورة نزلت عليه ، أي : اقرأ في الكون.
ولذلك يكثر القران من التذكير بآيات الله في الآفاق وفي الأرض (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20))[الغاشية:]
( وليكون من الموقنين ) هذه درجة الرسوخ واليقين .
واليقين له شروط:
منها : أن تتدبر آيات الكون .
ومنها : أن تكثر من العبادة ،وهو طريق أهل السنة ؛ لان المناطقة لم يكونوا متعبدين ، بل كان يهم فجور .
والمعتزلة من افجر الناس ، حتى أن بعضهم كان ممن يشرب الخمر .
قال : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً)).
جن معناها : ستر ، وإنما سمي الجن جنا ؛ لأنهم يستترون .
وقال عمر بن أبي ربيعة:
وكان مجني دون ما كنت اتقي ثلاث شخوص كأعيان ومعصر

قال : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً) هذا أسلوب القران وهذا إبداع القران ، من يستطيع أن يصوغ مثل هذا الكلام ؟
الله وحده جل جلاله .
(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً) فلا تظهر الكواكب إلا في الليل ، وإبراهيم أراد أن يجري الحوار أمام الناس ، وهو يدري أن الله هو الواحد الأحد ، وهو النافع الضار ، كان يريد أن يلفت أنظارهم إلى أن هذه الكواكب لا تنفع ولا تضر ولا تدبر أمرا هي لا تستحق العبادة.
(هَذَا رَبِّي) يقول إبراهيم : الكوكب ربي ، فسمعه قومه سكتوا ما أنكروا ، لأن أمته كانت تعبد الكواكب ، وتعبد الشجر والحجر ، وتعبد صبرة التمر .
(فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) أفل : أي : غاب .
لماذا قال هذا ؟ لأنه يريد أن يثبت لهم أن الله حي لا يموت (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)[الفرقان: 58] وهذا سر الأسرار ، بان الحي الذي لا يموت هو الله .
أما غيره أحياء يموتون.
(فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) فكأن قومه وافقوه وسكتوا ، فما دام إبراهيم لا يحب الآفلين فقد أصاب إبراهيم .
(فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي)[الانعام] هذا في الليلة الثانية .
(فَلَمَّا أَفَلَ) قال : وهذا أيضا لا يصلح للعبادة ؛ لأنه يختفي فلا يراقب عباده .
(قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) .
(فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أكبر) لأنه يبحث عن الكبير ، ولذلك من صفات الواحد الأحد انه الأكبر .
وكانت العرب تأخذ أكبر الحجارة لعبادتها!
(فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ).
أخيرا قال : هذه كلها خزعبلات ؛ لأن قومه يعبدون الكوكب والشمس والقمر ، فلما أفلت جميعها صرف نفسه عن هذا وقال : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)) الحنيف : المائل من الشرك إلى التوحيد.
وهذا هو الذي أتى به صلى الله عليه وسلم ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يحب كل الأنبياء والرسل ،كان يحب إبراهيم حبا خاص (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبراهيم لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ)[آل عمران : 68] .
ويقول في حديث الإسراء : (( ورأيت إبراهيم عليه السلام وكان أشبه الناس به صاحبكم ))[15] أي : هو صلى الله عليه وسلم .
(وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ) الآن بدأت المناظرة .
(قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ) يقول : أنا اهتديت والحمد لله ، ولكنكم تريدون أن تزيلوني عن هذا المعتقد الحق ، وهذا من الخبث بأنهم لم يكتفوا بضلالهم ، بل يريدون أن يضلوه معهم كشأن بعض الناس الذين يريدون غواية الصالحين.
(وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً) سبحان الله !.
بعض أهل العلم له تعليق على هذه الآية ؛ بأن إبراهيم يعلم أن الله لو شاء لجعله مثلهم ،ولم يهده إلى التوحيد ،ولكنه عصمه سبحانه وتعالى.
معنى ذلك : أن العبد مفتقر إلى الله مهما بلغ في الهداية .
(وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أحد أبدا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) [النور :21].
والله ، سبحانه وتعالى ، إنما عصم الرسول r من القتل بآية في سورة المائدة هي : (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)[المائدة : 67] فهو العاصم سبحانه من كل شيء .
ثم قال إبراهيم : ( وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً)(الأنعام: من الآية80).
و أهل السنة والجماعة يقولون : ( يعلم الله ) ، ولا يقولون ( يعرف ) ؛ لأنه ليس من الألفاظ الشرعية أن تقول : ( عرف الله هذه المسالة ) مثلا ، بل تقول : ( علم الله هذه المسالة ؛ لان العرفان يسبقه جهل ، فهو علم نسبي مؤقت ،أما علم الله هو مطلق لا محدود.

<FONT face="Mudir MT"><FONT size=5><FONT color=black>وقد علم الله الغيب واختص به سبحانه دون غيره فقال (<B><FONT face="Arabic Transparent">قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ%


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 26 Mar 2011, 05:35 PM [ 5 ]

تاريخ التسجيل : Feb 2010
رقم العضوية : 25036
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التصاميم
مواضيع : 738
الردود : 17862
مجموع المشاركات : 18,600
معدل التقييم : 981حجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to behold

حجازية الهوى غير متصل


رد: شخصيات من القرآن الكريم


بقرة بني إسرائيل


سورة البقرة هي أطول سورة في القرآن ، ويصفها بعض العلماء بأنها سورة النسف والإبادة لبني إسرائيل ، واحتوت على كثير من أحوالهم مع أنبيائهم .
ومن تلك الأحوال ما سميت السورة باسمها ، ألا وهي قصة ( البقرة ) ، فإن بني إسرائيل تعنتوا فيها وعقدوا الأمور ، وتشددوا فشدد الله عليهم .
وملخص القصة : أن أحد بني إسرائيل كان غنيا جدا ، وكان له أبناء أخ يحقدون عليه لغناه ، فتآمروا على قتله وسلبه ماله ، فقتلوه في ظلام الليل دون أن يشعر بهم إلا رب السماوات .
ثم أرادوا أن يخفوا جريمتهم ، فتباكوا في الصباح على عمهم .
وذهبوا إلى موسى نبي الله ، وأخبروه ، وتحاكموا إليه ليبحث لهم عن قاتل عمهم !
فقام موسى فابتهل إلى الله بان يخبره بقاتل الرجل ، فأوحى الله إليه بان يأمرهم بقتل بقرة ، وأخذ شيء من أعضائها، وضرب الميت بها ليقوم ويخبرهم بقاتله .
فقال لهم موسى : )وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) (البقرة:67) ولو ذبحوا أي بقرة لانتهى الأمر ونفذوا الطلب .
لكنهم تعنتوا وتشددوا مع نبيهم ، وقالوا : (أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً)
أي : أنهم استغربوا هذا الحكم ، وهذه الطريقة لإظهار القاتل ، وهذا من الاعتراض على الله .
فقال لهم موسى : (أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ).
فعلموا انه صادق .
ثم قالوا : )قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ) (البقرة:68) .
فقال (إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ).
أي : ليست بالكبيرة المسنة ، ولست بالصغيرة البر ، بل بينهما .
فتعنتوا أكثر واكثر ، وقالوا : )قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا) (البقرة:69) .
فقال : (إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)
وهذا من اجمل الألوان .
فذهبوا ثم عادوا وقالوا متعنتين : )قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا) (البقرة:70) .
قال : )قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) (البقرة:71) أي: ليست مهيئة للزرع ولا للحرث ، فهي معززة، أي : لا تحرث ولا تزرع .
ثم قال : (مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا)أي : ليس فيها علامات تخالف الأصفر الفاقع.
(قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) أي : كأنهم يقولون أنت في الأول لم تأت بالحق ، سبحان الله ، فمن يأت بالحق إذا لم يأت به نبي الله ؟
ثم ذهبوا فوجدا البقرة عند عجوز في إحدى النواحي ، ليس لها إلا هي ، فتغالت في ثمنها ، حتى ملؤا لها جلد البقرة ذهبا .
فلما ذبحوها ضربوا ببعضها القتيل ، فقام من ميتته بإذن إله ، واخبر بقاتله ، ثم مات من جديد .
هذه هي القصة باختصار .
وفعل بني إسرائيل مع نبيهم في هذه القصة ، هو من التعنت والتشدد والأذى لرسول الله .
وهم لم يفعلوا كما فعل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ؛ الذين قالوا قبل بدر : والله ، لو سرب بنا إلى برك الغماد ( موضع ) لسرنا مع .
وكان الواحد يسمع كلامه r فيصدقه ، وينفذه دون أن يراجعه r ، أو يكثر عليه .
ومعلومة لديكم : قصة عمير بن الحمام لما سمع الرسول r يبشر بالجنة ، وأنهم ما بينهم وبينها إلا أن يقتلهم المشركون ، فرمى التمرات التي بيده وقاتل حتى قتل تصديقا له r [33]، ولم يتعنت كما تعنت أحفاد القردة والخنازير .
وفوائد هذه القصة ( بقرة بني إسرائيل ) عديدة منها :
أولا : أن العقل لا يحق له أن يعترض على الوحي الآتي من السماء ، ويوم يبدأ بالاعتراض والتشكيك تبدأ اللعنة ويحل الغضب .
ثانياً : أن على المسلم أن يتقلى الأوامر والرسالة باستسلام ، وان يسلم وجهه طوعا لله ، ويرخي قيادة لمولاه .
ثالثا : فضل أمة محمد r ، حيث لم يتعنتوا كما تعنت بنو إسرائيل ،كما سبق .
رابعا : انه لا تعايش بين المسلمين ، وبين هؤلاء الأنجاس ، مهما كان الأمر ؛ لأننا نختلف عنهم في جميع أمورنا .
لا كما يزعم البعض من إمكانية التعايش السلمي معهم ؛ لأن الحية لا تلد إلا حية .
فما دام أولئك أجدادهم ، فإن الأبناء سيكونون مثلهم ، أو شرا منهم في التعنت والخبث .
خامسا من فوائد القصة ، كما ذكر الإمام احمد ، أن البقرة تذبح ولا تنحر .
وقد استشهد الإمام بهذه الآية ) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً)(البقرة: من الآية 67) ولم يقل : تنحروا .
وهذا من اللطائف .
سادسا : استدل بها الإمام مالك على جواز بيع ( السلم ) أي : البيع بالصفات دون حضور السلعة ؛ لأن الله ذكر لهم الصفات فقط ، فاستجابوا بالصفات فأقرهم الله .
سابعا : أن على المسلم أن لا يتعنت في أموره الدينية والدنيوية ،ولا يتشدد ؛ لأن التشدد مصيره الهلاك أو التعب في الحياة .
ثامنا أن الله إذا أمر بأمر فهو على ظاهره ، ولا نبحث ونستفسر عن أشياء لم يردها الله ، فنصرفه عن ظاهره بسببها .
تاسعا : أن من نفذ الأمر في أول وقته فهو المأجور ، مثل الصلاة في أول وقتها .
قال ابن مسعود : يا رسول الله ، أي العمل افضل ؟
قال : (( الصلاة على وقتها ))[34].
وهكذا الحج في أول العمر افضل ممن يؤخره إلى ما بعد المشيب .






إخوان


القردة والخنازير



قال الله ،سبحانه وتعالى : )قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (البقرة:97)
قال انس ، رضي الله عنه : أتى عبد الله بن سلام اليهودي الذي اسلم آل رسول الله r أول ما قدم المدينة فقال : يا رسول الله إني أسألك عن ثلاث لا يعلمها إلا نبي
قال : (( ما هي ؟)).
قال : ما هو أول اشراط الساعة ،وما هو أول طعام أهل الجنة ،ولماذا يشبه الولد أمه أو أباه .
فقال r ، وهو يجيب على الأسئلة الثلاثة العويصة المشكلة ، التي لا تعلم إلا بوحي من فوق سبع سماوات .. قال : (( أخبرني بهن جبريل آنفا )).
قال ابن سلام : جبريل عدو اليهود من الملائكة .
فقال r : (( أما أول اشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب )).
(( وأما أول طعام أهل الجنة فزيادة كبد الحوت )).
(( وأما أن الابن يشبه أمه أو أباه ، فإذا سبق ماء الرجل أشبه أباه ، وإذا سبق ماء المرأة أشبه أمه )).
قال عبد الله : صدقت بابي و أمي، والله ما علمها إلا نبي ، اشهد أن لا إله إلا الله ، واشهد أن محمدا رسول الله ، يا رسول الله إن اليهود قوم بهت يبهتون ( أي : أهل زور وافتراء ) فاسألهم عني .
فجعله r في مشربة ( وهي الغرفة الصغيرة ) ، وجمع أحبار اليهود وقال : (( كيف ابن سلام فيكم ؟)).
فقالوا : سيدنا وابن سيدنا ،فقيهنا وابن فقيهنا ، خيرنا وابن خيرنا .
قال : أفرأيتم إن اسلم .
قالوا : أعاذه الله من ذلك .
فرد عليهم ابن سلام ، وقال : اشهد أن لا إله إلا الله ، وان محمدا عبده ورسوله .
فانخنسوا ، وقالوا : شرنا وابن شرنا ، وسيئنا وابن سيئنا ، وخبيثنا وابن خبيثنا[35] .
ساق الإمام البخاري هذا الحديث على هذه الآية ؛ لأنه يريد أن يفسر كل آية تفسيرا صحيحا بسنده ؛ لأنه اشترط الصحة حتى في التفسير .
والشاهد في الحديث أن اليهود يعادون جبريل .
فلما قال r : إن جبريل اخبرني بها آنفا ، قال ابن سلام : ذلك عدو اليهود من الملائكة.
ولماذا عادى اليهود ، عليهم اللعنة ، جبريل ، عليه السلام .
لثلاثة أسباب قالها أهل العلم .
الأول انه نقل الرسالة منهم إلى غيرهم ، فظنوا أن عندهم صكا شرعيا على الرسالة لا تنزل إلا فيهم ، فغضبوا لذلك وعادوه .
الثاني : لنه ينزل بالخسف والتدمير ، فالله ، عز وجل ، إذا أراد أن يدمر أمة أرسل إليهم جبريل ، وله ستمائة جناح ، ومن ذلك انه دمر قرى قوم لوط ، عليه السلام ، وكانت أربع قرى ، وفيها أربعمائة ألف ، وقيل : ثمانمائة ،فرفعها في الجو إلى السماء حتى سمع الملائكة نباح كلابهم وصياح ديكهم ، ثم أنزلها على وجهها في الأرض .
فهم يقولون : انه ليس مثل ميكائيل ، يأتي بالنبات والمطر والغيث في تؤدة وسكينة.
الثالث : انه فضح مفترياتهم واخبر بأباطيلهم ، واخبر الرسول r بأسرارهم من تحريف للكتاب وقتل للأنبياء .
والآن لنقرأ القرآن والحديث النبوي ، وهما يتحدثان عن بني إسرائيل ، و أول سورة في القرآن ذكر فيها هؤلاء الخبثاء هي سورة البقرة التي من قرأها ظن أنها عن بني إسرائيل .
ولا بد من معرفة صفات هؤلاء الأعداء الماكرين ؛ لأنه من اعظم الأشياء التي تبصر الملم والمؤمن بألاعيبهم الحديثة التي لا تتبدل عن القديمة ، وتكشف له عن المزيد من خططهم وكيدهم .
وهي تزيد المؤمن يقينا بالله ، سبحانه وتعالى ، وبهذا الدين .
قال تعالى )وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيات وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام:55)
ولذلك من عرف الجاهلية ، أو مسالك المفسدين كان اشد تمسكا بهذا الدين القويم بخلاف من لم يعرف إلا الإسلام .
قال عمر ، رضي الله عنه : إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشا في الإسلام أناس ما عرفوا الجاهلية .
ولذلك كان الصحابة من اشد الناس إيمانا ؛ لأنهم عرفوا مسالك الجاهلية ومفاسدها .
وقبل أن نتعرف على صفات أحفاد القردة والخنازير ، لا بد أن نلم بسبب هذا الحديث السابق .
لقد هاجر r من مكة إلى المدينة ، فأمست مكة في ثوب حزن وفي حداد من مفارقة الحبيب ، وبكى عليه الغار الذي صاحبه أيام الشباب .
فانطلق r إلى المدينة ، وكانت في جاهلية جهلاء ، فلما قدم علها :
استفاقت على أذان جديــد ملؤ آذانهــا أذان بلال
فكان عبد الله بن سلام الحبر اليهودي من الذين أبصروه صلى الله عليه وسلم عند مجيئه ، وعبد الله بن سلام هذا هو الذي نزل في فيه قوله تعالى : )قُلْ أَرأيتمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ )(الاحقاف: من الآية 10) .
فذهب عبد الله لما رأى الناس يجتمعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فنظرت في وجهه فإذا هو ليس بوجه كذاب ؛ لأن وجه الكذاب يعرف بالنظر إليه ، وأما الصادق فنظراته صادقة ولمحاته صادقة .
لو لم تكن فيه آيات مبينة لكان منظره ينبيك بالخبر

قال ابن سلام ، فسمعته يتكلم r ، واسمع إلى الكلمات التي كأنها الدر أو الجواهر ، بل أغلى من الجواهر .
بالله لفظك هذا سال من عســل أم قد صببت على أفواهنا العسلا
أم المعاني اللواتي قد أتيت بهـا أرى بها الدر والياقوت متصلا
لو ذاقها مدنف قامت حشاشته ولو رآها غريب داره لسلا

قال r : (( أيها الناس أطعموا ، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام ،وأفشوا السلام تدخلوا الجنة بسلام ))[36]، فلما سمع عبد الله هذا الكلام آمن .
قال r : (( لو آمن بي عشرة من أحبار اليهود لآمن بي اليهود))[37] ، لكنهم لم يكملوا عشرة لأن الله كتب عليهم اللعنة .

· مكائد اليهود ومفاسدهم :
1- فمنها دخولهم مع الباب يزحفون بعد أن قال لهم الله عز وجل : ) وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ )(البقرة: من الآية 58) قال بعض المفسرين : هي بيت المقدس ، وقيل : بل أريحا .
فلما فتح الله على موسى ، عليه السلام ، تلك البلاد ، قال لهم : إن نعمة الله عليم يوم نصركم ، ويوم أنقذكم من فرعون الطاغي أن تدخلوا متواضعين سجدا من باب المدينة ، كما دخل صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ، قيل في بعض الروايات : بان دموعه سالت تواضعا لله فرفعه الله ؛ لأن من يتواضع لله يرفع.
فقال لهم موسى ، عليه السلام : ادخلوا لله متواضعين لما نصركم وأنقذكم ، فأبوا ..
وقال الله ، عز وجل ، لهم : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) أي : يا ربي احطط عنا ذنوبنا ، كقولك : ( غفرانك)
فقال لهم موسى : قولوا: حطة ،وهي كلمة خفيفة.
فدخلوا يزحفون ويقولون : حنطة في شعيرة ! )فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ )(البقرة: من الآية 59) .
لما بدلوا هذا الكلام غضب الله عليهم ، سبحانه وتعالى ، من فوق سبع سماوات ، وأخزاهم وأذلهم .
2- ومن جرائمهم وكيدهم : انهم قتلوا في غداة واحدة عشرات من الأنبياء ؛ لأنه كان يبعث لهم جملة من الأنبياء في زمن واحد .
وأتوا بيحيى ، عليه السلام ، فذبحوه وقطعوا رأسه ،عليه السلام ،وألقوه في حضن أبيه زكريا ، فانتفض زكريا ، عليه السلام ، فطاردوه بالسيف ، وفي (( التفسير )): انه هرب منهم ، واختفى في شجرة في وسطها معجزة من الله .
فلما علموا انه في الشجرة شقوها نصفين ، وشقوا معها زكريا ،عليه السلام.
فكانوا يقتلون الأنبياء ، لذلك قال الله ، س ، لهم : )َقَتْلَهُمُ الْأنبياء بِغَيْرِ حَقٍّ )(آل عمران: من الآية 181)، ولكن هل هناك قتل للأنبياء بحق ما دام قد قال سبحانه وتعالى : (قَتْلَهُمُ الْأنبياء بِغَيْرِ حَقٍّ) !
لا ، ولكن هذا من ظلمهم وعتوهم فهو سبحانه يقول لهم : ليس عندكم جزء ، ولو صغير من الحق لتقتلوهم .
3- ومنها : قتلهم النفس في قصة البقرة، فقد كان هناك اخوة لهم عم غني ، فأتوا إلى عمهم فذبحوه ، وأخذوا تركته ، وخافوا أن يكتشف نبي عصرهم الجريمة، فتباكوا على عمهم بأنه قتل ولا يدرى من قتله ، فأوحى الله للنبي أن يأمرهم بذبح بقرة،ويأخذوا شيئا من أطرافها ويضربوا به على الميت فإنه سوف يتكلم ويخبرهم بمن قتله .
4- ومنها: قصة القرية حاضرة البحر ، وهي قصة محزنة،عندما قال الله لبني إسرائيل : ) لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ )(النساء: من الآية 154) يعني : لا تصيدوا السمك يوم السبت ، اصطادوا في كل الأيام ، لكن يوم السبت لا تصطادوا الحوت والسمك ، فقالوا : سمعنا وعصينا ، وهم دائما يقولون سمعنا وعصينا .
فقالوا : يا أيها الناس ، نخاف أن الله يخسف بنا ، إن عصيناه ، فلا تصطادوا السمك يوم السبت .
فابتلاهم الله بان كان يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة لا يأتيهم فيه أي سمكة ،أما في السبت فتكثر الأسماك وتأتي شرعا ، ففكروا طويلا في الأمر ،حتى هداهم مكرهم إلى حيلة على الله ، سبحانه وتعالى ، بزعمهم الفاسد.
فقالوا : الله ، عز وجل ، نهانا عن الصيد مباشرة يوم السبت ، لكن لو حفرنا أخاديد حتى تقع فيها الأسماك فلا تذهب ، فنأتي يوم الأحد ونصيدها لكان أولى لنا .
فحفروا الأخاديد ومجاري المياه ، فأخذت الأسماك تدخل ، وهم يسدون عليها طريق البحر .
ويأتون يوم الأحد فيأخذونها.
فقال لهم الصالحون منهم : يا أيها الناس ، قد ألحدتم في دين الله ، وعصيتم الله ، وتجاوزتم حد الله ، فلم يسمعوا منهم ، واستمروا في غيهم .
فكان هؤلاء الصالحون هم أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهم حفاظ المجتمع وعباد الله ، وأما أولئك فهم أهل الفساد في المجتمع .
ولكن قد ظهر فريق ثالث معهم ، هم : أهل السلبية ؛ الذين لم ينكروا ولم يفعلوا ، وإنما نصحوا أهل الإنكار بان يتركوا إنكارهم ،فقالوا ) لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً)(لأعراف: من الآية 164) أتركوهم .. دعوهم ،الله يحاسبهم ، فلستم المسؤولين عنهم .
فرد عليهم أهل الأمر والنهي قائلين : إنما نفعل هذا ) مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)(لأعراف: من الآية 164) .
وهذا واجب الداعية أن يأمر وينهى لأمرين :
الأمر الأول : أن يعذر عند الله بان بلغ النصيحة والرسالة .
والأمر الثاني : لعل العصاة أن يتقوا الله ، عز وجل ، ويعودوا عن معاصيهم .
وفي الصباح الباكر سمع الصالحون صياحا مثل صياح القردة والخنازير ، فأشرفوا على السور ، فإذا بالمفسدين قد انقلبوا إلى قردة وخنازير ! سبحانك ربي .
وفي بعض الروايات من (( التفسير )): أنهم كانوا يعرفون بعضهم من مناظرهم .
والسؤال عند أهل العلم : هل القردة التي نراها الآن هي من نسل إخوان القردة التي نراها الآن فهي من نسل آخر وخلق آخر .
وقد ورد في الحديث (( إن الله إذا مسخ شيئا لم يجعل له نسلا ولا عقبا ))[38].
وقد ورد في الحديث : (( إن الله إذا مسخ شيئا لم يجعل له نسلا ولا عقبا )).
5- ومن كيدهم وإفسادهم انهم قالوا لموسى : (فَاذْهَبْ أنت وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)(المائدة: من الآية 24) فنحن لا نريد الحرب والقتل ، فدعا عليهم ، عليه السلام ،بان يتيهوا في الأرض .
فتاهوا أربعين سنة ، يأتون إلى طرف سيناء يريدون أن يخرجوا ، فيقولون : أخطأنا الطريق فيعودون ،فإذا وصلوا إلى الناحية الأخرى من جديد.
أتدرون ماذا فعل الله بهم ؟
لقد تكفل الله بهم ، وأنعم عليهم نعمة ما أنعمها على أحد من الناس ، فقد فجر لهم من صخرة مربعة اثنتي عشر عينا ؛ لأنهم كانوا اثني عشر سبطا ( أي : قبيلة).
فقالوا : أين الطعام يا موسى ؟ هذا ماء بارد يا موسى ، لكن أين الطعام ؟
قال : ماذا تريدون ؟
قالوا : نريد أحسن طعام .
قال : المن والسلوى، فأعطاهم الله المن والسلوى.
فقالوا : هذا الماء وهذا الطعام لكن أين الظل ؟ فظلل الله عليهم الغمام، فكان الغمام يسير معهم أفواجا.
فقالوا : ادع لنا ربك يخرج من نبات الأرض ، لقد مللنا المن والسلوى .
فقال موسى : (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ)(البقرة: من الآية 61) ، فهم أمة لم تعتد على الخير والمعروف ، وإنما تربت على الفساد والتعنت . فطلب منهم أن يهبطوا مصرا فإن لهم ما سألوه .
6- ومنها : انهم آذوا موسى واتهموه بما برأه الله منه ، فقالوا : هو مصاب بمرض في موضع عورته ؛ لأنه لا يتكشف أمامنا ، فموسى كان حييا ستيرا ، لا يتكشف إذا أراد الغسل ، فظن هؤلاء الخبثاء انه مريض أو به إذ في موضع من جسمه .
ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن موسى عليه السلام اخذ عليه إزارا ، فلما نزل يغتسل وضعه على حجر ، ففر الحجر بالثوب ، فخرج على أثره ، فأتى الحجر جهة بني إسرائيل ، فأقبل موسى فعلموا انه ليس به داء .
فقال موسى : ثوب يا حجر وأخذ يضرب الحجر ))[39].
7- ومن مفاسدهم ومكايدهم : انهم كانوا يقيمون الحد على الضعيف ويعطلونه عن الشريف .
قال r لمن أراد أن يشفع لمن استحق حدا من حدود الله : (( إنما هلك الذين من قبلكم بأنهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ))[40]. وحاشاها أن تسرق .
أما هؤلاء فكانوا مثلا إذا زنى فيهم الرجل وكان شريفا أخذوه وحمموه بالفحم وطافوا به ، أما إذا كان الزاني ضعيفا فانهم يقيمون عليه الحد فيرجمونه حتى يموت .
8- ومن مفاسدهم وكيدهم: عبادتهم العجل .
قال يهودي لأمير المؤمنين علي بنابي طالب مستهزئا : كيف تطلبون من رسولكم أن يجعل لكم شجرة ذات أنواط كالمشركين؟
فقال علي ، رضي الله عنه : وأنتم ما خرجتم من البحر إلا وقلتم لموسى : ) اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ )(لأعراف: من الآية 138) !
الشاهد : انهم عبدوا العجل بتخطيط ومكر من زعيمهم السامري ؛ الذي كان مرافقا لموسى ،عليه السلام .
وفي هذا حكمة نستفيدها بأنه ليس من شروط الصلاح أن ينشأ المرء في بيت صالح ، فهذا السامري نشأ على الوحي مع موسى يسمعه صباحا ومساء ، فكأن جبريل قد رباه ، ولكنه في نهاية الأمر يصبح من المشركين الملحدين الذين يصدون عن سبيل الله .
فلا تدهش إذا رأيت أكبر المفسدين يخرج من بيت أحد المصلحين ، ولا يغيب عن بالك قصة نوح مع ابنه .
وهكذا العك ، فقد ينشأ الصالح في بيت فاسد ، كموسى ، عليه السلام ، الذي تربى عند فرعون في قصره ، فكان أحد رسل الله .
الشاهد : أن السامري خرج مع بني إسرائيل ، وصنع لهم من حلى الذهب الذي أخذوه من الفراعنة عجلا ذهبيا يخور بسبب الريح ، ويخرج أصواتا توهم السذج بأنه يتكلم . فعبدوه من دون الله .
فلما عاد موسى من مخاطبة ربه تعالى ، غضب عليهم لما رآهم يسجدون لهذا العجل الذي لا ينفع ولا يضر .
كيف هذا ؟ وهو قد تعب في تعليمهم وتوضيح الحق لهم وتربيتهم .
فسبحان الله ! هذه هي النهاية مع هؤلاء القوم الفسدة .
وفي هذا حكمة لنا : بان لا نيأس إذا رأينا الناس بعد تعبنا في الدعوة وإلقائنا المحاضرات والدروس تلو الدروس ، ثم وجدناها لم يستفيدوا شيئا مما قلنا ، لا نيأس ؛ لأن علينا البلاغ ، والهداية منه سبحانه وتعالى .
فنصحهم موسى وغضب على أخيه هارون الذي تركهم يعبدون العجل ، ولم يواجه السامري بحزم.
فأخبرهم ، عليه السلام ،بان توبتهم أن يقتلوا انفهم ، بان يظلهم الله بالغمام حتى لا يرى بعضهم بعضا فيتقاتلوا ، ففعلوا ذلك ، وتقاتلوا في الظلام ، حتى قتل بعضهم بعضا جزاء لعبادتهم العجل ،فتاب الله عليهم .
9- ومنها : انهم كانوا يذيبون الشحم ويبيعونه وهو محرم عليهم ، قال صلى الله عليه وسلم : (( قاتل الله اليهود ، لما حرم الله عليهم الشحوم أذابوها فجملوها فباعوها ))[41]، لأن الشحوم محرمة عليهم .
10- ومنها : أنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ،وهذا ما نخشى الوقوع فيه . قال r : (( إنما اهلك الذين من قبلكم أن الرجل كان يلقي الرجل فيقول : يا عبد الله ،اتق الله ولا تفعل كذا ، ثم لا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه من آخر النهار ))[42].
أي : انهم داهنوا أهل المعاصي ، وانساقوا معهم ، فلم ينكروا عليهم ، أو أنكروا إنكارا لطيفا جدا لم يصل إلى درجة الموالاة والمعاداة التي أمر الله بها .
قال الله : )لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (المائدة:78))كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:79) .
فمن رأى المنكر ، ولم ينه ، ولو بقلبه فهو كبني إسرائيل .
وقد ورد أن الله أمر جبريل أن يزلزل قرية عن مكانها فقال : يا رب فيها رجل صالح يعبدك ويكبر ويسبح .
فقال سبحانه وتعالى : فبه فأبدا ، فإنه لم يتمعر وجهه من اجلي[43].
11- ومنها : انهم لم يستفيدوا من علمهم ، يقول عز من قائل : ) كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً)(الجمعة: من الآية 5) فالحمار تأتي به ، وتركب عليه المجلدات العلمية الثمينة ، (( كفتح الباري )) و (( المغني )) و (( رياض الصالحين )) ، فهو لن يدري بما فيها ، ولن يستفيد أي فائدة منها . فهو كبني إسرائيل حفظوا التوراة ، لكن ما نفذوا أحكامها )فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)(المائدة: من الآية 13).
وهذا تنبيه لهذه الأمة الإسلامية أن لا تكون كبني إسرائيل ، تعلم ولا تعمل ، بل لا بد من العمل مع العلم ، وإلا فما فائدة العلم ؟
وأنا اعجب من أناس حازوا على الشهادات العالية في الشريعة، ولكنهم لم ينزلوا إلى ساحة الميدان بعد ، ولا زالوا يحبسون علمهم عن كثير من الناس الجهلة ؛ الذين يحتاجون لعلمهم في البوادي والقرى ، وهذا من تثبيط الشيطان لهم ، عافاني الله وإياكم .
12- ومنها : أنهم قالوا ) نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُه)(المائدة: من الآية 18) .
وهذا كذب وزور ، فالله ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب أو صلة، إنما هو الأمر والنهي .
فرد الله عليهم قائلا سبحانه : )قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ)(المائدة: من الآية 18).
13- ومنها : انهم قالوا : بان الله فقير ونحن أغنياء ، وكذبوا أخزاهم الله ، بل الله اكرم الكرماء و أغنى الأغنياء .
قال تعالى : )لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا )(آل عمران: من الآية 181) .
14- ومنها : انهم قالوا : بان يد الله مغلولة ، ) غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ)(المائدة: من الآية 64)
فليس هناك اكرم منه ،سبحانه ، ولكنه الخبث والنفوس الوقحة حتى مع مولاها تبارك وتعالى .
15- ومنها : انهم قالوا : ) لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ)(البقرة: من الآية 113) وهم أيضا ليسوا على شيء ،بل كلاهما مخرف مبدل ، فهم مغضوب عليهم ، والنصارى ضالون كما قال تعالى : ) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)(الفاتحة: من الآية 7).
16- ومنها : انهم قالوا : ) عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ)(التوبة: من الآية 30) وافتروا عليه ، سبحانه وتعالى ، فهو )لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (الاخلاص:3) .
17- ومنها : انهم قالوا : ) لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى )(البقرة: من الآية 111)، فقال تعالى ردا عليهم : ) تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ )(البقرة: من الآية 111).
أي : أنها أماني خيالية، لا حقيقة لها في الواقع ، إلا لمن آمن برسوله r .
18- ومنها : انهم قالوا : ) قُلُوبُنَا غُلْف)(البقرة: من الآية 88) أي : لا نحتاج إلى علمك يا محمد r ، فقال تعالى : ) بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً)(النساء: من الآية 155).
19- ومنها : انهم قالوا : ) لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أياماً مَعْدُودَة)(البقرة: من الآية 80) فرد تعالى عليهم قائلا سبحانه : ) قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)(البقرة: من الآية 80).
فهم كاذبون في زعمهم هذا ، بل يدخلون النار ، ويعتق الله كل مسلم بواحد من هؤلاء الأنجاس .
نسأل الله العتق من النار .
وهناك صفات أخرى ومكايد ومخازي يعلمها من تدبر كتاب الله الذي فضحهم ، لا سيما سورة البقرة .


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 26 Mar 2011, 05:40 PM [ 6 ]

تاريخ التسجيل : Feb 2010
رقم العضوية : 25036
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التصاميم
مواضيع : 738
الردود : 17862
مجموع المشاركات : 18,600
معدل التقييم : 981حجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to behold

حجازية الهوى غير متصل


رد: شخصيات من القرآن الكريم


الكريم ابن الكريم


قصة يوسف فيها عبر وفوائد جمة لمن تأملها .
وفيها متعة وتشويق للنفس البشرية
فهي تحكي أطوار حياة نبي من أنبياء الله ، منذ الصغر إلى أن تقلد المنصب الكبير في عصره .
وفي هذه الورقات نقوم بجولة عجلى على مقطعين من مقاطع السورة نستلهم منها العبر والدروس النافعة لنا .
يقول سبحانه (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رأيت أحد عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رأيتهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإنسان عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إبراهيم وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6))[يوسف] .
وقال r : (( الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم : يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم ))[23].
دخل عمر ، رضي الله عنه ،مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجد قاصا يقص على الناس من أخبار الجاهلية والأمم السابقة فقال عمر : من هذا ؟
قالوا : قاص يقص علينا .
فعلاه عمر بالدرة وقال : أتقص يا عدو نفسك والله يقول : ()نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ )(يوسف: من الآية3).
ومن أحسن القصص : قصة يوسف ، عليه السلام .
وبطلها هو : يوسف صلى الله عليه وسلم الذي مر بأربع مشاهد:
1- مشهد الفراق لأبيه عندما فارقه أربعين سنة لم يشاهده فيها .
2- ومشهد الفتنة مع امرأة العزيز التي تعرضت له ، وهي من اجمل خلق الله .
3- ومشهد السجن عندما سجن في ذات الله ،ومحص ليخرج برضوان الله .
4- ومشهد الوزراة والملك عندما اعتلى على مناصب القوة ومراكزها في عصره .

قال تعالى في أول السورة ( الر ) فمن هذه الحروف نتكلم .
ومن هذه الحروف نقول كلماتنا.
فيا أيها الفصحاء .. يا قريش اللسناء .. يا قريش البليغة . تعالوا فصوغوا من هذه الحروف قرانا ، كما صغنا قرآننا .
فالمادة موجودة والخام معروف.
ولكن هل تستطيعون ؟
لا !!! لن تستطيعوا ، ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا )(البقرة: من الآية24))
ثم قال تعالى : ( تلك آيات الكتاب المبين ) كتاب بين واضح ، (ِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف:2) فيا من نام وما استيقظ ... استيقظ بهذا القران .
ويا من غفل ولم يصح ... اصح بهذا القرن .
ويا من فقد عقله ... اعقل بهذا القران .
ثم يقول ، تبارك وتعالى ، مقدما للقصة المدهشة التي ما سمع الناس بمثلها ()نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ )(يوسف: من الآية3) ، فأروع القصص وأصدق القصص هي قصص القران .
()نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) (يوسف:3). كنت أميا لا تقرا ولا تكتب .
كنت في صحراء مع أمة أمية جاهلية ليس عندها أي قصص ، وليس عندها علم ، فاسمع الآن القصص .
ثم ينتقل بنا القران إلى يوسف صلى الله عليه وسلم ، والى أبيه يعقوب ، إلى الأنبياء المطهرين والأسرة العريقة ذات الكرم والجود والتقوى .
وما كان من خير آتاه فإنما توارثه آباء آبائهم قبل
وهل ينبت الخطى إلا وشيجة وتغرس إلا في منابتها النخل

يصحو يوسف ، عليه السلام ،وهو غلام فيما يقارب العاشرة فيجلس أمام أبيه ، ومن أجب الأعاجيب عند الطفلان يرى في النوم رؤيا ليفرح بها ويقصها على أبيه وأمه ، وبعضهم يزيد فيها وينقص .
وأما يوسف صلى الله عليه وسلم فما زخرف وما زاد ، بل جلس أمام أبيه ، وقال : يا أبتاه !! إني رأيت البارحة أحد عشر كوكبا في السماء والشمس والقمر .
ولو سكت لما كان في القصة عجب ؛ لأن الكل يرى النجوم والكواكب والشمس والقمر ، ولكن سر الرؤيا كان في الخاتمة (رأيتهُمْ لِي سَاجِدِينَ)(يوسف: من الآية4)).
ففزع يعقوب بهذه الرؤيا ، وفطن لأنه من الأنبياء ، وعلم أن ابنه هذا سوف يكون له شأن أيما شأن ، وسوف يكون وارثه في النبوة .
فخاف أن يخبر إخوانه بهذه الرؤيا ، فيأتي الشيطان فيفسد ما بينهم وبينه .
فقال : ( يا بني ) للتحبيب ) لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ )(يوسف: من الآية5) حذاري حذاري أن يسمعوا هذه القصة ، فلا تخبرهم أبدا انك رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر يسجدون لك .
ولكن يوسف ، عليه السلام ، نسي لصغره الوصية ، فأخبر بها إخوانه عندما جلس معهم .
ولذلك علمنا صلى الله عليه وسلم أن أحدنا إذا رأى رؤيا أن لا يقصها إلا على من يحب[24] .
فثار الحقد والحسد في قلوب إخوانه ، وبدءوا يدبرون له المكايد .
فعلم يعقوب بأنهم علموا الرؤيا فتضايق وخاف منهم على أخيهم .
ثم قال تعالى : (لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيات لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (8)) فهم إضافة إلى تلك الرؤيا التي أثارتهم ، قد ازدادوا بغضا ليوسف عندما رأوا أباهم يقربه ويحبه ويبش له دونهم .
وفي هذا : تنبيه للآباء بأن لا يفضلوا أحد أبنائهم على الآخرين ؛ لأنه في النهاية إن لم يصرفه الله عن السوء سيكون مثل إخوة يوسف ، ولا شك .
ولا تغررك الأفعال الظاهرة ، فإن بعض القلوب والنفوس تكتم شعورها لتفرغه في الوقت المناسب .
المهم : أنهم دبروا لأخيهم مكيدة ما سمع التاريخ بمثلها .
فهو طفل صغير عاقل تقي ورع من أبناء النبوة ،لكنهم قرروا قتله أو إخفاءه .
(يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً)
لماذا كل هذا ؟
(يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ) أي : سوف تختلون بأبيكم وينفرد بحبكم ، (وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ ) فتتوبون من الخطأ ، وتستغفرون الله من الجريمة ،ويتوب الله عليكم .
قال ابن عباس ، رضي الله عنهما : نووا التوبة قبل الذنب .
(قَائِلٌ مِنْهُمْ) وهو أكبرهم (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ) فالقتل جريمة نكراء عند هذا الأخ الذي تحركت غيرته على أخيه نوعا ما ، فجعلته يختار عدم القتل ، ولكن (وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ) ي : في بئر عميقة ، (إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ) أي : مصممين على هذه الفعلة .
فلما اجتمعوا، اجمعوا أمرهم على هذه المكيدة.
ولكن ، من يخرج يوسف من بيد يدي أبيهم ، عليه السلام :
فأتوا يوما وقالوا : (قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ) أنحن خونة ؟ أتشك فينا ؟ هل ضربناه ؟ هل حسدناه ؟ (مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ) فنحن نحبه والله ، وننصح له ، ولا نريد إلا الخير له .
ثم أكدوا طلبهم وقرنوه ببعض الأعذار المغرية والتطمينات فقالوا : (أرسلهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) أي : يرعى معنا الغنم ، بل ويلعب أيضا ؛ لأن الصغار دائما يحبون اللعب ، ولا تخف فنحن سنحفظه من اللصوص ومن الذئاب لأننا عصبة كثيرون.
فقال ، عليه السلام : (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ) أجد وحشة والله على هذا الابن أن يذهب من بيتي ، (وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) لما كانوا قالوا في الأخير : (أَكَلَهُ الذِّئْبُ) لأن هذا ليس في أذهانهم منذ البداية ، فهو ، عليه السلام ، قد سهل لهم العذر والمكيدة.
فخرجوا به، فلما اصبحوا في الصحراء ، والغنم ترتع وتأكل وهم يلعبون ، والجو ساكن وهادئ ، والطيور تغرد وتزغرد ، والنسيم يعل وينهل على الأعشاب ، ولكن القلوب تغلي بالحقد على الأخ الحبيب القريب والصغير .
فأخذوه ، وقيدوه بحبل ، وأنزلوه في البئر .
فأخذ يستغيث ويظن أنهم يمزحون ، وقد خيروه بين القتل وبين أن يلقى في البئر .
كفى بك داءان ترى الموت شافيا وحسب المنايا أن يكن امانيا
تمنيتها لما تمنيت أن تــــرى صديقا فأعيا أو عدوا مداجيا

فأنزلوه ، وهو يتشبث بالحبل ، ويبكي .
قال ابن عباس ، وهو يبكي ، حينما قرا سورة يوسف : هدأتالحيتان في البحر من التسبيح ، ولم يهدأ يوسف ، عليه السلام ، من التسبيح.
فلما نزل في قعر البئر ، قطعوا الحبل ، فبقي في حفظ الله ، وفي رعاية الله .
وإذا العناية لاحظتك عيونهــا نم فالحوادث كلهن أمان

قطعوا الحبل ، وتركوه في البئر ، وهو يلهج بذكر الله في الصحراء ، وحيدا ليس معه إلا الله .
الذئاب حوله ، والجو مكفهر ، لا خبز ولا ماء ولا طعام ، ولا أهل ولا جيران ولا أحبة ولا مؤنس يؤنس ، وإنما الذئب يعوي في صحراء مدوية.
عوى الذئب استأنست بالذئب إذ عوى وصوت إنسان فكدت أطير

وإخوته بفعلهم هذا قد أخطأوا في ثلاث مواطن:
الأول : انهم نفذوا جريمتهم في أول يوم يذهب فيه معهم ،وهذا دليل على شدة تعجلهم بالانتقام منه ، وإزالته من أمام أعينهم .
ولو أعادوه ليطمئن أبوهم لما شك فيهم ، ولكنها حكمة الله التي فضحتهم .
الثاني : انهم خلعوا قميصه ،ولم يمزقوه ، وقالوا : أكله الذئب .
وهذه غفلة منهم ؛ لأن الذئب إذا أراد الأكل لا يخلع القميص بل يمزقه !!
الثالث : أنهم عندما عادوا لأبيهم وأخبروه قالوا : () وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَ)(يوسف: من الآية17)) أي : بمصدق.
وهذا كقولهم في المثل : ( كاد المريب أن يقول خذوني ).
فأوحى الله إلى يوسف (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي: ستمر الأيام وتخبرهم بهذا الصنيع منهم بعد سنين طويلة .
فعاد الإخوة إلى أبيهم في العشاء يبكون .
ولماذا العشاء ؟
لماذا لم يعودوا في العصر ؟
قيل : لئلا يرى أبوهم الدم بوضوح ،فيكتشف انه ليس بدم آدمي.
وقيل : ليتوهم أنهم تأخروا في مطاردة الذئب !
فسألهم : ما الخبر ؟
ما هذه الدموع الساخنة ؟ ( دموع التماسيح!).
فسألهم : ما الخبر ؟
ما هذه الدموع الساخنة ؟ ( دموع التماسيح!).
فقالوا : (إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ) أي : نتسابق ونجري (وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا) لكي لا يصل أو يبعد عن أعيننا (فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) أي : جاء الذئب وأكله ونحن لاهون في مسابقتنا ولعبنا .
ثم قالوا : حتما لن تصدقنا (أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) لكن انظر إلى الدليل :
أخرجوا له القميص وجعلوه قريبا منه ليلمح آثار الدم عليه . لكنه ، عليه السلام ، علم المكيدة من اللمحات والنظرات والريبة ، و القميص الذي لم يمسسه مزق واحد ، فقال : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أنفسكُمْ أَمْراً) لقد كدتم مكيدة (جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) .
قال ابن تيمية ، رحمه الله : الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه .
والصبر الجميل : هو الذي لا تظهر فيه الفقر والمسكنة إلا لله .
والصبر الجميل : أن تتجمل أمام خلق الله .
قيل لأحد العباد : ما هو الصبر الجميل ؟
قال : أن يقطع جسمك قطعة قطعة ، وأنت تبتسم.
وقال آخر : الصبر الجميل أن تبتلى ، وقلبك يقول : الحمد لله .
ثم تولى يبكي حتى ابيضت عيناه.
وبالفعل صبر يوسف ، عليه السلام ، حتى أرسل الله ، عز وجل ، برحمة منه قافلة تمر من ذلك المكان ،وبالقرب من البئر ، فذهب و أردهم وأدلى دلوه في البئر يستقي الماء ، فتعلق يوسف ، عليه السلام ، بالدلو ، فلما سحب الرجل الدلو رأى غلاما جميلا قد أوتي شطر الحسن ، فقال لأصحابه : (يَا بُشْرَى) فانتبهوا ، فقال : (هَذَا غُلامٌ) أي : خادم وعبد لي ، سوف أبيعه .
ثم يقول عز من قائل : (وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً) قيل : أخفاه بعضهم عن بعض وجعلوه بضاعة .
وقيل : أخفوه من الناس ، خوفا أن يجدوا أباه أو أقاربه ، وما علموا أن إخوانه هم الذين تركوه وهم الذين طرحوه وهم الذين هجروه و أبعدوه .
(وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) فالله يتابع سيرة هذا النبي ، وقصة هذا الرسول الكريم ، عليه الصلاة والسلام .
وذهبوا به (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ) وشرى هنا : بمعنى باع .
(بِثَمَنٍ بَخْسٍ) لأن الدنيا وما فيها لو دفعت في مثل يوسف عليه لإسلام ، لكانت بخسا ، ولكانت غبنا ، ولكانت خسارة .
(دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ) ولم يقل موزونة ، لأن المعدود دائما اقل من الموزون ، (وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) أي : لا يرغبون فيه ، ولا يريدون أن يكون معهم .
(الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ) ولم يسمه الله باسمه .
قيل : لأن القصة ليوسف ، عليه السلام ، فما كان لأحد أن يزاحمه فيها .
وقيل : لأن كلمة العزيز لا يستحقها العزيز ؛ لأن العزيز من اعزه الله بطاعته ،والشريف من دخل في عبودية الله.
ومما زادني شرفا وفخـــرا وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا

فقال لامرأته : (أَكْرِمِي مَثْوَاهُ) وهذا مبالغة في الإكرام ، أي : احسني طعامه وشرابه وكسوته ومنامه ، (عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا) فيخدمنا في أغراضنا ، ويقضي لنا بعض حوائجنا ، (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) لأن العزيز كان حصورا لا يأتي النساء ، وكانت امرأته عقيما.
فأراد أن يتخذ هذا الغلام ولدا يترعرع في بيتهم ، يهدؤون ويرتاحون إليه ، وهم لا يشعرون انه لن يكون لهم ولدا ، بل سوف يكون نبيا من الأنبياء ، ورسولا يحمل رسالة السماء إلى الأرض ، وداعية إصلاح يحرر الشعوب ويقود الأجيال إلى الله .
ومكث ، عليه السلام ، في قصر العزيز تقيا عابدا متألها متعلقا بالحي القيوم .
وتمر الأيام ، ويزداد حسنا إلى حسنه ،وجمالا إلى جماله .
فتراوده المرأة التي عاش معها تلك السنين الطويلة.
فيا للفتنة!
ويا للمحنة!
شاب أع-فيه الشهوة ، وليس له أهل يعود إليهم ، وغريب لا خشى على نفسه من السمعة القبيحة ، كما يخشى صاحب الوطن ، (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ) تعرضت له كثيرا ، وتجملت له دائما ؛ لأنها ذات منصب وذات جمال ، فهي كملكة في قصر ملك .
ولكن الله معه يحفظه ويسدده .
وفي يوم من الأيام عملت على إغلاق الأبواب كما قال تعالى : (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ) وكانت سبعة أبواب ، فغلقت كل باب ، ولم يقل سبحانه : أغلقت ، وإنما (وَغَلَّقَتِ) زيادة في المبنى ليزيد المعنى .
فخلت معه ولكن الله سبحانه وتعالى يراهما (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219))[الشعراء].
(هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا) .. فخلا بالمعصية ، لكن ما خلا عن عين الله .
وإذا خلوت بريبة في ظلمــة والنفس داعية إلى الطغيان
استحيي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني

(وَهَمَّ بِهَا) أي : هاجت الشهوة في قلبه ، عليه السلام ، (لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ) .
فما هو برهان ربه يا ترى ؟
تلك أقوال المفسرين ، أعرضها عليكم ، ثم نخرج بالراجح ، إن شاء الله :
1- قال ابن عباس ، رضي الله عنه : لما هم يوسف بها سمع هاتفا يهتف يقول : يا يوسف ، إنني كتبتك في ديوان الأنبياء ن فلا تفعل فعل السفهاء.
2- وقال السدي : سمع هاتفا يهتف ويقول : يا يوسف ، اتق الله ، فانك كالطائر الذي يزينه ريشه ، فإذا فعلت الفاحشة فقد نتفت ريشك.
3- وقال بعض المفسرين : رأى لوحة في القصر مكتوب عليها (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (32))[الاسراء]
4- وقال غيرهم : رأى كفا مكتوبا عليه (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10))[الانفطار] أي : إننا نحفظ تصرفاتكم وحركاتكم وسكناتكم.
5- وقيل : بل رأى يعقوب أباه في طرف الدار قد عض على إصبعه وهو يقول : يا يوسف ، اتق الله ، أورده ابن جرير وابن كثير .
6- وقال بعض أهل العلم من المفسرين أيضا : لما همت به وهم بها قالت : انتظر ، فقامت إلى صنم في طرف البيت فسترته بجلباب على وجهه .
قال : ما لك ؟
قالت : هذا الهي استحي أن يراني.
فدمعت عينا يوسف ، وقال : أتستحين من صنم لا يسمع ولا يبصر ، ولا يملك ضرا ولا نفعا ، ولا حياة ولا نشورا ، ولا أستحي من الله الذي بيده مقاليد الأمور .
7- ويرى ابن تيمية ، شيخ الإسلام ، وغيره من أهل العلم : أن برهان ربه الذي رآه ، هو : واعظ الله في قلب كل مؤمن ، فقد تحرك واعظ الله ، والحياء من الله ، والخجل من الحي القيوم في قلب يوسف ، عليه السلام ، فارتدع عن المعصية وعاد منيبا إلى الله (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41))[النازعات] فتذكر الوقوف بين يدي الله فتراجع.
فهل آن لشباب الإسلام أن يتحرك واعظ الله في قلوبهم ؟
وهل آن للمسلمين أن يجعلوا من يوسف ، عليه السلام ، قدوة لهم ؟
فيا من يتطلع على عورات المسلمين ، أليس لك في يوسف ، عليه السلام ، قدوة ؟
يا من يعامل ربه بالمعاصي ! ويرتكب الجرائم ! ويحرص على الزنا! أما رأيت يوسف ؟؟ وقد خلا بامرأة جميلة ذات منصب ، فتذكر واعظ الله في قلبه ؟
ويا من دعا إلى التبرج والسفور !! أما رأيت ما صنعت الخلطة بالنبي المعصوم الذي كان أن يزل وان يهلك ؟ وأنت تنادي المرأة أن تتبرج وتسفر عن وجهها وتخالط الرجال !!.
يقول صلى الله عليه وسلم : (( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ))[25].
ويقول صلى الله عليه وسلم : (( لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة ))[26].
ثم قال الله له : (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ) لنعمر مستقبله باليقين ، ولنجعله من ورثة جنة رب العالمين مع المؤمنين الخالدين (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) ، وإذا اخلص العبد لله حماه الله من الفتن ، ووقاه المحن ، وجنبه الشرور .
يقو سعيد بن المسيب ، رحمه الله : إن الناس في كنف الله وستره ، فإذا أراد أن يفضح بعضهم رفع ستره ، سبحانه وتعالى ، عنهم ثم قال الله عز وجل : (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ) هو يهرب من الفاحشة وهي تلاحقه .
يهرب إلى الله ، ويفر إلى الحي القيوم وهي تلاحقه (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ) شقت قميصه وهي تلاحقه وتدعوه إلى نفسها ، وهو يلتجئ إلى الله ويصيح بأعلى صوته ، وصوته يدوي في القصر (معاذ الله ربي احسن مثواي )قال بعض المفسرين : يعني بذلك زوجها الذي احسن مثواه ، وهو يسمي (ربا) عندهم أي : سيدا ، كقولنا : ( رب الناقة ) أي : سيدها.
وقال السدي وغيره : إنه الهي الحي القيوم ،اجتباني ورباني وعلمني وحفظني وحماني وكفاني وآواني فكيف أخونه في أرضه ؟
يا من أراد أن يتجاوز المحرمات ويتعدى الحرمات تذكر معروف الله .
(وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ) إن هذه القصة مذهلة ومدهشة ، فكلها مفاجآت وبغتات.
فبينما هي تلاحقه ، وإذ بسيدها أو بزوجها عند الباب .
ولكن انظر إلى كيد النساء ومكرهن ، فهي قد سبقت يوسف بالكلام ، واتهمته بأنه يريدها عن نفسها! ثم أصدرت الحكم عليه وقالت : (قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أراد بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .
قال ابن عباس : يضرب بالسياط.
فقال يوسف بلسان الصادق الناصح الأمين التقي الورع الزاهد العابد : (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) وصدق لعمر الله ، (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أهلها) قيل : من أبناء عمها ، وقيل : رجل من الخدم .
والصحيح الذي عليه الجمهور : انه طفل صغير ، كان بالغرفة لا يتكلم أنطقه الله الذي أنطق كل شيء .
ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (( أربعة تكلموا في المهد : ماشطة امرأة فرعون ، والغلام الذي مع جريج ، وعيسى عليه السلام ، والغلام الذي شهد ليوسف عليه السلام ))[27] وسنده جيد.
وقال لهم : انظروا إن كان القميص قد شق من خلفه فهي الكاذبة ، وهو الصادق ؛ لأنها هي التي مزقته ، فهي التي تجري خلفه .
وإن كان قد شق من الإمام فهو الكاذب – وحاشاه – وهي الصادقة ، لأنه سيكون هو الذي هاجمها .
فوجدوا انه هو الصادق ، عليه السلام ، فنصحه زوجها بأن لا يخبر أحدا ، ولا يشيع الخبر في الناس ، فقال : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا) .
وأما المرأة فنصحها برفق ولين ، على الرغم من جريمتها!!
فقال : (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ) فقط استغفري وتوبي !
فأنقذه ، سبحانه وتعالى ، من البئر عندما كاد له اخوته ، وأنقذه ، سبحانه وتعالى ، من الفتنة عندما كادت له امرأة العزيز .
ولكن بقيت محنته القادمة التي سيتعرض لها في السجن ، ولعلها تأتي في موضع آخر .

· فوائد من قصة يوسف :
ولكن نستفيد من هذين المقطعين من قصة يوسف ، عليه السلام ، امورا عظيمة ، تهم حياتنا في البيت أو في المجتمع .
أولا: أن هذا القران معجز وبليغ ، وقد تحدى به الله العرب الفصحاء فلم يستطيعوا أن يأتوا بمثله .
قال سبحانه : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88))[الاسراء].
ثانيا: أن الرؤيا منها ما يكون حقا ، ومنها ما يكون باطلا ، فإذا كانت من الرجل الصالح ، ولم تكن بأمر مستحيل ، فهي صادقة ، بإذن الله .
ثالثا : أن على المسلم إذا رأى رؤيا أن لا يخبر بها إلا من يحب ، ولا يخبر بها كل الناس .
أما الرؤيا السيئة ، فلا يخبر بها أحدا ؛ لأنها لن تضره ، بإذن الله .
رابعا : أن الناس قد فطر كثير من منهم على الحسد.
قال الحسن : ما خلا جسد من حسد ، ولكن الكريم يخفيه ، واللئيم يبديه .
وهو من اعظم الذنوب ؛ لأنه يأكل الحسنات ، كما تأكل النار الحطب.
وهو يذهب بالتقوى ، ويغضب الرب سبحانه ، قال سبحانه : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)[النساء : 54] وهو أول أمر عصي به الله ، وذلك عندما حسد إبليس آدم.
والواجب على الحاسد : أن يتقي الله ، وان يعلم أن الأمور بيد الله ، والفضل له يعطيه من شاء ، فانك إذا حسدت أحدا فقد اعترضت على قضاء الله وحكمته .
يقول الشاعر:
ألا قل لمن ظل لي حاســـدا أتدري على من أسأت الأدب
أسات على الله سبحانــــه لأنك لم تر لي ما وهــب

وواجب الحاسد : أن يستغفر ويتوب ، ويدعو لأخيه بخير ، وأن لا ينافسه إلا على أمور الآخرة المقربة عند الله ، أما الدنيا فإنها تأتي وتذهب.
خامسا: عدم تفضيل بعض الأبناء على بعض ، كما سبق ؛ لأن هذا يورث الحسد والبغضاء بينهم ، وعدم إعطاء أحدهم شيئا دون الآخر .
ولذلك لما أتى النعمان بن بشير يشهد الرسول صلى الله عليه وسلم على عطيته لأحد أبنائه ، قال له صلى الله عليه وسلم : (( أأعطيت كل أبنائك مثله ؟)).
قال : لا
قال : (( لا تشهدني على جور ))[28].
سادسا : أن الحافظ ، هو : الله سبحانه دون غيره ، فالجأ إليه في الضوائق والشدائد ليحفظك سبحانه ، ومن عرف الله في الرخاء عرفه في الشدة.
سابعا: وجوب الصبر عند الفتنة ، خاصة فتنة النساء ، والالتجاء إلى الله ليصرفها عنك ، وخير ما يصرفها كما قال سبحانه هو التقوى والإخلاص.
هذه أبرز الفوائد من هذين المقطعين من هذه السورة العظيمة.


الدكتور /عائض القرني


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 26 Mar 2011, 11:42 PM [ 7 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Nov 2009
رقم العضوية : 22437
الإقامة : saudi arabia
الهواية : .
مواضيع : 420
الردود : 16118
مجموع المشاركات : 16,538
معدل التقييم : 149السديم will become famous soon enoughالسديم will become famous soon enough

السديم غير متصل


رد: شخصيات من القرآن الكريم


الله يجزاك كل خير عالموضوع الهام

................................


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 28 Mar 2011, 04:03 PM [ 8 ]

تاريخ التسجيل : Feb 2010
رقم العضوية : 25036
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التصاميم
مواضيع : 738
الردود : 17862
مجموع المشاركات : 18,600
معدل التقييم : 981حجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to beholdحجازية الهوى is a splendid one to behold

حجازية الهوى غير متصل


رد: شخصيات من القرآن الكريم


 
 
المشاركة الأصلية بواسطة : ســديــم
اقتباس
 

الله يجزاك كل خير عالموضوع الهام

................................

 
 

الف شكر لك سدومة المرور

لاهنت


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 29 Mar 2011, 07:40 AM [ 9 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Mar 2008
رقم العضوية : 5976
الإقامة : saudi arabia
الهواية : قراءة روايات
مواضيع : 349
الردود : 12239
مجموع المشاركات : 12,588
معدل التقييم : 26الجــازي is on a distinguished road

الجــازي غير متصل


رد: شخصيات من القرآن الكريم


جزاك الله خير يامعزوفة

وجعل مانقلتيه في ميزان حسناتك


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 30 Mar 2011, 02:31 AM [ 10 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34477
الإقامة : saudi arabia
الهواية : .السهر.
مواضيع : 157
الردود : 5480
مجموع المشاركات : 5,637
معدل التقييم : 35العربية للعود is on a distinguished road

العربية للعود غير متصل


رد: شخصيات من القرآن الكريم


الف شكر لكي على النقل المميز
وجعله الله في ميزان حسناتك
ربي يسعدك
.....................


الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

10:15 AM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com