الأقدار تقف لي بالمرصاد

الأقدار تقف لي بالمرصاد

عشت ظروفاً صعبة وتجارب قاسية ولا أحد ينصفني في هذه الحياة سوى نفسي

لم تكن هذه الفتاة تدري وهي على أعتاب الشباب انها ستصبح لعبة في يد الاقدار وستصبح في مهب الريح.. وأن مصيرها في النهاية سيكون خلف أسوار العذاب والشقاء.. فقد شاءت الاقدار ان تنشأ هذه المسكينة وسط أسرة مفككة.. أب طلق زوجته وتزوج من أخرى.. وأم تزوجت أيضاً من آخر.. والنتيجة طفلة ضائعة ليس لها أي ذنب غير انها نشأت بين والدين انعدم بينهما التفاهم.. فعاشت هائمة على وجهها.. حائرة بين العيش مع زوجة ابيها أو زوج امها.. ولكن لا أحد يريدها.. فقررت ان تتحمل مسؤولية نفسها وتواجه الحياة.. لكن الأبواب أغلقت في وجهها.
تروي صاحبة هذه القصة حكايتها قائلة: أنا عمري 20 عاماً.. ولدت هنا.. وكنت اعيش حياة عادية مثل أي أسرة.. أب وأم.. وكان أبي دائم الخلافات مع أمي.. ولم يكن بينهما أي تفاهم أو انسجام.. فقد كنت افتقد الدفء والاستقرار.. حيث إن أبي حاد الطبع وعصبي.. وأمي قاسية القلب والمشاعر.. وكنت دائماً أشعر بالخوف وعدم الأمان.. واحتدمت الخلافات بينهما.. ولم يقبل أي منهما أن يضحي من أجلي.. ووصلت الحياة بينهما إلى طريق مسدود.. ولم تفلح محاولات الاقارب في الاصلاح بينهما.. فقد باءت جميع المحاولات بالفشل.. وكان لابد من الطلاق.. لأن كلا منهما لا يقبل التنازل أو التضحية من أجلي.. وكلاهما عنيد وعصبي.. وحدث بالفعل الطلاق.. حيث أسرع أبي بالزواج مرة أخرى.. ورفض الانفاق علينا.. ولم تبال أمي بهذا التجاهل لأنها كانت ترتب لحياتها بشكل آخر وأخذت تبحث عن عمل.. تريد الاستقلالية والاعتماد على النفس.. وعثرت على عمل يدر علينا دخلاً متواضعاً.. لكن يبدو لي ان الاقدار تقف لي بالمرصاد.. فتعرفت أمي على شخص في مجال عملها وتزوجته.. ولم تفكر في مصيري.. وبعد زواجها سافرت مع زوجها إلى بلده لتقيم هناك: وقالت لي قبل أن تسافر: اذهبي إلى أبيك وزوجته.. ذرفت دموعاً لم أعهدها من قبل.. وأحسست بالحرارة وشعرت بالضياع.. ولكنني جمعت ملابسي وأغراضي وذهبت لأعيش مع أبي.. وفي ظل هذه الظروف الصعبة كنت أحاول بصعوبة إكمال تعليمي.. ووصلت إلى نهاية المرحلة الثانوية بالرغم من غلظة أبي ومعاملة زوجته القاسية.. كانت تهينني وتضربني وكانت تحرض أبي على ضربي.. وعبثا حاولت العثور على فرصة عمل كبائعة في أحد المحال يوفر لي دخلاً بسيطا.. وفقني اللَّه إلى العثور على عمل كبائعة في محل.. لكن ها هي الاقدار تربصت لي حتى في العمل.. ولم يمض شهران على استلامي العمل حتى اتهمني صاحب المحل بالسرقة.. ولم أكن أنا الفاعلة وإنما زميلتي التي خرجت من فعلتها كالشعرة من العجين.. فطردني صاحب المحل من العمل.. خرجت هائمة على وجهي.. ابحث عن عمل آخر.. فعثرت عليه بصعوبة شديدة.. رغم انه عمل متواضع إلا انني وجدت راحتي فيه.. بينما أبي وزوجته يمارسان أسلوب الاضطهاد معي على الرغم من انني لم أكن عالة عليهما.. انفق على نفسي وأصرف أيضاً على ما ينقص البيت.. وأساهم بدخلي المتواضع على احتياجات المنزل.. لكنني نادمة على عدم إكمال تعليمي الجامعي.. قررت تعويض ذلك من خلال أخذ دورات تؤهلني للتطوير.. وأعمل كل ما بوسعي ان انمي ذاتي حتى أصل إلى ما أصبو إليه لأنه لا أحد ينفعني في هذه الحياة سوى الاعتماد على نفسي.

هذا ما يخلفه الطلاق والتفكك الاسري.. وان أول من يتجرع مرارته الابناء.. لكن حسنا ما فعلت هذه الفتاة حين اعتمدت على نفسها من خلال البحث عن عمل وأخذ دورات والسعي إلى تطوير ذاتها.. حتى تصل إلى هدفها.. فمن يريد ان يصل إلى هدفه لابد بالفعل ان يسعى ويعمل من أجله.
لكن لا نتفق مع هذه الفتاة في لوم الاقدار وصب جام غضبها عليها.. فالقدر هو اللَّه سبحانه.. وإنما ما مررت به من تجارب قاسية اختبار من رب العالمين.. يختبر فيها المؤمن الصابر القوي من المؤمن المتذمر الضعيف.. وما هي الدنيا إلا دار بلاء وامتحان.. فعلينا ان نستغل الظروف القاسية في صالحنا.. بأن نتغلب عليها في الاتجاه المعاكس لها.. نسلك طريقا آخر مشروعاً يحقق لنا السلام الداخلي ويحقق ما نريده وما نصبو إليه.. وكل هذا يتطلب إرادة وعزيمة وإصرار وإيمان وصبر وقبل كل شيء الثقة باللَّه وحسن الظن به بأنه لا يضيع عبده أبداً.. ومن يكن مع اللَّه فاللَّه معه ومن يتق اللَّه يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب .

يا هلا والله بمشرفتنا بسمة وعودتها القوية

أشكرك جزيل الشكر على حضورك المتميز

ومشاركاتك الهادفة

متميزه أختي بسمة كـ عادتك

يعطيك العافيه

اشكر كل من شارك في الموضوع

كل الود

اشكر كل من شارك في الموضوع

كل الود