زوجة عمر بن عبدالعزيز {فاطمة بنت عبد الملك }

السيدة فاطمة زوج الخليفة عمر بن عبد العزيز
(رضي الله عنه.)
ما الذي يجعل من امرأة تفردت في الوصف(1) بكونها بنت "الخليفة" و"الخليفة" جدها، وأخت "الخلفاء" والخليفة زوجها تتخلى عن حياة الأميرات المدللات المنعمات بنعيم القصور وتختار حياة التقشف والشظف ؟ ومَنْ تلك التي ترضخ لهذا التحول المفاجيء من سيدة آمرة ناهية إلى امرأة بسيطة تغسل ثوب زوجها، وتعجن العجين وتطهو الطعام بلا خدم ولا حشم؟ إنه الطمع فيما عند الله الذي يبدد الطمع فيما سواه. ويجعل من زخارف الدنيا وزينتها – مهما كثرت- شيئا هينا لا قيمة له ولا وزن، إذا ما قُورن بالنبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون. تلك هي قصة السيدة فاطمة بنت عبدالملك

زوج الخليفة الراشدي سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
-على أثر أمهات المؤمنين:
لم يكن التوجيه الرباني لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بإيثار الله ورسوله والدارة الآخرة على الدنيا وزخرفها إلا ليَكُن، رضي الله عنهن، ذلك النموذج الخالد لنساء الدهر باختلاف أزمانهن وظروفهن وحال معاشهن… وذلك في قوله عزوجل:" يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردنالحياة الدنيا و زينتها فتعالين أمتعكن و أسرحكن سراحا جميلا و إن كنتن تردن الله ورسوله و الدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما". )2 (
والناظر في تاريخ النساء اللواتي تعرضن لمثل هذا الاختبار الصعب حقا، لا يمر إلا ويستوقفه الموقف الخالد للسيدة

فاطمة بنت عبد الملك

رحمها الله. التي وُهبت من الحسن والجمال والحظوة والجاه ما يجعلها من أكثر النساء انسياقا مع زينة الدنيا وزخرفها. لكن الله عزوجل من عليها بأن كانت على أثر أمهات المومنين رضي الله عنهن.
- من حياة الترف إلى حياة الزهد:
فاطمة بنت

الملوك وأخت الأمراء الموصوفة "بربيبة القصور وسيدتها"، ذات الحظ الذي تيَسر لها به من المُقام الرغد ورفاهية المعيشة ما لم يتيسر لغيرها، حيث الموائد الفاخرة تُمد والمكان يعبق بأطيب مايكون، وحيث الكل يرتدى أغلى الثياب وأثمن الحلي والجواهر.. وبين عشية وضحاها يَختار لها القدر الرباني عيشة المساكين والفقراء فتدور رحمها الله مع قدر الله حيث دار غير ضَجرة ولا متبرمة .. ويدخل عليها زوجها عمر رضي الله عنه ذات يوم من أيام خلافته، فإذا بها تخيط ثوبه بيدها فتذكر تلك الأيام التي كانت فيها في قصر السلطنة منعمة مكرمة تعيش في رغد من العيش، تشير ببنانها فتلبي الجواري إشارتها وتتمنى وسرعان ما تتحقق أمنيتها. فأراد أن يداعبها ويخفف عنها فدنا منها وقال:" يافاطمة لنحن في ليالي دابق أنعم منا اليوم". فقالت فاطمة

للخليفة الذي يرتدي أخشن الثياب:" والله ما كنت على ذلك يومئذ أقدر منك اليوم". فقال يا فاطمة: "إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم" فسكتت رضي الله عنها قانعة راضية.(3)
- فاطمة الإنسانة الفاضلة:
اجتمع لفاطمة بنت عبد الملك،

رحمها الله، ما لم يجتمع للنساء من الحسن والجمال والسيادة والسؤدد والجاه والزواج السعيد.. فقد وٌلدت في القصور أميرة مُدَلَّلة منعَّمة تأمر فتُطاع، وتتمنى فتَُجَابُ. وشاء الله أن تتحقق أمنية الأماني لديها ألا وهي تولي زوجها عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه الخلافة. لكن الأمور أتت على عكس ما توقعتْ، بعد أن خرجت لاستقباله فرحة متزينة كعادة النساء بأنفس الآليء والحلي، وقد علت وجنتيها السعادة والابتهاج البالغين، معبرة بكل طلاقة عن إنسانيتها في أعلى صورها. لتتفاجأ بعرضه الذي وضعها بين أمرين لا يجتمعان. فإما أن تختارَ صحبته ومن ثم تحيا حياة الزهد والتقلل وخفة ذات اليد، وهي الأميرة المدللة المعتادة على حياة القصور والبذخ، أو تختار زخرف الدنيا في أحضان إخوانها وأهلها من بني أمية. فتأبى فاطمةالإنسانة الفاضلة المؤمنة الصادقة والمُحِبَّة والمخلصة إلا الرضا بما اختاره زوجها: الله ورسوله والدار الآخرة. فكانت المثال والقدوة في إيثار الآجلة على العاجلة والباقية على الفانية وكأننا بها تعيد الموقف الخالد لأمهات المومنين في الموقف الذي وُضعن فيه بين إرادة الدنيا وأرادة وجه الله ورسوله والدار الآخرة ،فكن بإذنه سبحانه وتعالى من المُوَفقات في اختيار ما أراد الله لهن، وارتضاه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.


- فاطمة المطيعة لزوجها حيا وميتا:
أخذت السيدة فاطمة بقناعات زوجها الفاضل في إيثار سيرة الخلفاء الراشدين ونمط حياتهم في العيش والاعتماد بعد الله تعالى على كد اليد بعيدا عن أموال المسلمين. وبقيت رحمها الله معه على ذلك حتى آخر لحظات حياته. وتستمر رضي الله عنها مخلصة مطيعة لزوجها حتى بعد وفاته. فبعد رحيله رضي الله عنه إلى ربه، آل أمر السلطان من بعده إلى أخيها يزيد بن عبد الملك الذي رَدَّ إليها أموالَها وجواهرَها، لكنها أبت أن تأخذها، وأجابته قٌائلة :"والله لا أطيعه حيا وأعصيه ميتا". وفي رواية :" فرد عليها أخوها يزيد بن عبد الملك ذلك فامتنعت من أخذه وقالت:" ما كنت لأتركه ثم آخذه. فقسمه يزيد بين نسائه ونساء بنيه".) 4 (
- فاطمة مدرسة للاقتداء :
كانت السيدة فاطمة بنت عبد الملك ،

رحمها الله، كما وصفها أصحاب السير، تقية وَرعَة في دين الله، متواضعة في عزة، صابرة على الطاعة ابتغاء وجه الله والدار الآخرة. ذات عقل وتدين كبير. أديبة "تحفظ الشعر والنثر إلى جانب ما تيسر من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف".(5) صحبت زوجها فأحسنت صحبته حيا وميتا، ولها معه مواقف رائعة جعلتها مثالا للمرأة المسلمة والزوجة الصالحة، وقدوة مضيئة لمن أراد أن يقتدي بسيدة فاضلة.(6)
فاستحقت أن بحق أن تكون مدرسة نتعلم منها مناقب الخير، وعلى رأسها خصلة إيثار ما عند الله، وفضيلة الصبر على المحن، والتسليم بالقضاء والقدر، ومعاشرة الزوج بما يرضي الله تعالى وَفْقَ المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. إنها بحق نموذج للصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله، وموعظة لكل لاهية في زينتها، ومستهترة بدينها وعاصية لربها ومن له الحق عليها. جعلنا الله في جوار من كان لهن قدم الصدق والسبق عند الله آمين. والحمد لله رب العالمين.

ما أروعها من امرأة صبرت وباعت النيا من أجل الآخرة
وما أكرم منزلتها وأجل قدرها
رضوان الله عليها
بارك الله فيك أختي معزوفة الرحيل

عليها رحمة الله
ونسأل الله أن يقتدي بها النساء المسلمات في عصرنا هذا وبعده





جزاك الله خير يامعزوفة
وشكرا لك ِ



دائما مواضيعك ذات فائدة يامعزوفة ماشاء الله عليك

الله يرحمها ويوسع من منزلتها

يضرب بها الامثال امراءة عظيمة

مشكورة معزوفة

		المشاركة الأصلية بواسطة : السلطان اقتباس
	ما أروعها من امرأة صبرت وباعت النيا من أجل الآخرة وما أكرم منزلتها وأجل قدرها رضوان الله عليها بارك الله فيك أختي معزوفة الرحيل

وبارك بك ابو عبدالله

وجعلها قدوة لنسائنا واخوانتا

		المشاركة الأصلية بواسطة : قطري أصيل اقتباس
	عليها رحمة الله ونسأل الله أن يقتدي بها النساء المسلمات في عصرنا هذا وبعده جزاك الله خير يامعزوفة وشكرا لك ِ دائما مواضيعك ذات فائدة يامعزوفة ماشاء الله عليك

وجزاك الله الجنة اخوي قطري

انتم من يصنع الابداع والتميز بتواجدكم

هنا تضرب الأمثال وعلينا الاقتداء ولو بالقليل بشخصيات عرفها التاريخ
ويفتخر بها كل مسلم



شكرا شكرا ماقصرت موضوع جميل

تسلم ايديك

^
^

سبحان الله

أعجبتني القصة كثير


الله يجزاك كل خير يامعزوفة

الله يرحمها ويوسع لها في قبرها
جزااك الله الف خيير

رحمها الله رحمةً واسعة ..
جزاك الله خير الجزاء ..