..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الإسلامية > منتدى خير البشر وخاتم الرسل
قديم 22 Aug 2010, 05:44 AM [ 31 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Aug 2006
رقم العضوية : 1697
الإقامة : saudi arabia
الهواية : السفر والقراءة والانترنت
مواضيع : 125
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,104
معدل التقييم : 25سطام الشدادي is on a distinguished road

سطام الشدادي غير متصل


رد: سلسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم


اقتراح غريب من قريش، ورد طريف من أبي طالب :
ورأت قريش أن إنذارهم لم يجد نفعاً، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم ماض في عمله، وأبو طالب قائم بنصرته، وهذا يعني أنه مستعد لفراقهم وعداوتهم ومنازلتهم في نصرة ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم فلبثوا مليّا يفكرون ويتشاورون، حتى وصلوا إلى اقتراح غريب، فقد جاءوا إلى أبي طالب، ومعهم عمارة بن الوليد سيد شبابهم وأنهد فتى في قريش وأجمله، فقالوا : يا أبا طالب خذ هذا الفتى، فلك عقله ونصره، واتخذه ولداً، فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل.
قال أبو طالب : والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه ؟ هذا والله ما لا يكون أبداً.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 22 Aug 2010, 05:45 AM [ 32 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Aug 2006
رقم العضوية : 1697
الإقامة : saudi arabia
الهواية : السفر والقراءة والانترنت
مواضيع : 125
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,104
معدل التقييم : 25سطام الشدادي is on a distinguished road

سطام الشدادي غير متصل


رد: سلسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم


اعتداءات على رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ولما فشلت قريش ويئسوا، ورأوا أن الإنذار والتحدي والمساومة لم تجد نفعاً، بدءوا بالاعتداءات على ذات الرسول صلى الله عليه وسلم، وزادوا في تعذيب المسلمين والتنكيل بهم.
وحيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان معززاً محتشماً محترماً، فقد تولى إيذاءه كبراء قريش ورؤساؤهم، ولم يجترئ على ذلك أذنابهم وعامتهم.
وكان النفر الذين يؤذونه في بيته أبا لهب، والحكم بن أبي العاص بن أمية، وعقبة بن أبي معيط، وعدي بن حمراء الثقفي، وابن الأصداء الهذلي، وكانوا جيرانه صلى الله عليه وسلم، فكان أحدهم يطرح عليه رحم الشاة وهو يصلي، وكان يطرحها في برمته إذا نصبت، وكانوا إذا طرحوا عليه ذلك يخرج به على العود فيقف به على بابه ويقول : يا بني عبد مناف ! أي جوار هذا ؟! ثم يلقيه في الطريق.
وكن أمية بن خلف إذا رآه همزه ولمزه. والهمز : الطعن والشتم علانية، أو كسر العين الغمز بهما. واللمز : العيب والإغراء.
وكان أخوه أبي بن خلف يتوعد النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يا محمد إن عندي العود، فرساً أعلفه كل يوم فرقاً من ذرة أقتلك عليه. حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بل أنا أقتلك إن شاء الله )) – وقد قتله يوم أحد – وجاء أبي بن خلف هذا يوماً بعظم بال رميم، ففته، ونفخ في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وجلس عقبة بن أبي معيط إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمه منه، فبلغ أبيا، وكان صديقه، فعاتبه، وطلب منه أن يتفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففعل.
أما أبو لهب فقد عاداه من أول يوم ظهرت فيه الدعوة إلى الله. وكانت في عقد ابنيه عتبة وعتبية ابنتا رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم، فقال لهما : رأسي من رأسكما حرام إن لم تطلقا بنتي محمد، وقالت زوجته أيضاً : طلقاهما فإنهما قد صبأتا، فطلقاهما.وكانت زوجته هذه وهي أم جميل أروى بنت حرب، أيضاً عدوة لدودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته، فكانت تأتي بالأغصان وفيها شوك، فتطرحها في سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، حتى يعقر هو وأصحابه.
وسمعت بنزول : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ{1} سورة المسد، فجاءت وفي يدها فهر أي ملء الكف من الحجارة وهي تبحث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع أبي بكر عند الكعبة فأخذ الله ببصرها، فلم تكن ترى إلا أبا بكر، فقالت : أين صاحبك ؟ قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إني لشاعرة، ثم قالت :



مذمماً عصينا
وأمره أبينـا
ودينه قلينـا


ثم انصرفت، فقال أبو بكر : يا رسول الله أما تراها رأتك، فقال : (( ما رأتني لقد أخذ الله ببصرها )).
وكان مما تؤذي به قريش أنهم كان يسمون رسول الله صلى الله عليه وسلم مذمما بدل محمد، يشتمون بذلك ويسبون، ولكن صرف الله ذلك عنه، حيث أنهم كانوا يشتمون مذمما وهو محمد.
وكان الأخنس بن شريق الثقفي أيضاً ينال من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما أبو جهل فكأنه كان قد تحمل عبء الصد عن سبيل الله. وقد كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم بقوله، وينهاه عن الصلاة، ويفخر ويختال بما فعل، حتى شدد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوعد في يوم رآه يصلى، فانتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه بخناقه، وهزه وقال : { أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى{34} ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى{35} سورة القيامة، فقال : أتوعدني يا محمد ! والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئًا. وإني لأعز من مشى بين جبليها.
وقال لرفقته يوماً : يعفر محمد وجهه بين أيديكم ؟ قالوا : نعم. فقال : واللات والعزى لئن رأيته لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي زعم ليطأ رقبته فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقى بيديه، فقالوا : مالك يا أبا الحكم ؟ قال : إن بيني وبينه خندقاً من نار وهولاً من أجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لو دنا لاختطفته الملائكة عضواً عضوا )).
وحاز مثل هذه الشقاوة عقبة بن أبي معيط، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يوماً عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، إذ قال بعضهم لبعض : أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان، فيضعه على ظهر محمد إذا سجد. فانبعث أشقى القوم عقبة بن أبي معيط، فجاء به وانتظر، فلما سجد وضعه بين كتفيه، فجعلوا يضحكون، ويحيل أي يميل بعضهم على بعض، وهو ساجد لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة وطرحته عن ظهره، فرفع رأسه، ثم قال : (( اللهم عليك بقريش )). فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم، وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، ثم سماهم رجلاً رجلاً : (( اللهم عليك بفلان وفلان )). وقد قتلوا كلهم يوم بدر.
وكان عظماء المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة : الوليد بن المغيرة المخزومي، والأسود بن عبد يغوث الزهري، وأبو زمعة الأسود بن عبدالمطلب الأسدي، والحارث بن قيس الخزاعي، والعاص بن وائل السهمي، وقد أخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أنه سيكفي شرهم فقال : { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ {95} سورة الحجر، ثم أنزل على كل منهم ما فيه عبرة وعظة.
فأما الوليد : فكان قد أصابه قبل سنين خدش من سهم، ولم يكن شيئًا، فأشار جبريل إلى أثر ذلك الخدش فانتفض، فلم يزل يؤلمه ويؤذيه حتى مات بعد سنين.
وأما الأسود بن عبد يغوث : فأشار جبريل إلى رأسه، فخرج فيه قروح، فمات منها، وقيل : أصابه سموم، وقيل : أشار جبريل إلى بطنه، فاستسقى بطنه، وانتفخ حتى مات.
وأما الأسود بن عبدالمطلب : فلما تضايق رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذاه دعا عليه، وقال : (( اللهم أعم بصره، وأثكله ولده )) فرماه جبريل بشوك في وجهه حتى ذهب بصره، ورمى ولده زمعة حتى مات.
وأما الحارث بن قيس : فأخذ الماء الأصفر بطنه، حتى خرج خرؤه من فيه، فمات منه.
وأما العاص بن وائل : فجلس على شبرقة، فدخلت شوكة لها من أخمص صدمه، وجرى سمها إلى رأسه حتى مات.
هذه صورة مصغرة لما كان يعانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من قريش بعد إعلان الدعوة والجهر بها. وقد اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطوتين إزاء هذا الموقف المتأزم.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 22 Aug 2010, 05:45 AM [ 33 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Aug 2006
رقم العضوية : 1697
الإقامة : saudi arabia
الهواية : السفر والقراءة والانترنت
مواضيع : 125
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,104
معدل التقييم : 25سطام الشدادي is on a distinguished road

سطام الشدادي غير متصل


رد: سلسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم


دار الأرقم :
الخطوة الأولى : أنه جعل دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي مركز الدعوة والعبادة ومقر التربية، لأنها كانت في أصل الصفا، بعيدة عن أعين الطغاة، فكان يجتمع فيها مع صحابته سرًّا، فيتلو عليهم آيات الله، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة : وبهذا التدبير وقى أصحابه كثيراً من الأحداث التي كان يخشى وقوعها لو اجتمع بهم جهراً وعلانية، أما هو صلى الله عليه وسلم فكان يعبد الله ويدعو إليه جهراً بين ظهراني المشركين، لا يصرفه عن ذلك ظلم، ولا عدوان، ولا سخرية، ولا استهزاء، وكان ذلك من حكمة الله حتى تبلغ دعوته إلى يؤمن ومن لا يؤمن، فلا تكون للناس على الله حجة بعد البلاغ، ولئلا يقول قائل يوم القيامة : ما جاءنا من بشير ولا نذير.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 22 Aug 2010, 05:46 AM [ 34 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Aug 2006
رقم العضوية : 1697
الإقامة : saudi arabia
الهواية : السفر والقراءة والانترنت
مواضيع : 125
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,104
معدل التقييم : 25سطام الشدادي is on a distinguished road

سطام الشدادي غير متصل


رد: سلسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم


الهجرة إلى الحبشة :
الخطوة الثانية : أنه صلى الله عليه وسلم أشار على المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة، بعد أن تأكد أن النجاشي ملك عادل لا يظلم عنده أحد.
وفي رجب سنة خمسة (5) من النبوة هاجر أول دفعة من المسلمين، وكانوا اثني عشر رجلاً وأربع نسوة، رئيسهم عثمان بن عفان الأموي رضي الله عنه ومعه زوجه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما أول بيت هاجر في سبيل الله بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام.
خرج هؤلاء الصحابة سرًّا في ظلام الليل قاصدين ميناء شعيبة جنوب جدة، وكان من قدر الله أنهم وجدوا سفينتين تجاريتين فركبوهما حتى وصلوا إلى الحبشة.
أما قريش فلما علموا بخروجهم هاجوا وغضبوا، وأسرعوا في آثارهم حتى يلقوا عليهم القبض، ويردوهم إلى مكة، ليواصلوا التنكيل والتعذيب، ويصرفوهم عن دين الله، لكن المسلمين فاتوهم إلى البحر، فرجعوا خائبين بعدما وصلوا إلى الساحل.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 22 Aug 2010, 05:46 AM [ 35 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Aug 2006
رقم العضوية : 1697
الإقامة : saudi arabia
الهواية : السفر والقراءة والانترنت
مواضيع : 125
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,104
معدل التقييم : 25سطام الشدادي is on a distinguished road

سطام الشدادي غير متصل


رد: سلسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم


موافقة المشركين للمسلمين وسجودهم في سورة النجم :
وفي رمضان سنة خمسة (5) من النبوة أي بعد هجرة المسلمين بحوالي شهرين، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام، وحول الكعبة جمع كبير من قريش، فيهم ساداتهم وكبراؤهم، وكانت قد نزلت عليه سورة النجم، فقام فيهم، وأخذ يتلوها فجاءة، وكان أروع كلام سمعوه قط، فاندهشوا لروعة هذا الكلام، وأخذ منهم كل مأخذ، فبقوا يستمعون إليه مبهوتين ساكتين، حتى إذا تلا في خواتم السورة زواجر وقوارع طارت لها القلوب، وتلا في الأخير : { فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا{62} سورة النجم. وخر ساجداً سجد الجميع، ولم يملكوا أنفسهم.
روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم، فسجد به، فما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفا من حصى أو تراب، فرفعه إلى وجهه، وقال : يكفيني هذا. فلقد رأيته بعد قتل كافراً، وهو أمية بن خلف قتل يوم بدر.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 22 Aug 2010, 05:47 AM [ 36 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Aug 2006
رقم العضوية : 1697
الإقامة : saudi arabia
الهواية : السفر والقراءة والانترنت
مواضيع : 125
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,104
معدل التقييم : 25سطام الشدادي is on a distinguished road

سطام الشدادي غير متصل


رد: سلسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم


عودة المهاجرين إلى مكة :
وصل هذا الخبر إلى الحبشة، ولكن في صورة تختلف عن الواقع، فقد بلغهم أن قريشاً قد أسلموا، فرجعوا فرحين مستبشرين إلى مكة، فلما كانوا دون مكة ساعة من نهار عرفوا جلية الأمر، فمنهم من رجع إلى الحبشة، ومنهم من دخل مكة سرًّا أو في جوار أحد من قريش.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 22 Aug 2010, 05:47 AM [ 37 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Aug 2006
رقم العضوية : 1697
الإقامة : saudi arabia
الهواية : السفر والقراءة والانترنت
مواضيع : 125
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,104
معدل التقييم : 25سطام الشدادي is on a distinguished road

سطام الشدادي غير متصل


رد: سلسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم


الهجرة الثانية إلى الحبشة :
واشتد البلاء والعذاب على المسلمين من قريش ندماً منهم على ما فرط منهم من السجود مع المسلمين، وانتقاماً لما بلغهم من النجاشي من حسن جواره للمهاجرين، ونظراً إلى هذه الظروف القاسية أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى. فهاجر اثنان أو ثلاثة وثمانون رجلاً وثمان عشرة امرأة، وكانت هذه الهجرة الثانية أشق من الأولى، لأن قريشاً كانوا متيقظين يتابعون حركات المسلمين، إلا أن المسلمين كانوا أكثر منهم تيقظاً، وأحسن منهم حكمة، وأحكم منهم خطوة، فقد فاتوهم إلى الحبشة رغم كل الجهود.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 22 Aug 2010, 05:48 AM [ 38 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Aug 2006
رقم العضوية : 1697
الإقامة : saudi arabia
الهواية : السفر والقراءة والانترنت
مواضيع : 125
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,104
معدل التقييم : 25سطام الشدادي is on a distinguished road

سطام الشدادي غير متصل


رد: سلسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم


مكيدة قريش بمهاجري الحبشة :
شق على المشركون أن أفلت منهم المسلمون، ووصلوا إلى مأمن يأمنون فيه على أنفسهم وإيمانهم، فأرسلوا رجلين من دهاتهم ليتسرداهم إلى مكة، وهما : عمرو بن العاص، وعبدالله بن ربيعة، وكانا إذ ذاك على الشرك.
ونزل الرجلان بالحبشة تحت خطة مدبرة، فاتصلا أولاً بالبطارقة، وساقا إليهم الهدايا، وذكرا لهم الهدف، ولقناهم الحجة، حتى وافقوهما، ثم حضرا إلى النجاشي، فقدما إليه، ثم كلماه، فقالا :
أيها الملك : إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء فارقوا دينهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً، وأعلم بما عابوا عليهم، وعاتبوهم فيه.
وأيدهما البطارقة فيما قالاه حسب الخطة.ولكن النجاشي احتاط في الأمر. ورأى أن يسمع القضية من الطرفين حتى يتضح له الحق. فدعا المسلمين، وسألهم : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا به في ديني ولا دين أحد من هذه الملل ؟

فتكلم جعفر بن أبي طالب عن المسلمين، وقال : أيها الملك : كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل منا القوي الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه. فدعانا إلى الله لنوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان. وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئّا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام – فعدد عليه أمور الإسلام – فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من دين الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم الله علينا، وأحللنا ما أحل لنا. فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان عن عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا، وظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا من بلادك، واخترناك على سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك، أيها الملك !
فلما سمع النجاشي هذا، طلب من جعفر قراءة شيء من القرآن، فقرأ عليه صدراً من : { كهيعص{1} سورة مريم، فبكى النجاشي حتى اخضلت أي ابتلت لحيته، وبكى الأساقفة حتى اخضلوا أي بلوا مصاحفهم، ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة.
ثم خاطب مندوبي قريش وقال : انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يكادون، فخرجا. وفي اليوم الثاني احتال عمرو بن العاص حيلة أخرى، فقال للنجاشي : إنهم – أي المسلمين – يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيماً.فدعاهم النجاشي وسألهم عن ذلك، فقال جعفر : نقول فيه الذي جاءنا به النبي صلى الله عليه وسلم : هو عبدالله ورسوله، وروحه، وكلمته، ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
فأخذ النجاشي عوداً من الأرض، ثم قال : والله ما عدا أي ما جاوز عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود. اذهبوا فأنتم شيوم أي آمنون بأرضي، من سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم. ما أحب أن لي دبراً أي جبلاً من ذهب، وأني آذيت رجلاً منكم.
ثم أمر برد الهدايا على مندوبي قريش فخرجا مقبوحين، وأقام المسلمون بخير دار مع خير جار.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 22 Aug 2010, 05:48 AM [ 39 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Aug 2006
رقم العضوية : 1697
الإقامة : saudi arabia
الهواية : السفر والقراءة والانترنت
مواضيع : 125
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,104
معدل التقييم : 25سطام الشدادي is on a distinguished road

سطام الشدادي غير متصل


رد: سلسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم


حيرة المشركين :
ولما منى المشركين بالخيبة والفشل في استرداد المسلمين من الحبشة استشاطوا غضباً، وكادوا يتميزون غيظاً، وينقضون على بقية المسلمين بطشاً، ولا سيما وقد كانوا يرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ماض في دعوته، ولكنهم رأوا أن أبا طالب قائم بنصرته رغم التهديد والوعيد الشديد، فاحتاروا في أمرهم، ولم يدروا ماذا يفعلون ؟ فربما غلبت عليهم الضراوة، فعادوا إلى التعذيب والتنكيل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبمن بقي معه من المسلمين، وربما فتحوا باب النقاش والجدال، وربما عرضوا الرغائب والمغريات، وربما حاولوا المساومة واللقاء في منتصف الطريق، وربما فكروا في قتل النبي صلى الله عليه وسلم والقضاء على دعوة الإسلام، إلا أن ذلك لم يجد لهم نفعاً، ولم يوصلهم إلى المراد، بل كانت نتيجة جهودهم الخيبة والخسران، وفيما يلي نقدم صورة مصغرة لكل من ذلك.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 22 Aug 2010, 05:50 AM [ 40 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Aug 2006
رقم العضوية : 1697
الإقامة : saudi arabia
الهواية : السفر والقراءة والانترنت
مواضيع : 125
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,104
معدل التقييم : 25سطام الشدادي is on a distinguished road

سطام الشدادي غير متصل


رد: سلسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم


التعذيب ومحاولة القتل :
كان من الطبيعي أن يعود المشركون إلى ضراوتهم بعد الفشل، وفعلاً عادوا إلى الشدة والبطش بالبقية الباقية من المسلمين، بل مدوا أيديهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فمن ذلك أن عتيبة بن أبي لهب أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : هو يكفر بالذي : { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى{8} فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى{9} سورة النجم، ثن تسلط عليه بالأذى، وشق قميصه، وتفل في وجهه صلى الله عليه وسلم إلا أن البزاق رجع على عتيبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اللهم أرسل عليه كلباً من كلابك ))، فخرج عتيبة في ركب إلى الشام، فلما نزلوا في الطريق طاف بهم الأسد، فقال : هو آكلي والله، كما دعا محمد عليّ، قتلني وهو بمكة وأنا بالشام، فلما ناموا جعلوه في وسطهم، ولكن جاء الأسد وأخذه برأسه من بين الإبل والناس، وقتله.
ومن ذلك أن عقبة بن أبي معيط وطيء برجله على رقبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد حتى كادت عيناه تبرزان.
ويؤخذ من سياق الحوادث أن المشركين بعد فشلهم في شتى محاولاتهم لكف الدعوة أخذوا يفكرون بجد في قتل النبي صلى الله عليه وسلم ولو أدى ذلك إلى سفك الدماء. ومما يدل على ذلك أن أبا جهل قال يوماً لقريش : إن محمداً قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وشتم آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له بحجر ما أطيق حمله، فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم، قالوا : والله لا نسلمك لشيء أبداً، فامض لما تريد.
فلما أصبح أبو جهل أخذ حجراً كما وصف، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام يصلي، وغدت قريش في أنديتهم ينتظرون ما يفعله أبو جهل، وأقبل أبو جهل حتى دنا، ثم رجع منهزماً، منتقعاً لونه، مرعوباً، قد يبست يداه على حجره، حتى قذفه من يده. فقالت قريش : مالك يا أبا الحكم ؟ قال : قمت لأفعل ما قلت البارحة، فعرض لي فحل من الإبل ما رأيت مثل هامته وقصرته وأنيابه لفحل قط، فهم بي أن يأكلني.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ذلك جبريل، لو دنا لأخذه )).
ثم حدث ما هو أشد من ذلك وأنكى، وذلك أن قريشاً اجتمعوا يوماً في الحطيم، وتكلموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدأ يطوف بالبيت، فلما مر بهم فغمزوه بمثلها، فعرف ذلك بوجهه، ثم مرة بهم الثانية، فغمزوه بمثلها، فعرف ذلك في وجهه، ثم مرة بهم الثالثة، فغمزوه بمثلها، فوقف، ثم قال : (( أتسمعون يا معشر قريش : أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح )) صحيح السيرة النبوية، فأخذت القوم كلمته، كأن على رؤوسهم طائراً وقع، حتى أن أشدهم فيه ليرفؤه بأحسن ما يجد.
فلما كان الغد اجتمعوا كذلك يذكرون أمره، إذ طلع عليهم، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، فأخذوا بمجامع ردائه، وقالوا : أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آبائنا ؟ قال : (( أنا ذاك ))، فانقضوا عليه. هذا يحثه، وهذا يبلبله، وأقبل عقبة بن أبي معيط فلوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقاً شديداً، وأتى الصريخ إلى أبي بكر، أدرك صاحبك، فجاء وأخذ بمنكبي عقبة ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ يضرب هذا، ويجاهد هذا، وهو يقول : ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله. فانصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، وضربوه ضرباً لا يعرف وجهه من أنفه، وكانت له أربع غدائر فما يمسون منها شيئًا إلا رجع، فحملته بنو تميم،في ثوب وأدخلوه منزله، ولا يشكون في موته، فتكلم آخر النهار، فسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاموه، وخرجوا من عنده، وعرض عليه الطعام والشراب فأبى أن يأكل أو يشرب حتى يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما هدأ الليل وسكن الناس أوصلوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في دار الأرقم، فلما وجده بخير ساغ له الطعام والشراب.
وقد خرج أبو بكر رضي الله عنه يريد الهجرة إلى الحبشة بعدما اشتد عليه الأذى وتضايقت عليه سبل الحياة، ولما بلغ برك الغماد لقيه مالك بن الدغنة سيد القارة والأحابيش (القارة : اسم قبيلة عظيمة، والأحابيش : مجموعة قبائل تحالفوا عند جبل حبشي فسموا بذلك)، فسأله عن قصده، فأخبره، فقال : مثلك يا أبا بكر لا يخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فأنا لك جار، فارجع واعبد ربك ببلدك، ثم رجع إلى مكة، وأعلن ابن الغنة في قريش عن جواره لأبي بكر، فلم ينكروا عليه، ولكن قالوا له : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ولا يستعلن، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا وضعفتنا، فلبث أبو بكر بذلك فترة، ثم بنى مسجداً بفناء داره، واستعلن بصلاته وقراءته، فذكره ابن الدغنة بجواره. فرد عليه أبو بكر جواره، وقال : أرضى بجوار الله.
وكان رجلاً بكاء لا يملك عينيه إذ قرأ القرآن، فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، وهم يعجبون منه، وينظرون إليه، فكان المشركون يؤذنونه لأجل ذلك.
وأثناء هذه الظروف القاسية التي كان يمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث ما أفضى إلى إسلام بطلين جليلين من أبطال قريش طالما استراح المسلمون تحت ظل قوتهما، وهما : حمزة بن عبدالمطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب رضي الله عنه.


الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم (موجزة) الجعلي الشريف المنتدى الاسلامي 10 24 Jan 2011 06:28 AM
مـــعـــجــزااات النبي صلى الله عليه وسلم بندر النايف منتدى خير البشر وخاتم الرسل 20 05 Dec 2008 10:25 PM
سيرة النبي صلى الله عليه و سلم بسمة منتدى خير البشر وخاتم الرسل 6 28 Nov 2006 05:07 AM
من زهد النبي صلى الله عليه وسلم أبو نايف منتدى خير البشر وخاتم الرسل 6 04 Jun 2006 06:39 PM
من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم : الصلاة والسلام عليه أبو نايف منتدى خير البشر وخاتم الرسل 8 18 May 2006 04:46 PM
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

01:12 AM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com