الموضوع: مقال على الرف
عرض مشاركة واحدة
قديم 20 Oct 2017, 03:01 PM [ 20 ]
عضو متميز


تاريخ التسجيل : Oct 2017
رقم العضوية : 76226
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 1
الردود : 219
مجموع المشاركات : 220
معدل التقييم : 66ريحـان will become famous soon enough

ريحـان غير متصل


رد: مقال على الرف


عندما يفيض كأس المرارة
نحوى هاشم - 2010



كيف تتحول دواخلك إلى فراغ، ومفردات صمت لا يُسمع فيها سوى الصمت؟ ولماذا فشلت في إخفاء ملامح مرارتك رغم قدرتك الكبيرة دائماً على التدثر بالاختفاء؟

ولماذا أربكتك المرارة هذه المرة، وعصفت بكل خطواتك؟

هل لأن بوصلة التحمل لم تعد تتعاطى مغ رغبتك في المرور إلى خارج هذه الدائرة المغلّفة بمرارتها؟

هل لأن الواقع والحقيقة انسابا حولك واستكاانا في وضع المقيم الفعلي الذي كثيراً ما حاولت أن تمكّنه من البقاء؟

نشعر بالمرارة ولا نستطيع أن نتعامل معها بتجرد.. نتحسس وجيعتنا وتتحول إلى حكاية مفردة مرتبطة بتكوين داخلي من الصعب تفتيته..

تداهمنا المرارة أحياناً وتبدو وكأنها إحساس السلطة نفسها...

آخرون تتشكل المرارة لديهم تراكماً، وليس هجوماً واحداً، فالزمن قد يرتكن عليك ويوزع مرارته كل فترة داخلك، وكأنك المختص الوحيد باستلام شيكات المرارة..

وبعض من حولك وبالذات الذين لا يمكن الافتكاك منهم أو التعامل معهم بتجرد يمارسون معك مسلسل الإرواء المستمر بمفردات المرار وكأنك الظمآن الوحيد في هذا العالم...

لا أحد يظمأ ليرتوي بالمرار.

ولا أحد متعقلا بإمكانه أن يطوي معك الزمن لحظة بلحظة بقراءة صفحات المرارة...

قد يلفت انتباهنا أحياناً شخص لا تعرفه تلمع في عباراته ملامح المرارة، وتنهض من عينيه خطواتها، وأنت تستمع إليه وهو يحكي، أو يروي مقاطعه، تشعر أن خفقات روحه قد لفتها الوجيعة، وتمازجت معها، ولم يعد يفصل بينهما أي مسافة!

تجفف المرارة ماء القلب

وتسرف في مضاعفة الألم مهما حاولت السيطرة عليه...

لا يوجد على سطح الكوكب من خلت مشاعره، أو تفرغّت من العذاب وآثاره أو أولوياته.

جذور الإنسانية الصافية تتسق مع نشوة الفرح كما تتسق مع نشوة المرار.

هل ثمة فزع وقهر تخلّفهما المرارة؟

هل ثمة مواويل عتاب تحيلك إلى الصمت تجاه الآخر احتراماً لكينونة وجيعتك، وترفعاً عن فتح المسكوت عليه؟

يبحر البعض بقوة في واجهة الانفجار إن حاصره المرار ليخفف من حدّته، ويخفي حرارته.

ويتوارى البعض في وطن الصمت، ويقظة الهدوء، والتعايش مع ذلك الأفق المفتوح من التأمل، وكأنه كتاب يحتاج إلى القراءة المتواصلة!

ظروف الحياة، وتعقيداتها، ونشأة كل طرف وثقافته وقدرته على التحمل، وشبكة حياته المعقّدة تنتصر دائماً لما سيقوم به، أو ما سوف يصدر عنه!

ومع ذلك لم يوفر المرار أحداً، فاضت الحياة داخله، ولم يحاول أن يجتاز أي أبواب مغلقة، لأن مهمته طرق الأبواب وكسرها إن لم تستجب.

من الصعب مداواة قسوة الأيام بمجرد صب مفردات مسكّنة عليها!

ومن الصعب أن تكون أكثر رونقاً وانطلاقاً وملح الظلم يتسرب داخلك وأنت عاجز عن إيقاف هذا التسرب!

ثمة من يقول إن ذخيرة التحمل عند الإنسان تكفي لمواجهة أشعة القهر والألم القاسية!

لكن ثمة جوانب في الداخل لايمكن أن نلقّنها بمفردات لغة لا يمكن أن تتحقق!

وبحلم لن يجيء..

وباقتراب أفق عبثاً ترتحل داخله وتتسع خطواتك أمام بياض تلك المسافة الممتدة..


الأعلى رد مع اقتباس