عرض مشاركة واحدة
  [ 1 ]
قديم 13 Jan 2014, 09:36 PM
عضوة متميزة

دنيا أفراحي غير متصل

تاريخ التسجيل : Jan 2013
رقم العضوية : 64337
الإقامة : algeria
الهواية : المطالعة وكتابة الخواطر
المشاركات : 1,044
معدل التقييم : 459
الملف الشخصي للكاتب
إضافة تقييم
الرد على الموضوع
ارسال الموضوع لصديق
طباعه الموضوع
تبليغ عن الموضوع
أيام لا تنسى بمرحلة الدراسة.










انتقلت من المدرسة الإعدادية الى السنة الأولى ثانوي وأحلامي ترافقني.
أحسست بأني وضعت اللبنة الأولى في صرح شبابي.
كنت مولعة بمادة الإنشاء، وبالتعبير الكتابي.
ففيه كنت أخلو مع فكري وأحلامي، أعبر عما يحسه وجداني.
تعلمت من شيخي الذي حفظت على يديه آي الذكر والقرآن، أن النجاح في اللغة العربية بوابته الإنشاء الذي نفر منه الكثير من أقراني.
جاء اليوم الأول ، ولبست لباسي الجميل الذي اشتراه لي المرحوم أبي، ودخلت صرح الثانوية العالي، وعيون قلبي تلاحظ كل ركن فيه.
انتظمنا في الساحة ، واستمعنا بكل جلال الأوطان الى النشيد الرسمي لبلادي.
لله درك يا مفدي زكرياء، جمعت عظمة التاريخ ، في مقطوعة كتبتها بدمك الثوري ، لتعلن عظمة نوفمبر ، وتسقيه لقلوب الأجيال.
دخلنا القسم بعد أن نادوا على أسمائنا، وقادنا مدرس الأدب العربي الى القسم في انتظام وجلال.
محياه جميل، وعيناه زرقاوتان، وبشرة وجهه بيضاء كنصاعة الثلج في شتاء مدينتي.
جلسنا في صمت وخشوع، والعيون ترقب المدرس وهو يحملق في الوجوه.
أخيرا نطق، كانت لهجته عربية فيها بعض من لهجة بلاد الشام.
يا إلهي: مدرسنا من سوريا............
قال: أخرجوا ورقة،
ولم يكن لدينا في اليوم الأول سوى ورقة بيضاء، وسيالة زرقاء لنسجل فوقها ما سيطلب منا من أدوات مدرسية في فترة الصباح.
استخرجناها، وكان السؤال :
اكتب رسالة تودع فيها مدرستك الاعدادية، بتلاميذتها ، وأساتذتها.
جحظت عيون قلبي، ورقصت أناملي، وكتبت ما أشعر به، كتبت لنفسي، نعم.
فالانشاء كما تعلمت ، هو أن تكتب لنفسك، بإحساسك، لا أن تكتب للآخرين .
وكتبت رسالتي، ثم تسلم المدرس الأوراق وانصرف بعد نهاية الحصة.
يومها تعجبت، في أول لقاء نؤمر بالعمل.؟؟؟؟؟؟؟
وبعد أن صرت أستاذة وضعت المسميات في مكانها وفقهت أن هذا هو الفحص التشخيصي لمعرفة مستويات التلاميذ قصد وضع مذكرة تربوية تسير في خطاها الدروس لتتكفل بكل المستويات.
في اليوم الموالي، وفي حصة الأدب، دخل المدرس ، وألقى التحية الاسلامية، ثم جلس، واستخرج الأوراق.
بظر إليها ، ثم رفع رأسه الشامخ ، وقال: أين بهيجة.
تسارعت دقات قلبي، ورفعت أصبعي ، وقلبي يرتجف في أضلعي.
طلب مني القيام والوقوف بين يديه.
ثم سألني: هل تحفظين القرآن؟؟؟
قلت: نعم ، لكني بدأت أنسى ما حفظت.
قام من مكانه، وأشار إلي بالجلوس على كرسيه.
ثم ناولني ورقتي ، وطلب مني أن أقرأ تعبيري.
قرأته ونبرة صوتي فيها ارتجاف، لأن السكوت خيم على المكان، والأستاذ ينظر الي في إعجاب.
بعدها: سألني: هل تحفظين الشعر؟
قلت: أحفظ القليل.
قال: يا ابنتي: التلميذ الذي لا يحفظ ألف بيت شعري لا يستحق كرسيا في الصف.
ثم أمرني بتسجيل تعبيري على السبورة ليكتبه التلاميذ.
وأمرنا بحفظ هذا التعبير على ظهر قلب.........
كانت نشوة الفرحة تدغدع نفسي المزهوة أمام أقراني.
وبرغم تقادم السنين لا زال التعبير محفورا في وجداني.
وداعا يا مدرستي الغالية، وداعا يا أمي الثانية، يا من علمتني كيف أسير، وأبعدتني عن طريق الجحيم، وجعلت نفسي تهفو الى المزيد من العلم المستنير.
وداعا يا من جلست فوق مقاعدها، وعبثت في أوقات فراغها، وفهمت المودة في ربوعها، وكسبت الأحبة بين صفوفها.
وداعا أيها الأصدقاء، يا من جنينا سويا ثمار المعرفة، تهامسنا في غفلة من العيون، ونسبنا سويا الهموم، وسطرنا المستقبل المنشود.
لقد سكتت الطيور عن التغريد، وعافت النحل مص الرحيق، وعجز الأستاذ عن التفهيم والتبصير.
مع من سيتكلم يا ترى؟ أين الذين كان يسميهم أبنائي؟؟؟
فالنوى اقترب، والقلب احترق.
لقد اشربت قلوبنا بحبهم، وامتلأت أيامنا سعادة بقربهم.
فوداعا أيها الأساتذة، يا من فرشتم الطريق المملوء بالأشواك ورودا.
العين تدمع، والقلب يحزن.
ولكن، سيأتي يوم اللقاء، ستتفتح الزهور عن أكمامها، وتزيح الدنيا الهموم عن قلبها.
سيعود النشيج نشيدا، وتمتلئ الأقسام ضجيجا.
سنلتقي من جديد في مستقبل سعيد.
ليت أيام الدراسة تعود، لتتجدد العهود.
بقلمي


توقيع : دنيا أفراحي

رد مع اقتباس