الموضوع: فن الترجمة
عرض مشاركة واحدة
قديم 16 Jun 2011, 04:21 PM [ 7 ]

تاريخ التسجيل : Dec 2010
رقم العضوية : 34258
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 265
الردود : 5979
مجموع المشاركات : 6,244
معدل التقييم : 347هديل ~ is a jewel in the roughهديل ~ is a jewel in the roughهديل ~ is a jewel in the roughهديل ~ is a jewel in the rough

هديل ~ غير متصل


رد: فن الترجمه


دور المترجم
Translator's Role

لا يمكن لأية مناقشة لمبادئ الترجمة ومناهجها أن تعطينا معالجة لقضية الترجمة بمعزل عن المترجم نفسه. وبما أن المترجم يعتبر العنصر البؤري في عملية الترجمة، فإن دوره يعد محوريا بالنسبة للمبادئ والمناهج الأساسية في عملية الترجمة، ذلك أن المترجم نفسه يعتبر جزءا من البيئة الثقافية التي يعيش فيها.
وإذا أردنا من المترجم إنتاج رسالة مقبولة – رغم ما يجده من صعوبات ونكران للجميل – فلابد أن يكون ملما إلماما شاملا بخصائص اللغة المصدر، ولابد أن يسيطر في نفس الوقت على أدوات اللغة المنقول إليها. فهو لا يستطيع حتما أن يكافئ بين الكلمات مقتصرا على القاموس، بل لابد له أن يُحدث بالمعنى الحقيقي صيغة لغوية جديدة، لكي ينقل المفهوم الذي تعبر عنه اللغة المصدر. أي يجب أن يكون ضليعا well-versed في كل من اللغتين اللتين يتعامل معهما.
وهناك بعض المتطلبات الأساسية التي يجب توافرها في المترجم. وأول هذه المتطلبات – كما سبق القول – هو وجوب معرفته التامة باللغة المصدر. فلا يكفي أن يكون المترجم قادرا
على فهم " المغزى العام " للمعنى أو أن يكون ماهرا في استشارة القواميس ( فهو سيفعل ذلك حتى في أحسن الأحوال ). وإنما عليه بالإضافة إلى ذلك فهم الجوانب الدقيقة والحساسة للمعنى، والقيم الانفعالية السلوكية الهامة للكلمات، والخصائص الأسلوبية التي تحدد " نكهة وإحساس " الرسالة.
كما يجب عليه أن يكون ضليعا بالقواعد الحاكمة للغة المنقول إليها، وليس للمترجم بديل عن ذلك. ولعل أغلب الأخطاء المتعددة والخطيرة التي يقع فيها المترجمون تنشأ أساسا من افتقارهم للمعرفة الشاملة باللغة المنقول إليها.
وبالإضافة إلى ذلك، على المترجم أن يكون لديه معرفة خاصة بالموضوع الذي يترجمه. فيمكن مثلا أن يكون المترجم على علم جيد باللغة بوجه عام، ولكنه يجهل الكثير عن موضوعات مثل الفيزياء النووية أو الكيمياء العضوية. ففي هذه الحالة، لا تعتبر المعرفة العامة باللغة وافية كخلفية وكتجربة لترجمة المواد التقنية في مثل هذه الفروع. وبتعبير آخر، يجب على المترجم – بالإضافة إلى كونه ضليعا بقواعد وسلوك اللغتين المصدر والمنقول إليها – أن يكون على إطلاع شامل بمادة الموضوع الذي يترجمه.
وحتى مع توافر المعرفة التقنية الضرورية لدى المترجم، فلن يعتبر كفؤا ما لم يتوافر لديه بالإضافة إلى ذلك الرغبة النفسية
الحقيقية. إذ يجب أن تتوافر لدى المترجم موهبة المحاكاة والقدرة على أداء دور المؤلف وتقمص سلوكه وكلامه ووسائله بأقصى درجة من الاحتمال.
وفي ذلك، يورد Justin O'Brien رأيه في هذه القضية، فيقول: " على المترجم ألا يترجم أبدا أي شيء لا يثير إعجابه. فيجب أن تتواجد ألفة بين المترجم وبين ما يترجمه بقدر الإمكان ".
على أن المعرفة الشاملة باللغتين المصدر والمنقول إليها وبمادة الموضوع الذي يُترجم والرغبة النفسية الحقيقية لا تضمن الحصول على ترجمة فعالة في الواقع ما لم يتمتع المترجم بالإضافة إلى كل ما سبق بوجود حس أدبي literary taste لديه. فيقول Nabocov " لكي يكون للمترجم التأثير الكامل فيجب أن يتمتع في النهاية بقدر من الموهبة تتساوى مع قدر الموهبة التي يتمتع بها المؤلف الذي يختاره ".
وليس هناك مترجم يستطيع تجنب درجة معينة من التأثير الشخصي في عمله. فيتأثر المترجم باعتناق آراء المؤلف أو بالرسالة أو يتأثر بافتقاره لمثل هذا الاعتناق، وذلك أثناء تفسيره للرسالة المكتوبة باللغة المصدر وفي انتقائه للكلمات والصيغ النحوية المطابقة وفي اختياره للمكافئات الأسلوبية. ومن المفهوم تماما أن المعاني السلوكية التي يستخدمها المؤلف تؤثر في قيم
المترجم المماثلة وتتأثر بها، ولا يمكن أن يكون الناتج بأية حالة هو نفس قيم المؤلف بالضبط.
ويتحتم على المترجم ألا يضم انطباعاته الخاصة إلى الرسالة، أو يحرّفها لتناسب تطلعاته الفكرية والانفعالية. ولابد له أن يبذل كل جهد ممكن لتقليل أي تدخل من جانبه لا يتناغم مع قصد وفحوى المؤلف الأصلي والرسالة الأصلية وذلك إلى أدنى حد ممكن.
ولا تحدث معظم الحالات المتعلقة بالتبديل غير الملائم للنص الأصلي بناء على رغبة واعية لتحوير الرسالة أو تحريفها، بل تنتج من سمات الشخصية اللاواعية التي تؤثر في عمل المترجم بطرق خفية. وتتضح هذه السمات بشكل كبير حينما يشعر المترجم بالميل إلى تحسين النص الأصلي أو تصحيح الأخطاء الجلية فيه أو الدفاع عن تحبيذ شخصي وذلك بتحريف ما يختاره من كلمات.
وتتناسب مخاطر الذاتية في عملية الترجمة مع مقدار التدخل الانفعالي الممكن من المترجم في الرسالة. ففي نصوص النثر العلمي، يصل هذا التدخل الذاتي إلى أدنى مستوى له. على أن هذا التدخل يصل عادة إلى أعلى مستوياته في حالة النصوص الدينية.


توقيع : هديل ~
هناك عرباتٌ
خرجت عن الطريق ويجب أن تـُعاد .. فإني أؤمن بأننا ما زلنا نملك الطريقَ،

وكل ما علينا هو أن نلتزم بالسير عليه!


الأعلى رد مع اقتباس