..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الشعبية > قبائل بني الحارث
  [ 1 ]
قديم 08 Jul 2010, 01:28 PM
عضو جديد

اسامة الموسى الحارثي غير متصل

تاريخ التسجيل : Jun 2010
رقم العضوية : 28271
الإقامة : jordan
الهواية : السباحة والزراعة
المشاركات : 32
معدل التقييم : 25
الملف الشخصي للكاتب
إضافة تقييم
الرد على الموضوع
ارسال الموضوع لصديق
طباعه الموضوع
تبليغ عن الموضوع
احداث ماقبل الثورة العربية



أحداث ما قبل الثـورة العـربيـة :

بعدفشل الحملة على السويس وهزيمة الأتراك في العراق ، أرسل الشريف حسين ولده الأميرفيصل الى دمشق ، وأرسل الأمير علي الى المدينة المنورة ، وبقي الأمير عبدا للهملازما لوالده ليساعده على إعداد خطط الثورة التي كان لا بد من إعدادها في مكـة . .

ولكي يغطي جمال باشا هزائمه وفشله في السويس ، بدأ مسلسل الإرهاب والقمعوالقتل والنفي بحق زعماء البلاد الشامية وقد صدم الأمير فيصل بالإجراءات التركيةفقد وجد ان الفرق العربية قد نقلت الى الأناضول وحل محلها الفرق التركية ، كما تمنفي عدة مئات من الرجال البارزين من البلاد الى الأناضول . .
®
صفحة 78 : ( وقدقبض الأتراك على عدد من المسلحين العرب قتلوا منهم واعدموا ونفوا . . منهم :
اعدموا : احمد الكايد ( شقيق اديب الكايد وهو من عشيرة العواملة ) . .
مصلحالفاضل الربيع ( من عشيرة القطيشات ) . .
وآخرون من عرب التعامرة من الزير والشواورة وغيرهم وعلقوا على المشانق بحيفا . .
نفي عددمن وجهاء السلط : صالح خليفة ، مطلق المفلح ، خليفة عبد المهدي ، يعقوب سكر ،صالحالبخيت واخوانه الثلاثة ، مفضي النجداوي . .
نفي عدد من وجهاء الكرك : عودةالقسوس ، خليل العكشة ، عبدالله العكشة وغيرهم . .
مادبا :يعقوب الشويحات،ابراهيم جمعان ، ابراهيم الطوال ، يوسف معايعه ، وسليم مرار وغغيرهم . .
نفي عددمن وجهاء معان : عبدالرحمن ماضي ، احمد ماضي ، محمد عبد الجواد ، وغيرهم الى مدينحماة ، وكانت تهمة المنفيين من معان ان لهم اتصالات مع جيش الأمير فيصل .
وضربالأتراك مدينة السلط بقنابل المدفعية وكادوا ان يدمروها تدميراً كاملاً . . لولاتدخل جمال باشا شخصياً . .!! ونهب الأتراك قرية الفحيص


صدق الشاعر حينما قال:
والناس كلهم لفقرك واحد
في كل بيت رنة وزفير
عجباً لاربع اذرع في خمسة
في جوفها جبل اشم كبير
انه سليمان اسماعيل حمدان (ابن شاور) شيخ مشايخ عشائر التعامرة اعترفت به بريطانيا والدولة العثمانية شيخا على هذه العشائر وقد سمي بن شاور لانه كان صاحب رأي ومشورة وكانت تأتي اليه جموع عشائر التعامرة والقبائل الاخرى لمشاورته في كل امر جلل, حيث كان قاضيا عشائريا متمكنا حيث انقذ حياة كثير من الرجال والنساء من مشاكل لم يقترفوها بحنكته وذكائه.
كان فارساً مغواراً وكان يملك في ذلك الوقت عدداً كبيراً من الجمال والاغنام والخيول الاصيلة حيث كانت فرسه العبية التي اشتراها كما اخبرني ابنه حمدان من طلب ابو شنار من بئر السبع كانت تسابق الريح معه, وقد كانت علاقة بن شاور مع العشائر الاخرى ممتازة وخاصة عشائر بني صخر وبالتحديد مع الشيخ مثقال الفايز حيث كانت هناك علاقة بن عمة بين عشائر بني صخر وعشائر التعامرة في ذاك الوقت وعندما ظلم الاتراك العرب بتصرفاتهم العنيدة وغير المحببة للعرب في ذاك الوقت من قتل وتشريد قامت عدة مناوشات ومعارك قادها بن شاور مع رجالات التعامرة قتل خلالها بن شاور احد الضباط الاتراك الكبار واسمه شاك راغا مما اضطر الشيخ بن شاور للتخفي بفرسه العبية لمدة طويلة عن عيون الاتراك الذين فرضوا حصاراً على مضارب عشائر التعامرة استمر عشرين يوماً وقد توفي المرحوم ابن شاور عام 1935 ودفن في مقبرة غنام في اراضي عشائر التعامرة.
انجب الشيخ سليمان ثمانية من الابناء منهم الشيخ سلامة سليمان الذي استلم الشيخة من بعد ابيه في عام 1936 والذي رفض امرا عسكريا من موشيه ديان في عام 1968 بالرحيل من منطقة ام الطلع في اراضي عشائر التعامرة فورا حيث كان جواب الشيخ سلامة حازما حيث قال له بالحرف الواحد لن ارحل عن هذه الارض ولو اكلت الشعير وحجر الصوان فهذه الارض ارضي أنا وليست لك اما ابناء الشيخ سليمان الاخرين فهم حمدان وخلف واسماعيل ومحمد واحمد وسعيد وعبد.
لقد كان الشيخ بن شاور محبوبا من ابناء عشائر التعامرة وقد قيلت فيه القصائد الجميلة والكثيرة التي تظهر بطولاته وكرمه فهذا احد الشعراء من عشائر التعامرة يمجد الشيخ ابن شاور بقصيدة منها هذه الابيات:
يا ابن شاور عجزت القصايد
عن وصف كمالك بالكرم والجود
شيخ مثل سيف من غمد عنيد
راعي نخوة ومنه تعلمنا الجود
ربيع رجال مزهر ما تهزه تناهيد
ويوم يعطيك الراي تلاقيه بالعلم مسنود
رجل يفرج بعد الله
عن المظلوم الليالي السود
يفك الدم ويزيل الغم وهذا بالمهابة
وحكمه بحكمة يخاف الله اللي دوم موجود

ثورة قرى القدس على مصطفى باشا :
رفض الفلاحون ضريبة إضافية تزيد على العشر فارسل مصطفى باشا والذي كان آنذاك في حلب –جنودا لإخضاع القرويين الذين احتموا بأديرة وكنائس بيت لحم، وهم الوالي بتدمير الأمكنة الدينية لولا أن الرهبان توسطوا بين الفلاحين وبين الوالي وطلب الوالي القاسي القلب غرامة كبيرة من الفلاحين التعساء مقدارها مائة وعشرة آلاف ولم يكن الفلاحون يملكون ذلك المبلغ وتوسلوا للوالي دون جدوى وبعد ذلك اضطر رجال الدين أن يرهنوا صلبانهم ومجوهرات الكنيسة عند اليهودي انجل لاقتراض خمسين ألف قرشا بفائدة عالية لكن الوالي كان يريد المبلغ مرة واحدة وكان قد اقترب عيد الفصح فأمر بإغلاق أبواب كنيسة القبر المقدس ليمنع إجراء قداس الخميس والجمعة وبعد توسلات كبيرة قبل تعهدا بدفع المبلغ المتبقي ورحل وبمجرد أن غادر مصطفى باشا المنطقة ثار الفلاحون من جديد وطردوا جنود الوالي وقتلوا بعضهم وشارك عرب التعامرة بالثورة وعندما جاء موسى بيه بالمتسلم لإخضاع الفلاحين أغلقوا في وجهه الطريق بتحصين بيت صفافة والقرى المجاورة لها وتمكن الفلاحون من السيطرة على قلعة القدس ووزعوا السلاح على الناس وحشدوا قوة كبيرة أخذت بالسيطرة على المنطقة.

وعندما جاء المتسلم إلى القدس وجد الحقيقة ماثلة أمام عينيه وهي أن الفلاحين قد سيطروا على البلاد ورجاهم المتسلم أن يدخل إلى المدينة ليأخذ أمتعته ويخرج ولكنهم رفضوا طلبه.

وارتد المتسلم إلى أولاد أبو غوش في القبية الذين أعطوه كلمة الأمان للمرور إلى الرملة حيث هناك عبد الله باشا.

وهناك شعر أهالي القدس بالحرية قاموا بتعيين اثنين يمثلونهم هما أحمد اغا الدزدار ويوسف عرب جبيطة [xi]واقسم الجميع على ألا يسمحوا من جديد لتركي أو الباني أن يدخل المدينة المقدسة سواء كان مسلما أو غير مسلم بصفته حاكما أجنبيا لكن يد الدولة العثمانية كانت قادرة على إنهاء تلك الثورة.
مصطفى مراد الدباغ
بلادنا فلسطين
الجزء العاشر ـ القسم الثاني
في بيت المقدس
(2)
يا معاذ : ان الله عزوجل سيفتح عليكم الشام من بعدي ، من العريش الى الفرات ، رجالهم ونساؤهم واماؤهم مرابطون الى يوم القيامة .فمن احتل منكم ساحلا من سواحل الشام او بيت المقدس فهو في جهاد الى يوم القيامة .
حديث شريف
انصره نصراً عزيزاً ، وافتح له فتحاً مبيناً، يا مالك الدنيا والآخرة ، يا رب العالمين ] [1].
وبعد أن تم فتح الشام عين " ياووز " "جان بردي الغزالي " نائباً عليها . وهو الذي (كان متواطئاًمع ابن عثمان في الباطن من أيام السلطان الغوري وكان سبباً لكسرة العسكر في مرج دابق هو وخاير بك نائب حلب ] [2].
وقسمت بلاد الشام إلى ولايات منها " ولاية دمشق " التي كان تشمل سناجق دمشق ، القدس ، غزة ، نابلس ، عجلون ، اللجون ، تدمر ، صيدا مع بيروت والكرك مع الشوبك[3] .
وعن خلافة السلطان سليم قال ساطع الحصري : [ ان الرواية الشائعة عن تنازل الخليفة العباسي[4] إلى السلطان سليم لاتستند إلى أي أساس يجوز الاعتماد عليه . فلا مجال للشك والحالة هذه ان الرواية المذكورة اختلقت اختلاقاً بعد عهد السلطان سليم بمدة ] [5].
وقال حتي : [ واما الادعاء بأن الخليفة بعد اعتقاله في مرج دابق ، أوصى بمنصبه الرفيع إلى السلطان العثماني ، فحكاية من مولدات القرن التاسع عشر ] [6].
وقال جورج أنطونيوس : [ كان أسلاف عبد الحميد الثاني قد حملوا لقب " الخلاقة " مدة قرنين متصلين على الاقل . وكانت دول اوروبة عامة تقر لهم بأنهم أصحاب الحق الشرعي في هذا اللقب ] [7].
أقول : استعمل السلطان العثماني لقب خليفة ، رسمياً ، لأول مرة يوم ان وقع معاهده " كوجوك قاينارجة " مع روسيا القيصرية عام 1774م . وكان ذلك في عهد السلطان عبد الحميد الاول 1773م ـ 1789م ، وكاترين الثانية . وبموجب هذه المعاهدة خسرت الدولة أملاكها في شبه جزيرة القرم على البحر الاسود . ومما يجدر ذكره ان القيصرة كاترين الثانية هي التي قدمت المعونة إلى كل من ظاهر العمر وعلي بك الكبير يوم تمردهما على الدولة العثمانية .
وبعد وفاة سليم الأول تولى أمر السلطنة العثمانية ولده السلطان سليمان الملقب بالقانوني ( 1520ـ 1566م ) الذي أتم فتح البلاد العربية . واكتملت في عهده قوانين الدولة حتى ان المؤرخين اصطلحوا على تلقيبه بالقانوني .
وعلى عهده قامت بالقدس المنشآت الآتية[8] : [ جدد عمارة سور القدس ورمم القلعة وعمر بركة السلطان والسبيل الواقع قبالة البركة المذكورة ، والسبل الكائنة في طريق الواد ، وفي ساحة الحرم إلى الشمال من باب شرف الأنبياء ، وعند ملتقى الطرق المؤدية إلى طلعة التكية وباب الناظر من أبواب الحرم ، وبالقرب من باب الأسباط وعند باب السلسلة أمام المدرسة التنكزية .
وهو الذي عمر قبة الصخرة وأعاد تبليطها . وعمر جدران الحرم وأبوابه ، وسد الباب المعروف بالباب الذهبي في الحرم ، وفتح الباب المعروف بباب ستنا مريم ، وعمر الباب الغربي لقبة الصخرة ، وجدد القاشاني الذي تراه في قبة السلسلة من الداخل .
وأنشأ مسجداً فوق جبل الزيتون ( الطور ) أنشأ في الموضع الذي كانت تقوم عليه كنيسة الصعود .
وعلى عهده أنشئت التكية المعروفة بتكية خاصكي سلطان في عقبة المفتي شرقي دار الأيتام الإسلامية . أنشأتها زوجته الروسية " روكسيلانة "[9] والمدرسة الرصاصية . والذي أنشأها هو الأمير بايرام جاويش بن مصطفى الذي كان مناظراً لعمارة السور].
وفي عام 936هـ أي في السنة التاسعة من سلطنة سليمان القانوني حول مقام النبي داود إلى مسجد . نقوش البلاطة التي على المسجد توضح ذلك :[ بسم الله الرحمن الرحيم . أمر بتطهير هذا المكان وتنظيفه من المشركين وعمله مسجداً يذكر فيه اسم الله تعالى سلطان الأنام ناصر الدين الاسلام خادم البيت الحرام منشىء العدل والأمان السلطان ابن السلطان سليمان من آل عثمان . أيد الله الإسلام في حياته على يد مولانا الشيخ أحمد الدجاني والساعي الشيخ محمد الواعظي العجمي أجرى الله على يديه وذويه الخير . تاريخ 5ربيع الأول 936هـ والحمد لله وحده ] [10].
وفي سنة 945هـ : 1538م بني " محراب النبي " غربي الصخرة إلى الشمال بينها وبين قبة المعراج .
وفي أوائل القرن السابع عشر للميلاد كانت بيت المقدس أحد الألوية التي تتألف منها ايالة ( ولاية ) الشام . وهذه الألوية هي : دمشق والقدس الشريف وغزة وصفد ونابلس وعجلون واللجون وصيدا مع بيروت والكرك مع الشوبك وعكا والبقاع .
وفي عهد السلطان " أحمد الأول 1012ـ 1026هـ 1603ـ 1617م أنشىء جامع الحنابلة غربي الحرم عام 1611م كما انتشرت عادة التدخين في البلاد العثمانية إلا انه حظر استعمال التبغ في عهد السلطان مراد الرابع 1032ـ 1049هـ 1623ـ 1640م.( السلطان السابع عشر من سلاطين آل عثمان ).
ومن حوادث القدس في عهد السلطان مصطفى الثالث 1171ـ 1187هـ : 1757ـ 1773م ( السلطان
السادس والعشرون من سلاطين آل عثمان ) فتنة حدثت سنة 1757م في كنيسة القيامة بين الروم الأورثوذوكس والافرنج وقع علىأثرها الكثير من الجرحى ونهبت قناديل وغير ذلك . ولما رفع الأمر للباب العالي ، وكان راغب باشا احد ولاة القدس السابقين صدراً اعظماً ، فاز الأروام على خصومهم وشدت الحكومة من أزرهم وسلمتهم جميع الأماكن المقدسة .
وتحدث الخوري ميخائيل بريك الدمشقي في ص 61من كتابه تاريخ ( الشام 1720ـ1782م ) عن هذه الفتنة نقتطف ونلخص ما يأتي : (وأما أحوال القدس فإنه في العالم الماضي ( 1757م ) حصل شرور وفتن بين الروم و الافرنج . وفي ليلة أحد الشعانين قام الافرنج ومن تبعهم وكبسوا القيامة الشريفة ومن كان فيها من الروم وصار جرحى كثيرون ونهب قناديل وغير ذلك . والحاكم مسك بالليل من وجد . وارتفعت الشكاوة للدولة العلية ( لاسلامبول ) . ولم يزل الروم تدفع دراهم والافرنج كذلك إلى ان تكلفت الروم نحوالف كيس دراهم . وفي هذه السنة ( 1758م ) انتصرت الروم وحضر لهم خط شريف بأن يضبطوا جميع الأماكن المقدسة ولايكون للافرنج سلطة على مكان سوى ديرهم فقط وتسلم طائفة الروم جميع الأماكن المقدسة ] [11].
وفي عام 1760م ظهر الوباء في عكا ومنها انتشر في جميع بلاد الشام ومن بينها القدس . وكان فناءً عظيماً امتد نحو ستة أشهر .
وفي ولاية محمد باشا ابو المرق الغزي على القدس ويافا وغزة والرملة نحت حكم أحمد باشا الجزار قاست البلاد المذكورة انواع البلاء والشدائد . وقد جئنا على ذكر هذا الباشا في أجزاء سابقة من هذا الكتاب .
وفي عهد السلطان محمود الثاني 1223ـ 1255هـ 1808ـ 1839م جرت الوقائع التالية في بيت المقدس :
1ـ ثورة الانكشارية :
قام هؤلاء الجنود بتمردهم على اثر احلال جنود مهلهم في القلعة . وأخذوا يعيثون فساداً بالمدينة فهجموا على كنيسة القيامة ، التي أخذ الروم في تجديد بنائها على اثر احداثها عام 1808م ، وقتلوا وجرحوا بعض من وجدوهم فيها . وطردوا المتسلم منها واعتصموا بالقلعة .
ولما علمت دمشق بما جرى استنجد واليها بسليمان باشا والي عكا الذي اصدر الأوامر اللازمة بتجريد حملة لتأديب العصاة محمد أغا أبو زريعة مغربي وأمره بفتح القدس وقطع دابر الفتنة . وبعد وصول الحملة إلى القدس أخذ العفيفي رئيس الانكشارية ة وأبو زريعة والمتسلم وغيرهم ينصحون المتمردين بالخلود إلى السكينة ولكنهم لم ينتصحوا مما اضطر قائد الحملة لأن ينكل بهم تنكيلا شديداً .[ دخل الجنود على الثائرين فقتلوهم عن آخر هم وقطعوا رءوسهم مع غروب الشمس . وأمر قائد الحملة المتسلم والعفيفي أن يخنقوا من بقي منهم وعند الصباح جعل جثثهم صفاً واحداً خارج باب الخليل فندبهم ذووهم وأودعوهم التراب ] [12] . وقد بلغ عدد الرقاب ستة وأربعين رقبة [13].
2ـ وفي عام 1227هـ : 1812م عمر متسلم القدس كنج أحمد آغا قناة السبيل[14] التي تجري فيها مياه برك سليمان إلى القدس .
3ـ الحرم الشريف:
قام سليمان باشا والي إيالة صيدا وطرابلس الشام عام 1233هـ : 1816م بترميم المسجد الأقصى على نفقته الخاصة . ويصف لنا ابراهيم العورة ذلك في كتابه ( سليمان باشا العادل ـ ) ص 202ـ 297 ونلخصه بمايلي:
نزل القدس الشريف في عام 1232هـ بقصد التبرك وزيارة الأماكن المقدسة ( كوساكيخيا ) أحد كبار رجال الدولة ، ولما زار الحرم الشريف أطلعه المسؤولون على بعض الخراب الذي لحق بالمسجد الأقصى والحاجة الماسة إلى ترميمه . ولما عاد ( كوسا كيخيا ) إلى استانبول عرض الأمر على السلطان محمود على أن تكون النفقات اللازمة تدفع من أموال سليمان باشا .
[ فالملك استمال لأقوال الكيخيا ورغب عمل هذه الخيرية خصوصاً لما تأكد أن يكون عملها براني . فحالاً أصدر فرمان ملوكي مستطيل الشرح حاوي عبارات متنوعة ومن جملتها المديح والثناء بحق سليمان باشا . ولأجل حسن صداقته صار معتمد السلطنة السنية وتوكل من طرف ملوكانيته لعمل هذه الخيرية الجسيمة .وهي عمار وترميم محلات عرش الله الأدنى وتنظيمها كالواجب ].
أخفى سليمان باشا امتعاضه من هذا الأمر لكثرة النفقات التي تتطلبها التصليحات وقلة ما لديه من أموال .انما اضطر لأن يظهر سروره وأمر بإرسال بعض رجاله للكشف عن التصليحات المطلوبة وسلمهم مرسوماً إلى جميع سكان القدس ذكر لهم فيه محتويات الأمر السلطاني وطلب منهم مساعدتهم بتسهيل من عهد اليه بالقيام بهذا العمل الخيري .اجتمع القاضي والمفتي والنقيب والمتسلم ومحافظ القلعة والوجوه والأهالي وأرباب التكلم وخدمة المحلات الشريفة وتلي عليهم المرسوم . أظهر المجتمعون اغتباطهم بما جاء في المرسوم وأبدوا استعداد هم ببذل كل مساعدة لإنجاز الترميم المطلوب .
كشف المختصون من مهندسين وبنائين على الخراب الواقع على المسجد الأقصى وقروا " وجوب تغيير سقوفه الثلاثة المحلات ورفايفها على الداير وتغيير سقوفة الأروقة جميعها وتغيير الرصاص الموجود على ساير الأسطحة لكونه من طول الأيام تلف ، وتغيير الكاشاني الموجود لكونه ما عاد ينفع وتجديد ساير الدرابزونات والأشياء الموجودة وأو ضحوا مساحة المحلات طولاً وعرضاً لأجل جلب الجسور اللازمة قدر الاحتياج .ثم عملوا دفتر بعلم اللوازم بقدر الإمكان تحت الزيادة والنقصان وقدموا الدفتر الى سليمان باشا ".
وعلى اثر ورود هذا التقرير لعكا طلب سليمان باشا من الأمير بشير الشهابي حاكم الجبل ومن متسلم بيروت ان يقوم كل منهم في دوره بإجراء ما يقتضي القيام به وارسال المطلوب من جسور وأخشاب وغيرها بالسرعة الى يافا محملة على سفن خاصة بأسرع ما يمكن . ومن جهة ثانية ارسل الباشا إلى متسلم يافا أبي نبوت ان يعمل بكل طاقاته لإرسال الأغراض المذكورة بأقصى سرعة ممكنة إلى القدس ( وأمره ان بحضور الجسورة والقرط وألواح يدبر بالحال الجمال والزلم اللازمة لأجل مشالها وأخذها إلى القدس بدون أدنى تأخير وشدد عليه بذلك وحذره غاية الحذر من الإعاقة والإهمال ).
وقد قاسى أهل البلاد مشقة عظيمة في نقل هذه الأدوات ( لأن الجسور المطلوبة كانت واهية بطولها وسمكها وجانب من الجمال في جبل لبنان وفي بلاد غزة والرملة ويافا واللد هلكت بسببها . والغاية حصل بأمرها مشقات كلية وضجت ساير الرعايا من جرائها ).
وحول الكاشاني اللازم رؤي انشاء معمل له بالقدس وعين له الموظفون الاداريون ، وأوتي بالصناع المهرة والأدواب اللازمة من الشام . كما جلب التراب اللازم لعمل الكاشاني من مغارة بالقرب من انطاكية . وبعد أنْتَ تم صنع الكاشاني نقشت عليه الكتابات الجميلة ( وهكذا انتظمت ساير المحلات الشريفة بما يلزم لها من التعمير والترميم والزينة بزياده عن هيئتها الأصلية أضعاف مضاعفة ).
وهناك في المسجد الأقصى فوق رقبة القبة وتحت الشبابيك غير النافذة كتابة كتبت بالخط الثلت تقول :[ بسم الله الرحمن الرحيم . جدد ترميم هذه القبة الشريفة مولانا سلطان البرين وخاقان البحرين وخادم الحرمين الشريفين وهذا المسجد الأقصى أولى القبلتين المجاهد في سبيل الله تعالى المفوف بعناية الله المعبود مولانا السلطان محمود خان بن السلطان عبد الحميد خلد الله ملكه مدى الزمان . وذلك عن يد الوزير صاحب الخيرات والتدبير سعادة الحاج سليمان باشا والي إيالة صيدا وطرابلس الشام أدام الله دولته واجلاله وذلك سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وألف من هجرة من له العز والشرف صلى الله عليه وسلم . بقلم الضعيف مصطفى علي أفندي المأمور من جانب الدستور ].
وبمعرفة سليمان باشا أيضاً جرى تجديد بعض الرخام في مسجد الصخرة .
ولم يكتف سليمان باشا بترميم ما رمم في المسجد الأقصى وقبة الصخرة ، فقد رأى رحمه الله بناء على طلب من سدنة مقام النبي داود ترميم وتعمير هذا المقام . ونقشت على باب زاوية النبي داود الكلمات الآتية : [ جدد تعمير هذا المكان الشريف والبناء الساطع المنيف مع ترخيم الروضة بالرخام اللطيف مولانا السلطان الأعظم السلطان محمود خان خلد الله ملكه وسلطنته وزاد بالتوفيق أيامه وأحكامه .وذلك على يد سعادة الدستور الوزير صاحب الحسنات والخيرات الحاج سليمان باشا بلغه الله ماشاء والي صيدا . بمباشرة مصطفى علي أفندي المأمور وذلك في سنة 1233هـ ].
وقد كلفت هذه الأعمال الخيرات في القدس سليمان باشا [ زيادة عن سنة وتسعة أشهر.وبالمقايسة تكلف زيادة عن أربعة آلاف كيس وجعل هذه الخيرات في صحيفة السلطان وصحيفه ].
ومما حدث في عهد السلطان محمود الثاني ، مذبحة "الانكشارية "[15] التي ذكرناها في جزءسابق واتخاذه اللباس الأفرنجي والطربوش[16] بدل العمامة وتبعه بعد ذلك الوزراء والموظفون والكثيرون من سكان مدن الأمبرا طورية العثمانية ومن ضمنها القدس .
وفي عام 1823م قدم القدس أول جماعة من المبشرين وكانوا من الأنجيليين أملاً بهداية اليهود إلى النصرانية . وهؤلاء هم الذين أسسوا صناعة الحفر في الزيتون المشهورة الآن بالقدس . وكانت الغاية من تأسيس تلك الصناعة فتح أبواب الشغل الى الدخلاء من اليهود لكي يقوموا بنفقاتهم الشخصية[17] .
وفي عام 1247هـ : 1831م سقطت القدس في أيدي ابراهيم باشا بن محمد علي باشا المصري.

القدس في عهد محمد علي باشا المصري
كانت الدولة العثمانيه أيام ولاية محمد علي باشا على مصر في منتهى الضعف والإنحلال فالحروب المتعددة وثورات الولاة والأضطرابات والفتن الداخلية الناتجة عن ظلم الحكام وجور الإنكشارية... هذا الى ان قضاء السلطان محمود الثاني على العساكر الإنكشارية قبل ان يهيء عسكراً تحل محلهم وبذلك أصبح بلاجيش تقريباً .
كل ذلك أدى إلى طمع محمد علي والي مصر الذي قام بالأعمال العظيمة في سبيل أصلاح مصر فوضع أساساً متيناً لحكومة عادلة وقام بأعمال خطيرة في مختلف الحقول الزراعية والصناعية والتعليمية والعمرانية والتجارية وغيرها . واهتم اهتماماً بالغا‌ً بتدريب جيشه وتزويده بمختلف المعدات الحربية الحديثة ، وتنظيمه على احدث الطرق الأوروبية وزيادته حتى بلغ أكثر من 275 الف جندي ، كما بلغت مراكبه الحربية (30 ) قطعة حديثة تحمل 1300مدفع ونحو 12000بحري .
ولما استعانت الدولة بهذه القوة المصرية ـ من برية وبحرية ـ في اخماد الكثير من الإضطربات الداخلية وحروبها الخارجية ، طلب محمد علي من السلطان أنْتَ يوليه على عكا علاوة على مصر مكافأة له على مساعداته . ولما رفض طلبه أخذ يتذرع يوسيلة تضمن له اطماعه . كانت هذه الأطماع في أول أمرها متواضعة : ابتدأت بطلب ضم ولاية عكا ثم ببقية بلاد الشام لأعتقاده بأن هذه البلاد تكون خطراً على ولايته بمصر اذا لم تكن منضمة اليه . (لقربها من مصر و وجوب المحافظة على وادي النيل [18]) وكذلك للحصول على الأخشاب الصالحة لسفنه وغيرها من غابات الجبال ، الغابات الغير متيسرة في مصر . ثم بالاستقلال التام لمصر والشام[19] تحت سلطنة عائلته وذريته الى ما شاء الله . وأخيراً الحكم بتملك جميع البلاد العربية[20] .
انتهز محمد علي باشا فرصة خلافه مع عبد الله باشا الخزندار والي ولاية عكا حول أمرين :أولهما استيلاء عبد الله باشا على بضائع لتجار مصر مدعياً انها لبعض التجار في نابلس مما ألحق الضرر بالخزانة المصرية . وزاد في غضب محمد علي ان الباب العالي أخذ يماطه في وضع حد لهذا الخلاف[21] . وثانيهما : المهاجرون المصريون الذين أثقل عاتقهم بالضرائب وبتسخير هم في الأشغال العامة وتجنيدهم تجنيداً اجبارياً مما جعلهم في غاية البؤس والشقاء .وان عرب المعازة يسهلون هرب الفلاحين الى بر الشام [22].
وزيادة على ما سبق كان عبد الله باشا يشجع المصريين على نقل حاصلات الوجه القبلي بطريق سيناء بدلاً من تصديرها عن طريق الاسكندرية . فكان ذلك مضراً بمصالح محمد علي .
رجا محمد علي من " عبد الله "أن يضع حداً لكل ما تقدم وأن يعيد كل من هاجر الى مصر ثانية وذلك خوفاً من كثرة من يتبعهم الى ولاية عكا .
وفي هذا يخاطب محمد علي والي عكا : [ لم يفقه اهالي اقليم الشرقية المتاخم لولاية عكا الحكمة من الأعمال الخيرية التي قمنا بها ففر بعضهم الى ولاية عكا . وانه لما أدركوا خطأهم وهموا بالعودة الى اوطانهم لم يسمح لهم بذلك .ثم بين المصري لعبد الله انه يجب على شيوخ القرى في ولايته الا يعارضوا في رجوع هؤلاء الفلاحين الى مصر ويرجوه ان يبين ذلك الىالشيوخ المذكورين كي لا يضطر هو بدوره ان يأمر بجلب الشيوخ معهم ايضاً .ويختم بقوله : " ان ولاءنا لذاتكم هو الذي اقتضى تسطير ما ذكر اعلاه] [23].
عند ذلك لجأ عبد الله باشا والي عكا الى الباب العالي ليوقف محمد علي عند حدوده وان لا يتدخل في أمور ولايته. فأرسل الباب العالي الى محمد علي بأن المصريين احرار يسكنون في أي ولاية من ولايات الدولة يريدونها.
غضب محمد علي باشا وابتدأ باعداد حملته على سوريا التي بدأ زحفها في جمادى الاولى عام 1247هـ : تشرين الثاني 1831. بقيادة ولده ابراهيم باشا . [ وفي طريقه من مصر الى عكا قد تسلم جميع المدن التي كانت تابعة عكا بدون حرب وهي غزة واللرملة ويافا وحيفا والقدس الشريف ] [24] .
أعلن متسلم القدس وأهاليها وشيوخ الجبل : ابراهيم ابو غوش وملحم اللحام و اسماعيل سمحان ولاء هم للحكم الجديد[25] ، ثم ما لبث الجنود الأرناؤوط الذين كانوا قد اعتصموا في قلعة القدس ان دخلو في طاعة الحكومة المصرية[26].
ومما هو جدير بالذكران ابراهيم باشا قائد الحملة يشير الى بعض الدوافع التي أدت الى حرب الشام فيقول انها ( حرب القومية والعنصرية ) وانه يجب على المراء ( أن يضحي حياته في سبيل قومه وعشيرته[27] . وقال ذات مرة .)
" لقد جئت مصر صبياً .فلونت شمس مصر دمي وصير تني عربياً "[28].
وعلى أثر الأنتصارات الساحفة التي احرزها المصريون ففتحوا اكثر الأناضول الذي يعتبر قلب الأمبرا طورية العثمانية ، ولما احتل ابراهيم باشا مدينة ( كوتاهية ) للجنوب الشرقي من استانبول وعلى نحو 300كيلومتر عنها اضطر الباب العالي في الأتفاق مع محمد علي بلاد الشام وجعل ابراهيم باشا محصلا لولاية ( أضنة ) .وهكذا أصبحت القدس تابعة لمصر .
وبعد أن تم الصلح مع السلطان أخذ ابراهيم يتجول في البلاد المعطاة له ، متفقداً شؤنها .وصادف ان وصل الى القدس يوم عيد الفصح ، العيد الذي جمع في ذلك العام حجاجا كثيرين قدر عددهم نحو 20ألف حاج . وفي هذا يقول صاحب مذكرات تاريخية ص 95 [ وصل ـ ابراهيم باشا ـ الى القدس اول جمعة الالام ونزل في النبي داود . وكان بتلك السنة زاير ( زوار ) كثير عمره ما حضر مثله حتى انه حضر من ديرة العربية مقدار خمسة آلاف زاير ومن الأروام والأرمن خمسة عشر الف . وأمر ابراهيم باشا ان تفتح درفة الباب الثانية أي درفة باب القيامة لانه من عهد سينا عمر بن الخطاب لم انفتحت وأمر ان لا يكو غفار ( خفر ) في الدروب ولا ورقة في باب القيامة وان الزاير لا يحط ( شيئا) لا كلي ولا جزئي . فبهذا . فبهذا السبب اجتمع زوار كثير وصار أمان في كل الدروب ] .
ومن شدة الزحام مات نحو خمسماية شخص [29].
وفي عام 125 هـ 1834 م ابتدأت البلاد تتذمر من الحكم المصري . ثم تحول التذمر الى ثورة .الا ان ابراهيم باشا قضى عليها بالحديد والنار .
وقبل ان نتحدث عن حوادث هذه الثورة نذكر أهم أخبار القدس من عام 1247 هـ الى بدء التمرد ، فنقول : ـ " نقلا عن المحفوظات الملكية المصرية ـ .
(1) تصريح بترميم كنيس اليهود ، على شرط ان لا يزاد شيء على المباني القديمة وغيرها . (1 / 136).
(2) رفع الخفر عن حجاج النصاري الذي يؤمون القدس ـ لزيارة كنيسة القيامة وغيرها ( 1 / 138) وكانت هذه الرسوم وضعت في عهد لسلطان سليمان القانوني .
(3) ارسال محمد علي باشا الف اردب من الأرز لتخفيف شدة القحط في بيت المقدس (1/162).
(4) الغاء الضرائب والعوائد التي تؤخذ من رؤوس النصارى واليهود ( 1 / 188 ) .
(5) الموافقة على انشاء مجالس شورى في المدن المختلفة ـ ومنها بيت المقدس ـ للتعاون مع المديرين وتنظر في الأمور الجزئية وتفصل في بعض المشاكل العمومية المختلفة ( 2 / 39 و 3 / 88 95 ) [30].
(6) التصريح لمراد أروتين وكيل فنصل الساردو ونابولي بتصليح الطريق بين القدس ويافا عليه السلام نفقته الخاصة ( 2 / 1 و 365 , 375 ) .مر ذكر ذلك في جزء سابق .
(7) انتشار الطاعون في القدس وبيت لحم وما يليها 2 / 180 و 419 .
(8) التمس رهبان الروم في القدس من القائمين على شئون البلاد منع الرهبان الكاثوليك من النزي والتبلس ولبس قلنسوتهم (2 / 247و 279 و 328 ) فصدر الأمر ببقاء القديم على قدمه .
(9) التصريح لقنصل فرنسا في القدس ببناء ثلاثة أو اربعة محلات بجوار المستشفى في دير الأفرنج 2 / 314 ).
(10) لم يسمح محمد علي باشا لوكيل قنصل اميركا برفع علم بلاده في نفس القدس ، وكان ذلك تلبية لرغبات أهل البلدة 2 / 330 و 336 .
(11) الأذن لقنصل فرنسا بأنشاء بناء للرئيس وآخر للمرض في داخل دير اللاتين في القدس ( 2 / 380 و 415 ).
(12) ومن طريف ما يذكر ان محمد علي باشا بعث لولده ابراهيم باشا انه لا يوافق عليه السلام لقب " سر عسكر بلاد العرب " الذي اتخذه ابراهيم باشا لنفسه ويوجب الأكتفاء بالأسم ابراهيم كما اكتفى هو بالاسم " محمد علي " ثم يقول لولده : " ان هذه الالقاب جوفاء لا تليق بأبراهيم وان اذاعتها تدل على الضعف لا على القوة ).
ثارت البلاد على الحكم المصري لأسباب عديدة منها :
التجنيد الاجباري :
كان محمد علي باشا بحاجة الى الجند للوصول لغاياته الي كان يطمح لها .لم يوافق الأمير بشير الشهابي ، بعد اسشارته ، على التجنيد ، ( وذلك لأسباب أهما استمرار الحرب مع الباب العالي ، ونفور الأهالي من التجنيد وما قد ينتج عن هذا من عدم الأطمئنان للحكم المصري وتشويش أفكار الجمهور ودفعهم للخروج عن الطاعة . ولذا فالأمير يرى ان يؤجل التجنيد الى بعد الحرب [31].
وكان هذا رأي ابراهيم باشا ايضا .الا ان محمد علي ظل مصراً على تنفيذ التجنيد الأجباري[32] . ولما اجتمع المسئولون بأعيان نابلس والقدس والخليل في القدس أظهر هؤلاء امتثالهم لأوامر الدولة . الا انهم لم يتمكنوا من تنفيذ وعدهم . وبهذا تقول المحفوظات الملكية نقلا عن رسالة بعث بها ارسال أولادهم الذي حرروا اسماهم ويعتذروا ايضاً من ارسال الأنفار بأن الفلاحين هربوا وليسد لهم قدرة على ارجاعهم ] [33] . قال محمد كرد علي في خطط الشام : [ فمسألة التجنيد قللت من أنصار الحكومة المصرية في البلاد لقلة اعتياد الناس الجندية في ذلك العصر ، اذا أصبح الناس يعدون التجنيد من باب القاء النفس في التهلكة ، وزال من الأفكار معنى الدفاع عن الوطن والذي عن مقصد شريف ، وهذا الروح كان قد ضعف في الأمة بعد ان حكمها الغرباء قرونا بالعنف والقهر ] [34].
الضرائب :
وكما كان محمد علي باشا بحاجة الى الرجال فأنه كان بحاجة الى المال لتغطية نفقاته الباهظة التي تتحملها دولته في حروبه وغيرها .مما اضطره على وضع الضرائب جديدة ومتعددة مما اثقل كاهل الأهلين منها ( ضريبة الفردة ـ الجزية ) ، ضريبة شخصية اقلها 15 قرشاً وأعظمها 500 قرش[35] مما نقر منه القلوب . وقد استعظم هذه المبالغ وضعها ابراهيم باشا ،والده محمد علي باشا مما جعله يقول : [ ان ضريبة الفردة التي فرضت على سكان الا يالات الجديدة بهظة ويستحسن جعلها موازية اللفردة في مصر اما اذا كان السر عسكر (يعني ابراهيم باشا ) قد بدأ في جمعها ويرى صعوبة في فسخ قراره فليبقها كما هي ] [36] .
نزع السلاح :
طلب محمد علي من ولده ابراهيم ان يسلم السلاح من جميع السكان من المسلمين والنصارى مما زاد في حنق الجماهير ( نزع السلاح ، الذي كان ربما يعسر على الأهالي زيادة عن جمع العساكر ) [37] ـ أي التجنيد الأجباري ـ .
ومن دواعي مضاعفة الغضب ، فالثورة ، العدل بين الرعايا على اختلاف دياناتهم وطبقاتهم وما قام به العثمانيون من دس الدسائس الى المشايخ والزعماء في البلاد واغرائهم بالاموال ليحضوا الشعب على شق عصا الطاعة على مصر .
ان ضرب الجزية ( الفردة ) او ( الفرضة ) والتجنيد الأجباري ونزع السلاح كلها صدرت دفعة واحدة . فكانت النتيجة ان ثار الاهالي واحدثوا فتنة تفاقم خطبها وامتد لهيبها في طول البلاد وعرضها .
ابتدأت الأضطرابات في اوائل محرم من عام 1250 هـ ( أيار 1834 م ) في السلط وهجوم بعض الفلاحين عليها ،وجرى قتال بالقرب من " سعير " في جبل الخليل وظهور عرب التعامرة وأهل سعير بالموقف المعادي[38] . وبعد ذلك تجمع الفلاحون في البيرة وتوجهوا الى قرية أبي غوش لقطع الطريق على العساكر الآتية من يافا الى القدس ، وجوم ابن سمحان وابي غوش وبني حسن على مواشي اهالي القدس في ناحية باب العمود[39] .
وتمكن الفلاحون من محاصرة الجند المصري في المدينة المقدسة واشتبك الطرفان في معارك عنيفة امتدت سبعة أيام . ويصف صاحب مذكرات تاريخية هذه الحادثة بقوله :
[ والعسكر الذين في القدس سكر وحاضر في القلعة والبلد . وبعده تجمعوا الفلاحين مقدار عشرين الفاً وحضروا الى القدس وحيث هي محاصرة فدخلوا كم واحد من سياق بير وراء باب النبي داود . وذبحوا العسكر المغفرين ( الخفر ) الباب ليلاً وفتحوا الباب ودخلوا الفلاحين من الباب وصباحاً حصل الضرب بينهم وبين العسكر الموجود بالقدس ودخل العسكر الى القلعة وصار يضرب على الفلاحين بالطوب والبندق والفلاحين نهبوا دكاكين البلد وثلاثة بيوت يهود . والنصارى ما حصل عليهم شي حيث انهم رفعوا ارزاقهم وحريمهم للديورة حتى واهم احتموا فيها ) وبقي هذا الحال سبعة أيام ) [40].
اخبر ابراهيم باشا ، الذي كان مقيماً في دير الأفرنج بيافا ، والده بنشوب الثورة في فلسطين ويرجو بالقوات اللازمة لأخمادها ، وقام فوراً من يافا لمطاردة الثوار في جبال القدس ، وأخذ يتقدم نحو واد علي[41] . وفي اثناء مروره منه واقع الثوار ثلاث مرات بعد ان كبده خسائر بين 600 و 700 شخص . ولما دخل القدس سالماً أتته الأخبار بتجمع أهالي الرية نابلس والقدس وغزة استعداداً للزحف على القدس [42].
وكان ان وصل " ناصر المنصور " من جبل نابلس ورجاله الى قرية " شعفاط "[43] فالتحموا مع ابراهيم باشا الذي تغلب عليهم بعد ان كبدهم نحو 500 نفر وبعدها بثوار الخليل وظفر بهم في بيت جالا وبيت لحم بعد ان سقط منهم 80 نفراً [44] وبعد قليل ظفر بالثوار في عين سلوان[45] . وبذلك تمكن ابراهيم من فك الطوق الذي طوقه الثوار على القدس .
بعث محمد علي الى ولده ينبئه بأنه آت لنجدته ويطلب منه ان يبقى في القدس ريثما يلتقيان ويدرسان الموقف معاً[46].
وفي هذه الأثناء كان أهل القرى في جهات يافا قد أحاطوا بها وأخذوا يشنون غاراتهم على حاميتها كما وضعوا يدهم على الرملة واللدة[47] . وقامت جماعة من أهل جبل نابلس بقيادة الشيخ قاسم الأحمد قاصدة القدس الا ان ابراهيم باشا تمكن من صدهم في (لفته ) [48].
وفي 23 صفر من عام 1250 هـ " 30 حزيران 1834 م " وصل محمد علي باشا الى يافا وبمجرد وصوله اليها أسرع ابراهيم باشا لمقابلة والده واتخاذ ما يلبغي اجراؤه لانقاذ الموقف .
وفي تلك الأثناء كانت امتدت الثورة الى شمال البلاد فعمت صفد وناحيتها وحيفا وجوارها .
رؤي ان يحمل ابراهيم باشا حملة على جبال نابلس فالتقى بثوارها في زيتا ودير الغصون فهزمهم ودخل نابلس وفر قائدهم قاسم الأحمد وزعماء الجبل مما سبق وذكرنا ذلك جميعه في جزء سابق .وعلى اثر هذا الأنتصارات اطلقت مدافع الاسطول المصري الَّذي كان راسياً في يافا مدافعها فرحاً وسروراً[49] .
*
ان الثورة الفلسطينية وغيرها من الثورات التي قامت في مختلف انحاء الشام شجعت الحكومة العثمانية على استئناف الحرب ضد محمد علي . فكان في النهاية ما كان من انتهاء حكم مصر على البلاد سنة 1256 هـ وعودتها للحكم العثماني .
وهكذا فان طموح محمد علي الشخصي ورغبته في اقامة امبراطورية عربية له ولأحفاده باءت بالفشل.
ومن الأسباب التي دعت لذلك ايضا عدم نمو الوعي العربي القومي في تلك الأيام ، في الشام ومصر .
ومن حوادث القدس أيام حكم المصريين نذكر .
أولاً : طلب اليهود ان يسمح لهم بشراء الأملاك والأراضي الزراعية وممارسة الحراثة والفلاحة والزراعة وبيع الأغنام والأبقار وتملك المصابين والمعاصر . ولم عرض الامر على مجلس الشورى في المدينة رفض الطلب ولم يسمح لهم بغير الاشتغال بالتجارة . وقد صادق علي هذا القرار محمد علي باشا الذي أجب على الطلب بقوله : [ لا يسمح ببيع الأراضي في القدس ونواحيها الى اليهود الأجانب نظراً لعدم وجود مسوغ شرعي لهذا العمل[50] .
ثانياً : انتشار الهواء الأصفر في القدس الرملة وغزة عام 1253 هـ : 1837م .
ثالثاً : عينت بريطانيا في عام 1839 م قنصلاً لها في القدس . فكانت أول الدول التي ارسلت قناصلها للمدينة المقدسة .
رابعاً : جاء في المحفوظات الملكية المصرية، في ذكرها لحوادث محرم 1256 هـ : آذار 1840 م . حول طلبات اليهود الوقحة بشأن حائط النحيب او المبكى الذي ربط بها البراق ليلة الأسرى العظيمة ما يلي [51]:
1 ـ [ عريضة من امضاء الحاج محمد شيخ المغاربة بالقدس الشريف موجهة الى اسماعيل عاصم بك حكمدار حلب : دولتلو سني الهمم كريم الشيم سعادة البيك المفخم ادام الباري شريف وجوده . المعروض بساحه المكارم الحميدة ان عبدكم شيخ فقراء المغاربة المجاورين في الحرم الشريف وفي زاوية ابا مدين افندم . والكل متقيد بما جيب عليه لعدل دولتكم العادلة السنية افندم وحارة عبيدكم ملاصقة الى حائط الحرم الشريف الذي ربط في البراق ليلة الاسرى البهية واليهود من قديم يزوروا تلك الحائط زيارة في ( الاصبات ) من غير رفع اصواتهم واظهار مقالهم ومن ذواكم سنة كلما لهم في الأذية برفع اصواتهم وكثرة جمعياتهم بحيث ان تلك المحل المذكور بالبلاط لتوصلهم لمآربهم فتجاسر عبدكم بتقديم عريضة العبودية لأعتابكم حيث البلاد بلاد دولتكم وبهمتكم في ايام دولتكم لا تحدث لهم مرغوبهم المصرين علي بلصق حائط البراق الشريف ربنا من كرمه واحسانه يديم دولتكم واذا تحسن برأي المكارم احالة المادة هذه لمجلس الشرع الشريف والامر امركم افندم .
2ـ رأي مجلس شورى القدس في عريضة الحاج محمد : لدى المذاكرة على هذا الاعراض المتقدم لعادة حكم دار حلب المحترم من الشيخ محمد شيخ المغاربة بخصوص اليهود واحداثهم وشرح سعادة المشار اليهم للمجلس الأمر برؤية هذالمادة وان القديم يبقى على قدمه رؤي ان المحل المذكور الذي مراد اليهود ان يبلطوه فهذا اولا ملاصق لصور الحرم الشريف ومحل ربط البراق الشريف والثاني انه ليس لهم به حق حيث ان هذا المحل هو طريق مستمر في حارة المغاربة يتوصل به الى دور الوقف سيدنا أبي مدين الغوث سر وثالثا انه ما سبق لليهود ان يعمروا في تلك المحل مطلقاً ولا يجوز شرعاً ان الاجنبي يعمر في ملك الغير خصوصاً وان طايفة اليهود لهم شرعا يحدثوا شيئا زيادة عن القديم بل يبقى القديم على قدمه ولا سبق لهم في هذا المحل عمروا شيء . وقد صدرت الأوامر الشريفة السر عسكرية في مثل ذلك انهم لا يحدثوا شيئاً مطلقاً ، بل يبقى القديم على قدمه . ومن حيث الحالة هذه واليهود الآن مرامهم الاحداث اقتضى افادة حضرة متسلم القدس الشريف لأجل حالاً يمنع اليهود المذكورين من التعمير ومن الأعلان باصواتهم بقرب الحرم الشريف بل يكونوا على حسب عادتهم فقط . فبناء على ذلك صدرت هذه الخلاصة من مجلس شورى القدس الشريف لحضرة السيد أحمد آغا الدزدار قائمقام ملكية متسلم القدس الشريف ليجري العمل بموجبها . 5 ذي الحجة سنة 55 .
3 ـ تعليق اسماعيل عاصم بك حكم دار حلب في 5 ذي الحجة سنة 1255 هـ : " حضرات ارباب مجلس شورى القدس الشريف : غب مطالعة هذا الاعراض تنظر هذه المادة بحق الله تعالى والقديم يبقى على قدمه من دون احداث شيء .
4 ـ صورة فرمان شريف سر عسكري صادر في 14 شوال سنة 55 مضمونه الشريف : وردت ورقة من قونسلوس دولة الانكليز ويسكر ان واحد من الرعايا كان حصل له لطف ونذرعلى نفسه ان يبلط زقاق البراق " ويستدعي رخصة بذلك . فيلزم تعطوا الى الرعايا المذكورة الرخصة بتبليط الزقاق المذكور ويكون معلومكم .
حضرات ارباب مجلس شورى القدس المحترم : اطلعنا على خلاصة حضراتكم المحرر جانبه اقتضى حررنا لحضراتكم صورة الأمر الشريف السر عسكري قيامقام ملكية السيد احمد دزدار[52] متسلم القدس الشريف .
5 ـ العريضة التي رفعها المجلس المذكور الى الباشمعاون الخديوي في 8 ذي الحجة 1255 هـ : " الى الباشمعاون الخديري المعروض لدولتكم العلية لدى المذاكرة على هذا المعروض المتقدم لسعادة حكمدار حلب من شيخ المغاربة بالقدس المشروح باطنه بخصوص تبليط اليهود زقاق البراق الكائن بحارتهم بقرب دور وقف سيدي أبي مدين الغوث قدس سره الملاصق لصور الحرم الشريف وشرح المشار اليه للمجلس بالأمر بأبقاء القديم على قدمه من دون احداث شيء والخلاصة الصادرة لمتسلم القدس وشرحه عليها بصورة الأمر الشريف السر عسكري العالي رؤي حيث صدر الأمر الشريف العالي بالرخصة للرعايا المذكورة بتبليط المحل المذكور ان يستحضر شيخ المغاربة المذكور للمجلس وتفهيمه ما صدر به الأمر الشريف فحضر وقرر ان هذا الاعراض المتقدم لسعادة ولي النعيم المعظم من المذكورين خلاف انها حيث لا يخفى على الجميع ان زقاق البراق الشريف المذكور غير نافذ بل فقط يتوصل به الى دور سيدنا ابي مدين الغوث وهو نفس حارة المغاربة التي بها زاوية سيدنا أبي مدين وملاصق الحرم الشريف ومحل البراق المنيف وليس لليهود ولا لأحد فيه حق بل هو من حقوق سيدي أبي مدين الغوث وداخل في حدود وقفيته بسبب هذا التبليط الذي مرادهم احدائه الآن يصير تداخل للمذكورين في المحل المذكور وحاشى ان سعادة ولي النعم يسمح باحداث شيء في حقوق سيدي ابي مدين زيادة عن القديم واما استدعى الرعايا المذكورة انه انذر على نفسه تبليط المحل المذكور فهذا المحل ليس هو كنيسة لهم ولا مدراج لليهود فكيف حتى ينذر في وقف سيدنا أبي مدين الغوث فلا بد له بذلك مرام يتوصلوا بله لغايتهم فكان اللازم عليه بحسب ديانته ان ينذر تعمير كنيسه أو مدراجه واما تبليط المحل المذكور يعود منه ضرر على جهة الوقف وولي النعم لا يرضى لا بضرر ولا اضرار ولا احداث شيء زيادة عن القديم خصوصاً في محلات وقف سيدي أبي مدين والامر العالي على الرأس والعين لأن البلاد والعباد وعباد سعادة افندينا ولكن من حيث وجد شيخ على وقف سيدي ابي مدين ويخشى من صاحب الوقف سيدي ابي مدين الغوث وليس للمذكورين به حق وانه يلتمس اعراض الواقعة للاعتاب الشريفة السر عسكرية وعلى كل حال الأمر لدولته فرؤي من حيث قرر شيخ المغاربة المذكور كما مشروح والتمس اعراض واقعة الحال للاعتاب الشريفة السر عسكرية اقتضى اعراض هذه الخلاصة من مجلس شورى القدس الشريف للاعتاب الشريفة السر عسكرية والان من كل الوجوه لدولته العلية ].
وانهى الامر محمد علي باشا بصورة قاطعة بأمره الذي ارسله الى ابراهيم باشا في 23 محرم 1256 وفيه يقول : [ بوجوب منع اليهود عن تبليط البراق في القدس وعن رفع اصواتهم فيه وابقاء القديم على قدمه عملاً بنصوص الشرع الشريف ] [53].

الدكتور كورينيليوس فان ديك في القدس
كورينيليوس فان ديك Carnelius Van Dyek 1230 ـ 1313 هـ :
1818 ـ 1895 م . طبيب امريكي من اصل هولندي . مستعرب . اختاره مجمع المرسلين الأمريكانيين مبشراً وطبيباً في سوريا ز قدم بيروت سنة 1840 م ولم تطل مدة في بيروت فأوعز اليه ان يسير الى القدس لتطبيب عائلات بعض المبشرين . ثم عاد الى بيروت وشرع في تعلم اللغة العربية فاتنها وكان اذا نطقها لا تميز نقطه عن نطق أهل الشام اطلاقا .
من أعماله كان اكبر مساعد في تأسيس المدرسة الكلية السورية ( الجامعة الأمريكية في بيروت اليوم ). مؤلفاته كثيرة تشمل أهم العلوم الحدينة وهو أول من نشر تلك العلوم بالعربية في بلاد الشام . وله نحو 25 مصنفا عربيا . توفي في بيروت[54] .
زار فان ديك هذا القدس في أواخر ايام الحكم المصري لمدة وجيزة فكتب تقريراً عنها . ومما جاء في ذلك التقرير قوله : [ وصلنا في القدس في الرابع من تموز سنة 1840 م وهو يوم عيد الحرية عند الامريكان .
كانت أعمال المرسلين هناك قاصرة على الوعظ والصلاة ايام الأحاد .ولا يحضر الوعظ الا ستة أشخاص . وكان لهم درسة لأحد في بيت لحم . وكان في القدس قبل وصلي اليها بعض المرسلين لليهود .وقد سافروا وتركوا منزلهم وصيدلية صغيرة فيها بعض العقاقير . وكان البيت على جبل صهيون . فأقمت فيه أتعلم اللغة العربية على يد المعم مخياييل عرمان وازور الناس واطببهم ، وكلهم يقيمون داخل أسوار المدينة .
وفي تشري الثاني استولى الخوف على أهل القدس اذا بلغهم ابراهيم باشا زاحف بجيشه من شرقي الأردن وانه قطع ذلك النهر وأحرق اريحا ، فتبادر الى الاذهان انه لا يلبث ان يصل الى الناس فيكتسحها ويسير منها الى يافا فمصر . فاقفلوا ابواب القدس وأوصد الناس حوانيتهم ، واخفوا أموالهم في المدافن . وبعثت الحكومة حالا تستقدم الجنود الذين في يافا وغزة لحماية بيت المقدس . ولكن يظهر ان احراقة اريحا كانت خدعة حربية تصرف الاذهان عنه بتخويف جند يافا ، فيستنجدون جند غزة ، فيخلوا له الطريق برا الى مصر . فمر بالكرك ومنها الى الجنوب البحر الميت ثم الى مصر .
ثم استتب الأمن واستمرت علاج المرضى ثلاثة اشهر ،ولم يمت أحد . . . . وبلغنا في اثناء ذلك ان باخرة فرنساوية تصل الى يافا في تشرين أو كانون الأول فركبت انا ورفيق لي على خيل من القدس الى يافا تحت المطر الغزير ، التماسا لادراك تلك الباخرة الطريق يومئذ وعرة .
سافرنا من القدس الى يافا في يوم واحد سريعاً جدا وقضينا في يافا اسبوعا ننتظر الباخرة فلم تأت ، فعدنا الى القدس مخافة ان يجحز علينا في يافا بسبب القلاقل السياسية ، فلا يعود يتيسر لنا الخروج منها .
مكثت في القدس الى شباط من السنة الثانية ثم سافرت الى بيروت برا بطريق يافا ، وكانت القرى في طريقنا قدخلت من اهلها واحتلتها بعض الجنود التركية . وأمضينا الأحد في عكا .ركبنا حتى نهر القاسمية فوجودنا الخان مهجوراً ] [55].

الترتيب العثماني الجديد بالقدس
اتخذت الحكومة العثمانية التدابير الآتي بالقدس وجنباتها نخلصها ، نقلا عن "الاصول العربية لتاريخ سورية في عهد محمد علي باشا " المجلد الخامس ص 223 ـ 228 "[56] .
1 ـ عهد الى السيد الدزدار بمسلمية المدينة .
2 ـ أقيم السيد محمد ابو السعود رئيسا لمجلس الشورى المؤلف من السادة الأعضاء :
محمد علي الحسيني نقيب الاشراف الحالي . السيد خليل الخالدي .السيد عثمان ابو السعود . السيد محمد درويش علي افندي زاده . السيد شاكر الموقت .السيد نجم الدين الجماعي ، السيد ابراهيم المهتدي السيد محمد الرملي السيد جار الله كاتب المجلس .السيد وفا معين كاتب الخواجه رونة وكيل طائفة اليهود . يوسف وكيل طائفة الفرنج . ياقوت حاسر احد طائفة الارمن .
3ـ عهد الى الى احمد آغا مراد بقيادة حامية القلعة المؤلفة من أربعة وخمسين جندياً من المدفعيين وستة انفار اسطاوات .وخصص لاحمد آغا عمالة شهرية قدره الف قرش وخمسة اقق خبز في كل يوما وعليقتين شعير ولكل اسطة 200 غرش شهري واقة ونصف خبز يومي ولكل جندي ثمانين قرشا اشهر ونصف اوقة خيز يومي .
4 ـ عين السيد محمد درويش وكيلا للتكية بالقدس بعمالة شهرية قدرها 1000 قرش .
5 ـ نصب الشيخ صبيح سوكة شيخاً ومتكلماً علىأهالي قرية بيت لحم .
6 ـ وجهت نظارة الشيخين عطا الله حمودة ومحمود عريقات على ناحية الوادية ما عدا بيت لحم وعرب التعامرة.
7 ـ ابقاء الخوجة اطنون الصراف في وظيفة الصرافة بالخزينة .
8 ـ عهد الى الشيخ اسماعل أحد مشايخ جبل القدس النظارة على ربع ناحية جبل القدس : بيت عكا وتوابعها .
9 ـ نصب ابراهيم اغاسي هاشم ، ناظراً على الأخبار للعساكر السلطانية بالقدس .
10 ـ طلب من وكيل التكية بالقدس ان يعطي لعمدة الفضلاء خالدي زادة السيد ابراهيم يومياً رطلين من الخبز ، تعطى له غير انقطاع الى ما شاء الله .
11- خصص كل يوم طلان خبز الى فخر الفضلاء والسادات العظام السيد خليل بك الصالح ترجمان محكمة القدس الشريف ، تؤخذ من التكية .
*
ومما هو جدير بالذكر ان الحكومة العثمانية بعد ان استعادت حكمها على فلسطين ، بعد خروج المصريين منها ، شرعت في اتخاذ التدابير الأصلاحية [57].
لتخفيف سلطة المشايخ وفي تعيين رجالها للوظائف الادراية المهمة في البلاد . كما ازداد اهتمام الدول الأوروبية بفلسطين فأرسلت قناصلها ، خاصة لبيت المقدس .
ومن القناصل نذكر المستر جيمس فين James Finn الانكليزي . وكان له ولزوجته مذكرات عن القدس طيلة المدة التي بقي فيها في القنصلية : 1846 ـ 1862 م . وفي عام 1857 م كان في القدس قناصل لدول الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا و بروسيا والنمسا واسبانيا واليونان فضلا عن انكلترا.
وفي حولية عام 1306 هـ : 1888 م . التي اصدرتها الدولة العثمانية انه كان في القدس قناصل لايطاليا والنمسا والمجر وبريطانيا وفرنسا والمانيا ورسيا واليونان واسبانيا والولايات المتحدة والبرتغال وايران[58] .
*
الأماكن المقدسة في بيت المقدس وبيت لحم
كانت الاماكن المسيحية المقدسة في بيت لم مقسمة بين طائفتي الروم الأروثوذوكس واللاتين وكل منهما يعرف حدود ما يخصه لا يسمح الطرف الآخر ن يتعداه . وكثيراً ما كانت تقع خلافات بين الطائفتين تؤدي الى اشتباكات وحسم الموضوع بأصدار أوامر وفرمانات تحدد نصيب كل منهما أو بابقاء القديم على قدمه .
ولما أخذ أمر الدولة العثمانية بالضعف أخذت روسيا الأرثوذوكة تدعي الحماية على العثمانيين من أصاب هذا المذهب ، كما أخذت فرنسا تدعي انها حامية اللاتين العثمانيين .
ومن أشهر ما حدث في عهد السلطان عبد المجيد ( 125 ـ 1277 هـ 1839 ـ 1861 م ) حرب القرم ( 1853 ـ 1856 م ) بسبب الخصام الذي اشتد بين الروم الأورثوذوكس واللاتين حول النجمة الفضية التي اختفت من كنيسة المهد واتهم اللاتين الروم بسرقتها كما ذكرنا ذلك في حديثنا عن بيت لحم . ولما انتصرت الحكومة العثمانية للاتين وأصدرت في سنة 1852 م اذنا لهم بأن يتسلموا مفاتيح بابين من أبواب مغارة المهد وان يضعوا نجمة من الفضة المكنيسة قامت قيامة روسيا وطلبت من الحكومة العثمانية الأعتراف بحمايتها للروم الأوثوذوكس . فكان ما كان من قيام الحرب ين الدولتين وانتصار فرنسا وانكلترا للعثمانيين وقهر الروس مما سبق وتحدثنا عنه في كلامنا عن بيت لحم .
وفي سنة 1856 م صدر أمر للمتصرف بتلسيم " الصلاحية " لقنصل فرسنا فلسمت له وبنى لها سورا وحصنها : قدمت هدية من السلطان عبد المجيد الى امبراطور فرنسا نابوليون الثالث .
وفي السنة نفسها انتشرت الكوليرا في فلسطين . فمات فيها ثلاثة آلاف في القدس وحدها ، وكان عدد سكانها نحو عشرين الف نسمة .
وفي عهد السلطان عبد المجيد امتلك اليهود أول أرض في المدن الفلسطينية وذلك عام 1854 م ، وهي القطعة التي أقيم عليها " حي مونتيفيوري " في بيت المقدس نسبة الى موسى مونتيفيوري 1784 ـ 1885 م الثري البريطاني الذي زار فلسطين مراراً وشجع فكرة الأستيطان اليهودية ، ونشر التعليم الزراعي بين بني قومي فيها .
وهذا الثري كان صاحب اول بيارة امتلكها اليهود في بلادنا ( عام 1856 م ) ، تقع بقعتها اليوم في ضواحي مدين رامات غان على مسيرة نحو 4 كيلو مترات من يافا . وقد ذكر ذلك في مجلد سابق .
وفي عهد السلطان عبد المجيد رمم مسجد الصخرة بأرشاد مهندس أرمني خبير ببناء القباب اسمه " قره ت " . فقام بتقوية القبة ورمم بعض النقوش والتزيينات الداخلية[59] .
[ والمعروف ان تلك العمارة كانت من أضخم العمارات التي تمت في الصخرة وانها شملت بناء الصخرة الأساسي ونقوشها الداخليةوان العمل دام بضع سنين ] [60] .
وممن تولى أمر القدس في عهد السلطانين عبد المجيد وعبد العزيز ثريا باشا بن مصطفى بن عثمان باشا الجمركي من عائلة ملك زاده . ولد في استانبول سنة 1241 هـ وتدرج في المناصب الادارية والسلك السياسي . كان عالما ، أدبياً ، محبا للعلماء ، بارعاً في الأدارة ، شغوفا بالعمران والاصلاح ، ثم لم يلبث ان نقل الى استانبول وتوفي فيها سنة 1296 هـ . وق مر ذكر ثريا باشا في اجزاء سابقة فارجع اليها . واهتم ثريا باشا توطيد الأمن في مختلف انحاء متصرفية القدس . وطد الأمن في قضاء الخليل وبئر السبع .وامر بنفي عثمان اللحام " بيت عطاب " ومحمد عطا الله النسيبين المتعاونين وغيرهما الى قبرص ، كما اقصى سائر العائلة من بلاد العرقوب الى الرملة مما كان له أحسن النتائج . ثم حسن احوال جهات غزة بانشائه حصونا صغيرة على طول الطرقات العامة لحفظ الأمن[61] . امتدت ولاية ثريا على متصرفية القدس نحو 4 سنوات : 1275 ـ 1279 هـ : 1858 ـ 1862 م وفي عام 1860 م عمر قناة الماء المعروفة بقناة السبيل ، التي تستق القدس بواسطتها من برك سليمان .
وبعد موت السلطان عبد المجيد خلفه اخوه السلطان عبد العزيز " 1277 ـ1293 هـ : 1861 ـ 1876 م " . وفي أيامه تم ايضا عمارت كثيرة في الحرم القدسي الشريف . يصفها مؤلف تاريخ قبة الصخرة والمسجد الأقصى بقوله : [ وقصارى القول ان العمارتين اللتين اجريتا في زمن السلطان عبد المجيد " 1853 م " والسلطان عبد العزيز " 1874 م كانتا من اضخم العمارات التي تمت في مسجد الصخرة بعد ان بناه عبد الملك بن مروان .وقد استمرنا عددا من زمن السلطان عبد العزيز . ويقول : الخبيرون ان هذه العمارة كلفت خزانة الدولة مقادير كبيرة من الذهب الخالص ( عيار 24 ) وان عمله هذه اعتبر اسرافا وكا جملة الاسباب التي أدت الى خلعه ] [62].
وفي عام 1867 م انشئت الطريق التي تربط القدس بيافا وبعدها بثلاث سنوات عبدت الطريق بين القدس ونابلس .
وفي عام 1868 م زار الأمير فريدريك ولي عهد بروسيا القدس فأهداه السلطان عبد العزيز بقعة كانت في الأصل تؤلف قسماً من المستشفى الصلاحي ، حيث بني عليها فيما بعد كنيسة حملت اسم كنيسة الدباغة " أو " كنيسة المخلص " التي دشنها الأمبراطور غليوم يوم زيارته للقدس عام 1898 م .
وفي عام 1874 م : 1291 هـ : أعلنت متصرفية القدس المستقلة المرتبطة رأسا بوزارة الداخلية في استانبول[63] .
وفي عهد السلطان عبد العزيز منحت الحكومة اليهودية قطعة أرض اقيمت عليها مدرسة نيتر الزراعية بالقرب من يافا كما ذكرنا ذلك في جزء سابق . ونذكر هنا في الجزء المذكور .
ها هو نص الفرمان السلطاني الذي صدر في 4 محرم سنة 1287 ( 5 نيسان 1870 م ) الى شارك نيتر نقلا عن جريدة فلسطين اليافية في عددها الصادر 2 / 10 / 1912 : " يفتح المكتب المذكور لتعليم فن الزراعة والفلاحة المرغوبة ترقيته في بلاد العلية . . . ويكون تابعا لقوانين الدولة العليا تحت نظارة المعارف وتحت حمايتي السنية . . . على ان هذا المكتب وان يكن قد أنشيء على اسم اطفال الملة الموسوية الا انه يقبل فيه تلامذة من سائر الملل والمذاهب بشرط ان يكونوا جميعهم من التبعة العثمانية " . وحول الفقرة الأخيرة من هذا الفرمان كتبت الصحيفةالمذكورة في عدديها الصادرين في 29 / 8 و 18 / 9 / 1912 بقولها : ان مجموع من دخل المدرسة خلال 43 سنة هم 11 طالبا لم يكونوا دراستهم .وقبولهم كان لأسباب عديدة منها كون آبائهم من ذوي النفوذ او لهم علاقة باشغال المدرسة . ونشرت الجريدة عدة رسائل من بعض التلاميذ السابقين والطلعين على أحوال المدرسة حول العراقيل التي كانت تضعها المدرسة امام دخول أي طالب عربي لها ، ومعاملة البغض والاحتقار التي عوملوا بها "[64]
خارطة متصرفية القدس الشريف
وفي سنة 1288 هـ : 1871 م امر السلطان عبد العزيز بتعمير مسجد المغاربة بالقدس .
وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني " 1293 ـ 1327 هـ : 1876 ـ 1909 م" تمت في القدس المنشآت التالية :
1 ـ الحرم الشريف :
جدد عمارة السبيل الكبير المعروف باسم " قايتباي " وزود الحرم الشريف بمسجد الصخرة والاقصى بعدد وافر من السجاد الثمين والثريا الثمينة التي كان معلقة في الصخرة الشريفة ثم نقلت عام 1951 م الى المسجد الأقصى . وفي عهد كتبت سورة " يس " بالخط الثلث في مسجد الصخرة [65] ووضع فوق قبتها الهلال الحالي وغيرها .
قال مؤلف المفصل في تاريخ القدس ـ ص ب 30 ـ [ لقد انفق على تعمير الحرم وزخرفته في زمن السلطان عبد المجيد عشرون الف ليرة عثمانية . وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني ثلاثون الفا خلا الطنافس المختلفة الألوان التي اتخذت قرشاً ، وبلغت قيمتها عشرة آلاف ليرة عثمانية ].
2 ـ سكة الحديد :
وهي السكة التي انشئت بين يافا والقدس ، تم عملها عام 1892 م . بلغ طولها على التحديد 86 كيلو متراً . و 630 . تكلمنا عنها في مجلد سابق . وبهذه السكة الحديدية اصبحت المسافة التي بين البلدين ، تقطع ، في بادىء الأمر ، بنحو ثلاث ساعات ونصف الساعة . وقد بلغت واردات هذه الخط لبعض السنين ، في الليرات العثمانية الذهب ، كما يأتي :
عام 1900 م : 31519 .
عام 1901 م : 33056 .
عام 1902 م : 28813 .
عام 1903 م : 33554 .
عام 1904م : 37960[66].
3 ـ البناء خارج اسوار المدينة :
أخذت اعداد قليلة جدا من العمارات تقام خارج أسوار بيت المقدس حول " المسكوبية "[67] التي بنيت عام 1856 م في عهد السلطان عبد المجيد وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني انتشرت البيوت والعمارات خارج السور واخذت البلدة تنمو نمواً سريعاً .
ومن المنشآت التي اقيمت في ايام هذا السلطان ايضا :
المستشفى البلدي في حي الشيخ بدر المعروف اليوم باسم " روميما " وبرج الساعة ( 1907 م) والسبيل المجاور له . وكانا بباب الخليل ملاصقين للسور . الا ان البريطانيين هدمهما ايام حكمهم . والمدرسة الرشيدية التي بنيت عام 1906 م نسبة الى رشيد بك المتصرف .
ومن اشهر من تولى متصرفية القدس في العهد الحميدي " رؤوف باشا " الذي امتدت ولايته من عام 1876 ـ 1888 م[68] . وهو الَّذي أمر بأنشاء مشهد الحسين في عسقلان ورمم الجامع الكبير في غزة .
خارطة بيت المقدس القديمة
تبين لهذا الباشا من حديثه مع شيوخ البلاد ومن تصرفات اليهود الذين أسسوا مستعمرة " بتاح تكفا ـ ملبس " وغيرها انتشارا احلام العودة الى فلسطين بين هؤلاء المهاجرين ، مما اضطر الحكومة العثمانية على ان تصدر في حزيران من عام 1882 م قوانين صارمة بتحريم الهجرة اليهودية وشراء الأراضي في فلسطين . فكان رؤوف باشا الذي عرف باستقامته ونظافة يده يرسل الشرطة والجند للتفتيش عن اليهود الذي دخلوا البلاد خلسة خلاف للقوانين المرعية الأجراء .
ومما كتبه القنصل ويلسون عن المتصرف المذكور في سنة 1877 م قوله : " ان الطبقات المتعلمة في القدس صارحتني بأن رؤوف باشا حاكم القدس رجل طيب ، ومن أنصار الاصلاح كذلك يوسف الخالدي رئيس البلدية"[69].
ووصف القنصل الأمريكي المذكور يهود القدس في تقرير له كتبه في عام 1878 م بقوله . [ يهود القدس خاصة فقراء كسالى ، ضعاف الأجسام والعقول . . . . ويبدو ان القدس هي محطة يتلاقى فيها اليهود المتعصبون المشوهون العجائز ، ليعيشوا هنا على الشحادة والأحسان وليقضوا بقية العمر ينوحون امام حائط المبكى ] [70] .
وفي يوم 26 آذار من عام 1878 م زار أحدهم حائط المبكى فوصفه بقوله : [ ففي هذا اليوم ذهبت الى مبكى اليهود خارج سور الحرم ، حيث انه لم يكن يوم جمعه لم أجد هناك الا يهودياً واحداً معتزلاً لحدته . يتمتم صلواته في ظل سور مبني من الحجارة الضخمة وقد نمت فوقه حشائش طويلة مدلاة عليه . وكان هذا اليهود هو النائح الوحيد ] [71].
وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني قدر عدد سكان فلسطين عام 1882 م 300000 نسمة منهم حوالي 35000 يهودي . الا ان اول تقرير دقيق لعدد سكان فلسطين عام 1895 هو : ( 592 457) نسمة منهم حوالي 60000 يهودي [72].
وفي عام 1898 م زار القدس امبراطور المانيا غليوم الثاني واستقبل فيها استقبالا فخماً وقد هدم له السور بالقرب من باب لخليل ليدخل منه الى المدينة هـ وسنتحدث عن ذلك في بحث قادم .
وفي عام 1899 عمرت " قناة السبيل " وسالت منها مياه عيون ارطاس الى بركة السلطان والحرم . واحتفل بذلك احتفالاً شائقاً .
ان كثرة عدد المهاجرين اليهود الى فلسطين وازدياد عمليات شراء الأراضي دفع بعض وجهاء القدس في عام 1891 م لرفع عريضة الى السلطات العثمانية وقعها 500 من الأهالي يطلبون فيها منع الهجرة وشراء الأراضي من قبل اليهود . وتعتبر هذه العريضة أول عمل عربي منظم ضد الهجرة والاستيطان اليهوديين [73].
ومن الجدير بالذكر انه في عام 1906 م فصل قضاء الناصرة عن لواء عكا وألحق بمتصرفية القدس نزولا عند طلب الدول الأوروبية تسهيلا لمعاملات رعايها حين يزورون الأماكن المقدسة . وبعد اعلان الدستور عام 1908 م أعيد قضاء الناصرة لمترصفية عكا رعاية لمصلحة أهله .
وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني أخذت مساعي الصهيونيين لتوطين اليهود في فلسطين تشكل قلقا خطيرا في العاصمة العثمانية مما اضطر الباب العالي لأن يصدر قرارات متعددة للحيلولة دون استيطان اليهود في البلاد . ففي عام 1887 م وجهت الى متصرفية القدس الأوامر بالسماح لليهود في الدخول الى فلسطين كحجاج او زوار وكل يهودي يصل الى يافا عليه ان يدفع 50 ليرة عثمانية كتعهد بمغادرة فلسطين خلال 31 يوماً . وفي عام 1900 م عدلت هذه التعليمات فسمح لكل يهودي غير عثماني يزور فلسطين بالاقامة فيها مدة ثلاثة أشهر ، وعليه عند نزوله الى أي ميناء من موانيء ولاية بيروت أ متصرفية القدس تسليم جواز سفره للموظف المسئول ويعطي بدلا منه ورقة حمراء أعدت لهذا الغرض .واذا لم يغادر اليهودي الأجنبي البلاد في نهاية الأشهر الثلاثة تقوم الحكومة بتسفيره وابعاده[74] . ولكن فساد الادارة العثمانية وانتشار الرشوة التي كانت متفشية بين موظفي الحكومة على مختلف درجاتهم حالت دون فعالية هذه القيود .
وفي عا 1908 م أعلن الدستور في الامبراطورية العثمانية . كتم هذا الخبر في القدس ولم تر حكومتها اعلانه حتى جهر به الحاج راغب الخالدي وحسين سليم الخالدي[75] . وعل اثر الحكم الدستوري جرى انتخاب نواب عن فلسطين .وقد أسفرت عملية الانتخاب التي جرت في تشرين الأول من عام 1908 م عن فوز السادة[76] .
متصرفية القدس : روحي الخالدي
: سعيد الحسيني وهما من القدس .
: حافظ السعيد من يافا .
متصرفية نابلس : الشيخ أحمد الخماش
متصرفية عكا : الشيخ أسعد الشقيري [77].
وقد سعى اليهود لترشيخ " ليفي " مدير بنك أنجلو فلسطين في القدس ع المدينة المقدسة الا انهم فشلوا في محاولتهم .
وفي عام 1909 م خلع السلطان عبد الميد الثاني وتولى الأمر أخوه محمد رشاد الخام .
وفي انتخابات ثانية مثلت فلسطين بالنواب : روحي الخالدي وعثمان النشاشيبي وأحمد عارف الحسيني ( من غزة ) وحيدر طوقان ، عن متصرفية نابلس ، والشيخ أسعد الشقيري عن لواء عكا . فلم تطل مدتهم وحل المجلس وأعيد الانتخابات فوقع الاختيار على راغب النشاشيبي وسعيد الحسيني وفيضي العلمي ( وكلهم مقادسة ) عن لواء القدس[78] . وتوفيق حماد وأمين عبد الهادي عن لواء نابلس وعبد الفتاح السعدي عن لواء عكا .وظل هذا المجلس الذي افتتح في 14 / 5 / 1914 م قائما حتى نهاية الحرب العالمية الأولى والتي بها انتهى الحكم العثماني للقدس وللبلاد.

ما قاله الرحالة عن القدس في القرنين
السابع عشر والثامن عشر الميلاديين
زيارة السائح التركي " اوليا شلبي " لبيت المقدس
في نحو سنة 1670 م .
أوليا شلبي بن درويش محمد ظلي سائح التركي ولد بالآستانة عام 1020 هـ : 1621 م توفي بعد عام 1090 هـ : 1679 م . وكانت أمه أختاً لأحمد باشا الذي كان صدراً أعظم عام 1060 هـ . قام أوليا بن درويش خلال أربعين عاماً برحلات طويلة في أنحاء الامبراطورية العثمانية .وفي رحلاته هذه زار القدس وكتب عنها الشيء الكثير وها نحن نذكر ما كتبه عنها نقلاً عن المفصل في تاريخ القدس ( ص 267 ـ 268 ).
[ القدس بلد عظيمة ، كائنة على هضبة مرتفعة .هواؤها عليل ، وماؤها عذب ، وسكانها نضار الوجوه . انها مهوى أفئدة الكثيرين من الناس ، لا من حيث قدسيتها فحسب ، بل من حيث اقتصادياتها ووفرة حاصلاتها ايضاً.
ثم مدح مأكولاتها ومشروباتها . فوصف خبزها ، وعنبها المتنوع الأشكال والطعم والألوان ن وصابونها الممسك ،وعطرها ، وبخورها ومباخرها النحاسية .وذكر في نفس الوقت محاجرها الكثيرة ، وجبالها المليئة بأشجار الزيتون ، وأرضيها المغطاة بالكروم والبساتين . الى ان قال : انه كان فيها يومئذ ثلاثة وأربعون الف كرم . وانه رأى الفا وخمسمئة منطرة قائمة في وسط هذه الكروم . وان الأراضي الكائنة بين باب الخليل والبقعة خالية من الدرر والمنازل ، ومليئة بالكروم والبساتين . وانه ما من أحد من سكان القدس الا ويعيش في كرم من هذه الكروم شهرين أو ثلاثة شهور في السنة . ووصف ( البقعة ) من هذه الناحية فأسماها ( باغستان ) [79] . الى ان قال :
" فيها عدد كبير من الأعيان والعلماء والأشراف والفضلاء والرجال الذين ينتمون الى الطريقة المولوية ، ويتقاضى الواحد منهم خمسماية ( آقجة) . كما ان فيها عدداً كبيراً من التجار وأرباب الحرف ، وهؤلاء يعملون بالقول المأثور : الكاسب حبيب الله .
عد جاويش زاده مجد باشا ( حاكم القدس 1018 هـ : 1670 م ) سكان المدينة فوجد انهم 46000 نسمة ينتسبون الى مختلف الأمم والطوائف . بيد ان اكثرهم عرب مسلمون . بينهم عدد من أهل الوظائف في الحرم ، لا يقلون عن الألف ، ويتناولون رواتبهم من الذهب الذي يأتي به ( أمين الصرة ) من الآستانة كل سنة . أغنياؤهم يلبسون السمور ، والقنباز المصنوع من الجوخ الممتاز ، والثياب المصنوعة من الصوف المعروف بالجلالي . وفقراؤهم يلبسون العبادة من النوع المعروف بـ ( الآجه عبا ) ، والقنباز المصنوع من الجوخ العادي ، والثياب المصنوعة من الصوف الأبيض . ونساؤهم متأدبات . يلبسن على رؤوسهن طاقيات مصنوعة من الذهب أوالفضة .ويتلففن بالملايات البيض . ويحتذين الأحذيةا المقفولة المعروفة بالجزم .
في القدس ستة حمامات هي : حمام ستنا مريم ، وحمام السلطان وحمام الشفا وحمان العين وحمام البطرك وهذا الأخير في الغالب للنصارى : وفيها ثمانية عشر سبيلاً يشرب منها لمارة والعطشان . يهطل الثلج عليه السلام جبالها .وفيها صهاريج كثيرة . وفيها كنيستان للأرمن ، وثلاث كنائس للروم ، وكنيسان لليهود ، وفيها مائتان وأربعون محراباً ( مصلى ) ، وسبع دور للحدين ، وعشر دور القرآن . وأربعون مدرسة للبنين وتكايا لسبعين طريقة منها : الكيلانية والبدوية والسعدية والرفاعية والمولوية . أكثرهم أهل ذوق ، وأهل طرق ، ودراويش متصوفون .
وفي القدس أيضا الفان وخمسة وأربعون دكانا كلها مبنية بالحجارة والعقود المقنطرة . وفيها ستة خانات عظيمة .واسواق كثيرة منها : ( سوق السلطان ) وهو أشهرا . والمسؤول عن ادارة السوق هو ( المحتسب ) ويلقب بالآغا . ومن واجباته ان يحفظ سجلا يدون فيه أسماء التجار وأصحاب الدكاكين ، واللسوق خان تحفظ فيه جميع البضائع والأمتعة القيمة .
ومن أسواق القدس : ( السوق الطويل ) تباع فيه الصحون والفناجين وآلات الطهي وأدوات المنزل . و ( سوق الحلاجين ) يعمل فيه الحلاجون الندافون وتجار القطن . و( سوق الغلال) وتعرض فيه جميع أنواع الحبوب والغلة . و ( سوق الحرير ) ) . والسوق القريب من باب السلسلة . و ( سوق البزازين ) ولهذا السوق باب من حديد . وفي القدس عدد غير قليل من الصياغ وتجار الحلى والمجوهرات . وليس على وجه البسيطة نوع من أنواع الصياغة ، الا في القدس مثلها .
وجميع هذه الأسواق مسقوفة بالعقود المقنطرة ، ومرصوفة بالبلاط النقي . والطريق الكائنة بين سوق الغلال وكنيسة القيامة والمسجد العمري مرصوفة بالبلاط من الحجم الكبير].
وفي عام 1029 هـ : 1620 م : زار بيت المقدس المؤرخ الشيخ أحمد ابن محمد المقري التلمساني :
قال : [ . . . ثم قصدت زيارة بيت المقدس في شهر ربيع من هذا العام[80] . وقد شملني بفضل الله جوائر الانعام . وتذكرت عند مشاهدة الملك المسالك الصعبة ، قول حافظ ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله تعالى ، وهو مما زادني في هذه الزيارة رغبة:
الى البيت المقدس جئت أرجو جنان الخلد نزل من كريم
قطعنا في مسافته عقابا وما بعد العقاب سوى النعيم
فلما دخلت المسجد الأقصى ، وأبصرت بدائعه التي لا تستقصى ، بهرني جماله تجلى الله به عليه ، وسألت عن محل المعراج الشريف فأرسلت اليه ، وشاهدت محلا ام فيه صلى الله عليه وسلم الرسل الكرام الهداة ، وكا حقي ان أنشد هنالك ما قاله بعض الموفقين وهو مما ينبغي ان تزمزم به الحداة :
ان كنت تسأل اين قدر محمد بن الانام
فأصخ الىآياته تظفر بربك في الأوام
أكرم بعبد سلمت تقديمه الرسل الكرام
في حضرة للقدس او فاها بعز واحترام
صفوا وصلوا خلفه ان الجماعة الامام
للشهب نور بين والفضل للقمر التمام
سلك النبوة باهر وبأحمد ختم النظام[81]

زيارة الشيخ عبد الغني النابلسي للقدس
في عام 1011 هـ : 1690 م
ننقل أدناه بعض ما جاء في زيارة الشيخ النابلسي الصوفي المشهور للقدس نقلا عن كتاب " الحضر الأنيسية القدسية "[82] بتصرف .
(أشرفنا على القدس الشريف . فنسينا عند رؤيتنا ذلك لم ما قطعنا من العقبات والمهالك . ولله در الحافظ بن حجر العسقلاني حيث قال:
الى بيت المقدس قد أتينا جنان الخلد نزلا من كريم
قطعنا في مسافته عقاباً وما بعد العقاب سوى النعيم
فوصلنا الى مزار الشيخ جراح وهذا ف المدرسة الجراحية قال الحنبلي :
وهي بظاهر القدس من جهة الشمال ولها وقف ووظايف مرتبة . نسبتهما لواقفها الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي . أحد أمراء الملك صلاح الدين يوسف بن أيوب توفي في صفر سنة 598 هـ ودفن بزاويته في المدرسة المذكورة .
وبعد ان يذكر النابلسي لقاءه في الزاوية المذكورة بجماعة من المشايخ والأعيان خفت لاستقباله يقول : الى ان أقبلنا على باب المدينة مع هاتيك الجماعات . ثم استقبلنا فقراء الزاوية الأدهمية . حتى دخلنا من باب المدينة الذي يسمى باب العمود فاذا هو باب كبير عظيم واسع عال كأنه قطعة من جلمود .
وعن سور المدينة قال : وسور بيت المقدس سو جديد متين مشيد قوي الأركان عظيم البنيان يحيط بالبلد كلها وعرها وسهلها . مبني بالشيد والحجر المنحوت وفي داخله جميع الاماكن والبيوت وقد أخبرنا انه من بناء السلطان الملك المظفر سليمان خان . . .
ولمدينة القدس عشرة أبواب : باب العمود وباب الداعية المتوصل منه الى حارة بني زيد وباب يسمى باب دير السرب وباب الساهرة وباب لمغاربة وباب صهيون المعروف بباب داود وباب صغير دير الأرمن وباب صهيون المعروف الآن بباب الخليل وباب يعرف بباب الرحبة .
وبعد ان أدى الرحالة الصلاة في الحرم الشريف طاف في أرجائه داعياً متبركاً . وهاك بعض حديثه عن الصخرة الشريفة : فأول ما زرنا الصخرة فرأينا أمراً على أسلوب هائل وهيكلاً مباركاً يحوي أنواع الفضائل وهي الصخرة العظيمة والدرة اليتمية فررنا حولها والتمسنا فضلها . . . . وعودنا الله عند رؤيتها بما تيسر لنا من الأدعية المقبولة والتوسلات المطلوبة المأمولة . . . وهناك محراب لطيف على أعمدة الرخام متصل بالداير الخشب الذي يحيط بالصخرة ويسمى هذا المحراب بمحراب الخضر . ثم دخلنا تحتها وصلينا في ذلك المجال بعد نزولنا اليه بأربع أو خمس من الدرجات مع الأكرام والأجلال فصلينا ركعتين في تلك المغارة المباركة التي لا تزال مهبطاً لأنوار الملائكة . . . . . وفي داخل المغارة قناديل كثيرة يقدونها بين العشائين . وأعلم ان الصخرة هي في وسط المسجد على الصحن الكبير المرتفع في أرض المسجد وعليها بناء في غاية الحسن والاتقان وهي قبة مرتفعة .
وبعد ان انتهى الرحالة النابلسي من زياراته لأماكن الحرم الشريف المختلفة تابع حديثه بقوله : ثم ذهبنا الى جامع المغاربة وهو خارج الجامع الأقصى وداخل الحرم من جهة الغرب فيه صلاة المالكية كل يوم . ثم ذهبنا الى زيارة محل ( البراق ) وهو على يمين الخارج من باب المسجد الذي عند جامع المغاربة ينزل اليه بدرج طويل قليل العرض . . . . وعلى الميسرة الى مكان هناك يقال انه ربط به البراق ليلة الاسراء .وهو بيت مسكون ففتح لنا الخادم ودخلنا فرأينا مكانا معتما ومسجداً صغيراً ووجدنا هناك حلقة كبيرة في الحائط يقال ربط بها البراق .
وتحدث الرحالة عن زيارته لجامع النبي داود فقال : خرجنا خارج المدينة من الباب القبلي المسمى بباب صهيون المعروف الآن بباب داود فوصلنا الى مزار كبير ومقام كريم وقبة عالية وخضرة مسامية وفناء رحب الجوانب واسع الأطراف وقصره مشيد على موطد الأكتاف فدخلنا زيارة قبر داود عليه السلام . وهناك مسجد ومحراب وساحة ومقام .
وعن زيارته للتكية قال : ودخلنا الى التكية الخاسكية المشهورة في تلك الديار المقدسية فوجدناها مملوءة بأنواع الخيرات وأجناس المبرات .
وعن المدارس التي زارها قال : ثم دخلنا من باب الاسباط فمررنا على المدرسة الصلاحية فوجدناها مدرسة عظيمة آثار أبنيتها قديمة . وكانت قديماً كنيسة . فان واجهة بابها يؤذن بذلك وكذلك في داخلها الأعمدة النفيسة . . . .
ثم مررنا بالمدرسة القرقشندية .
وقي قبالة ( بركة بني اسرائيل ) لصقه سور المسجد الشمالي . وفي المدرسة قبر الشيخ القرقشندي . ثم توجهنا ودخلنا المدرسة القادرية فوجدناها عظيمة البناء واسعة الفناء مشتملة على أشجار الورد ولها الرونق والبها بين المدارس كالعام الفرد .
وقد تحدثنا في الجزء السابق عن وصف النابلسي للمدرسة السلطانية أو الاشرفية التي أقامها السلطان قايتباي فارجع اليها ان شئت .

القدس وجنباتها في أواخر القرن
السابع عشر للميلاد :
زار القدس في أوائل سنة 1696 م ( 1108هـ ) رجل انكليزي اسمه هنري مندريل ـ Henry Manndrell ليحضر فيها عيد الفصح . وقد وصف ما رآه في القدس وجوارا وما حدث له ولرفاقه في طريقهم الى أريحا وأغوارها ونهرها بقوله :
وصلت مع رفاقي الى القدس ودخلنا من باب الخليل ، ولم نترجل ولم نسلم أسلحتنا لأننا دخلنا مع قنصل فرنسا القادم من صديا .ونزلنا في بيت القنصل . وكنا نبيت هناك ونأكل ونشرب في دير اللاتين .
وقع يوم الجمعة الحزينة عند اللاتين في 26 آذار . ذهبنا الى كنيسة القيامة مع قنصل فرنسا ووجدنا الحرس على الابواب يمنعون كل أحد من الدخول الا من دفع الرسم المعين لذلك . وهو يختلف باختلاف الناس والبلدان . والغالب ان الافرنجي يدفع أربعة ريالات ومن دفع هذا المبلغ حق له الدخول والخروج كلما كانت الأبواب مفتوحة . وقد فتحت الأبواب لنا ذلك اليوم فدخلنا ثم أقفلت وبقيت مقفلة ونحن داخل الكنيسة الى يوم الأحد وهو أحد الفصح ففتحت حينئذ وظهرت البهجة على وجوه الرهبان بعد ان كانوا عابسين فخرجنا وعدنا الى الدير حيث تغدينا .ثم ذهبنا لمشاهدة بعض الاماكن ومنها غار يقال ان ارميا النبي أقام فيه وهو يكتب المرائي وه الآن تكية للدراويش . وسرنا من هناك الى قبور الملوك ولا أدري لماذا سميت كذلك ، لأنه ما من أحد من الملوك دفن فيها[83] . ويدخل الى هذه القبور من الجهة الشرقية بثقب منحوت في الصخر فيصل الداخل الى غرفة فسيحة طولها أربعون خطوة في مثلها عرضا وهي منحوتة في الصخر ايضا والى جنوبها رواق طوله تسع خطوات وعرضه أربع وعليه نقوش تمثل الأثمار والأزهار وفي طرف هذا الرواق الذي ينزل منه الى القبور وهو يصل أولا الى غرفة قائمة الجدران منحوتة في الصخر الأصم ويوصل منها الى غرف أخرى مثلها وكان في كل غرفة منها ناووس من الحجر موضوع في حفرة له في الجدار ، ولكل ناووس غطاء من الحجر نقشت عليه الأكاليل ولكن أكثر هذه الأغطية قد كسر الآن .وكان لهذه الغرف أبواب من الحجر تدور على صائرها ولم يزل باب كل منها مكانه .
وفي اليوم التالي وهو ثاني الفصح خرج المتسلم وأعوانه لمرافقة السياح الى نهر الأردن حسب العادة أما لخوف حقيقي من البدو في الطريق أو طمعاً بالضريبة التي تضرب على السياح لأن يفرض على كل منهم اثنا عشر ريالاً اذا كان علمانياً وستى ريالات اذا كان من خدمة الدين . وهو فرض على كل سائح سواء ذهب لمشاهدة الأردن أو لم يذهب . فخرجنا من باب ستي مريم (اسطفانوس ) وكنا نحو الفي نفس من كل أمة ولسان على وجه الأرض ، فعبرنا وادي يهو شافاط ومررنا على جبل الزيتون ووصلنا الى بيت عتيا ( العيزرية ) وهي قرية صغيرة عليه السلام بابها برج قديم يقال انه بيت اليعازر . وهناك قبر منحوت في الصخر يقال انه المدفن الذي دفن فيه قام منه وهو مقام محترم عند المسلمين يضربون ضريبة على من يزوره من المسيحيين .
ما دامت الأماكن تأتي بالربح لحافظيها ومحترميها فهي تحفظ وتحترم ولو كان من شعائر المسيحيين خاصة . وعلى رمبة سهم مكان يقال انه منزل مريم المجدلية وتحته في الوادي عين الرسل يقال ان الرسل كانوا يشربون منها في ترددهم على القدس وأريحا . والتلال والأودية بعد ذلك قفراء قاحلة وتدل الدلائل انها كانت شجراً مغمورة في قديم الزمان وهي تطل على غور الأردن وسهل أريحا . فوصلنا الى هذا السهل بعد سير خمس ساعات من القدس.
وأريحا قرية صغيرة قذرة فيها بيت مربع يقال انه بيت زكا . وبتنا على غلوتين من أريحا ونهضنا في اليوم التالي وسرنا نحو الأردن فبلغناه بعد ساعتين مارين في سهل قاحل لا شيء فيه غير الحمض والغاسول ونحو ذلك من نبات الأراضي السبخة . والملح ظاهر عليه السلام وجه الأرض في أماكن كثيرة وضفاف الأردن شجراء تغطيها أشجار الطرفاء والدفلى فتحجب ماءه عن النظر .
ولم نكد نصل الى ضفة النهر وننزل في دوابنا حتى سمعنا اطلاق البنادق علينا من الضفة الاخرى ، فان البدو رأونا نازلين الى وادي الأردن فقاموا للقائنا وازعاجنا لأن رصاصهم لا يصل الينا ، فخاف رجال الدين منا ولم يغرهم الثواب الذي يتوقعونه في الحياة الأخرى على المخاطرة بنفوسهم في الحياة الدنيا اما متمسكاً بهذه الحياة مع ما فيها من المشاق ، واما شكا بالحياة الأخرى مع ما فيها من الأمجاد .
ولما كف البدو على اطلاق بنادقهم خلع بعضنا ثيابهم واغتسلوا في النهر وقطع بعضنا الأغصان من أشجاره ليأخذوها معهم تذكاراً لزيارتهم . وعرض النهر هناك نحو ستين قدماً وعمقه أكثر من قامة .
ولما اتممنا هذه الزيارة عاد بنا المتسلم الى وسط السهل وعرضنا واحداً واحداً حتى لا يفوته شيء من الجعل المفروض علينا وكنا على مقربة م بحيرة لوط فلتمسنا منه ان يأذن لنا بالذهاب اليها أو يعطينا الحرس اللازم فأذن لنا ] [84].

رحلة فولني Volney الى القدس
زار الرحالة س . ف . فولني مصر والشام من سنة 1783 الى سنة 1785 م وفي هذه الرحلة تحدث عن القدس بقوله : ( وبعد مسير يومين من نابلس جنوباً ، في وسط جبال تزداد على التوالي وعورة ، يصل المرء الى مدينة تعد شاهداً ناطقاً لتقلبات الزمان وغوائل الحدثان . فاذا ما رأينا أسوارها المهدومة وخنادقها المردومة والأنقاض المكتظ بها محيطها ،صعب علينا ان نصدق انها هي أورشليم ، تلك العاصمة الشديدة البأس التي قاومت في غابر الزمان جيوش أعظم الملك . وها هي ذي الآن ، بمفعول تعاقب الحوادث ، وتبدل الأحوال ، تحاط بشتى ضروب الاكرام والاجلال ومما يحمل على العجب من الحظ العظيم الذي تتمتع به ، كونها قائمة على بقعة وعرة ماحلة قاحلة ، لا ماء فيها ولا كلا ، تحدق بها الأودية والمنخفضات والهضاب . ونظراً الى بعدها عن الطريق الكبرى ، كانت تلوح انها لن تصير مدينة ذات شأن . غير انها انتصرت على جميع العوائق ، مبرهنة على ما يستطيع الفكر فعله اذا ما سيطر عليه شارع ماهر او جاءته فرص طيبة .
والمنزلة الرفيعة التي لها عند اليهود والنصارى والاسلام قد تحمل على الظن ان أهلها أكثر الأمم وصلاحاً . غير ان الحقيقة بخلاف ذلك وعددهم يناهز أربعة عشر ألفاً . وأما المسيحيون فان تخاصمهم متواصل وتحاقدهم دائم فنزاعهم الذي تثيره دواع تافهة ، يعود عليهم بالضرر وعلى الحاكم بالفائدة . فأولياء الامر ينتهزون خصامهم في فببتزون أموالهم . لذلك يدأب الحاكم في توسيع شقة الخلاف ما بين طائفة وأخرى .
ودخل المتسلم أي الحاك يناهز مئة الف قرش . فهو يتقاضى من كل زائر رسما قدره عشرة قروش ، وخقارة من الزوار الذين ينوون الذهاب الى نهر الأردن ، فضلاً عن المغارم التي يفرضها عليهم لدى كل سانحة وبارحة .
وله على كل دير من أديار الطوائف المختلفة مبلغ مال معلوم يأخذه باسم طواف ، أو اصلاح عمار . وبما ان التنافر مستحكم الحلقات بين تلك الديورة فان كل واحد منها يرشوه لكي يشمله بعطفه ، ويؤيده بنفوذه ، أو بغض الطرف عن مخالفته النظم المتبعة القائمة عليها حقوق الطوائف . والاديار تقدم له الهدايا في بدء تقلده منصبه أو عند ما يولى عليها رئيس جديد .
ويتقاضى ايضا ضريبة على السلع المختصة بصنعها مدينة الدس . كالسبح الصلبان وما اليها من التحف الدينية التي يصدون منها كل سنة ثلاثمئة صندوق ، والتي تشتري منها الأديرة شيئاً كثيراً .ودير اللاتين وحده يتفق على مشتراها خمسين ألف قرش في السنة .
وتوافد الزوار على بيت القدس يدر على الديورة والمدينة الأرباح الجزيلة . غير ا عددهم آخذ في التضاؤل. وفي سنة 1784 م لم يرد منهم سوى ألف زائر بعدما كانوا فيما سبق اثني عشر الفاً أو يزيدون وأما ما ينفقه الواحد منهم فيناهز الألف والستمائة قرش وهو مبلغ كانوا آنئذ يعدونه جسيماً ، بيد ان بعض الأغنياء ينفقون أضعافه .
ورحلة الزار الى نهر الأردن تأتي الحاكم بدخل لا يقل عن الأربعين ألف قرش في السنة ، ينفق نصفها على مواكبة الزوار لأجل حراستهم . والكثيرون منهم يشمون يدهم ليبقى الوشم شاهداً ناطقاً على انهم حجوا بيت . المقدس ، وانما الوشم لا يخلو من غرز الواشم الابرة في عصب الكاع ، فقد يؤول ذلك أحياناً الى بتر اليد الموشومة ).
رحلة كنغليك الى القدس عام 1833 ـ 1834 م وزار القدس .وها نحن نختصر ما ذكره في بيت المقدس بما يلي : ( وصلت الى القدس قبيل عيد الفصح فوجدتها تعج بالحجاج من سائر أنحاء العالم . يحدوهم الشعور الديني للحضور ال هذه المدينة على اختلاف أوطانهم وتباين جنسياتهم . وبمجرد وصولهم اليها دب فيها النشاط وتجددت فيها الحياة . وكان معظم الحجاج من اتباع الكنائس الاورثوذوكسية واللاتينية والأرمنية جاءوا يزورون البلاد التي وطأتها أقدام السيد المسيح . وكثير منهم كان قد نذر ان يأتي اليها والذين لم تساعدهم أحوالهم المادية كانوا يوفرون منذ زمن طويل دريهمات قليلة من دخلهم المحدود حتى استطاعوا ان يجمعوا المبلغ الكافي لهذه الغاية الشريفة .
كان الزوار من البلاد المجاورة كمصر وسوريا والأناضول واستانبول والروماني حتى من ولايات الدانوب ومن روسيا . وكان بعضهم يحضر معه بضائع مختلفة تمكنه أرباحها من تسديد نفقات زيارته هذه . وكان يرافقهم نساؤهم وأطفالهم . وللنساء ايمان عميق بالروحانيات ، فكن يحملن معهن أطفالهن الى هذه الأرض المقدسة كي ينعم هؤلاء الصغار بالايمان والحج ، فحجة الطفل لا تكاف . . . . ما تكلفه حجة الكبير واذا قام بها صغيراً سقطت عليه كبيراً ) [85].
وفي محل آخر من رحلته قال : ( كانت مراكب الحجاج تنزل في ميناء يافا وقد جاءت كل طبقة من سكان اوروبا بسفينة خاصة بها ـ سفينة للنبلاء أبناء الأسر الشريفة وسفينة تحمل أدنى درجات المجتمع ـ كل منهما يحافظ عليه السلام تقاليده وطرق معيشته .وكان يجب ان يكون في كل سفينة كاهن يساعد ركابها عليه السلام لقيام بصلواتهم وتأدية طقوسهم . وكانت عظم السفن التي تنقل الحجاج يونانية . وكانت تعاني المشقات قبل أنْتَ تل بهم الى قرب الموانىء ولا سيما وان سفرها كان يتم في فصل الشتاء حتى يصل الحجاج الى القدس قبيل عيد الفصح .
ومن يافا يستأجر الحجاج الجمال والخيول والبغال والحمير لتحملهم الى المدينة المقدسة . فاذا وصلوا أسرعوا بعرض بضائعم التي حملوها معهم في ساحة الكنيسة فتتحول ال سوق .وكذلك كان سكان القدس وما جاورها يعرضون في هذه السوق بضائعهم .وكان ذلك يقتضي وجود الطرفين لتسهيل أعمال البيع والشراء ـ تماماً كما كان صيارفة الهيكل في أيام المسيح ـ .
عندما دخلت الكنيسة وجدت خليطاً من الناس هم أبه بسكان بابل القديمة . وكان كهنة الروم واللاتين والأرمن يقوم كل منهم بصلوته في المساحة المخصصة له ضمن الكنيسة الكبيرة .واخذت حشود الزوار والحجاج تدخل الكنيسة كموج البحر فكان بعضهم يضحك والآخر يتكلم والثالث يستعطي . ولكن أكثرهم يتبرك بلمس أماكن الذكريات المقدسة ويقبلها وهو يتلو صلواته ويقدم نقوده التي ندرها في الأماكن المخصصة لها . تقرباً من الله واحتسابا لوجهه الكريم . ولم استسغ عادة تقبيل الناس للحجارة . فالذوق الانكليزي يمج هذه العادة ويأباها) [86].
وقال في صفحة أخرى : ومن النشاز ان تكون هذه الاماكن المقدسة تحت السلطة الاسلامية . ولكنها ضرورية بسبب اختلاف الطوائف المسيحية ، فاذ حصل الخلاف فالذي يحسمه هم المسلمون الحياديون وهم كذلك نواب للدولة يؤمنون حصول كل طائفة مسيحية على نصيبها من الهبات والنذور والتقدمات من الزوار الذين يستطيعون الدخول الى كل بقعة في القيامة دون تمييز بين جميع أبناء الديانات الأخرى . وبموجب الامتيازات التي منحتها حكومة استانبول للدول الاجنبية كانت حصيلة الاسد فيها من نصيب كنيسة الروم .
كان الحماس يشتد يوم السبت لمشاهدة المعجزة ـ معجزة خروج الشعلة المقدسة من القبر المقدس الى السماء . في ذلك اليوم احتشد عدد كبر من الحجاج داخل الكنيسة .وجاهد كل واحد منهم ليحصل على مكان له . حتى أصبحت الحالة لا تطاق من شدة الزحام وفساد التنفس . واستمر الحال حتى دخل بطريرك الروم يحف به الحاكم التركي وأخليت له الطريق حتى دخل القبر المقدس مع الحجاج من مختلفة أنحاء العالم . وبعد برهة وجيزة انبثق النور فاندفع الحجاج بصورة جنونية ليضيئوا مشاعلهم هم أيضا . وفي هذا الاندفاع العنيف ضاعت بسببه أرواح كثيرة من الحجاج .
وقبيل وصلي بسنة رغب البراهيم باشا ان يحضر الاحتفال بسبت النور . فاشتد اقبال الناس واحتشد خلق كثير ولا سيما عندما أطل الباشا من شرفة عالية على الجموع المحتشدة . وتأخر انبثاق النور وفسد الهواء بصور ضايقت الناس .ولذلك فما كاد النور يخرج حتى اندفعت الجماهير الحالي عصيبة . فداس الناس بعضهم بعضاً حتى أغمي على الكثيرين منهم ولم يطق الباشا صبراً على هذه المأساة[87] فهبط الدرج بنفسه وشق له حرسه طريقاً بين الحشود المكتظة مما زاد في النكبة وسبب وفاة عشرات الناس تحت الأقدام . مما حل الباشا على ان يتولى هو بنفسه الاشراف على النظام وتصبير الناس وتهدئة روعهم حتى أغمي عليه هو نفسه واندفع عدد كبير من الجنود سقوا
طريقهم اليه وبذلوا أقصى جهودهم في اخراجه الى الهواء الطلق خارج الكنيسة .
وفي السنة التالية اتخذت الحكومة احتياطات كافية لتحول دون تكرار المأساة) [88].
( وعندما تنتهي شعائر الفصح يغادر الزوار مدينة القدس لزيارة باقي المقدسات في جوارها كبرية يوحنا المعمدان والمغطس في الأردن والمهد في بيت لحم . يرتدون الملابس البيضاء التي تشبه الاكفان فوق الرجال والنساء والأطفال . اظهاراً للرغبة في التطهر من الذنوب والتخلص من الخطايا) [89].
( واذا أحببت شراء بضاعة تودها وجب عليك ان تعود الى ساحة الكنيسة حيث تجد عروضا لأنواع المصنوعات المحلية ، ولا سيما الصدفيات التي تحمل شارا المسيحية كرسم الصليب وصورة العذراء وما الى ذلك .وهي أهم ما كان يحرص السائح على استصحابها حين العودة ، لتكون هدايا الأهل وتذكار الأصدقاء . وبعد ان يشتريها السائح كان لا بد من تسليمها للكاهن حتى يصلي عليها ويطرد منها الارواح الشريرة فتصبح مباركة وصالحة)[90].
* * *
القدس في رحلة ايليوت واربرتن :
ايليوت هذا رحالة انكليزي طاف بمصر والسودان وسورية ولبنان وفلسطين سنة 1842 و كانت بلام الشام ـ بما فيها فلسطين ـ عادت الى الحكم العثماني . ومما جاء في رحلته عن بيت القدس ( : غادرنا يافا الى الرملة ، فوجدتها مدية صغيرة لا حصون فيها ، ولكنها محاطة بأشجار الزيتون الكثيرة . وفي الصباح الباكر شاهدنا كثيرين ممن يعتزمون السفر الى القدس يتجمعون خارج المدينة كي يسيروا جماعة واحدة لأمنوا غوائل الطريق . وعندما اكتمل الركب سرنا على أفضل صروة حربي ممكنة . الرجال المسلحون يؤلفون المقدمة والمؤخرة . والنساء والاطفال والمتاع يؤلفون القلب .
سرنا في السهل ثم تسلقنا الجبال الوعرة . وأخيراً برزت لأنظارنا معالم المدينة فانطلقت الصرخات الحماسية من حناجر أفراد الركب المغمار . وركع الحجاج على ركبهم ، وصاح كل واحد من أفراد الجماعة . . العرب والطليان واليونان والانكليز ـ بلغاتهم المختلفة : القدس ، جير و ساليما ، هاجيوبوليس ، المدينة المقدسة .
توقف الركب كله عندما بدت القس . وركع الأكثرون علي ركبهم ومالوا برؤوسهم على التراب . وساد صمت رهيب أشد دلالة من أعلى الهتافات ، وكذلك وقف المسلمون وقف باحترام أمام هذه الدينة لتي يقدسونها أيضا . ثم سرنا في طريق حفرتها الأقدام بين الصخور . طريق سارفيها من قبلنا اليبوسيون واليهود والكلدانيون والآشورين والمصريون والرومان والمسلمون والصليبيون من جميع بلدان العالم .
وعند وصولنا الى المدينة مضيت الى دير اللاتين . وهو أغنى الأديرة وأكثرها نفوذاً في فلسطين وهو يدعى دير تراسانطا وله أملاك من عهد جودفر يملك القدسي الصليبي .
في اليوم التالي أخذت أتجول ف المدينة وحولها . ووقفت على جل سكوبس في المكان الذي وقف فيه تيطس وألقي نظرة على القدس في اليوم الثاني الذي سبق تهديمها . . .
عندما تدخل كنيسة القيامة فانك تشاهد رجال الحرس التركي يقفون هناك لفض المنازعات بين الطوائف المسيحية .وخاصة تل المنازعات الي يثيرها رجال الدين من الأرمن واليونان والارثوذوكس .
ومن الطريف ان محمد علي سمح للبروتستانت ان يبنوا كنيسة لهم في القدس . وقد ارتفعت جدرانها في عهده حوالي قدمين فوق الأرض . ثم حدث ان أخرجت انكلترا المصريين من سورية وساعدت الأتراك على الرجوع الى القدس .وكان أول ما فعله الأتراك ان أوقفوا بناء كنيستنا محتجين بتشريع اسلامي قديم يقضي بمنع المسيحيين من انشاء كنائس جديدة أو اصلاح ما يتهدم منها . وهكذا توقف بناء الكنيسة الانكليزية حوالي ثلاث سنوات .
وللأتراك في القدس حامية لا يزيد عدد أفرادها على ثمانماية جندي . وعلى ارغم ن ان البلاد تعتبر رسميا خاضعة لهم ،الا ان سيطرتهم في الواقع لا تتعدى أوسار القدس . أما الأرياف فهي تحت سلطة البدو . بينما تعتمد أهل القرى على أنفسهم في حماية ممتلكاتهم من البدو .
يبلغ عد سكان القدس حوالي اثني عشر ألفاً ، ومعظمهم يعيش على الموارد الحاصله من الحجاج وخاصة المسيحيين واليهود . وهذا الرقم موزع كما يلي : 4000 من المسلمين و 3500 من المسيحيين و 3500 من اليهود . والمزروعات قليلة حول المدينة وكذلك الماشية ) [91].

القدس في أواخر القرن التاسع عشر
1 ـ ذكر الدكتور غوستاف لوبون مدينة القدس في كتابه " حضارة العرب " الذي أخرجه في سنة 1884 م ـ بعد ان تحدث باسهاب عن الحرم الشريف ـ بقوله : ( مباني العرب الأخرى في القدس أقل أهمية مما ذكرناه آنفاً ـ يعني حديثه عن الحرم ـ ونكتفي ان نذكر منها باب دمشق الجميل الذي جدد السلطان سليمان بناءه ، وان شئت فقل رممه في سنة ( 944 هـ 1537 م ) .
ونحن اذا استثنينا المبادىء الأثرية الاخرى القليلة ككنيسة القيامة ، لم نر في القدس غير المباني العصرية ، وللنفوذ الأوروبي ف القدس أثر ظاهر مؤد الى نزع طابعها الشرقي بالتدريج والمرء حينما يقترب من القدس عن طريق يافا ، يشعر بتبدد أحلامه ، فهو يرى أديار الرهبان والمشافي والقنصليات الكثيرة فيظن نفسه في ضاحية أحدى المدن الكبيرة ، ومن يرغب في اجتلاء عظمة القدس الزاهرة بالقباب والمآذن والأسوار والبروج ذات الشرفات والبيوت ذات الباحات ] [92].
2ـ وضعت السيدة " برتا ستافورد فيستر " الاميركية ، والتي عاشت في القدس طيلة نحو من سبعين عاماً ، كتاباً عنوانه " مدينتا القدس : أسرة أميركية في المدينة المقدسة 1881 ـ 1949 " ومما جاء فيه من هذه المدينة قولها : [ وصلنا مع والدي ستافورد في أيلول 1881 م الى يافا .حيث مكثنا عدة أيام . ان وارد حدائق البرتقال المحيطة بهذه المدينة ، كانت في تلك الايام أغنى موارد فلسطين . ثم انتقلنا الى القدس وأقمنا في " فندق المتوسط " ، وهو الفندق الأوروبي الوحيد آنذاك في المدينة المقدسة . وكان المشرفون عليه يبذلون كل ما في وسعهم للسهر على راحة الوافدين من أوروبا وأميركا . . .. وأخيراً انتقلنا الى منزل يقع في أعلى قمة من قمم المدينة بين بواب الشام ( باب العمود ) وبوابة هيرودوس ( باب الساهرة ) ، ويشرف على القدس القديمة والقدس الجديدة معاً . وكان هذا المنزل ملك " يوسف آغا الدزدار " الدركي الذي أصبح فيما بعد عقيداً في درك الدولة العلية ، وكان يعرف باسم يوسف بك ، حتى اذا حج ـ وهو ألباني الأصل ـ عاد أوفر احترماً وأعلى مكانة . . . . وقد اشترت الجالية الاميركية هذا المنزل بعد أعوام ، كما اشترت بيتاً آخر ، بجانبه ،وبيتاً ثالثاً من بعد يحاوره .
وهكذا ، نشأت الجالية الاميركية في القدس ، على أساس تبشيري خالص .
القدس في تلك الزمن
كان اسم الحاكم للقدس في ذلك الزمان ( 1882 م ) رؤوف باشا ، وكانت المدينة كلها منطبعة بطابع القرون الوسطى .وقد أخذت منذ ذلك العهد بالضبط ، تتوسع نحو الضواحي . ان بيت القدس وشوارعها كان تضاء بالكيوزين . . . ولم يكن لدينا في البدء ما نطبخ عليه سوى مواقد الفحم . وفي الشتاء كنا نتدفأ على خشب الزيتون . . . ومواعين الطبخ كان كلها من النحاس . . . ولم يكن لدينا من المآكل الاميركية شيء ثم أخذنا نتذوق مآكل أهل البلاد ونتعلم صنعها ، ثم لم نكن نجد البطاطا في الاسواق ،غير ان الرز والبرغل وقوالب السكر ومختلف البقول كانت وافرة .وما كنا لنتناول شيئاً لم تطهوه النار .ونكتفي من الفجل والكوسى اوالحس بما ينبت في حدائقنا . . . .
وفي حديثها عناليهود الانكليز تقول المؤلفة الاميركية : " كان لجمعية يهود لندن بيت صغير الطريق الخلفي ، في فسحة كبيرة واسعة كانت تستخدم من قبل مكانا تعسكر فيه البعثات التبشيرية الانكليزية . أثناء الصيف ، وأنشئت هناك م بعد مدرسة للبنات ، كما أقيم مستشفى البعثة الانكليزية . وأصبح اليوم ( 1960) أحد مرافق مستشفى حراسا ، كما أصبحت بنايات الانكليز فوق جبل سكوبس في المنطقة العربية " .
وعن الجاليتين الالمانية والروسية قالت المؤلفة : : كانت توقم على بعد قليل من جنوب القدس جالية ألمانية ، تركت بلادها ، وجاءت تقيم في فلسطين ، وفي القدس على وجه التحديد سعياً وراء الحرية الدينية .
والى الشمال الغربي من المدينة ساحة استخدمتها الجالية الروسية مقراً لها . وبها أنشأت منازلها ، وعليها ان يتوافد الروس ، وفيها أقاموا كنائسهم وأنديتهم الخاصة . وكانت لهم عناية خاصة بجبل الزيتون حيث بنوا برجاً عالياً .
وعن أحوال اليهود في القدس قالت المؤلفة : " وفي عام 1883 ، أي بعد سنتين من شروع والدي في اقامة الجالية الاميركية في القدس ، أخذ يراقب مراقبة دقيقة اليهود المقيمين آنذاك في فلسطين ، ولقي ان في الامكان معرفة عددهم على وجه التقريب فقط ، لأن الحكومة التركية لم تكن تقوم باحصاء للسكان ،غير ان المعتقد المأخوذ من أفضل المصادر وأوثقها ، هو ان عدد اليهود كان في ذلك الوقت ، وفي أرض فلسطين برمتها 45000.وان معظم هؤلاء كانوا يعيشون في القدس . . .. وكان القسم الاكبر من هؤلاء السكان رعايا للسلطة التركية .وكلهم كان يتكلم العربية في قليل ، أو كثير . وان كان معظمهم يعرف العبرانية . ولغتهم الدارجة كان الاسبانية ـ اليهودية .
وكانت اوضاع هؤلاء اليهود في عدد كبير منهم تتسم بالرخاء الناشىء عن تمويل الاعمال والصيرفة ، والتجارة المالية . وبعضهم كان يحيا في غاية البؤس ، ويقتات من الصدقات ومؤسنات الاحسان الاجنبية ، ويسكن أكواخاً في منتهى الحقارة ، ثم بدأت كميات ضخمة من الاموال تنفق من متمولي ولا سيما من أهالي افريقية الشمالية والولايات المتحدة ] [93].
أورشليم [94]:
( ملك السلام ) او ( ميراث السلام ) وتسمى ايضا ساليم . . . . وسماها الامبراطور هدريانوس " أبليا كيبتولينا وتعرف الآن بالقدس الشريف وبيت المقدس ويعتبرها جميع الطوائف مدينة المقدس .
موقعها ومساحتها :
أورشليم مبنية بقرب قمة سلسلة الجبال الفاصلة بين البحر المتوسط والبحر الميت وعرضها 46َ 31ْ شمالاً وطولها 30َ 18َ 35ْ شرقاً من كرينتش . وطول سورها الشمالي 3930 قدماً . وسورها الشرقي 2754 قدماً .وسورها الجنوبي 3245 قدماً .وسورها الغربي 2986 قدماً ومحيطها 12015 قدماً أو ميلان و 292 و 1000 من الميل .ويمكن لرجل ان يطوف حول المدينة بساعة من الزمان . قال يوسيفوس ان محيط المدينة في أيامه[95] كان 33 ستاديوم وذلك اقل قليلا من أربعة أميال . . . .
والمدينة مبنية على لسان من الأرض متفصل عن بقية البلاد بأودية عميقة من جميع جهاته الا من جهة واحدة فحدها من الشرق وادي قدرون ومن الجنوب والغرب وادي هنوم . ويبتدىء هذان الواديان في نقطتين قريبتين شمالي المدينة ثم يتحدان على بعد نصف ميل الى جنوبها وينحدر الوادي المنحدر منهما وهو وادي النار شرقاً الى البحر الميت .يحول بين وادي قدرون ووادي هنوم واد ثالث يسمى وادي الجبانين ينحدر الى وادي قدرون عن البركة الحمراء[96] . . . .
وتقترب الجبال حول أورشليم الى المدينة من جهة واحدة فقط فان تل سكوبس الواقع فيعبر وادي قدرون أي الشمال الشرقي من المدينة هو الموضع الذي أشرف عنه تيطس على قصبة اليهود أثناء الحصار والى جنوبي سكوبس وشرقي المدينة جبل الزيتون وهو ذو ثلاثة رؤوس يسمى المتوسط منها جبل الصعود . . . .
والمسافة من سكوبس الى جبل الزيتون 5243 قدماً ومن المدينة الى جبل الزيتون نحو نصف ميل . . ارتفاع جبل سكوبس 2715فوق البحر المتوسط وجبل الزيتون 2665 قدماً . وجبل دير ابي طور 2552 قدماً .
وجبل موريا[97] موقع الحرم الشريف 2440 قدماً .وصهيون[98] 2550 قدماً وقلعة جليات[99] 2681 .
مناخها :
مقدار المطر أقل مما هو في جبل لبنان . وقد يسقط الثلج فيها شتاء . فيبلغ أحياناً الى عمق قدم وقد يتجلد سطح البرك غير ان الارض لا تتجلد أبداً وربما مضى فصل الشتاء بدون ثلج أو جليد . وفي مراقبات في شأن درجة الحرارة من ت 2 سنة 1863 الى شباط 1872 وجد ان معدل الحرارة لتلك المدة كان نحو 62 فْ[100] وكان أقل درجة للحرارة 20 ك 2 سنة 1864 م 25 فْ وأعلاها في 24 حزيران سنة م 5و 103 فْ[101] . فالاختلاف بينهما 5 و 78 فْ[102] .
وبعد ان تحدث المؤلف عن المواقع الكائنة في جوار المدينة قال : وقبال جبل صهيون عبر وادي هنوم بيوت السير موسى منتيفيوري لسكنى اليهود ،وبين هذه البيوت وسور المدينة بركة السلطان وطولها 157 يرداً وعرضها 37 يرداً وعمقها من 35 الى 40 قدماً . والا ان جانباً منها ملآن ردماً .والى شمالي هذه البركة قناة تسير الى المدينة من برك سليمان . ثم دير الروم ثم مستشفى للمجذومين ثم بركة ماملا التي طولها 291 قدماً وعرضها 192 وعمقها 19 قدماً وتقع الى جنوبي الطريق بين يافا والقدس والى شمالي هذه الطريق أبنية الروس .
اقسام المدينة الحالية :
القدس الشريف مبنية على القسم الشمالي من جبل صهيون وعلى " موريا "[103] و" أكرا "[104] و" بزيثا "[105] . وتقسم المدينة الى أربعة أقسام بواسطة شوارعها الرئيسية وتسمى تباعا لديانة سكانها . فان القسم الشمالي الشرقي وهو الأكبر يسمى " حي الاسلام " والقسم الشمالي الغربي " حي النصارى " والقسم الجنوبي الشرقي " حي اليهود " والقدس محاطة بسور بني في أيام السلطان سليمان في القرن السادس عشر[106] علوه 38 قدماً ونصف قدم وعلى 34 برجاً و 7 أبواب . وهذا السور على هيئة شكل مربع منتظم طوله ميلان ونصف ميل وليس في المدينة ساحات غير مبنية الا القليل ، وأكثر أزقتها ضيقة معوجة وغير مبلطة وبلاطها رديء وكلها وسخة ولا سيما بعد المطر . اما الأبواب فهي الأبواب الخليل وباب الشام ( العمود ) [107] وباب هيرودوس ( باب الساهرة ) وهذا الباب بقي مغلقاً 25 سنة لكنه الآن يفتح في بعض الأحيان و ( باب استفانوس ) ـ ستي مريم ـ او السباط والباب الجميل ( الابواب الدهرية ) وباب المغاربة وباب صهيون ( النبي داود ) . وعدا هذه توجد ابواب مسدودة هي الباب المثلث والباب المزدوج أو باب خلدة وبجانبه باب مسدود .
وليس في المدينة عيون وانما يجمع الأهالي ماء المطر في صهاريج وفي برك ويشربون ايضاً من بعض المياه الآتية من خارج المدينة بالقنوات . اما البرك فهي بركة ماملا وبركة السلطان وبركة سلوان أو البركة الحمراء وبركة ام الدرج وبكرة حزقيا وبركة اسرائيل وقد ذكر أكثرا وتقع بركة حزقيا في داخل باب الخليل وماؤها يأتي في قناة من بركة ماملا واما بركة اسرائيل فيظن بعضهم انها بركة بيت حسدا في الوادي المتجه من بزيتا الى وادي قدرون . واما برك سليمان جنوبي بيت لحم فيأتي الماء منها في قناة الى القدس .
الأبنية :
اكثر بيوت القدس مبنية من الحجارة وهي غالاً ذات طبقتين أو ثلاث وكثير منها مسقوف بالحجر لقلة الخشب واكثر السطوح مفلطحة مدعمة بعقود وقناطر وبعضها على هيئة قبب . ولا تفتح الكوى في الغالب نحو الأزقة بل الى الدور . وأشهر الأبنية هي قبة الصخرة والجامع الأقصى وتخت سليمان وكل هذه في ساحة الحرم لشريف ثم كنيسة القبر المقدس والدير القبطي والدير الحبشي والمارستان وتسعة أديرة لطوائف مختلفة وجملة كنائس ف حي النصارى . اما في حي اليهود فكنيستان وثلاث مستشفيات ثم برج داود وغير ذلك .
اما الحرم الشريف فطول سوره الشمالي 1042 قدما والشرقي 1530 قدما والجنوب 922 قدماً والغربي 1601 قدم ومحيطه 5095 قدماً . وذلك يقارب الميل . وساحته 35 قدماً تقريباً . وبقرب مركزه موضع مرتفع هو محل هيكل سليمان القديم ثم هيكل زربابل ثم هيكل هيرودوس الذي بني في ايام المسيح وهدمه الرومانيون سنة 70 م. ولم يبن بعد . . . . . وفي مدة ملك هدريانس بني هيكل الزفس في هذا الموضع وبني محراب للزهرة .
ويشغل موضع الهيكل الآن قبة الصخرة وهي من أجمل أبنية آسيا . وهي مرتفعة على قاعدة علوها 10 أقدام ويصعد اليها بثلاثة أدراج كل منها ينتهي بقنطرة .اما القبة فهي متمنة الشكل طول كل جانب مها 67 قدماً يغشاها من الخارج القرميد الفارسي والرخام وكل قرميدة مشغولة بالكتابة وعلى يغشاها من الخارج القرميد الفارسي والرخام ولك قرميدة مشغولة بالكتابة وعلى الأفريز آيات من المصحف مكتوبة بخط جميل . وعلو القبة 170 قدماً وهي مبنية على 4 دعائم كبيرة و 12 عموداً كورنثيا . ولها أربعة ابواب الى الجهات الاربع الأصلية .اما الصخرة فطولها 57 قدماً وعرضها 43 قدماً وترتفع من قدم الى ست أقدام عن البلاط ومحاطة بدر ابزين حديد . قل انها الموضع الذي امر الله ان يذهب ابراهيم بأسحق الى ارض المريا ويصعده هناك محرقة على احد الجبال . والذي كان ملكي صادق يقدم فيه الذبائح . . .
وقد حفر ولسن الانكليزي بجانب سور الحرم الشريف فوجد 21 طبقة _( دمسا) من الحجارة المبوزة علو الطبقة منها من 8 و 3 الى 4 أقدام . وهذا السور عظيم مائل قليلا الى الانسية من قاعدته . وتحت القسم الجنوبي الشرقي من ساحة الحرم أقبية وتحت الصخرة صهاريج عظيمة قد وصف منها ثلاثة وثلاثون وهي منحوتة في الصخر اللين وعمقها من 25 الى 30 قدماً تسع من 10 ملايين الى 12 مليون غالون من الماء وذلك يكفي المدينة سنة كاملة ومن جملتها صهريج واحد يسع مليونين من الغالونات يسمى البحرة الكبيرة . كان بعض الماء شتوياً وبعضه الآخر يأتي في قنوات من برك سليمان جنوبي بيت لحم على بعد 13 ميلاً من القدس . وما فاض من هذه الصهاريج كان يسيل في قناة منحوتة في الصخر الى وادي قدرون . وينصب في هذه القناة الاوساخ المتولدة من الذبائح في الهيكل . . .
وفي الحرم الشريف ايضا ً الجامع الاقصى وهو بناء غير منتظم في الجهة الجنوبية من الساحة بني في ايام يوستنيانس طوله 270 قدماً وعرضه 198 قداً وقبته من خشب مغطى برصاص وبلور الشبابيك مصنوع في القرن السادس عشر .
وخارج الجامع الأقصى قسم من سور الحرم يجتمع اليهود الى جانبيه يوم الجمعة ليولولوا على خراب المدينة وتشتهم . وطول هذا القسم من السور 156 قدماً وعلوه 56 قدماً وحجارته كبيرة مبوزة طول أكبر قطعة منها 16 قدماً وعند اجتماعهم يقبل اليهود الحجارة ويسقونها بدموعهم ويقرأون آيات من التوراة وكتاب الصلوات .
واما كنيسة القبر المقدس فهي مجموع كنائس ومذابح ومعرض تحف دينية مقدسة وتحت مركز قبة الكنيسة القبر المقدس ، واما التحف الموجودة فقطعة رخام يقال انها من نفس قبر المسيح وحجر الدهن والثقوب الثلاثة التي نصبت الصلبان فيها وشق في الصخرة وهو مما نتج عن الزلزلة وموضع جلد المسيح والموضع الذي وقف فيه رسله وتابعه بعيداً وكذلك حيث اقتسموا ثيابه وموضع ظهور المسيح لمريم في البستان وقبراً نيقوديموس ويوسف الذي من الرامة وقبور آدم وملكي صادق ويوحنا المعمدان ومركز الدنيا ويزعمون ان جلجثة ( جمجمة ) داخل هذه الكنيسة العجيبة .
اما البناء المسمى برج داود فهو بقرب باب الخليل وهو مجموع خمسة ابراج كانت محاطة بخندق وأساسها مؤلف من اسوار منيعة علوه 39 قدماً من اسفل الخندق وحجارته مبوزة ويرحج ان البر هو جزء من قصر هيرودس ا هـ .

ابواب القدس على مر العصور
في كتاب مدينة القدس 1225
الاسم الافرنجي المقدس : 985 عام 1225 م مجير الدين 1496وفي الوقت الحاضر
باب يافا أو الخليل باب محراب داود باب داود باب الرحبة ( مغلق )
باب البلاط باب القديس اليعازار باب الرحمة ( مغلق )
باب دير الصرب
باب دمشق باب العمود باب القديس ستيفن باب العمود
باب الدهرية (مغلق )
باب هيرودوس باب جب أرميا باب مدلين باب الساهرة
باب أريحا أوباب
القديس ستيفن باب أريحا باب ياهو شافاط باب حي ( الطورية )
(مغلق )
باب المغارة او باب سلوان باب الدباغة باب حي المغاربة
باب القمامة
باب النبي داود باب صهيون باب صهيون باب حارة اليهود
باب صهوين باب التيه باب السر قرب دير الأرمن (مغلق)
باب المقابل للقلعة
قرب قبر ابن الشيخ ( مغلق )
ـ نقلاً عن ـ فلسطين في العهد الاسلامي لـ " لي سترانغ"
الترجمة العربية ص 100 ـ

رحلة الامبراطور غليوم الثاني
الى القدس عام 1898 م
مصدرنا في هذه الرحلة " كتاب الرحلة الأمبراطورية في الممالك العثمانية " لمؤلفه ابراهيم الاسود ، صاحب جريدة لبنان . " طبع في المطبعة العثمانية في بعبدا سنة 1898 " ذكرنا في مجلد سابق نزول هذا الأمبراطور في رحلته الى مرفأ حيفا وبعد مكوثه فيها يومين سار في عربة ، الى القدس عن طريق الساحل الى ان انتهى الى حدود قضاء بني صعب .
وها نحن نكمل الحديث عن هذه الرحلة : [ ولما بلغ الأمبراطور والأمبراطورة اطراف قضاء بني صعب كان في استقبالهما قائم مقام القضاء جميل العابد في عدد من الفرسان ولما بلغا قربة "النبي بنيامين "[108]حيث كان اعدت لهما المضارب وبعد ان تناولا الغداء واستراحا ركبا قاصدين يافا . وفي قرية " بيار عدس " استقبلهما توفيق بك متصرف القدس ومحمود بك قومندان الموقع في القدس وزهدي بكل وكيل قائم مقامية يافا ومحمد مراد مأمور الطابو فيها من كبار موظفي استانبول ، ولما بلغا مشاهد يافا شاهدا الوفا من اليافيين كما كان تلاميذ المدارس الألمانية في البلدة مصطفة على جانبي جسر المصرارة .ولما وصلا الى سارونه كان الألمانيون جميعاً وعددهم نحو 4000 محتشدين على جانبي الطريق لاستقبال جلالتهما . ولما بلغا " الملكان " في يافا نزلا بلو كندة البرق [109] . فأطلقت عندئذ البواخر الراسية في الثغر 21 مدفعاً وبرزت يافا الليل بحلة من الأنوار براً وبحراً وخصوصاً سراي الحكومة والثكنة العسكرية والمستعمرة الألمانية " الملكان " ودير الروم الاورثوذوكس وكانت الأسهم الناري تشق كبد السماء . وقد اقامت البلدية من الزين البديعة ما حدا الى شكر حافظ بك السعيد وكيل رئاسة البلدية الذي اظهر من علو الهمة في أمر تنظيم الشؤون ما يذكر فيشكر . وقد بعث يومئذ برسالة برقية الى الحضرة العلية السلطانية مؤداها " ان الاستقبال الذي حصل لي في يافا كان حسنا والتزينات جيدة ولاسيما الدائرة البلدية فانها كانت تلألأ بالأنوار على طراز بديع . فاقدم الشكر لجلالتكم .
وفي الساعة الثامنة من صباح يوم الجمعة 28 تشرين الأول من عام 1898 م ركب الأمبراطور جواداً نادرالمثال في ارتفاعه وكذلك جلالتها وتبعتهما عربة تقل نساء الشرف وسارا فارسين في موكب حافل يتقدمهم ناظم باشا قاصدين الرملة التي تبعد عن يافا ساعتين حيث اعد لهما طعام الغذاء فاطلقت المدافع من البوارج الالمانية والعثمانية في ميناء يافا اجلالاً وتكريماً ولما بلغا الرملة نزلا في المضارب المعدة لهما امام الجامع الابيض وهناك مثل لدى امبراطور مدير ناحية الرملة محمود شمس الدين الحسيني فسأله تتعلق بالمدينة فبسط لديه لمحة من تاريخها وسألته جلالتها مسائل تتعلق بهوائها .
وبعد ذلك ركبا عربتهما بموكب عظيم قاصدين " اللطرون " حيث أعد لجلالتهما طعام العشاء والمبيت . ولما كان صباح اليوم الثاني ذهب جلالتهما راكبين مركبة تجرها ستة من جياد الخيل قاصدين القدس . . . ولما بلغا قرية ابي غوش استقبلهما عدد من وجوه البلاد واخذوا يلعبون بالرماح والسيوف وقد ساروا امام جلالتهما نحو ساعة ثم عادوا .ولما اصبحا جلالتهما على مقربة من القدس نزلا من العربة وصليا شاكرين الله لوصولهما بيت المقدس بسلام . ثم ركبا الخيول والجياد وساروا بموكب حافل قاصدين القدس .
الأمبواطور والأمبراطورة في القدس[110]
امتدت زيارتهما للقدس اقل من اسبوع حيث انتهت في صباح يوم الجمعة الواقع في 4 تشرين الثاني من عام 1898 م .
ولما بلغ الموكب الأمبراطوري القدس اطلقت المدافع تكريماً ، وكان في مقدمة المستقبلين الوالي ناظم باشا والمتصرف توفيق بك وقائد الجند وياسين الخالدي رئيس البلدية وعدد كبير من الوجوه والأعيان . " وبرزت مدينة القدس يومئذ تكسوها حل خضراء بديعة محوكة من الرياحين بالأزهار والرايات تخفق فوق المنازل على جوانب الشوارع ولا سيما على المؤدية من المضارب المعدة لجلالتهما الى كنيسة القيامة "[111] .
وقد أقاما اثناء وجودهما في القدس في مضارب اعدت لنزولهما مع الحاشية في بقعة أرض فسيحة تدعى الطالبية قريبة من بيوت الجالية الألمانية . وقد أقامت الحكومة 25 مخفراً في كل مخفر حرسان عهد اليهما المحافظة على الأرمن . واما المحافظة على خيام الأمبراطورة فقد عهد بها الى الجند الزحاف .
وفي طريقهما الى المضارب اقامت البلدية قوسين جميل الشكل مزدانين برم جلالتهما في صدر كل منهما الشعار الالماني وفوقهما الهلال العثماني . ولما بلغا القوس الأول استقبلهما ياسين الخالدي بخطاب هنأ هما به بسلامة الوصول بالنيابة عن اهل البلدة فشكره جلاته على الحفاوة التي قوبل بها .
زار العاهلان كنيسة القيامة وسارا في موكب عظيم جداً ، بعد ان ركب جلالته جواجه الاشهب وارتدى حل عسكرية صفراء فوقها برنس حريري وركبت جلالتها عربة تجرها أربعة من جياد الخي وركب معها ثلاث من نساء الشرف وعلى طول الطريق كان الجند واقفاً لتحيتهما والوف الناس يحيونهما من البيوت وشرفاتها ومن الطرقات .
ولما بلغت الخليل استقبلهما بنات المدارس الألمانية ، ثم ترجلا وسارا ماشيين على الأقدام الى ان وصلا كنيسة وأديا فيها واجباتهما الدينية .
ومن الأماكن التي زارها العاهلان جبل الزيتون وما عليه من أماكن مقدسة والحرم الشريف وغيرها من المواقع الأثرية والتاريخية كما زارا المستشفى الألماني ومدارس الجالية وغيرها من المؤسسات الألمانية .
كنيسة المخلص الألمانية .
وفي اثناء زيارة الأمبراطور هذه دشن "كنيسة المخلص " التي يدعوها العرب " الدباغة" .
كان السلطان عبد العزيز أهدى ولي عهد بروسيا البرنس فريدريك ويلهلم اثناء زيارة للقدس في عام 1868 م قسماً من " المارستان " .ويعتقد الألمان ان كنيسة قديمة بناها شارلمان بأذن من الخليفة هارون الرشيد على البقعة المهداة . لذلك شرعوا في اعادة بناء الكنيسة سنة 1893 م التي تم بناؤها في عام 1898 م وجرى تدشينها من قبل غليوم الثاني في يوم الاثنين في 31 تشرين الثاني من ذلك العام . بحضور الأمبراطورة وعدد كبير من رجال وضباط الدولتين ورجال الدين الالمان .
وبعد اجراء التراتيل والاحتفالات الدينية والرسمية وقف جلالته في صدر الكنيسة امام الهيكل وخطب خطاباً استغرق ثلاثية دقيقة . ومما جاء فيه : [ ان مجيئي الى القدس الشريف لم يكن مبنياً على غايات سياسية ، بل لأنني كنت أميل الى زيارة هذه المدينة المقدسة التي مات فيها السيد المسيح ثم قام وصعد الى السماء .وقد كان في خاطر أبي واجدادي تشييد كنيسة مسيحية انجيلية في هذه المدينة فبدأوا بوضع أساس هذه الكنيسة التي قد تم انشاؤها بواسطتي ] [112].
كنيسة نياحة العذراء
ومن اهم الاحداث في زيارة العاهل الألماني اهداء السلطان عبد الحميد الثاني له قطعة أرض تقع على جبل صهيون مساحتها نحو دونمين . يصف مؤلف الرحلة الأحتفال بذلك بقوله : [ عند الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الأثنين في 31 تشرين الاول سار جلالتهما بموكب حافل الى مكان النبي داود المعروف بعلية صهيون[113] .ولما بلغا المكان المشار اليه تقدم توفيق بك سفر الدولة العلية في برلين وأهدى جلالته باسم الحضرة العلية السلطانية ارضاً في ذلك المكان تبلغ مساحتها ألفي متر مربع ، وحضرة متصرف القدس قديم لديه أوراقها الطغرائية الرسمية الواردة من الاستانة العلية فاستلمها بيده الكريمة وسلمها الى وزير خارجيته وتقدم حينئذ حضرة صاحب الفضيلة الشيخ سعيد الداودي صاحب الارض امام جلالته قائلاً بناء على الصداقة الكائنة بين جلالتكم وعظمة متبوعنا الأعظم فاننا نقدم لجلالتكم الأرض ( ونحملكم على الراحات ) . . . .. .
وهكذا شرع الألمان في بناء هذه الكنيسة عام 1900 م وأتموها عام 1910 م ودعوها " دورميثيون " أي " كنيسة نياحة العذراء " .
ويقول المسيحيون ان الموقع الذي تناول فيه المسيح عشاءه الأخير وغسل أقدام تلاميذه ، والذي سمي فيما بعد ( علية صهيون ) ،كان في المكان الذي تقوم عليه هذه الكنيسة أو بالقرب منها . كما ذكر ان سيدتنا مريم قضت نياحها وبقية حياتها في هذا الموقع .
وفي ذلك قال مؤلفا تاريخ القدس ودليلها : [ يرى الى الجنوب من باب النبي داود كنيسة يقول تقليد الرابع عشر انها المكان الذي تناول فيه المسيح العشاء الأخير مع تلامذته مع ان البناء لم يقم الا بعد المسيح بعدة قرون . ويظن البعض ان هذا المكان هو العلية الصهيونية التي حل فيها الروح القدس على التلاميذ ] [114].
وقد قدمت بلدية القدس لجلالتهما " مجموعة رسوم المناظر من حيفا الى القدس بغلاف من صدف مصفحة قرآنية بالذهب ثم رسم الصخرة المقدسة مؤلفا من صدف نقي .
وقدمت لهما كريمة اسماعيل بك ( الحسيني ) مدير المعارف بالقدس رسم الطغراء الهمايونية مزركشه بالذهب[115]".
وفي صباح يوم الجمعة م 4 تشرين الثاني 1898 م غادر الامبراطور والأمبراطورة وحاشيتهما القدس عن طريق السكة الحديدية الى يافا . وفي محطة يافا استقبلهما نظم باشا ووكيل القائم مقام ووكيل رئيس البلدية وقائد الموقع والقاضي وغيرهم من كبار الرجال الرسميين .
ركب جلالتهما العربة واماهما توفيق باشا سفير الدولة في برلين وتلتها عربات كثيرة تقل الوزراء والامراء متوجهين الى الميناء اقلهم الزورق البخاري الى اليخت " هوهنزولرن " في طريقه الى بيروت التي وصلها في اليوم التالي : 5 تشرين الثاني .
وهكذا انتهت زيارة غليوم الثاني الى فلسطين بعد ان امتدت 11 يوماً ك ( من 25 تشرين الأول الى 4 تشرين الثاني 1898 م ) .
وقد أهدى الأمبراطور بعض الموظفين والمدنيين وغيرهم من عثمانيين وألمان أو سمة مختلفة ، نذكر منها " وسام النسر الأحمر من الطبقة الرابعة الى كل من ياسين الخالدي رئيس بلدية القدس وحافظ بك السعيد وكيل رئيس بلدية يافا ومدير الريجي وسرابيون مراد وثروت بك قوميسير البوليس الأول في القدس والوسام نفسه من الطبقة الثالثة الى كل من متصرف لواء عكا ( حسين افندي ) واحمد شكري قائم مقام حيفا .
كما انعم بوسام تاج بروسيا من الطبقة الرابعة الى كل من يوسف آغا الدزدار الجندرمة في يافا ومحمد مراد مأمور الطابو فيها وسليم كسار وكيل البواخر الخديوية .وبالوسام نفسه من الطبقة الثانية الى زاهدي بك وكيل قائم مقام يافا .وأنعم ايضاً على الكثيرين من رجال الدين المسيحي بأوسمة ومداليات مختلفة .
*
وقد وصف مؤلفا تاريخ القدس ودليلها ص 34 هذه الزيارة بقولهما : [ ونحن لا نرى بداً من الاشارة الى مجيء الامبراطور غليوم الالماني كزائر الى القدس باذن من السلطان عبد الحميد الثاني وكان ذلك في سنة 1898 م . وما زلنا نذكر تلك الحادثة التاريخية لاننا شاهدنا موكبه العظيم وهو داخل الى القدس ورأينا ما اقيم له من الاستقبال الفخم وقد جاء الأمبراطور من يافا الى القدس في مركبة ولكنه داخلها راكباً وهو متشح برداء أبيض حساباً نفسه حاجاً وصليبياً متمثلاً الامبراطور المدينة من أحد ابوابها المعروفة بل فتحت له الحكومة ثغرة من السور بالقرب من باب الخليل[116] والغاية من ذلك ان لا يكون الأمبراطور تحت سقف أو سلطة أجنبية ].
ووصف صاحب قبة الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى المبارك زيارته للحرم الشريف وللقدس بقوله (ص 226 ) : [ زار امبراطور الالمان القيصر يلهلم الثاني ، عندما هبط القدس عام 1898 م وكانت ترافقه القيصرة اوغستا فيكتوريا . كما كان يرافقه رئيس وزرائه ووزير خارجيته وعدد كبير من رجال الدولة الالمانية ورجال الكهنوت الألمان . زاروا جميعاً الحرم ، يرافقهم عدد من الوزراء العثمانيين والضباط التابعين لكلا الجيشين بيزاتهم الرسمية .
ولكي يتمكن الامبراطور من دخول المدينة راكباً ، فتحت له السلطة ثغرة في السور بأمر من السلطان عبد الحميد الثاني ، هي التي تراها بين باب الخليل والبرج المعروف بـ " برج هييكس " من ابراج السور . فمر الموكب منه . وبعد ان زاروا كنيسة القيامة ، زاروا الحرم القدسي . ليس هذا فحسب . فأن بلدية القدس قدمت يومئذ للقيصر والقيصرة مجموعة من الصور تبين مناظر القدس في أوضاع مختلفة . وبين الصور صورتان : احداهما لمسجد الصخرة والاخرى للمسجد الأقصى . ووضعت الصور في غلاف من صدف صفحت زواياه بماء الذهب . وهو من صنع بيت المقدس ].
*
ان زيارة الامبراطور غليوم الثاني للأمبراطورية العثمانية في عام 1898 م كان لوضع حجر الأساس في بناء الصداقة الألمانية وفي النفوذ الألماني . وقد أراد الأمبراطور ان يؤكد للسلطان العثماني وخليفة المسلمين عطفه على الدولة وشعوره الطيب نحو العالم الاسلامي . ففي خطبة القاها في دمشق قال : " أريد ان يطمئن السلطان والثلاثمائة مليون مسلم انهم سيجدون في امبراطور المانيا صديقاً لهم على الدوام " . ثم زار فيها قبر صلاح الدين ، ووضع عليه اكليل زهر ، وأمر بصنع مصباح من الفضة للضريح هدية منه بوصفه احد المعجبين اعجاباً بالغاً بالبطل المسلم .


[1] ابن اياس 5/148.
[2] ابن اياس 5/160. وكان السلطان سليم ابعد عن السلطة كل من وقف الى جانب المماليك واحل محلهم الذين ابدوه، وكان من بين الذين ايدوه امير منطقة صفد البدوي ابن طرباي، واسره الامير مصطفى ابي شاهين في حكم غزة، وهي الاسرة لتي عرفت فيما بعد باسم "آل رضوان". وكان مصطفى هذا من كبار الامراء في زمن السلطان سليمان القانوني وباشا عن باشاواته.
[3] وفي عام 1660م سلخ كل من سنجق صفد وسنجق صيدا مع بيروت عن الشام وتأسست ولاية صيدا.
[4] هو المتوكل على الله ابو عبد الله محمد بن المستمسك بالله، كان قد ارسل الى استانبول بناء على اوامر السلطان سليم ثم عاد الى مصر بعد وفاة السلطان واستمر في الخلافة حتى وفاته في صيف عام 1550م.


رد مع اقتباس
قديم 08 Jul 2010, 02:22 PM [ 2 ]
مؤسس شبكة الشدادين


تاريخ التسجيل : Jan 2005
رقم العضوية : 1
الإقامة : saudi arabia
الهواية : رياضة + كمبيوتر وبس
مواضيع : 2072
الردود : 91533
مجموع المشاركات : 93,605
معدل التقييم : 4981السلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond reputeالسلطان has a reputation beyond repute

السلطان غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 8
فعالية ضوء عدسة

فعالية طلباتك أوامر

شكر وتقدير

فعالية مجموعات المنتدى

يوميات الأعضاء

التميز في دورة الفوتوشوب

شكر وتقدير

أجمل خط 1434 هـ


رد: احداث ماقبل الثورة العربية


تاريخ جميل وماضٍ نتمنى أن يعود
بارك الله فيك أخي أسامة
وأشكرك جزيل الشكر على اتحافنا
بهذه المواضيع الراقية جداً


توقيع : السلطان
الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الثورة السياحية ( فسيحوا في الأرض ) إلى أين؟ الحلافي المنتدى الاسلامي 7 10 Jul 2010 10:06 AM
ومن الحب ماقتل متفائل القسم العام 47 26 Oct 2008 04:47 AM
الليلة الثورة..!! سيدة الأشجان قصائد مختارة 21 14 Mar 2008 01:56 AM
احداث ... المستحيلة الخيمة الرمضانية 16 02 Oct 2006 01:55 PM
احداث اليوم في كاس العالم عبدالله الشدادي عالم الرياضة 6 19 Jun 2006 01:53 AM
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

06:41 PM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com