
![]() |
[ 111 ] | ||||||||
عضو متميز
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() |
![]() ودخل الأحنف على معاوية بن أبي سفيان، وعليه مِدْرَعةُ صوفٍ وشِملةٌ. فلما مثل بين يديه اقتحمه عينة، فأقبل عليه، وقال: مَهْ. فقال الأحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين، أهلُ البصرة عددٌ يسيرٌ، وعظمٌ كسيرٌ مع تتابعٍ من المحول ، واتصال من الذُّحول. والمُكثرُ منها قد أطرق، والمقبل قد أملقَ، وبُلغ منه المُخَنَّق. فإنَّ رأى أمير المؤمنين أن يُنعشَ الفقيرَ، ويجبُرَ الكسير، ويسهِّل العسير، ويصفح عن الذحول، ويداوي المحول، ويأمر بالعطاء، ليكشف البلاءَ، ويُزيلَ اللأواءَ. وإن السيد من يَعمُّ ولا يخصُّ، ويدعو الجَهَلى، ولا يدعو النَّقَرى. إنْ أُحسن إليه شَكر، وإن أُسيء إليه غفر. ثم يكون من وراء ذلك لرعيته عماداً، يدفع عنهم الملمَّات، ويكشف عنهم المعضلات. فقال له معاوية: هَلُمنا يا أبا بحر، ثم تلا: )ولَتَعرِفنَّهم في لَحْنِ القَولِ(. وابنه بحر الذي كان يكنى به كان مضعوفا. وقال لزبراء جارية أبيه: يافاعلةُ. فقالت: لو كنت كما تقول أتيت أباك بمثلك. وقيل له: ما منعك أن تجري على بعض أخلاق أبيك؟ فقال: الكسل. وليس الأحنف عقب. وكان يقال: ليس لبني تميم حظ؛ سيدهم بالكوفة محمد بن عُمير بن عُطارِد بن حاجب بن زُرارة، ولا عقب له، وسيدهم بالبصرة الأحنف ولا عقب له. وصعصعةُ بن معاوية: عمُ الأحنف، قد اختُلف في صحبته. والذي صحَّ من روايته إنما هو عن عائشة وعن أبي ذر الغِفاريِّ. روى عنه الأحنف والحسن البصريُّ وابنه عبدُ ربِّه بن صعصعة. سيِّد بني تميم في خلافة معاوية، وفرسُه الطُّرَّة اشتراها بتسعين ألفِ درهمٍ. ومن بني مرة رهط الأحنف الأسود بن سريع بن خُمير بن عُبادة بن النَّزال بن مُرَّة: غزا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم. يُكنى أبا عبد الله، نزل البصرة، وكان قاصّاً محْبِساً. هو أول من قصَّ في مسجد البصرة. روى عنه الحسن وعبد الرحمن بن أبي بَكْرة. وروى الحسن عن الأسود بن سريع قال: غَزَوتُ مع النبيِّ عليه السلام أربع غزواتٍ، فأفضى بهم القتل، إلى أن قتلوا الذُرِّيَّة. فقال بعضهم: يا رسول الله، إنهم أولاد المشركين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أوَ ليسَ خياركم أولادُ المشركين؟ ما من مولود يولد إلا على فطرة الأسلام، فأبواه يُهوِّدانهِ ويُنصِّرانهِ ويُمجِّسانهِ " . ومنهم عِكراشُ بن ذُؤيبٍ: قَدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقات قومه بني مُرَّة. فقال له: " مَن أنت؟ " . قال: أنا عِكراشُ بن ذؤيب. فقال له: ارفع في النَّسب. فقال ابن حُرْقوص بن جَعدة بن عمرو بن النزّال بن مرَّة بن عُبيد. وهذه صدقاتُ بني مُرَّة بن عُبيد. قال فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوُسمتْ بِمِيسَم الصدق، وضُمَّتْ إلى إبل الصدقة. ويُكنى عكراش أبا الصَّهباء. وسكن البصرة، وكان شهد الجمل مع عائشة، فضُرب ضربة على أنفه، فعاش بعدها سنة، والضَّربةُ به. وكان له من الولد: عبد الله وعبيد الله وعبد السلام. ولعبيد الله العقب بالبصرة. ومن بني مِنْقَر بن عُبيد رهط قيس بن عاصم: عمرو بن الأهتم. والأهتم: أبوه اسمه سنان بن خالد بن سميٍّ. ويقال: سنان بن سميِّ بن سنان بن خالد ابن مِنقر بن عُبيد بن الحرث. وهو مُقاعسُ بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناةَ بن تميم. يقال: إنَّ قيس بن عاصم ضربه بقوس، فَهَتَم فاه، فسمي الأهتم. |
||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
[ 112 ] | ||||||||
عضو متميز
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() |
![]() قال ابو اليقظان: أمُّ عمرو بن الأهتم بنت فَدَكِّي بن أعبُدَ. ويكنى عمرو بن الأهتم أبا ربْعي. قدم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وافدا في وجوه قومه من بني تميم فأسلم، وذلك في سنة تسع من الهجرة. وكان فيمن قَدِمَ معه الزِّبرِقانُ بن بدر وقيس بن عاصم. ففخر الزِّبرِقان، فقال: يا رسول الله، أنا سيد تميم والمطاع فيهم، والمُجاب منهم، آخذ لهم بحقوقهم، وأمنعهم من الظلم، وهذا يعلم ذلك. يعني عمرو بن الأهتم. فقال عمرو: إنه لشديد العارضة، مانع لجانبه، مطاع في أدْنَيْهِ. فقال الزبرقان: والله لقد كذب يا رسول الله، وما منعه من أن يتكلم إلا الحسد. فقال عمرو: أنا أحسدك!، فوالله إنه للئيم الخال، حديث المال، أحمق الوالد، مُبَّغَضٌ في العشيرة. والله ما كذبت في الأولى، ولقد صدقت في الثانية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنَّ من البيان لسحراً " . وكان خطيبا جميلا يدعى " المُكحَّلَ " لجماله، بليغا، شاعرا، محسنا. يقال: إن شعره كان حُللاً مُنشَّرة، وكان شريفا في قومه. وهو القائل لقيس بن عاصم حين أزرى به عند النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إنه غلام حدث خلَّفناهُ في ركابنا. والخبر مشهور. ظَللتُ مُفترشَ العلياءِ تَشْتِمُني ... عند الرسولِ فلم تَصدقْ ولم تُصِبِ إنْ تُبغضُونا فإنَّ الرومَ أصلكُمُ ... والرومُ لا تَملِكُ البغضاءَ للعَربِ فإنَّ سُؤدَدَنا عَودٌ وسُؤدَدُكمْ ... مُؤخَّرٌ عند أصلِ العَجْبِ والذَّنَبِ وله، وأحسن فيه: ذَريني فإنَّ البخلَ يا أمَّ هَيْثمٍ ... لصالح أخلاقِ الرجالِ سَروقُ ذَريني وحظي في هوايَ فإنَّني ... على الحسبِ العالي الرفيع شَفوقُ ومُستنبحٍ بعد الهُدُوِّ أجَرتُهُ ... وقد حانَ مِن ساري الشتاءِ طُروقُ فقلتُ له: أهلاً وسهلاً ومَرحباً ... فهذا مَبِيتٌ صالحٌ وغَبوقُ أضَفتُ ولم أفحُش عليه ولم أقلْ ... لأحرمَهُ إنَّ الفِناءَ يضيقُ لَعَمْرُكَ ما ضاقتْ بلادٌ بأهلها ... ولكنَّ أخلاقَ الرجالِ تَضيقُ ومن ولده صفوان بن عبد الله بن عمرو الأهتم: أبو خالد. وكان ولي رياسة بني تميم أيام مسعود بن عمرو العَتكيِّ الأزديِّ، وكان خطيبا. وشهد الحسن وصيَّته، فأوصى بمئة ألف وعشرين ألف درهم، وقال أعددتها لِعَظًّ الزمان، وجفوة السلطان، ومباهاة العشيرة. فقال الحسن: خلَّفتها لمن لا يَحمدُك، وتَقْدحُ على من لا يَعذِرُك. ومات بالبصرة. وابنه خالد بن صفوان:عُمِّر الى ان حادث أبا العباس عبد الله بن محمد السفّاح. وكان لسِنا، خطيبا، بخيلا، مِطلاقا. ومن ولِد عمرو بن الأهتم شُبيب بن شّيْبة بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم: الخطيب. وهو ابن عم خالد بن صفوان لَحّاً. ورُوي عنه الحديث. قال مسلم في الكنى: أبو مَعمر شبيب بن شَيبة المِنْقريُّ سمع عطاء بن أبي رباح،ومعاوية بن قُرة. روى عنه أبو سلمة، ومسلم، ويحيى بن يحيى. قال المؤلف، وفَّقه الله: وروى أيضا شبيب بن شيبة عن الحسن البصريِّ. وروى عنه أيضا أبو معاوية محمد بن خازم الضرير ومسلم الراوي عن شبيب، ولم ينسبه مسلم. هو أبو عمرو مسلم بن إبراهيم الأزديُّ: سمع شعبة وأباناً العطار ووُهَيب بن خالد. وساق أبو نُعيم الحافظ رواية أبي معاوية الضرير. ومسلم بن إبراهيم المذكور عن شبيب بن شيبة في كتاب " الرياضة " . قال أبو نُعيم الحافظ الاصفهانيُّ: حدَّثنا سليمان بن أحمد: نا أحمد بن عمرو القِطرانيُّ: نا أبو الربيع الزَّهرانيُّ: نا أبو معاوية الضرير: نا شبيب بن شيبة المِنقريُّ عن الحسن، عن عمران بن حُصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي: " كم تعبد اليوم إلهاً؟ " . قال: سبعة؛ ستةٌ في الأرض وواحد في السماء. فقال: " يا حُصين إنك إن أسلمت علَّمتُك كلمتين تنفعانك " . فلما أسلم أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله، علِّمني الكلمتين. قال: " قل: اللهمَّ الهمني رُشدي، وأعِذْني من شرِّ نفسي " . |
||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
[ 113 ] | ||||||||
عضو متميز
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() |
![]() وقال أبو نُعيم: نا فاروق بن عبد الكريم: نا أبو مسلم الكَشِّيُّ: نا مسلم بن إبراهيم: نا شبيب بن شيبة قال: سمعت عطاء بن أبي رباح في مسجد الحرام يحدِّث عن أبي سعيد الخُدريِّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أنزل الله من داء إلا أنزل معه دواء، عَلِمَه من عَلمه، وجَهِلَهُ من جَهله " . |
||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
[ 114 ] | ||||||||
عضو متميز
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() |
![]() قال المؤلف، غفر الله له: ولشبيب بن شيبة قصة مع أبي جعفر المنصور في أيام بني أمية رأيت إيرادها لحسنها في لفظ وجيز. قال شبيب بن شيبة الأهتمي: حججت عام هلك فيه هشام، وولي الوليد بن يزيد، وذلك سنة خمس وعشرين ومئة. فبينا أنا مُرِيحٌ ناحية من المسجد إذ طلع بعض أبواب المسجد فتىأسمر، رقيق الشعر، مُوفَّر الِّلمَّة، خفيف اللحية، رحب الجبهة، أقنى بيِّن القنا، كأن عينيه لسانان ناطقان، يخلط أبَّهةَ الأملاك بزيِّ النسَّاك، تقبله القلوب، وتتبعه العيون، يُعرف الشرف في تواضعه، واللبُّ في مشيته. فما ملكت نفسي أن نهضت في أثره، سائلا عن خبره. وسبقني فتحرَّم بالطَّواف. فلما سبع قصد للمقام فركع، وأنا أرعاه ببصري ثم نهض منصرفا. فكأن عينا أصابته، فكبا كبوة دَميتْ لها إصبعه، فقعد لها القُرفصاء. فدنوت منه متوجعا لما ناله، متصلا به أمسح رجله من غبار التُّراب، فلم يمتنع عليَّ، ثم شققت حاشية ثوبي، فعصبت بها إصبعه. وما يُنكر ذلك، ولا يدفعه. ثم نهض متوكئا عليَّ، فأنقَدْت له أماشيه، حتى أتى دارا بأعلى مكة. فابتدره رجلان تكاد صدورهما تنفرج من هيبته، ففتحا له الباب، واجتذبني. فدخلت بدخوله فخلَّى يدي، وأقبل على القبلة فصلى ركعتين أوجز فيهما في تمام. ثم استوى في صدر مجلسه، فحمد الله وأثنى عليه، وصلَّى على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أتمَّ صلاة وأطيبها. ثم قال: لم يَخفَ عليَّ مكانك منذ اليوم، ولا فعلك بي. فمن تكون يرحمك الله؟ قلت: شبيب بن شيبة التَّميُّمي. قال: الأهتميُّ؟ قلت: نعم. قال: فرحَّب وقرَّب ووصف قومي بأبين بيان، وأفصح لسان. فقلت له: أنا أجِلُّك " أصلحك الله " عن المسألة، وأحبُّ المعرفة. فتبسَّم وقال: لطف اهل العراق، وأنا عبد الله ابن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. فقلت: بأبي أنت وأمي، ما اشبهك بنسبك، وأدلَّك على منصبك! ولقد سبق الى قلبي من محبَّتك مالا أبلغه بوصفي لك. قال: فاحمد الله يا أخا بني تميم، فإنا قوم إنما يُسعد الله بِّحبنا من أحبَّه، ويشقى ببغضنا من أبغضه. ولن يصل الإيمان إلى قلب إحدكم حتى يحب الله ورسوله. ومهما ضَعُفنا عن جزائه قويَ اللهُ على أدائه. فقلت له: أنت توصف بالعلم، وأنا ممَّن حملته، وأيام الموسم ضيقة، وشُغل أهل مكة كثيرٌ. وفي نفسي أشياء أُحبُّ أن أسأل عنها؛ أفتأذن فيها جُعلتُ فداك؟ قال: نحن من أكثرالناس مستوحشون، وأرجو أن تكون للسرِّ موضعا، وللأمانة راعيا. فإن كنت كما رجوت فافعل. قال: فقدّمت من وثاق القول والأيمان ما سكن إليه. فتلا قول الله تعالى: )قُل أيُّ شيء أكبرُ شهادةً قلِ اللهُ شهيدٌ بَيني وبينكم(. ثم قال: سَلْ عمَّ بدا لك. قلت:ما ترى في أمير الموسم؟ وكان عليه يوسف بن محمد ابن يوسف الثقفيّ، خال الوليد. فتنفس الصعداء وقال: أعن الصلاة خلفه تسألني أم كرهت أن يتأمر على آل الله من ليس منهم؟ قلت: عن كلا الأمرين. قال: إن هذا عند الله لعظيم. فأما الصلاة ففرض لله تعبد به خلقه، فأدِّ ما فرض الله عليك في كلِّ وقت ومع كل أحد وعلى كل حال. فإن الذي ندبك لحج بيته، وحضور جُمُعاتهِ وأعياده، لم يخبرك في كتابه أنه لا يقبل منك نسكا إلا مع أكمل المؤمنين إيمانا، رحمة منه لك. ولو فعل ذلك ضاق الأمر عليك. فاسمح يُسمح لك. قال: ثم داركت في السؤال عليه، فما احتجت أن أسأل عن أمر دين أحدا بعده. ثم قلت: يزعم أهل العلم أنه ستكون لكم دولة. قال: لا شك فيها، تطلع طلوع الشمس، وتظهر ظهورها. فنسأل الله تعالى خيرها، ونعوذ به من شرها، فخذ بحظ لسانك ويدك منها إن أدركتها. قلت: أوَ يتخلف عنها أحد من العرب، وأنتم سادتها؟ قال: نعم، قوم يأبون إلا وفاء لمن اصطنعهم، وبأبى إلا طلبا بحقنا، فنُنصر ويُخذلون، كما نُصر بأولنا أولهم، ويخذل بمخالفتنا من خالف منهم. قال: فاسترجعت. قال:سهل عليك الأمر، سنة الله التي قد خلت من قبل، ولن تجد لسنة الله تبديلا. وليس ما يكون منهم بحاجز لنا عن صلة أرحامهم، وحفظ أعقابهم، وتجديد الصنيعة عندهم. قلت: كيف تسلم لهم قلوبهم، وقد قاتلوكم مع عدوكم؟ قال: نحن قوم حبب الينا الوفاء، وإن كان علينا، وبغض إلينا الغدر، وإن كان لنا. وإنما يشدُّ علينا منهم الأقل، فإما أنصار دولتنا، ونقباء شيعتنا، وأمراء جيوشنا فهم ومواليهم منا، ومولى القوم من أنفسهم. فإذا وضعت الحرب |
||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
[ 115 ] | ||||||||
عضو متميز
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() |
![]() اوزارها صفحنا بالمحسن عن المسيء، ووهبنا للرجل قومه. ومن اتصل بأسبابه فتذهب النايرة، وتخبو الفتنة، وتطمئن القلوب.ها صفحنا بالمحسن عن المسيء، ووهبنا للرجل قومه. ومن اتصل بأسبابه فتذهب النايرة، وتخبو الفتنة، وتطمئن القلوب. قلت: ويقال: إنه يُبتلى بكم مَن أخلص لكم المحبة. قال: قد رُوي أن البلاء أسرع إلى مُحِّبنا من الماء إلى قراره. قلت: لم أرد هذا. قال: فمه. قلت: تقعون بالولي، وتخطئون العدو. قال:من يسعد بنا من الأولياء أكثر ، ومن يسلم لنا من الأعداء أقل وأيسر. وأنما نحن بشر، وأكثرنا أُذنٌ، ولا يعلم الغيب إلا الله. وربما استترت عنا الأمورفنقع بمن لا نريد، وإنَّ لنا لأحسابا، يأسو الله بها ما نكلم، ويرم بها ما نثلم، ونستغفر الله مما لا نعلم. وما أنكرت من أن يكون الأمر على ما بلغك، ومع الوليُّ التعززُ والإدلال والثقة والاسترسال، ومع العدو التحرز والاحتيال والتدلل والاغتيال. ولربما ملَّ المدلل، وأخل المسترسل، وتجانب المتقرب، ومع المِقَة تكون الثقة. وعلى أن العاقبة لنا على عدونا، وهي لولينا. وإنك لسؤول يا أخا بني تميم قلت: إني أخاف أن لا أراك بعد اليوم. قال: إني أرجو أن أراك وتراني كما تُحبُّ عن قريب إن شاء الله. قلت:عجَّل الله ذلك. قال: آمين. وتبسم وقال: لا بأس عليك، ما أعاذك الله من ثلاثٍ. قلت: وما هي؟ قال: قدْحٌ في الدين، أو هَتكٌ للملك، أو تُهمةٌ في حُرمةٍ. ثم قال: احفظ عني ما أقول لك:اصدق وإن ضرَّك الصدق. وانصح وإن باعدك النصح. ولا تجالس عدوَّنا وإن أحظيناه، فإنه مخذول، ولا تخذل ولينا فإنه منصور. واصحبنا بترك المماكرة. وتواضع إذا رفعوك.وصِلْ إذا قطعوك. ولا تستخفَّ فَيمقتوك. ولا تبدأ حتى يبدؤوك. ولا تختطب الأعمال ، ولا تتعرض للأهوال. وأنا رائح من عشِّيتي هذه، فهل من حاجة؟ فنهضت لوداعه، فودعته ثم قلت له: أتُوقِّت لظهور الأمر وقتا؟ قال: الله المقدِّر المُوقِّت. إذا قامت النَّوحتان باشام، فهما آخر العلامات. قلت وما هما؟ قال:موت هشام العامَ، وموت محمد بن علي المستهلَّ من ذي القعدة. وعليه تخلَّفت وما بلغت حتى أنضيتُ.قلت: فهل أوصى؟ قال: نعم، إلى أخي إبراهيم. قال: فلما خرجت فإذا مولى له يتبعني حتى عرف منزلى، ثم أتى بكسوة من كسوته. فقال: يأمرك أبو جعفر أن تصلي في هذه. قال: وافترقنا، فوالله ما رأيته إلا وحرسيّان قابضان عليَّ، يُدنياني منه في جماعة من قومي، لأبايعه فلما نظر إليَّ قال: خَلَّيا عمَّن صحَّت مَودتُه، وتقَّدمت حرمته، وأُخذت قبل اليوم ببيعته. قال: فأكبر الناس ذلك من قوله، ووجدته على أول عهده. ثم قال لي: أين كنت عنِّي أيام أخي أبي العباس؟ فذهبت أعتذر. قال: أمسكْ، فإنَّ لكل شيء وقتا لا يعدوه، ولن يفوتك إن شاء الله حظُّ مودتك وحق مشايعتك. فاختر بين رزقٍ يتبَعُكَ أو عمل يرفعك. قلت: أنا حافظ لوصيتك. قال: وأنا لها أحفظ، إنما نهيتك أن تخطب الأعمال، ولم أنهك عن قبولها. قلت: الرزق مع قرب أمير المؤمنين أحب إلي وأعفى إن شاء الله. قال: هل زدت في عيالك بعدي شيئا؟ وقد كان يسألني عنهم، فذكرتهم له، فعجبتُ من حفظهِ. قلت: الفَرسُ والخادم. قال: قد الحقنا عيالك بعيالنا، وخادمك بخادمنا، وفرسك بخيلنا. ولو وسعني لحملت لك على بيت المال، وقد ضممتك إلى المهدي، وأنا موصيك به، فإنه أفرعُ لك مني. ومن بني مرة بن عبيد؛ إخوة منقرٍ: سلامة بن جندل الشاعر، والسليك بن السُّلكة أحد فُتَّاك العرب، ويقال له الرِّئبالُ لأنه كان يغير وحده. ومنهم عبد الله بن صُفار الذي تنسب إليه الُّفريةُ، وعبد الله بن إباض الذي تنسب إليه الإباضية. ومن بني مقاعس، واسمه الحرثُ، وهو جد منقر ومُرَّ خُليفٌ الذي تنسب إليه الفالوذجة الخُليفية. وهو خليف بن عقبة، ويكنى أبا بكر، كناه بذلك محمد بن سيرين ، وكان من أصحابه. وكان من أظرف أهل البصرة وله بها عَقب. وفي سعد بن زيد مناة أيضا بطون منها: بَهدلة، وعطارد، وقريع، وهم إخوة ، بنو عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. |
||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
[ 116 ] | ||||||||
عضو متميز
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() |
![]() فمن بني بهدلة الزِّبرقانُ: واسمه حصين بن بدر بن خلف بن بهدلة. وكان يقال له: " قمرُ نجدٍ " . وهو من الصحابة، ويكنى أبا عباس بابنه، وأبا شذرة ببنته. وعقبة بالبادية كثير. واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه. وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب بالصدقة الى أبي بكر، وهي سبعمئة بعيرٍ. ومنهم الإُحيمر بن خلف بن بهدلة: عم الزبرقان، صاحب بُردي مُحرِّقٍ الذي قيل فيه: أيا بْنةَ عبد الله وابنةَ مالكِ ... ويا بنةَ ذي البُردينِ والفَرسِ الوردِ قال أبو عبيدة فسي كتاب " التاج " : أشرفُ بيتٍ في مضر " غير مُدافع " في الجاهلية بيت بهدلة بن عوف بن عد بن زيد مناة بن تميم. قال المنذر بن ماء السماء ذات يوم، وعنده وجوه العرب ووفود القبائل. ودعا ببُردَيْ محرِّق فقال: ليلبس هذين البردين أكرم العرب نسبا، وأشرفهم حسبا، وأعزهم قبيلة. فأحجم الناس، فقام الأحيمر بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة. فقال: أنا لها. فأتزَر بأحدهما، وارتدى بالآخر. فقال له المنذر: ما حجتك فيما ادعيت؟ قال: الشرف من نزار كلها في مضر، ثم في تميم، ثم في كعب، ثم في بهدلة. قال له النعمان: هذا أنت في أصلك، فكيف أنت في عشيرتك؟ قال: أنا أبو عشرة، وخالُ عشرة. قال: فهذا أنت في عشيرتك فكيف أنت في نفسك؟ فقال: شاهد العين شاهدي. ثم قام ووضع قدمه في الأرض، فقال: من أزالها فله مئة من الإبل. فلم يقم إليه أحد، ولا تعاطى ذلك. ففيه يقول الفرزدق: فَما تمَّ من سعيدٍ ولا آلِ مالكٍ ... غلامٌ إذا ما قيلَ لم يتَبَهدلِِ لهم وهبَ النعمانُ بُردَيْ مُحرِّقٍ ... بمجدِ معدٍ والعديد المحصَّلِ قال المؤلف، غفر الله له: مُحرِّقٌ الذي لبس الأُحيمر بُرديهِ: هو الحرث ابن عمرو بن عدي بن نصر. وفي آله يقول الأسود بن يَعفُرَ: ماذا أُمِّل بعد آل مُحرِّقٍ ... تركوا منازلهم وبعدَ إيادِ؟ وأبن اخيه عمرو بن هندٍ: نُسب إلى أمه، وكان أيضا يدعى محرِّقا، لما يذكر بعد من أمره مع بني دارمٍ. وأبوه المنذر بن امرىء القيس بن عمرو بن عديِّ ابن نصر اللخميُّ. وعمرو بن عدي هو ابن أخت جَذيمة الأبرش الملك بالحيرة. وجَذيمةُ هو ابن ملك بن فهم بن عم بن دوس بن عُدثان الأزديُّ، صاحب الزَّبَّاء، وقتل الزباءَ عمرو بن عدي، أخذ بثأر خاله جذيمة. وأعانه على ذلك قصير بن سعد بدهائه ومكره. وهو الذي قيل فيه: " لأمرٍ ما جدع قَصيرٌ أنفه " . وعمرو بن هند هو مُضرِّرط الحجارة. وأبوه المنذر بن أمرىء القيس. أمه ماء السماء. وقيل: " لقبت " بماء السماء لجمالها. وأبوها عوف بن جشم من النَّمر ابن قاسط بن أفصى بن دُعميِّ بن جَديلةَ بن أسد بن ربيعة بن نزار:وهو الذي ببردي مُحرِّق في الخبر المتقدم. وعم عمرو بن هند النعمان بن امرىء القيس: هو النعمان الأكبر، وكان أعور وهو بنى الخورنق، وانخلع عن ملكه، ولبس الأمساح وساح في الأرض.وهو الذي ذكره عدي بن زيد فقال: وتَبَيَّنْ، ربَّ الخورنقِ، إذْ أش ... رفَ يوما وللهدى تفكيرُ سَرَّةُ حالهُ وكثرةُ ما يَمْ ... لكُ والبحرُ مُعرضا والسديرُ فارْعَوى قلبُهُ وقال: فما غِبْ ... طةُ حيٍّ إلى المماتِ يصيرُ وخبره مشهور وسمي عمرو بن هند محرقا لأنه أحرق من بني دارمٍ ثمانية وتسعين رجلا، وأكملهم وئة برجل من البراجم وبأمرأة نَهشَليَّة. ولذلك قيل: إن الشقي وافد البراجم. وكان رجل من بني دارمٍ قتل ابنه خطأ. وأمه هندة بنت الحرث بن عمرو الكندي. والحرث هو آكل المُرار.ولدت للمنذر بن أمرىء القيس عَمرا مُحرِّقا، وقابوسا قينة العروس، وكان فيه لينٌ. والمنذر بن المنذر: وهو أبو النعمان بن المنذر ممدوح النابغة وصاحب المتجرد. قتله كسرى أبرويزُ بسباط المدائن. أمر به فأُلي تحت أرجل الفيلة، فتوطأته حتى مات. قال سلامة بن جندل المقاعسي يذكر أبرويزَ: هو المُدخلُ النعمانَ بيتاً، سَماؤهُ ... نحورُ الفُيول بعد بيتٍ مُسَرْدَقِ وهو صاحب الغريين. وكان له يومان؛ يوم بؤسى ويوم نعمٍ. وقتل عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر يوم بؤسه. وهو قاتل عدي بن زيد العبادي الشاعر، ويكنى أبا قابوس. |
||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
[ 117 ] | ||||||||
عضو متميز
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() |
![]() وبنته الحُرَقةُ: واسمها بنت النعمان. عُمِّرت إلى أن ولي المغيرةبن شعبة الكوفة. وكانت مترهبةً، نصرانيةً. وخطبها المغيرة في ديرها، فردته أحسن رد بكلام بليغ. قال أبو العباس محمد بن يزيد المبَّردُ: كان المغيرة بن شعبة، هو والي الكوفة، صار إلى دير هند بنت النعمان بن المنذر، وهي فيه عمياء مترهبةٌ. فاستأذن عليها، فقيل لها: أمير هذه المدرة بالباب. فقالت: قولوا له:أمن أولاد جَبَلة بن الأيهم أنت؟ قال: لا. قالت: فمن ولد المنذر بن ماء السماء؟ قال: لا. قالت: فمن أنت؟ قال: المغيرة بن شعبة الثقفي، قالت: فما حاجتك؟ قال: جئت خاطبا. قالت: لو جئتني لجمالٍ أو لمالٍ لأطلبتك، ولكنك أردت أن تتشرف في محافل العرب فتقول: نكحت ابنة النعمان بن المنذر. وإلا فأي خير في اجتماع أعور وعمياء؟ فبعث إليها: كيف أمركم؟ قالت: سأختصر لك الجواب، أمسينا عشاء، وليس في الأرض عربي إلا وهو يرغب إلينا ويرهبنا، ثم أصبحنا وليس في الأرض عربي إلا ونحن نرغب إليه ونرهبه. قال: فما كان أبوك يقول في ثقيف؟ قالت اختصم إليه ونرهبه. قال: فما كان أبوك يقول في ثقيف؟ قتالت: اختصم إليه رجلان منهم، أحدهما ينميها إلى إيادٍ، والآخر إلى بكر بن هوازن، فقضى بها للإياديِّ وقال: إنَّ ثقيفا لم تكن هَوازِنا ولم تنايبْ عامراً ومازنا يريد عامر بن صعصعة ومازن بن منصور. فقال المغيرةُ: أما نحن فمن بكر بن هوازن فليقل أبوك ما شاء. ومن بني عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة أبو رجاء العطارديُّ: واسمه عمران بن تَيم، وقيل: عمران بن مِلحان. وقيل عمران بن عبد الله أدرك الجاهلية، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسمع منه. أسلم بعد المبعث وقيل: ولد قبل الهجرة بإحدى عشرة سنة. وقال أبو عمرو بن العلاء: قلت لأأبي رجاء العطارديِّ: ما تذكر؟ قال: قتلُ بسطام بن قيس على الحسن ، والحسن: حَبلُ رملٍ. وأنشد أبو رجاء العطاردي لابن غنمة في بسطام ابن قيس بن مسعود الشيباني: وخرَّ على الألاءة لم يُوسَّدْ ... كأنَّ جبينه سيفٌ صَقيلُ قال الأصمعي: قتل بسطام بن قيس قبل الإسلام بقليل. وقيل إن قتل بسطام بن قيس كان بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم. يُعدُّ أبو رجاء في كبار التابعين، عُظمُ روايته عن عمر وعلي وابن عباس وسمرة، وكان ثقة. روى أيوب الَّسختيانُّي وجماعة. وكان أبو رجاء يقول: بُعث النبي صلى الله عليه السلام، وأنا أرعى الإبل على أهلي، وأريش وأبري: فلما سمعنا بخروجه لحقنا بمسيلمة.وكانت له عباة ، وعُمِّر عُمرا طويلا. مات سنة خمس ومئة في أول خلافة هشام بن عبد الملك، وهو ابن مئة وثمان وعشرين سنة وذكر الهيثم بن عدي عن أبي بكر بن عياش قال: اجتمع في جنازة أبي رجاء العطارديِّ الحسن البصري والفرزدق. فقال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد، يقول الناس: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم. قال: لست بخيرهم ولست بشرهم، ولكن ما أعددت لهذا اليوم ؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله. ثم انصرف الفرزدق فقال: ألم ترَ أن الناسَ ماتَ كبيرهم ... وقد كانَ قبل البعثِ محمدِ ولم تُغنِ عنهُ عيشُ سبعينَ حجةً ... وستينَ لمَا بانَ غيرَ مُوَسَّدِ إلى حُفرةٍ غبراءَ يُكْرهُ ورِدُها ... سِوى أنها مثوى وضيعٍ وسِّيدِ ولو كان طولُ العمر يُخلِدُ واحداً ... ويدفعُ عنه عيبَ عُمرٍ عَمرَّدِ لكان الذي راحوا به يَحملونَهُ ... مُقيماً، ولكن ليس حَيٌّ بِمُخلَدِ تَروحُ وتغدو والحتوفُ أمامنا ... يضعن لنا حتفَ الرَّدى كل مَرصدِ وقد قال لي: ماذا تُعدُّ لما ترى ... فقيهٌ إذا ما قال غيرُ مُفنَّد ِفقالُ له: أعددتُ للبعثِ والذي أرادَ بهِ أني شهيدٌ بأحمدِ وأنْ لا إلهٌ غيرُ ربي هو الذي ... يُميتُ ويُحيي يومَ بعثٍ ومَوعدِ فهذا الذي أعددتُ لا شيءَ غيرُهُ ... وأن قلتَ لي أكثرْ من الخيرِ وازْدَدِ فقالَ: لقد أعصمتَ بالخيرِ كلِّهِ ... تمسَّكْ بهذا يا فرزدق تُرشَدِ |
||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
[ 118 ] | ||||||||
عضو متميز
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() |
![]() وحدَّث جرير بن حازم قال: سمعت أبا رجاء العطاردي قال: سمعنا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ونحن في مال لنا، فخرجنا هُرابا. قال: فمررت بقوم ظبي، فأخذتها وبللتها. قال: وطلبت في غِرارةٍ لنا فوجدت كفَّ شعير، فدققته بين حجرين، ثم ألقيته في قدر، ثم ودَجْتُ بعيرا لنا، فطبخته، فأكلت أطيب طعامٍ أكلته في الجاهلية. قلت: يا أبا رجاء، ما طعمُ الدم؟ قال: حلوٌ. وروي أن أبا رجاء أتته امرأة في جوف الليل، وقد جاوز المئة ببضع فقالت: يا أبا رجاء، إن لطارق الليل حقا، إن بني فلان خرجوا إلى سفوانَ، وتركوا شيئا من متاعهم. فانتقل، وأخذ الكتب فأدَّاها ورجع إلى البصرة، وصلى بأصحابه الفجر، وهي مسيرة ليلةٍ للأبل. ومن بني شجنة بن عطارد صفوان بن جناب بن شجنة بن عطارد: وكان صفوان هو الذي يجيز للناس بالحج من عرفة، ثم بنوه من بعده، حتى كان آخرهم كرب بن صفوان. وهو الذي قام عليه الإسلام. وفي ذلك يقول أوس بن مغراء السعديُّ لا يبرحُ الناسُ ما حجوا معرَّ فهمْ ... حتى يقال: أجيروا آل صفوانا متا تطلعُ الشمسُ إلا عندَ أولنا ... ولا تغيَّبُ إلا عند أُخرانا وقال الفرزدق مناقضا الجرير من قصيدة طويلة: إذا هبطَ المُحصَّبُ من مِنى ... عشيةَ يوم النحرِ من حيثُ عرَّفوا ترى الناسَ ما سِرنا يسيرونَ خلفنا ... وإنْ نحن إومأنا إلى الناسِ وقَّفوا وعدد ابيات هذه القصيدة مئة وثلاثة عشر بيتا. ولها خبر ذكره إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري في منتخب النقائض للنَّجيرمي. وفي هذه القصيدة البيت الذي استشهد به الزَّجاجيُّ في " الجمل " في باب الفعل المحمول على المعنى، وهو: وعظُّ زمانٍ يا بْنَ مروانَ لم يدعْ ... من المالِ إلا مُسحَتٌ أو مُجلَّفُ روى الكسائي مُسحتاً بالنصب، وهو المستأصل. والمجلَّفُ: شبيهٌ به. ومن رفع مسحتاً حمله على المعنى، لأنه إذا قال: لم يدعْ فكأنه لم يبقِ. قال أبو عبيدة: وسمعت رواية الفرزدق يروى " لم يَدعْ من المال " . وقال لم يَدِعْ: لم يَتَّدعْ: من الدَّعةِ. أي لم يثبتُ ولم يستقر. ومن بني قريع بن عوف، وهو أخو عطارد وبهدلة الأضبط بن قُريع بن عوفٍ: وكان رأس تميما في الجاهلية في بعض حروبهم. وهو المتقيِّل في القبائل. فلما لم يُحمدهم رجع إلى قومه وقال: بكلِ وادٍ بنو سعدٍ. وله حكم في شعره. وهو القائل في قصيدة مشهورة: لكلِّ همٍّ من الهمومِ سَعهْ ... والمُسْيُ والصُبحُ لا فاحَ معهُ الفلاح: البغاء ومنهم بنو أنف الناقة منهم شمَّاسُ بن لأيْ: الذي مدحه الحطيئة. وفيه يقول من قصيدة: وإن التي نكتبها عن معاشرِ ... عِضابٍ عليَّ أنْ صَددتُ كما صَدُّوا أتتْ آل شَّماسِ بن لأي وإنما ... أتتهمْ بها الأحلامُ والحسبُ العِدُّ وإنَّ الشقيَّ مَن تُعادى رماحهمْ ... وذو الجَدِّ من لانوا إليه ومن وَدَّوا يسوسونَ أحلاماً بعيداً أناتُها ... وإن غَضوا جتءَ الحفيظةُ والجِدُّ أقلُّ عليهم لا أبا لأبيكمُ ... منَ اللومِ أو سُدوا المكانَ الذي سَّدوا أولئك قومٌ إنْ بنوا أحسنوا البُنا ... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقَدوا شَدُّوا وإن كانتِ النَّعماءُ فيهم جضزَوا بها ... وإن أنعموا لا كدَّروها ولا كدُّوا وفيها: فمن مُبلغٌ لأْياً بأنْ قد سعى لكم ... إلى السورةِ لا يساوى عِنانهُ جرى حين جارى لا يساوى عِنانهُ ... عنانٌ ولا يثنى أجاريَّةُ الجَهدُ رأى مجد أقوام أُضيع فحثَّهم ... على مجدهمْ لمَّا رأى أنه المجد وله ايضا يمدح آل شماس بن لأىٍ من قصيدة: سيرى أُمام فإن الأكثرين حصًى ... والأكرمين إذا ما يُنسبونَ أبا قومٌ هم الأنفُ والأذنابُ غيرهمُ ... ومن يساوى بأنفِ الناقةِ الدَّنيا؟ قومٌ إذا عقدوا عقداً لجارهمُ ... شدوا العِناجَ وشدوا فوقهُ الكربا |
||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
[ 119 ] | ||||||||
عضو متميز
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() |
![]() قومٌ يبيتُ قرير العين جارُهمُ ... إذا لوى بقوى أطنابهمْ طُنُبا وله أيضا يمدح بني قريع، من قصيدةٍ: فلا وأبيكَ ما ظلمتْ قُريعٌ ... بأن يبنوا المكارم حيثُ شاؤوا وإنى قد عَلقت بحبل قومٍ ... أعانهم على الحسبِ الثَّراءُ إذا نَزلَ الشتاءُ بجارِ قومٍ ... تجنَّبَ جارَ بيتهمُ الشتاءُ همُ تالقومُ الذين إذا ألمَّتْ ... من الأيامِ مُظلمةٌ أضاؤوا ومن بني أنف الناقة أوس بن مغراء. ومن بني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم المستوغر بن ربيعة ابن كعب بن سعد: عُمِّر ثلاث مئةٍ وثلاثين سنةً، وأدرك الإسلام. وهو القائل في طول عمره: ولقد سئمت من الحياةِ وطولها ... وعُمِرتُ من عددِ السنين مِئينا مئةٌ حَدتْها بعدها مئتانِ لى ... وازددتُ من عدد الشهورِ سنينا هل ما بقيَ إلا كما قد فاتنا ... يومٌ يمرُ وليلةٍ تحدونا وهو القائل حين هدم رُضى في الإسلام، وكانت بيتاً تعظِّمه بنو أبيه ربيعة بن كعب: ولقد شددتُ على رضاءٍ شَدَّةً ... فتركتها قَفراً بقاعٍ أشحما واسم المستوغر عمرو. وكان أطول مضر عُمراً. وبنو ربيعة بن كعب بن سعد، وبنو الأعرج بن كعب بن سعد يقال لهم الأجاربُ. وفيهم يقول أحمرُ بن جندل: ذودوا قليل تُلحقُ الجلاببُ ... تَلحقُنا حمَّانُ والأجاربُ وقيل لهم الأجارب لأنهم كانوا يَعوُّون الناس بكثرة شرِّهم. فمن الأجارب حارثةُ بن قدامة: صاحب شرطة علي بن أبي طالب،وعمرو بن جُرموز: قاتل الزبير بن العوام. والنسب إلى الأعرج بن كعب أعرجي نسبٌ معروف. وحِمّان: هو عبد العزى بن كعب... ومن بني سعد بن زيد مناة بن تميم ثم بني صَريم الصَّريمي الملقب عبسَ الطِّعان: وكان من الابطال. ترجَّل يوم هزم أصحاب قَطري " عبد العزيز بن عبد " الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، فقاتل حتى قُتل رحمه الله. ومنهم من سيأتي ذكره بعد مقتل عليٍّ رضي الله عنه. وحرام بن كعب بن سعد: من بني حرام. والحرام بالراء وفتح الحاء والمهملة. ومن بني الأعرج بن كعب بن سعد بن زيد مناة أسلعُ بن شَرِيك الأعرجي: " كان صاحب " رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحب راحلته.نزل البصرة. روى عنه زريق المالكي. ومن بني حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم داررمُ بن مالك بن حنظلةَ: وبنوه بطون. ويربوعٌ: وبنوه بطون.وهو يربوع بن حنظلة، عم دارم. ومن بني مالك بن حنظلة صُدَيٌ ويربوعٌ وزيد: وهم بنو العَدويَّة. نُسبوا إلى امهم، وبها يُعرفون. وأبوهم مالك بن حنظلة. وأخوتهم أبو سودِ بن مالك ، وعوف بن مالك، وخُشيش بن مالك. أمهم طُهيَّة وبها يُعرفون. ويقال لبني طهية وبني العدوية " الجمارُ " . منهم: أبو البلاد الطُّهويُّ. ومن طُهية بنو شيطانٍ: بطنٌ فيهم فوارس. " قال الشاعر " : فوارسُ لا يملُّون المنايا ... إذا دارت رَحى الحربِ الزَّبونِ فولد دارمٌ: عبد الله بطنٌ، ومُجاشعا بطن، ونَهشلا بطن، والعنبر بطن. وولد يربوع: ثعلبة بطن، وغدافة بطن، ورياحا بطن، وحراما بطن، وسليطا بطن، والعنبر بطن. |
||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
[ 120 ] | ||||||||
عضو متميز
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() |
![]() فمن بني عبد الله بن دارم عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس بن زيد ابن عبد الله بن دارم: وهو من أشراف وجوه تميم. وبقوس أبيه حاجب يُضرب المثل حين رهنها عند كسرى، وخبرُها مشهور. ومات حاجب والقوس عند كسرى. فارتحل عطارد بن حاجب إليه يطلب قوس أبيه، فردها عليه، وكساه حلةً. فلما وفد إلى النبي عليه السلام في بني تميم سنة تسع، وكان سيدا في قومه أهدى الحلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقبلها، فباعها بأربعة آلاف درهم من رجل من اليهود. ولهذه الحلة خبر ذكره مسلم في صحيحه فقال: حدثنا شيبا بن فرُّوخ قال: نا جرير بن حازم قال: نا نافع عن أبن عمر قال: رأى عمر عطارد التميمي يُقيم بالسوق حلةً سِيراءَ. وكان رجلا يغشى الملوك، ويصيب منهم. فقال عمر: يا رسول الله ، إني رأيت عطارد يقيم في السوق حلة سيراء. فلو اشتريتها فلبستها لوفود العرب إذا قدموا عليك، وأظنه قال: ولبستها يوم الجمعة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة " . فلما كان بعد ذلك أُتي رسول الله عليه السلام بحللٍ سيراءَ. فبعث إلى عمر بحلة، وبعث إلى أسامة بن زيد بحلة، واعطى علي بن أبي طالب حلة وقال: " شَققها خمرا بين نسائك " . قال:فجاء عمر بحلته يجعلها، فقال: يا رسول الله بعثت إلى بهذه، وقد قلت بالأمس في حلة عطارد ما قلت! فقال: " أما إني لم أبعث بها إليك لتلبسها، ولكن بعثت بها إليك لتُصيبَ بها " . وأما أسامة فراح في حلته فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرا عرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكر ما صنع فقال: يا رسول الله ، ما تنظر إلي؟ فأنت بعثت بها إلي! فقال: " إني لم أبعث إليك لتلبسها ولكن بعثتها إليك لتشققها خمرا بين نسائك " . وابن ابنه محمد بن عمير بم عطارد: كان شريفا. وله يقول الشاعر: علمَ القبائلُ من معدّ وغيرها ... أن الجوادَ محمدُ بن عُطاردِ وذكرت بنو دارم يوما بحضرة عبد الملك، فقالوا: قومٌ لهم حظ. فقال عبد الملك: تقولون ذلك وقد مضى منهم لقيط بن زرارة، ولا عقب له. ومضى محمد ابن عمير بن عطارد، ولا عقب له. والله لا تنسى العرب هؤلاء الثلاثة أبدا. وجلس الحجاج يوما، ومعه جماعة على المائدة، منهم محمد بن عمير بن عطارد ابن حاجب بن زرارة، وحجار بن الحرِّ بن بجير العِجْليُّ، فأقبل في وسط الطعام على محمد بن عمير. فقال: يا محمد، أيدعوك قتيبة بن مسلم إلى نُصرتي يوم رُسْتَقْباذَ فتقول: هذا أمر لا ناقة لي فيه ولا جمل؟ لا جعل الله لك فيه ناقة ولا جملا. يا حرسيُّ خذ بيدهِ، جَرِّد سيفك، فاضرب عنقه. فنظر إلى حجار وهو يبتسم، فدخلته العصبية. وكان مكان حجار من ربيعة كمكان محمد بن عمير من مضر. وأتى الخبازُ بفُرنيةٍ، فقال: اجعلها مما يلي محمدا، فإن اللبن يُعجبه. ياحرسي شمْ سيفك وانصرف. شِم سيفك: من الأضداد. يقال: شِمتَ السيف: إذا أغمدته وإذا سللته. وشمت البرق إذا نظرت إليه من أى ناحية يأتي. ومن شمت السيف: بمعنى سللته. قول النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى أُحد للرجل الذي أصاب كُلاَّبَ سيفهِ ذنبُ فرسٍ، حين ذبَّ به، فاستله: " شم سيفك، فإني أرى السيوف ستسل اليوم " . وكان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل ولا يعتاف. ومن شمتُ السيف: بمعنى أغمدته، كقول الفرزدق: بأيدي رجالٍ لم يشيموا سيوفهم ... ولم تكثرِ القتلى بها حين سُلَّتِ وهذا البيت طريف عند أصحاب المعاني تأويله لم يشيموا ولم يغمدوا. ولم تكثر القتلى أى لم يُغمدوا سيوفهم إلا وقد كثرت القتلى حين سلت. وكان محمد بن عمير حظيا عند بني مروان، وخاصا ببشر بن مروان. قال أبو عبيدة: قدم الأخطل على بشر الكوفة، فوجد عنده محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة. فقال محمد للأخطل: إن الأمير سيسألك عن الفرزدق وجرير، فانظر ما أنت قائل، فقد عرفت قرابتنا. وأم عبد الله ومجاشع ابني دارم الحلال بنت ظالم بن ذبيان التغلبي. فسأل بشر الأخطل عنهما، فقال: الفرزدق أشعر العرب.فقال جرير يهجو الفرزدق والأخطل ومحمد بن عمير بن عطارد في قصيدة طويلة أولها: لمن الديارُ ببُرقةِ الروحانِ ... إذ لا نبيعُ زماننا بزمانِ ومنها في ذكر محمد بن عمير وعمه لبيد: |
||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الجوهرة | سطام الشدادي | القسم العام | 6 | 06 Aug 2009 03:00 AM |
الجوهرة في منزل الشدادي السعيد على قول ولد عمي سلطان | الشدادي الحزين | أخبار الشدادين | 15 | 12 Mar 2009 10:08 PM |
ميسي الجوهرة الأرجنتينية الجديدة التي ستراقبها كل الأنظار | بسمة | عالم الرياضة | 7 | 19 Oct 2007 04:53 PM |
حتى لا تنكـسر الجوهرة | الياسر | المنتدى الاسلامي | 20 | 16 Jul 2007 02:59 AM |
ناكر العشرة | هذال شري | بحور القوافي | 14 | 06 May 2005 08:08 AM |
أدوات الموضوع | |
|