..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الأدبية > منتدى القصص والحكايات
 
أدوات الموضوع
إضافة رد
قديم 08 Mar 2006, 08:29 PM [ 31 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




- عندما يدخل امرؤ منا إلى هذا المكان عل قدمين اثنين، فإنه لا يرغب بالخروج منه إل وهو جثة أو ما يشابهها في أحسن الأحوال. فقد دفع واحدنا الكثير ليصل إلى هنا، ولذلك فمن الصعب تصديق مثل هذه المساواة في الحقوق، ما بين السياسي والمجرم والسافل والهارب والجائع والمثقف والأمي. لا كبير هنا، بل ولا أهمية لأن تكون صادقاً أو كذاباً أو بارعاً في الدجل. الجميع يبحث عن الإقامة. والإقامة وليس غير. أليس كذلك يا ماوردي؟؟ سأل الرملاوي.‏

-كلا. لا بدّ من التمييز. وإلا تقع الكارثة وتحل اللعنة. هذا ليس دعوة للتمييز العنصري، حتى الطبيعة لها قوانينها التي تميز ما بين الفصول الأربعة. رد الماوردي.‏

- لا مكان هنا للمبدعين. الناس تتحول شيئاً فشيئاً إلى أشبه بالدواب. يأكل وينام ولا يفكر بما عدا ذلك. المبدعون هم على الدوام في الجحيم. قال الوراق وهو يهز رأسه.‏

- حتى وإن أخذوا بالعامل التمييزي بين السياسي ونقيضه. بين الأديب والأمي.. سيكون أنتَ قد انتهيت في مثل هذا الطوفان العجائبي. المهم أن تباشر بالاستعداد لذلك منذ الآن يا ماوردي!‏

- ها أنتما تقفلان الآفاق في وجهي. بل وتردمان عيوني بالحجر ردماً. ضحك الماوردي وهو ينظر في وجهي الوراق و الرملاوي.‏

- أننهض.. لقد حان وقت الأحلام؟‏

نهض الماوردي والوراق والرملاوي باتجاه قاعات النوم، وهم يجرون أرجلهم، وكأنها مثقلة بالحديد. بعد ذلك بدقائق اختفى الثلاثة: كل في سريره.‏


توقيع : كديميس

"لاتبحثوا عني بين كلماتي فهي لاتشبهني"
الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:29 PM [ 32 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




(6)‏



في ملاجىء النوم.. يدخل الواحد منا في نفسه، لمواجهة الحقائق وجهاً لوجه. ولا يحتاج المرء للمناقشة والجدال. إن الغربة تجلو الشخص هنا، فإما أن يزداد تألقاً في وحدته، أو تصيبه حمى التوحش، فيعيش تحت ظلالها. والحياة المعاشة التي لدى الغرباء، ما تزال حتى الآن، أشبه بشجرة متخفية الثمار داخل كل جسد مظلم. البحث عنها صعب. والتقاط ثمارها يكاد يشكل معجزة.‏

لقد بلغت الحروب العسكرية والحروب المفتوحة ضد الديمقراطيات في العالم الثالث أوجها. فالدماء لم تجف على السواتر وفي الخنادق المنتشرة على طول الحدود والأجساد. ورائحة الجثث ما تزال تتطاير فوق الأنوف، على الرغم من اختفاء الدبابات والسكون الذي يغلف الآفاق. لأن الأنظمة تفبرك الحروب على جبهاتها الداخلية الآن. حيث لابد من تطهير الأجساد البشرية من الأرواح الشريرة: الحريات الديمقراطية. فالإنسان المطلوب إنتاجه، قطعة معدن في شعب من الروبوتات. لا إحساس له بالأوبئة التي تخلفها الآلة الحربية. ولا مشاعر تربطه بمن يحيط به إلا مشاعر الكراهية والاحتقار. إن هذا الإنتاج المغذى بالدماء الزرقاء، لا يكرس إلا نزعة الانتحار بالهجرة نحو المجهول. كل سيساق إلى المسلخ دون خيار منه. كأن الهروب هو الملاذ الذي يليق بمخلوقات العالم الثالث. وليس غير!‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:30 PM [ 33 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




أليست هي فلسفة الحكومات الخلاقة هناك؟‏

لم يستطع الماوردي الدخول في ممرات النوم، لا الضيقة منها ولا الواسعة. جلس أمام النافذة كشحاذ على عتبة الأفق.‏

« ماذا يمكنك فعله بعد الآن؟ ها أنتَ من جديد في عنق الزجاجة مع بشر من كل الجنسيات. تنتظر اليوم الذي يظهر فيه اسمك على لوحة الإعلانات، وهو يرفرف كالعلم الوطني: مبروك ياماوردي. فقد نلت الإقامة!!»‏

كلا... لا تأتي الأشياء بشكل مبكر، كما كان يعتقد الماوردي. فقد يأتي العكس، ويقذف بجثمانك إلى الخارج. فما سمعته اليوم يحير الدماغ. ربما هو افتراء. ولكن دعك من هذا وذاك، وتأمل في السماء التي فوق رأسك. كم من الكواكب والمجرات والنجوم والعوالم هناك؟ ربما يكون فيها بشر أو مخلوقات لهم نفس مشاكلك. لست وحيداً أنتَ كطالب للجوء في هذا الكون. من الممكن أن تقذف هواجسك وتخمد في التخت يا ماوردي.‏

وفيما النوم يتقدم نحو سريره كالنهر، يستيقظ فجأة على صوت مدو لتحطم البللور. يقف خلف النافذة لمتابعة الأصوات، فيرى شاباً يحمل جذع شجرة، ويقوم بتحطيم زجاج قاعات السكن، وهو هائج كالثور في الحلبة. كان الجميع يتطلع إلى ما كان يقوم به ذلك الشاب من النوافذ. ولم يأت أحد من الشرطة لمنع ما يحدث. فقد أنجز الشاب عمله وغادر المكان.‏

« غداً... ستتحطم عظامك يا هذا. سيلقون بجسدك في السجن حتى تتعفن أو تدفع ثمن ما حطمت... لابدّ من العقاب.»‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:30 PM [ 34 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




قال الماوردي تلك الكلمات محدثاً نفسه.‏

أنها ليست المرة الأولى التي ينفذ فيها العطواني مثل هذا الواجب الخطر والشاق. فقد تعود القيام بذلك بين فترة وأخرى. وكل ذلك بهدف الضغط للحصول على الإقامة. فقد سبق وأن رفض طلب الشاب مرتين. فغادر الدنمارك ليقدم طلب اللجوء في السويد وألمانيا، وحصل على رفض مماثل! وها هو الآن هنا، ليقوم بالمحاولة الأخيرة.‏

هكذا عرف الماوردي هذه المعلومات عن هذه الشخصية في اليوم التالي لبطل معارك الزجاج الشهير في الساندهولم! وكالعادة، فلا يطاله عقاب من أحد.. لأن القانون يحول دون ذلك على كل من هو في مثل وضعه؟!‏

« هل كنت تفعل هذا في بلدك؟ لو كنت فعلت ذلك، لكانت عظامك الآن كالنشارة في أقذر المزابل وأنتنها. بل، تكفيك خيزرانة شرطي واحد للمرور أو النجدة أو الأمن، ليجعل من جلدك حذاء، تقرأ فيه كل القوانين المطبوعة وغير المطبوعة. بل يؤلفون لك القانون المناسب بلحظة خاطفة! ليت شجاعتك كانت هناك يا عطواني!!»‏

ردد الماوردي هذه الكلمات وهو يشعل غليونه ليخلف طبقة كثيفة من الدخان فوق رأسه، كأنها غيمة حملت ما في داخله من تقزز واحتقار.‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:30 PM [ 35 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




كانت الليلة الماضية هي الكابوس الذي فجر المياه السوداء في أول طبقات الرأس. بعدها توالت الأحداث لتشكل خرائط جديدة لحياة البشر في المعسكر. وبدأ الذهن باستقبال الصور التي يخلفها نهار وليل اللاجئين على هذه البقعة من الأرض. وكان كل ذلك يبعث على زيادة حرارة الجسد. وعلى فتح ملف التشاؤم، ربما من باب الاحتياط. فالمرء، لابدّ أن يفعل ذلك في حساباته لمواجهة المستقبل على أقل اعتبار. وكثيراً ما يصبح اليأس عاملاً من العوامل التي تفرغ النفس من شحناتها العالية. أي من الفورات الكبرى التي تريد من عالم اليوم بحيرة كاملة الصفاء، وبعيدة عن العواصف وتسربات الأقنية الملوثة. حتى الدمع لم يعد كامل النقاء في يومنا الراهن، بعد أن أتلفته النيران الداخلية وجعلت من ينابيعه أبخرة ليس غير.‏

الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:31 PM [ 36 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




كيف تفرّ من نومك هارباً، ويبقى السرير في الغرفة التي تحتلكَ؟ نومي طيرٌ وهروبي خط هواء. أليس هذا ما ستتحفني بقوله؟‏

أجل. أعرف بأنك أعمى على خارطة. الريح في فمك ساخنة. وماء الذكريات فيضان على أوراقك. جسدك كلمات على مشرحة الأسى المُذل.‏

« عندما لم أجد في المكان مكاناً، حاولت الخلاص من ذلك النهار، فتركته يتأمل شخوصه على رصيف المحطة، وهرعت بمعية تلك الكائنات التي كانت تحملني على ظهورها نحو الحقول.»‏

-عندما يصبح الدماغ خندقاً، هل لكي تتحرر من شبح المنازلات؟‏

-ما تزال هويتك غائمة أيها الوغد.‏

‏ -مثلها مثل البلاد استعملت العين كراساً لألعابها النارية في الحواس.‏

-لا تقل شيئاً بخصوص العقل يا ماوردي. فالمنفى يُهندس العين وأعشاشها المختارة.‏

« عندما تجر الزمن من ذيله الطويل، لا يكون الغناء هباءً بين تلك الأشجار التي تمد أعناقها إلى خارج المخيلة.»‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:31 PM [ 37 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




(7)‏

عندما ظهر اسم الماوردي بعد أقل من شهر من وجوده في المعسكر مع قائمة الأسماء التي نالت الموافقة بالإقامة المؤقتة في الدانمارك، وتحت بند اللجوء الإنساني وليس السياسي، لم يعر للمسألة شأناً كبيرأً. ولم يفكر بالاستئناف لإعادة النظر في القرار. بل كل ما فعله هو ارتداء الثياب الرياضية والقيام بهرولة على الممرات الملاصقة لأسوار الساندهولم. كأنه كان بذلك لا يريد أن يعطي الفرصة لنفسه بالتفكير في شيء محدد. هل كان الماوردي يسابق خروجه من شيخوخة هذا المكان بالهرولة نحو مكان لا يعرفه؟‏

ربما. فالأمكنة والشخوص والأشياء، صارت تشيخ عنده بسرعة كبيرة. لا احتمال لشيء أكثر مما يلزم!‏

كيف يحدث ذلك ولماذا؟ لا يعرف الماوردي ذلك بذاته. ربما لا يرغب بالاستغراق التأملي طويلاً. ولا بالغوص في الأعماق، مثلما كان يفعل ذلك في السابق. خشية أن تتخبط ذراعاه في تلك الأمواج السحيقة، فتتفتح الآلام النائمة هناك.‏

بعد الظهيرة، كانت غرفة الماوردي تغص بالزوار لتقدمة التهاني بمناسبة نيله حق الإقامة. لم يعرف أغلبهم، عدا الوراق والرملاوي وبعض من صادف وأن اجتمع معهم إلى طاولة الأكل في المطعم. وهذا تقليد يكاد أن يكون عادة في المعسكر. وهو في الوقت نفسه محاولة للإطلاع وسماع ما كان قد أفاد به طالب اللجوء لدوائر البوليس. فكل واحد من هؤلاء يحاول أن يقاطع معلوماته مع تلك التي أفاد بها الشخص الذي حصل على إذن الموافقة، كي يرى أين بات موضع قدمه.‏

- إذن لجوء إنساني يا ماوردي؟ سأل الدكتور الوراق مضيفاً باستغراب: "والكلاب السائبة وسقط المتاع تنال حق اللجوء السياسي!!"‏

- المهم مغادرة هذا المكان البائس. هنيئاً لك الرحيل من هنا يا صديقنا الماوردي.‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:31 PM [ 38 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




قال ذلك الرملاوي وفي نفسه مرارة الحزن. فقد مرت على الرجل سنة كاملة وهو على لائحة الانتظار. ولم يحدث شيء! كان هو يفسر ذلك بأن البعض قد كتب فيه لدائرة البوليس بعض التقارير القذرة التي تلصق به تهمة الإرهاب والتعامل مع تنظيمات ثورية خطرة. فيما يرجع البعض الآخر سبب عدم منحه حق اللجوء، لكونه تقدم بوثائق مزورة لا تكشف عن هويته الأصلية. أما هو شخصياً، فكان يعتقد"بأن العالم. كل العالم ضدي. وهذه هي ميزتي الوحيدة التي ليست لديكم!"‏

لم يكن الماوردي ليملك الرغبة في الحوار. فقد كان يوزع ابتساماته كالبليد على الأشخاص الذين حوله. وعندما ملّ من الحكي والتخبيص في المناقشات التي بدأت تأخذ المنحى التناحري، قرر التدخل موجهاً كلامه للجميع:‏

لقد سقطت هنا أشبه بفتافيت مطحونة من نيزك محترق. لا هوية لدي إلا الجلد المدبوغ. ولا عمل لي غير الكتابة والحلم. ولا أمل عندي سوى العدل، لأنه القانون الذي يتحكم حتى بمسيرة الدورة الدموية. فعندما أحببت، كانت ترافقني صورة جارتنا الخيَاطة، تلك التي اغتصبتني وأنا ابن الثانية عشر. لم أكن بطلاً.. لا في الحرب ولا في السلم. ولم يمر رأسي كالنسر تحت أقواس النصر. لم أكن إقطاعياً أو مالكاً لعقار أو مرسيدس. لم أقتل ريس الجمهورية. ولم أعتدِ بالقنابل لتفجير المباني الحكومية- وإن كنت أرغب بنسف دوائر المخابرات منها- أو التبول على جدران مقراتها على أقل اعتبار. وليس في ذهني سلطة أو رغبة باستلام منصب سلطوي، كما تفعل الذئاب والأفاعي هناك. ولم أترك دماغي تهلكة لتفاهة. دخلت المدارس وهربت من فوق الأسيجة. وبنيت صداقات جميلة لم تدم بفعل عدم دوام الحبّ. وخدمت في الجيش وأحسست بالشوك السياسي والطائفي والحزبي وهو ينمو كالكتل الصلبة في البلعوم. وتمردت في الكتابة، ولم أجد من أتوكأ عليه حتى نفسي التي تهرب من كثرة الظلم والمشقة والخوف والرعب. ليس لديّ من الأرض حتى مساحة القبر. ومن النص غير مساحة الجنون. لقد تهدمت بالتدريج ولم أبلغ سن الرشد، كما هي البلاد القادم منها الآن، قرون مضت عليها، وهي تتهدم تحت سقف الدستور المؤقت والقوانين العرفية. كيف يخرج جرذ من ثقب صندوق القمامة.. ليحكم بلداً كانت فيه أول مسلة للقوانين في العالم، وأول جامعة في التاريخ، وأهم احتياطي نفطي معاصر؟‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:32 PM [ 39 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




لن أنزف نفسي في استعراض كهذا، ولكن من البساطة القول أن العقل يكاد أن يغرق بمثل الأمطار السوداء التي تهطل فوقه ليل نهار، أو على مدار الأعوام الطويلة من عدم الألفة وعدم الحبّ وعدم الاستقرار وعدم الأمن الذاتي. إن أي غراب في العالم، يرفض أن يعيش على هكذا شجرة مُدَمرة. لذلك أقول أن الإنسان لا يمكن أن يكسب الاحترام لنفسه إلا داخل وطنه. فكيف بنا الحال الآن، ونحن لا نكاد نملك من الوطن حتى ذكرياتنا فيه!!‏

هل يستطيع الغريب هنا، صناعة الوطن البديل في المنفى؟ أم سنهشم العوالم الجديدة وكل الأشياء، انتقاماً لأوضاعنا السيئة القديمة هناك؟"كأنك يا ماوردي تخطب في حشود بشرية على امتداد النظر".‏

- لو لم تحصل على الإقامة.. لما قلت هذا يا ماوردي. سيقول لك شخص.‏

- نعم. لو كان حظك مثل حظوظنا، ولو كنت تجرعت مرارة الانتظار طوال الشهور الماضية، لكنت قد وضعت في فمك حجراً ولم تنطق بكلمة من هذه المواعظ التافهة. سيقول لك شخص ثان.‏

- الذي يده داخل النار، غير الذي يده في الماء يا ماوردي. سيقول لك شخص ثالث.‏

- إنك تكشف عن أميّتك يا ماوردي. ولو كنت غير ذلك، لكنت نطقت بشيء يخدمنا. ويعجّل بخروجنا من هذا المستنقع اللزج الذي يكاد يأكل منا عقولنا ويتركنا كالعجزة. سيقول لك رابع.‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:32 PM [ 40 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




عندما فرغ الماوردي من قول ما كان يريد قوله، انسحب الجميع من الغرفة بما في ذلك الوراق والرملاوي. كان كل فرد يشعر وكأنه وضع يده فجأة على قنبلة لم تنفجر. هكذا كان الإحساس العام.‏

- أجل. صرخ الوراق وهو يلفظ من أعماقه تلك الحمم"نحن كلاب سائبة لدول مرتبطة!"‏

وضع الرملاوي يده على كتف الوراق، وقاده نحو مقعد منزو في الحديقة، كمن يحاول تخفيف غليان بركان يستعد لدثر المعسكر والمدن التي تحيط به.‏

- هل حرضك الماوردي على ممارسة المازوخية ضد نفسك؟ الرملاوي للوراق.‏

- وماذا في النفس غير الأطلال. وأنتَ ترى! ردّ الوراق ووجهه يتفرز دماً ورملاً وكدراً.‏

- ولكنها اللعبة.. فلقد دخلت الأنظمة في عظامنا، وها هي تتسلل إلى معسكرات اللاجئين، هنا في القطب. ولمَ لا. فقد يكون بالإمكان أن ينتهي الماوردي وسواه في المشرحة فيما لو تقرر حكوماتنا ذلك."ضربة سكين في الجهة اليسرى وينتهي الفيلم." خاصة وأن لأنظمتنا رجالاً هنا، ما يزالون يتمتعون بمهماتهم للتجسس على كل تحركات اللاجئين الذين يأتون من بلاده!‏


الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لكي تكون أسعد مما أنت عليه‎ المرمشي القسم العام 3 16 Mar 2010 12:57 AM
كيف تكون أسعد الناس؟ نسايم القسم العام 10 16 Nov 2009 03:59 PM
كيف تكون أسعد الناس? السلطانة القسم العام 6 27 Feb 2009 09:08 PM
صور لسعد بن مشعل الحارثي الشدادي 2000 عالم الرياضة 24 31 Mar 2007 05:35 PM
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

01:35 PM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com