..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الشعبية > التراث والآثار والسياحة
  [ 1 ]
قديم 18 Sep 2012, 01:22 PM

شيهانة المرقاب غير متصل

مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011
الملف الشخصي للكاتب
إضافة تقييم
الرد على الموضوع
ارسال الموضوع لصديق
طباعه الموضوع
تبليغ عن الموضوع
تاريخ دولة الأندلس الإسلامية



تــاريخ الأندلــــس









التعريف ببلاد الأندلس:

وفي بداية الحديث عن تاريخ الأندلس نجيب أولًا عما قد يُثار من أسئلة حول معنى هذه الكلمة والمراد منها، فبلاد الأندلس هي اليوم دولتي إسبانيا والبرتغال، أو ما يُسمّى شبه الجزيرة الأيبيرية، ومساحتها (مجموع الدولتين) ستمائة ألف كيلو متر، أي أقل من ثُلثي مساحة مصر.

ويفصل شبه الجزيرة عن المغرب مضيق أصبح يُعرف منذ الفتح الإسلامي بمضيق جبل طارق ( ويسميه الكتاب والمؤرخون العرب باسم درب الزقاق ) وهو بعرض 12.8 كم بين سبتة وجبل طارق.

وعن سبب تسميتها بالأندلس فقد كانت هناك بعض القبائل الهمجية التي جاءت من شمال إسكندناف من بلاد السويد والدنمارك والنرويج وغيرها، وهجمت على منطقة الأندلس وعاشت فيها فترة من الزمن، ويقال أن هذه القبائل جاءت من ألمانيا، وما يهمنا هو أن هذه القبائل كانت تسمى قبائل الفندال أو الوندال باللغة العربية؛ فسميت هذه البلاد بفانداليسيا على اسم القبائل التي كانت تعيش فيها، ومع الأيام حُرّف إلى أندوليسيا فأندلس.

وقد كانت هذه القبائل تتسم بالوحشية والهمجية وفي الإنجليزية إلى الآن همجية ووحشية وتخريب تعني (Vandalism) وتعني أيضا أسلوب بدائي أو غير حضاري، وهو المعنى والاعتقاد الذي رسخته قبائل الفندال، وقد خرجت هذه القبائل من الأندلس وحكمها طوائف أخرى من النصارى عُرفت في التاريخ باسم قبائل القوط (GOTHS) أو القوط الغربيين، وظلّوا يحكمون الأندلس حتى قدوم المسلمين إليها.


لماذا تَوَجّهَ المسلمون إلى الأندلس دون غيرها

لماذا اتّجه المسلمون في فتوحاتهم إلى بلاد الأندس خاصّة من بلاد العالم، وأيضًا لِمَ هذا التوقيت بعينه أي سنة 92 هـ= 711 م؟

كان المسلمون في هذا الوقت قد فتحوا الشمال الإفريقي كله، ففتحوا مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، ووصلوا إلى حدود المغرب الأقصى والمحيط الأطلسي، ومن ثَمّ لم يكن أمامهم في سير فتوحاتهم إلا أحد سبيلين، إما أن يتجهوا شمالًا، ويعبروا مضيق جبل طارق ويدخلوا بلاد إسبانيا والبرتغال وهي بلاد الأندلس آنذاك، وإما أن يتجهوا جنوبًا صوب الصحراء الكبرى ذات المساحات الشاسعة والأعداد القليلة من السكان...

ولما كان هدف المسلمين هو البحث عن التجمعات البشرية حتى يعلموهم دين الله سبحانه وتعالى، ولم يكن من أهدافهم البحث عن الأراضي الواسعة أو جمع الممتلكات، ولأن المسلمين قد وصلوا إلى الحدود القريبة من الأندلس مباشرة، واستتبّ لهم الأمر في أواخر الثمانينيات من الهجرة فيما دون ذلك من البلاد التي فتحوها - كما سيأتي تفصيله بإذن الله - فالأندلس إذن هي البلاد التي تلي بلاد المسلمين مباشرة والله تعالى يقول في كتابه الكريم: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ] {التوبة: 123}.


على هذا النهج سار المسلمون في كل فتوحاتهم، ويجسد هذا المنهج ذلك الحوار الذي دار بين معاذ بن جبل رضي الله عنه وبين ملك من ملوك الروم قبل موقعة اليرموك وكان رسولا إليه، سأل ملك الروم رسولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل: ما الذي دعاكم إلى الولوغ في بلادِنا وبلادُ الحبشة أسهل عليكم؟ وقد كانت الروم آنذاك تقتسم العالم مع فارس، فيسأل ملكُ الروم متعجبا كيف تَطْرقون أبواب القوة العظمى وتتركون الحبشة وهي الأسهل والأيسر؟! فأجابه معاذ بن جبل قائلا: قال لنا ربنا في كتابه الكريم: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ] {التوبة 123 }. أنتم البلاد التي تلينا، ثم بعد الانتهاء من بلاد الروم سنجَوِّزها إلى الحبشة وغيرها من البلاد. أي أننا لم ننس الحبشة ولكن أنتم المجاورون لنا، وهكذا كان الحال بالنسبة إلى الأندلس؛ حيث كانت هي التي تلي بلاد المسلمين.



كتبه د.راغــب السرجاني









توقيع : شيهانة المرقاب
أنآ ترى ..( بنت آلرجآل ) .. آلمنآعيـر ..
.. .. من خلقتي مآجيت درب آلمعيبـــه ..
أبوي وصآني على .. (آلعز و آلخير) ..
.. .. ( مهرة أصيلة ) .. وآلطهر له نصيبــه ..
( رعبوبةٍ ) .. لآ أقبلت مثل آلتبآشيـر ..
.. .. ولآ أقفيت ..( شيهانة ) بـ رآس آلرقيبـه

رد مع اقتباس
قديم 18 Sep 2012, 01:23 PM [ 2 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: تاريخ دولــة الأندلـــس الإســلامية


زمن فتح الأندلس:

في أي زمان تم فتح الأندلس؟ سؤال مهم جدا ونقصد به: مع أي العصور الإسلامية يتوافق تاريخ فتح الأندلس وهو اثنتان وتسعون من الهجرة؟ والجواب أن هذه الفترة كانت من فترات الدولة الأموية، وتحديدًا في خلافة الوليد بن عبد الملك رحمه الله الخليفة الأموي الذي حكم من سنة 86 هـ= 705 م إلى 96 هـ= 715 م وهذا يعني أن فتح الأندلس كان في منتصف خلافة الوليد الأموي رحمه الله.

وهذا التاريخ يجرّنا إلى الحديث عن الدولة الأموية المظلومة في التاريخ الإسلامي، تلك الدولة التي أُشيع عنها الكثير والكثير من الافتراءات والأكاذيب والأحداث المغلوطة التي تشوه صورتها، وبالتالي صورة التاريخ الإسلامي كله، وذلك حتى يتسنى للمتربصين القول بأن التاريخ الإسلامي لم يكن إلا في عهد أبي بكر وعمر، حتى وصل الأمر إلى الطعن في تاريخ أبي بكر وعمر أنفسِهما مع علم الجميع بفضلهما.

ولا يخفى على الجميع المراد من ذلك وهو أن يترسّخ في الأذهان عدم الاعتقاد بقيام أمة إسلامية أو دولة إسلامية من جديد، فإذا كان هذا شأن السابقين القريبين من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذا كان هذا شأن دولة بني أمية وبني العباس وغيرهما من الدول التي لم تستطع أن تقيم حكمًا إسلاميًا صالحًا - في زعمهم - فكيف بالمتأخرين؟ وهي رسالة يريدون أن يصلوا بها إلى كل المسلمين، وليس لهم من غرض وراء ذلك إلا أنهم [ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ] {التوبة:32}.










الأعلى رد مع اقتباس
قديم 18 Sep 2012, 01:23 PM [ 3 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: تاريخ دولــة الأندلـــس الإســلامية


بني أمية ( 40 - 132 هـ= 660 - 750 م ) وحسناتهم:

الدولة الأموية كغيرها من الدول الإسلامية لها الأيادي البيضاء والفضل الكبير على المسلمين في شتى بقاع الأرض، ونظرة واحدة على عدد المسلمين الذين دخلوا الإسلام في زمن حكمها تكفي للرد على الافتراءات والمزاعم التي حِيكت في حقها، فهذا إقليم شمال إفريقيا بكامله دخل الإسلام في عهد بني أمية، ابتداء من ليبيا وحتى المغرب، وإذا كانت الفتوح الإسلامية لهذه البلاد قد بدأت في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه فإن هذه البلاد قد ارتدّت على عقبها ثم فُتحت من جديد في عهد بني أمية، ومع إقليم شمال إفريقيا كانت أفغانستان وأيضا جمهوريات جنوب روسيا، كل هذه البلدان وغيرها وصلتهم رسالة الإسلام ودخلوا فيه في زمن بني أمية، فقد كان الجهاد في أيامهم أمرًا طبيعيًا جدًا، وهو في كل أيام العام صيفًا وشتاءً، يخرج إليه الناس وكأنهم ذاهبون إلى أعمالهم، وإضافة إلى ذلك أيضًا فقد دُوّنت السنة النبوية في مدتهم، وحُكِّم شرع الله وطُبّق في دولتهم،

ومع كل هذا فإنا لا نقرّ بتبرئتهم من كل خطأ أو عيب؛ فالنقص والخطأ شيمة البشر، ومن المؤكد أن هناك أخطاء كثيرة في تاريخ بني أمية، لكن - بلا شك - كل هذه الأخطاء تذوب في بحر حسناتهم، وبحر أفضالهم على المسلمين، فقد امتدّ حكم بني أمية اثنين وتسعين عامًا، من سنة 40 هـ= 660 م إلى سنة 132 هـ= 750 م وكان أول خلفاء بني أمية الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ورضي الله عن أبيه أبي سفيان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذلك الخليفة الذي لم يسلم من ألسنة كثير من الناس، فطعنوا في تاريخه وفي خلافته رضي الله عنه، ولقد كذبوا، فليتنا نصل إلى معشار ما فعله معاوية بن أبي سفيان للإسلام والمسلمين.

وإن كان هذا ليس هو مجال الحديث عن بني أمية إلا أن هذه المقدمة البسيطة قد تفيد - بمشيئة الله - في الحديث عن الأندلس، فبعد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه تتابع الحكامُ الأُميون وكان أشهرهم عبد الملك بن مروان رحمه الله، ومن تبعه من أولاده، وكان منهم الوليد وسليمان ويزيد وهشام، وقد تخللهم الخليفة الراشد المشهور عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه، وهو خليفة أموي من أبناء الدولة التي يطعنون فيها وهو الذي ملأ الأرض عدلًا ورحمةً وأمنًا ورخاءً...

أما الجانب السيئ من تاريخ دولة بني أمية فإنه يكمن في السنين السبع الأخيرة فقط من تاريخهم، تلك التي كان فيها كثير من المآسي، وكثير من الاختلاف على المنهج الإسلامي، وكانت سنّة الله تعالى فحين فسد الأمر في بني أمية قامت دولة أخرى وهي دولة بني العباس، أما الأندلس وفتح الأندلس فيبقى حسنة من حسنات بني أمية.










الأعلى رد مع اقتباس
قديم 18 Sep 2012, 01:24 PM [ 4 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: تاريخ دولــة الأندلـــس الإســلامية


أوروبا قُبَيْلَ الفتح الإسلامي للأندلس:

من المفيد جدًا أن نتعرف على حالة أوروبا والوضع الذي كانت عليه - خاصة بلاد الأندلس - عند الفتح الإسلامي وكيف كان؟ وكيف تغيرّ هذا الوضع وهذا الحال بعد دخول أهل هذه البلاد في الإسلام؟

الواقع أن أوروبا في ذلك الوقت كانت تعيش فترة من فترات الجهل الفاضح والتخلّف البالغ، فكان الظلم هو القانون السائد، فالحكّام يمتلكون الأموال وخيرات البلاد، والشعوب تعيش في بؤسٍ كبير، والحكّام بنوا القصور والقلاع والحصون، بينما عامة الشعب لا يجد المأوى ولا السكن، وإنما هم في فقر شديد، بل إنهم يباعون ويشترون مع الأرض، وبالنسبة للفرد نفسه، فالأخلاق متدنية والحرمات منتهكة، وبُعدٌ حتى عن مقومات الحياة الطبيعية، فالنظافة الشخصية - على سبيل المثال - مختفية بالمرة، حتى إنهم كانوا يتركون شعورهم تنسدل على وجوههم ولا يهذبونها، وكانوا - كما يذكر الرحّالة المسلمون الذين جابوا هذه البلاد في هذا الوقت - لا يستحمّون في العام إلا مرة أو مرتين، بل يظنون أن هذه الأوساخ التي تتراكم على أجسادهم هي صحة لهذا الجسد، وهي خير وبركة له!!


وكان بعض أهل هذه البلاد يتفاهمون بالإشارة، فليست لهم لغة منطوقة أصلًا فضلًا عن أن تكون مكتوبة، وكانوا يعتقدون بعض اعتقادات الهنود والمجوس من إحراق المتوفى عند موته وحرق زوجته معه وهي حية، أو حرق جاريته معه، أو من كان يحبه من الناس، والناس يعلمون ذلك ويشاهدون هذا الأمر، فكانت أوربا بصفة عامّة قبل الفتح الإسلامي يسودها التخلف والظلم والفقر الشديد، والبعد التام عن أي وجه من أوجه الحضارة أو المَدَنية...

وقبل الفتح الإسلامي لأسبانيا بسنة أو تزيد قام أحد رجال الجيش واسمه لُذريق بالاستيلاء على السلطة وعزل الملك غَيْطَشَة، وغداة الفتح الإسلامي كان لُذريق هو حاكم البلاد، لكن أتباع الملك السابق ومؤيديه لم يرضوا عن هذا الحكم الجديد، وكانوا يتحينون الفرصة لاستعادة ملكهم، ووجدوها في الفتح الإسلامي ووهموا أن المسلمين طلاب غنائم فلن يستقرّوا في إسبانيا لكنهم لم يجدوا لهذا الوهم إشارة، فالمسلمون حَمَلَة عقيدة يعملون على نشرها وإعلائها.


كانت أسبانيا - إذن - قبل الفتح الإسلامي تشكو الاضطراب والفساد الاجتماعي، والتأخر الاقتصادي وعدم الاستقرار، نتيجة السياسة ونظام المجتمع السائد.

لكن هذا لا يعني أن هذه السلطة لم تكن قادرة على الدفاع، كما لا يعني انعدام قوتها السياسية والعسكرية، بل كان بإمكانها أن تصد جيشًا مهاجمًا وتحاربه وتقف في وجهه.

أقام القوط في أسبانيا دولة اعتبرت أقوى الممالك الجرمانية حتى أوائل القرن السادس الجرماني، وبقيت بعد ذلك تتمتع بقوة عسكرية مدربة وقوية، تقارع الأحداث وتقف للمواجهات...












الأعلى رد مع اقتباس
قديم 18 Sep 2012, 01:53 PM [ 5 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: تاريخ دولة الأندلس الإسلامية


مُوسَى بن نُصَير 19 - 97 هـ= 640 - 716 م:

مُوسَى بن نُصَير ذلك القائد المسلم البارع التقي الورع الذي ثبّت الله به أقدام الإسلام في هذه البلاد المترامية الأطراف في الشمال الإفريقي، وهو من التابعين، وقد روى عن بعض الصحابة كتميم الداري رضي الله عنه...

قال عنه ابن خلّكان: كان عاقلاً كريماً شجاعاً ورعاً تقياً لله تعالى، لم يُهزم له جيشٌ قطّ.


أما أبوه فهو نُصَير ذلك الغلام النصراني الذي أسره خالد بن الوليد رضي الله عنه في موقعة عين التمر، وكان قبلها يتعلم الإنجيل والدراسات النصرانية في الكنيسة، وفي الأَسْرِ عرف الإسلام وأُعجب به، فأسلم وهو ابن ثلاثة عشر أو أربعة عشر عامًا، وكان معه وعلى شاكلته سيرين أبو محمد بن سيرين التابعي المشهور.

وهنا وقفة لطيفة نشير إليها في معرض هذا الحديث، وهي تلك الثمرة التي هي من ثمار ومن تبعات الفتوحات الإسلامية، ومصداقا لقوله تعالى: [وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ] {فصِّلت:33}. تلك الثمرة التي منّ الله بها على نُصَير وعلى ولده من بعده، ومن ثَمّ على المسلمين أجمعين.

فانظر ماذا فعل الإسلام بنُصَير وغيره؟ وماذا كان سيكون مصير نُصير إذا ظل على ما كان عليه؟ وكيف أصبح في حسنات خالد بن الوليد رضي الله عنه وقد توفي بعده بسنوات وسنوات. وإنه لثمرة من ثمرات الجهاد الإسلامي في بلاد فارس (وهي التي أُسر فيها نُصير). وإن فتح الأندلس على يد موسى بن نصير ليشاركه فيه - بإذن الله - الأجرَ خالد بن الوليد رضي الله عن الجميع.

أما نُصير، فلما أسلم ازداد حبه للإسلام، فأخذ ينهل منه ويتعلم حتى أصبح عالِمًا، وفي ذات الوقت من الفرسان الأشداء والمجاهدين الأكفاء، وظل يترقى من حال إلى حال حتى صار في زمن الدولة الأموية قائدًا لجيوش معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وظل في هذه القيادة سنوات طويلة...

قال المقرّي في نفح الطيب عن موسى بن نصير: وكان والده نصير على جيوش معاوية، ومنزلته لديه مكينة، ولمّا خرج معاوية لصفين لم يخرج معه - أي نصير - فقال له: ما منعك من الخروج معي ولي عندك يدّ لم تكافئني عليها؟ فقال: لم يمكني أن أشكرك بكفري من هو أولى بشكري منك، فقال: من هو؟ فقال: الله عزّ وجلّ، فأطرق مليّاً ثم قال: أستغفر الله، ورضي عنه.

في هذا الوقت كان مُوسَى بن نصير يتربى في بيت الخلافة مع أولاد معاوية وأولاد الأمراء والخلفاء، فنشأ على حب الجهاد في سبيل الله ونشر الدين، حتى أصبح شابًا يافعًا يتقلد الرتب والمناصب، فتقلد قيادة جيوش الأمويين في مصر في عهد عبد العزيز بن مروان الأموي، ثم بعد ذلك واليًا على إفريقيا وذلك في سنة 85 هـ= 704 م.

كانت الفرصة مواتية لموسى بن نصير أن ينجز ما عجز السابقون عن إنجازه فتوّجه ناحية المغرب وأعاد تنظيم القوات الإسلامية، وحشد جيوشه جميعًا ووقف فيهم خطيبًا وكان مما قال: إنما أنا رجل كأحدكم، فمن رأى مني حسنة فليحمد الله، وليحضّ على مثلها ومن رأى مني سيئة فلينكرها فإني أخطئ كما تخطئون، وأصيب كما تصيبون... ومن كانت له حاجة فليرفعها إلينا وله عندنا قضاؤها على ما عزّ وهان مع المواساة إن شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قال ابن خلّكان في وفيات الأعيان: وكانت البلاد في قحط شديد، فأمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين، وخرج بهم إلى الصحراء، ومعه سائر الحيوانات، وفرق بينها وبين أولادها، فوقع البكاء والصراخ والضجيج، وأقام على ذلك إلى منتصف النهار، ثم صلى وخطب بالناس، ولم يذكر الوليدَ بنَ عبد الملك، فقيل له: ألا تدعو لأمير المؤمنين فقال: هذا مقام لا يُدعى فيه لغير الله عزوجل، فسقوا حتى رووا.

مُوسَى بن نُصَير وتثبيت دعائم الإسلام في إفريقيا:

منذ أصبح موسى بن نصير واليًا على إفريقيا أصبح كلُّ همّه لماذا يرتدّ الناس بين الحين والآخر عن الإسلام بعد أن يكونوا قد دخلوا فيه؟! بل كيف يعودون ويقاتلون المسلمين بعد أن كانوا مسلمين؟! ومن هنا فقد أراد أن يجد حلًا لهذه الأمور، ويعمل على تثبيت دعائم الإسلام في هذا الإقليم الذي كان قد فتحه عقبة بن نافع رحمه الله، والذي اغتيل في القيروان من هذا الإقليم على يد البربر وهو في طريق عودته من المغرب الأقصى.

وفي بحثه عن معرفة أسباب هذه الردّة المتكررة وجد مُوسَى بن نُصَير خطأين وقع فيهما من سبقوه.


الخطأ الأول: هو أن عقبة بن نافع ومن معه كانوا يفتحون البلاد فتحًا سريعًا، ويتوغلون داخلها طمعًا في فتح أماكن أخرى كثيرة، دون أن تتوفر الحماية لظهورهم في هذه المناطق التي فتحوها، ومن ثم كانت النتيجة أن البربر فَقِهوا هذا الأمر واستغلّوه جيدًا، فانقلبوا على عقبة وأحاطوا به وقتلوه، وحتى يتغلب على هذا الأمر بدأ مُوسَى بن نُصَير يفتح البلاد في أناةٍ شديدة، وفي هدوء وحذرٍ كحذر خالد بن الوليد رضي الله عنه، فبدأ يتقدم خطوة ثم يُأَمِّن ظهره، ثم خطوة فيأمّن ظهره، حتى أتمّ فتح هذا الإقليم في سبع أو في ست سنوات، بينما استغرق عقبة بن نافع في فتحه شهورًا معدودات.

أما الخطأ الثاني: فقد وجد أن سكان هذا الإقليم لم يتعلموا الإسلام جيدًا ولم يعرفوه حق المعرفة، فبدأ بتعليمهم الإسلام؛ فكان يأتي بعلماء التابعين من منطقة الشام والحجاز ليعلمونهم الإسلام ويعرفونهم به، فأقبلوا على الإسلام وأحبّوه ودخلوا فيه أفواجًا، حتى أصبح البربر الذين يحاربون المسلمين جند الإسلام وأهله، وهكذا عمل مُوسَى بن نُصَير على تثبيت دعائم الإسلام وتوطيده في الشمال الإفريقي، وأتمّ فتح الإقليم بكامله عدا مدينة واحدة وهي مدينة "سَبْتَة" (مدينة "سَبْتَة" الآن من مدن المغرب العربي التي تحتلها إسبانيا، وتقع على مضيق جبل طارق)، فقد فتح ميناء طنجة ولم يفتح ميناء "سَبْتَة" المماثل له في الأهمية، وللموقع الاستراتيجي لمدينة "سَبْتَة" ولّى موسى بن نصير على ميناء طنجة (القريب جدًا من "سَبْتَة" والقريب في ذات الوقت من الأندلس) أمهر قواده طارق بن زياد رحمه الله، وطارق بن زياد لم يكن عربيًا، بل كان من قبائل البربر التي استوطنت الشمال الإفريقي - كما ذكرنا - والتي كان يميزها اللون الأبيض والعيون الزرقاء والشعر الأشقر، بعكس ما يُتخيل من كونهم يشبهون الزنوج، حتى إن البعض ينسبونهم إلى أصول أوروبية، وقد حمل طارق بن زياد القائد الفذّ هذه الصفات الشكلية، إضافة إلى ضخامته الجسمية ووسامته الشديدة، تلك التي لم تمنعه عن الانشغال بحب الجهاد في سبيل الله، ونشر هذا الدين.

من خلال ما سبق نرى أن موسى بن نصير رحمه الله قد تولّى أمر إفريقية وهي تضطرم نارًا، فكان أول عمل له هو تأمين قواعد انطلاقه، ثم انصرف لإخماد الفتن والقضاء على الثورات وتصفية قواعد العدوان، وبناء المجتمع الإسلامي الجديد، ووجد بعد ذلك في إفريقية طاقات ضخمة وإمكانات جبّارة فأفاد من حرية العمل المتوافرة له وانصرف إلى متابعة حشد القوات وتعبئتها وقيادتها من نصر إلى نصر، وإشراكها في شرف الفتوح وتحميلها أعباء نشر الإسلام...

كان موسى بن نصير - إذن - من أعظم رجال الحرب وافدارة المسلمين في القرن الأول للهجرة، وقد ظهرت براعته الإدارية في جميع المناضب التي تقلّدها، كما ظهرت براعته الحربية في جميع الحملات البرية والبحرية التي قادها، على أن هذه المواهب تبدو بنوع خاص في حكمه لإفريقية، حيث كانت الحكومة الإسلامية تواجه شعبًا شديد المراس يضطرم بعوامل الانتفاض والفتنة، وإذا كان موسى قد أبدى في معالجة الموقف وإخماد الفتنة كثيرًا من الحزم والشدة فقد أبدى في الوقت نفسه خبرة فائقة بنفية الشعوب وبراعة في سياستها وقيادتها، وكان موسى فوق مواهبه الإدارية والعسكرية غزير العلم والأدب، متمكنًا من الحديث والفقه، عالمًا بالفلك، مجيدًا للنثر والنظم...










الأعلى رد مع اقتباس
قديم 18 Sep 2012, 01:54 PM [ 6 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: تاريخ دولة الأندلس الإسلامية


فكرة فتح الأندلس:

لم تكن فكرة فتح الأندلس وليدة أيام موسى بن نصير، بل إنها فكرة قديمة جدًا، فمنذ أن استعصت القسطنطينية على الفتح زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه - وكانت الحملات الإسلامية قد وصلت إليها - قال قولته: إن القسطنطينية إنما تُفتح من قِبَل البحر، وأنتم إذا فتحتم الأندلس فأنتم شركاء لمن يفتح القسطنطينية في الأجر.

فكان عثمان رضي الله عنه يعني أن المسلمين سيفتحون الأندلس أولًا (غرب أوروبا) ثم يتوجهون منها صوب القسطنطينية (شرق أوروبا) فيفتحونها من قِبَل الغرب لا من قِبَل الشرق، من جهة البحر الأسود في ذلك الوقت، لكن المسلمين لم يستطيعوا أن يصلوا إلى هذه المنطقة من المغرب العربي إلا في أيام بني أمية وفي فترة حكم موسى بن نصير على الشمال الإفريقي.










الأعلى رد مع اقتباس
قديم 18 Sep 2012, 01:55 PM [ 7 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: تاريخ دولة الأندلس الإسلامية


مُوسَى بن نُصَير وعقبات فتح الأندلس:

بعد أن استتبّ الأمر لموسى بن نصير في شمال إفريقيا، وانطلاقًا من قول الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ] {التوبة: 123 أخذ موسى بن نصير الفكرة وهيَّأَ نَفْسَهُ لفتح بلاد الأندلس تلك التي تلي الشمال الإفريقي مباشرةً، وفي طريقه إليها كانت هناك عدة عقباتٍ كان أهمها ما يلي:

العقبة الأولى: قلّة السفن

وجد موسى بن نصير أن المسافة المائية التي سيقطعها بين المغرب والأندلس لا تقلّ عن ثلاثة عشر كيلو مترا، ولم يكن لديه سفنًا كافيةً لعبور هذه العقبة المائية، فمعظم فتوحات المسلمين - باستثناء بعض المواقع مثل ذات الصواري وفتح قبرص - كانت برّية، ومن ثَمّ لم يكن هناك حاجة كبيرة إلى سفن ضخمة، أَمَا والحالة هذه فهم بحاجة إليها لتنقل الجنود وَتَعْبر بهم مضيق جبل طارق ليصلوا إلى الأندلس.

العقبة الثانية: وجود جزر البليار النصرانية في ظهره إن دخل الأندلس

كان موسى بن نصير قد تعلّم من أخطاء سابقيه؛ فلم يخطو خطوة حتى يأمن ظهره أولًا، وفي شرق الأندلس كانت تقع جزر تسمى جزر البليار - هي عدة جزر تقع أمام الساحل الشرقي لأسبانيا وأهمها ثلاثة جزر هي: ميورقة ومنورقة ويابسة وتسمى في المصادر العربية بالجزر الشرقية - وهي قريبة جدًا من الأندلس، ومن هنا فإن ظهره لن يكون آمنًا إن هو دخل الأندلس، وكان عليه أولًا أن يحمي ظهره حتى لو كانت هذه الجزر تابعة للرومان.

العقبة الثالثة: وجود ميناء "سَبْتَة" المطل على مضيق جبل طارق في يد نصارى على علاقة بملوك الأندلس

كان ميناء "سَبْتَة" المطل على مضيق جبل طارق والذي لم يُفتح مع بلدان الشمال الإفريقي، وكان يحكمه ملك نصراني يُدعى يُليان أو جريان، وكان لهذا الملك علاقات طيبة بملك الأندلس الأسبق غَيْطَشَة، وغيطشة هذا كان قد انقلب عليه لُذريق أو رودريقو - كما يُنطق في بعض الأحيان - وتولى حكم الأندلس، وكانت العقبة تكمن في خوف موسى بن نصير من أن ينقلب عليه "يُليان" صاحب ميناء "سَبْتَة" والذي سيكون في ظهره ويتحد مع لُذريق صاحب الأندلس، حتى وإن كان على خلاف معه، فمن يضمن ألا يدخل "يُليان" مع لُذريق في حربه ضد موسى بن نصير نظير مقابل مادي أو تحت أي بند آخر؟

العقبة الرابعة: قلة عدد المسلمين

كانت العقبة الرابعة التي واجهت موسى بن نصير هي أن قوات المسلمين الفاتحين التي جاءت من جزيرة العرب ومن الشام واليمن محدودة جدًا، وكانت في نفس الوقت منتشرة في بلاد الشمال الإفريقي، ومن ثَمّ قد لا يستطيع أن يتم فتح الأندلس بهذا العدد القليل من المسلمين، هذا مع خوفه من أن تنقلب عليه بلاد الشمال الإفريقي إذا هو خرج منها بقواته.

العقبة الخامسة: كثرة عدد النصارى

في مقابل قوة المسلمين المحدودة كانت قوات النصارى تقف بعدتها وضخامتها عقبة في طريق موسى بن نصير لفتح الأندلس، وكان للنصارى في الأندلس أعدادٌ ضخمةٌ، هذا بجانب قوة عدّتهم وكثرة قلاعهم وحصونهم، وإضافة إلى ذلك فهم تحت قيادة لُذريق القائد القوي المتكبر.

العقبة السادسة: طبيعة جغرافية الأندلس وكونها أرض مجهولة بالنسبة للمسلمين

وقف البحر حاجزًا بين المسلمين وبين بلاد الأندلس، فلم تعبر سفنهم هذه المنطقة من قبل فضلًا عن أن يرتادوها أصلا، ومن ثَمّ لم يكن لهم علم بطبيعتها وجغرافيتها، الأمر الذي يجعل من الصعوبة الإقدام على غزو أو فتح هذه البلاد، وفضلًا عن هذا فقد كانت بلاد الأندلس تتميز بكثرة الجبال والأنهار، تلك التي ستقف عقبة كئود أمام حركة أي جيش قادم، خاصةً إذا كانت الخيول والبغال والحمير هي أهمّ وسائل ذلك الجيش في نقل العدة والعتاد.










الأعلى رد مع اقتباس
قديم 18 Sep 2012, 01:56 PM [ 8 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: تاريخ دولة الأندلس الإسلامية


مُوسَى بن نُصَير ومواجهة العقبات:

رغم هذه العقبات التي كانت موجودة بالفعل في طريق فتح الأندلس إلا أن موسى بن نصير لم يكسل ولم يقف مكبّل اليدين، بل أصرّ على الفتح وعلى إتمام الطريق الذي بدأه قبله الفاتحون، ومن هنا بدأ وفي أناةٍ شديدة يرتّب أموره ويحدد أولوياته، فعمل على حلّ المعضلات السابقة على هذا النحو:

أولا: بناء الموانئ وإنشاء السفن:

عمد موسى بن نصير أول أمره في سبيل تجاوز عقبات الطريق إلى الأندلس إلى إنشاء السفن؛ فبدأ في سنة 87 أو 88 هـ= 706 أو 707 م ببناء الموانئ الضخمة التي يبنى فيها السفن، وإن كان هذا الأمر ربما يطول أمده إلا أنه بدأه بهمة عالية وإرادة صلبة؛ فبنى أكثر من ميناء في الشمال الإفريقي...

ثانيا: تعليم البربر الإسلام

وفي أثناء ذلك أيضًا عمد موسى بن نصير إلى تعليم البربر الإسلام في مجالس خاصة لهم كالدورات المكثّفة تمامًا، حتى إنه بدأ في تكوين جيش الإسلام منهم، وهذا الصنيع من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن نجده عند غير المسلمين؛ فلم توجد دولة محاربة أو فاتحة غير الدول الإسلامية تُغيّر من طبائع الناس وحبّهم وولائهم الذي كانوا عليه، حتى يصبحوا هم المدافعين عن دين هذه الدولة المحاربة أو الفاتحة، خاصّة إذا كانوا حديثي عهد بهذا الفتح أو بهذا الدين الجديد، فهذا أمر عجيب حقًا، ولا يتكرر إلا مع المسلمين وحدهم، فقد ظلّت فرنسا - على سبيل المثال - في الجزائر مائة وثلاثين عامًا ثم خرجت جيوشها بينما ظلّ الجزائريون كما كانوا على الإسلام لم يتغيروا، بل زاد حماسهم له وزادت صحوتهم الإسلامية...

علّم مُوسَى بن نُصَير البربر الإسلام عقيدةً وعملًا، وغرس فيهم حبّ الجهاد وبذل النفس والنفيس لله سبحانه وتعالى، فكان أن صار جُلّ الجيش الإسلامي وعماده من البربر الذين كانوا منذ ما لا يزيد على خمس سنين من المحاربين له.

ويحسن بنا في هذا الموقف أن نتعرف على البربر بشئٍ من التفصيل، فكلمة بربر إذا ما أُطلقت تشمل كل من يتكلم لغة أو لهجة معقدة، لا تفهم إلا عند بني جنسه، ويدخل في هذا الإطلاق أمة اليونان، وأمة الرومان وأمة السودان.


يقول الأستاذ الطاهر أحمد الزاوي:

"وكلمة البربر أُطلقت بأربعة إطلاقات في أربعة عهود مختلفة، فأُطلقت في عهد (هومير ) على القبائل المعقدة اللغة واللهجة حيثما وجدت وأطلقت في عهد (هيردوت) على الأمم الغريبة عن لغة اليونان وحضارتهم، وأطلقت في عهد (بلتوس) على الروم ما عدا سكان روما وأطلقها العرب في عهدهم على الأمة التي تسكن الساحل الإفريقي - وهم المقصودون هنا - لأنهم يتكلمون بلغة ليست مفهومة للعرب، والعرب يطلقون كلمة البربر على الأصوات المتجمعة غير المفهومة" * د على الصلابي حركة الفتح الإسلامي في الشمال الإفريقي


ثالثا: تولية طارق بن زياد على الجيش

القائد هو قبلة الجيش وعموده، بهذا الفَهْم ولّى مُوسَى بن نُصَير على قيادة جيشه المتجه إلى فتح بلاد الأندلس القائد البربري المحنّك طارق بن زياد (50 - 102 ه، 670 - 720 م ) ذلك القائد الذي جمع بين التقوى والورع والكفاءة الحربية وحبّ الجهاد والرغبة في الاستشهاد في سبيل الله، ورغم أنه كان من البربر وليس من العرب إلا أن مُوسَى بن نُصَير قدّمه على غيره من العرب، وكان ذلك لعدة أسباب منها:

1- الكفاءة:

لم يمنع كون طارق بن زياد غير عربي أن يولّيه مُوسَى بن نُصَير على قيادة الجيش؛ فهو يعلم أنه ليس لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر فضل إلا بالتقوى، فقد وجد فيه الفضل على غيره والكفاءة في القيام بهذه المهمة على أكمل وجه، وقد ذكرنا بعضًا من صفاته قبل قليل، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن دعوة الإسلام ليست دعوة قبلية أو عنصرية تدعو إلى التعصب وتفضل عنصرًا أو طائفةً على طائفة؛ إنما هي دعوة للعالمين: [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ] {الأنبياء : 107 }.

2- قدرته على فَهم وقيادة قومه:

إضافة إلى الكفاءة التي تميّز بها طارقبن زياد كان كونه من البربر أدعى للقضاء على أيٍ من العوامل النفسية التي قد تختلج في نفوس البربريين الذين دخلوا الإسلام حديثًا، ومن ثَمّ يستطيع قيادة البربر جميعًا وتطويعهم للهدف الذي يصبو إليه، ثُمّ ولكونه بربريًا فهو قادر على فهم لغة قومه؛ إذ ليس كل البربر يتقنون الحديث بالعربية، وكان طارق بن زياد يجيد اللغتين العربية والبربرية بطلاقة، ولهذه الأسباب وغيرها رأى مُوسَى بن نُصَير أنه يصلح لقيادة الجيش فولّاه إياه.

رابعا: فتح جزر البليار وضمها إلى أملاك المسلمين

من أهمّ الوسائل التي قام بها مُوسَى بن نُصَير تمهيدًا لفتح الأندلس وتأمينًا لظهره كما عهدناه، قام بفتح جزر البليار التي ذكرناها سابقًا وضمها إلى أملاك المسلمين، وبهذا يكون قد أمّن ظهره من جهة الشرق، وهذا العمل يدل على حنكته وحكمته وبراعته في التخطيط والقيادة ومع هذا كلّه فقد أُغفل دوره في التاريخ الإسلامي كثيرًا.










الأعلى رد مع اقتباس
قديم 18 Sep 2012, 01:57 PM [ 9 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: تاريخ دولة الأندلس الإسلامية


مشكلة "سَبْتَة" والعناية الإلهية:

استطاع مُوسَى بن نُصَير أن يتغلب على قلّة عدد الجيش من خلال البربر أنفسِهم، كذلك تغلب على العقبة المتمثلة في قلة السفن نسبيًا ببناء موانئ وسفن جديدة، وبقيت أرض الأندلس كما هي أرضًا مجهولة له، وكذلك ظلت مشكلة ميناء "سَبْتَة" قائمة لم تُحلّ بعد، وهي -كما ذكرنا - ميناء حصين جدًا يحكمه النصراني "يُليان"، وقد استنفد موسى بن نصير جهده وطاقته وفعل كل ما في وسعه ولم يجد حلًا لهاتين المشكلتين، وهنا فقط كان لا بدّ للأمر الإلهي والتدبير الرباني أن يتدخل: [إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ] {الحج:38}. [وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى] {الأنفال:17}. وهذا ما حدث بالفعل وتجسّد في فعل "يُليان" صاحب "سَبْتَة" وكان على النحو التالي:

- فكّر "يُليان" جدّيًا في الأمر من حوله، وكيف أن الأرض بدأت تضيق عليه وتتآكل من قِبَل المسلمين الذين يزدادون قوة يومًا بعد يوم، وإلى متى سيظل صامدًا أمامهم إن هم أتوا إليه؟

- كان "يُليان" مع ذلك يحمل الحقد الدفين على لُذريق حاكم الأندلس ذلك الذي قتل غَيْطَشة صاحبه الأول، وقد كان بينهما علاقات طيبة، حتى إن أولاد غيطشة من بعده استنجدوا بيُليان هذا ليساعدهم في حرب لُذريق، ولكن هيهات فلا طاقة لـ ( يُليان ) بـ ( لُذريق ) ولا طاقة لأولاد غيطشة أيضًا به، ومن هنا فكان ثمة عداءٍ متأصلٍ بين صاحب "سَبْتَة" وحاكم الأندلس؛ ومن ثَمّ فإلى أين سيفرّ "يُليان" إن استولى المسلمون على ميناء "سَبْتَة"؟

- الأمر الأخير الذي دار في خلد "يُليان" هو أن أولاد غيطشة القريبين منه كان لهم من الضياع الضخمة في الأندلس الكثير والتي صادرها وأخذها منهم لُذريق قاتل أبيهم، وكان "يُليان" يريد أن يستردّها لهم، وكان "لُذريق" أيضًا قد فرض على شعبه الضرائب الباهظة وأذاقهم الأمرّين؛ فعاشوا في فقر وبؤس شديد بينما هو في النعيم والمُلك يتصرف فيه كما يحلو له؛ ومن هنا كان شعبه يكرهه ويتمنى الخلاص منه.

ومن تدبير ربّ العالمين أن اختمرت هذه الأفكار جيدًا في عقل "يُليان" - ومُوسَى بن نُصَير آنذاك كان قد استنفد جهده وتحيّر في أمره - وإذا بيُليان يُرسل إلى طارق بن زياد والي طنجة (على بعد عدة كيلو مترات من ميناء "سَبْتَة") برسل من قِبَله يعرض عليه عرضًا للتفاوض، أما تدبير العناية الإلهية والمفاجأة الحقيقية فكانت في بنود هذا العرض وهذا الطلب العجيب الذي نصّ على ما يلي:

1- نسلّمُك ميناء "سَبْتَة". وكانت تلك معضلة حار المسلمون أعوامًا في الاهتداء إلى حلٍ لها؛ حيث كانت فوق مقدرتهم.

2- نَمدُّك ببعض السفن التي تساعدك في عبور المضيق - والذي سُمي بعد ذلك بمضيق جبل طارق - إلى الأندلس. وكأنّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يقول: سأتمّ ما لم يستطع المسلمون إتمامه ووقفتْ عنده قدراتُهم، حتى ولو كان ذلك من قِبَل أعدائهم، وقد علمنا مدى احتياج مُوسَى بن نُصَير لهذه السفن.

3- نمدُّك بالمعلومات الكافية عن أرض الأندلس.

أما المقابل فهو: ضيعات وأملاك غَيْطَشَة التي صادرها لُذريق. وكان لغَيْطَشَة ثلاث آلاف ضيعة (ضيعة تعني عقَارُ وأرضٌ مُغِلَّةُ)، وكانت ملكًا لأولاده من بعده، فأخذها منهم لُذريق وصادرها.

ما أجمل العرض وأحسن الطلب:

وبهذا العرض فقد أراد "يُليان" صاحب "سَبْتَة" أن يتنازل للمسلمين عن "سَبْتَة" ويساعدهم في الوصول إلى الأندلس، ثم حين يحكمها المسلمون يسمع "يُليان" ويطيع، على أن يردّ المسلمون بعد ذلك ضيعات وأملاك غَيْطَشَة، فما أجمل العرض وما أحسن الطلب! وما أعظم السلعة وما أهون الثمن!

إن المسلمين لم يفكروا يومًا في مغنم أو ثروة أو مالٍ حال فتوحاتهم البلاد، ولم يرغبوا يومًا في دنيا يملكها "غيطشة" أو "يُليان" أو "لُذريق" أوغيرهم، فقد كان هدفهم تعليم الناس الإسلام وتعبيدهم لربِّ العباد سبحانه وتعالى، فإذا دخل الناس في الإسلام كان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، بل لو لم يدخلوا في الإسلام وأرادوا دفع الجزية فحينئذٍ يُترك لهم كل ما يملكون، وسنتحدث عن الجزية في الإسلام بعد قليل.

ومن هنا كان الثمن هينًا جدًا والعرض غاية الآمال، فبعث طارق بن زياد إلى "مُوسَى بن نُصَير" وكان في القيروان عاصمة الشمال الإفريقي آنذاك (وهي في تونس الآن) يخبره هذا الخبر، فسُرَّ سرورًا عظيمًا، ثم بعث "مُوسَى بن نُصَير" بدوره إلى الخليفة الأموي "الوليد بن عبد الملك" يطلعه أيضًا الخبر ويستأذنه في فتح الأندلس.

وهنا أذن له "الوليد بن عبد الملك" إلا أنه شرط عليه شرطًا كان قد فكّر فيه قبل ذلك "مُوسَى بن نُصَير" نفسُه، وهو: ألا تدخل بلاد الأندلس حتى تختبرها بسرية من المسلمين، فما يدريك أن المعلومات التي سيقدّمها لك "يُليان" عن الأندلس ستكون صحيحة؟ ومن يضمن لك ألا يخون "يُليان" عهده معك أو يتفق من ورائك مع لُذريق أو مع غيره؟

سَرِيّةُ طَرِيف بن مَالِك أول سَرِيّةٍ للمسلمين إلى الأندلس:

جهّز موسى بن نصير بالفعل سريةً من خمسمائة رجل وجعل على رأسهم طَريف بن مالك- أو ملوك كما جاء في روايات أخرى -وكان طريف أيضا من البربر كما كان القائد طارق بن زياد، وهذه مزيّة تفرد بها الإسلام كما ذكرتُ، خاصّة وأن طريف من البربر حديثي العهد بالإسلام وهو الآن وبعد أن كان يحارب الإسلام صار قائدًا مدافعًا عن الإسلام وينشره في ربوع الأرض، سار طريف بن مالك من المغرب على رأس خمسمائة من المسلمين صوب الأندلس، وقد وصلها في رمضان سنة 91 هـ= يوليو 710 م، وقام بمهمته على أكمل وجه في دراسته لمنطقة الأندلس الجنوبية والتي سينزل بها الجيش الإسلامي بعد ذلك، * وعرفت هذه الجزيرة فيما بعد باسم هذا القائد فسُميّت جزيرة طريف ثم عاد بعد انتهائه منها إلى مُوسَى بن نُصَير وشرح له ما رآه، وفي أناةٍ شديدةٍ وعملٍ دءوبٍ ظلَّ مُوسَى بن نُصَير بعد عودة "طريف بن مالك" عامًا كاملًا يجهّز الجيش ويعدّ العدّة، حتى جهّزَ في هذه السنة سبعةَ آلافِ مقاتلٍ، وبدأ بهم الفتح الإسلامي للأندلس رغم الأعداد الضخمة لقواتِ النصارى هناك.










الأعلى رد مع اقتباس
قديم 18 Sep 2012, 01:58 PM [ 10 ]


تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34238
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التمرد ... & ... التناحة
مواضيع : 743
الردود : 18700
مجموع المشاركات : 19,443
معدل التقييم : 2011شيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond reputeشيهانة المرقاب has a reputation beyond repute

شيهانة المرقاب غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 12
المشاركة في الاحتفالية السنوية

يوميات الأعضاء

المشرفة المتميزة

المشرفة المميزة

دقة الملاحظة

وسام المسابقات والفعاليات

المشاركة في احتفال المنتدى

وسام أفضل تقديم للسفرة

وسام المسابقات والفعاليات

العضو المميز


رد: تاريخ دولة الأندلس الإسلامية


الصدام الأول وبدايات الفتح الإسلامي للأندلس:

في شعبان من سنة 92 هـ= يونية 711 م تحرّك هذا الجيش المكون من سبعة آلاف فقط من جنود الإسلام، وعلى رأسه القائد طارق بن زياد...

يقول ابن الكردبوس: "وكان موسى بن نصير حين أنفذ طارقًا مكبًّا على الدعاء والبكاء والتضرّع لله تعالى والابتهال إليه في أن ينصر جيش المسلمين..."


تحرّك هذا الجيش وعبر مضيق جبل طارق، والذي ما سُمّي بهذا الاسم (مضيق جبل طارق) إلا في هذا الوقت؛ وذلك لأن طارق بن زياد حين عبر المضيق نزل عند هذا الجبل، وقد ظلّ إلى الآن حتى في اللغة الإسبانية يسمى جبل طارق ومضيق جبل طارق، ومن جبل طارق انتقل طارق بن زياد إلى منطقة واسعة تسمى الجزيرة الخضراء، وهناك قابل الجيش الجنوبي للأندلس، وهو حامية جيش النصارى في هذه المنطقة فلم تكن قوة كبيرة، وكعادة الفاتحين المسلمين فقد عرض طارق بن زياد عليهم: الدخول في الإسلام ويكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ويتركهم وأملاكهم، أو يدفعون الجزية ويترك لهم أيضا ما في أيديهم، أو القتال، ولا يؤخرهم إلا ثلاث، لكن تلك الحامية أخذتها العزة وأبت إلا القتال، فكانت الحرب سجالًا بين الفريقين حتى انتصر عليهم طارق بن زياد، فأرسل زعيم تلك الحامية وكان اسمه ( تُدْمير ) رسالة عاجلة إلى لُذْرِيق وكان في طُلَيْطِلَة عاصمة الأندلس، يقول له فيها: أدركنا يا لُذريق؛ فإنه قد نزل علينا قوم لا ندري أهم من أهل الأرض أم من أهل السماء؟!

حقًا فهم أناس غرباء، فقد كان من المعروف عندهم أن الفاتح أو المحتلّ لبلد آخر إنما تقتصر مهمته على السلب والنهب لخيرات البلد، والذبح والقتل في كثير من الأحيان، أما أن يجدوا أناسًا يعرضون عليهم الدخول في دينهم ويتركون لهم كل شيء، أو أن يدفعوا لهم الجزية ويتركون لهم أيضا كل شيء بل ويحمونهم من الأعداء، فهذا ما لم يعهدوه من قبل في حياتهم بل ولا في تاريخهم كله، وفضلًا عن هذا فقد كانوا في قتالهم من المهرة الأكفّاء، وفي ليلهم من الرهبان المصلين، وقد أبدى قائد تلك الحميّة دهشته وعجبه الشديد من أمر هؤلاء المسلمين وتساءل في رسالته إلى لُذريق عن شأنهم: أهُم من أهل الأرض، أم هم من أهل السماء؟! وصدق وهو كذوب؛ فهم من جند الله ومن حزبه [أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ المُفْلِحُونَ] {المجادلة:22}.










الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

01:43 PM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com