..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الإسلامية > المنتدى الاسلامي
 
أدوات الموضوع
إضافة رد
  [ 1 ]
قديم 31 Oct 2015, 04:58 PM

بنت النشامى غير متصل

تاريخ التسجيل : Jan 2012
رقم العضوية : 54016
الإقامة : saudi arabia
الهواية : الهدوء..
المشاركات : 90,309
معدل التقييم : 6692
الملف الشخصي للكاتب
إضافة تقييم
الرد على الموضوع
ارسال الموضوع لصديق
طباعه الموضوع
تبليغ عن الموضوع
بطلان حديث الرعد ملك ..



الحديث منكراً مرفوعاً على أحسن الأحوال
إن لم يكن باطلاً موضوعاً


الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...

فهذه دراسة حديثية نقدية لحديث (الرعد ملك) ، وقد أورده الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ، مع ما فيه من علل كثيرة ! وتكمن أهمية دراسته في كونه يرتبط بتفسير أية قرآنية من جهة ، وتفسير ظاهرة كونية حسية من جهة أخرى ، مما يقتضي دراسته دراسة حديثية نقدية للوقوف على مدى صحة الحديث ، وهل يثبت مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ ليصح الاستشهاد به في تأويل الآية القرآنية ، إذ التأويل فرع التصحيح .


وقد قام الباحث بترتيب البحث على النحو التالي :

1- المبحث الأول :
تخريج الحديث ودراسة إسناده والحكم عليه .
2- المبحث الثاني :
بيان علة الحديث الإسنادية.
3- المبحث الثالث :
دراسة متابعاته وشواهده .
4- المبحث الرابع :
في بيان معارضة لفظه ظاهر القرآن والحديث الصحيح ولغة العرب .
5- نتيجة البحث .


حديث: ((الرعد ملك)) :

الحديث رواه عبد الله بن الوليد، عن بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أقبلت يهود إلى النبي e فقالوا: يا أبا القاسم، نسألك عن أشياء، فإن أجبتنا فيها اتبعناك وصدقناك وآمنا بك. قال: فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذا قالوا: )الله على ما نقول وكيل([1]. قالوا: أخبرنا عن علامة النبي؟ قال: ((تنام عيناه لا ينام قلبه)).
قالوا: وأخبرنا كيف تُؤْنِثُ المرأةُ، وكيف يُذْكِر الرجلُ قال: ((يلتقي الماءان فإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أَنَثَتْ، وإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أَذْكَرَتْ)).
قالوا: صدقت! قالوا: فأخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: ((ملك من الملائكة، موكل بالسحاب معه مخاريق [2]من نار، يسوق بها السحاب، حيث شاء الله))
قالوا: فما هذا الصوت الذي يُسمع؟ قال: ((زجره بالسحاب، إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أُمر)).
قالوا: صدقت! قالوا: أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه؟ قال: ((كان يسكن البدو، فاشتكى عِرْق النّسَا، فلم يجد شيئا يلائمه إلا لحوم الإبل وألبانها، فلذلك حرّمها))
قالوا: صدقت! قالوا: أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة، فإنه ليس من نبي إلا يأتيه ملك من الملائكة من عند ربه، بالرسالة وبالوحي فمن صاحبك فإنه إنما بقيت هذه حتى نتابعك؟ قال: ((هو جبريل))
قالوا: ذلك الذي ينـزل بالحرب وبالقتل ذاك عدونا من الملائكة لو قلت: ميكائيل الذي ينـزل بالقطر والرحمة تابعناك! فأنزل الله تعالى: )من كان عدواً لجبريل( إلى آخر الآية: )فإن الله عدو للكافرين( (البقرة: 97 – 98).


المبحث الأول :
تخريج الحديث ودراسة إسناده والحكم عليه:

تخريج الحديث [3]
1- رواه الترمذي من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين وقال (حسن غريب).
2- والنسائي من طريق أبي نعيم واللفظ له.
3- وأحمد في المسند عن أبي أحمد الزبيري.
4- والبخاري في التاريخ الكبيرعن أبي نعيم.
5- وأبو إسحاق الحربي في الغريب من طريق أبي أحمد.
6- وابن أبي حاتم في التفسير من طريق أبي أحمد.
7- والطبراني في المعجم الكبير من طريق أبي نعيم.
8- ومحمد بن إسحاق بن منده في التوحيد من طريق أبي أحمد وأبي نعيم، وقال (هذا إسناد متصل ورواته مشاهير ثقات).
9- وأبو الشيخ في العظمة من طريق أبي أحمد.
10- وأبو نعيم في الحلية من طريق أبي نعيم، وقال: (غريب من حديث سعيد تفرد به ابن بكير).
كلاهما أبو أحمد الزبيري وأبو نعيم الفضل بن دكين عن عبد الله بن الوليد به، وبعض الروايات مختصرة.
والحديث قال عنه الشوكاني[4]: "في إسناده مقال" .

وقال الشيخ الألباني في الصحيحة[5]: "قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث سعيد تفرد به بكير" قلت – أي الألباني-: وهو صدوق كما قال الذهبي في (الميزان) ولعل مستنده في ذلك قول أبي حاتم فيه: (شيخ)، مع ذكر ابن حبان لـه في (الثقات) وتصحيح من صحح حديثه هذا ممن ذكرنا، وأما الحافظ فقال في (التقريب): (مقبول) يعني عند المتابعة، ولم يتابع عليه كما صرح بذلك أبو نعيـم في قوله السابق، فالحديث في رأي الحافظ لين، والأرجح أنه صحيح كما ذهب إليه الجماعة ، لا سيما وقد ذكر له الحافظ شاهداً في (تخريج الكشاف) ص91 من رواية الطبراني في (الأوسط) عن أبي عمران الكوفي عن ابن جريج عن عطاء عن جابر: أن خزيمة بن ثابت – وليس الأنصاري – سأل النبي e عن الرعد؟ فقال: ((هو ملك بيده مخراق، إذا رفع برق ، وإذا زجر رعدت، وإذا ضرب صعّقـت)).
قلت – أي الألباني -: ولم يتكلم عليه الحافظ بشيء، وأبو عمران الكوفي لم أعرفه، وفي الرواة المعروفين بهذه الكنية إبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي الفقيه، ولكنه متقدم على هذا والله أعلم.

وقد روى الخرائطي في (مكارم الأخلاق) ص85 من طريق شهر بن حوشب عن ابن عباس قال: ((الرعد ملك يسوق السحاب كما يسوق الحادي الإبل بحدائه)).
وشهر ضعيف لسوء حفظه.
وجملة القول أن الحديث عندي حسن على أقل الدرجات.


وفي الباب آثار أخرى كثيرة أوردها السيوطي في (الدر المنثور) فليراجعها من شاء انتهى كلام الشيخ الألباني.

مناقشة الشيخ الألباني في تصحيحه للحديث :

قلت: وفي حكم الشيخ الألباني على إسناد هذا الحديث رحمه الله نظر للآتي:

1- أن بكير بن شهاب هذا مجهول الحال ، ولم يذكروا من الرواة عنه سوى عبد الله بن الوليد العجلي ومبارك بن سعيد الثوري، وليس له من الحديث إلا القليل، فليس له في مسند أحمد إلا هذا الحديث، ولم يخرج له من أصحاب الكتب الستة سوى الترمذي والنسائي في الكبرى، وليس له عندهما غير هذا الحديث الفرد، وقد قال عنه أبو حاتم [6]: "شيخ يمكن أن يكون كوفياً".

قال ابن أبي حاتم في مقدمته[7]: "وإذا قيل شيخ فهو بالمنـزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية".

ولا خلاف في أنها من أدنى مراتب التعديل، بل هي إلى التجريح أقرب[8]، وحديث أهل هذه الرتبة إنما ينظر فيه للاعتبار، ولهذا قال الحافظ ابن حجر عن بكير في التقريب[9]: (مقبول) وقاعدته أن المقبول إذا لم يتابع فهو (ليّن) كما ذكر ذلك في مقدمة تقريبه[10] في المرتبة السادسة، ولا يصل حديثه إلى درجة الحسن، بل يبقى في درجة الضعيف حتى يعتضد بالمتابع أو الشاهد.

وقد ذكره الذهبي في (الكاشف)[11] ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره في الميزان[12] فقال: (عراقي صدوق)، وإنما قال عنه ذلك في ترجمة بكير بن شهاب الدامغاني وهو منكر الحديث فأراد التمييز بينهما، ولم يكن بصدد تحقيق القول فيه.

وقد ذكر ابن حبان بكيراً في ثقاته[13] فقال: "بكير بن شهاب الكوفي، يروي عن سعيد بن جبير، روى عنه مبارك بن سعيد الثوري" ولا تعارض بين حكم أبي حاتم عليه بأنه (شيخ) وذكر ابن حبان له في ثقاته، إذ ذكر في كتابه (الثقات) كثيراً من المجاهيل وممن نص هو على عدم معرفته بهم، وإنما شرطه أن يذكر في كتابه كل من لم يُعرف بجرح من رواة الأحاديث، قال المحقق عبد الرحمن المعلمي عن ابن حبان وثقاته: "والتحقيق أن توثيقه على درجات: الأولى أن يصرح به كأن يقول: "كان متقناً" أو "مستقيم الحديث" أو نحو ذلك.


الثانية: أن يكون من شيوخه الذين جالسهم وخبرهم.

الثالثة: أن يكون من المعروفين بكثرة الحديث بحيث يعلم أن ابن حبان وقف له على أحاديث كثيرة.

الرابعة: أن يظهر من سياق كلامه أنه قد عرف ذلك الرجل معرفة جيدة.

الخامسة: ما دون ذلك.

فالأولى لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم، والثانية قريب منها، والثالثة مقبولة، والرابعة صالحة، والخامسة لا يؤمن فيها الخلل".[14]
وهذا تفصيل حسن من المعلمي رحمه الله، وبكير بن شهاب من الخامسة على هذا التقسيم فلم يزد ابن حبان على ما ذكره البخاري وابن أبي حاتم عنه، فلم يعرف عنه إلاّ ما عرفا، بل قال عنه أبو حاتم: (شيخ) وهذا تليين منه لبكير بن شهاب وقوله أولى من قول ابن حبان على فرض أنه يعارضه، والحق أنه لا تعارض بين القولين، ولهذا قال الحافظ ابن حجر عنه: (مقبول) أي حيث يتابع، وإلا (فليّن) كما نص عليه في مقدمة تقريبه، قال الشيخ أبو غدّة: "لفظة (شيخ) في وصف الراوي عنوان تليين لا تمتين". [15]

وأما قول الذهبي عنه في الميزان: (عراقي صدوق) لعله أراد الصدق في نفسه لا الصدوق بالمعنى الاصطلاحي، ففي تلك إثبات العدالة دون الضبط غير أن إطلاقه قد يرجح أنه أراد المعنى الثاني ، والصواب سكوته عنه كما في الكاشف.

وأما الترمذي فقال بعد أن روى هذا الحديث: (حسن غريب) وكذا هو في عارضة الأحوذي[16]، وهو تحفة الأشراف للحافظ المزي[17]، وكذا نقله ابن كثير في تفسيره[18] في تفسير قوله تعالى: )كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل([19] وذكره أحمد شاكر في تحقيق المسند[20] نقلاً عن ابن كثير ، ولم يتعقبه بشيء مع عنايته بالترمذي ، وكذا قال ابن كثير في جامع المسانيد[21] .

كل هذا يرجح أن حكم الترمذي على هذا الحديث هو: (حسن غريب)، هكذا ضبطه الحافظان المزي وابن كثير، لا كما نقله الشيخ الألباني عن الترمذي أنه حكم على الحديث بأنه : ( حسن صحيح غريب ) .

ومصطلح ( حسن ) يطلقه الترمذي على (كل حديث يُروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذاً، ويروى من غير وجه نحو ذاك) كما نص عليه في العلل آخر الجامع[22]. فإذا كان الحسن عنده كذلك فالحسن الغريب أشد ضعفا ، إذ مع ضعفه فإسناده غريب من هذا الوجه ، إذ تفرد به بكير عن سعيد، وإنما يستحسن لطرق أخرى .


الخلاصة:

أن بكير بن شهاب الكوفي (لين الحديث) عند ابن أبي حاتم حيث قال عنه (شيخ)، وعند الحافظ ابن حجر حيث قال عنه (مقبول) ، وهو من الدرجة الخامسة في ثقات ابن حبان على ما توصل إليه المعلمي رحمه الله تعالى، وهي التي يقول عنها الشيخ الألباني في حاشية التنكيل[23]: "قلت: هذا تفصيل دقيق يدل على معرفة المؤلف رحمه الله تعالى وتمكنه من علم الجرح والتعديل...
غير أنه قد ثبت لدي بالممارسة أن من كان منهم من الدرجة الخامسة فهو على الغالب مجهول لا يعرف ..الخ".

وليس في تحسين الترمذي للحديث أو تصحيحه – إن ثبت – ما يدل على توثيقه للراوي، إذ أنه يحسن الحديث أو يصححه بمتابعاته وشواهده، فالصحيح أن إسناد هذا الحديث لا يصل إلى درجة الحسن فضلاً عن أن يصل إلى درجة الصحيح ، بل هو إسناد (ليّن) للين ٍ في راويه ، كما حكم عليه أبو حاتم والحافظ ابن حجر.


2- ثم على فرض صحة قول الذهبي عنه في الميزان (صدوق) وأنه أراد المعنى الاصطلاحي فقد قرر القاعدة المعروفة في تفرد الصدوق حيث قال في الميزان: "وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكراً" [24] بل إن الأئمة كأحمد وغيره يرون تفرد الثقة بالخبر – إذا لم يكن من الحفاظ الأثبات – سبباً يوجب التوقف في قبوله حتى يتابع عليه وربما ردّوه بأنه (منكر)[25].

هذا ولا ريب بأن بكير بن شهاب العراقي هذا إن كان صدوقاً عند الذهبي فهو في أدنى درجات هذه المرتبة عند الذهبي فمن باب أولى ردّ ما تفرد به.

وقد قال الترمذي عن حديث بكير هذا: ( حسن غريب) أي من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وقال أبو نعيم: "غريب من حديث سعيد تفرد به بكير".

ولا شك بأن تفرد هذا الشيخ الذي لا يكاد يعرف بهذا الخبر عن سعيد بن جبير مع إمامته، وحفظ الناس لحديثه، وعنايتهم به: موجب للتوقف في قبول خبره – إن لم يقض عليه بأنه (منكر) – حتى يتابع على روايته من حديث سعيد بن جبير، أما أن يتفرد بكير عن سعيد، ثم يتفرد به عن بكير: عبد الله بن الوليد العجلي، وقد قال عنه ابن المديني: "عبد الله بن الوليد الذي كان يكون في بني عجل روى عنه أبو نعيم مجهول لا أعرفه".[26]

وقال عنه أبو حاتم: "صالح الحديث" كما في الجرح والتعديل[27]، واعتمد قوله الذهبي في الكاشف[28]، وقد قال في الميزان[29]: "صالح الحديث أو يكتب حديثه أو هو شيخ، هذا وشبهه يدل على عدم الضعف المطلق" فهي من أدنى درجات التعديل وذهب الشيخ الألباني كما في الضعيفة[30] إلى أنها: "من ألفاظ التجريح لا التعديل عند أبي حاتم ... مثل قولهم (لين الحديث) يكتب حديثه للاعتبار والشواهد".

وقد وثق عبد الله بن الوليد: ابن معين والنسائي والعجلي وابن حبان كما في تهذيب الكمال[31] واعتمده الحافظ ابن حجر في التقريب.[32]

ويمكن الجمع بين القولين فيه بأن يقال: هو ثقة وليس بالقوي الثبت ولا يقال بأن من وثقوه عرفوا من حاله ما لم يعرفه ابن المديني، إذ ليس فيهم من عاصره أو أدركه وهو شيخ الفضل بن دكين وهذا من شيوخ ابن المديني ويحيى بن معين، ولهذا قال ابن المديني عنه: "كان يكون في بني عجل، روى عنه أبو نعيم مجهول لا أعرفه" وبعيد أن يخفى عليه كونه روى عنه جماعة من الأئمة مثل: عبد الله بن المبارك وابن عيينه وحماد بن أسامة وغيرهم، وقد ذكر ابن رجب أن ابن المديني له اصطلاحه في لفظة (مجهول) وله شرطه في رفع الجهالة.

قال ابن رجب: "وابن المديني يشترط أكثر من ذلك" أي في ارتفاع الجهالة ثم قال: "والظاهر أنه ينظر إلى اشتهار الرجل بين العلماء وكثرة حديثه ونحو ذلك لا ينظر إلى مجرد رواية الجماعة عنه"[33]

وقد وجه الحافظ ابن حجر قول ابن معين في يحيى بن المتوكل: "لا أعرفه" فقال الحافظ: "قول يحيى بن معين: لا أعرفه، أراد به جهالة عدالته لا جهالة عينه ، فلا يعترض عليه بكونه روى عنه جماعة ، فإن مجرد روايتهم عنه لا تستلزم معرفة حاله".[34]

والحاصل: أن قول ابن المديني عنه: (مجهول، لا أعرفه) وقول أبي حاتم عنه: (صالح الحديث) فيه غض من درجته عن درجة الثقة المطلق ، بل هو ثقة في أدنى درجات هذه المرتبة ، وهم الثقات الذين عناهم ابن الصلاح في قوله في مقدمته[35]: "فينظر في هذا الراوي المنفرد، فإن كان عدلاً حافظاً موثوقاً بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به، ولم يقدح الانفراد فيه، وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده به خارماً له، مزحزحاً له عن حيز الصحيح، ثم هو بعد ذلك بين مراتب متفاوته بحسب الحال فيه...الخ".

ولا شك أن عبد الله بن الوليد العجلي - المجهول عند ابن المديني - ليس معه من الضبط والإتقان – وإن كان ثقة – ما يحتمل له تفرده بهذا الإسناد عن بكير عن سعيد بن جبير ، فليس كل ثقة يقبل تفرده وإنما يقبل ذلك من الحافظ المتقن كما قال ابن الصلاح . [36] وقد قال يعقوب بن شيبة عن محمد بن سابق : ( كان شيخا صدوقا ثقة ، وليس ممن يوصف بالضبط للحديث ). [37]

وبناء على ما سبق ذكره من تفصيل القول في حال بكير بن شهاب وبيان تفرده عن سعيد، ومن تفصيل القول في حال عبد الله بن الوليد العجلي وتفرده عن بكير بن شهاب، نصل إلى أن الحديث بهذا الإسناد ضعيف لا يصل بأي حال من الأحوال إلى درجة الصحيح ، وإنما قد يصل إلى درجة الحسن مع تساهل كثير.


المبحث الثاني :
في بيان علل الحديث في إسناده ولفظه:

ثم على فرض أن إسناد هذا الحديث حسن فقد ظهرت علته:

قال البخاري في التاريخ الكبير بعد أن ذكر هذا الحديث في ترجمة بكير بن شهاب: "وقال الثوري عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله، قال أبو عبد الله (أي البخاري) حدثناه محمد بن يوسف وغير واحد عن سفيان".[38]

وقد رواه ابن جرير الطبري في تفسيره من طريق عبد الرزاق الصنعاني، ويحيى بن سعيد القطان ثنا سفيان الثوري عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: "أن إسرائيل أخذه عرق النسا، فكان يبيت بالليل له زقاء - يعني: صياح -قال: فجعل على نفسه لئن شفاه الله لا يأكله يعني: لحوم الإبل قال: فحرمه اليهود وتلا هذه الآية..". [39]

ورواه ابن جرير أيضاً من طريق الأعمش عن حبيب عن سعيد عن ابن عباس نحو رواية سفيان موقوفاً، وهذا جزء من حديث بكير عن سعيد، ولا شك في رجحان رواية حبيب بن أبي ثابت على رواية بكير.

فهو من الفقهاء الحفاظ الأثبات، وقد أخرج له الجماعة من حديثه عن سعيد ابن جبير كما في ترجمته[40] ، وقد صرح بالسماع عن سعيد بن جبير كما في رواية يحيى القطان عن الثوري عند ابن جرير الطبري.

ولا شك بأن مثله مقدم على عشرات ممن هم على شاكلة بكير بن شهاب، وروايته أرجح عند الاختلاف، ولهذا أوردها البخاري بعد رواية بكير المرفوعة وأعلها بها كما هو معلوم من طريقة البخاري وإشاراته في التاريخ الكبير، ولعله لهذا السبب أخرجها النسائي من السنن الصغرى، مع أنه خرجه في الكبرى التي أدخل فيها كثيراً من الحديث الضعيف والمعلول، وفي إشارة البخاري هذه دلالة على ثقوب نظره ونفوذ بصره، في علل الحديث.

وعليه فإن حديث بكير – على فرض حسن إسناده أو صحته وعدم نكارته – معلول برواية حبيب الموقوفة، وبها أعلّه البخاري.


تفرد بكير في لفظه من حديث ابن عباس :

ثم على فرض صحة رفع الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فإن بكيراً قد تفرد بهذا اللفظ في حديث ابن عباس وهو قوله: "قالوا: أخبرنا عن الرعد قال: الرعد ملك... الخ".

فقد رواه شهر بن حوشب عن ابن عباس دون هذه اللفظة.

قال الإمام أحمد في المسند[41]: "حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عبد الحميد حدثنا شهر قال ابن عباس: حضرت عصابة من اليهود نبي الله e يوماً فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبيّ، قال: سلوني عما شئتم، ولكن اجعلوا لي ذمة الله وما أخذ يعقوب عليه السلام على بنيه: لئن حدثتكم شيئاً عرفتموه لتتابعني على الإسلام، قالوا: فذلك لك، قال: فسلوني عما شئتم، قالوا: أخبرنا عن أربع خلال نسألك عنهن: أخبرنا أيّ الطعام حرّم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنـزل التوراة، وأخبرنا كيف ماء المرأة وماء الرجل؟ كيف يكون الذكر منه؟ وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم؟ ومن وليّه من الملائكة؟ قال: فعليكم عهد الله وميثاقه لئن أنا أخبرتكم لتتابعنّي؟ قال: فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق، قال: فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب عليه السلام مرض مرضاً شديداً وطال سقمه فنذر لله نذراً لئن شفاه الله تعالى من سقمه ليحرمنّ أحب الشراب إليه وأحبّ الطعام إليه وكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها؟ قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد عليهم، فأنشدكم بالله الذي لا إله إلاّ هو الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ، وأن ماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله، إن علا ماء الرجل على ماء المرأة كان ذكراً بإذن الله وإن علا ماء المرأة على ماء الرجل كان أنثى بإذن الله ؟ قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد عليهم، فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه ؟ قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد، قالوا: وأنت الآن فحدّثنا من وليّك من الملائكة ؟ فعندها نجامعك أو نفارقك، قال: فإن وليّي جبريل عليه السلام ولم يبعث الله نبياً قط إلا وهو وليّه. قالوا: فعندها نفارقك، لو كان وليّك سواه من الملائكة لتابعناك وصدّقناك! قال: فما يمنعكم من أن تصدقوه ؟ قالوا: إنه عدوّنا! قال: فعند ذلك قال الله عز وجل: )قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزّله على قلبك بإذن الله( إلى قوله عز وجل: )كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون( فعند ذلك )باؤوا بغضب على غضب ..( الآية.

وقال أحمد[42] حدثنا محمد بن بكّار حدثنا عبد الحميد بن بهرام حدثنا شهر عن ابن عباس بنحوه.

ورواه أحمد في المسند[43]، والطبراني في المعجم[44]، وابن جرير في تفسيره[45]، وابن سعد في الطبقات[46]، كلهم من طرق عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب. قال: قال ابن عباس ثم ذكره.

قال المحقق أحمد شاكر رحمه الله تعالى (إسناده صحيح).

ورواه ابن جرير في تفسيره[47] من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين المكي عن شهر بن حوشب: أن نفراً من اليهود فذكر نحوه مرسلاً. وهو في تهذيب السيرة لابن هشام[48] دون ذكر ابن عباس.

فالحديث محفوظ من رواية شهر بن حوشب وفيه كلام طويل كما في ترجمته في تهذيب الكمال[49]، وقد وثقه جماعة من الأئمة، وتكلم فيه جماعة، وممن وثقه أحمد وابن معين ويعقوب بن أبي شيبة ويعقوب بن سفيان ، وقدموا رواية عبد الحميد بن بهرام عنه على رواية من سواه ، وقد أخذ شهر عن ابن عباس القراءة، وقد أوجز فيه الحافظ ابن حجر القول في التقريب[50] فقال: "صدوق كثير الإرسال والأوهام".

وفي حديث شهر هذا عن ابن عباس أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربعة أشياء فقط وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث (نسألك عن أربع)، لا عن خمسة كما في حديث بكير بن سعيد، وليس فيها السؤال عن الرعد.

فكما تفرد بكير في إسناده عن سعيد ولم يتابع عليه، فكذلك تفرد بهذا اللفظ في متنه من حديث ابن عباس ولم يتابع عليه!!


المبحث الثالث :
في دراسة متابعات الحديث وشواهده :

- ثم وجدنا شهر بن حوشب يروي نحو هذه الزيادة التي تفرد بها بكير، غير أنه يرويها من كلام ابن عباس موقوفاً عليه.

فقد روى أحمد كما في مسائل صالح[51] عن عفان بن مسلم عن عوانة عن موسى بن المسيب البزاز عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال: ((الرعد ملك يسوق السحاب كما يسوق الحادي الإبل بحدائه)).

ورواه الخرائطي عن صالح بن أحمد به. [52]

وكذا رواه أبو نعيم من طريق صالح به[53]، ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره[54] من طريق عفان بن مسلم به نحوه وزاد (يسوق السحاب بالتسبيح).


وتابع موسى على روايته عن شهر كل من :

(أ) حرب بن شداد:

رواه أبو الشيخ الأصبهاني[55] عن أحمد بن محمد بن أسيد ثنا الحسين بن عبد المؤمن ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ثني حرب بن شداد سمعت شهر بن حوشب – رحمه الله تعالى – يقول: "الرعد ملك موكل بالسحاب، يسوقه كما يسوق الحادي الإبل، فإذا خالفت سحابة صاح بها، فإذا اشتد غضبه تناثرت من فيه النيران وهي الصواعق الذي رأيتم" هكذا موقوفاً على شهر بن حوشب من قوله.

(ب) حميد بن يزيد أبي الخطاب البصري:

رواه الطبري في تفسيره[56] عن نصر بن عبد الرحمن الأزدي ثنا محمد بن يعلى عن أبي الخطاب البصري عن شهر بن حوشب بمثل حديث حرب موقوفاً على شهر بن حوشب.

وتابع شهر بن حوشب على روايته عن ابن عباس موقوفاً عليه من قوله كل من:

1- الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال: "الرعد ملك من الملائكة اسمه الرعد. وهو الذي تسمعون صوته" وفي رواية: "البرق سوط من نور يزجي[57] به الملك السحاب".

رواه الطبري[58]، والضحاك ثقة، أخذ التفسير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ولم يسمعه من ابن عباس. [59]

وروى أبو الشيخ من طريقه: "البرق ملك يترايا".[60]

2- أبي مالك غزوان الغفاري عن ابن عباس قال: "الرعد ملك يزجر[61] السحاب بالتسبيح والتكبير" وفي رواية: "البرق مخاريق بأيدي الملائكة يزجرون بها السحاب" رواه الطبري[62] وأبوالشيخ [63].

3- مجاهد بن جبر عن ابن عباس قال: "الرعد اسم ملك، وصوته هذا تسبيحه، فإذا اشتد زجره السحاب اضطرب السحاب واحتك فتخر الصواعق من بينه" وفي رواية: "البرق ملك".

رواه ابن جرير في تفسيره[64] من رواية علي بن عاصم عن ابن جريج عن مجاهد به.
وخالفه حجاج بن محمد فرواه عن ابن جريج عن مجاهد قوله. كما عند الطبري.[65]
وحجاج من أثبت الناس في حديث ابن جريج[66] بينما علي بن عاصم متكلم في حفظه وضبطه.[67]
وقد رواه عن مجاهد قوله موقوفاً عليه جماعة من الأئمة منهم:

أ- شعبة بن الحجاج عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد، كما عند الطبري[68] وأبي نعيم في الحلية[69].

ب- الثوري عن عثمان بن الأسود عن مجاهد، كما عند الطبري.[70]

ج- ليث عن مجاهد، كما عند الطبري.[71]
فالصحيح أنه من قول مجاهد ووهم من رواه عنه عن ابن عباس.

4- عكرمة: رواه البخاري في الأدب المفرد[72] وابن جرير[73] وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الأدب. [74]
والصحيح عن عكرمة قوله موقوفاً عليه كما عند الطبري. [75]

فهؤلاء أصحاب ابن عباس الذين أخذوا التفسير عنه، ليس فيهم من تابع بكير بن شهاب على روايته من حديث ابن عباس عن النبي
صلى الله عليه وسلم مرفوعاً.

وهذا الضحاك بن مزاحم وهو يروي التفسير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس يروي هذه الزيادة التي تفرد بها بكير عن سعيد عن ابن عباس عن النبي
صلى الله عليه وسلم، فيوقفها على ابن عباس من قوله...

ولا شك بأن رواية شهر بن حوشب لهذا الحديث عن ابن عباس عن النبي
صلى الله عليه وسلم في قصة اليهود الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربعة أمور ليس فيها السؤال عن الرعد ، ثم روايته لهذه اللفظة – التي زادها بكير في قصة اليهود مع النبي صلى الله عليه وسلم – منفصلة عن ابن عباس من قوله: دليل على تمييز شهر بين المرفوع والموقوف، وكشف بذلك عن وهم بكير بن شهاب على سعيد بن جبير حيث خلط بين الحديثين المرفوع والموقوف، وقد توبع شهر على وقف هذا اللفظ على ابن عباس من قوله ، حيث تابعه كل أصحاب ابن عباس الذين رووا هذا الحديث عنه، ولم أجد من تابع بكير بن شهاب على رفع هذه الزيادة في حديث ابن عباس.

وعليه: فالصحيح أن هذه الزيادة هي من كلام ابن عباس قوله، كذا رواها أصحاب ابن عباس، وأن رفعها وهم وغلط من بكير بن شهاب أو الراوي عنه عبد الله بن الوليد العجلي، وإن كان الأولى لزقها ببكير بن شهاب لما فيه من (لين).


دراسة شواهد الحديث :

وأما قول الشيخ الألباني رحمه الله: "والأرجح أنه صحيح كما ذهب إليه الجماعة، لا سيما وقد ذكر له الحافظ شاهداً في تخريج الكشاف، من رواية الطبراني في الأوسط عن أبي عمران الكوفي عن ابن جريج عن عطاء عن جابر أن خزيمة... الخ".

فجوابه أن هذا الشاهد الذي ذكره الحافظ:

رواه الطبراني في الأوسط[76] عن محمد بن يعقوب الأهوازي الخطيب ثنا محمد بن عبد الرحمن السلمي ثنا أبو عمران الحراني يوسف بن يعقوب ثنا ابن جريج عن عطاء به، ثم ساق خبراً طويلاً ثم قال الطبراني: "لم يروه عن ابن جريج إلا أبو عمران الحراني تفرد به محمد بن عبد الرحمن السلمي".

قال الذهبي في الميزان[77] في ترجمة يوسف بن يعقوب أبي عمران: "عن ابن جريج بخبر باطل طويل، وعنه إنسان مجهول واسمه محمد بن عبد الرحمن السلمي".

ولا يشك من نظر في هذا الخبر بأنه باطل كما قال الذهبي الذي لم يعرف أبي عمران إلا من رواية مجهول بهذا الخبر الباطل . وقد أقرّه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان[78].

ومثله لا يصلح بأي حال من الأحوال أن يكون شاهداً لزيادة بكير بن شهاب ، بل هي شهادة باطلة لزيادة منكرة.

فهذان هما الحديثان المرفوعان في هذا الباب: حديث ابن عباس وقد ثبت أن الزيادة فيه منكرة، وحديث خزيمة بن ثابت وهو خبر باطل كما قال الذهبي وأقره الحافظ ابن حجر.

ولم أقف على مرفوع غيرهما في هذا الموضوع.

وأما قول الشيخ الألباني بعد ذلك: " وجملة القول أن الحديث عندي حسن على أقل الدرجات، وفي الباب آثار أخرى كثيرة".

فالجواب هو: أنه ليس في الباب حديث مرفوع لا صحيح ولا حسن بل ولا ضعيف ، فزيادة بكير بن شهاب منكرة وحديث خزيمة باطل كما سبق بيانه ، فلا تنتهض بالآثار، خاصة والشيخ الألباني يرى أن الموقوف لا يصلح شاهداً للمرفوع إلا فيما لا مدخل للرأي فيه [79].

ويضاف أيضاً قيد آخر وهو أن لا يكون مما يحتمل أخذه عن بني إسرائيل.


دراسة الآثار الموقوفة على الصحابة في هذا الباب :

وقد رُوي هذا اللفظ عن أربعة من الصحابة رضي الله عنهم موقوفاً عليهم وهم:

1- عبد الله بن عباس: وقد روى عنه من عدة طرق لا تخلو من مقال غير أنها بمجموعها قد تصل إلى درجة الحسن لغيره وقد سبق ذكر هذه الطرق عنه.

2- علي بن أبي طالب: ورواه عنه:

أ - ربيعة بن الأبيض: رواه أحمد كما في مسائل ابنه صالح[80] عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن أشوع عن ربيعة بن الأبيض عن علي قال: "البرق مخاريق الملائكة".

وعن صالح: رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق[81].

ورواه وكيع في أخبار القضاة[82] من طريق يحيى القطان عن الثوري به.

وابن جرير الطبري في تفسيره[83] من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد وعبد الرحمن بن مهدي وأبي أحمد الزبيري كلهم عن الثوري به.

وابن أبي حاتم في التفسير[84] من طريق أبي نعيم عن الثوري به.

وأبو الشيخ في العظمة[85] من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان به.

والبيهقي في السنن[86] من طريق روح عن الثوري به.

وفيه علّتان : الأولى: اختلاف في إسناده:

فقد رواه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن سلمة بن كهيل عن رجل عن علي رضي الله عنه. كذا رواه أحمد كما في مسائل صالح[87] عن وكيع عن المسعودي به.

والمسعودي ثقة اختلط غير أن سماع وكيع منه قبل الاختلاط كما في ترجمته[88]. وقد رواه هاشم بن القاسم الحافظ [89] عن المسعودي عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن يزيد عن علي نحوه.

وهذا الاختلاف بين وكيع وهاشم في روايتهما عن المسعودي ، وكذا الاختلاف بين الثوري والمسعودي في روايتهما عن ابن كهيل ، هو من المسعودي نفسه فإن الرواة عنه حفاظ أثبات ، كما أن الثوري إمام حافظ ، بينما المسعودي متكلم فيه مع كونه ثقة .

ولذا رجح الدار قطني في العلل[90] رواية سفيان الثوري.

الثانية: أن في إسناده (ربيعة بن الأبيض) لم يذكره البخاري في التاريخ الكبير، ولا ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل مع كونه تابعياً كما يظهر من الإسناد، ولم يذكره سوى ابن حبان[91]، وقال محققه في الحاشية (لم نظفر به)، كأنه ليس له سوى هذا الأثر عن علي، قال محقق مسائل صالح: "إسناده ضعيف لأن الراوي عن علي مجهول" وقال أحمد شاكر في حاشية تفسير الطبري[92]: "لم أجد له ترجمة إلا في كتاب الثقات لابن حبان" وكذا قال محقق الجزء الأول من تفسير ابن أبي حاتم[93] ثم وجدته في ثقات العجلي[94] قال: "ربيعة بن أبيض كوفي تابعي ثقة" ولم أجد من نص على توثيقه غيره، ولم أجد من روى عنه سوى ابن أشوع ، ولم أقف له على رواية سوى هذا الأثر.

والعجلي معروف في تساهله في توثيق المجاهيل كابن حبان بل هو أكثر تساهلاً منه ،قال المحقق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي "توثيق العجلي وجدته بالاستقراء كتوثيق ابن حبان أو أوسع".[95]

ويظهر أن ربيعة بن أبيض من شيعة الكوفة، إذ لم أقف على من روى عنه سوى سعيد بن أشوع، وقد قال الجوزجاني عن سعيد هذا في أحوال الرجال[96]: (غال زائغ)، قال الذهبي: "يريد التشيع"[97]، وقال الذهبي عنه (صدوق مشهور).

فيظهر من حال ربيعة أنه من مجاهيل شيعة الكوفة لتفرد ابن أشوع – وهو كوفي شيعي غال - بالرواية عنه، ولا يُدرى هل يثبت سماعه من علي رضي الله عنه أم لا.

ب- أبو محمد الهاشمي عن أبيه:

رواه أحمد كما في مسائل صالح[98] عن عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن أبي محمد الهاشمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال: "الرعد ملك والبرق مخراق من حديد".

وعن صالح بن أحمد: رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق[99]، ورواه البيهقي في السنن[100] من طريق عبد الله بن أحمد عن أبيه عن ابن مهدي به.

قال البيهقي: (ورواه حسن بن موسى الأشيب عن حماد بن سلمة عن المغيرة ابن مسلم مولى الحسن بن علي عن أبيه أن علياً رضي الله عنه قال).

ورواه ابن جرير في تفسيره[101] من طريق حجاج بن منهال عن حماد عن المغيرة بن سالم عن أبيه أو غيره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال ..

قال محقق (مسائل صالح): "أبو محمد الهاشمي لم أجد له ترجمة".

وقالت محققة كتاب الخرائطي: "أبو محمد الهاشمي هو أسيد بن زيد الجمال".

وهو وهم فهذا الهاشمي شيخ لحماد بن سلمة بينما أسيد بن زيد من تلاميذ تلاميذ حماد بن سلمة فليس هو قطعاً الراوي لهذا الأثر ، ويظهر أن أبا محمد الهاشمي شيخ حماد هذا هو المغيرة بن مسلم أو سالم مولى الحسن بن علي بن أبي طالب.

فرواه ابن مهدي عن حماد وقال: "عن أبي محمد الهاشمي عن أبيه"، ورواه حسن بن موسى عن حماد وقال: "عن المغيرة بن مسلم مولى الحسن بن علي" ورواه حجاج بن منهال عن حماد وقال: "عن المغيرة بن سالم" فحفظ ابن مهدي كنيته وحفظ حسن وحجاج اسمه وهو هاشمي مولاهم.

ثم وجدت في ثقات ابن حبان[102]: "مغيرة بن مسلم أبو محمد الهاشمي مولى الحسن بن علي، يروي عن أبيه عن علي، روى عنه حماد بن سلمة".

وهذا هو صاحب هذا الأثر بلا شك ، وقال محقق ثقات ابن حبان عن مغيرة هذا: "لم نظفر به".

وأما والده مسلم مولى الحسن بن علي فقد ذكره ابن حبان في الثقات[103] في جملة ممن روى عن علي رضي الله عنه واسمه مسلم، وقال: "رووا هؤلاء عن علي بن أبي طالب إلا أني لست أعتمد عليهم ولا يعجبني الاحتجاج بهم لما كانوا فيه من المذهب الردي" فلم يرتضه ابن حبان مع تساهله، ثم إن حماداً شك في إسناده كما في رواية حجاج فقال: "عن أبيه أو غيره" وعلى كلٍ فالإسناد ضعيف لا تقوم به حجة لجهالةٍ في حال رواته، ولشك حماد في إسناده.

ج- بشير بن أبي ميمونة:

رواه أبو الشيخ في العظمة[104] من طريق أسباط بن نصر عن السدي عن بشير بن أبي ميمونة قال سمعت علياً رضي الله عنه سئل عن البرق، قال: "مخاريق من نار بأيدي ملائكة السحاب يزجرون به السحاب".

وقد ذكر البخاري بشير بن أبي ميمونة هذا[105]، وذكر حديثه هذا من رواية أسباط عن السدي.

وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل[106] ثم وجدت في لسان الميزان (2/37): "بشير بن زيد عن ابن عباس وعلي يرسل، وعنه حفص بن صبيح من رواية يحيى الحماني عن حفص قال أبو حاتم: ليس بالمشهور وذكره ابن حبان في الثقات وقال روى عنه السدي".

قلت: هكذا قال الحافظ ابن حجر! فكأنه يرى أن بشير بن زيد هو بشير بن أبي ميمونة مع أن البخاري وابن أبي حاتم فرّقا بينهما فقد ذكر البخاري بشير بن زيد[107] وقال: "بشير بن زيد رفعه إلى علي قوله، روى عنه حفص بن صبيح" وذكره ابن أبي حاتم[108]، وقال: "روى عن ابن عباس وعن علي مرسل روى عنه حفص بن صبيح من رواية يحيى الحماني عن حفص، سمعت أبي يقول: ليس بالمشهور".

ولا أدري ما حجة الحافظ ابن حجر في الجمع بينهما وعدهما راوياً واحداً اللهم إلا ما ذكره ابن حبان في ثقاته[109]، في ترجمة بشير بن زيد: (عن علي بن أبي طالب روى عنه السدي) وهكذا بشير بن أبي ميمونة روى عن علي وعنه السدي.

فإن كان ما ذكره الحافظ صحيحاً فالرواية مرسلة عن علي، ويكون ما جاء من تصريح بالسماع في رواية أسباط عن السدي: عن بشير قال: (سمعت) علياً وهما من أسباط بن نصر، فإنه متكلم في حفظه كما في ترجمته[110] وقد أوجز فيه الحافظ القول في التقريب[111] فقال: "صدوق كثير الخطأ يغرب" وقد يكون من السدي نفسه فقد قال عنه في التقريب[112]، "صدوق يهم" وإن كانا رجلين مختلفين كما عند البخاري وابن أبي حاتم فليس لبشير بن أبي ميمون ذكر في ثقات ابن حبان، ولم أجد من وثقه.

وعلى كل حال فحديث بشير عن علي منقطع إن كان هو ابن زيد، وإن كان غيره فهو مجهول، والحديث ضعيف على كلا الحالين، وقد قال الخليلي في الإرشاد[113] عن تفسير السدي : "رواه عنه أسباط ، وأسباط لم يتفقوا عليه".

فهذا كل ما وقفت عليه من طرق هذا الحديث عن علي رضي الله عنه موقوفاً عليه، وليس فيها إسناد قائم ، بل رواتها من مجاهيل شيعة الكوفة وضعفائهم، على أن الطرق إليهم ليست تصفو أيضاً ، وقد أشرنا إلى ما في بعضها من ضعف اختصاراً.

3- أبو هريرة رضي الله عنه:

قال السيوطي في الدر المنثور[114]: "وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال:

"البرق اصطفاق [115] البرد".

وقال: "وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه: "والرعد صوت الملك يزجر به السحاب ، والمخاريق يسوقها به".[116]

وقد رواه ابن أبي حاتم في التفسير[117] قال: حدثنا أبي ثنا سليمان بن حرب وأبو الربيع (هو الزهراني) قالا ثنا حماد بن زيد عن عبد الجليل عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة أنه سئل عن البرق، فقال: "اصطفاق البرد" وسيأتي بيان ما فيه من اضطراب شديد يوجب تضعيفه وردّه.

4- عبد الله بن عمرو بن العاص:

رواه أحمد كما في مسائل صالح[118] قال حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا عبد الجليل عن شهر قال: بينما الناس عند عبد الله بن عمرو يستفتونه فقال كعب: "هلك أخي، هكذا تكون الفتن، اذهب إليه فقل له: لا تكذبن على الله ! فإن غضب فدعه ، وإن لم يغضب فاسأله . فأتاه فقال له: يقول لك كعب: لا تكذبن على الله فقال: نصح لي أخي إنه من كذب على الله سود الله وجهه يوم القيامة.

قال: فإني أسألك عن الشمس والقمر، أفي السموات السبع هما ؟ أم في السماء الدنيا ؟ أم في الهواء؟ أم دون ذلك ؟

قال: بل هما في السموات السبع، ووجوههما إلى العرش وأقفيتهما إلى الأرض قال الله: (وجعل القمر فيهنّ نوراً وجعل الشمس سراجاً).

قال: فإنه يسألك عن الرعد مما هو؟ قال: ملك يزجر السحاب بالتسبيح كما يزجر الحادي الحثيث الإبل إذا شذت سحابة ضمها ، لو يفضي إلى الأرض صعق من يبصره.

قال: فإنه يسألك عن البرق ما هو؟ قال: هو من كذا وكذا من البرد.

قال عبد الملك: أحسبه قال: من اصطفاق البرد في السماء قال الله: (من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار).

قال: فإنه يسألك أين تلتقي أرواح أهل الجنة وأرواح أهل النار؟

قال: أما أرواح أهل الجنة فتلتقي بالجابية، وأما أرواح أهل النار فبحضرموت".

كذا في المطبوع، وأخشى أن فيه سقطاً أو تحريفاً، فإن سياق القصة يرجح كون المسئول هو كعب، وأن القائل: "لا تكذبن على الله" هو عبد الله بن عمرو وهذا هو اللائق.

وقد رواه ابن أبي حاتم في التفسير[119] حدثنا أبي ثنا أبو سلمة (موسى بن إسماعيل) ثنا حماد بن سلمة عن عبد الجليل عن شهر بن حوشب قال: قال عبد الله بن عمرو لرجل سل كعباً عن البرق، فقال كعب: البرق تصفيق الملك البرد، وحكى حماد بيده لو ظهر لأهل الأرض لصعقوا.

فهذه الرواية أشبه بالصواب.

وهذا الإسناد فيه عبد الجليل بن عطية قال عنه الحافظ في التقريب[120] "صدوق يهم" وشهر بن حوشب ، سبق الكلام فيه.

وقد قال السيوطي عن تفسير عبد الله بن عمرو أن فيه: "أشياء تتعلق بالقصص وأخبار الفتن والآخرة وما أشبهها بأن تكون مما تحمله عن أهل الكتاب".[121]

فهذا كل ما استطعت أن أقف عليه من الآثار الموقوفة في هذه المسألة، وأقواها أثر ابن عباس على ما في الطرق إليه من ضعف ، فإن رواية الضحاك بن مزاحم عنه منقطعة قال السيوطي: "وطريق الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس منقطعة ، فإن الضحاك لم يلقه ، فإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة عن أبي روق عنه فضعيفة لضعف بشر" [122]، وهي الرواية التي معنا.

ورواية غزوان الغفاري في إسنادها عبد الملك بن الحسين النخعي، ضعيف الحديث كما في ترجمته في الجرح والتعديل[123] وفيها السدي الكبير سبق الكلام عليه، ورواية مجاهد في إسنادها علي بن عاصم وقد تكلم الأئمة في حفظه قال فيه الحافظ في التقريب[124]: "صدوق يخطئ ويصرّ" وقد خالفه حجاج بن محمد فرواه عن ابن جريج عن مجاهد قوله[125] ومحمد بن حجاج أثبت في ابن جريج بلا خلاف[126]

وقد رواه شعبة بن الحجاج عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد قوله.

رواه أحمد كما في مسائل صالح[127] ، وابن جرير في تفسيره[128] وكذلك تابعهم على روايته عن مجاهد قوله:

الفضيل بن عياض عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد موقوفاً عليه.

رواه ابن جرير في تفسيره[129].

وتابعهم أيضاً الشافعي عن الثقة عن مجاهد نحوه.

رواه البيهقي في السنن[130].

ولم أجد من تابع علي بن عاصم على روايته عن ابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس بل عامة من رواه عن مجاهد وقفه عليه من قوله.

وقد روى ابن جرير في تفسيره[131] من طريق علي بن عاصم عن ابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس: "البرق ملك".

ورواه ابن جرير[132] عن محمد بن بشار عن ابن مهدي عن الثوري عن عثمان بن الأسود عن مجاهد قال: "البرق مصع [133] الملك" وهذا إسناد مسلسل بالأئمة الحفاظ الأثبات، يدل على وهم علي بن عاصم في إسناده ولفظه.

والصحيح أنه عن مجاهد بن جبر موقوفاً عليه من قوله.

وأما أثر عكرمة عن ابن عباس فقد ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الأدب المفرد كما سبق ذكره وهو كما قال.

وقد رواه جماعة عن عكرمة موقوفاً عليه من قوله.

كما عند أحمد في مسائل صالح[134] بإسناد صحيح ، وكذا عند ابن جرير الطبري في تفسيره[135]، والبيهقي في سننه[136]، من طرق عن عكرمة.

وأحسن هذه الطرق حالاً عن ابن عباس رواية موسى البزاز عن شهر بن حوشب عن ابن عباس رضي الله عنه. لولا أن حرب بن شداد وحميد بن يزيد أبا الخطاب البصري خالفاه في إسناده ووقفاه على شهر بن حوشب قوله.

وعلى كل فهذا الأثر ثابت عن التابعين عن مجاهد وعكرمة والسدي الكبير وأبي صالح وشهر بن حوشب كما في المصادر السابقة.

وأما عن الصحابة فالطرق إليهم ليست تصفو كما سبق تفصيله وأحسنها حالاً رواية ابن عباس مع ما فيها من ضعف واضطراب. ففي بعض الروايات عنه "البرق ملك" وفي بعضها "البرق مخاريق" وفي بعضها "البرق ماء".

وكذا اختلفت الروايات عنه في الرعد، ففي بعضها "الرعد ريح" وبعضها "الرعد ملك". ثم إن هذا الأثر يرويه عبد الجليل بن عطية عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة تارة، وتارة عن عبد الله بن عمرو، ثم وجدناه يرويه عن كعب الأحبار أيضاً.

فقد رواه ابن أبي حاتم في التفسير كما سبق عن أبيه عن موسى بن إسماعيل الحافظ عن حماد بن سلمة عن عبد الجليل عن شهر أن ابن عمر سأل كعباً.

ورواه أبو الشيخ الأصبهاني في العظمة[137] من طريق إبراهيم بن راشد حدثني أبو ربيعة ثنا حماد بن سلمة عن عبد الجليل بن عطية عن شهر بن حوشب قال: قال كعب الأحبار رحمه الله تعالى: "الرعد ملك يزجر السحاب زجر الراعي الحثيث الإبل فيضم ما شذ منه ، والبرق تصفيق الملك للبرق – وأشار حماد بيده – لو ظهر لأهل الأرض لصعقوا" وإبراهيم بن راشد هو الأدمي قال عنه الخطيب البغدادي في تاريخه[138]: "كان ثقة.. ومات سنة أربع وستين يعني ومائتين وكان قد بلغ الثمانين" وشيخه أبو ربيعة هو فهد بن عوف قال ابن حبان في المجروحين[139]: "يروي عن حماد بن سلمة روى عنه العراقيون كان ممن اختلط بأخرة فما حدث قبل اختلاطه فمستقيم..".

وذكره في ثقاته[140] فقال: "من أهل البصرة يروي عن شعبة والبصريين روى عنه أهلها مات سنة تسع عشرة ومائتين".

وذكره العجلي في الثقات[141] وقال: "لا بأس به كان من أروى الناس عن فضيل بن عياض".

وقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل[142] وأطال في ترجمته وذكر سبب طعنهم فيه، وأطال المعلمي في دفع التهمة عنه في التنكيل[143] ، وقال ابن عدي في الكامل[144]: "لم أر في حديثه منكراً لا يشبه حديث أهل الصدق".

ولا شك أن في ذكر ابن حبان له في ثقاته ثم ذكره في المجروحين وقصر سبب تضعيفه على اختلاطه وأن من روى عنه قبل الاختلاط فروايته مستقيمة: دفعاً لما اتهم به لما علم من حال ابن حبان إذ أنه شديد في جرح المعروفين فإذا وثقهم فتوثيقه حجة بخلاف توثيقه لغير المعروفين فلم يلتفت ابن حبان إلى الجرح المذكور في زيد بن عوف.

ورواية إبراهيم بن راشد عنه قبل تغيره واختلاطه كما يظهر من تاريخ وفاة كل منهما وسنه ، فقد كان لإبراهيم ست وثلاثون سنة عند وفاة شيخه ابن فهد الذي اختلط بأخرة ـ أي في آخر أيامه ـ وكلاهما بصري [145]، وقد ذكر الدار قطني في المؤتلف والمختلف[146] ابن عوف وقال: "حدث عنه أبو يحيى صاعقة وإبراهيم بن راشد وغيرهما" فذكر كبار أصحابه وأشهر الرواة عنه كما هي العادة في تراجم الرواة ، وبعيد أن يتأخر سماع إبراهيم من ابن عوف ، فالظاهر أنه سمع منه قبل وفاته بمدة طويلة تزيد على عشر سنين كما هي العادة الجارية آنذاك في طلب الحديث بعد البلوغ وسماعه من شيوخ البلد ثم الرحلة في طلبه ، وقد سمع ابن راشد من محمد بن سابق[147]. وهو كوفي توفي سنة ثلاث عشرة ومائتين [148]. أي قبل وفاة ابن فهد بست سنين . وكل ذلك يرجح أن سماع ابن راشد من ابن فهد قبل اختلاطه بأخرة .

وقد تابع أبا ربيعة: موسى بن إسماعيل عن حماد به كما سبق في رواية عبد الله بن عمرو.

وقد ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانوا يسألون كعب الأحبار خاصة عن عجائب المخلوقات، قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية[149] بعد أن ذكر خلق السموات والأرض وغيرها من طريق السدي الكبير عن أبي مالك غزوان الغفاري وأبي صالح عن ابن عباس: "هذا الإسناد يذكر به السدي أشياء كثيرة فيها غرابة وكان كثير منها متلقى من الإسرائيليات، فإن كعب الأحبار لما أسلم في زمن عمر كان يتحدث بين يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأشياء من علوم أهل الكتاب فيستمع له عمر تأليفاً له وتعجباً مما عنده مما يوافق كثير منه الحق الذي ورد به الشرع المطهر، فاستجاز كثير من الناس نقل ما يورده كعب الأحبار لهذا ولما جاء من الإذن في التحديث عن بني إسرائيل لكن كثيراً ما يقع فيما يرويه غلط كبير وخطأ كثير". انتهى كلام ابن كثير .

وقال نحو ذلك في حديث آخر عن أبي هريرة: رجح البخاري كونه عن كعب، فقال ابن كثير معللاً صنيع البخاري: "يعني أن هذا الحديث مما سمعه أبو هريرة وتلقاه من كعب الأحبار فإنهما كانا يصطحبان ويتجالسان للحديث فهذا يحدثه عن صحفه، وهذا يحدثه بما يصدقه عن النبي e فكان هذا الحديث مما تلقاه أبو هريرة عن كعب من صحفه فوهم بعض الرواة فجعله مرفوعاً إلى النبي e".[150]

وقال أيضاً في حديث من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص اختلف فيه على روايه رفعا ووقفاً فقال ابن كثير: "الموقوف على عبد الله بن عمرو بن العاص أشبه فإنه قد كان وجد يوم اليرموك زاملتين مملوءتين كتباً من علوم أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بأشياء كثيرة من الإسرائيليات منها المعروف والمشهور والمنكور والمردود". [151]

وقد كان ابن عباس يسأل كعب الأحبار عن عجائب المخلوقات، ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد كما في مسائل صالح[152] قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا أسامة بن زيد عن معاذ بن عبد الله بن خبيب قال رأيت ابن عباس على بغلة فسأل تبيعاً (هو ابن عامر الحميري) ابن امرأة كعب: هل سمعت كعباً يقول في السحاب شيئاً؟ قال: نعم سمعت كعباً يقول: السحاب غربال المطر، لولا السحاب أفسد المطر ما أصاب. فقال ابن عباس، صدقت قد سمعت كعباً يقول هذا".

ورواه أبو الشيخ في العظمة[153] من طريق أسامة بن زيد به نحو وفيه سؤاله عن الإنبات فقال تبيع بن عامر عن كعب "إن البذر ينـزل من السماء" قال ابن عباس رضي الله عنه: "وأنا قد سمعت ذلك من كعب".

وبناء عليه: لا يقال بأن قول الصحابي فيما لا مدخل للرأي فيه يكون حجة إذ لا بد من شرط آخر وهو أن لا يكون مما يحتمل أخذه عن بني إسرائيل وعامة ما أخذ عنهم هو في عجائب المخلوقات وأسرارها "وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني" كما قال ابن كثير في مقدمة تفسيره[154].


المبحث الرابع :
في بيان معارضة لفظ هذا الحديث ظاهر القرآن والحديث الصحيح ولغة العرب :

اختلف السلف في تفسير الرعد والبرق فقد قال ابن جرير الطبري في تفسيره[155] في آية سورة البقرة: )فيه ظلمات ورعد وبرق(: أما الرعد فإن أهل العلم اختلفوا فيه فقال بعضهم هو ملك يزجر السحاب.." ثم بعد أن ذكر أقوالهم أردف قائلاً: "وقال آخرون: إن الرعد ريح تختنق تحت السحاب، فتصاعد فيكون منه ذلك الصوت".

وكذا ذكر اختلافهم في المراد بالبرق[156] فمنهم من قال: هو مخاريق الملائكة يضربون بها السحاب، ومنهم من قال: هو الماء ، ومنهم من قال غير ذلك.

وروى ابن جرير[157] من طريق عبد الله بن إدريس عن الحسن بن الفرات عن أبيه قال كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد فقال: "الرعد الريح".

وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم من رواية ابن إدريس عن الحسن عن أبيه وإسناد ابن جرير إليه صحيح.

ورواه ابن جرير[158] بنفس الإسناد وفيه: "كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن البرق فقال: "البرق: ماء" .

وأبو الجلد هو جيلان بن فروة الجوني البصري ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل[159] وقال عنه: "صاحب كتب التوراة ونحوها" ونقل توثيق أحمد له.

وظاهر هذا الأثر أن ابن عباس كتب إلى أبي الجلد يسأله لعلمه بالتوراة .

ورواه ابن أبي حاتم في التفسير[160] من طريق ابن إدريس عن الحسن بن فرات عن أبيه عن أبي الجلد قال: "كتب إليه ابن عباس يسأله عن الرعد والبرق فكتب إليه: إن الرعد ريح، والبرق ماء" وهذا إسناد صحيح.

ورواه ابن جرير [161] عن ابن حميد عن جرير عن عطاء عن رجل من أهل البصرة من قرّائهم قال: كتب ابن عباس إلى أبي الجلد – رجل من هجر – يسأله عن البرق فكتب إليه: "كتبت إلي تسألني عن البرق وإنه من الماء". ورواه ابن أبي حاتم في التفسير[162] من طريق ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال: "كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن البرق – وكان عالماً يقرأ الكتب – فكتب إليه البرق من تلالئ الماء" وهذا إسناد جيد.

ورواه ابن جرير[163] من طريق بشر بن إسماعيل عن أبي كثير قال كنت عند أبي الجلد إذ جاءه رسول ابن عباس بكتاب إليه فكتب إليه: "كتبت تسألني عن الرعد فالرعد الريح".

وبشر يظهر أنه ابن إسماعيل بن علية، قال عنه أبو حاتم: "مجهول"[164] .

وعلى كل فهذه الطرق بمجموعها عن ابن عباس أقوى من الطرق الأخرى عنه، ويحتمل أن ابن عباس كان سأل كعب الأحبار عن الرعد والبرق، ثم أرسل إلى أبي الجلد يسأله عنهما لما عنده من علم كتب بني إسرائيل، وسؤاله أبا الجلد عنهما دليل على أنه ليس عنده شيء مرفوع إلى النبي
صلى الله عليه وسلم وهذا أيضاً مما يقدح في رواية بكير عن سعيد عن ابن عباس مرفوعاً، وإن كان السائل هو أبو الجلد فذلك أظهر في الدلالة على بطلان ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً وإلا لما أجاب السائل بخلاف ما ثبت عنده من السنة.

وأما ما رواه ابن جرير[165] من طريق حماد بن سلمة عن موسى بن سالم مولى ابن عباس قال: "كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد فقال: الرعد ملك".

فإنه وإن خالف في بعض لفظه إلا أنه عاضد للروايات السابقة التي تثبت أن ابن عباس أرسل إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد، فلو كان عنده علم من السنة لما أرسل إليه، وأما المخالفة في لفظه حيث قال: "الرعد ملك" فلا يبعد وهم بعض رواة هذا الأثر لشهرة هذا القول فسبق إلى ذهنه هذا اللفظ وقد يكون تصحيفاً من "ماء" وعلى كل حال فالروايات السابقة أرجح لكثرتها ، وموسى بن سالم قال عنه الحافظ في التقريب[166]: "صدوق من السادسة" ولم يسمع من ابن عباس كما في ترجمته في تهذيب الكمال[167] . فروايته منقطعة فلا يقبل منها إلا القدر الذي وافقت فيه الروايات الصحيحة .

وقد روى ابن جرير[168] من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بن دعامة - وهو من أئمة التابعين وعلمائهم بالتفسير - أنه قال: "الرعد خلق من خلق الله عز وجل سامع مطيع لله عز وجل".


وكذلك جاء في الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما يخالف زيادة بكير بن شهاب :

فقد روى الإمام أحمد في المسند[169] قال ثنا يزيد بن هارون أن إبراهيم بن سعد قال: أخبرني أبي قال: كنت جالساً إلى جنب حميد بن عبد الرحمن في المسجد فمر شيخ جميل من بني غفار وفي أذنيه صمم، أو قال: فأرسل إليه حميد فلما أقبل قال: يا ابن أخي أوسع له فيما بيني وبينك، فإنه قد صحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فجاء حتى جلس فيما بيني وبينه، فقال له حميد ما هذا الحديث الذي حدثتني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال الشيخ: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل ينشئ السحاب فينطق أحسن النطق ويضحك أحسن الضحك)).

قال الهيثمي في مجمع الزوائد[170] : "رجاله رجال الصحيح".

وقد رواه أبو الشيخ في العظمة[171] من طريق محمد بن إسحاق بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن حميد بن عبد الرحمن عن الغفاري.

قال محمد بن إسحاق: وحدثنيه عبد الواحد بن أبي عون عن سعد بن إبراهيم قال سمعت الغفاري قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم بمثله.

وقد فسره إبراهيم بن سعد كما عند أبي الشيخ[172] فقال: "النطق: الرعد، والضحك: البرق". وإبراهيم هو راوي حديث الغفاري المرفوع عن أبيه سعد بن إبراهيم الزهري .

وكذا فسره والده سعد كما عند ابن كثير في تفسيره[173] في سورة الرعد من طريق آخر .والراوي أدرى بما روى ، فإبراهيم وأبوه سعد كلاهما فسر الآية بما يوافق حديثهما عن الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد جاء هذا التفسير مرفوعاً إلى النبي
صلى الله عليه وسلم.

رواه أبو الشيخ في العظمة[174] من رواية عمرو بن أبي عمرو عن الثقة أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال عن السحاب: "منطقه الرعد، وضحكه البرق" ولعل الثقة هو الغفاري كما في رواية سعد بن إبراهيم.

وعمرو قال عنه في التقريب[175] ثقة ربما وهم.

فإن ثبت رفعه إلى النبي
صلى الله عليه وسلم وإلا فالعمدة على رواية إبراهيم بن سعد .

فهذا الحديث أصح من حديث بكير بن شهاب بلا خلاف إذ هو مسلسل برواية الحفاظ الأثبات، وإنما فيه جهالة في هذا الغفاري ولا تضره بعد أن ثبت أنه صحابي بشهادة حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري[176]، والصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم جميعاً.

وفي هذا الحديث أن سبب الرعد والبرق هو السحاب نفسه فهو الذي ينطق أحسن النطق راعداً، وهو الذي يضحك أحسن الضحك بارقاً بعد أن ينشئه الله عز وجل. وعليه فليس الرعد ملكا ، ولا البرق مخاريق يسوق بها السحاب، إذ الضمير في قوله (ينطق) و (يضحك) عائد على السحاب فهو الذي يرعد وهو الذي يبرق، وهذا من بليغ اللفظ النبوي الشريف فقد شبه السحاب بالإنسان بجامع الصوت في كل منهما، ولمعان البرق في السحاب والأسنان في الإنسان، ثم حُذف المشبه به وهو الإنسان واستعير له شيء من لوازمه الدالة عليه وهو النطق والضحك، وصوت الرعد شبيه بنطق الإنسان، ولمعان البرق شبيه بلمعان الأسنان إذا ضحك الإنسان، كما يقولون: برّاق الثنايا. وكما أن الإنسان هو الذي يصدر عنه النطق والضحك، فكذا السحاب هو الذي يصدر عنه الرعد والبرق، كما هو ظاهر هذا الحديث.


معنى الرعد في لغة العرب :

والرعد في لسان العرب – وهم الذين نزل القرآن بلغتهم – الصوت الصادر عن السحاب، قال الأخفش: "أهل البادية يزعمون أن الرعد هو صوت السحاب والفقهاء يزعمون أنه ملك"[177] ، ولهذا قال ابن جرير في تفسيره[178] بعد أن ذكر قول من قال: " إن الرعد هو ملك يسوق السحاب بالمخاريق، فإن كان الرعد ما ذكره ابن عباس ومجاهد فمعنى الآية: "أو كصيّب من السماء فيه ظلماتٌ وصوت رعد" لأن الرعد إن كان ملكاً يسوق السحاب فغير كائن (أي الملك) في الصيّب، لأن الصيّب إنما هو ما تحدر من صوب السحاب والرعد إنما هو في جو السماء يسوق السحاب على أنه لو كان فيه ثم لم يكن له صوت مسموع لم يكن هناك رعب يرعب به أحد ... فقد علم إذا كان الأمر على ما وصفنا من قول ابن عباس أن معنى الآية أو كمثل غيثٍ تحدّر من السماء فيه ظلماتٌ وصوت رعد .. وأنه استغني بدلالة ذكر الرعد باسمه على المراد في الكلام من ذكر صوته، وإن كان الرعد ما قاله أبو الجلد فلا شيء في قوله: )فيه ظلمات ورعد ( متروك" وإنما لجأ ابن جرير إلى هذا التقدير لوجود هذه الآثار التي ثبت ضعف أسانيدها واحتمال أخذها عن أهل الكتاب ، ولم يرجح ابن جرير بين القولين السابقين مما يدل على أنه لم يطمئن إلى هذه الآثار وإلا لرجح القول المؤيد بها كما هي عادته.

وإذا كان الأمر كذلك فلا حاجة إلى تقدير محذوف بل يحمل الكلام على ظاهره وهو الأصل لوجوب الرجوع _ إذ عدم النقل الصحيح _ إلى أهل اللغة فهم أعلم بكلام العرب الذي نزل به القرآن فإن قيل: الصحابة أعلم بلغة العرب ومعاني القرآن من غيرهم، قيل: هو كذلك غير أن ما نقل عنهم ليس مما تعرفه العرب في لغتها بل هو من أمور الغيب ولا سبيل لهم إلى معرفة ذلك إلا عن طريق النبي
صلى الله عليه وسلم أو من طريق أهل الكتاب، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء فترجح أخذهم له عن أهل الكتاب، وهذا كله على فرض أن ما نقل عنهم ثابت إليهم وإلا فالصحيح أن الأسانيد إليهم كلها ضعيفة لا تقوم بها حجة مع اختلاف الألفاظ فيما روي عنهم. ولهذا قال أبو عبيد القاسم بن سلام من أئمة الحديث واللغة: "الرعد إما أن يكون اسم ملك وإما صوت سحاب" رواه الحربي في غريبه[179]، ولم يجزم أبو عبيدة فيه بشيء.

وقال ابن المديني في المجموع المغيث[180]: "وقال أهل اللغة الرعد: صوت السحاب والبرق نور وضياء يصحبان السحاب" وقد استدل أبو إسحاق الحربي في الغريب[181]، لأهل اللغة بقول الشاعر:

"جونٌ هزيمٌ [182] رعده أجش ُ" قال: "ولا يكون هذا إلا للصوت".

وقال الراغب الأصبهاني في المفردات[183]: "الرعد صوت السحاب وروي أنه ملك يسوق السحاب".

ومادة (رعد) تدل بالأصل على الحركة والاضطراب قال أحمد بن فارس في مقاييس اللغة [184]: "الراء والعين والدال أصل واحد يدل على حركة واضطراب وكل شيء اضطرب فقد ارتعد".

ولهذا سمى العرب صوت السحاب رعداً لما فيه من الحركة والاضطراب ، ومما يستدل به على أن الرعد هو الصوت الصادر عن السحاب وليس بملك قوله تعالى: (ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته) [185].

قال القرطبي في تفسيره[186]: "من قال إن الرعد صوت السحاب فيجوز أن يسبح الرعد بدليل خلق الحياة فيه. ودليل صحة هذا القول قوله: (والملائكة من خيفته) فلو كان الرعد ملكاً لدخل في جملة الملائكة".

وقال الشيخ السعدي: في تفسيره[187]: "ويسبح الرعد بحمده، وهو الصوت الذي يسمع من السحاب المزعج للعباد، فهو خاضع لربه مسبح بحمده"

فرجح السعدي هنا أن الرعد هو الصوت وليس بملك.

ولا شك بأن الرعد داخل في عموم قوله تعالى: (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) [188].

وإنما خص الرعد بالذكر لبيان عظمة الرب عز وجل واستحقاقه للعبادة وحده لا شريك له ، إذ الرعد من أشد الظواهر الكونية وقعا في القلوب حتى قال لبيد بن أبي ربيعة يرثي أخاه:[189]

فجَّعني الرعد والصواعق بالـ فارس يوم الكريهة النجد

وقد ذكر الله البرق أولاً ثم الرعد ثم الصواعق قال سبحانه هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال( [190].

والبرق هو ضوء السحاب ولمعانه قال في لسان العرب[191] : "البرق الذي يلمع في الغيم". وقال ابن فارس في مقاييس اللغة[192]: "قال الخليل: البرق وميض السحاب" وقال الراغب في المفردات[193]: "البرق لمعان السحاب".

والصواعق هنا جمع صاعقة وهي النار التي تسقط من السحاب في الرعد الشديد[194].

وهذا الترتيب الوارد في الآية الكريمة هو بحسب الوقوع والحدوث فإن البرق يضيء ويلمع أولاً ، ثم يتبعه الصوت في الرعد إذ الضوء أسرع وأسبق من الصوت ، ثم تتبعه الصواعق.

قال الراجز[195]:

لاح سحاب فرأينا برقه ثم تدلى فسمعنا صعقه

ففي ذكر هذه الآيات الكونية التي تصحب السحاب، ويراها الناس بأبصارهم ويسمعونها بآذانهم ، وترتيبها في الذكر بحسب حدوثها ومشاهدتها، دليل على أن المقصود بالرعد هنا هو هذه الآية الكونية المحسوسة، لا ما وراء ذلك من الغيب كما يقول من يقول: الرعد هنا الملك.

على أن قول الباحث هنا بأن المقصود بالآية البرق والرعد والصعق المعهود والمعروف في لغة العرب لا ينافي الإيمان بأن هذه الآيات الكونية الحسية المعروفة أسبابها المادية وراءها أسباب غيبية نؤمن بها وإن لم نشاهدها ، فكل حركة في الوجود إنما هي بأمر الله عز وجل تدبره الملائكة بمشيئته سبحانه وتعالى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر قول من يقول إن الرعد ملك: "وروي عن بعض السلف أقول لا تخالف ذلك كقول من يقول: إنه اصطكام[196] أجرام السحاب بسبب انضغاط الهواء فيه فإن هذا لا يناقض ذلك، فإن الرعد مصدر رعد يرعد رعداً وكذلك الراعد يسمى رعداً كما يسمى العادل عدلاً والحركة توجب الصوت والملائكة هي التي تحرك السحاب وتنقله من مكان إلى مكان وكل حركة في العالم العلوي والسفلي فهي عن الملائكة...". [197] ، فلم ير بين القولين تعارضاً.

وفي ذلك رد على القرطبي حيث قال: "وقالت الفلاسفة: الرعد صوت اصطكام أجرام السحاب، والبرق ما ينقدح من اصطكاكها، وهذا مردود لا يصح به نقل".[198]


5- نتيجة البحث :
وبناء على ما سبق ذكره من:

1- تفصيل القول في حال بكير بن شهاب وأن فيه (لين) حيث قال عنه أبو حاتم (شيخ) وقال فيه الحافظ: (مقبول) أي عند وجود المتابعة وإلا (فلين) كما نص عليه في مقدمة تقريبه.

2- وبيان تفرده بهذا الحديث عن سعيد بن جبير كما قال الترمذي وأبو نعيم.

3- وأن تفرده على فرض أنه صدوق موجب للتوقف في قبول خبره حتى يتابع وإلا عُدّ حديثه منكراً.

4- وقد خولف في إسناده حيث رواه حبيب بن أبي ثابت وهو من العلماء الثقات عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفاً لم يرفعه إلى النبي
صلى الله عليه وسلم وبه أعلّه البخاري في التاريخ الكبير.

5- كما تفرّد بهذا اللفظ من حديث ابن عباس مرفوعاً إلى النبي
صلى الله عليه وسلم .

6- وقد خالفه شهر بن حوشب حيث روى الحديث عن ابن عباس مرفوعاً دون هذا اللفظ ، وروى هذا اللفظ من كلام ابن عباس موقوفاً عليه، وكذا رواه جماعة من الرواة عن ابن عباس موقوفاً كما رواه شهر.

7- وليس لهذه الزيادة التي تفرد بها بكير بإسنادها ورفعها: شاهد مرفوع سوى حديث خزيمة بن ثابت وهو حديث باطل كما قال الذهبي والحافظ ابن حجر.

8- وقد روي هذا اللفظ عن علي بن أبي طالب وابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة موقوفاً عليهم من قولهم وفي الأسانيد والطرق إليهم ضعف، وفي الألفاظ اختلاف واضطراب وأحسنها حالاً رواية ابن عباس عنه.

9- وقد ثبت عن ابن عباس من طرق عدة أنه أرسل إلى أبي الجلد يسأله عن هذه القضية وأبو الجلد ممن كان عنده علم عن أهل الكتاب.

10- وروى شهر هذا اللفظ عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وكعب الأحبار ، ومدار الرواية عن هؤلاء على عبد الجليل بن عطية عن شهر بن حوشب : فتارة يرويه عن أبي هريرة ، وتارة يرويه عن كعب ، وتارة أن عبدالله بن عمرو بن العاص سأل كعب الأحبار ، وتارة أن كعب الأحبار سأل عبدالله . وهذا اضطراب شديد.

وعبدالجليل صدوق يهم وكذا شهر بن حوشب، والرواة عن عبد الجليل أئمة حفّاظ وقد اتفقت رواية عبد الملك بن عمرو وحماد بن سلمة على أن القصة بين كعب الأحبار وعبد الله بن عمرو بن العاص وهذه الرواية أشبه بالصواب، وحديث أبي هريرة وهم من عبد الجليل والله أعلم.

11- وكان كعب يحدث الصحابة عن كتب بني إسرائيل خاصة في عجائب المخلوقات وكانوا يحدثون بها لما ثبت عندهم من الإذن عن النبي
صلى الله عليه وسلم بالتحديث عنهم.

12- وقد ثبت عن ابن عباس أخذه مثل هذه الروايات عن كعب الأحبار كما ثبت أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يحدث من كتب أهل الكتاب بمثل هذه القصص كما قال ابن كثير والسيوطي.

وبناء عليه فقد اجتمع في حديث بكير بن شهاب:

1- ضعف في الراوي.

2- تفرد منه بالإسناد واللفظ.

3- مخالفة منه للثقات.

وبذلك يكون الحديث منكراً مرفوعاً على أحسن الأحوال ، إن لم يكن باطلاً موضوعاً.


وأما الآثار عن الصحابة:

فرواية علي رضي الله عنه مدارها على مجاهيل شيعة الكوفة وضعفائهم ومعلوم شيوع الأقاويل عنه فيها[199].

ورواية ابن عباس رضي الله عنه عادت إلى أبي الجلد من علماء أهل الكتاب الذين أسلموا، ورواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عادت إلى كعب الأحبار، ورواية أبي هريرة رضي الله عنه يشبه أن تكون من أوهام عبد الجليل، وإن ثبتت عنه فمعلوم أخذه عن كعب الأحبار – كما نص عليه ابن كثير وغيره – مثل هذه الأخبار التي عن عجائب المخلوقات مما لا ينبني عليه حكم شرعي.

فإذا عدم النقل الصحيح عن صاحب الشريعة
صلى الله عليه وسلم لزم الرجوع في فهم الآيات الواردة في الرعد والبرق إلى ظاهر القرآن ولغة العرب وما أثبتته العلوم الحديثة، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


راجع:
دراسة حديثية نقدية لحديث (الرعد ملك) ..




رد مع اقتباس
قديم 31 Oct 2015, 07:14 PM [ 2 ]
<img border=

تاريخ التسجيل : Nov 2011
رقم العضوية : 49670
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 1901
الردود : 25788
مجموع المشاركات : 27,689
معدل التقييم : 784نورة is a splendid one to beholdنورة is a splendid one to beholdنورة is a splendid one to beholdنورة is a splendid one to beholdنورة is a splendid one to beholdنورة is a splendid one to beholdنورة is a splendid one to behold

نورة غير متصل


رد: بطلان حديث الرعد ملك ..


بارك الله فيك وجزاك الجنه

الأعلى رد مع اقتباس
قديم 04 Nov 2015, 07:54 PM [ 3 ]
مؤسس شبكة الشدادين

تاريخ التسجيل : Jan 2005
رقم العضوية : 1
الإقامة : saudi arabia
الهواية : رياضة + كمبيوتر وبس
مواضيع : 2078
الردود : 91548
مجموع المشاركات : 93,626
معدل التقييم : 4981السلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond repute

السلطان غير متصل


رد: بطلان حديث الرعد ملك ..


يجب أن نتنبّه لمثل هذه الأحاديث
ولا ننقل منها شيئاً لم نتأكد من صحته
فهناك مواقع تظهر لنا الأحاديث الصحيحة والموضوعة والمكذوبة

وفقك الله يا بنت النشامى
والله يجزاك عنا كل خير


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 05 Nov 2015, 07:09 AM [ 4 ]

تاريخ التسجيل : Jan 2013
رقم العضوية : 63996
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التصميم - الرسم
مواضيع : 1565
الردود : 24676
مجموع المشاركات : 26,241
معدل التقييم : 6354ضياء القمر has a reputation beyond reputeضياء القمر has a reputation beyond reputeضياء القمر has a reputation beyond reputeضياء القمر has a reputation beyond reputeضياء القمر has a reputation beyond reputeضياء القمر has a reputation beyond reputeضياء القمر has a reputation beyond reputeضياء القمر has a reputation beyond reputeضياء القمر has a reputation beyond reputeضياء القمر has a reputation beyond reputeضياء القمر has a reputation beyond repute

ضياء القمر غير متصل


رد: بطلان حديث الرعد ملك ..


جزاك الله خيرا
ووفقك الرحمن
وأسعدك في الدارين
وأنار الله دربك


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Nov 2015, 07:24 AM [ 5 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Sep 2013
رقم العضوية : 67882
الإقامة : saudi arabia
الهواية : الرسم
مواضيع : 810
الردود : 8403
مجموع المشاركات : 9,213
معدل التقييم : 1227*ملاك* has much to be proud of*ملاك* has much to be proud of*ملاك* has much to be proud of*ملاك* has much to be proud of*ملاك* has much to be proud of*ملاك* has much to be proud of*ملاك* has much to be proud of*ملاك* has much to be proud of*ملاك* has much to be proud of

*ملاك* غير متصل


رد: بطلان حديث الرعد ملك ..


جزاك الله خير
وبارك الله في عطائك
اسال الله ان يجعله في ميزان حسناتك


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Nov 2015, 09:39 AM [ 6 ]

تاريخ التسجيل : Jan 2012
رقم العضوية : 54016
الإقامة : saudi arabia
الهواية : الهدوء..
مواضيع : 719
الردود : 89590
مجموع المشاركات : 90,309
معدل التقييم : 6692بنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond repute

بنت النشامى غير متصل


رد: بطلان حديث الرعد ملك ..


 
 
المشاركة الأصلية بواسطة : نورة
اقتباس
 

بارك الله فيك وجزاك الجنه

 
 
وياك حبيبتي
شاكرة تواجدك الحلو


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Nov 2015, 09:40 AM [ 7 ]

تاريخ التسجيل : Jan 2012
رقم العضوية : 54016
الإقامة : saudi arabia
الهواية : الهدوء..
مواضيع : 719
الردود : 89590
مجموع المشاركات : 90,309
معدل التقييم : 6692بنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond repute

بنت النشامى غير متصل


رد: بطلان حديث الرعد ملك ..


 
 
المشاركة الأصلية بواسطة : السلطان
اقتباس
 

يجب أن نتنبّه لمثل هذه الأحاديث
ولا ننقل منها شيئاً لم نتأكد من صحته
فهناك مواقع تظهر لنا الأحاديث الصحيحة والموضوعة والمكذوبة

وفقك الله يا بنت النشامى
والله يجزاك عنا كل خير

 
 
لاهنت طال عمرك
شاكرة تواجدك الطيب


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Nov 2015, 09:41 AM [ 8 ]

تاريخ التسجيل : Jan 2012
رقم العضوية : 54016
الإقامة : saudi arabia
الهواية : الهدوء..
مواضيع : 719
الردود : 89590
مجموع المشاركات : 90,309
معدل التقييم : 6692بنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond repute

بنت النشامى غير متصل


رد: بطلان حديث الرعد ملك ..


 
 
المشاركة الأصلية بواسطة : ضياء القمر
اقتباس
 

جزاك الله خيرا
ووفقك الرحمن
وأسعدك في الدارين
وأنار الله دربك

 
 
وياك حبيبتي
شاكرة تواجدك الحلو


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 11 Nov 2015, 09:41 AM [ 9 ]

تاريخ التسجيل : Jan 2012
رقم العضوية : 54016
الإقامة : saudi arabia
الهواية : الهدوء..
مواضيع : 719
الردود : 89590
مجموع المشاركات : 90,309
معدل التقييم : 6692بنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond reputeبنت النشامى has a reputation beyond repute

بنت النشامى غير متصل


رد: بطلان حديث الرعد ملك ..


 
 
المشاركة الأصلية بواسطة : *ملاك*
اقتباس
 

جزاك الله خير
وبارك الله في عطائك
اسال الله ان يجعله في ميزان حسناتك


 
 
وياك حبيبتي
شاكرة تواجدك الحلو


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 14 Nov 2015, 12:47 AM [ 10 ]
شامخ الرأس

تاريخ التسجيل : Dec 2006
رقم العضوية : 2080
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 203
الردود : 1941
مجموع المشاركات : 2,144
معدل التقييم : 610أمير الحمادين is a name known to allأمير الحمادين is a name known to allأمير الحمادين is a name known to allأمير الحمادين is a name known to allأمير الحمادين is a name known to allأمير الحمادين is a name known to all

أمير الحمادين غير متصل


رد: بطلان حديث الرعد ملك ..


بارك الله فيك على التنبيه
وهذا واجبنا قبل نقل أي حديث أن نتأكد
من صحته


الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

12:10 AM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com