|
|||||||||||||||||
خبيب بن عدي
بسم الله الرحمن الرحيم
( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) (البقرة : 207) . حديثنا عن شاب من شباب الإسلام تخرج في مدرسة النبوة ونهل من معين القرآن الكريم فامتلأ قلبه إيمانا خالط لحمه ودمه ، إنه أحد الشباب الستة الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقوموا بالتعليم والتوجيه وليفقهون الناس في دين الله ويقرئونهم القرآن ويعلمونهم أحكام شريعة الإسلام . إنه خبيب بن عدي سادس خمسة ذهبوا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع وفد قدموا عليه وقالوا : يا رسول الله إن فينا إسلاما فابعث نفرا من أصحابك معنا يقرئوننا القرآن ويعلموننا أمور الدين ، فأرسل معهم وفدا فيهم خبيب بن عدي حتى إذا كانوا على ماء الرجيع ماء لهذيل غدروا بخبيب وصحبه فاستصرخوا عليهم هذيلا فأخذ خبيب وأصحابه سيوفهم وقاموا للدفاع عن أنفسهم وقتال هؤلاء الغادرين فقالوا لهم : إنا والله ما نريد قتالكم ولكن نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة ولكم عهد الله وميثاقه لا نقتلكم . فمن هؤلاء الستة الأفاضل من لم يقبل من المشركين عهدا ولا ميثاقا فقاتل حتى قتل ، والبعض الآخر قبلوا العهد فأسرهم القوم ثم خرجوا بهم إلى مكة وفيهم خبيب فاشتراه حجير بن أبي إهاب التميمي ليقتله بدلا من أحد أقربائه الذين قتلهم المسلمون في غزوة بدر . سار المشركون بخبيب الشاب المؤمن بالله وبرسوله ليقتلوه أو يرجع عن دينه( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ )(البروج : 8) ووصلوا إلى التنعيم خارج الحرم وسار معهم خبيب وهو يعلم مصيره ولكنه لا يبالي بما يصيبه في سبيل الله لأنه على حق وما قتلهم له وتعذيبهم إياه إلا من أجل دينه وعقيدته لأنه متيقن أن مصيره بعد قتلهم له إلى جنة الخلد والرضوان ليعيش حياة أبدية كريمة ، لتخرج روحه الطاهرة إلى ربها راضية مرضية وقبل أن تمتد إليه أيدي الرجس والطغيان تلك الأيدي الآثمة الحاقدة على الإسلام وأهله قال لهم : إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا ، قالوا : دونك فاركع ركعتين فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما . حلقت روحه في أثنائهما إلى السماء وعاش تلك اللحظات بكل جوارحه مع ربه وخالقه شأنه شأن كل مؤمن صادق في إيمانه يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه . لقد شعر خبيب بن عدي في ذلك الوقت الذي يسبق قتله شعر بالعزة والعلو وسمو الروح وأن ما سيفعله به أعداؤه من قتل يؤدي به إلى مغادرة الحياة إنما هو قليل بالنسبة إلى ثباته وتمسكه بعقيدته وقليل أيضا بالنسبة لما سيحصل له من الأجر والثواب والرضوان وهذه الروح التي ستخرج برماح أولئك الطغاة إنما هي ثمن للفوز الكبير ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) (البقرة : 207) ثم بعد أن فرغ من الصلاة أقبل على القوم وقال : أما والله لولا أن تظنوا أني إنما أطلت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة فكان بهذا أول من سن صلاة ركعتين قبل القتل ، ثم رفعوه على خشبة فلما أوثقوه التفت عليهم وقال : اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا ، ثم قال : اللهم أحصهم عددا وأقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا ، قال هذا الدعاء وقد أحاط به ما يقرب من أربعين رجلا من المشركين حملوا رماحهم بأيديهم واستعدوا للانقضاض على ذلك الجسد الطاهر المؤمن ليمزقوه إربا إربا ليشفوا غليلهم وليأخذوا بثأر آبائهم وقتلاهم . إنهم يسمعون أصواتا تردد هذا الذي قتل آباءكم في غزوة بدر ، لقد قتل خبيب ورضي بذلك بشرط ألا يرجع عن دين الإسلام خرجت روحه المؤمنة ولسانه يردد : وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع وقد خيروني الكفر والموت دونه وقد هملت عيناي من غير مجزع فوالله ما أرجو إذا مت مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي فلست بمبد للعدو تخشعا ولا جزعا إني إلى الله مرجعي لقد كانت الرماح الآثمة تتناول جسمه وتمزق لحمه وهو يردد كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله فرحم الله خبيبا ورضي عنه وعن أصحابه الذين ضربوا المثل الأعلى في التضحية والفداء الذين قامت دعوة الإسلام على أكتافهم والذين كانوا نوعا فريدا في هذه الحياة والذين قال الله فيهم( مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (الأحزاب : 23) . وقال حسان بن ثابت يرثي خبيبا ما بال عينك لا ترقا مدامعها * سحا على الصدر مثل اللؤلؤ الفلق على خبيب فتى الفتيان قد علموا * لا فشل حين تلقاه ولا نزق فاذهب خبيب جزاك الله طبية * وجنة الخلد عند الحور في الرفق ماذا تقولون إن قال النبي لكم * حين الملائكة الابرار في الافق فيم قتلتم شهيد الله في رجل * طاغ قد اوعث في البلدان والرفق نسأله سبحانه أن يسلك بنا طريق أولئك الأخيار. ________________________
|
16 Nov 2008, 01:26 AM | [ 2 ] | ||||||||
عضو متميز
|
لا إله إلا الله محمد رسول الله اللهم اميـــــن جزاكِ الله خير وكتبها الله بميزان حسناتك ونفعنا بما قرأنا شكري وتقديري |
||||||||
19 Nov 2008, 04:28 PM | [ 3 ] | |||||||
عضو متميز
|
الله يعطيك العافيه اخوي وبارك الله فيك
وجعلها الله في موازين حسناتك تحياتي |
|||||||
19 Nov 2008, 05:40 PM | [ 4 ] | ||||||||
كلامه يقوطر عسل
|
جزاك الله خير يا أبو عبدالرحمن وبارك الله فيك والله يعطيك العافيه |
||||||||
27 Nov 2008, 01:06 PM | [ 5 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
نائب المشرف العام
|
أبو عبدالرحمن جزاك الله خير وجعل ما كتبت في موازين حسناتك ونفعنا الله بما نقرأ ونكتب أولئك رجال ذهبوا كان عز الدين هو عزهم بعكس الرويبضة اليوم فعز الإلحاد وأهل الكفر عز لهم دمت بحفظ الرحمن أبو حسام |
||||||||||||||||||||||||||||
27 Nov 2008, 01:27 PM | [ 6 ] | ||||||||
مراقب عام
|
الله يعطيك العافيه اخوي وبارك الله فيك وجعلها الله في موازين حسناتك تحياتي خيال الشدادين |
||||||||
11 Dec 2008, 11:53 PM | [ 7 ] | |||||||
عضو متألق
|
الله يعطيكم العافيه ................... |
|||||||
12 Dec 2008, 02:01 PM | [ 8 ] | |||||||
عضو متميز
|
اللهم امين اخوي طلال سيرة رائعه لمن تعلم في مدرسة النبوة ولاهنت وجزاك الله خيرا |
|||||||
15 Dec 2008, 04:27 AM | [ 9 ] | ||||||||
شاعر
|
الله يجزاك خير ويجعلها في موازين حسناتك تحياتي |
||||||||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
خبيث النفس | بلنتي | بحور القوافي | 6 | 16 Feb 2009 12:52 AM |
حبيت أسلم . | الحائلي | قصائد مختارة | 6 | 11 Feb 2009 09:08 PM |
حبيب الروح | ريم الصحراء | قصائد مختارة | 14 | 02 Nov 2008 02:22 AM |
لمن يبحث عن السعادة | صمـت الـحروف | القسم العام | 13 | 21 Oct 2008 09:11 PM |
لغز سهل يبحث عن حل فقط | ريم الصحراء | المحاورة والألغاز الشعرية | 24 | 24 Aug 2008 12:46 AM |
|