عرض مشاركة واحدة
قديم 23 Mar 2006, 05:26 PM [ 8 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Jan 2005
رقم العضوية : 3
الإقامة : kuwait
مواضيع : 772
الردود : 15957
مجموع المشاركات : 16,729
معدل التقييم : 25المستحيلة is on a distinguished road

المستحيلة غير متصل




روبرت موجابي.. أستاذ فن البقاء في السلطة



روبرت موجابي

عندما ألقى السفير الأميركي في زيمبابوي " كريستوفر ديل " بمسؤولية الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها زيمبابوي، على الفساد والسوء اللذين يشوبا إدارة وحكم الرئيس "روبرت موجابي"، رد عليه " موجابي " بكلمتين فقط: "اذهب للجحيم".


يقول مراقبون: إن هذه العبارة تصف ـ بوضوح ـ حالة التردي الشديد التي وصلت إليها العلاقات بين حاكم زيمبابوي الأوحد ـ منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1980 ـ وبين الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا.

أعداء بالجملة
ولم تدَعْ سياسات " موجابي " له أصدقاءً كثيرين، بل أكسبه أعداءً بالجملة، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، اللتان أصبحتا لا تريدانه في الحكم.

وتهاجم الولايات المتحدة " موجابي " بشدة، وتقول: إن السياسات الاقتصادية والسياسية الفاشلة لنظامه أدت إلى تدمير البلاد"، وفرضت عليه وعلى مساعديه عقوبات سياسية واقتصادية، في خطوة تستهدف من قالت: إنهم "يعيقون الإصلاح الديمقراطي في زيمبابوي".

كما قرر الاتحاد الأوروبي تمديد سلسلة من العقوبات على زيمبابوي.. تتضمن حظرًا على منح تأشيرات السفر للمتورطين في ارتكاب انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان وحرية التعبير، وتجميد أموالهم وممتلكاتهم، وحظر بيع الأسلحة لزيمبابوي، وذلك لزيادة عزل "موجابي".

وفي المقابل يقول "موجابي": "إن الاستعمار البريطاني لا يزال لديه أطماع إلى الآن في زيمبابوي، ولا يريد أن يخرج عن طوع الإمبراطورية القديمة التي كانت الشمس لا تغيب عنها"، في حين يرى "موجابي" أن الشمس غابت، ولابد لبلاده أن تعيش مستقلة.. دون تدخل من أحد، سواء أكان استعمارًا قديمًا أم حديثًا.

كما يقف "موجابي"؛ منذ سنوات كمعارض قوي للسياسة الأميركية في إفريقيا، وينتقدها باستمرار؛ مما أدى إلى توتر العلاقات بين واشنطن وهراري.

الأستاذ
ووصفت مجلة "تايم" الأميركية "موجابي" بأنه "أستاذ في فن البقاء في السلطة"؛ حيث استطاع – لأكثر من ربع قرن ـ مواجهة المعارضة الداخلية، والضغوط الخارجية ضده؛ وبخاصة الضغوط التي تمارسها بريطانيا؛ التي كانت قوة احتلال مسيطرة على بلاده. لكنها قالت أيضًا: "إن "موجابي" يمارس سياسة قمعية في مواجهة المعارضة".

وفي مارس 2002 أعيد انتخاب "موجابي"؛ لفترة رئاسة جديدة.. مدتها 6 أعوام.. في انتخابات انتقدت على نطاق واسع في الدول الغربية، ووصفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأنها لم تكن حرة ولا نزيهة.

كما وصفت وزيرة الخارجية الأميركية "كوندوليزا رايس" زيمبابوي بأنها "معقل للاستبداد"، واتهم البيت الأبيض "موجابي" بقمع جماعات المعارضة ووسائل الإعلام الحرة.

ويقول منتقدو "موجابي" إنه يقوم بتشديد قبضته على السلطة، بإدخال تعديلات على مؤسسات الدولة، وتزوير الانتخابات البرلمانية التي جرت عام ‏2000,‏ وانتخابات الرياسة عام 2003، وهو ما دعا قوى معارضة إلى مقاطعة انتخابات اختيار أعضاء مجلس الشيوخ التي جرت أواخر نوفمبر 2005، ووصفوها بأنها "مهزلة".

أزمة اقتصادية
ومنذ استقلالها عام 1980، حتى منتصف التسعينيات من القرن العشرين، ظلت زيمبابوي ـ روديسيا سابقًا ـ أحد الاقتصادات القوية في إفريقيا، وسلة الغذاء لمنطقة الجنوب الإفريقي.

لكن مراقبين يقولون: إن سياسات الرئيس "موجابي"ـ منذ فبراير عام 2000 ـ أضرت باقتصاد البلاد، وتسببت في انخفاض المحاصيل بشكل حاد، وقادت زيمبابوي إلى أزمة سياسية واقتصادية حتى الآن.

وحذرت تقارير دولية من أنه ـ بحلول عام 2006 ـ سيكون هناك ما يقرب من 200 ألف شخص معرضين للموت جوعًا في زيمبابوي، إلى الحد الذي دعا مطران الكاثوليك في زيمبابوي لمطالبة المجتمع الدولي بخلع "موجابي" على غرار ما حدث لـ"تشارلز تايلور" الرئيس السابق لليبيريا، مبررًا دعوته تلك ''بأن زيمبابوي تجتاحها أمواج الفقر والبؤس؛ نتيجة سياسات "موجابي" الاقتصادية الفاشلة التي لم تؤد إلى توفير أبسط احتياجات السكان، وأهمها الغذاء".

لكن الزعيم ـ المثير للجدل ـ ينفي أن تكون طريقة إدارته للبلاد هي التي أدت إلى تدهور الاقتصاد، ويقول: إن زيمبابوي سقطت ضحية تخريب متعمد للاقتصاد من قبل معارضيه في الداخل والخارج؛ الذين يحاولون الإطاحة به؛ بسبب موقفه الوطني، وخاصة مصادرته مزارع ذوي البشرة البيضاء، وإعادة توزيعها.

ويقول "موجابي": "إن مشكلات بلاده ـ بما فيها انهيار الاقتصاد والنقص في المواد الغذائية ـ سببها تدخل الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في شؤون زيمبابوي الداخلية".

أراضي البيض
ويقول مراقبون: إن الرئيس "موجابي" لجأ إلى الضغط على الدول الغربية والمؤسسات الدولية، باستخدام ورقة "مزارع البيض"؛ حيث أخذ يهدد بالاستيلاء عليها.. الأمر الذي دفع الدول الغربية إلى تقديم مساعدات اقتصادية لزيمبابوي.

لكن الضغوط الداخلية الشديدة التي تعرض لها "موجابي" دفعته إلى اتخاذ قانون أثار الكثير من الجدل، أسماه قانون "الإصلاح الزراعي"، ويقضي بأخذ الأراضي الزراعية من ملاكها البيض ـ الذين يشكلون 20% من تعداد سكان زيمبابوي، ويملكون ما يقارب 80% من الأراضي الزراعية ـ وإعادة توزيعها على الأغلبية من المواطنين السود.

ويقول مراقبون: إن "موجابي" استثمر قضية الأراضي أفضل استثمار، لإعادة الثقة في نظام الحزب الوطني الحاكم (زانو بي. إف)، بعد أن تدنت شعبيته بدرجة كبيرة، والحصول على الدعم من جانب القطاع الريفي بالبلاد؛ الذي يمثل سكانه نحو 70% من إجمالي سكان البلاد.

واكتسبت حملة "موجابي" تأييدًا شعبيًّا كبيرًا، خاصة من الفئات الفقيرة في زيمبابوي.

وفي أغسطس الماضي أقر برلمان زيمبابوي ـ الذي يحتفظ حزب الرئيس "روبرت موجابي" بأغلبيته ـ مجموعة من التعديلات الدستورية.. قضت على فرص المزارعين البيض في استرجاع أراضيهم المصادرة.

لكن منتقديه يقولون: إن الأراضي التي أجبر المزارعون البيض على تركها لم يتم توزيعها على السود، وإن كثيرًا منها آلت إلى المقربين من "موجابي".

وتسببت هذه الخطوة في توجيه اتهاماتٍ لزيمبابوي بأنها الدولة الوحيدة في العالم التي يتم فيها ممارسة التمييز العنصري ضد البيض ـ وليس السود؛ كما يحدث في بعض دول العالم ـ لكن "موجابي" يرى أن الإصلاح الزراعي الذي بدأه في البلاد لا رجعة فيه.

لكن "موجابي" يقول: إن الأقلية البيضاء كانت تسيطر على أجود الأراضي الزارعية، وتعد ـ في الوقت نفسه ـ ما يشبه جيبًا استعماريًّا، ويجب تصفيته مهما كان ذلك مكلفًا اقتصاديًّا.

"لننظر شرقًا"
وفي مواجهة ما تمارسه القوى الغربية من ضغوط شديدة على "موجابي"، أطلق الزعيم المثير للجدل سياسة أسماها "لننظر شرقًا"؛ حيث وطد علاقاته مع الصين، وهو ما أعطاه فرصة ـ حسبما يقول المراقبون ـ لأن "يظل يتنفس".

كما حافظت زيمبابوي ـ في ظل حكم "موجابي" ـ على علاقات جيدة مع كل من إيران وكوريا الشمالية وليبيا، وهي جميعًا دول تربطها علاقات سيئة بالدول الغربية.

من يخلف "موجابي" ؟
ورغم تقدمه في العمر إلا أن "موجابي" لم يعمل على إيجاد من يخلفه، ويؤكد أنه لن يطرح أي خليفة له، وحجته في ذلك أنه يترك حرية الاختيار للشعب.

وألمح ـ في احتفاله بعيد ميلاده الثمانين ـ إلى أنه سيتقاعد بعد انتهاء فترة رئاسته الحالية في عام 2008.

لكن مراقبين يقولون: إن البديل المرشح لـ"موجابي" يمكن أن يأخذ صورة انقلاب عسكري من داخل النظام.. يطيح به، ويستغل حالة الاستياء الداخلي والخارجي من نظامه، أما البديل الثاني فيمكن أن يتمثل في ثورة شعبية تجبر "موجابي" على التنحي، وتقيم نظامًا ديمقراطيًّا بدلاً منه.


توقيع : المستحيلة



الأعلى رد مع اقتباس