|
|||||||||||||||||
ما عادت التقوى في القلوب !!
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم ، صوره في أحسن الصور ، وكرمه بأن أمر الملائكة بالسجود له ، فنال هذا المخلوق من الشرف والعز والتكريم ما لم ينله مخلوق سواه . ثم استخلفه في الأرض ، ليعمرها بالخير والصلاح ، لتحقيق العبودية له سبحانه وتعالى ، التي يتساوى فيها العبد وسيده ، والرئيس ومرؤوسه ، وشريف الناس و وضيعهم ، و غنيهم و فقيرهم ، عبودية باعتقاد جازم صادق صحيح ، لا يخالطه ريب ولا شائب ولا جهل ولا ظلم . خلق الله الناس .. شعوبا وقبائل ، أجناسا وأشكالا ، سودا وبيضا ، اختلفوا في أشكالهم وألوانهم ، وتوحدوا - من هداه الله منهم - في عقيدتهم وربهم ، فكان معيار الصلاح " التقوى " والتقي هو أكرم الأكرمين عند الله سبحانه وتعالى ، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن محل التقوى هو " القلب " وهو مضغة في الجسد إن صلحت صلح سائر الجسد ، وإن فسدت فسد سائر الجسد . والتقوى أمر غيبي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ، ولا يظهر على أحد أي مظهر يدل على أنه تقي ورع ، لا من صورته ولا من هيئته ولا من نسبه ولا من وطنه بل بصدق معتقده ، بالإيمان الكامل بجميع أركانه ، وبخشيته وخوفه من الله سبحانه وتعالى .. ومراقبته لله في السر والعلن ، والتقي هو من إذا اختلا بمحارم الله لم ينتهكها ، وقال : " إن الله يراني " يتقي الله في قوله وفعله ، في سمعه وبصره ، في مأكله ومشربه ، في تعامله مع الناس من ذوي القربى والأصحاب والجيران ، وفي معاملاته المالية والتجارية ، وتلك أعمال قلبية لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ... وإن ظهر لنا بعض بوادرها ، ورأينا شيئا من آثارها ، وشهدنا بعض نتائجها فلا يعني ذلك أن نمنح أحدا من البشر لقب " تقي " لأن تلك من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا علام الغيوب ، ومقلب القلوب ، لكننا نحسب في الناس ذلك والله حسيبهم ، ولا نزكي أحدا على الله سبحانه وتعالى . إن إهمال الصور والأشكال والألوان والأنساب ، في يوم العرض الأكبر على الله ، والتعامل بمعيار التقوى في تكريم العباد من شأنه أن يذيب الفوارق بين الناس ، ويزيل الطبقات ، فكم من شريف في قومه ما نال من ذلك الشرف إلا الذل والمهانة والكب على وجهه في نار جهنم ، وكم من وضيع في قومه ونسبه قادته تقوى الله إلى الفردوس الأعلى من الجنة في أعلى الدرجات وفي أعز صحب ، وفي أشرف رفقة ، وكم من سيد في قومه ، فأصبح يقاد بالسلاسل والأغلال في نار جهنم ، مهان في زمن لا كرامة فيه إلا بالتقوى ، وذليل في زمن لا عزة فيه إلا بالإخلاص ، وعبد في زمن لا سيادة فيه إلا بالعقيدة الصادقة والأعمال الصالحة ورحمة رب العالمين . ومع كل هذا ... لا زال الكثير منا .. يعتقد أن التقوى في الشكل واللون ، في المظهر الظاهر ، لا في الجوهر الباطن ، يرون أن التقوى محصورة في وطن ، أو في مذهب ، أو في جنس ، يرون أن التقوى في " لحية " طويلة ، أو " ثوب " قصير ، وهذا جعل بعض الناس يتخذون من أشكالهم ستارا ،، يسترون وراءه ما يرتكبونه من معاص ، وجعلوا منها سبيلا لنيل ثقة الناس واستعطافهم ، يظهرون خلاف ما يبطنون ، ويخافون الله من أجل الناس في العلن ، وينتهكون محارمه في السر ، وذلك هو الرياء .. وما الرياء إلا شرك والعياذ بالله ... ثمة سبب جعلني أكتب مثل هذا المقال ، ليس هجوما على أصحاب اللحى ، ولا رفضا لهذه السنة النبوية الكريمة ، لكن موقفا مررت به جعلني أفكر فيما لو كانت التقوى في المظاهر ، التي تختلف عن الجواهر ، كيف لو كنا نطيع الله في النهار ، ونعصيه في الليل ، كيف لو كنا نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعضه ، هل ستكون الجنة فقط لأصحاب اللحى الطويلة والثياب القصيرة ؟ ، وكيف سيكون الحال لأصحاب اللحى من اليهود والنصارى ، ومن الكفرة والملحدين ؟ ، وهل سيكون معيار التقوى والصلاح والولاء والبراء هو اللحى والثياب ؟ ... عندها أيقنت أن رحمة الله وعدله فوق كل " ظلم " ومعيار التقوى القلبية ، هو أصدق المعايير وأعدلها بين عباد الله .. والحمد لله رب العالمين ...
|
26 Jul 2008, 09:43 PM | [ 2 ] | ||||||||
عضو متميز
|
السهل الممتنع موضوع قيم وأشكرك على طرحه فيما تشاكل فيه الناس كثيرا وبالواقع الذي نعيشه .. فالتقوى ليست بالشكليات كتطويل اللحى وتقصير الملابس التي لم نراها الا حديثا .. أختلقها جماعة ونسبوها إلى أنها من علامات التقوى ويعتبرونها كافية وحدها ودليل على التقوى أمام الملأ أتخذها كثير من أجيال هذا الزمن وجعلوها دليل بمظهر يوحي لناس بإنهم تقاة والله اعلم بما يحملونه في قلوبهم .. لانشك في ذلك ولكن ليس كل من عمل هذا حكمنا عليه بالتقي .. لإن التقوى نفسه قد عرف بها أهل التقوى لا بالزي ولا بالغنى ولا بالزعامة ولا بالرئاسة ولا بالمظاهر ..فالتقوى مخزون بالضمائر والقلوب .. والتقوى هو الإمتناع عن ماحرم الله وغض البصر عن كل ماحرم الله والسير في طاعة الله ليلا ونهارا وهو يخشى الله ويعتقد اعتقاد قوي أن الله يعلم خائنة الأعين وماتحوي الصدور .. وأما بعد المسافة بينه وبين الله فهو يعتقد اعتقاد قويا أن الله أقرب إليه من حبل الوريد فهو يراقب رضا الله في جميع حركاته وسكناته ويبقى طيلة حياته محافظا على الخوف من الله ومجاهدا فيما يرضي الله في سره وعلانيته وليله ونهاره ولا يفتر من ذكر الله حتى نهاية أجله .. فهذا هو المتقي عند الله .. تقبل تحياتي ودمت بخير |
||||||||
التعديل الأخير تم بواسطة علي مرزوق ; 27 Jul 2008 الساعة 12:06 AM
سبب آخر: تعديل
|
|||||||||
26 Jul 2008, 10:52 PM | [ 3 ] | ||||||||
|
حياكـ يا أخونا في الله ( السهل الممتنع ) موضوع جميل وفي غاية الروعه وطرح راقي . وفكرك فكر طيب وفيك الخير . أخي الكريم تقوى الله في القلوب وللحيه هي ثمرة ما زرع من تقوى في قلبه فعندما تزرع شجرة مثمره وتسقيها وتتعب عليها وتراعيها حق المراعاه فإنها تخرج لك أطيب الثمر .. وثمرة قلب التقي اللحيه وتقصير الثوب ولا نقول بأن كل من أطلق لحيته وقصر ثوبه أنه يخبئ خلفه معاصي بل هو جد وأجتهد مع قلبه وغذا قلبه بالتقوى والخوف من الله ثم خرجت الثمار ولا أزكي أحد نعم هناك من يخطئ ولكن ليس الكثير فليس بجرم واحد نذيب أفعال 1000 .. والتقوى تنقص عند من حلق لحيته وأطال ثوبه لأنه عصا الله فبذالك لا نستطيع أن نقول أنه تقي بل نقول أنه عصا ربه والله يصلحه .. والي أبي أوصله لا تقول تقي الا وجدته طبق كل أحكام الله على نفسه وعلى من حوله بعدها قل هذا تقي .. وشكرا لك ولعله وصلك ما أستطعت أن أوصله من رأي . وأهلا بك يا كاتبنا المبدع .. |
||||||||
|
|||||||||
29 Jul 2008, 10:17 AM | [ 4 ] | ||||||||
شاعر
|
موضوع جيد وقابل لنقاش كل الشكر لك على الطرح المميز تحياتي |
||||||||
30 Jul 2008, 09:54 AM | [ 5 ] | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المراقبة العامة
|
بالطبع ياأخي الفاضل اللحى أو تقصير الثوب ليست المعيار الوحيد للتقوى .. فــ كما نعلم أن التقوى محلها الأساسي هو القلب .. لكن ياأستاذنا .. للتقوى أثار كما للمعصية أثار .. ومن اثار التقوى هو التقيد والإلتزام بما فٌرض على المسلم .. وكلنا نعلم أنه يحرم حلق اللحى , كما قال إبن تيمية .. وكلنا أيضاً قد قرأ حديث النبي عليه الصلاة والسلام عن تقصير الثوب : "ما أسْفَل من الكعبين من الإزار ففي النار " رواه البخاري. في السابق الكل كان ينظر بـ نظرة إحترام للملتحي ومقصر الثوب ,, لكن في أيامنا هذه وللأسف أصبح الكثير يتوجس خيفةً منهم وبالطبع هذا نتاج أفعال بعض المتسترين خلفها .. الخلاصة .. هناك من كانت اللحى وتقصير الثياب مجرد ستار يتستر به عن أعين الخلق .. وهناك من كانت اللحى وتقصير الثياب أثراً لتقوى قلوبهم .. لايعلم بحقيقتهم سوى الله ,,
بالنسبة لمن ستكون الجنة ,, او من مستحق لدخولها ,, فيكفي هذا الحديث جوابا لهذا التساؤل : عن أبي هريرة رضي الله عنه،قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ( لن ينجي أحدًا منكم عمله ، قالوا: ولا أنت يا رسول الله ! قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة، سددوا، وقاربوا، واغدوا، وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا ) وقد روى البخاري هذا الحديث في موضعين آخرين من "صحيحه" بألفاظ متقاربة . :: شكراً السهل الممتنع .. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 Jul 2008, 01:24 PM | [ 6 ] | ||||||||
مؤسس شبكة الشدادين
|
التقوى صفة معنوية راسخة في قلوب المتقين تربطهم بمخافة الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه مما ينتج عنها أفعالاً مرئية من طاعات وعبادات وحسنات هذه التقوى لها معيار كمعيار سوق الأسهم ما بين صعود وهبوط يصعد بها العمل الحسن وتهبط بها المعصية لها دلالاتها وعلى صاحبها تظهر علامات التقى ونور الإيمان ومن تصرفاته نحكم عليه بالتقوى والصلاح والله يعلم ما تسر القلوب ليست أبداً في شكل الإنسان ولا ملبوسه بل في وجهه وورعه ونور جبينه ومحبة الناس له ... هذا غيض من فيض والموضوع يستحق الكثير من النقاش والمتابعة سائلين الله العلي العظيم أن يرزقنا يقيناً صادقاً وإيماناً راسخاً وقلباً مؤمناً شكراً أيها الكاتب الكبير وأهلاً بعودتك |
||||||||
|
|||||||||
31 Jul 2008, 12:42 PM | [ 7 ] | ||||||||
عضو متميز
|
شقيق الروح سهلنا الممتع
اولاً : عودا حميدا والحمد لله على سلامة الوالد . ثانياً : هناك اقوام ( تورطوا ) في قناع التقوى الزائف واصبحوا يمارسون طقوسهم الدينية امام عامة الناس بشكل اعتيادي ولكنهم في قرارة انفسهم يعلمون انهم يخدعون انفسهم قبل ان يخدعوا الناس لأن الله بهم عليم !! سيدي السهل الممتنع ليست المصيبة ان يرتدي الأنسان العادي قناع النفاق ولكن اعظم المصائب ان يرتديه احد من وصفوا بعلماء الأمة او بشكل ادق من وصفوا بعلماء السلطان !! لك محبتي . |
||||||||
|
|||||||||
31 Jul 2008, 01:04 PM | [ 8 ] | |||||||
جود القلم
|
وصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً لما بعثه إلى اليمن فقال : يا معاذ اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن "..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في حديث (( اتقِ الله حيثما كنت)): " ما أعلم وصية أنفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها قال تعالى: { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله }. علينا أن ندع بعض المباحات أو المشتبهات تورعًا لننال منزلة التقوى. مثلاً: قد يكون وجودك في يعض الأماكن للتنزه أو التسوق مباحًا ، لكن تترك فعله أحيانا حذرا من الوقوع في الخطأ . قد يكون لبسك لبعض الملابس مباحًأ ، لكن تترك هذا لا لشيء إلا امتثال السنة ولتحقيق ثمرة التقوى . السهل الممتنع جزاكم الله خيرا وأحسن الله إليك |
|||||||
|
||||||||
31 Jul 2008, 02:58 PM | [ 9 ] | ||||||||
عضو نشيط
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد إن ... التقوي أمر مخفي لايعلمه إلا الله سبحانه وتعالي طبع التقوي في القلب وليس في المظاهرولكن نحسن الظن في أهل اللحية والثياب القصيرة وإن لانقول هذه الفئة إنهم يتسترون من أجل غاية في أنفسهم ولكن بعضهم لما يتوب ينظر إن الدين في إعفاء اللحية وتقصير الثياب ولكن الدين بهذا الأمر وطلب العلم الشرعي معا الذي يرشدونا إلي الطريق المستقيم وهذا الموضوع لايحتاج رد فقط ولكن سوف أفيدكم ثمرات التقوي حفظ الله أهل العلم والعلماء من كل شر وجعلها في ميزان حسناتك |
||||||||
31 Jul 2008, 08:37 PM | [ 10 ] | ||||||||
|
أستاذي وأخي في الله مطارد سراب مسائك وصباحك نور وسرور حبيبي في الله الموضوع عن التقوى وبوركت في الرد ولكن دع العلماء لانريد أن نخوض ونأكل في لحومهم إن أصابو لهم أجران وإن أخطئو لهم أجر الإحتهاد ندعهم أحسن .. |
||||||||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مجلسنا التقني | السديم | جديد المواقع ـ شروحات البرامج ـ المشاكل والحلول | 68 | 17 Jun 2012 07:18 AM |
أقم نفسك علي التقوي | بسمة | المنتدى الاسلامي | 11 | 19 Nov 2006 08:27 PM |
من ثمار التقوى | ss سحر ss | منتدى القصص والحكايات | 6 | 14 Nov 2005 08:50 AM |
أدوات الموضوع | |
|