|
|||||||||||||||||
على نهجه نسير وباخلاقه نقتدي
حاز نبينا وحبيبنا محمد ـ صل الله عليه وسلم ـ من الأخلاق أعلاها وأكملها. حُمِّل أعظم رسالة وكُلف بتبليغها، فحملها وبلغها، وأوذي في سبيلها فما وهنت عزيمته. وأما الأخلاق فمن ذا الذي يقدر على وصف خُلقه، وقد كان خلقه القرآن، كما قال الله تعالى: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (القلم:4)،* ومهما تكلم المتكلمون، ووصف الواصفون خُلقه ـ صل الله عليه وسلم ـ فلن يعطوه حقه، ولن يدركوا وصفه . والتواضع، وخفض الجناح، ولين الجانب، كانت أوصافا له ـ صل الله عليه وسلم ـ ، تخلَّق بها مع الكبير والصغير، والقريب والبعيد، امتثالا لأمر الله تعالى حين خاطبه بقوله سبحانه: { وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } (الحجر:88 )،* قال أهل التفسير: { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } أي: ألِن لهم جانبك، وفي ذلك كناية عن التواضع لهم والرفق بهم فكان ـ صل الله عليه وسلم ـ أكثر الناس تواضعا، وأخفضهم جناحا، وألينهم جانبا، وسيرته وحياته ـ صل الله عليه وسلم ـ مليئة بالمواقف والعبر في هذا الخلق العظيم . فأخبار تواضع الحبيب ـ صل الله عليه وسلم ـ كثيرة، وسيرته العطرة مليئة بها، وما حفظ عنه ـ صل الله عليه وسلم ـ أنه تكبر على أحد، أو فاخر بنفسه أو مكانته، وقد نال أعلى المنازل، وحظي عند ربه بأكبر المقامات، فهو صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والمقام المحمود، وأُسري به إلى السموات العلى حتى بلغ سدرة المنتهى، وبلغ مقاما لم يبلغه مخلوق قبله ولا بعده، وأنعم الله عليه بالمعجزات، وأيده بالآيات ... وما حكى شيئا من ذلك على وجه الفخر أو المدح لنفسه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولا تعالى به على الناس، بل كان التواضع صفته، وخفض الجناح سمته .. فكان إذا أخبر عن منزلته تلك يقرن إخباره بها بنفي الفخر ومن تواضعه ـ صل الله عليه وسلم ـ أنه كره أن يُفضل على الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ مع أنه خاتمهم وأفضلهم، فقال ـ صل الله عليه وسلم ـ ( لا ينبغي لعبد أن يقول: إنه خير من يونس بن متى ) ( البخاري ) . وكان ـ صل الله عليه وسلم ـ متواضعا في لباسه ومركبه، فيلبس ما تيسر من اللباس، ولا يأنف من ركوب البغال والحمير، ولو شاء ـ صل الله عليه وسلم ـ للبس الديباج والحرير، ولما ركب إلا أصيلات الخيل، كيف لا؟، وأغنياء الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يفدونه بأنفسهم وأموالهم، وقد منَّ الله عليه بالفتوح، وساق إليه أموال اليهود والمشركين، ولكن تواضعه ـ صل الله عليه وسلم ـ يأبى عليه أن يسير سيرة الملوك، أو يتزيا بزيي أهل الدنيا، وهو الذي اختار أن يكون عبدا رسولا. وكان ـ صل الله عليه وسلم ـ متواضعا مع أسرته وفي داخل بيته، يعمل أعمالا يأنف منها كثير من الرجال، وسئلت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ( ما كان النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ يصنع في البيت؟، قالت: كان يكون في مهنة أهله، فإذا سمع الأذان خرج ) ( البخاري ) وعن عروة ـ رضي الله عنه ـ قال : سأل رجل عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ( هل كان رسول الله ـ صل الله عليه وسلم ـ يعمل في بيته ؟، قالت : نعم . كان النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته )( أحمد ). وكان ـ صل الله عليه وسلم ـ متواضعا مع الناس، ومن شدة تواضعه أنه لا يُعرف من بين أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ، فلا يتميز عليهم بملبس أو مركب أو مجلس، كما هي عادة الكبراء والأغنياء، وإذا جاء الغريب ما عرفه من بينهم حتى يسأل عنه، كما روى أبو ذر وأبو هريرة ـ رضي الله عنهما ـ فقالا: ( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يجلس بين ظهري أصحابه، فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل .. ) ( أبو داود ). ومن تواضعه ـ صل الله عليه وسلم ـ أنه كان يكره أن يقوم الناس له كما هو شأن أهل الدنيا . قال أنس ـ رضي الله عنه ـ : ( ما كان شخص أحب إليهم رؤيةً من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك ) ( أحمد ) . ومن تواضعه ـ صل الله عليه وسلم ـ أنه يجيب دعوة من دعاه ولو كان فقيرا، ويقبل من الطعام ما كان يسيرا، ولا يشترط في ذلك، أو يغضب من دعوة يراها أقل من حقه، فكان ـ صل الله عليه وسلم ـ يقول (لو دعيت إلى ذراع أو كُرَاع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كُرَاع لقبلت ) ( البخاري ). و الكُراع من الدابة ما دون الكعب . وكان ـ صل الله عليه وسلم ـ لا يمل من ذوي الحاجات، بل يستمع إليهم، ويقضي حاجاتهم، فيجيب السائل، ويعلم الجاهل ، ويرشد التائه ، ويتصدق على الفقير، ولا يرد أحدا قصده في حاجة* وكان ـ صل الله عليه وسلم ـ لا ينزع يده ممن يصافحه* حتى ينزعها الذي يسلم عليه، ويزور الضعفاء والفقراء من المسلمين، ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم . ولما هابته الرجال فارتعدوا أمامه هَوَّن عليهم، وسكن من روعهم، وأزال ما في قلوبهم . روى أبو مسعود البدري ـ رضي الله عنه ـ: ( أن رجلا كلم النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ يوم الفتح فأخذته الرعدة، فقال النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ: هون عليك فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ) ( الحاكم )، والقديد هو اللحم المجفف في الشمس .* وفي المجامع الكبيرة التي قد تدفع النفس إلى نوع من الكبر والتميز على الناس، كان النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ لا يزداد فيها إلا تواضعا إلى تواضعه . وأعظم جمع حضره في حياته، وخطب الناس فيه كان يوم عرفة، وقد توجهت إليه جموع الحجيج، ومع ذلك برز للناس على ناقته بكل تواضع وذل لله ـ عز وجل ـ .* ومواقف النصر والفتوح تستبد بالقادة والفاتحين، وتستولي على نفوسهم، فيكون فيها فخرهم وعلوهم، ولا يقدر على التواضع فيها إلا أقل الرجال، وما حفظ عن النبي ـ صل الله عليه وسلم - رغم كثرة فتوحاته وانتصاراته، أنه تعالى أو اغتر بنصر، ولا استبد به فتح، بل ازداد تواضعا إلى تواضعه .* ويوم الفتح الأكبر حين دخل مكة منصورا مؤزرا، دخلها وقد طأطأ رأسه تواضعا لله تعالى، حتى إن رأسه ليمس رحله من شدة طأطأته . ومع علو منزلته ـ صل الله عليه وسلم ـ في الدنيا والآخرة كان يقول: ( لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا :* عبد الله ورسوله ) ( البخاري )، والإطراء هو مجاوزة الحد في المدح .. هكذا كان تواضع الحبيب ـ صل الله عليه وسلم ـ، ولا يملك من يقرأ سيرته، ويطلع على أخلاقه إلا أن يمتلئ قلبه بمحبته، فالناس مفطورون على محبة المتواضعين وبغض المتكبرين .. ونبينا محمد ـ صل الله عليه وسلم ـ هو سيد الخلق، وخاتم الرسل، وأعلى الناس مكانة في الدنيا والآخرة، وهو أيضا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشد الناس تواضعا لله تعالى، فحري أن يملك القلوب، وحري بأتباعه أن يكونوا من المتواضعين، اتباعا لهديه، واقتداء بأخلاقه، وتمسكا بسنته ـ صل الله عليه وسلم ـ .. اللهم صل وسلم على نبيك محمد عليه افضل الصلوات واتم التسليم
|
26 May 2014, 03:36 AM | [ 2 ] | ||||||||
شاعر
|
رد: على نهجه نسير وباخلاقه نقتدي
صلى الله عليه وسلم الله يجــــزاك خير اختي ملاك |
||||||||
26 May 2014, 08:10 PM | [ 3 ] | ||||||||
مؤسس شبكة الشدادين
|
رد: على نهجه نسير وباخلاقه نقتدي
ومن يستحق الاتباع والاقتداء سواه؟!! بأبي أنت وأمي يا رسول الله بورك أختي ملاك والله يحفظك ويرعاك |
||||||||
27 May 2014, 01:22 AM | [ 4 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضوة متميزة
|
رد: على نهجه نسير وباخلاقه نقتدي
جزاك الله خير |
||||||||||||||||||||||||||||
27 May 2014, 01:23 AM | [ 5 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضوة متميزة
|
رد: على نهجه نسير وباخلاقه نقتدي
جزاك الله خير |
||||||||||||||||||||||||||||
02 Jun 2014, 08:20 AM | [ 6 ] | ||||||||
|
رد: على نهجه نسير وباخلاقه نقتدي
بارك الله فيك وبورك في جهودك الطيب |
||||||||
11 Jun 2014, 05:49 AM | [ 7 ] | ||||||||
عضوة متميزة
|
رد: على نهجه نسير وباخلاقه نقتدي
جزاكم الله جنة عرض السموات والارض والله يعطيكم العافيه |
||||||||
18 Feb 2015, 01:28 PM | [ 8 ] | |||||||
<img border=
|
رد: على نهجه نسير وباخلاقه نقتدي
جزاك آلِلِه خيًرٍ آلِجزآء وَنفعّ بگْ،، عّلِى آلِطرٍح آلِقيًم وَجعّلِه فيً ميًزآن حسّنآتِگْ وَألِبسّگْ لِبآسّ آلِتِقوَى وَآلِغفرٍآن وَعّمرٍ آلِلِه قلِبگْ بآلِإيًمآن،، عّلِى طرٍحگْ آلِمحملِ بنفحآتِ إيًمآنيًة وَلآ حرٍمگْ آلآجرٍ تِحيًتِيً لِگْ |
|||||||
21 Feb 2015, 12:31 PM | [ 9 ] | ||||||||
|
رد: على نهجه نسير وباخلاقه نقتدي
عليه أفضل الصلاة والسلام
جزاك الله خير ملاك ولاعدمناك |
||||||||
28 Apr 2015, 02:17 AM | [ 10 ] | ||||||||
عضوة متميزة
|
رد: على نهجه نسير وباخلاقه نقتدي
اسأل الله العظيم أن يرزقكم الفردوس الأعلى من الجنان. وأن يثيبكم البارئ خير الثواب على ردكم الطيب دمتم برضى الرحمن |
||||||||