آخر 10 مشاركات |
مختارات | يا أيُّها الرجل المعلم غيرَه هلا لِنفسِك كَانَ ذا التَّعْليمُ |
مواضيع ننصح بقراءتها |
|
||||||||||||||||||
حلم تلاشى
كانت تتمشى على شاطئ الرمال تائهة اللب شاردة الفكر.....
خطواتها ثقيلة والعين قد اغرورقت بالدموع وهي تحاول عبثا كفكفة دمعها بطرف خمارها البني الذي انعكس على ملامح وجهها ليزيدها حزنا وكآبة. لبنى تلك المرأة القوية التي لطالما أدارت وجهها للحزن ، فكانت لا ترى إلا مبتسمة منبسطة الأسارير. بعد حصولها على الثانوية العامة قررت دخول معهد للتمريض لتتخصص في مهنة قابلة مع أنها معدلها يؤهلها للطب، لكن حلم التخصص ظل يراودها منذ شبت على الطوق وهي تسمع همس النساء حين يشرن لها بأن ولادتها كانت عسيرة مما أدى إلى وفاة والدتها لتجد نفسها تسكن في بيت عمها الأكبر الذي قرر رعايتها بعد زواج أبيها . نشأت في محيط يتدفق حبا وحنانا وقد لقيت الرعاية من زوجة عمها التي رعته وسط أولادها ا وما بخلت عليها يوما . تخرجت الشابة وباشرت عملها بكل تفان وإخلاص ، لا تكل ولا تمل وهي ترى في كل صرخة مولود وابتسامة أم ما حرمت منه بعد وفاة أمها. وجاء اليوم الموعود حين رأت شابا يتمشى في المستشفى والحزن باد على ملامحه وكأنه يتوجس أمرا مريعا، عرفت أنه يصطحب شقيقته التي حان وقت وضعها وهي أرملة فقدت زوجها وولدها في حادث مروع. أشرفت على توليد المرأة التي أنعم الله عليه بمولود حمل اسم زوجها وعم الفرح الأسرة وقد تراقصت ملامح الشاب الذي حمل المولود ليؤذن له في أذنه اليمنى وهو يحمد الله ويشير بعينه إلى القابلة شكرا وامتنانا. سرت قشعريرة في قلب لبنى أربكتها وهي لا تدري سر هذا الشعور الغريب وعين الشاب ترمقها وكأنه يقرأ ما خلف وجومها. رن هاتف المكتب ، والتفتت الممرضة لتشير للبنى بأن المكالمة لها.... دار الحديث بين لبنى وشقيقة الشاب التي ولدت ، كانت تدعوها لحضور حفلة عقيقة المولود... دخلت مع آخر النهار إلى البيت ولاحظ عمها وجومها ، استدعاها وضمها برفق سائلا إياها عن عملها فأجابت بأنها تعبت اليوم كثيرا... ثم سكتت وما نبست ببنت شفة. دخلت غرفتها التي تتقاسمها مع سعاد بنت عمها وأدارت وجهها للحائط بعد أن استلقت على سريرها... شعرت بيد تتلمس شعرها وكانت زوجة عمها ، نظرت لبنى لهذا الملاك وتكلمت دون أن تسألها وأخبرتها أنها مدعوة لحفلة غدا ولا تدري ردة فعل عمها، لكن زوجة العم طمأنتها ووافق العم واصطحبها للمكان على أن يعود لاصطحابها بعد ساعتين. كانت العشاء لذيذا وممتعا ، وكانت عيون لبنى تدور في أركان البيت بحثا عن محمود وبدون جدوى، فالعادات تمنع اختلاط الجنسين ، لكنها لم تكن تدرك بأنها يراها من حيث لا تراه. عادت للبيت مع عمها وهو يتبادلان الحديث ، ولم تحكي لأحد عن هذا الشعور الغريب الذي غزا قلبها. انتهى الدوام وخرجت لبنى من المستشفى تتمشى كعادتها سائرة نحو البيت ، فجأة ترى محمود وهو يبتسم لها بكل أدب ، بادلته الابتسامة وواصلت سيرها دون أن تتحدث إليه. دخلت البيت منشرحة واستقبلها عمها بكل حفارة وهو يقول: عادت سمرائي الرقيقة للبيت لتشع فيه الجمال.... قضت وقتا مع أهلها في سمر ثم آوت لفراشها ولا أحد قد أدرك هذا التغير المفاجئ في عالم هذا الملاك الرقيق. توالت الأيام ومحمود يلاحقها دون أن يكلمها وهي تنظر إليه خجلى مرتبكة. جاءت شقيقة محمود لزيارتها بالمستشفى وأنبأتها برغبة أخيها في الارتباط بها .. سكتت لبنى لكن عيونها فضحتها ، وعادت الأخت لتطلع أخاها على الموافقة... بدأت الترتيبات من قبل محمود وشقيقته للخطبة ، وحددا الموعد ، وأخبرت لبنى زوجة عمها يمجيء ضيوف للزيارة دون أن تنبئها بالخطبة مخافة أن تسيء بها الظن بأنها كانت على علاقة بالشاب. ظنت زوجة العم أن المرأة جاءت لترد لهم الزيارة بعد أن سمحوا لابنتهم بحضور حفل العقيقة. رحبت الأسرة بالزائرة ومن يصحبها من نساء ، وطلبت من لبنى أن تجالسهم في حين أشرفت سعادا على خدمة الضيوف بكل لباقة. بدأت عمة محمود الحديث وهي الأكبر سنا ، وأشارت لسعاد وهي تقول : كم نحن سعداء لو يتم ارتباط ابننا محمود بهذا الشقراء اللبقة. خرجت سعاد والحياء يغزوها، وقامت لبنى واجمة وتبعتها فوجتها تتراقص فرحا بخطبتها. ما درت ما تقول سوى أن ظمتها وقبلتها وهي تبكي. ذهلت شقيقة محمود وعجزت عن قول شيء وهي تصغي لزوجة العم ترحب بهن. عادت الشقيقة ودخلت البيت لتجد محمود في استقبالها، أنبأته بالفاجعة فبدأ يصرخ في وجهها ويطلب منها العودة لتصحيح الخطأ فجأة رن جرس الباب ففتحه ليجد لبنى أماه وهي تتوسل إليه بأتمام زواجه من سعاد . لبنى ما نسيت فضل عمها عليها وما نسيت جميل زوجته وأولاده. وهيهات لقلبها أن يسيء لسعاد ويقتل فرحتها بالخطبة. تمت مراسيم الزواج وبقيت لبنى مع عمها وأولادها بعد أن زفت سعاد لمحمود. انكسر قلبها لكن ظلت متمسكة متجلدة تتظاهر بالقوة وتصطنع البسمة وقد ظن عمها الذي تفطن لهذا التغيير بأنها حزينة لرحيل من شاركتها الغرفة لسنوات. استفاقت لبنى من وجومها وهي تقطع الشاطئ ذهابا وإيتبا وأدركت أن الشمس تتوارى لتختفي خصلاتها الذهبية خلف الشفق الباكي. عادت للبيت وهي تئن من الداخل وتفكر كيف سيكون حديث سعاد عن محمود ووقد جاءت اليوم لزيارة بيت أبيها بعد رحلة شهر العسل؟
|
25 Feb 2013, 08:11 PM | [ 2 ] | ||||||||
|
الله عليكِ يامبدعة
وما جزاء الاحسان الا الاحسان قصة ولاأروع سلمتِ حبيبتي والله يعطيكِ العافية : ) |
||||||||
|
|||||||||
25 Feb 2013, 08:14 PM | [ 3 ] | ||||||||
عضوة متميزة
|
رد: حلم تلاشى
تسلمين ي َراقية .. دمتِ ودامتْ أفراحك لروحك |
||||||||
|
|||||||||
25 Feb 2013, 09:16 PM | [ 4 ] | ||||||||
مؤسس شبكة الشدادين
|
رد: حلم تلاشى
الله الله على جمال الحرف وقوة صداه وجمال معناه احسنت كتابة هذه القصة القصيرة الرائعة كعادتك دائماً تبدعين والله يحفظك ويرعاك |
||||||||
|
|||||||||
25 Feb 2013, 10:27 PM | [ 5 ] | ||||||||
عضو متميز
|
رد: حلم تلاشى
رائع ماقدمتي والف شكرلك على المشاركه |
||||||||
|
|||||||||
25 Feb 2013, 11:13 PM | [ 6 ] | |||||||
أستغفر الله
|
رد: حلم تلاشى
اين جريمة القتل هنا ؟
بالتأكيد قُتلت الغيرة بسكين الايثار وحب الاخر , و المودة شهدت ماحدث. نتجرع الالم لإسعاد غيرنا جميل هذا الايثار وجميل ان نضحي قصة رائعة مزج فيها الالم والفرح بآن واحد ليتجلى عن نص رائع وبداية جيدة لكاتبة هناك كتاب لنانسي كريس اسمه : تقنيات كتابة الرواية. شكرا لتلبية الطلب |
|||||||
|
||||||||
01 Mar 2013, 06:32 PM | [ 7 ] | ||||||||
عضوة متميزة
|
رد: حلم تلاشى
رائعة في حرفك هادئة وَ جميلة بطلتك سلمتِ من كل شر يا راقية وَ لا عدمناكِ .. |
||||||||
|
|||||||||
17 Mar 2013, 10:55 PM | [ 8 ] | ||||||||
ممنوع من المشاركة
|
رد: حلم تلاشى
مشكورة .. وقواكِ الله . لاعدمناكِ |
||||||||
18 Jan 2014, 10:42 PM | [ 9 ] | ||||||||
عضوة متميزة
|
رد: حلم تلاشى
بنت النشامي. أنت نبع كل ابداع جميلة الحضور. لا هنت. |
||||||||
18 Jan 2014, 10:43 PM | [ 10 ] | ||||||||
عضوة متميزة
|
رد: حلم تلاشى
زهرة الكرز جمال حضورك آسر. حفظك ربي. |
||||||||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
|