آخر 10 مشاركات |
مختارات | يجب على الإنسان أن يحلم بالنجوم، ولكن يجب ألا ينسى أن رجليه على الأرض |
مواضيع ننصح بقراءتها |
|
|||||||||||||||||
سيد الخدير
الفصل الأول 1 - حديث القلب في القطار الذي آنطلق من محطة اليوسفية ,متوجها نحو مدينة أسفي حوالي الساعة السابعة وخمسة وأربعين دقيقة , كنت من بين المسافرين برفقة زوجتي وإبني ياسين , الذي لازال في السنة الأولى من عمره في داخل حجر ة صغيرة من حجرات العربة التي تشتمل على مقعدين متقابلين , تجلس أم ياسين على واحد وهي تحضن إبنها بين ذراعيها وأنا أجلس في الآخر المقابل لها , كانت الحجرة مكيفة والمقاعد مريحة , مما جعل أم يا سين تتنفس الصعداء وتضع ولدها بجانبها وتقول : ) الحمد لله ... الحمد لله ... ( . كنت أراقب كل حركاتها وحركات إبني الذي كان يمد يديه إلى الأعلى ليضرب المرآة التي في الخلف , وقد ركزت عيني نحوه بكل حذر خشية أ ن يسقط من أعلى المقعد , لأن أم ياسين مشغولة بحالها لا تنتبه له وهي تسترجع أنفاسها بعد الطريق التي قطعت على رجليها من المنزل إلى المحطة وهي حامل وتحمل ياسين على ضهرها . بينما نحن كذلك إ ذ دخل علينا مراقب التذاكر ومساعده وهما يرتديان زيهما الرسمي ثم قال : ) التذاكر من فضلكم .( أخرجت من جيبي تذكرتين وقدمتهما له : ) تفضل سيدي أنا وزوجتي من اليوسفية إلى محطة الزعاكنة . ( أخد التذاكر وأخرج من محفظته مثقب وثقب التذاكر ثم أعادها إلي . : ) شكرا سيدي و انتبه جيدا واستعد فأول محطة يقف فيها القطار هي محطة الزعاكنة ( . ثم غادرنا لينتقل إلى الحجرة الموالية , في الوقت الذي كانت فيه زوجتي مشتغلة بولدها الذي كان يشد بيديه الصغيرتين على أطراف نقابها فيزيله عن وجهها ,وكلما أعادته ينتظر قليلا ثم يزيله عنها وهو يبتسم ويضحك غير مكثرة بتهديدات أمه التي قد أعياها وبلغ الغضب منها مبلغه ونفذ صبرها . فلم تكن بخيلة لتصفع ياسين على قفاه صفعة غيرت ملامح وجهه وبدأ يبكي ويصرخ من شدة الألم وهو ينظر إلي نظرة المستغيث و يردد كلمته المحبوبة : ) باه باه باه ( ويمد يد يه نحوي يريد أن يتخلص من حجر أمه , فأخذته منها وقربته من نافدة العربة , تارة يلتفت نحوي ويبتسم وتارة يلتفت نحو أمه وهو غضبان يدمدم .) أموه أموه ... أموه ... ( وكأنه يشتم ويلعن من أعماقه . لم تمضي إ لى دقائق معدودة حتى سمعنا صفير القطار ’ في الوقت الذي لاحظت فيه زوجتي وهي تستعد للوقوف من مقعدها وهي ترتب كل ما بعثر ياسين من هندامها خصوصا نقابها وجلبا بها , ثم أومأ ت برأسها من النافد ة تريد أن تنظر شيئما أو علامة تدل على قرب القطار من محطة ا لزعا كنة ثم آقتربت شيئا فشيئا من النافدة وأخرجت من حقيبتها منديلا وبدأت تمسح الزجاج لعلها تر شيئا . فعلمت أن أم ياسين تتعب نفسها لأن الليل أسدل سجوفه فلم يبق ير شيئا إ لا الأ شباح . ثم إ لتفتت نحوي وقالت : ) لم أرى شيئا هيا أسرع ساعدني , أنزل الحقائب من أعلى الرف كي نقترب من الباب المجاور للحجرة القريبة من حجرتنا .( أنزلنا ا لحقائب وآ قتربنا من الباب ننتظر وقوف القطار, وفجأة بدأ القطار ينقص من سرعته شيئا فشيئا و أصوات الفرامل تتعالى وبغتة وقف , ومن شدة قوة الفرامل كادت أم ياسين أن تسقط لولا أني أمسكت بكاهلها , ثم فتحت الباب وقلت لها . أ نزلي على مهلك ( . كان الليل شديد السواد لا تكاد تر الذي أمامك لولا أشعة أضواء العربة , في هذه اللحظة أردت أن أنزل الحقائب لتأ خدهم مني أم ياسين وتضعهم بجانبها حتى أنزل في أقصر وقت لأن القطار لايقف أكثر من دقائق معدودة , ففو جئت ببعض الشباب لم يتركو زوجتي تأخد الحقائب وأخدوها مني وساعدوني حتى نزلت فشكرت لهم الجميل , ثم تركت أم ياسين وحدها لأشق خيوط هذا الظلام الدامس وأ بحث عن عربة تنقلنا إ لى دوار أولاد لفقيه ’ فما هي إ لى خطوات قليلة حتى عدت وبصحبتي عربة يجرها بغل صاحبها رجل أ عرفه مند زمان بعيد و يسكن في الدوار المجاور لنا ’ وكان صديقا لأبي رحمة الله عليه , لكن ملامحه قد تغيرت وتجعد وجهه و انحنى ظهره , يرتدي ثيابا رثة تشهد على مدى فاقته واحتياجه لم أعرفه إ لى بعد أن قال لي : ) ألست أنت أحمد ولد خالي محمد بن سي علي .... ( قلت : ) هل تعرفني سيدي .( _ : ) نعم وأ عرف جدك سي علي بن حمزة الفقيه , أنا عبد الرحمان ولد عمر من خيام عمر ... ( فنظرت إ ليه نظرة متعجب , ومتأسف على حالته المزرية , بعد الغنى والعيش الرغيد . _ ولد خالتي السحيمية , من خيام عمر عبد الرحمان ما شاء الله ...( _ : ) هذا هو عبد الرحمان الذي كان يدخلك الجنان ويجني لك الباكور من الكرم ويخيرك في عين الحجلة والكحولية .... ( _ : ) سبحان الله الأ يام تجري بسرعة غير عاد ية ..( وصلنا أمام أم ياسين التي كانت تنتظرني وهي مرتبكة في هذا الظلام الدامس فأ راد الرجل أن يحمل الحقائب فوق العربة فقلت : ) زوجتي رشيدة بنت سي العيا شي ولد سي سلام ..( _ سبحان الله , تبارك الله , مرحبا للا رشيدة ..( أم ياسين أمعنت في الرجل فعرفته لأنه كان صديق أبيها . حينها لم تتردد لتسلم على الرجل سلاما يتخلله الحياء والحشمة , حيث قبلت يديه ثم تأخرت إلى الوراء خجولة فرد بدوره وقد أبعد يده عنها كرامة واحتراما ثم قال بصوت خافت : ) سيري الله يرضى عليك ويصلحك ...( ثم انحنى على الأمتعة وبدأ ينقل إلي العربة , وأم ياسين حملت إ بنها وركبت في مقدمة العربة , بينما كنت أساعد الرجل وأرتب معه الحقائب في مؤخرة العربة , فأ خدتني ألتفاتة نحو هذه المحطة التي كانت يوما من الأيام يأوي إليها أ بناء الدوار والمسافري لتقيهم من تقلبات الطقس حتى يأ تي القطار . واليوم أصبحت أحجارا متراكمة , فذكرتني بماض جميل لازال يحضرني بكل دفئه وحلا وته ولحظاته الممتعة حين كنا نأتي بصحبة أبي رحمة الله عليه , كل عطلة صيفية , لم أنس تلك الأيام الجميلة والشيقة , لم أنس الفرحة التي كانت تغمرنا ونحن ننزل من القطار فنجد ابن عمتي ينتظرنا ومعه حمارين لنقلنا إلى الدوار . وأجمل عطلة لازلت أذكرها كانت في الستينات وكانت أمي حينها حامل وتخشى ركوب الحمير , لكن أبي كان يرغم عليها الركوب لأنها حامل وتحمل على ظهرها أختي نعيمة , فتركب بعد حوار طويل وهي ترتجف لكنه كان يخفف من شدة روعها , ويؤنسها ببعض أخبار البادية . أما أنا وأخي إدريس فكنا نتسابق لنركب على الجحش الذي كان يفر منا بعيدا و نحن نحاول القبض عليه دون جدوى حتى وصلنا إلى الدوار وقد أنهكنا التعب وأنفاسنا تتصاعد والعرق يتصبب من جبيننا ومع ذلك كنا نشعر بمتعة ونشاط منقطع النظير , صد قوني أنه كان السفر إلى البادية حلو وجميل والجو صحي منعش ...هكذا طالت غيبوبتي لم أنتبه إلا بعد كلمة زوجتي : )) سبحان الله ....سبحان الله ... سبحان الله ...هل أنت معانا أم مرفوع ...(( _) نعم سيدتي حاضر ...حاضر ... هل اقتربنا من الدوار أم ما ذا ...(( زوجتي ذكية جدا لاتجيب على كــــل أسئلتـــــي بل حملقت في وجهي ثم صدت وجهـها عني غير حافلة بما قلت , وما استوعبت أنفاسي حتى سمعت نباح الكلاب وضهر شبح جنان سي عمر . فلم تتراجع أم ياسين لتحذرني وكأ ن خطرا محدقا بنا لا محالة وقد اقترب لتقول بصوت منفعل وقوي - ) ا نتبه يا رجل حداري من الكلاب ارفع رجليك بعيدا عن الأرض حتى لاتمزق ثوبك ولحمك إن ......(( ومن شدة الهول الذي أصابني , قفزت الى أعلى العربة وشعرت بقشعريرة سرت في جسمي وتبللت جبهتي بعرق بارد كدت أقع مغشيا علي لولا أني تمالكت نفسي وأخدت حبلا كان فوق العربة وبدأت أ خوف الكلاب الأربعة التي تريد الفتك بنا , كنت أنا في هم وغم يعلمه الله بينما كانت أم ياسين تضم ابنها إلى صدرها وقد اشتد ضحكها لولا النقاب الذي كان يستر حجم هذا الضحك ومدى سخريتها , لأنها كانت ستكون الضحية لولا أني نزلت في الطريق لألتقط عصا الحوذي التي سقطت من يديه فلما عدت جلست مكانها , فكان ما كان من أمر الكلاب الشرسة , بعد ذلك انصرفت الكلاب وشعرنا ببعض الطمانينة والأمن , كل ذلك وقع وياسين يغط في نومه , وعبد الرحمان يضرب بغله ضربا مبرحا بعدما عثربناو كاد يسقطنا من فوق العربة وكلما توقف على المشي يضربه ضربا موجعا ويلعن جده وأعمامه ويردد ) أر ....أر... أر...أر سير ..ألكروش ...(( لم يبق الجو يسوده الهدوء بل زادت الكلاب في نباحها وخصوصا حين اقتربنا من أول منزل في الدوار , حيث هرع بعض الصبية حولنا يتطلعون إلى وجوهنا يريدون التعرف علينا , كما كانت تراقبنا بعض النسوة إ حداهن تحمل قنديلا تضيء لهن الطريق وقد همست في أ دن إحداهن : )) عرفتي من هم ... رشيدة ورجلها ولد خالي محمد ولد سي علي ...(( فهمست بدوري في أذن زوجتي _: )) أتسمعين ما أسمع , كأنهن يحملن كاميرات خفية .(( _ : )) نعم وأعرف المرأة جيدا , انها بنت سي المختار أ شهر امرأة في نقل الأخبار والثرثرة ..(( داست عجلة العربة فوق حجرة ضخمة لم ينتبه لها عبد الرحمان فاهتزت العربة ثم نزلت , استيقظ على إثرها ابني منزعجا وبدأ يصرخ ويبكي وذلك عندما قفزت رشيدة من شدة الصدمة ثم قالت ) الله يرزق السلامة ومن شرها عين ... (( _) العني الشيطان المؤمن لا يتطير ويؤمن بالقدر خيره وشره ... (( فالتفت نحوي عبد الرحمان وقال : )) يا ولدي ان العين حق وضربتها لاتخطيء إلا ما شاء الله وهذا ما تداوله الناس والفقهاء ا جمعون فالحذر ثم الحذر واستعن بذكر الله على كل حال(( ) الله يحفض وينجي من شر الإنس والجن الأمر كله بيد الله يا سيدي عبد الرحمان...(( _ ) الله ياولدي الله , زمان وأي زمان هذا وياليتك تنجو من شر جيران يحسدونك أو أصدقاء يغارون منك لبست ماأنت في راحة , تعريت تصيرحديث الناس في مجالسهم ,كنا ياولدي لاشيء يخصنا فالخير موجودوأنت صاحب الخير ,الفلاحة مزدهرة والمواشي مخلفة ومنتجة ,الخير ذهب مع أصحابه ,أين ياولدي لازلت تر جمالا في بلاد عبدة كلها أو خيلا , كانت خيمتنا مبروكة زريبتنا ممتلئة أربعمائة رأس غنم ,كبش ينسيك كبش وأربعة نيق ليس لدينا مانقول الرجاء في الله ...(( _ ) ذكرتني أعمي عبد الرحمان والصورة باقية في عينيابناقتكم ورضيعها يوم ضربهم القطار, كان يوما مشؤمابالنسبة لأمي السحيمية كانت تبكي وتندب وترمي التراب على رأسهاحتى سقطت مصروعة وبدأت تئن وتضرب بيديها ورجليها وياويل من اقترب منها ..(( ) عدو وياله من عدو غدار يا ولدي ذاك القطار ,كانت تلك الناقة ووليدها بالنسبة لأمي كسواد عينيها ومن أجله حزنت أربعين يوما وقاطعت كلامي وطعامي ما سامحتني إلا يوم وفاتها رحمهاالله ..(( . 2 _ الفصل الثاني )) الصينية والأحباب ((
|
21 Mar 2008, 01:34 AM | [ 2 ] | ||||||
|
اخوي
علي مرزوق قصة جميلة لكن واضح انها مغاربية سنتابع ماتبقى من اجزاءها تقبل الشكر والتقدير ودمت |
||||||
21 Mar 2008, 10:00 AM | [ 3 ] | ||||||
|
جميلة كتابات المرزوق ويجلبك لوطنه وقريته في المغرب لقد ابدع سميك علي مرزوق يا علي مرزوق شكراً أخي |
||||||
|
|||||||
21 Mar 2008, 10:16 AM | [ 4 ] | |||||||||||||||||||||||||||
المراقبة العامة
|
زال اللبس الان , لاني قد قرأت هذا الجزء فقط من الرواية في إحدى المدونات بأسم علي مرزوق فـ توقعته انت أخوي علي .. بالفعل إنتقاء رائع علي ,, ويبدو من عنوان الجزء الثاني أنه مشوق .. في إنتظاره.. يعطيك العافية .. |
|||||||||||||||||||||||||||
21 Mar 2008, 10:30 AM | [ 5 ] | ||||||||
عضوة متميزة
|
يعطيك العافية على هالموضوع كل الود |
||||||||
|
|||||||||
21 Mar 2008, 03:32 PM | [ 6 ] | |||||||
عضو متميز
|
مبدع اخوي علي جعلتنا نشتاق ونتلهف لمتابعة الجزء القادم في انتظارك .. مع خالص الشكر والتقدير لشخصك |
|||||||
|
||||||||
21 Mar 2008, 04:37 PM | [ 7 ] | |||||||
عضوة متميزة
|
بارك الله فيك أخي على الموضوع
تقبل مروري أخي |
|||||||
21 Mar 2008, 09:57 PM | [ 8 ] | ||||||||
زهرة المنتدى
|
قصة رائعه سلمت يداك اخوي بانتظار الجزء القادم |
||||||||
|
|||||||||
22 Mar 2008, 09:24 PM | [ 9 ] | |||||||
نائب المشرف العام
|
ابو فارس شكراً لك وانا متابع لجميع احداث القصه كل الود |
|||||||
|
||||||||
22 Mar 2008, 09:30 PM | [ 10 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضو متميز
|
قرأت اول رد فأتى الصمت وقبل ماأنتقل لمابعده ابتسمت .. فحل الوتر لترحل الكلمات مغ اعذوبة الفن كما هي عذبة الَما .. هكذا الدنيا مقادير ياتي كل انسان ماكتبه الله .. ونعم بالله سبحانه وتعالى .. سبحان الله عمَا يشركون .. أخي متفائل باتصال مدفوع .. اخذت من اسمك المستعار منذ قديم الزمن طريق أسير به بالحياة .. دائماً مبتسم وللخير متفائل .. بالصباح والمساء .. حنى بالمنام لاياتيني سوى أحلام حالم .. كملح ساسا يجعل المذاق لذيذ فياتي النوم الجميل .. متفائل ليس لتثاؤب في حياتي مسير .. فهيّا ياجميل لتثاوب عن كل شئ غير مفيد .. وللحياة تفأول بالخير .. ودال على الخير كفاعله .. |
||||||||||||||||||||||||||||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سيد الخدير | alimarzouk | منتدى القصص والحكايات | 5 | 21 Oct 2008 01:58 AM |
سيد الخدير ..........الفصل الثاني | alimarzouk | منتدى القصص والحكايات | 5 | 21 Oct 2008 01:54 AM |
|