30 Oct 2013, 06:21 PM
|
|
لا تنه عن خلقٍ
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه =فالقوم أعداءٌ له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها =حسداً وبغياً إنه لدميم
والوجه يشرق في الظلام كأنه =بدرٌ منيرٌ والنساء نجوم
وترى اللبيب محسداً لم يجترم =شتم الرجال وعرضه مشتوم
وكذاك من عظمت عليه نعمةٌ =حساده سيفٌ عليه صروم
فاترك محاورة السفيه فإنها =ندمٌ وغبٌّ بعد ذاك وخيم
وإذا جريت مع السفيه كما جرى =فكلاكما في جريه مذموم
وإذا عتبت على السفيه ولمته =في مثل ما تأتي فأنت ظلوم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله =عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك وانهها عن غيها =فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى =بالعلم منك وينفع التعليم
ويل الخلي من الشجي فإنه =نصب الفؤاد بشجوه مغموم
وترى الخلي قرير عين لاهياً =وعلى الشجي كآبةٌ وهموم
ويقول: ما لك لا تقول مقالتي =ولسان ذا طلقٌ وذا مكظوم
لا تكلمن عرض ابن عمك ظالماً =فإذا فعلت فعرضك المكلوم
وحريمه أيضاً حريمك فاحمه =كي لا يباع لديك منه حريم
وإذا اقتصصت من ابن عمك كلمةً =فكلومه لك إن عقلت كلوم
وإذا طلبت إلى كريمٍ حاجةٌ =فلقاؤه يكفيك والتسليم
فإذا رآك مسلماً ذكر الذي =كلمته فكأنه ملزوم
ورأى عواقب حمد ذاك وذمه =للمرء تبقى والعظام رميم
فارج الكريم وإن رأيت جفاءه =فالعتب منه والكرام كريم
إن كنت مضطراً وإلا فاتخذ =نفقاً كأنك خائفٌ مهزوم
واتركه واحذر أن تمر ببابه =دهراً وعرضك إن فعلت سليم
فالناس قد صاروا بهائم كلهم =ومن البهائم قائلٌ وزعيم
عميٌ وبكم ليس يرجى نفعهم =وزعيمهم في النائبات مليم
وإذا طلبت إلى لئيمٍ حاجةً =فألح في رفقٍ وأنت مديم
والزم قبالة بيته وفناءه =بأشد ما لزم الغريم غريم
وعجبت للدنيا ورغبة أهلها =والرزق فيما بينهم مقسوم
والأحمق المرزوق أعجب من أرى =من أهلها والعاقل المحروم
ثم انقضى عجبي لعلمي أنه =رزقٌ موافٍ وقته معلوم
أبي الأسود
|