شبكة الشدادين - مبارك ابن مهرس.. علمٌ على رأسهِ نار

http://up.shdadeen2.com/upimg/shdadeen12544331931.jpg

يا أبو سعد سج الركايب يسيرن = وأليا غدا شي ٍ على الله بداله

التـاريخ وعلى امتداده ظلت هذه الكثبان الممتدة من الماء إلى الماء تنجب من الفرسان والأبطال ذوي الشيم والشهامة والفروسية الفذة والشجاعة النادرة .. هؤلاء الأبطال ظلوا طـوال قــرون من الزمان ماثلين في الذاكرة الشعبية تتناقلهم السير والقصائد بنوع فيه الإكبـار والتمجيـد..

الأمير الفارس مبارك بن باتل بن مهرس الشدادي الحارثي رحمه الله (( أبو سعد))

أسم نقش في صفحات التاريخ والفروسية, أمير قبيلة الشدادين من بني الحارث, وفارسها المشهور وقائدها في أكثر الوقائع والمعارك الضارية للقبيلة, أشتهر بالدهاء والحنكة والكرم الحاتمي, ولو أردنا الكتابة عن هذه الشخصية العظيمة لطال بنا المقام وتجف الأقلام في ذكر تاريخه المشرف وأفعاله الخالدة ومواقفه البطولية, ولكن أردنا في هذا الموضوع تسليط الضوء على بعض من مآثر هذا الفارس..

كان رحمه الله قوي الشخصية, قائد موفق من الله في أكثر أموره, لقب بـ(( غيمان)) وسبب هذا اللقب هو بعد المناطق التي كان يغزي عليها حيث كان يأخذ في مغازيه شهوراً كثيرة, ولقب كذلك بـ(( غبقان مطوّي السقيان )) لكثرة مغازيه وكثرت كسبه وغنائمه وكذلك يلقب الأمير مبارك بن مهرس بـ(( مجوّز العزّب)) وكان يحرص الشبان من جميع قبائل بني الحارث على مرافقته في مغازيه ولعلنا نذكر قصة الفارس مبارك بن خميّس العواضي الشدادي الذي تزوج بنت أحد شيوخ قبيلة العجمان عندما كان مع الأمير مبارك ابن مهرس..

أما قيادته للمعارك فكان رحمه الله مقداماً لا يهاب الموت حتى قال فيه الشاعر شامان البقمي:

قولوا لابن مهرس يخلي هباله = لو هو كفو لأخذ الدير ما حقرناه

ومن المعارك التي خاضها نذكر على سبيل المثال

معركة سوقان
معركة عن
معركة الركيه
معركة البهاره
غزو تربة
حرب الباضه

له الكثير من القصص والمواقف المشرفه وسوف نذكر في موضوعنا هذا بعض من مواقفه..

(( قصة الذئب))

غزا الأمير مبارك بن مهرس بقومه على أحد القبائل والتي كانت بعيدة عن ديار بني الحارث وفي أثناء الليل سمعوا عواء الذئاب وكان القوم يقولون: عسى ما عشاكم منا. خوفاً من غدر الأعداء لهم فقال الأمير مبارك: والله ما خبرت إني غزيت وأنكفت وسمعت اللي تقول يا أبوي ويا أخوي.. وكان يقصد بأنه موفق من الله ولم ينكسر بارقه في جميع غزواته, وفعلاً أنتصر في غزوته تلك وغنم ويقول أحد الشعراء من قوم الأمير مبارك بن مهرس وهو الفارس شالح بن دريميح الجياشي:

يا ويل اللي مهوب منا = واللي منا يضحك نابه
شيخنا زبن المجنا = واهني اللي مشى به

(( يتلون شيخ ٍ شيخته بالعدالي))

هذه القصيدة لأحد فرسان قبيلة عبيدة قحطان قالها في الأمير مبارك بن مهرس عندما حصل بينهم موقف عند الإبل, وبعد ما سمعها الأمير مبارك أهدى للقحطاني بعض من الإبل تقديراً له:

يا ديك ياللي في العلالي تلالي = لا واهنيك بالتعاجيب يا ديك
تجر صوتك ما شكيت الليالي = وأنا جرالي في زماني شرابيك
أتعبت ساقي في طرد عُرب ٍ متالي = لعيون من حط العويدي مساويك
لين أعطبوني محتمين التوالي = جمع الشلاوى مبعدين المصاويك
يتلون شيخ ٍ شيخته بالعدالي = ((أبو سعد)) أليا عزل ذيك عن ذيك
العود من جنسه يجيله ظلالي = والجد واحد ماش ريبه وتشكيك
ربعي عبيدة في نهار القتالي = سوات سيل ٍ من مخيله تهاليك
لكن ثار الهيج بين الرجالي = ومنا ومنهم صار ضرب المشاويك

(( يا أبو سعد سج الركايب يسيرن))

قال الشيخ الفارس مقبول ابن هريس الشلوي الحارثي هذه القصيدة عندما انتهى البن من عنده ويخاطب في القصيدة الأمير مبارك بن مهرس ومستحثاً إياه على الإستعداد للغزو للكسب والمغنم:

يا أبو سعد سج الركايب يسيرن = وأليا غدا شي ٍ على الله بداله
نركب على هجن ٍ للأبعاد يدنن = أكوارها تصرخ صريخ المحاله
حريبنا لو هو بعيد ٍ شكاهن = في المال وألا في شفايا رجاله
فاتن ثلاث ليال والنجر ما دن = البن باح ولا بقى ألا دلاله
لا بد عسرات الليالي يريفن = ويرجع ردي الخال تالي لياله
ناشي على ذبح الغنم وأحمس البن = ماني بناشي نشوة ٍ بالفلاله
وأزمي كما يزمي على السايله عن = لين ان وال العرش يضفي جلاله
وخطو الولد لو هو كبير ٍ وله فن = يجيك في المجلس كبير ٍ خياله
نتاب نقاب ٍ كما ينقب السن = حفاظ مرجلة ٍ بليا رجاله
وأن ناحروا ربعه حدود السند خن = دوّر له جدر ٍ قعد في حياله

(( لو لا مبارك كان ما فيه عقلان ))

هذه القصيدة للشاعر متروك السماري الروقي العتيبي في الشيخ عباس بن زيد شيخ السمره من الروقه من عتيبه وفي قصيدته يذكر ما حصل بينهم وبين الشدادين من غزوات:

صيحي لأخو صيته حمى كل زبّان = زيزوم حمراً جاء لها حندواني
يقود له نمراً ويتلاه صبيان = تسعين غير معالجات العناني
بردة ٍ منا يزوغن الأذهان = بالاد روق مفرقين الخواني
سوات ردتنا على ربع سلمان = يم الوزر يا خابرين المكاني
ولو لا مبارك كان ما فيه عقلان = عيّا على التالين بالهندواني
يهوي كما يهوي من الجو شيهان = ما يفرس ألا في الجنوب المتاني
فعل النشاما ما يغبّا ليا بان = والكذب ما والله لفظ به لساني

أخو صيته/ عباس بن زيد أمير السمره من الروقه من عتيبه رحمه الله
سلمان/ الفارس سلمان بن حمدان الشدادي رحمه الله
مبارك/ مبارك بن مهرس أمير الشدادين من ابن الحارث رحمه الله

(( زيزوم ربع ٍ للحرايب مواريد ))

قال هذه القصيدة الفارس رفيع بن هريس الشدادي الحارثي عندما كان في منطقة الأفلاج بنجد ومرسلها للأمير مبارك بن مهرس وفيها يمتدح الأمير وقومه ويبين أشتياقه لدياره:

يا راكب اللي كنهن شرد الصيـد=هجـن ٍ هجاهيـج ٍ ليـا روحنـا
حراير ٍ بوسوط أهلهـن عباريـد=عليهن اللي يوصـل العلـم منـا
تسرح من الأفلاج قطاعة البيـد=والعصر عنـد شيوخنـا برّكنـا
عند الأمير اللي لعوص النضا عيد=عيـد الركـاب الوانيـه لا لفنـا
(( أبو سعد)) يوم السبايا عراجيد=مرك ٍ على العدوان رمح المطنـا
زيزم ربـع ٍ للحرايـب مواريـد=حرّابهم فـي مرقـده مـا تهنـا
قله ترانا بخير ما مـن تضاهيـد=على النقاء نمشي ويمشي ضعنـا
لو كان شفـي للديـر والمسانيـد=لا واهني من شاف ساق ٍ وعنـا
دار ٍ نحد القـوم عنهـا تحاديـد=عنها البقـوم جموعهـم قصّرنـا
لو يبدعون القاف في زامي الحيد=عتيـق هـج اللـي منـول تمنـا

(( أبو سعد حامي عقاب البليدي ))

هذه القصيدة للشيخ الفارس سعد بن قطنان السبيعي قالها في جاره الأمير مبارك بن مهرس وقومه الشدادين حيث تجاوروا في إحدى السنين على طيب ونقاء ووفاء وعندما رحل الأمير مبارك وقومه قال الشيخ سعد بن قطنان هذه الأبيات في جيرانه مبيناً ما تتميز به القبيلتين من خصال حميدة:

وا جاري اللي كل يوم ٍ جديدي = ولا كثّر احسوفه على فايت ٍ فات
راعي دلال ٍ ما شغلها الزهيدي = ونجره لأهل عوص النضاء يرمي الأصوات
أبو سعد حامي عقاب البليدي= زبن القحوم الجاذيه في المثارات
خيّال شول ٍ ما يكفكف رديدي = وأليا اعتزى من دونها راحوا اشتات
يا ربعنا شوف الشدادين عيدي = وظعونهم لا اقفت يجي القلب حسّات
يا طي قلبي طيّهم للشديدي = والبيض في غبطانهن امخبيّات
يبون براق ٍ مزونه بعيدي = يرعونها في شف لقح ٍ وخلفات
وألهم على النقيان رسم ووعيدي = وميرادهم عد ٍ هضابه منيفات
وأنا مع الغلبا كعام الضديدي = نتبع مشاهينا بليا خسارات
على النقاء الوضّاح والله شهيدي = وكل ٍ يبا يلقى حسابه أليا مات
ودقلاتنا منها يلين الحديدي = مثل النهار اللي غطى خشم ابانات
ياليت قلبي من همومه يهيدي = ويا مرحبا يا دبرة الله أليا جات

(( أبو سعد يبري كما يبري الذيب ))

حصل في ذلك الزمان معارك ومناوشات بين قبيلة بني الحارث وقبيلة البقوم وكان الأمير مبارك بن مهرس قائداً وعقيداً لبني الحارث في أكثر الغزوات والحديث عن تلك المعارك يطول ولكن نورد لكم بعض القصائد التي قيلت في تلك الفترة حيث قال أحد شعراء البقوم في إحدى الغزوات :

يا دارنا قرّي لضرب المغاليب = بمحبب ٍ كن الرعد في انحطابه
لعيون ملح ٍ يدهلن المساريب = ملح ٍ تسيّر بين صفق الحرابه
أبو محمد لا عهم لوعة الذيب = حوّل على نزل تعاوى كلابه
وحمود يبرى له بخيل ٍ جناديب = شيخ البقوم اللي تعشى شبابه
سمر المباني بيّعت في المجاليب = وأصبح مبارك يرتفد في زهابه
والناصري عذّر وكب المعازيب = واللي سلم منهم تزبّن هضابه

فرد عليه الشاعر الفارس رفيع بن هريس العواضي الشدادي يقول:

ميعادنا ريحان خشم المذاريب = والكاذب الله لا يطوّل شبابه
أبو سعد يبري كما يبري الذيب = شيخ ٍ ليا وعّد يباريه لابه
صبيان قومي مثل سيل المناحيب = ومن يعترض في نحر سيله غدابه
وأليا لزمنا ناحلات المقاضيب = كم حلة ٍ راحت بعدنا خرابه
تفقدوا شيخانكم هم عشاء الذيب = وكم واحد ٍ منا عطيب ٍ صوابه
وترعابنا شقح ٍ عليها المشاعيب = بصافي الحديد اللي تلاعج رقابه
ترعابنا القفر المطرف ليا هيب = وحريبنا تقنب عليه الذيابه

وحصل أن الأمير مبارك ابن مهرس دخل تربة البقوم بجيوش بني الحارث ويقول شامان البقمي في ذلك:

كان ابن مهرس نزل دارنا = لا تعافا من بغا العافيه
نوكل الحربي صلا نارنا = وان حاربنا ناخذ الوافيه

وكذلك يقول شامان:

قولوا لابن مهرس يخلّي هباله = لو هو كفو لأخذ الدير ما حقرناه
وادي ٍ حمانا بالمصاقيل جاله = لا لا مهابة منزله ما نزلناه

ومما قاله شعراء البقوم في معارك القبيلتين قول الشاعر حباب البقمي متمنياً قتل الأمير مبارك بن مهرس:

الحرب شبّوه الجهل شب نيران = حرب ٍ نشينا فيه ما ذي بهيّه
يابا الفرج حصّل(( مبارك)) وسلمان = اليوم وألا الصبح وألا قفيه

وسلمان المذكور هو الفارس سلمان بن حمدان البديواني الشدادي.

(( أبو سعد يا حامي الدوبليه))

استنجدت إحدى الشاعرات من قبيلة الدواسر بالأمير الفارس مبارك بن مهرس والشدادين لإرجاع حلالها, وفعلاً إستطاعوا الشدادين إرجاع الحلال لأهله وكذلك إضافة 100 رأس من الضان على حلال الشاعرة وتقول في قصيدتها:

من يركب المامون وينحره عن = ويلفي لابن مهرس زبون الونيه
اللي يرحب بالنضا يوم يلفن = أبو سعد يا حامي الدوبليه
تلقى الشحم عنده مع الهيل والبن = وله دلة ٍ للنار دايم صليه
وان ثار عج الخيل في معتلجهن = صفراه يوردها حياض المنيه
ويضرب بحد السيف يوم ايتلاقن = وياما ثنى من دون راع الرديه
يا أبو سعد تكفى دموعي يهلن = وارب ألاقي عندكم مفزعيه
وا حمس حالي يالشلي حمسة البن = مهوب حزن مهاوي ٍ في هويه
أبكي الولد واحوالنا ما يسلن = غدوبه اللي مابهم مرحميه
وقطعاننا خيل السبيعي بها اقفن = تكفون ردّوا حبيّباتي عليه

وهذه الأحدية تنسب للأمير مبارك بن مهرس بعد إرجاع حلال الدوسرية, ولم يعرف عنه رحمه الله قول الشعر:

يا سابقي يوم الزحوم = نرخي لها حبل الرسن
وعمارنا للي يسوم = وقت الحرايب والفتن
ينخانا المجمول ونقوم = ونرد حلوات اللبن
عاداتنا نقضي اللزوم = في شامها وألا اليمن

((وفاة الأمير مبارك بن مهرس رحمه الله))

توفي الأمير الفارس مبارك بن مهرس الشدادي الحارثي بسبب كبر السن, بعد أن عاش حياته على ظهر فرسه مسجلاً للتاريخ أروع القصص في البطولة والشهامة رحمه الله وأسكنه فسيح جناته, وقالت ترثيه زوجته الشاعرة فضة بن إسليم بن عاتق الجياشية ترثي زوجها الأمير مبارك بن مهرس ومتذكرتاً أفعاله العظيمة على ظهور الخيل والركائب:

الجيش يالصبيان ما عاد له كار = من عقب ابن مهرس منجي الثبارا
اللي فعوله فوقهن تجلي الأمرار = لا حل في تالي الركايب مثارا
مرذي سمان الهجن في كل معبار = وياما ثعاء مرحان ضده جهارا
وكم هجمة ٍ قفابها خلف وعشار = وأمسوا أهلها بعد كونه فقارا
وترعابه العرّا من العرق ويسار= ويبني شحمها مثل نابي الزبارا
لا والله ألا جاه قضاي الأعمار = وإن قيل يا مبارك دموعي تبارا
عليك يا شيخ ٍ كما غيث الامطار = ريف الضعيّف في ليال العسارا