..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


آخر 10 مشاركات T9mem مجموعة ألوان للأعضاء (وقله من البال ما أغيب ولا مرة) 2024    <->    اسباب بحة الصوت    <->    Momyz ما الفرق بين الهيروين والكوكايين والأفيون وما مخاطرهم الصحية؟    <->    الكبد مع الخضروات    <->    المرأة الفقيره والرجل المريض    <->    زهرة رحب بالصعوبات إن جاءتك    <->    مفروم دجاج وخضار وجبن موزاريلا    <->    زهرة صينية شرايح بطاطس بالمفروم    <->    وردة تكساس فرايز    <->    وردة محشي بطاطس    <->   
مختارات   بعض الحلم ذلٌ ‏   
مواضيع ننصح بقراءتها مجموعة الوان للاعضاء وقله من البال ماغيب ولامره2024
العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الإسلامية > المنتدى الاسلامي
 
أدوات الموضوع
إضافة رد
  [ 1 ]
قديم 29 Aug 2010, 01:26 PM

خشوف الشدادي غير متصل

تاريخ التسجيل : Nov 2009
رقم العضوية : 22459
الإقامة : saudi arabia
الهواية : بعثرت الاوراق ونثر الحروف
المشاركات : 2,333
معدل التقييم : 25
الملف الشخصي للكاتب
إضافة تقييم
الرد على الموضوع
ارسال الموضوع لصديق
طباعه الموضوع
تبليغ عن الموضوع
حملة حفظ سورة البقرة ..(7)





بسم الله الرحمن الرحيم






السلام عليكم ورحمة الله وبركاته









ورد يوم السبت




ورد يوم الاحد


ورد يوم الاثنين




ورد يوم الثلاثاء



ورد يوم الابعاء



























جدول الاسبوع السابع

لحملة حفظ سورة البقرة

.....................................


السبت من آية 191 إلى آية196

الاحد من آية 197 إلى آية 202


الاثنين من آية 203 إلى آية 210


الثلاثاء من آية 211 إلى آية 215


الاربعاء من آية 216 إلى آية 219






هذا موقع لمراجعة الحفظ






رد مع اقتباس
قديم 29 Aug 2010, 01:32 PM [ 2 ]

تاريخ التسجيل : Nov 2009
رقم العضوية : 22459
الإقامة : saudi arabia
الهواية : بعثرت الاوراق ونثر الحروف
مواضيع : 202
الردود : 2131
مجموع المشاركات : 2,333
معدل التقييم : 25خشوف الشدادي is on a distinguished road

خشوف الشدادي غير متصل


رد: حملة حفظ سورة البقرة ..(7)


" واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين "

" وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ " هذا أمر بقتالهم, أينما وجدوا في كل وقت, وفي كل زمان قتال مدافعة, وقتال مهاجمة.
ثم استثنى من هذا العموم قتالهم " عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " وأنه لا يجوز إلا أن يبدأوا بالقتال, فإنهم يقاتلون, جزاء لهم على اعتدائهم.
" فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم "

وهذا مستمر في كل وقت, حتي ينتهوا عن كفرهم فيسلموا, فإن الله يتوب عليهم, ولو حصل منهم ما حصل من الكفر بالله, والشرك في المسجد الحرام, وصد الرسول والمؤمنين عنه وهذا من رحمته وكرمه بعباده.
" وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين "

ولما كان القتال عند المسجد الحرام, يتوهم أنه مفسدة في هذا البلد الحرام, أخبر تعالى أن المفسدة بالفتنة عنده بالشرك, والصد عن دينه, أشد من مفسدة القتل, فليس عليكم - أيها المسلمون - حرج في قتالهم.
ويستدل من هذه الآية - على القاعدة المشهورة - وهي: أنه يرتكب أخف المفسدتين, لدفع أعلاهما.
ثم ذكر تعالى المقصود من القتال في سبيله, وأنه ليس المقصود به, سفك دماء الكفار, وأخذ أموالهم.
ولكن المقصود به أن " وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ " تعالى, فيظهر دين الله تعالى, على سائر الأديان, ويدفع كل ما يعارضه, من الشرك وغيره, وهو المراد بالفتنة.
فإذا حصل هذا المقصود, فلا قتل ولا قتال.
" فَإِنِ انْتَهَوْا " عن قتالكم عند المسجد الحرام " فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " أي: فليس عليهم منكم اعتداء, إلا من ظلم منهم, فإنه يستحق المعاقبة, بقدر ظلمه.
" الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين "

يقول تعالى: " الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ " , يحتمل أن يكون المراد به, ما وقع من صد المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية, عن الدخول لمكة, وقاضوهم على دخولها من قابل, وكان الصد والقضاء في شهر حرام, وهو ذو القعدة, فيكون هذا بهذا.
فيكون فيه, تطييب لقلوب الصحابة, بتمام نسكهم, وكماله.
ويحتمل أن يكون المعنى: أنكم إن قاتلتموهم في الشهر الحرام, فقد قاتلوكم فيه, وهم المعتدون, فليس عليكم في ذلك حرج.
وعلى هذا فيكون قوله: " وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ " من باب عطف العام على الخاص.
أي: كل شيء يحترم من شهر حرام, أو بلد حرام, أو إحرام, أو ما هو أعم من ذلك, جميع ما أمر الشرع باحترامه, فمن تجرأ عليها, فإنه يقتص منه.
فمن قاتل في الشهر الحرام, قوتل.
ومن هتك البلد الحرام, أخذ منه الحد, ولم يكن له حرمة.
ومن قتل مكافئا له قتل به, ومن جرحه أو قطع عضوا, منه, اقتص منه.
ومن أخذ مال غيره المحترم, أخذ منه بدله.
ولكن هل لصاحب الحق, أن يأخذ من ماله بقدر حقه أم لا؟ خلاف بين العلماء, الراجح من ذلك, أنه, إن كان سبب الحق ظاهرا كالضيف, إذا لم يقره غيره, والزوجة, والقريب إذا امتنع من تجب عليه النفقة من الإنفاق عليه,, فإنه يجوز أخذه من ماله.
وإن كان السبب خفيا, كمن جحد دين غيره, أو خانه في وديعة, أو سرق منه ونحو ذلك, فإنه لا يجوز له أن يأخذ من ماله مقابلة له, جمعا بين الأدلة, ولهذا قال تعالى, توكيدا وتقوية لما تقدم: " فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ " .
هذا تفسير لصفة المقاصة, وأنها هي المماثلة في مقابلة المعتدي.
ولما كانت النفوس - في الغالب - لا تقف على حدها إذا رخص لها في المعاقبة لطلبها التشفي, أمر تعالى بلزوم تقواه, التي هي الوقوف عند حدوده, وعدم تجاوزها, وأخبر تعالى أنه " مَعَ الْمُتَّقِينَ " أي: بالعون, والنصر, والتأييد, والتوفيق.
ومن كان الله معه, حصل له السعادة الأبدية.
ومن لم يلزم التقوى, تخلى عنه وليه, وخذله, فوكله إلى نفسه فصار هلاكه أقرب إليه من حبل الوريد.
" وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين "

يأمر تعالى عباده بالنفقة في سبيله, وهو إخراج الأموال في الطرق الموصلة إلى الله.
وهي كل طرق الخير, من صدقة على مسكين, أو قريب, أو إنفاق على من تجب مؤنته.
وأعظم ذلك, وأول ما دخل في ذلك الإنفاق في الجهاد في سبيل الله.
فإن النفقة فيه, جهاد بالمال, وهو فرض كالجهاد بالبدن.
وفيها من المصالح العظيمة, الإعانة على تقوية المسلمين, وتوهين الشرك وأهله, وعلى إقامة دين الله وإعزازه.
فالجهاد في سبيل الله, لا يقوم إلا على ساق النفقة.
فالنفقة له, كالروح, لا يمكن وجوده بدونها.
وفي ترك الإنفاق في سبيل الله, إبطال للجهاد, وتسليط للأعداء, وشدة تكالبهم.
فيكون قوله تعالى: " وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ " كالتعليل لذلك.
والإلقاء باليد إلى التهلكة يرجع إلى أمرين: لترك ما أمر به العبد, إذا كان تركه موجبا أو مقاربا لهلاك البدن أو الروح.
وفعل ما هو سبب موصل إلى تلف النفس أو الروح, فيدخل تحت ذلك أمور كثيرة.
فمن ذلك, ترك الجهاد في سبيل الله, أو النفقة فيه, الموجب لتسلط الأعداء.
ومن ذلك, تغرير الإنسان بنفسه, في مقاتلة, أو سفر مخوف, أو محل مسبعة أو حيات, أو يصعد شجرا, أو بنيانا خطرا, أو يدخل تحت شيء فيه خطر ونحو ذلك.
فهذا ونحوه, ممن ألقى بيده إلى التهلكة.
ومن ذلك الإقامة على معاصي الله, واليأس من التوبة.
ومنها ترك ما أمر الله به من الفرائض, التي في تركها هلاك للروح والدين.
ولما كانت النفقة في سبيل الله, نوعا من أنواع الإحسان, أمر بالإحسان عموما فقال: " وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان, لأنه لم يقيده بشيء دون شيء.
فيدخل فيه, الإحسان بالمال كما تقدم.
ويدخل فيه, الإحسان بالجاه, بالشفاعات ونحو ذلك.
ويدخل في ذلك, الإحسان بالأمر المعروف, والنهي عن المنكر, وتعليم العلم النافع.
ويدخل في ذلك, قضاء حوائج الناس, من تفريج كرباتهم, وإزالة شدائدهم, وعيادة مرضاهم, وتشييع جنائزهم, وإرشاد ضالهم, وإعانة من يعمل عملا, والعمل لمن لا يحسن العمل ونحو ذلك, مما هو من الإحسان الذي أمر الله به.
ويدخل في الإحسان أيضا, الإحسان في عبادة الله تعالى, وهو كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
" أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه, فإنه يراك " .
فمن اتصف بهذه الصفات, كان من الذين قال الله فيهم " لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ " وكان الله معه يسدده ويرشده, ويعينه على كل أموره.
" وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب "

ولما فرغ تعالى من ذكر أحكام الصيام والجهاد, ذكر أحكام الحج فقال: " وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ " الآية.
يستدل بقوله " وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ " على أمور: أحدها, وجوب الحج والعمرة, وفرضيتهما.
الثاني: وجوب إتمامهما, بأركانهما, وواجباتهما, التي قد دل عليها فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله " خذوا عني مناسككم " .
الثالث: أن فيه حجة لمن قال بوجوب العمرة الرابع: أن الحج والعمرة, يجب إتمامهما بالشروع فيهما, ولو كانا نقلا.
الخامس: الأمر بإتقانهما وإحسانهما, وهذا قدر زائد على فعل ما يلزم لهما.
السادس: وفيه الأمر بإخلاصهما " لِلَّهِ " تعالى.
السابع: أنه لا يخرج المحرم بهما, بشيء من الأشياء حتى يكملهما, إلا بما استثناه الله, وهو الحصر, فلهذا قال: " فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ " أي: منعتم من الوصول إلى البيت لتكميلهما, بمرض, أو ضلالة, أو عدو, ونحو ذلك من أنواع الحصر, الذي هو المنع.
" فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ " أي: فاذبحوا ما استيسر من الهدي, وهو سبع بدنة, أو سبع بقرة, أو شاة يذبحها المحصر, ويحلق ويحل من إحرامه بسبب الحصر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, لما صدهم المشركون عام الحديبية.
فإن لم يجد الهدي, فليصم بدله, عشرة أيام كما في المتمتع ثم يحل.
ثم قال تعالى " وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ " .
وهذا من محظورات الإحرام, إزالة الشعر, بحلق أو غيره, لأن المعنى واحد من الرأس, أو من البدن, لأن المقصود من ذلك, حصول الشعث والمنع من الترفه بإزالته, وهو موجود في بقية الشعر.
وقاس كثير من العلماء على إزالة الشعر, تقليم الأظفار بجامع الترفه.
ويستمر المنع مما ذكر, حتى يبلغ الهدي محله, وهو يوم النحر.
والأفضل, أن يكون الحلق بعد النحر, كما تدل عليه الآية.
ويستدل بهذه الآية, على أن المتمتع إذا ساق الهدي, لم يتحلل من عمرته قبل يوم النحر.
فإذا طاف وسعى للعمرة, أحرم بالحج, ولم يكن له إحلال بسبب سوق الهدي.
وإنما منع تبارك وتعالى من ذلك, لما فيه من الذل والخضوع لله, والانكسار له, والتواضع الذي هو عين مصلحة العبد, وليس عليه في ذلك من ضرر.
فإذا حصل الضرر بأن كان به أذى من مرض, ينتفع بحلق رأسه له, أو قروح, أو قمل ونحو ذلك فإنه يحل له أن يحلق رأسه, ولكن يكون عليه فدية, من صيام ثلاثة أيام, أو إطعام ستة مساكين, أو نسك ما يجزى في أضحية, فهو مخير.
والنسك أفضل, فالصدقة, فالصيام.
ومثل هذا, كل ما كان في معنى ذلك, من تقليم الأظفار, أو تغطية الرأس, أو لبس المخيط, أو الطيب, فإنه يجوز عند الضرورة, مع وجوب الفدية المذكورة لأن القصد من الجميع, إزالة ما به يترفه.
ثم قال تعالى " فَإِذَا أَمِنْتُمْ " أي: بأن قدرتم على البيت من غير مانع عدو وغيره.
" فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ " بأن توصل بها إليه, وانتفع بتمتعه بعد الفراغ منها.
" فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ " أي: فعليه ما تيسر من الهدي, وهو ما يجزى في أضحية.
وهذا دم نسك, مقابلة لحصول النسكين له في سفرة واحدة, ولإنعام الله عليه بحصول الانتفاع بالمتعة, بعد فراغ العمرة, وقبل الشروع في الحج.
ومثلها, القرآن لحصول النسكين له.
ويدل مفهوم الآية, على أن المفرد للحج, ليس عليه هدي.
ودلت الآية, على جواز, بل فضيلة المتعة, وعلى جواز فعلها في أشهر الحج.
" فَمَنْ لَمْ يَجِدْ " أي الهدي أو ثمنه " فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ " .
أول جوازها من حين الإحرام بالعمرة, وآخرها ثلاثة أيام بعد النحر, أيام رمي الجمار, والمبيت بـ " منى " .
ولكن الأفضل منها, أن يصوم السابع, والثامن, والتاسع.
" وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ " أي: فرغتم من أعمال الحج, فيجوز فعلها في مكة, وفي الطريق, وعند وصوله إلى أهله.
" ذَلِكَ " المذكور من وجوب الهدي على المتمتع.
" لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " بأن كان عند مسافة قصر فأكثر, أو بعيدا عند عرفات, فهذا الذي يجب عليه الهدي, لحصول النسكين له في سفر واحد.
وأما من كان أهله من حاضري المسجد الحرام, فليس عليه هدي, لعدم الموجب لذلك.
" وَاتَّقُوا اللَّهَ " أي: في جميع أموركم, بامتثال أوامره, واجتناب نواهيه.
ومن ذلك, امتثالكم, لهذه المأمورات, واجتناب هذه المحظورات المذكورة في هذه الآية.
" وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " أي: لمن عصاه, وهذا هو الموجب للتقوى, فإن من خاف عقاب الله, انكف عما يوجب العقاب.
كما أن من رجا ثواب الله, عمل لما يوصله إلى الثواب.
ومن لم يخف العقاب, ولم يرج الثواب, اقتحم المحارم, وتجرأ على ترك الواجبات.
" الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب "

يخبر تعالى أن " الْحَجَّ " واقع في " أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ " عند المخاطبين, مشهورات, بحيث لا تحتاج إلى تخصيص.
كما احتاج الصيام إلى تعيين شهره, وكما بين تعالى أوقات الصلوات الخمس.
وأما الحج, فقد كان من ملة إبراهيم, التي لم تزل مستمرة في ذريته معروفة بينهم.
والمراد بالأشهر المعلومات عند الجمهور, شوال, وذو القعدة, وعشر من ذي الحجة, فهي التي يقع فيها الإحرام بالحج غالبا.
" فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ " أي: أحرم به, لأن الشروع فيه.
يصيره فرضا, ولو كان نفلا.
واستدل بهذه الآية, الشافعي ومن تابعه, على أنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره.
قلت لو قيل: فيها دلالة لقول الجهور, بصحة الإحرام بالحج قبل أشهره لكان قريبا.
فإن قوله " فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ " دليل على أن الفرض قد يقع في الأشهر المذكورة وقد لا يقع فيها, وإلا لم يقيده.
وقوله " فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ " أي: يجب أن تعظموا الإحرام بالحج, وخصوصا, الواقع في أشهره, وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه, من الرفث وهو: الجماع ومقدماته الفعلية والقولية, خصوصا عند النساء, بحضرتهن.
والفسوق وهو: جميع المعاصي, ومنها محظورات الإحرام.
والجدال, وهو: المماراة والمنازعة والمخاصة, لكونها تثير الشر, وتوقع العداوة.
والمقصود من الحج, الذل والانكسار لله, والتقرب إليه بما أمكن من القربات, والتنزه عن مقارفة السيئات, فإنه بذلك, يكون مبرورا والمبرور, ليس له جزاء إلا الجنة.
وهذه الأشياء, وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان, فإنه يتغلظ المنع عنها في الحج.
واعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله بترك المعاصي حتى يفعل الأوامر.
ولهذا قال تعالى " وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ " .
[أتى بـ " من " للتنصيص على العموم فكل خير وقربة وعبادة, داخل في ذلك.
أي: فإن الله به عليم, وهذا يتضمن غاية الحث على أفعال الخير, خصوصا في تلك البقاع الشريفة والحرمات المنيفة, فإنه ينبغي تدارك ما أمكن تداركه فيها, من صلاة, وصيام, وصدقة, وطواف, وإحسان قولي وفعلي.
ثم أمر تعالى بالتزود لهذا السفر المبارك, فإن التزود فيه, الاستغناء عن المخلوقين, والكف عن أموالهم, سؤالا واستشرافا.
وفي الإكثار منه, نفع وإعانة للمسافرين, وزيادة قربة لرب العالمين.
وهذا الزاد الذي المراد منه, إقامة البنية - بلغة ومتاع.
وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه, في دنياه, وأخراه, فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار, وهو الموصل لأكمل لذة, وأجل نعيم دائما أبدا.
ومن ترك هذا الزاد, فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر, وممنوع من الوصول إلى دار المتقين.
فهذا مدح للتقوى.
ثم أمر بها أولي الألباب فقال " وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ " .
أي: يا أهل العقول الرزينة, اتقوا ربكم, الذي تقواه أعظم ما تأمر به العقول, وتركها دليل على الجهل, وفساد الرأي.
" ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين "

لما أمر تعالى بالتقوى, أخبر تعالى أن ابتغاء فضل الله بالتكسب في مواسم الحج وغيره, ليس فيه حرج إذا لم يشغل عما يجب إذا كان المقصود هو الحج, وكان الكسب حلالا منسوبا إلى فضل الله, لا منسوبا إلى حذق العبد, والوقوف مع السبب, ونسيان المسبب, فإن هذا هو الحرج بعينه.
وفي قوله " فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ " دلالة على أمور: أحدها: الوقوف بعرفة, وأنه كان معروفا أنه ركن من أركان الحج.
فالإفاضة من عرفات, لا تكون إلا بعد الوقوف.
الثاني: الأمر بذكر الله عند المشعر الحرام, وهو المزدلفة, وذلك أيضا معروف, يكون ليلة النحر بائتا بها, وبعد صلاة الفجر, يقف في المزدلفة داعيا, حتى يسفر جدا, ويدخل في ذكر الله عنده, إيقاع الفرائض والنوافل فيه.
الثالث: أن الوقوف بمزدلفة, متأخر عن الوقوف بعرفة, كما تدل عليه الفاء والترتيب.
الرابع, والخامس: أن عرفات ومزدلفة, كلاهما من مشاعر الحج المقصود فعلها, وإظهارها.
السادس: أن مزدلفة في الحرم, كما قيده بالحرام.
السابع: أن عرفة في الحل, كما هو مفهوم التقييد بـ " مزدلفة " .
" وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ " أي: اذكروا الله تعالى, كما من عليكم بالهداية بعد الضلال, وكما علمكم ما لم تكونوا تعلمون.
فهذه من أكبر النعم, التي يجب شكرها ومقابلتها بذكر المنعم بالقلب واللسان.
" ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم "

" ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ " أي: ثم أفيضوا من مزدلفة, من حيث أفاض الناس, من لدن إبراهيم عليه السلام إلى الآن.
والمقصود من هذه الإفاضة, كان معروفا عندهم, وهو رمي الجمار, وذبح الهدايا, والطواف, والسعي, والمبيت بـ " منى " ليالي التشريق وتكميل باقي المناسك.
" فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق "

ولما كانت هذه الإفاضة, يقصد بها ما ذكر, والمذكورات آخر المناسك, أمر تعالى عند الفراغ منها, باستغفاره والإكثار من ذكره.
فالاستغفار للخلل الواقع من العبد, في أداء عبادته وتقصيره فيها.
وذكر الله, شكر الله على إنعامه عليه بالتوفيق لهذه العبادة العظيمة والمنة الجسيمة.
وهكذا ينبغي للعبد, كلما فرغ من عبادة, أن يستغفر الله عن التقصير, ويشكره على التوفيق, لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة, ومن بها على ربه, وجعلت له محلا ومنزلة رفيعة, فهذا حقيق بالمقت, ورد الفعل.
كما أن الأول, حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أخر.
ثم أخبر تعالى عن أحوال الخلق, وأن الجميع يسألونه مطالبهم, ويستدفعونه ما يضرهم, ولكن مقاصدهم تختلف.
فمنهم " مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا " أي: يسأله من مطالب الدنيا ما هو من شهواته, وليس له في الآخرة من نصيب, لرغبته عنها, وقصر همته على الدنيا.
ومنهم من يدعو الله لمصلحة الدارين, ويفتقر إليه في مهمات دينه ودنياه.
وكل من هؤلاء وهؤلاء, لهم نصيب من كسبهم وعملهم, وسيجازيهم تعالى, على حسب أعمالهم, وهماتهم ونياتهم, جزاء دائرا بين العدل والفضل, يحمد عليه أكمل حمد وأتمه.
وفي هذه الآية, دليل على أن الله يجيب دعوة كل داع, مسلما أو كافرا, أو فاسقا.
ولكن ليست إجابته دعاء من دعاه, دليلا على محبته له وقربه منه, إلا في مطالب الآخرة, ومهمات الدين.
والحسنة المطلوبة في الدنيا, يدخل فيها كل ما يحسن وقعه عند العبد, من رزق هني واسع حلال, وزوجة صالحة, وولد تقر به العين, وراحة, وعلم نافع, وعمل صالح, ونحو ذلك, من المطالب المحبوبة والمباحة.
وحسنة الآخرة, هي السلامة من العقوبات, في القبر, والموقف, والنار, وحصول رضا الله, والفوز بالنعيم المقيم, والقرب من الرب الرحيم.
فصار هذا الدعاء, أجمع دعاء وأكمله, وأولاه بالإيثار, ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء به, والحث عليه.
" واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون "

يأمر تعالى بذكره في الأيام المعدودات, وهي أيام التشريق الثلاثة بعد العيد, لمزيتها وشرفها, وكون بقية المناسك تفعل بها, ولكون الناس أضيافا لله فيها, ولهذا حرم صيامها.
فللذكر فيها مزية, ليست لغيرها, ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " أيام التشريق, أيام أكل وشرب, وذكر الله " .
ويدخل في ذكر الله فيها, ذكره عند رمي الجمار, وعند الذبح, والذكر المقيد عقب الفرائض.
بل قال بعض العلماء: إنه يستحب فيها التكبير المطلق, كالعشر, وليس ببعيد.
" فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ " أي خرج من " منى " ونفر منها قبل غروب شمس اليوم الثاني.
" فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ " بأن بات بها ليلة الثالث ورمى من الغد " فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ " وهذا تخفيف من الله تعالى على عباده, في إباحة كلا, الأمرين.
ولكن من المعلوم أنه إذا أبيح كلا الأمرين, فالمتأخر أفضل, لأنه أكثر عبادة.
ولما كان نفي الحرج, قد يفهم منه نفي الحرج في ذلك المذكور وفي غيره, والحال أن الحرج منفي عن المتقدم والمتأخر فقط - قيده بقوله.
" لِمَنِ اتَّقَى " أي: اتقى الله في جميع أموره, وأحوال الحج.
فمن اتقى الله في كل شيء, حصل له نفي الحرج في كل شيء.
ومن اتقاه في شيء دون شيء, كان الجزاء من جنس العمل.
" وَاتَّقُوا اللَّهَ " بامتثال أوامره واجتناب معاصيه.
" وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ " فمجازيكم بأعمالكم.
فمن اتقاه, وجد جزاء التقوى عنده, ومن لم يتقه, عاقبه أشد العقوبة.
فالعلم بالجزاء, من أعظم الدواعي لتقوى الله, فلهذا حث تعالى, على العلم بذلك.
" ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام "

لما أمر تعالى بالإكثار من ذكره, وخصوصا في الأوقات الفاضلة, الذي هو خير مصلحة وبر, أخبر تعالى بحال من يتكلم بلسانه ويخالف فعله قوله, فالكلام إما أن يرفع الإنسان أو يخفضه فقال: " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " أي: إذا تكلم, راق كلامه للسامع.
وإذا نطق, ظنته يتكلم بكلام نافع, ويؤكد ما يقول بأنه " وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ " بأن يخبر أن الله يعلم, أن ما في قلبه موافق لما نطق به, وهو كاذب في ذلك, لأنه يخالف قوله فعله.
فلو كان صادقا, لتوافق القول والفعل, كحال المؤمن غير المنافق, ولهذا قال: " وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ " أي: إذا خاصمته, وجدت فيه من اللدد والصعوبة والتعصب, وما يترتب على ذلك, ما هو من مقابح الصفات, ليس كأخلاق المؤمنين, الذين جعلوا السهولة مركبهم, والانقياد للحق وظيفتهم, والسماحة سجيتهم.
" وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد "

" وَإِذَا تَوَلَّى " هذا الذي يعجبك قوله إذا حضر عندك " سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا " أي: يجتهد على أعمال المعاصي, التي هي إفساد في الأرض " وَيُهْلِكَ " بسبب ذلك " الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ " فالزروع والثمار والمواشي, تتلف وتنقص, وتقل بركتها, بسبب العمل في المعاصي.
" وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ " فإذا كان لا يحب الفساد, فهو يبغض العبد المفسد في الأرض, غاية البغض, وإن قال بلسانه قولا حسنا.
ففي هذه الآية دليل على أن الأقوال التي تصدر من الأشخاص, ليست دليلا على صدق ولا كذب, ولا بر ولا فجور حتى يوجد العمل المصدق لها, المزكى لها وأنه ينبغي اختبار أحوال الشهود, والمحق والمبطل من الناس, ببر أعمالهم, والنظر لقرائن أحوالهم, وأن لا يغتر بتمويههم وتزكيتهم أنفسهم.
" وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد "

ثم ذكر أن هذا المفسد في الأرض بمعاصي الله, إذا أمر بتقوى الله تكبر وأنف.
" أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ " فيجمع يين العمل بالمعاصي والتكبر على الناصحين.
" فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ " التي هي دار العاصين والمتكبرين.
" وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ " أي: المستقر والمسكن, عذاب دائم, وهم لا ينقطع, ويأس مستمر, لا يخفف عنهم العذاب, ولا يرجون الثواب, جزاء لجنايتهم ومقابلة لأعمالهم.
فعياذا بالله, من أحوالهم.
" ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد "

معاني المفردات.
قال في الصحاح: شريت الشيء أشريه شراء: إذا بعته وإذا اشتريته أيضا, وهو من الأضداد.
قال الله تعالى " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ " أي: يبيعها.
وقال تعالى: " وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ " أي: باعوه ا هـ ومثله في القاموس.
هذه الآية نزلت في صهيب بن سنان الرومي حين أراده المشركون على ترك الإسلام, كما رواه ابن عباس وأنس, وسعيد بن المسيب وأبو عثمان النهدي وعكرمة وجماعة غيرهم.
وذلك أنه لما أسلم بمكة وأراد الهجرة, منعه الناس أن يهاجر بماله, وإن أحب أن يتجرد منه ويهاجر: فعل.
فتخلص منهم وأعطاهم ماله, فأنزل الله فيه هذه الآية.
فتلقاه عمر بن الخطاب وجماعة, إلى طرف الحرة, فقالوا له: ربح البيع ربح البيع.
فقال: وأنتم, فلا أخسر الله تجارتكم, وما ذاك؟ فأخبروه أن الله أنزل فيه هذه الآية.
ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له " ربح البيع صهيب " .
وحدث أبو عثمان النهدي عن صهيب قال: لما أردت الهجرة من مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت لي قريش: يا صهيب, قدمت إلينا ولا مال لك, وتخرج أنت ومالك؟ والله لا يكون ذلك أبدا.
فقلت لهم: أرأيتم إن دفعت إليكم مالي تخلون عني؟ قالوا: نعم.
فدفعت إليهم مالي, فخلوا عني, فحرجت حتى قدمت المدينة.
فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ربح صهيب ربح صهيب " مرتين.
وقال حماد بن سلمة, عن علي بن يزيد, عن سعيد بن المسيب قال: أقبل صهيب مهاجرا نحو النبي صلى الله عليه وسلم, فاتبعه نفر من قريش.
فنزل عن راحلته, ونثل ما في كنانته, ثم قال: يا معشر قريش, قد علمتم أني من أرماكم رجلا.
وأنتم - والله - لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم في كنانتي, ثم أضرب بسيفي, ما بقي في يدي منه شيء ثم افعلوا ما شئتم.
وإن شئتم دللتكم على مالي وقنيتي بمكة, وخليتم سبيلي, قالوا له: نعم.
فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ربح البيع " قال: ونزلت ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد.
وأما الأكثرون, فحملوا ذلك على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله كما قال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " .
ولما حمل هشام بن عامر بين الصفين, أنكر عليه بعض الناس.
فرد عليهم عمر بن الخطاب وأبو هريرة وغيرهما, وتلوا هذه الآية.
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد ا هـ.
من تفسير ابن كثير بتصرف يسير.
" يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "

هذا أمر من الله تعالى للمؤمنين أن يدخلوا " فِي السِّلْمِ كَافَّةً " أي: في جميع شرائع الدين, ولا يتركوا منها شيئا, وأن لا يكونوا ممن اتخذ إلهه هواه, إن وافق الأمر المشروع هواه فعله, وإن خالفه, تركه.
بل الواجب, أن يكون الهوى, تبعا للدين, وأن يفعل كل ما يقدر عليه, من أفعال الخير, وما يعجز عنه, يلتزمه وينويه, فيدركه بنيته.
ولما كان الدخول في السلم كافة, لا يمكن ولا يتصور إلا بمخالفة طرق الشيطان قال: " وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ " أي: في العمل بمعاصي الله " إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ " ظاهر العداوة.
والعدو المبين, لا يأمر إلا بالسوء والفحشاء, وما به الضرر عليكم.
" فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم "

ولما كان العبد لا بد أن يقع منه خلل وزلل, قال تعالى " فَإِنْ زَلَلْتُمْ " أي أخطأتم ووقعتم في الذنوب.
" مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ " أي: على علم ويقين " فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " .
وفيه من الوعيد الشديد, والتخويف, ما يوجب ترك الزلل, فإن العزيز المقام الحكيم, إذا عصاه العاصي, قهره بقوته, وعذبه بمقتضى حكمته فإن من حكمته, تعذيب العصاة والجناة.
وهذا فيه من الوعيد الشديد والتهديد, ما تنخلع له القلوب.
" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور "

يقول تعالى: هل ينتظر الساعون في الفساد في الأرض, المتبعون لخطوات الشيطان, النابذون لأمر الله إلا يوم الجزاء بالأعمال, الذي قد حشى من الأهوال والشدائد والفظائع, ما يقلقل قلوب الظالمين, ويحيق به الجزاء السيئ على المفسدين.
وذلك أن الله تعالى يطوي السماوات والأرض, وتنتثر الكواكب, وتكور الشمس والقمر, وتنزل الملائكة الكرام, فتحيط بالخلائق, وينزل الباري تبارك وتعالى " فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ " ليفصل بين عباده بالقضاء العدل.
فتوضع الموازين, وتنشر الدواوين, وتبيض وجوه أهل السعادة وتسود وجوه أهل الشقاوة, ويتميز أهل الخير من أهل الشر.
وكل يجازى بعمله.
فهنالك يعض الظالم على يديه, إذا علم حقيقة ما هو عليه.
وهذه الآية وما أشبهها, دليل لمذهب أهل السنة والجماعة, المثبتين للصفات الاختيارية, كالاستواء, والنزول, والمجيء, ونحو ذلك من الصفات التي أخبر بها تعالى, عن نفسه, وأخبر بها عنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
فيثبتونها لمعانيها على وجه يليق بجلال الله وعظمته, من غير تشبيه ولا تحريف.
ولا تعطيل.
خلافا للمعطلة, على اختلاف أنواعهم, من الجهمية, والمعتزلة, والأشعرية ونحوهم, ممن ينفي هذه الصفات, ويتأول - لأجلها - الآيات بتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان, بل حقيقتها, القدح في بيان الله وبيان رسوله, والزعم بأن كلامهم, هو الذي تحصل به الهداية في هذا الباب.
فهؤلاء ليس معهم دليل نقلي, بل ولا دليل عقلي.
أما النقلي, فقد اعترفوا أن النصوص الواردة في الكتاب والسنة, ظاهرها, بل صريحها, دال على مذهب أهل السنة والجماعة, وأنها تحتاج لدلالتها على مذهبهم الباطل, أن تخرج عن ظاهرها ويزاد فيها وينقص.
وهذا كما ترى, لا يرتضيه من في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
وأما العقل, فليس في العقل ما يدل على نفي هذه الصفات.
بل العقل دل على أن الفاعل, أكمل من الذي لا يقدر على الفعل, وأن فعله تعالى, المتعلق بنفسه, والمتعلق بخلقه, هو كمال.
فإن زعموا أن إثباتها يدل على التشبيه بخلقه.
قيل لهم: الكلام على الصفات, يتبع الكلام على الذات.
فكما أن لله ذاتا لا تشبهها الذوات, فلله صفات لا تشبهها الصفات.
فصفاته تبع لذاته, وصفات خلقه, تبع لذواتهم, فليس في إثباتها, ما يقتضي التشبيه بوجه.
ويقال أيضا, لمن أثبت بعض الصفات, ونفى بعضا, أو أثبت الأسماء دون الصفات: إما أن تثبت الجميع كما أثبته الله لنفسه, وأثبته رسوله.
وإما أن تنفي الجميع, وتكون منكرا لرب العالمين.
وأما إثباتك بعض ذلك, ونفيك لبعضه, فهذا تناقض.
ففرق بين ما أثبته, وبين ما نفيته, ولن تجد إلى الفرق سبيلا.
فإن قلت: ما أثبته لا يقتضي تشبيها.
قال لك أهل السنة والإثبات: لما نفيته لا يقتضي تشبيها.
فإن قلت: لا أعقل من الذي نفيته إلا التشبيه.
قال لك النفاة: ونحن لا نعقل من الذي أثبته إلا التشبيه.
فما أجبت به النفاة, أجابك به أهل السنة, لما نفيته.
والحاصل أن من نفى شيئا, مما دل الكتاب والسنة على إثباته, فهو متناقض, لا يثبت له دليل شرعي ولا عقلي, بل قد خالف المعقول والمنقول.
" سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب "

بقول تعالى: " سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ " تدل على الحق, وعلى صدق الرسل, فتيقنوها وعرفوها, فلم يقوموا بشكر هذه النعمة, التي تقتضي القيام بها.
بل كفروا بها, وبدلوا نعمة الله كفرا, فلهذا استحقوا أن ينزل الله عليهم عقابه ويحرمهم من ثوابه.
وسمى الله تعالى كفر النعمة تبديلا لها, لأن من أنعم الله عليه نعمة دينية أو دنيوية, فلم يشكرها, ولم يقم بواجبها, اضمحلت عنه وذهبت, وتبدلت بالكفر والمعاصي, فصار الكفر بدل النعمة.
وأما من شكر الله تعالى, وقام بحقها, فإنها تثبت وتستمر, ويزيده الله منها.
" زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب "

يخبر تعالى أن الذين كفروا بالله وبآياته ورسله, ولم ينقادوا لشرعه, أنهم زينت لهم الحياة الدنيا.
فزينت في أعينهم وقلوبهم, فرضوا بها, واطمأنوا بها فصارت أهواؤهم وإراداتهم وأعمالهم كلها لها, فأقبلوا عليها, وأكبوا على تحصيلها, وعظموها, وعظموا من شاركهم في صنيعهم, واحتقروا المؤمنين, واستهزأوا بهم وقالوا: أهؤلاء من الله عليهم من بيننا؟ وهذا من ضعف عقولهم ونظرهم القاصر, فإن الدنيا دار ابتلاء وامتحان, وسيحصل الشقاء فيها لأهل الإيمان والكفران.
بل المؤمن في الدنيا, وإن ناله مكروه, فإنه يصبر ويحتسب, فيخفف الله عنه بإيمانه وصبره, ما لا يكون لغيره.
وإنما الشأن كل الشأن, والتفضيل الحقيقي, في الدار الباقية, فلهذا قال تعالى: " وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " فيكون المتقون في أعلى الدرجات, متمتعين بأنواع النعيم والسرور, والبهجة والحبور.
والكفار تحتهم في أسفل الدركات, معذبين بأنواع العذاب والإهانة, والشقاء السرمدي, الذي لا منتهى له.
ففي هذه الآية تسلية للمؤمنين, ونعي على الكافرين.
ولما كانت الأرزاق الدنيوية والأخروية, لا تحصل إلا بتقدير الله, ولن تنال إلا بمشيئة الله قال تعالى: " وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ " فالرزق الدنيوي, يحصل للمؤمن والكافر.
وأما رزق القلوب من العلم والإيمان, ومحبة الله, وخشيته ورجائه ونحو ذلك, فلا يعطيها إلا من يحبه.
" كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم "

أي: كان الناس مجتمعين على الكفر والضلال والشقاء, ليس لهم نور ولا إيمان.
فرحمهم الله تعالى بإرسال الرسل إليهم " مُبَشِّرِينَ " من أطاع الله بثمرات الطاعات, من الرزق, والقوة في البدن والقلب, والحياة الطيبة, وأعلى ذلك, الفوز برضوان الله والجنة.
" وَمُنْذِرِينَ " من عصى الله, بثمرات المعصية, من حرمان الرزق, والضعف, والإهانة, والحياة الضيقة, وأشد ذلك, سخط الله والنار.
" وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ " وهو الإخبارات الصادقة, والأوامر العادلة.
فكل ما اشتملت عليه الكتب الإلهية, فهو حق, يفصل بين المختلفين في الأصول والفروع.
وهذا هو الواجب عند الاختلاف والتنازع, أن يرد الاختلاف والتنازع, إلى الله وإلى رسوله.
ولولا أن في كتابه, وسنة رسوله, فصل النزاع, لما أمر بالرد إليهما.
ولما ذكر نعمته العظيمة بإنزال الكتب على أهل الكتاب, وكان هذا يقتضي اتفاقهم عليها واجتماعهم - أخبر تعالى أنهم بغى بعضهم على بعض, وحصل النزاع والخصام وكثرة الاختلاف.
فاختلفوا في الكتاب الذي ينبغي أن يكونوا أولى الناس بالاجتماع عليه, وذلك من بعد ما علموه وتيقنوه بالآيات البينات, والأدلة القاطعات, وضلوا بذلك ضلالا بعيدا.
" فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا " من هذه الأمة " لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ " فكل ما اختلف فيه أهل الكتاب, وأخطأوا فيه الحق والصواب, هدى الله للحق فيه هذه الأمة " بِإِذْنِهِ " تعالى وتيسيره لهم ورحمته.
" وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " .
فعم الخلق تعالى, بالدعوة إلى الصراط المستقيم, عدلا منه تعالى, وإقامة حجة على الخلق, لئلا يقولوا " ما جاءنا من بشير ولا نذير " .
وهدى - بفضله ورحمته, وإعانته ولطفه - من شاء من عباده.
فهذا فضله وإحسانه, وذاك عدله وحكمته, تبارك وتعالى.
" أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب "

يخبر تبارك وتعالى, أنه لا بد أن يمتحن عبادة بالسراء والضراء والمشقة كما فعل بمن قبلهم, فهي سنته الجارية, التي لا تتغير ولا تتبدل, أن من قام بدينه وشرعه, لا بد أن يبتليه.
فإن صبر على أمر الله, ولم يبال بالمكاره الواقعة في سبيله, فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كما لها, ومن السيادة آلتها.
ومن جعل فتنة الناس كعذاب الله, بأن صدته المكاره عما هو بصدده وثنته المحن عن مقصده, فهو الكاذب في دعوى الإيمان.
فإنه ليس الإيمان بالتحلي والتمني, ومجرد الدعاوي, حتى تصدقه الأعمال أو تكذبه.
فقد جرى على الأمم الأقدمين ما ذكر الله عنهم " مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ " أي: الفقر والأمراض في أبدانهم.
" وَزُلْزِلُوا " بأنواع المخاوف من التهديد بالقتل, والنفي, وأخذ الأموال, وقتل الأحبة, وأنواع المضار حتى وصلت بهم الحال, وآل بهم الزلزال, إلى أن استبطأوا نصر الله مع يقينهم به.
ولكن لشدة الأمر وضيقه " يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ " .
فلما كان الفرج عند الشدة, وكلما ضاق الأمر اتسع.
قال تعالى: " أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ " فهكذا كل من قام بالحق فإنه يمتحن.
فكلما اشتدت عليه وصعبت - إذا صابر وثابر على ما هو عليه - انقلبت المحنة في حقه منحة, والمشقات راحات, وأعقبه ذلك, الانتصار على الأعداء وشفاء ما في قلبه من الداء.
وهذه الآية نظير قوله تعالى " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ " .
وقوله تعالى " الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ " فعند الامتحان, يكرم المرء أو يهان.
" يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم "

أي: يسألونك عن النفقة, وهذا يعم السؤال عن المنفق والمنفق عليه.
فأجابهم عنها فقال: " قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ " أي: مال قليل أو كثير, فأولى الناس به, وأحقهم بالتقديم, أعظمهم حقا عليك, وهم الوالدان الواجب برهما, والمحرم عقوقهما.
ومن أعظم برهما, النفقة عليهما, ومن أعظم العقوق, ترك الإنفاق عليهما.
ولهذا كانت النفقة عليهما واجبة, على الولد الموسر.
ومن بعد الوالدين, الأقربون, على اختلاف طبقاتهم, الأقرب فالأقرب, على حسب القرب والحاجة, فالإنفاق عليه صدقة وصلة.
" وَالْيَتَامَى " وهم الصغار الذين لا كاسب لهم, فهم في مظنة الحاجة, لعدم قيامهم بمصالح أنفسهم, وفقد الكاسب, فوصى الله بهم العباد, رحمة منه بهم ولطفا.
" وَالْمَسَاكِينِ " وهم أهل الحاجات, وأرباب الضرورات الذين أسكنتهم الحاجة, فينفق عليهم, لدفع حاجاتهم وإغنائهم.
" وَابْنَ السَّبِيلِ " أي: الغريب المنقطع به في غير بلده, فيعان على سفره بالنفقة, التي توصله إلى مقصده.
ولما خصص الله تعالى هؤلاء الأصناف, لشدة الحاجة, عمم تعالى فقال: " وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ " من صدقة على هؤلاء وغيرهم, بل ومن جميع أنواع الطاعات والقربات, لأنها تدخل في اسم الخير.
" فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ " فيجازيكم عليه, ويحفظه لكم, كل على حسب نيته وإخلاصه, وكثرة نفقته وقلتها, وشدة الحاجة إليها, وعظم وقعها ونفعها.
" كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون "

هذه الآية, فيها فرض القتال في سبيل الله, بعد ما كان المؤمنون مأمورين بتركه, لضعفهم, وعدم احتمالهم لذلك.
فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة, وكثر المسلون, وقووا أمرهم الله تعالى بالقتال.
وأخبر أنه مكروه للنفوس, لما فيه من التعب والمشقة, وحصول أنواع المخاوف والتعرض للمتالف.
ومع هذا, فهو خير محض, لما فيه من الثواب العظيم, والتحرز من العقاب الأليم, والنصر على الأعداء والظفر بالغنائم, وغير ذلك, مما هو مرب, على ما فيه من الكراهة.
و " وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ " وذلك مثل القعود عن الجهاد لطلب الراحة, فإنه شر, لأنه يعقب الخذلان, وتسلط الأعداء على الإسلام وأهله, وحصول الذل والهوان, وفوات الأجر العظيم وحصول العقاب.
وهذه الآيات, عامة مطردة, في أن أفعال الخير التي تكرهها النفوس - لما تتوهمه فيها من الراحة واللذة - فهي شر, بلا شك.
وأما أحوال الدنيا, فليس الأمر مطردا, ولكن الغالب على العبد المؤمن, أنه إذا أحب أمرا من الأمور, فقيض الله له من الأسباب ما يصرفه عنه أنه خير له, فالأوفق له في ذلك, أن يشكر الله, ويعتقد الخير في الواقع, لأنه يعلم أن الله تعالى أرحم بالعبد من نفسه, وأقدر على مصلحة عبده منه, وأعلم بمصلحته منه كما قال تعالى " وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " .
فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره, سواء سرتكم أو ساءتكم.
" يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "

ولما كان الأمر بالقتال, لو لم يقيد, لشمل الأشهر الحرم وغيرها, استثنى تعالى, القتال في الأشهر الحرم فقال: " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ " الآية.
الجمهور على أن تحريم القتال في الأشهر الحرم, منسوخ بالأمر بقتال المشركين حيثما وجدوا.
وقال بعض المفسرين: إنه لم ينسخ, لأن المطلق محمول على المقيد.
وهذه الآية مقيدة, لعموم الأمر بالقتال مطلقا.
ولأن من جملة مزية الأشهر الحرم: بل أكبر مزاياها, تحريم القتال فيها, وهذا إنما هو في قتال الابتداء.
وأما قتال الدفع فإنه يجوز في الأشهر الحرم, كما يجوز في البلد الحرام.
ولما كانت هذه الآية نازلة بسبب ما حصل, لسرية عبد الله بن جحش, وقتلهم عمرو بن الحضرمي, وأخذهم أموالهم, وكان ذلك - على ما قيل في شهر رجب - عيرهم المشركون بالقتال بالأشهر الحرم, وكانوا في تعييرهم ظالمين, إذ فيهم من القبائح, ما بعضه أعظم مما عيروا به المسلمين, قال تعالى في بيان ما فيهم.
" وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " أي: صد المشركين من يريد الإيمان بالله وبرسوله, وفتنتهم من آمن به, وسعيهم في ردهم عن دينهم, وكفرهم الحاصل في الشهر الحرام, والبلد الحرام, الذي هو بمجرده, كاف في الشر.
فكيف, وقد كان في شهر حرام وبلد حرام؟!!.
" وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ " أي: أهل المسجد الحرام, وهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, لأنهم أحق به من المشركين, وهم عماره على الحقيقة, فأخرجوهم " مِنْهُ " ولم يمكنوهم من الوصول إليه, مع أن هذا البيت, سواء العاكف فيه والباد.
فهذه الأمور كل واحد منها " أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ " في الشهر الحرام, فكيف وقد اجتمعت فيهم؟! فعلم أنهم فسقة ظلمة, في تعييرهم المؤمنين.
ثم أخبر تعالى أنهم لن يزالوا يقاتلون المؤمنين.
وليس غرضهم في أموالهم وقتلهم, وإنما غرضهم أن يرجعوهم عن دينهم, ويكونوا كفارا بعد إيمانهم حتى يكونوا من أصحاب السعير.
فهم باذلون قدرتهم في ذلك, ساعون بما أمكنهم, ويأبى الله إلا أن يتم نوره, ولو كره الكافرون.
وهذا الوصف, عام لكل الكفار, لا يزالون يقاتلون غيرهم, حتى يردوهم عن دينهم.
وخصوصا, أهل الكتاب, من اليهود والنصارى, ألفوا الجمعيات, ونشروا الدعاة, وبثوا الأطباء, وبنوا المدارس, لجذب الأمم إلى دينهم, وإدخالهم عليهم, كل ما يمكنهم من الشبه, التي تشككهم في دينهم.
ولكن المرجو من الله تعالى, الذي من على المؤمنين بالإسلام, واختار لهم دينه القيم, وأكمل لهم دينه - أن يتم عليهم نعمته بالقيام به أتم قيام, وأن يخذل كل من أراد أن يطفئ نوره, ويجعل كيدهم في نحورهم, وينصر دينه, ويعلى كلمته.
وتكون هذه الآية صادقة على هؤلاء الموجودين من الكفار, كما صدقت على من قبلهم.
" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ " .
ثم أخبر تعالى أن من ارتد عن الإسلام, بأن اختار عليه الكفر واستمر على ذلك حتى مات كافرا.
" فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " لعدم وجود شرطها, وهو الإسلام.
" وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " .
ودلت الآية بمفهومها, أن من ارتد ثم عاد إلى الإسلام, أنه يرجع إليه عمله.
وكذلك من تاب من المعاصي, فإنها تعود إليه أعماله المتقدمة.
" إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم "

هذه الأعمال الثلاثة, هي عنوان السعادة وقطب رحى العبودية, وبها يعرف ما مع الإنسان, من الربح والخسران.
فأما الإيمان, فلا تسأل عن فضيلته, وكيف تسأل عن شيء هو الفاصل بين أهل السعادة وأهل الشقاوة, وأهل الجنة من أهل النار؟ وهو الذي إذا كان مع العبد, قبلت أعمال الخير منه, وإذا عدم منه, لم يقبل له صرف ولا عدل, ولا فرض, ولا نفل.
وأما الهجرة, فهي مفارقة المحبوب المألوف, لرضا الله تعالى.
فيترك المهاجر وطنه, وأمواله, وأهله, وخلانه, تقربا إلى الله ونصرة لدينه.
وأما الجهاد, فهو بذل الجهد في مقارعة الأعداء, والسعي التام, في نصرة دين الله, وقمع دين الشيطان.
وهو ذروة الأعمال الصالحة, وجزاؤه, أفضل الجزاء.
وهو السبب الأكبر, لتوسيع دائرة الإسلام وخذلان عباد الأصنام, وأمن المسلمين.
على أنفسهم وأموالهم وأولادهم.
فمن قام بهذه الأعمال الثلاثة - على لأوائها ومشقتها - كان لغيرها أشد قياما به وتكميلا.
فحقيق بهؤلاء, أن يكونوا هم الراجين رحمة الله, لأنهم أتوا بالسبب الموجب للرحمة.
وفي هذا دليل على أن الرجاء, لا يكون إلا بعد القيام بأسباب السعادة.
وأما الرجاء المقارن للكسل, وعدم القيام بالأسباب, فهذا عجز وتمن وغرور.
وهو دال على ضعف همة صاحبه, ونقص عقله, بمنزلة من يرجو وجود الولد بلا نكاح, ووجود الغلة بلا بذر, وسقي, ونحو ذلك.
وفي قوله " أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ " إشارة إلى أن العبد - ولو أتى من الأعمال بما أتى به - لا ينبغي له أن يعتمد عليها, ويعول عليها, بل يرجو رحمة ربه, ويرجو قبول أعماله ومغفرة ذنوبه, وستر عيوبه.
ولهذا قال " وَاللَّهُ غَفُورٌ " أي: لمن تاب توبة نصوحا " رَحِيمٌ " وسعت رحمته كل شيء, وعم جوده وإحسانه, كل حي.
وفي هذا دليل على أن من قام بهذه الأعمال المذكورة, حصل له مغفرة الله, إذ " الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ " وحصلت له رحمة الله.
وإذا حصلت له المغفرة, اندفعت عنه عقوبات الدنيا والآخرة.
التي هي آثار الذنوب, التي قد غفرت واضمحلت آثارها.
وإذا حصلت له الرحمة, حصل على كل خير في الدنيا والآخرة.
بل أعمالهم المذكورة من رحمة الله بهم, فلولا توفيقه إياهم, لم يريدوها, ولولا إقدارهم عليها, لم يقدروا عليها, ولولا إحسانه لم يتمها ويقبلها منهم.
فله الفضل, أولا وآخرا, وهر الذي من بالسبب والمسبب.
" يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون "

ثم قال تعالى " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ " الآية أي يسألك - يا أيها الرسول - المؤمنون عن أحكام الخمر والميسر, وقد كانا مستعملين في الجاهلية وأول الإسلام, فكأنه وقع فيهما إشكال فلهذا سألوا عن حكمهما.
فأمر الله تعالى نبيه, أن يبين لهم منافعهما ومضارهما, ليكون ذلك مقدمة لتحريمهما, وتحتيم تركهما.
فأخبر أن إثمهما ومضارهما, وما يصدر عنهما, من ذهاب العقل والمال, والصد عن ذكر الله, وعن الصلاة, والعداوة, والبغضاء - أكبر مما يظنونه من نفعهما, من كسب المال بالتجارة بالخمر, وتحصيله بالقمار والطرب للنفوس, عند تعاطيهما.
وكان هذا البيان زاجرا للنفوس عنهما, لأن العاقل يرجح ما ترجحت مصلحته, ويجتنب ما ترجحت مضرته.
ولكن لما كانوا قد ألفوهما, وصعب التحتيم بتركهما أول وهلة, قدم هذه الآية, مقدمة للتحريم, الذي ذكره في قوله.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ " .
إلى قوله " فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ " وهذا من لطفه ورحمته وحكمته.
ولهذا لما نزلت, قال عمر " 1: انتهينا انتهينا.
فأما الخمر, فهو كل مسكر خامر العقل وغطاه, من أي نوع كان.
وأما الميسر, فهو كل المغالبات التي يكون فيها عوض من الطرفين, من النرد, والشطرنج, وكل مغالبة قولية أو فعلية, تعوض بعوض, سوى مسابقة الخيل, والإبل, والسهام, فإنها مباحة, لكونها معينة على الجهاد, فرخص فيها الشارع.
وهذا سؤال عن مقدار ما ينفقونه من أموالهم.
فيسر الله لهم الأمر, وأمرهم أن ينفقوا العفو, وهو المتيسر من أموالهم, الذي لا تتعلق به حاجتهم وضرورتهم.
وهذا يرجع إلى كل أحد بحسبه, من غني وفقير ومتوسط, كل له قدرة على إنفاق ما عفا من ماله, ولو شق تمرة.
ولهذا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم, أن يأخذ العفو من أخلاق الناس وصدقاتهم, ولا يكلفهم ما يشق عليهم.
ذلك بأن الله تعالى لم يأمرنا بما أمرنا به حاجة منه لنا, أو تكليفا لنا بما يشق.
بل أمرنا بما فيه سعادتنا, وما يسهل علينا, وما به النفع لنا ولإخواننا فيستحق على ذلك, أتم الحمد.
ولما بين تعالى هذا البيان الشافي, وأطلع العباد على أسرار شرعه قال: " كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ " أي: الدالات على الحق, المحصلات للعلم النافع والفرقان.
" لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " أي: لكي تستعملوا أفكاركم في أسرار شرعه, وتعرفوا أن أوامره, فيها مصالح الدنيا والآخرة.
وأيضا لكي تتفكروا في الدنيا وسرعة انقضائها, وفي الآخرة وبقائها, وأنها دار الجزاء فتعمروها.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 30 Aug 2010, 01:56 AM [ 3 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Oct 2008
رقم العضوية : 11616
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة
مواضيع : 189
الردود : 3485
مجموع المشاركات : 3,674
معدل التقييم : 1079متأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud ofمتأمل has much to be proud of

متأمل غير متصل


رد: حملة حفظ سورة البقرة ..(7)


جزاك الله خيرا ،
بوركت الجهود .


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 30 Aug 2010, 05:26 PM [ 4 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2009
رقم العضوية : 18406
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة
مواضيع : 392
الردود : 4736
مجموع المشاركات : 5,128
معدل التقييم : 25وافي الشدادي is on a distinguished road

وافي الشدادي غير متصل


رد: حملة حفظ سورة البقرة ..(7)


جزاك الله خير
اختي خشوف وبارك في مجهوداتك


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 31 Aug 2010, 07:19 AM [ 5 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Nov 2009
رقم العضوية : 22437
الإقامة : saudi arabia
الهواية : .
مواضيع : 420
الردود : 16118
مجموع المشاركات : 16,538
معدل التقييم : 149السديم will become famous soon enoughالسديم will become famous soon enough

السديم غير متصل


رد: حملة حفظ سورة البقرة ..(7)


^
^

جزاك الله الف خير والله يبارك فيك ...


الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حملة حفظ سورة البقرة ..(6) خشوف الشدادي المنتدى الاسلامي 2 22 Aug 2010 04:10 AM
حملة حفظ سورة البقرة ..(5) خشوف الشدادي المنتدى الاسلامي 10 22 Aug 2010 02:55 AM
حملة حفظ سورة البقرة ..(4) خشوف الشدادي المنتدى الاسلامي 6 07 Aug 2010 07:38 PM
حملة حفظ سورة البقرة ..(3) خشوف الشدادي المنتدى الاسلامي 7 27 Jul 2010 09:50 AM
حملة حفظ سورة البقرة ..(2) خشوف الشدادي المنتدى الاسلامي 2 16 Jul 2010 07:05 PM
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

07:17 AM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com