..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الإسلامية > المنتدى الاسلامي
 
أدوات الموضوع
إضافة رد
  [ 1 ]
قديم 24 Jul 2010, 12:22 PM

خشوف الشدادي غير متصل

تاريخ التسجيل : Nov 2009
رقم العضوية : 22459
الإقامة : saudi arabia
الهواية : بعثرت الاوراق ونثر الحروف
المشاركات : 2,333
معدل التقييم : 25
الملف الشخصي للكاتب
إضافة تقييم
الرد على الموضوع
ارسال الموضوع لصديق
طباعه الموضوع
تبليغ عن الموضوع
حملة حفظ سورة البقرة ..(3)



بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته








لا شك ولا ريب أن أول الأمور في طلب العلم بل هو أعظمها وأجلّها ( حفظ القرآن الكريم ) والناظر إلى سير علمائنا السابقين واللاحقين يجد أنهم أول ما يهتمون بحفظ القرآن الكريم فيحفظونه منذ نعومة أظفارهم قبل البلوغ ذلك لأنه أساس العلوم وقوامها ومنه أولاً تستمد الأحكام والأدلة ، ثم بعد ذلك يتدرجون في سلم العلوم الشرعية .

قال الميموني : سألت أبا عبدالله ( يعني الإمام أحمد ) أيهما أحب إليك أبدأ ابني بالقرآن أو بالحديث ؟ قال : لا بالقرآن ،قلت : أعلمه كله ؟ قال : إلا أن يعسر ، فتعلمه منه . ( الآداب الشرعية لابن مفلح ( 2/ 33 )

وقال الخطيب البغدادي : ينبغي للطالب أن يبدأ بحفظ كتاب الله عز وجل إذ كان أجل العلوم وأولاها بالسبق والتقديم . ( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/106 ).

وقال الحافظ النووي رحمه الله : وأول ما يبتدئ به حفظ القرآن العزيز فهو أهم العلوم ، وكان السلف لا يُعلِّمون الحديث والفقه إلا لمن حفظ القرآن . ( مقدمة المجموع شرح المهذب )

وقال شيخ الإسلام : وأما طلب حفظ القرآن فهو مقدم على كثير مما تسميه الناس علما وهو إما باطل أو قليل النفع ، وهو أيضا مقدم في التعلم في حق من يريد أن يتعلم علم الدين من الأصول والفروع ، فإن المشروع في حق مثل هذا في هذه الأوقات أن يبدأ بحفظ القرآن فإنه أصل علوم الدين .( الفتاوى الكبرى 2/235)

والذي يشاهد واقع الشباب اليوم يجد أن بعضهم يُغفل جانب حفظ القرآن بل بعضهم يبدأ بالحفظ قليلاً ثم لا يلبث أن ينقطع مع أنه ربما يكون مجتهداً في حضور الدروس العلمية الشرعية .
وبما أن الله منّ عليّ بتدريس وتعليم القرآن سنوات عديدة - أسأل الله أن لا يحرمني أجرها – فقد جمعت بعض الأسباب من خلال الواقع التي يعتذر بها بعض الشباب عن مواصلة الحفظ ثم أردفت كل سبب بالحلول المناسبة له من وجهة نظري .

وقبل البدء لابد من معرفة حقيقة عظيمة هي أن هذا القرآن سهل الحفظ لسهولة ألفاظه وسلاسة أسلوبه قال الله تعالى : (( ولقد يسَّرنا القرآن للذِّكر فهل من مّدَّكر )) قال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسيره : ولقد يسرنا وسهلنا هذا القرآن الكريم ألفاظه للحفظ والأداء ، ومعانيه للفهم والعلم لأنه أحسن الكلام لفظاً وأصدقه معنى وأبينه تفسيراً ، فكل من أقبل عليه يسّر الله عليه مطلوبه غاية التيسير وسهّله عليه .. ثم يقول : ولهذا كان علم القرآن حفظاً وتفسيراً أسهل العلوم وأجلّها على الإطلاق وهو العلم النافع الذي إذا طلبه العبد أعين عليه ، وقال بعض السلف عند هذه الآية : هل من طالب علم فيُعان عليه ؟ ولهذا يدعو الله عباده إلى الإقبال عليه والتذكر بقوله : (( فهل من مدّكر )) انتهى كلامه رحمه الله .

إذاً فالأصل في القرآن أنه سهل الحفظ ميسوره لكن الخلل منا نحن الذين تشاغلنا عن الإقبال عليه حفظاً وتفهماً بأعذارٍ بعضها يوجد لها حل وكثير منها من تلبيس إبليس على الشباب .

وقد رأيت أن هذه الأسباب تجتمع في ثلاثة أسباب رئيسية هـي :
1) الاعتذار بكثرة المشاغل سواء كانت مشاغل الوظيفة أو الأهل أو نحو ذلك ، ولا شك أن الناس جميعاً في انشغالات لا تنتهي بل حتى أهل القبور دخلوا قبورهم ولمّا تنقضي مشاغلهم!! لكن شتان بين من ينشغل في الدنيا وطلب الرزق ويجعل هذا همه الأكبر وبين من ينشغل بالإقبال على القرآن والعلم وما يفيده في آخرته .
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم القدوة فهو القائد والإمام ورب الأسرة والمربي والعابد الزاهد ولم يمنعه كل ذلك صلى الله عليه وسلم من إعطاء كل ذي حق حقه . فالحل لمثل هذا الأمر يكمن في تنسيق وتنظيم الوقت فلا يطغى جانب على جانب قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك وضيفك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه . فقال صلى الله عليه وسلم ( صدق سلمان ) رواه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما . ثم لو علم الإنسان عظمة كلام الله عز وجل حق العلم لاستحى أن يُعطيه فاضل وقته .

2) الاعتذار بطلب العلم ، وهذا لا شك أمر مردود لأن كتاب الله جل وتعالى أول ما ينبغي على طالب العلم الإقبال عليه فهو أهم المهمات كما تقدم . قال الخطيب البغدادي رحمه الله : والعلم كالبحار المتعذّر كيلها والمعادن التي لا ينقطع نيلها فاشتغل بالمهم منه فإنه من شغل نفسه بغير المهم أضـرّ بالمهم . انتهى
وإذا طلبت العلم فاعلم أنه *** حِمل فأبصر أيّ شيءٍ تحمـل
وإذا علمتَ بأنه متفاضـل *** فاشغل فؤادك بالذي هو أفضل

فاحرص يا أخي على البدء بكتاب الله حفظاً وتفهماً ، ولا بأس مع تنظيم الوقت المذكور آنفاً أن تأخذ من العلوم بعد ذلك ما أردت .

3) الاعتذار بتفلّت القرآن ونسيانه ، وهذا مدخل شيطاني خطير والدليل على ذلك أنه يعالج الداء بداء آخر فيعالج النسيان بترك الحفظ والمراجعة ، وهذا خطأ بلا شك . سألت أحد الشباب
ممن ابتدأ في حفظ القرآن ثم انقطع عن سبب انقطاعه فقال : لأنني نسيت ما حفظت فقلت له : وهل انقطاعك يذكرك ما نسيت أو يزيد في حفظك ؟!
والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا بهذه الحقيقة أي أن القرآن شديد التفلّت لكنه أرشدنا إلى الحل الأمثل في ذلك بل أنه قدم الحل قبل بيان المشكلة كما في الحديث المتفق عليه ( تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها ) فأمرنا بتعاهده والتعاهد هو كثرة المراجعة ولا شك أن المتعاهد للقرآن سينشط بعد ذلك في مواصلة الحفظ .

هــذا وإن هناك أسباباً حقيقية تصـد الشـاب عن حفظ القـرآن والإقبال عليه أذكر منها :
1) الوحدة : وذلك بأن يريد الشاب أن يحفظ القرآن لوحده بجهده الخاص ولا ريب أن هذا الفعل فيه عدة سلبيات منها أنه قد يعتريه الفتور سريعاً فيقعد عن مواصلة الحفظ ، وكذلك فإنه قد لا يكتشف أخطاءه إذا كان يقرأ لوحده ، وعلى كل حال فقد قال عليه الصلاة والسلام ( إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) رواه الحاكم . فعليك يا أخي أن تتواصى مع غيرك من إخوانك في حفظ القرآن الكريم أو الالتحاق بحِلق تحفيظ القرآن المنتشرة ولله الحمد وذلك لتحفظ على الوجه الصحيح ويتبيّن لك مدى إتقانك لما تحفظ .

2) استطالة طريق الحفظ : فقد يبدأ الشاب في الحفظ ويريد أن يختم القرآن في أسبوع أو أسبوعين أو شهر أو شهرين ثم ما يلبث أن يستطيل المدة فيفتر والسبب في ذلك الحماس غير المنضبط . فعليك أن تعلم يا أخي أن حفظ القرآن لا بد له من وقت طويل يُقدر بثلاث سنوات تقريباً في الغالب وكلٌ على حسب طاقته وجهده وتفرغه فلا تُحمِّل نفسك فوق طاقتها ولا تستعجل في أمرٍ لك فيه أناة قال صلى الله عليه وسلم ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ) متفق عليه .

3) المعاصي : وهذا بلا شك سبب رئيس في الحرمان من كل خير فلا يُحرَم العبد خيراً إلا بسبب ما كسبته نفسه من المعاصي والآثام قال صلى الله عليه وسلم ( إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ) رواه الإمام أحمد ، ولا شك أن حفظ القرآن الكريم من أعظم وأجل النعم على العبد ، فاجتهد يا أخي في تحرير نفسك من ذلّ المعصية وشؤمها لينفتح لك باب المعونة من الله عز وجلّ .

أسأل الله تعالى بمنّه وكرمه أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته ، وأن يجعلنا من الذين يقيمون حروف القرآن كما يُقيمون حدوده وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

عامر بن عيسى اللهو
المدرس بقسم الدراسات القرآنيّة
بكليّـة المعلميـن بالدمـام



على بركة الله نبداء
جدولنا لهذا الاسبوع

ورد يوم السبت


ورد يوم الاحد


ورد يوم الاثنين


ورد يوم الثلاثاء


ورد يوم الاربعاء





جدول الاسبوع الثالث

لحملة حفظ سورة البقرة
.....................................

السبت من آية 62 إلى آية 69
الاحد من آية 70 إلى آية 76
الاثنين من آية 77 إلى آية 83
الثلاثاء من آية 84 إلى آية 88
الاربعاء من آية 89 إلى آية 93

وأسأل الله ان يبارك لنا في عملنا هذا

ويُيسره لنا ويرزقنا العمل بما نحفظ .. حتى نكون ممن تدارس القرآن قرائه ودرايه .. بإذن الله ..



هذا موقع لمراجعة الحفظ

http://quran.muslim-web.com/









رد مع اقتباس
قديم 24 Jul 2010, 12:29 PM [ 2 ]

تاريخ التسجيل : Nov 2009
رقم العضوية : 22459
الإقامة : saudi arabia
الهواية : بعثرت الاوراق ونثر الحروف
مواضيع : 202
الردود : 2131
مجموع المشاركات : 2,333
معدل التقييم : 25خشوف الشدادي is on a distinguished road

خشوف الشدادي غير متصل


رد: حملة حفظ سورة البقرة ..(3)






تفسير الايات


..................................


" إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون "



ثم قال تعالى حاكما بين الفرق الكتابية " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " .
وهذا الحكم على أهل الكتاب خاصة, لأن الصابئين, الصحيح, أنهم من جملة فرق النصارى.
فأخبر الله أن المؤمنين من هذه الأمة, واليهود والنصارى, والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر, وصدقوا رسلهم, فإن لهم الأجر العظيم, والأمن, ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأما من كفر منهم بالله ورسله واليوم الآخر, فهو بضد هذه الحال, فعليه الخوف والحزن.
والصحيح أن هذا الحكم بين هذه الطوائف, من حيث هم, لا بالنسبة إلى الإيمان بمحمد, فإن هذا, إخبار عنهم قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وأن هذا مضمون أحوالهم.
وهذه طريقة القرآن, إذا وقع في بعض النفوس عند سياق الآيات بعض الأوهام, فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم, لأنه تنزيل ممن يعلم الأشياء قبل وجودها, ومن رحمته وسعت كل شيء.
وذلك - والله أعلم - أنه ذكر بني إسرائيل وذمهم, وذكر معاصيهم وقبائحهم, ربما وقع في بعض النفوس, أنهم كلهم يشملهم الذم.
فأراد الباري تعالى أن يبين من لا يلحقه الذم منهم بوصفه.
ولما كان أيضا, ذكر بني إسرائيل خاصة, يوهم الاختصاص بهم, ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها, ليتضح الحق, ويزول التوهم والإشكال.
فسبحان من أودع في كتابه, ما يبهر عقول العالمين.
" وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون "


ثم عاد تبارك وتعالى يوبخ بني إسرائيل بما فعل سلفهم فقال: " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ " الآية.
أي: واذكروا " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ " وهو العهد الثقيل المؤكد بالتخويف لهم, برفع الطور فوقهم وقيل لهم " خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ " من التوراة " بِقُوَّةٍ " أي: بجد واجتهاد, وصبر على أوامر الله.
" وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ " أي: ما في كتابكم, بأن تتلوه وتتعلموه.
" لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " عذاب الله وسخطه, أو لتكونوا من أهل التقوى.
" ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين "


فبعد هذا التأكيد البليغ " تَوَلَّيْتُمْ " وأعرضتم, وكان ذلك موجبا لأن يحل بكم أعظم العقوبات.
ولكن " فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ " .
" ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين "


" وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ " أي: ولقد تقرر عندكم حالة " الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ " وهم الذين ذكر الله قصتهم مبسوطة في سورة الأعراف في قوله " وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ " الآيات.
فأوجب لهم هذا الذنب العظيم, أن غضب الله عليهم, وجعلهم " قِرَدَةً خَاسِئِينَ " حقيرين ذليلين.
" فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين "


وجعل الله هذه العقوبة " نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا " أي: لمن حضرها من الأمم, وبلغه خبرها, ممن هو في وقتهم.
" وَمَا خَلْفَهَا " أي: من بعدها, فتقوم على العباد حجة الله, وليرتدعوا عن معاصيه, ولكنها لا تكون موعظة نافعة إلا للمتقين.
وأما من عداهم, فلا ينتفعون بالآيات
" وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين "


أي: واذكروا ما جرى لكم مع موسى, حين قتلتم قتيلا, فأدارئتم فيه, أي: تدافعتم واختلفتم في قاتله, حتى تفاقم الأمر بينكم وكاد - لولا تبيين الله لكم - يحدث بينكم شر كبير.
فقال لكم موسى في تبين القائل: اذبحوا بقرة.
وكان من الواجب, المبادرة إلى امتثال أمره, وعدم الاعتراض عليه.
ولكنهم أبوا إلا الاعتراض, فقالوا: " أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا " فقال نبي الله " أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ " .
فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه, وهو الذي يستهزئ بالناس.
وأما العاقل, فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل, استهزاءه بمن هو آدمي مثله.
وإن كان قد فضل عليه, فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه, والرحمة لعباده.
فلما قال لهم موسى ذلك, علموا أن ذلك صدق فقالوا
" قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون "


" ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ " أي: ما سنها " قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ " أي: كبيرة " وَلَا بِكْرٌ " أي: صغيرة " عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ " أي: متوسطة بين.
السنين, المذكورين سابقا.
وهما الصغر والكبر.
" فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ " واتركوا التشديد والتعنت.
" قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين "


" قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا " أي: شديد " تَسُرُّ النَّاظِرِينَ " من حسنها.
" قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون "


" قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا " فلم نهتد إلى ما تريد " وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ
" قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون "


قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ " أي مذللة بالعمل.
" تُثِيرُ الْأَرْضَ " بالحراثة " وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ " أي: ليست بسانية " مُسَلَّمَةٌ " من العيوب أو من العمل " لَا شِيَةَ فِيهَا " أي: لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم.
" قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ " أي: بالبيان الواضح.
وهذا من جهلهم, وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة.
فلو أنهم اعترضوا أي بقرة, لحصل المقصود, ولكنهم شددوا بكثرة الأسئلة فشدد الله عليهم, ولو لم يقولوا " إن شاء الله " لم يهتدوا أيضا إليها.
" فَذَبَحُوهَا " أي: البقرة التي وصفت بتلك الصفات.
" وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ " بسب التعنت الذي جرى منهم
" فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون "


فلما ذبحوها, قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها, أي: بعضو منها, إما بعضو معين, أو أي عضو منها, فليس في تعيينه فائدة, فضربوه ببعضها فأحياه الله, وأخرج ما كانوا يكتمون, فأخبر بقاتله.
وكان في إحيائه - وهم يشاهدون - ما يدل على إحياء الله الموتى.
لعلكم تعقلون, فتنزجرون عن ما يضركم.
" ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون "


" ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ " أي: اشتدت وغلظت, فلم تؤثر فيها الموعظة.
" مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ " أي: من بعد ما أنعم الله عليكم بالنعم العظيمة, وأراكم الآيات.
ولم يكن ينبغي أن تقسو قلوبكم, لأن ما شاهدتم, مما يوجب رقة القلب وانقياده.
ثم وصف قسوتها بأنها " كَالْحِجَارَةِ " التي هي أشد قسوة من الحديد.
لأن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار, ذاب, بخلاف الأحجار.
وقوله " أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً " أي: إنها لا تقصر عن قساوة الأحجار.
وليست " أو " بمعنى " بل " .
ثم ذكر فضيلة الأحجار على قلوبهم فقال " وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ " فبهذه الأمور فضلت قلوبكم.
ثم توعدهم تعالى أشد الوعيد فقال " وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " بل هو عالم بها حافظ لصغيرها وكبيرها, وسيجازيكم على ذلك, أتم الجزاء وأوفاه.
واعلم أن كثيرا من المفسرين رحمهم الله, قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل, ونزلوا عليها الآيات القرآنية, وجعلوها تفسيرا لكتاب الله, محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " .
والذي أرى أنه, وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه, تكون مفردة غير مقرونة, ولا منزلة على كتاب الله, فإنه لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله قطعا إذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذلك أن مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم " .
فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكا فيها, وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه ومعانيه.
فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة, التي يغلب على الظن كذبها, أو كذب أكثرها, معاني لكتاب الله, مقطوعا بها, ولا يستريب بهذا أحد.
ولكن بسبب الغفلة عن هذا, حصل ما حصل.
والله الموفق.
" أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون "


هذا قطع لأطماع المؤمنين من إيمان أهل الكتاب, أي: فلا تطمعوا في إيمانهم.
وأخلاقهم لا تقتضي الطمع فيهم, فإنهم كانوا يحرفون كلام الله من بعد ما عقلوه وعلموه, فيضعون له معاني, ما أرادها الله, ليوهموا الناس أنها من عند الله, وما هي من عند الله.
فإذا كانت حالهم في كتابهم الذي يرونه شرفهم ودينهم يصدون به الناس عن سبيل الله, فكيف يرجى منهم إيمان لكم؟!.
فهذا من أبعد الأشياء.
" وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون "


ثم ذكر حال منافقي أهل الكتاب فقال " وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا " فأظهروا لهم الإيمان قولا بألسنتهم, ما ليس في قلوبهم.
" وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ " فلم يكن عندهم أحد من غير أهل دينهم قال بعضهم لبعض: " أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ " أي: أتظهرون لهم الإيمان وتخبروهم أنكم مثلهم, فيكون ذلك حجة لهم عليكم؟.
يقولون: إنهم قد أقروا بأن ما نحن عليه حق, وما هم عليه باطل, فيحتجون عليكم بذلك عند ربهم.
" أَفَلَا تَعْقِلُونَ " أي: أفلا يكون لكم عقل, فتتركون ما هو حجة عليكم؟.
هذا يقوله بعضهم لبعض.
" أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون "


" أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ " فهم وإن أسروا ما يعتقدونه فيما بينهم, وزعموا أنهم بإسرارهم, لا يتطرق عليهم حجة للمؤمنين, فإن هذا غلط منهم وجهل كبير, فإن الله يعلم سرهم وعلنهم, فيظهر لعباده ما هم عليه.
" ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون "


" وَمِنْهُمْ " أي: من أهل الكتاب " أُمِّيُّونَ " أي: عوام, وليسوا من أهل العلم.
" لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ " أي: ليس لهم حظ من كتاب الله إلا التلاوة فقط, وليس عندهم خبر بما عند الأولين الذين يعلمون حق المعرفة حالهم, وهؤلاء, إنما معهم ظنون وتقاليد لأهل العلم منهم.
فذكر في هذه الآيات علماءهم, وعوامهم, ومنافقيهم, ومن لم ينافق منهم, فالعلماء منهم, متمسكون بما هم عليه من الضلال.
والعوام مقلدون لهم, لا بصيرة عندهم فلا مطمع لكم في الطائفتين.
" فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون "


توعد تعالى المحرفين للكتاب, الذين يقولون لتحريفهم وما يكتبون " هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " وهذا فيه إظهار الباطل وكتم الحق, وإنما فعلوا ذلك مع علمهم " لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا " .
والدنيا كلها - من أولها إلى آخرها ثمن - قليل.
فجعلوا باطلهم شركا يصطادون به ما في أيدي الناس, فظلموهم من وجهين: من جهة تلبيس دينهم عليهم, ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق, بل بأبطل الباطل, وذلك أعظم ممن يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما.
ولهذا توعدهم بهذين الأمرين فقال " فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ " أي: من التحريف والباطل " وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ " من الأموال.
والويل: شدة العذاب والحسرة, وفي ضمنها الوعيد الشديد.
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات من قوله " أَفَتَطْمَعُونَ " إلى " يَكْسِبُونَ " : فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه, وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة, على ما أصله من البدع الباطلة.
وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني, وهو متناول لمن ترك سر تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه.
ومتناول لمن كتب كتابا بيده, مخالفا لكتاب الله, لينال به دنيا وقال: إنه من عند الله, مثل أن يقول: هذا هو الشرع والدين, وهذا معنى الكتاب والسنة, وهذا معقول السلف والأئمة, وهذا هو أصول الدين, الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية.
ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة, لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله.
وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة, كالرافضة, وتفصيلا مثل كثير من المنتسبين إلى الفقهاء.
انتهى.
" وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون "


ذكر أفعالهم القبيحة, ثم ذكر - مع هذا - أنهم يزكون أنفسهم, ويشهدون لها بالنجاة من عذاب الله, والفوز بثوابه, وأنهم لم تمسهم النار إلا أياما معدودة, أي: قليلة تعد بالأصابع, فجمعوا بين الإساءة والأمن.
ولما كان هذا مجرد دعوى, رد الله تعالى عليهم فقال: " قُلْ " لهم, يا أيها الرسول " أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا " أي بالإيمان به وبرسله وبطاعته, فهذا الوعد الموجب لنجاة صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل.
" أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " ؟ فأخبر تعالى أن صدق دعواهم ومتوقف على أحد هذين الأمرين اللذين لا ثالث لهما.
إما أن يكونوا قد اتخذوا عند الله عهدا, فتكون دعواهم صحيحة.
وإما أن يكونوا متقولين عليه, فتكون كاذبة, فيكون أبلغ لخزيهم عذابهم.
وقد علم من حالهم أنهم لم يتخذوا عند الله عهدا, لتكذيبهم كثيرا من الأنبياء, حتى وصلت بهم الحال إلى أن قتلوا طائفة منهم, ولنكولهم عن طاعة الله ونقضهم المواثيق.
فتعين بذلك, أنهم متقولون مختلقون, قائلون عليه ما لا يعلمون.
والقول عليه بلا علم, من أعظم المحرمات, وأشنع القبيحات.
" بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "


ثم ذكر تعالى, حكما عاما لكل أحد, يدخل فيه بنو إسرائيل وغيرهم, وهو الحكم الذي لا حكم غيره, لا أمانيهم ودعاويهم بصفة الهالكين والناجين فقال: " بَلَى " أي: ليس الأمر كما ذكرتم, فإنه قول لا حقيقة له.
ولكن " مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً " وهو نكرة في سياق الشرط, فيعم الشرك فما دونه.
والمراد به: - هنا - الشرك, بدليل قوله " وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ " أي: أحاطت بعاملها, فلم تدع له منفذا, وهذا لا يكون إلا الشرك, فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته.
" فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية, وهي حجة عليهم كما ترى, فإنها ظاهرة في الشرك, وهكذا كل مبطل يحتج بآية, أو حديث صحيح على قوله الباطل فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه.
" والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون "


" وَالَّذِينَ آمَنُوا " بالله وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر.
" وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " ولا تكون الأعمال صالحة إلا بشرطين: أن تكون خالصة لوجه الله, متبعا بها سنة رسوله.
فحاصل هاتين الآيتين, أن أهل النجاة والفوز, هم أهل الإيمان والعمل الصالح.
والهالكون أهل النار هم المشركون بالله, الكافرون به.
فهذه الشرائع من أصول الدين, التي أمر الله بها في كل شريعة, لاشتمالها على المصالح العامة, في كل زمان ومكان, فلا يدخلها نسخ, كأصل الدين.
ولهذا أمرنا بها في قوله " وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا " إلى آخر الآية.
" وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون "


فقوله " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ " هذا من قسوتهم أن كل أمر أمروا به, استعصوا فلا يقبلونه إلا بالأيمان الغليظة, والعهود الموثقة.
" لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ " هذا أمر بعبادة الله وحده, ونهى عن الشرك به.
وهذا أصل الدين, فلا تقبل الأعمال كلها, إن لم يكن هذا أساسها, فهذا حق الله تعالى على عباده, ثم قال: " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " أي: أحسنوا بالوالدين إحسانا.
وهذا يعم كل إحسان, قولي, وفعلي, مما هو إحسان إليهم.
وفيه النهي عن الإساءة إلى الوالدين, أو عدم الإحسان والإساءة.
لأن الواجب, الإحسان, والأمر بالشيء, نهي عن ضده.
وللإحسان ضدان: الإساءة, وهي أعظم جرما.
وترك الإحسان بدون إساءة, وهذا محرم, لكن لا يجب أن يلحق بالأول.
وكذا يقال في صلة الأقارب واليتامى, والمساكين.
وتفاصيل الإحسان لا تنحصر بالعد, بل تكون بالحد, كما تقدم.
ثم أمر بالإحسان إلى الناس عموما فقال: " وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا " ومن القول الحسن أمرهم بالمعروف, ونهيهم عن المنكر, وتعليمهم العلم, وبذل السلام, والبشاشة وغير ذلك من كل كلام طيب.
ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله, أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق, وهو الإحسان بالقول, فيكون في ضمن ذلك, النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار, ولهذا قال تعالى: " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " .
ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به عباده, أن يكون الإنسان نزيها فى أقواله وأفعاله, غير فاحش ولا بذيء, ولا شاتم, ولا مخاصم.
بل يكون حسن الخلق, واسع الحلم, مجاملا لكل أحد, صبورا على ما يناله من أذى الخلق, امتثالا لأمر الله, ورجاء لثوابه.
ثم أمرهم بإقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة, لما تقدم أن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة متضمنة للإحسان إلى العبيد.
ثم بعد هذا الأمر لكم, بهذه الأوامر الحسنة التي إذا نظر إليها البصير العاقل, عرف أن من إحسان الله على عباده, أن أمرهم بها,, وتفضل بها عليهم, وأخذ المواثيق عليكم " ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ " على وجه الإعراض.
لأن المتولي قد يتولى, وله نية رجوع إلى ما تولى عنه.
وهؤلاء ليس لهم رغبة ولا رجوع في هذه الأوامر.
فنعوذ بالله من الخذلان.
وقوله " إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ " هذا استثناء, لئلا يوهم أنهم تولوا كلهم.
فأخبر أن قليلا منهم, عصمهم الله وثبتهم.
" وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون "


وهذا الفعل المذكور في هذه الآية, فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة.
وذلك أن الأوس والخزرج - وهم الأنصار - كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم مشركين, وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية.
فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود, بنو قريظة, وبنو النضير, وبنو قينقاع.
فكل فرقة منهم, حالفت فرقة من أهل المدينة.
فكانوا إذا اقتتلوا, أعان اليهودي حليفه على مقاتليه, الذين تعينهم الفرقة الأخرى من اليهود, فيقتل اليهودي اليهودي, ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب.
ثم إذا وضعت الحرب أوزارها, وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضا.
والأمور الثلاثة كلها, قد فرضت عليهم.
ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض, ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم, وإذا وجدوا أسيرا منهم, وجب عليهم فداؤه.
" ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون "


فعملوا بالأخير وتركوا الأولين, فأنكر الله عليهم ذلك فقال: " أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ " وهو فداء الأسير " وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ " وهو القتل والإخراج.
وفيها دليل على أن الإيمان, يقتضي فعل الأوامر, واجتناب النواهي وأن المأمورات من الإيمان قال تعالى: " فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " وقد وقع ذلك.
فأخزاهم الله, وسلط رسوله عليهم, فقتل من قتل, وسبى من سبى منهم, وأجلى من أجلى.
" وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ " أي: أعظمه " وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " .


" أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون "


ثم أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب, والإيمان ببعضه فقال: " أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ " توهموا أنهم إن لم يعينوا حلفاءهم حصل لهم عار, فاختاروا النار على العار.
فلهذا قال: " فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ " بل: هو باق على شدته, ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات.
" وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ " أي: يدفع عنهم مكروه.
" ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون "


يمتن تعالى على بني إسرائيل, أن أرسل لهم كليمه موسى, وآتاه التوراة, ثم تابع بعده بالرسل الذين يحكمون بالتوراة, إلى أن ختم أنبياءهم بعيسى عليه السلام.
وآتاه من الآيات البينات, ما يؤمن على مثله البشر.
" وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ " أي: قواه الله بروح القدس.
قال أكثر المفسرين: إنه جبريل عليه السلام, وقيل: إنه الإيمان الذي يؤيد الله به عباده.
ثم مع هذه النعم التي لا يقدر قدرها, لما أتوكم " بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ " عن الإيمان بهم.
" فَفَرِيقًا " منهم " كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ " فقدمتم الهوى على الهدى, وآثرتم الدنيا على الآخرة.
وفيها من التوبيخ والتشديد, ما لا يخفى.
" وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون "


أي: اعتذروا عن الإيمان لما دعوتهم إليه, يا أيها الرسول, بأن قلوبهم غلف, أي: عليها غلاف وأغطية, فلا تفقه ما تقول.
يعني, فيكون لهم - بزعمهم - عذر لعدم العلم, وهذا كذب منهم.
فلهذا قال تعالى: " بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ " أي: أنهم مطرودون ملعونون, بسبب كفرهم.
فقليلا, المؤمن منهم, أو قليلا, إيمانهم.
وكفرهم هو الكثير.
" ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين "


أي: ولما جاءهم من عند الله على يد أفضل الخلق, وخاتم الأنبياء, الكتاب المشتمل على تصديق ما معهم من التوراة, وقد علموا به, وتيقنوه على أنهم إذا كان وقع بينهم وبين المشركين في الجاهلية حروب, استنصروا بهذا النبي, وتوعدوهم بخروجه, وأنهم يقاتلون المشركين معه.
فلما جاءهم هذا الكتاب والنبي الذي عرفوا, كفروا به, بغيا وحسدا, أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده.
فلعنهم الله, وغضب عليهم غضبا بعد غضب, لكثرة كفرهم, وتوالى شكهم وشركهم.
" بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين "


" وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ " أي: مؤلم موجع, وهو صلى الجحيم, وفوت النعيم المقيم.
فبئس الحال حالهم, وبئس ما استعاضوا واستبدلوا من الإيمان بالله وكتبه ورسله, الكفر به, وبكتبه, وبرسله, مع علمهم وتيقنهم, فيكون أعظم لعذابهم.
" وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين "


أي: وإذا أمر اليهود بالإيمان بما أنزل الله على رسوله, وهو القرآن استكبروا وعتوا, و " قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ " أي: بما سواه من الكتب.
مع أن الواجب أن يؤمنوا بما أنزل الله مطلقا, سواء أنزل عليهم, أو على غيرهم, وهذا هو الإيمان النافع, الإيمان بما أنزل الله على جميع رسله.
وأما التفريق بين الرسل والكتب, وزعم الإيمان ببعضها دون بعض, فهذا ليس بإيمان, بل هو الكفر بعينه, ولهذا قال تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا " .
ولهذا رد عليهم تبارك وتعالى هنا, ردا شافيا, وألزمهم إلزاما لا محيد لهم عنه, فرد عليهم بكفرهم بالقرآن بأمرين فقال: " وَهُوَ الْحَقُّ " , فإذا كان هو الحق في جميع ما اشتمل عليه من الإخبارات, والأوامر والنواهي, وهو من عند ربهم, فالكفر به - بعد ذلك - كفر بالله, وكفر بالحق الذي أنزله.
ثم قال " مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ " أي: موافقا له في كل ما دل عليه من الحق ومهيمنا عليه.
فلم تؤمنون بما أنزل عليكم, وتكفرون بنظيره؟.
هل هذا إلا تعصب, واتباع للهوى لا للهدى؟ وأيضا, فإن كون القرآن مصدقا لما معهم, يقتضي أنه حجة لهم على صدق ما في أيديهم من الكتب, قلا سبيل لهم إلى إثباتها إلا به.
فإذا كفروا به وجحدوه, صاروا بمنزلة من ادعى دعوى بحجة وبينة, ليس له غيرها, ولا تتم دعواه إلا بسلامة بينته, ثم يأتي هو لبينته وحجته, فيقدح فيها ويكذب بها; أليس هذا من الحماقة والجنون؟ فكان كفرهم بالقرآن, كفرا بما في أيديهم ونقضا له.
ثم نقض عليهم تعالى دعواهم الإيمان بما أنزل إليهم بقوله: " قُلْ " لهم " فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
" ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون "


وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ " أي: بالأدلة الواضحات المبينة للحق.
" ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ " أي: بعد مجيئه " وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ " في ذلك ليس لكم عذر.
" وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين "


" وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا " أي: سماع قبول وطاعة واستجابة.
" قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا " أي: صارت هذه حالتهم " وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ " أي: صبغ حب العجل, وحب عبادته, في قلوبهم, وشربها بسبب كفرهم.
" قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " أي: أنتم تدعون الإيمان وتتمدحون بالدين الحق, وأنتم قتلتم أنبياء الله, واتخذتم العجل إلها من دون الله, لما غاب عنكم موسى, نبي الله, و لم تقبلوا أوامره ونواهيه إلا بعد التهديد ورفع الطور فوقكم, فالتزمتم بالقول, ونقضتم بالفعل.
فما هذا الإيمان الذي ادعيتم, وما هذا الدين؟ فإن كان هذا إيمانا على زعمكم, فبئس الإيمان الداعي صاحبه إلى الطغيان, والكفر برسل الله, وكثرة العصيان.
وقد عهد أن الإيمان الصحيح, يأمر صاحبه بكل خير, وينهاه عن كل شر.
فوضح بهذا كذبهم, وتبين تناقضهم.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 24 Jul 2010, 12:39 PM [ 3 ]

تاريخ التسجيل : Nov 2009
رقم العضوية : 22459
الإقامة : saudi arabia
الهواية : بعثرت الاوراق ونثر الحروف
مواضيع : 202
الردود : 2131
مجموع المشاركات : 2,333
معدل التقييم : 25خشوف الشدادي is on a distinguished road

خشوف الشدادي غير متصل


رد: حملة حفظ سورة البقرة ..(3)


اسباب النزول
.................

قوله ‏{‏إِنَّ الَّذينَ آَمَنوا وَالَّذينَ هادوا‏}‏ الآية‏.‏


أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال‏:‏ حدثنا يحيى بن أبي زائدة قال‏:‏ قال ابن جريج‏:‏ عن عبد الله بن كثير عن مجاهد قال‏:‏ لما قص سلمان على النبي صلى الله عليه وسلم قصة أصحاب الدير قال‏:‏ هم في النار قال سلمان‏:‏ فأظلمت علي الأرض فنزلت ‏{‏إنَّ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ هادوا‏}‏ إلى قوله ‏{‏يَحزَنونَ‏}‏ قال‏:‏ فكأنما كشف عني جبل‏.‏


أخبرنا محمد بن عبد العزيز المروزي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن الحسين الحدادي قال‏:‏ أخبرنا أبو فرقد قال‏:‏ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال‏:‏ أخبرنا عمرو عن أسباط عن السدي ‏{‏إِنَّ الَّذينَ آَمَنوا والَّذينَ هادوا‏}‏ الآية قال‏:‏ نزلت في أصحاب سلمان الفارسي لما قدم سلمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يخبر عن عبادة أصحابه واجتهادهم وقال‏:‏ يا رسول الله كانوا يصلون ويصومون ويؤمنون بك ويشهدون أنك تبعث نبياً فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يا سلمان هم من أهل النار فأنزل الله ‏{‏إِنَّ الَّذينَ آَمَنوا وَالَّذينَ هادوا‏}‏ وتلا إلى قوله ‏{‏وَلا هُم يَحزَنونَ‏}‏


أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكرياء قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال‏:‏ حدثنا عمرو بن حماد قال‏:‏ حدثنا أسباط عن السدي عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏إِِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ هادوا‏}‏ الآية نزلت هذه الآية في سلمان الفارسي وكان من أهل جندي سابور من أشرافهم وما بعد هذه الآية نازلة في اليهود‏.‏


وقوله ‏{‏فَوَيلٌ لِلَّذينَ يَكتُبونَ الكِتابَ بِأَيديهِم‏}‏ الآية نزلت في الذين غيروا صفة النبي صلى الله عليه وسلم وبدلوا نعته قال الكلبي بالإسناد الذي ذكرنا‏:‏ إنهم غيروا صفة النبي صلى الله عليه وسلم في كتابهم وجعلوه آدم سبطاً طويلاً وكان ربعة أسمر صلى الله عليه وسلم وقالوا لأصحابهم وأتباعهم‏:‏ انظروا إلى صفة النبي الذي يبعث في آخر الزمان ليس يشبه نعت هذا وكانت للأحبار والعلماء مأكلة من سائر اليهود فخافوا أن يذهبوا مأكلتهم إن بينوا الصفة فمن ثم غيروا‏.‏


قوله ‏{‏وَقالوا لَن تَمَسَّنا النارُ إِلا أَيّاماً مَّعدودَةً‏}‏ أخبرنا إسماعيل بن أبي القسم الصوفي قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسين العطار قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار قال‏:‏ حدثني أبو القسم عبد الله بن سعد الزهري قال‏:‏ حدثني أبو عمرو قال‏:‏ حدثنا أبي عن أبي إسحاق قال‏:‏ حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ويهود تقول‏:‏ إنما هذه الدنيا سبعة آلاف سنة إنما يعذب الناس في النار لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوم واحد في النار من أيام الآخرة وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم ‏{‏وَقالوا لَن تَمَسَّنا النارُ إِلا أَيّاماً مَّعدودَةً‏}‏‏.‏


وقال ابن عباس في رواية الضحاك‏:‏ وجد أهل الكتاب ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين قالوا‏:‏ لن نعذب في النار إلا ما وجدنا في التوراة فإذا كان يوم القيامة اقتحموا في النار فساروا في العذاب حتى انتهوا إلى سقر وفيها شجرة الزقوم إلى آخر يوم من الأيام المعدودة فقال لهم خزنة النار‏:‏ يا أعداء الله زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلا أياماً معدودات فقد انقطع العدد وبقي الأمد‏.‏


قوله ‏{‏اَفَتَطمَعونَ‏}‏ الآية‏.‏


قال ابن عباس ومقاتل‏:‏ نزلت في السبعين الذين اختارهم موسى ليذهبوا معه إلى الله تعالى فلما ذهبوا معه سمعوا كلام الله تعالى وهو يأمر وينهى ثم رجعوا إلى قومهم فأما الصادقون فأدوا ما سمعوا‏.‏


وقالت طائفة منهم‏:‏ سمعنا الله من لفظ كلامه يقول‏:‏ إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا وإن شئتم فلا تفعلوا ولا بأس وعند أكثر المفسرين نزلت الآية في الذين غيروا آية الرجم وصفة محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏


قوله ‏{‏وَكانوا مِن قَبلُ يَستَفتِحونَ عَلى الَّذينَ كَفَروا‏}‏ وقال ابن عباس‏:‏ كان يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود خيبر فعاذت اليهود بهذا الدعاء وقالت‏:‏ اللهم إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم قال‏:‏ فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به فأنزل الله تعالى ‏{‏وَكانوا مِن قَبلُ يَستَفتِحونَ عَلى الَّذينَ كَفَروا‏}‏ أي بك يا محمد إلى قوله ‏{‏فَلَعنَةُ اَلله عَلى الكافِرينَ‏}‏ وقال السدي‏:‏ كانت العرب تمر بيهود فتلقى اليهود منهم أذى وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة أن يبعثه الله فيقاتلون معه العرب فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم كفروا به حسداً وقالوا‏:‏ إنما كانت الرسل من بني إسرائيل فما بال هذا من بني إسماعيل‏.‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 24 Jul 2010, 03:19 PM [ 4 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Oct 2008
رقم العضوية : 11616
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة
مواضيع : 189
الردود : 3485
مجموع المشاركات : 3,674
معدل التقييم : 1079متأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud of

متأمل غير متصل


رد: حملة حفظ سورة البقرة ..(3)


جزاك الله خيرا أختي الفاضلة .
وكتب لك أجر هذه الحملة .


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 24 Jul 2010, 11:36 PM [ 5 ]
بيوكيميائية

تاريخ التسجيل : May 2008
رقم العضوية : 7151
الإقامة : saudi arabia
الهواية : التصميمـ و التصميمـ
مواضيع : 23
الردود : 2844
مجموع المشاركات : 2,867
معدل التقييم : 33شدادة الوزير is on a distinguished road

شدادة الوزير غير متصل


رد: حملة حفظ سورة البقرة ..(3)


,’

بارك الله فيك خشوف

والله يوفقك



,’


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 26 Jul 2010, 10:35 PM [ 6 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Nov 2009
رقم العضوية : 22437
الإقامة : saudi arabia
الهواية : .
مواضيع : 420
الردود : 16118
مجموع المشاركات : 16,538
معدل التقييم : 149السديم will become famous soon enoughالسديم will become famous soon enough

السديم غير متصل


رد: حملة حفظ سورة البقرة ..(3)


^
^

الله يجزاك الف خير خشوف ويجعل ماتعملينه تجاه هذه الحمله في موازين حسناتك ...


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 27 Jul 2010, 07:54 AM [ 7 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Aug 2006
رقم العضوية : 1697
الإقامة : saudi arabia
الهواية : السفر والقراءة والانترنت
مواضيع : 125
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,104
معدل التقييم : 25سطام الشدادي is on a distinguished road

سطام الشدادي غير متصل


رد: حملة حفظ سورة البقرة ..(3)


جزاكِ الله خيرا أختي خشوف وكتب لكِ الأجر والثواب

الأعلى رد مع اقتباس
قديم 27 Jul 2010, 09:50 AM [ 8 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Mar 2008
رقم العضوية : 5976
الإقامة : saudi arabia
الهواية : قراءة روايات
مواضيع : 349
الردود : 12239
مجموع المشاركات : 12,588
معدل التقييم : 26الجــازي is on a distinguished road

الجــازي غير متصل


رد: حملة حفظ سورة البقرة ..(3)


جزاك الله خير ياخشوف

وجعله في ميزان حسناتك

ورزقك المكوث في الفردوس الاعلى


الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حملة حفظ سورة البقرة ..(7) خشوف الشدادي المنتدى الاسلامي 4 31 Aug 2010 07:19 AM
حملة حفظ سورة البقرة ..(6) خشوف الشدادي المنتدى الاسلامي 2 22 Aug 2010 04:10 AM
حملة حفظ سورة البقرة ..(5) خشوف الشدادي المنتدى الاسلامي 10 22 Aug 2010 02:55 AM
حملة حفظ سورة البقرة ..(4) خشوف الشدادي المنتدى الاسلامي 6 07 Aug 2010 07:38 PM
حملة حفظ سورة البقرة ..(2) خشوف الشدادي المنتدى الاسلامي 2 16 Jul 2010 07:05 PM
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

12:38 PM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com