|
|||||||||||||||||
إنه دين فَخذوه من أهله .
في رَدٍّ على سُؤالٍ وُجِّه للشيخ محمد بن محمد المُختار الشنقيطي ، عن مَوقِف طالِب العِلم تُجاه مَن يُفتي بغير عِلم ، قال : أولاً وقبل كُلِّ شيءٍ ، علينا جميعًا أن نعلمَ أنَّ هذا الدِّينَ لا يُقبَلُ فيه إلَّا ما كان مبنِيًّا على حُجَّةٍ وبُرهانٍ من كتاب اللهِ ، وسُنَّةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . وبِناءً على ذلك ، فلا يُقبَلُ قولُ أيِّ قائِلٍ ، ولا يُقبَلُ رأيُ أيِّ ذِي رأي إذا صادَمَ شَرعَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، أو كان عن هَوَى ، أو كان عن تيسيرٍ وتلاعُبٍ بالشَّرع ، أو تشديدٍ وتنطُّعٍ في الدِّين . فإنَّ المُخطِئَ في فتواه ، إمَّا مُتساهِلٌ مُتهتِّكٌ ، وإمَّا مُتشدِّدٌ مُتزَمِّتٌ . والعَدلُ والقِسطُ والصِّراطُ المُستقيمُ أن تُقامَ شعائِرُ اللهِ ، وأن يُقامَ دِينُ اللهِ ، وأن يَشعُرَ النَّاسُ بعِزَّةِ هذا الدِّين ، وبمَسئوليَّتِهم أمام أوامِر اللهِ في كتابه ، وعلى لِسان رسُوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، ونواهيه وزواجره ، وأن يُقامَ النَّاسُ على الدِّين الحَقِّ ، وعلى الشَّريعة . وعلى هذا ، فمَن هو المُفتي ؟ المُفتي هو الذي يُخبِرُ عن هذا الحَقِّ . والمُفتي هو شَخصٌ يتقلَّدُ هذه الأمانةَ بمَسئوليَّةٍ ، إمَّا أن يُقلِّدَ بشهادةِ أهل العِلم الثِّقاتِ ، فيَشهَدُ له أهلُ العِلم - مشائِخ ومِن طلبةِ العِلم - أنَّه أهلٌ للفتوى ، فيُجيزونه في الفتوى . وإمَّا أن يتعذَّرَ وجودُ العُلماءِ الذين يَشهدون له ، فيكونُ هو قد تلقَّى العِلمَ ، وعَلِمَ الفتوى عن مشائِخِهِ ، ووجد وظهر له بصادِق الحَقِّ في فتاويه ، وشَهِدَ له النَّاسُ أو شَهِدَ له أقرانُه بالإصابةِ ، فهذا في أحوالٍ نادرة . أمَّا الأصلُ فالمُفتي مُخبِرٌ عن حُكم الله ورسُولِه عليه الصلاةُ والسَّلامُ . بناءً على ذلك ، إذا جاء بشيءٍ مِن تساهُلٍ ، أو جاء بشيءٍ مِن تَشَدُّدٍ وتزمُّتٍ ، فهو رَدٌّ عليه . الحُكمُ للهِ عَزَّ وجلَّ . أمَّا بالنسبةِ لمَوقِف النَّاس : أولاً وقبل كُلِّ شيءٍ ، مَن صَدَقَ مع اللهِ ، صَدَقَ اللهُ معه . مَن بَحَثَ عن الحَقِّ ، وتَجَرَّدَ للصوابِ ، وأرادَ أن يَعرِفَ ما هِيَ السُّنَّةُ ، وما هو هَدْي النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، وأراد أن يَسيرَ على صِراطِ اللهِ المُستقيم ، لَيُيَسِّرَنَّ اللهُ أمرَه ، ولَيَشرَحَنَّ اللهُ صَدرَه ، ولَيُوفِّقه رَبُّهُ لِمَن يأخُذُ بناصيتِهِ إلى الخير ، بتوفيق اللهِ جَلَّ جلالُه ؛ لأنَّ النِّيَّةَ صالِحة . وإذا تَوَجَّه النَّاسُ بهذا التَّوجُّهِ الصَّادِق ؛ أنَّهم يُريدونَ حُكمَ اللهِ عَزَّ وجلَّ ، وأنَّهم لا يُريدونَ التَّلاعُبَ بالدِّين والتَّساهُلَ والتَّرخُّصَ وتتبُّع الرُّخص ورُخصًا على العُلماءِ ، والتَّساهُل في شعائِر الإسلام ودِينه ، وصَدَقوا مع اللهِ ، صَدَقَ اللهُ معهم ، وقيَّضَ لهم مِن العُلماءِ النَّاصِحينَ والثِّقاتِ المُؤتمَنِينَ ، مَن يَدُلُّهم على صِراطِ اللهِ المُبين . الحَقُّ ما يَخفى ، الحَقُّ واضِحٌ ، (( قدْ تركتُكم على البيضاءِ ليلُها كنهارِها ، لا يزيغُ عنها بعدي إلَّا هالِكٌ )) صحيح الجامع . والزَّيغُ يأتي في القلوب ، ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ الصف/5 . نعوذُ باللهِ مِن زَيْغِ القلوب . كيف تزيغُ القلوب ؟ يُبحثُ عن الرُّخصة ، فتجِدُه يُقالُ له : الشيخُ فُلان يُفتي بأنَّ هذا واجِبٌ عليكَ ، أو تفعلُ كذا وكذا في صلاتِكَ أو زكاتِكَ أو حَجِّكَ أو عُمْرتِكَ أو صومِكَ ، فيقولُ : لا ، أُريدُ أحدًا يُسهِّلُ علينا ، نُريدُ أحدًا يُيسِّرُ علينا ، الدِّينُ يُسْر . اليُسْرُ الذي في دِين اللهِ هو الذي بيَّنه كِتابُ اللهِ وسُنَّةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ؛ لأنَّ جميعَ ما ورد في كِتابِ اللهِ وسُنَّةِ النبيِّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – وَصَفَه اللهُ بصِفة ، بَيَّنَ أنَّها إرادتُه ، فقال سُبحانه : ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ البقرة/185 . فمعناه : الذي يُريدُ اليُسْرَ الحقيقيَّ – الذي هو يُسْرُ الدِّين – فليبنِه على كِتابِ اللهِ وسُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، وليَسمَع وليُطِع لأئمةِ الإسلام ودواوين العِلم ؛ لأنَّ هؤلاءِ هم المُؤتمَنُونَ على دِين اللهِ وشَرْعِهِ . أمَّا اليُسْرُ مِن عندِ الأنفُس ، ومِن عِند الأهواءِ ، ورُضوخًا للناسِ ، وتوسِعةً على الناسِ ، فهذا شيءٌ مِن عِند مَن يُفتي بذلك ، وعِلمًا يُرخِّصُ على الناس ويُيسِّرُ على الناس . أمَّا يُسْرُ اللهِ – عَزَّ وجلَّ – فهو القائِمُ على الدِّين والشَّريعة والمِلَّة ، ولذلك أوجَبَ اللهُ على عِبادِهِ الواجباتِ ، وحَرَّمَ عليهم المُحرَّماتِ ، وليس فيها أيُّ عُسْرٍ أبدًا . مَن يقولُ إنَّ أيَّ تشريعٍ يُلزَمُ به الرَّجُلُ أو تُلزَمُ به المرأةُ في دِين الله – عَزَّ وجلَّ – أنَّه عُسْرٌ ، فقد كَذَبَ وفَجَر ولُقِمَ الحَجَر ؛ لأنَّ اللهَ نَصَّ في كِتابِهِ وسُنَّةِ النبيِّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – أنَّه يُسْرٌ . بِناءً على ذلك ، إذا أفتَى المُفتِي ، وكان مِن أهل الفتوى ، وكانت فتواه مبنيَّةً على أصلٍ شَرعِيٍّ صحيح ، وبذَلَ جُهدَه ، وهو أهلٌ للاجتهادِ والنَّظَر ، وبَيَّنَ لنا حُكمَ اللهِ في المسألةِ ، فحِينئذٍ أُلْزِمنا بالسَّمعِ والطَّاعةِ للعُلماءِ والأئمة . لكنْ أن تتوفَّرَ فيه الأهليَّة ، وأن يُقيمَ شَرعَ اللهِ – عَزَّ وجلَّ – كما أمَرَ اللهُ عَزَّ وجلَّ ، وأن يكونَ فيه اتِّباعٌ للكِتابِ والسُّنَّةِ وسَلَفِ هذه الأُمَّةِ . أمَّا إذا أخذنا يمينًا وشِمالاً ، وأخذنا نبحثُ عن أن نُيَسِّرَ للناسَ ، مَن نحنُ حتَّى نُيسِّر ؟! ما نستطيعُ أن نُيسِّر ؛ لأنَّ التَّيسيرَ هو تيسيرُ اللهِ . أنستدرِكُ على دِين الله ؟! حاشا لله . ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ المائدة/3 . إذًا الواجِبُ على طالِب العِلمِ وعلى السَّائِلِ أن يبحثَ عَمَّن هو أهلٌ للفتوى ، والواجِبُ على مَن يُفتي أن يتَّقِيَ اللهَ في أُمَّةِ مُحمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، وأن يتَّقِيَ اللهَ فيمَن اختاره مِن بين الناسِ حُجَّةً . كُلُّ مَن تستفتيه سيكونُ حُجَّةً لَكَ أو عليكَ أمامَ اللهِ عَزَّ وجلَّ . عليكَ أن تعلمَ هذا . ليس كما يقولُ العامَّةُ : إنَّ الإنسانَ إذا استفتى العالِمَ أو الشيخُ ، أصبحَ الشيخُ حِجابًا له مِن النَّار ، لا ، ما ينفع هذا . إنَّما إذا تحصَّلَ يبحثُ عن أيِّ إنسانٍ يقولُ أجعله بيني وبين النار ، لا ، أبدًا ، ما يكونُ هذا إلَّا إذا كان عالِمًا ربَّانِيًّا ، يُرضَى دِينُه ، وتُرضَى أمانتُه ، ويَشهَدُ له الثِّقاتُ أنَّه أهلٌ ، وعُرِفَ بتعاطيه لهذا الأمر ، وتعاطيه للفتوى عن خِبرةٍ وعِلم . واللهِ لقد أدركنا عُلماء وأئمةً شابت رُؤوسُهم في طلب العِلم ، وفي تعليم الناس ، وفي إفتائِهم ، وفي توجيههم ، فما وجدناهم إذا سألَهم الناسُ ، إلَّا وهم أشدّ خوفًا ، نَحسبُهم ولا نُزكِّيهم على الله ، ولم نجدهم يتساهلون في دِين اللهِ - عَزَّ وجَلَّ - بِذَرَّة .
|
28 Jul 2013, 07:05 AM | [ 2 ] | |||||||
عضوة متميزة
|
رد: إنه دين فَخذوه من أهله .
يسلمووو ياعبث على هذا النقل الطيب و الله يزيدنا تمسكاً بديننا .. |
|||||||
28 Jul 2013, 06:01 PM | [ 3 ] | ||||||||
مؤسس شبكة الشدادين
|
رد: إنه دين فَخذوه من أهله .
تسلمين والله يا عبث ويا هلا بك وباطلالاتك الرائعة وتواجدك المميز والله يجزاك كل خير ويعافيك |
||||||||
28 Jul 2013, 10:17 PM | [ 4 ] | |||||||
عضوة متميزة
|
رد: إنه دين فَخذوه من أهله .
يسلمو خيتي على الطرح الرائع وجزاك الله خير |
|||||||
29 Jul 2013, 04:51 AM | [ 5 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضوة متميزة
|
رد: إنه دين فَخذوه من أهله .
ششكرا على المرور |
||||||||||||||||||||||||||||
29 Jul 2013, 04:52 AM | [ 6 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضوة متميزة
|
رد: إنه دين فَخذوه من أهله .
ششكرا على المرور ولاهنت |
||||||||||||||||||||||||||||
29 Jul 2013, 04:53 AM | [ 7 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضوة متميزة
|
رد: إنه دين فَخذوه من أهله .
ششكرا على المرور , لاهنتِ |
||||||||||||||||||||||||||||
29 Jul 2013, 06:50 PM | [ 8 ] | ||||||||
عضو متميز
|
رد: إنه دين فَخذوه من أهله .
الله يجزآش كل خير على هالطرح عبث ...
|
||||||||
29 Jul 2013, 08:20 PM | [ 9 ] | |||||||
عضوة متميزة
|
رد: إنه دين فَخذوه من أهله .
بارك الله فيك ، ولاحرمك الاجر يارب شكري وتقديري .. |
|||||||
31 Jul 2013, 12:21 AM | [ 10 ] | |||||||
عضوة متميزة
|
رد: إنه دين فَخذوه من أهله .
بارك الله فيك عزيزتي على النقل الطيــــب جزيتي خيــــرآ دمتي بحفظ الله |
|||||||