|
||||||||||||||||||
دمشق قبل سبعمائة عام
اسمح لي – عزيزي القارىء الكريم – أن أنقلك في رحلة .... رحلة إلى الماضي البعيد ، إلى ما قبل سبعمائة عام من الآن ... وبالتحديد إلى عام 728هـ ، حيث حصل حدث تاريخي جلل ... حدث تاريخي عظيم ، ويوم من أيام التاريخ التي لا تنسى يوم لم تنقله لنا القنوات الإخبارية التلفزيونية ولكن نقلته لنا كتب التاريخ ، ونقله لنا علماء أجلاء ثقات .... . المكان : مدينة دمشق . الحدث التاريخي : وفاة شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله . والآن سأبدأ في نقل مقتطفات ومشاهد مؤثرة حدثت في ذلك اليوم المهيب ... أنقلها لك باختصار وترتيب وتشويق ..... البداية .... : في لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ الْعِشْرِينَ مِنْ ذِي القعدة توفي الشيخ الإمام العالم العلم العلامة الفقيه الحافظ الزاهد العابد الْقُدْوَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أحمد بن تيمية الحراني الدمشقي .... بِقَلْعَةِ دِمَشْقَ بِالْقَاعَةِ التي كان محبوساً بها ..... وحضر جمع كثير إلى القلعة، وأذن لَهُمْ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ ..... فلما فرغ من غسله أخرج ثم اجتمع الخلق بالقلعة والطريق إلى الجامع وامتلأ بالجامع أيضا وَصَحْنُهُ وَالْكَلَّاسَةُ وَبَابُ الْبَرِيدِ وَبَابُ السَّاعَاتِ إِلَى باب اللبادين والغوارة، وَحَضَرَتِ الْجِنَازَةُ ..... وَوُضِعَتْ فِي الْجَامِعِ .... وَالْجُنْدُ قد احتاطوا بها يَحْفَظُونَهَا مِنَ النَّاس مِنْ شِدَّةِ الزِّحَامِ ..... وَصُلِّيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا بِالْقَلْعَةِ ..... عقيب صلاة الظهر ...... وقد تضاعف اجتماع الناس .... ثم تزايد الجمع إلى أن ضاقت الرحاب والأزقة والأسواق بأهلها ومن فيها ثم حمل بعد أن صلِّي عليه على الرؤوس والأصابع وخرج النعش به من باب البريد واشتد الزحام وعلت الأصوات بالبكاء والنحيب والترحم عليه والثناء والدعاء له وألقى الناس على نعشه مناديلهم وعمائمهم وثيابهم وذهبت النعال من أرجل الناس وقباقيبهم ومناديل وعمائم لا يلتفتون إليها لشغلهم بالنظر إلى الجنازة وصار النعش على الرؤوس تارة يتقدم وتارة يتأخر وتارة يقف حتى تمر الناس وَخَرَجَ النَّاسُ مِنَ الْجَامِعِ مِنْ أَبْوَابِهِ كُلِّهَا وهي شديدة الزحام كل باب أشد زحمة من الآخر ثم خرج الناس من أبواب البلد جميعها من شدة الزحام فيها لكن كان معظم الزحام مِنَ الْأَبْوَابِ الْأَرْبَعَة : بَابِ الْفَرَجِ الَّذِي أُخْرِجَتْ مِنْهُ الْجِنَازَةُ، وَبَابِ الْفَرَادِيسِ وَبَابِ النَّصْرِ، وَبَابِ الجابية. وعظم الأمر بسوق الخيل وتضاعف الخلق وكثر الناس فلم قضيت الصلاة حمل إِلَى مَقْبَرَةِ الصُّوفِيَّةِ فَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ أَخِيهِ شَرَفِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَكَانَ دفنه قبل العصر بيسير وذلك من كثرة من يأتي ويصلي عليه من أهل البساتين وأهل الغوطة وأهل القرى وغيرهم، وأغلق النَّاسُ حَوَانِيتَهُمْ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنِ الْحُضُورِ إِلَّا من هو عاجز عن الحضور مع الترحم والدعاء له ، وأنه لو قدر ما تخلف وحضر نساء كثيرات بحيث حزرن بخمسة عشر ألف امرأة غير اللاتي كن على الأسطحة وغيرهن الجميع يترحمن ويبكين عليه فما قيل. وأما الرجال فحرزوا بستين ألفاً إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ إلى أكثر من ذلك إلى مائتي ألف وشرب جماعة الْمَاءَ الَّذِي فَضَلَ مِنْ غُسْلِهِ وَاقْتَسَمَ جَمَاعَةٌ بقية السدر الذي غسل به .... وَقِيلَ إِنَّ الطَّاقِيَّةَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ دفع فيها خمسمائة درهماً. وحصل في الجنازة ضجيج وبكاء كثير، وتضرع وختمت له ختمات كثيرة بالصالحية وبالبلد وَتَرَدَّدَ النَّاسُ إِلَى قَبْرِهِ أَيَّامًا كَثِيرَةً لَيْلًا ونهاراً يبيتون عنده ويصبحون ورئيت له منامات صالحة كثيرة، وَرَثَاهُ جَمَاعَةٌ بِقَصَائِدَ جَمَّةٍ. انظر : ( كتاب : البداية والنهاية ، حوادث سنة 728هـ ) . ويدل على علمه وفضله مصنفاته كالتفسير، ومنهاج السنة ودرء تعارض العقل والنقل وفتاويه التي جمعت وغيرها كثير كان جريئا قويا لا يخاف في الله لومة لائم حث الناس والامراء على جهاد التتار بل ذهب بنفسه لمقابلة ملكهم حين جاء ليدخل دمشق وقال له : أنت تدعي أنك مسلم فلم جئت تغزو بلاد الإسلام .... وغير ذلك من المواقف المشرفة ... وقد استفتاه السلطان محمد بن قلاوون في قتل الفقهاء والقضاة الذين كانوا ضده .....وكان منهم من آذى الشيخ نفسه .... فلم يفت له الشيخ بأذيتهم بل بين له حرمة وقدر العلماء وقال أنه لا ينتصر لنفسه وكل من آذاه فهو في حل وهذا من تمام فضله وحسن خلقه وله الأثر الكبير في مناظرة أهل البدع والعقائد الفاسدة بما أحيا الله على يديه مما اندرس بين الناس منها فكان بحق مجددا للدين فرحمه الله تعالى وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرا. انظر : ( الموسوعة التاريخية : الدرر السنية ج6ص273 ) . النهاية ..... . مشهد قصير من جنازة ابن باز رحمه الله تعالى .....
|
21 Apr 2017, 03:05 PM | [ 2 ] | ||||||||
عضو مرشح للإشراف
|
رد: دمشق قبل سبعمائة عام
رحم الله ابن تيمية واسكنه فسيح جناته ، لقد رحل عن الدنيا وبقي علمه شاهدا عليه نحسبه كذلك والله حسيبه ، ومازالت إيران المجوسية وسائر أهل البدع تعاني من كتب ابن تيمية رحمه الله ، يسلم راسك أخي البحث العلمي على الايراد ولاهنت بارك الله فيك جهود رائعه في البحث و النقل ،، |
||||||||
|
|||||||||
22 Apr 2017, 11:25 AM | [ 3 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضو مبدع
|
رد: دمشق قبل سبعمائة عام
سلمت يمينك ، إضافة رائعة . |
||||||||||||||||||||||||||||
22 Apr 2017, 07:20 PM | [ 4 ] | ||||||||
مؤسس شبكة الشدادين
|
رد: دمشق قبل سبعمائة عام
سبحان مغيّر الأحوال ومدبر الأكوان ومالك كل شيء والمتصرف فيه سبحان من يغيّر ولا يتغيّر وبيده ملكوت كل شيء بارك الله فيك أخي العزيز البحث العلمي وجزاك عنا كل خير وأثابك |
||||||||
|
|||||||||
24 Apr 2017, 11:47 PM | [ 5 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضو مبدع
|
رد: دمشق قبل سبعمائة عام
كتب الله لك الأجر على هذه الكلمات المؤثرة وسلمت يمينك أيها السلطان . |
||||||||||||||||||||||||||||