عرض مشاركة واحدة
قديم 02 Jul 2009, 03:50 PM [ 11 ]
المراقبة العامة

تاريخ التسجيل : Jul 2007
رقم العضوية : 3282
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 182
الردود : 6019
مجموع المشاركات : 6,201
معدل التقييم : 25سيدة الأشجان is on a distinguished road

سيدة الأشجان غير متصل




الدرس التاسع

:
:

أعد هذا الدرس الفاضل / متأمل

::

الدرس عن تفسير قوله تـعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }
الحجرات ( 12 ) .


::

(1)
قوله تعالى :
{ اجتنبوا كثيرا من الظن }

قال الزجاج : هو أن تظن بأهل الخير سوءا . فأما أهل الفسق فلنا أن نظن بهم مثل الذي ظهر منهم .

قال سعيد بن جبير : هو الرجل يسمع من أخيه كلاما لا يريد به سوءا ، أو يدخل مدخلا لا يريد به سوءا ، فيراه أخوه المسلم فيظن به سوءا .

قال القاضي أبو يعلى بن الفراء – رضي الله عنه ورحمه – هذه الآية تدل على أنه لم ينه عن جميع الظن

والظن على أربعة أضرب
: محظور ، ومأمور به ، و مباح ، ومندوب إليه .

فأما المحظور :

فهو سوء الظن بالله تعالى ، والواجب حسن الظن بالله ، وكذلك سوء الظن بالمسلمين الذين ظاهرهم العدالة محظور .

وأما المأمور به :

فهو ما لم ينتصب عليه دليل يوصل إلى العلم به ، وقد تُعُبّدنا بتنفيذ الحكم فيه والاقتصار على غالب الظن ، وذلك نحو ما تعبدنا به من قبول شهادة العدول ، وتحري القبلة ، ونحوها .

قال متأمل : يعني : المسائل الدينية التي لم يرد فيها دليل قاطع ، يعمل المسلم فيها بغالب ظنه ، فهنا يكون الظن مأمور به . كمن يستقبل القبلة يتحرى الاتجاه الصحيح ويبني على ما يغلب على ظنه إذا لم يكن عنده ما يرشده إلى الاتجاه .

وأما المباح :

كالشاك في الصلاة إذا كان إماما ، أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتحري على ما يغلب على ظنه ، فإن فعله كان مباحا ، وإن عدل عنه إلى البناء على اليقين كان جائزا .

وأما الظن المندوب إليه – يعني المستحب - :

فهو إحسان الظن بالأخ المسلم ، يُندب إليه ، ويُثاب عليه .

قوله تعالى : { إن بعض الظن إثم } هو الظن الذي نهي عن مُساكنته .



(2)
قوله تعالى
{ ولا تجسسوا }
قال أبو عبيدة : هو التبحث ، ومنه الجاسوس .

وقيل التجسس : البحث عن عورات الناس .
والتحسس – بالحاء - : الاستماع لحديث القوم .

عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ، ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله تعالى " .



(3)
قوله تعالى :
{ ولا يغتب بعضكم بعضا }

القول على هذه الجملة تحصره ثلاثة فصول :
الفصل الأول : في ماهية الغيبة
يعني : حقيقتها - .

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أنه قيل له : ما الغيبة ؟ قال : ذكرك أخاك بما يكره . قال : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول يا رسول الله ؟ قال : إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " .

وفي هذا تنبيه على أن الفاسق المستهتر – يعني المجاهر بالمعصية – لا غيبة له ؛ لأنه لو كره ما يُقال فيه ما أظهره وأشاعه على نفسه .

عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له " .


الفصل الثاني : في الزجر عن الغيبة .

عن جابر بن عبدالله – رضي الله عنهما – قال : " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت ريح جيفة منتنة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتدرون ما هذه الريح ؟ هذه ريح الذين يغتابون الناس "
أخرجه الإمام أحمد في المسند .


وعن أبي برزة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته " .

وقال أسامة بن شريك : سمعت الأعاريب يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل علينا جُناح في كذا وكذا ؟ فقال :
" عباد الله ! وضع الله تعالى الحرج إلا امرؤ اقترض من عرض أخيه " ، يعني : اغتابه .

قال أبو حنظلة – رحمه الله تعالى - :
إنه ينبغي لك أن يدلك عقلك على ترك القول في أخيك ، ففيه خلال ثلاث :
أما واحدة فلعلك أن تذكره بما هو فيك ، أو لعلك تذكره بأمر قد عافاك الله منه ، فما هذا جزاء العافية أن تجحد الشكر عليها ، أو لعلك تذكره بما فيك أعظم منه ، فذلك أشد استحكاما لمقته إياك ، أما كنت تسمع : ارحم أخاك ، و احمد الله الذي عافاك .

الفصل الثالث : في كفارتها .

عن أنس - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله عليه وسلم :
" كفارة من اغتبت أن تستغفر الله " .
ثم إن الله سبحانه و تعالى ضرب للغيبة مثلا فقال تعالى :
{ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا }

فنهى سبحانه وتعالى عن الاغتياب ، ثم حذر منه بأوكد الأسباب فقال :
{ أيحب أحدكم }
يعني مع الإباء البشري والتنزه عن الخلق البهيمي أن يأكل لحم إنسان من جنسه ، ثم جعله أخا له ليجمع إلى كراهية الإنسان لحم من لا يقتات بمثله كون المأكول أخا له يحنو عليه ويفتديه من المكاره بنفسه ، ثم جعل ذلك الأخ ميتا ، إذ كان أكل الميت من لحوم الطير المشتهاة لا تقبله النفس ولو شارفت من الطوي الموت ، فكيف إذا كان بشرا ، ثم قسيما في النسب وأخا .

قال قتادة – رحمه الله تعالى - :
كما يمتنع أحدكم من أكل لحم أخيه ميتا كذلك يجب أن يمتنع أن يغتابه .


(4)
قوله تعالى :
{ فكرهتموه }

قال الفراء : أي : فقد كرهتموه فلا تفعلوه .

قال الزجاج : تأويله : كما تكرهون أكل لحمه ميتا ، كذلك تجنبوا ذكره بالسوء . ا . هـ .


::



المرجع :
( رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز )
للإمام الحافظ عبدالرازق الرسعني الحنبلي .


.
.

الخميس
9 / 7 / 1430هـ


التعديل الأخير تم بواسطة شموخ شدادية ; 27 Jul 2009 الساعة 12:54 AM
الأعلى