الداعية زينب الغزالي

في مواجهة دعاوى تحرير المرأة الزائفة التي انتشرت مطلع القرن العشرين ؛
ظهرت مدرسة جديدة تدعو لتمكين المرأة ومشاركتها الحياة العامة انطلاقا من تمسكها بمبادئ الإسلام الحنيف ،
وكانت الداعية زينب الغزالي رائدة هذه المدرسة التي لم تنل حقها في التعريف بها ،
بل تمّ تجاهل دور هذه المدرسة في مسيرة تحرير المرأة ،
في الوقت الذي تم تسليط الأضواء على الاتجاهات العلمانية ،
التي كانت زينب نفسها إحدى المؤيدات لها في فترة من حياتها إلى أن تكشف لها زيف هذه الدعاوى ؛
فانبرت بفكرها و قلمها تدعو إلى تمكين المرأة وتحريرها
بالعودة إلى شرع الله والتمسك بآداب الإسلام الحنيف ..

نشأتها ...}
ولدت زينب الغزالي الجبيلي في الثاني من يناير للعام 1917م بإحدى قرى محافظة البحيرة بمصر،
ينتهي نسب والدها من أبيه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونسب أمها إلى الحسن بن علي ،
وكان جدها تاجرا شهيرا للقطن ووالدها من علماء الأزهر الشريف ..
وقد أثرت تربية والدها الدينية أشد الأثر في زينب ورمت بجذورها في روحها ،
حتى لكأننا نتلمس روح الأب الممتدة في جسد ابنته التي كان يناديها نسيبة تيمنًا بالصحابية الجليلة نسيبة بنت كعب المازنية الأنصارية ..

و كذلك فإن والدها حرص على تعليمها و تثقيفها أشد الحرص ،
و غرز فيها الجرأة و حب العلم و الاستطلاع و الثقة فقد كان يُعدّها لتكون رمزًا رياديًا منذ طفولتها ..

في الإتحاد النسائي...}
بعد تخرج زينب الغزالي أعجبت بشدة بالسيدة هدى شعراوي التي كانت ترأس الإتحاد النسائي ،
فسارعت بالانضمام للإتحاد النسائي و هي مازالت في السابعة عشر من عمرها ،
و بدأت تظهر بصمات زينب الغزالي في الإتحاد ؛
فزاد إعجاب هدى شعراوي بها خصوصًا لِما رأت منها من لباقة و جرأة ،
و اختارتها لتكون عضوة في مجلس إدارة الاتحاد الذي كان يضم كبار الشخصيات النسائية في المجتمع ،

وسرعان ما تشبعت زينب بأفكار هدى شعراوي العلمانية ،
وظلت تدافع عن هذه الأفكار وتدعو لها مؤمنة بضرورة تحرير المرأة المسلمة على النمط الغربي ،
بما يعني تحريرها من حجابها ومن مبادئها تأسيًا بالمرأة الغربية في تحررها ونيل حقوقها الزائف ..

منعطف التحول ...}
و لكن وسط كل هذه ؛
شاءت الأقدار بأن تُكلفها هدى شعراوي بحضور إحدى الندوات
المنعقدة في الأزهر الشريف عن دور المرأة في الإسلام ،
و بينما كانت زينب متحفزة للرد و الانتصار لفكرها و أفكار تحرير المرأة ؛

إذا بها تتأثر بالندوة و بأراء المتحدثين فيها من علماء الأزهر و بدأت تقتنع بكلامهم رويدًا و رويدًا ،
فوثقت صلتها بالعديد من علماء الأزهر و خصوًا الشيخ محمد النجار الذي دعا لها بالهداية و بأن تكون مع الله و ليس مع هدى شعراوي ..

الحادثة الخطيرة ...}
و في خضم كل تلك الأحداث حدث ما غيّر حياة زينب الغزالي كلها ،
فبينما و هي تطبخ لأول مرة في حياتها نتيجة ضغط والدتها
إذا بالموقد ينقلب عليها فاشتعلت النيران في جسدها كله و نُقلت للمستشفى ،
وحينما عاينت زينب الموت بعينها نذرت لله إن نجّاها أن تعود إليه وتترك الاتحاد النسائي وتتجه للدعوة إلى الله ،

وأنعم الله عليها بالعافية فأوفت بنذرها وارتدت الحجاب واستقالت من عضوية الاتحاد النسائي ،
و وضعت مسودة لإنشاء جمعية السيدات المسلمات بهدف زيادة وعي
المرأة المسلمة في ممارسة دورها الدعوي الريادي ،
و أنشئتها بفضل الله و هي لم تتم العشرين من عمرها بعد ،

وتفرغت زينب لهذه الجمعية وانبرت للتصدي لدعاوى تحرير المرأة الزائفة من قبل الاتحاد النسائي ،
وأطلقت صيحات التحذير للفتيات المسلمات من الانسياق وراء هذه الشعارات الخادعة ،
التي تحمل في جوانبها التأسي بالغرب والتخلي عن العفة والأخلاق ،

كما نالت قضية فلسطين اهتماما كبيرًا من جانب جمعية السيدات المسلمات ،
وليس أدل على ذلك من إرسال الجمعية لرسالة احتجاج للزعماء على صدور قرار تقسيم فلسطين وذلك في الاجتماع التأسيسي الأول للجمعية ..

الداعية الإسلامية...}
وفي هذه المرحلة تبلورت أفكار زينب الغزالي في تحرير المرأة
حين أصدرت مجلة الجمعية لتعبر عن التحرير الإسلامي للمرأة ،
حيث رأت أن التحرير الحقيقي للمرأة كان مع ظهور الإسلام ،

وأن الإسلام يسمح للمرأة أن تأخذ دورًا رياديًا في الحياة العامة وتشارك في الحياة السياسية والاقتصادية ،
وتعبر عن رأيها وتدير أعمالها وتمتلك الثروة بحرية تامة و دون وصاية من الرجل ،
وأن على المرأة المسلمة أن تشارك بفاعلية في خدمة مجتمعها المسلم ،
وتنطلق تمارس دورها الدعوي ملتزمة بضوابط الإسلام وأخلاقياته في ثوب من العفاف والاحتشام والحجاب ،
وهذا هو التحرير الحقيقي للمرأة ..

وأصبحت دروس زينب الغزالي في المساجد و الجمعيات مرجعًا للنساء ،
حيث كانت تستمع إليها ما يقرب من مليون امرأة أسبوعيًا ،
كما أنشئت معهد نسائي للوعظ الديني كان يؤهل النساء للدعوة والوعظ بعد دراسة شرعية لمدة ستة أشهر ،

وقد تعرضت زينب للمساومات معها بأن يُسمح لها بممارسة نشاطها مقابل أن تنضم للاتحاد الاشتراكي وأن تنشر الفكر العلماني من خلال المجلة و الجمعية ،
ولكنها رفضت هذه المساومات رفضًا تامًا وأعلنتها صريحة :
لن يكون عملنا إلا للإسلام ولن نموه ولن نضلل ..

محنة و ثبات...}
لقد تمثلت المحنة الشديدة التي تعرضت لها زينب حين الاعتقال في السجن الحربي
بعد تحديها لحكومة الرئيس جمال عبد الناصر،
وتعرضت في هذا المعتقل لأبشع أنواع التعذيب وهو ما سجلته في مذكراتها الشهيرة بعنوان " أيام من حياتي" ،
حيث فضحت في هذا الكتاب طواغيت العصر وحقدهم على الإسلام وتنكيلهم بالدعاة والمصلحين ،
وما لبثت أن أفرج عنها بعفو من الرئيس أنور السادات و ذلك بعد وساطة الملك فيصل عاهل السعودية ،
فخرجت من معتقلها بشرط ألا تمارس العمل الدعوي أو السياسي أو أي نشاط إسلامي ،

لكنها خرجت من محنتها أشد ما تكون عزيمة ومضاء وظلت على الطريق تنافح عن دينها وتدعو إلى الله ،
وكان مصحفها رفيقها في السجن حيث كانت تسجل خواطرها في التفسير على هوامش صفحاته ،
ورغم أن المصحف أُخِذَ منها فقد سارعت فور خروجها من سجنها بتسجيل هذه الخواطر مرة أخرى في كتاب بعنوان " نظرات في كتاب الله "
وبذلك تعد زينب الغزالي أول امرأة تفسر القرآن الكريم ..

الجهاد بالفكر...}
المرحلة الأخيرة من حياة زينب الغزالي أتاحت لها الانطلاق بمسيرتها
الفكرية إلى قمة نضجها حيث ظهر ولعها الشديد بالقراءة والمطالعة ،
فكانت تمتلك مكتبة ضخمة في سائر المعارف والعلوم الإنسانية والإسلامية والسياسية والأدبية ،
وكانت لا تفارق الورق والقلم واستطاعت أن تصوغ خلاصة فكرها في العديد من الكتب ،
كما ساهمت بمئات المقالات في الصحف والمجلات المصرية والعربية ،
كصحيفة الشرق العربي الجزائرية التي خصصت لها صفحة كاملة لثلاث سنوات متوالية ،
وفي مصر كانت تشرف على صفحة " نحو بيت مسلم " بمجلة الدعوة منذ مطلع الثمانينيات من القرن العشرين ،

وعبرت في هذا الركن بمقالاتها الثابتة عن فكرها الواضح في رفض مصطلح النسوية ؛
بسبب ارتباطه بالفكر العلماني الغربي والتحلل من القيم والاختلاط بين الجنسين وسفور المرأة ،
وكانت ترفض بشدة في مقالاتها اتهام الإسلام بتهميش دور المرأة
لأنه الدين الذي وضع المرأة كلبنة أساسية من لبنات الحضارة
وضمن بحقوقها وقام بتقدير دورها كأم تربي الأجيال وتبني المجتمع ..

كما شاركت زينب في العديد من المؤتمرات العربية والدولية وزارت العديد من الدول الإسلامية كالجزائر وباكستان ،
وكانت تصدع بالحق في حضور رؤساء الدول ..

تعليم الفتيات...}
ولإيمان زينب الغزالي بأن نهضة الأمة الإسلامية لن تقوم إلا على أكتاف الرجال والنساء معا ؛
أهمها أمر حرمان الفتيات من التعليم الرسمي في السعودية ،
فكان دورها الريادي في التقدم باقتراح إلى ملك السعودية لإقرار مبدأ تعليم الفتيات ،
وبالفعل بدأت دراسة الاقتراح بجدية وتكللت دعوة زينب بالنجاح ؛
حين وافقت الحكومة السعودية على إنشاء إدارة مستقلة لتعليم البنات منذ أوائل الستينيات من القرن العشرين ،

وظلت زينب على اتصال بهذه المدارس السعودية ،
وحرصت على زياراتها ولقاء الطالبات والمعلمات بها
حتى أصبحت كل فتاة سعودية متعلمة تدين بالفضل في تعليمها لزينب الغزالي ..

أعمالها ...}
_ أسست جمعية السيدات المسلمات و تولت رئاستها ..

_ كانت مسئولة الأخوات المسلمات في جماعة الإخوان المسلمين ..

_ أقامت العديد و العشرات من المساجد الأهلية ..

_أول امرأة تفسر القرآن الكريم ..

_ مثلت المرأة المسلمة العربية في العديد من المؤتمرات و الندوات و المنتديات العالمية ..

_ أنشئت معهد نسائي للوعظ الديني كان يؤهل النساء للدعوة والوعظ بعد دراسة شرعية لمدة ستة أشهر ..

مؤلفاتها...}

_ ألفت كتاب " أيام من حياتي " الذي كان عبارة عن مذكراتها خلال اعتقالها بالسجن الحربي ..

_ و ألفت أيضًا كتاب " إلى ابنتي " بجزئيه الأول و الثاني ..

_ و كتاب " نحو بعث جديد " ..

_ و أيضًا كتاب " نظرات في كتاب الله " و التي فسّرت فيه القرآن الكريم ،
لتكون أول امرأة تفسر القرآن الكريم ..

_ و كذلك " مشكلات الشباب و الفتيات " و " أسماء الله الحسنى " ..

أرقام × أرقام...}
_ زارت المملكة العربية السعودية 60 مرة ..

_ و أدت فريضة الحج 39 مرة ..

_ و اعتمرت 100 مرة ..

_ 119 هي عدد فروع جمعية السيدات المسلمات التي أنشئتها زينب الغزالي و هي لم تتعد العشرين من عمرها بعد ..

_ 53 سنة أمضتها في حقل الدعوة أي أكثر من نصف القرن ..

_ 15 مسجدًا حصلت زينب على الموافقة على إقامتهم و هي لم تتم الثامنة عشر بعد ..

_ مليون امرأة هنّ اللاتي كنّ يستمعن لدروس زينب الغزالي أسبوعيًا ..

وفاتها ...}
توفيت زينب الغزالي بعد تاريخ حافل في العمل الإسلامي النسائي
يوم الأربعاء الثالث من أغسطس عام 1425هـ/ 2005م
عن عمر يناهز 88 عاما تاركة العديد من المؤلفات والإنتاج الفكري
الذي يشهد بريادتها في مجال تمكين المرأة ..

...}
امرأة رائعة تحملت الكثير من أجلنا و من أجل إيصال الدعوة لنا و تمهيد طريقها ،
إن أمثال زينب الغزالي لا نعلم هل سنعوضهن أم لا ؟!
رحمكِ الله يا زينب فقد أضأتِ الدروب حقًا : )

ما شاء الله تبارك الله
مبدعة يا معزوفة الرحيل

يعجبني جداً تميزك في مواضيع
ومشاركاتك في كل الأقسام

وتنويعك بكل جديد ومفيد
الله يعطيك ألف عافية

رحم الله الداعية زينب الغزالي
وقد قرأت لها ,,

وهذا هو فعلاً التحول الحقيقي من الباطل للحق ولم تتوقف بل واصلت بالنشر
وتبييض الصفحة الماضية ,.

أحسنتي الإنتقاء لشخصية من عصرنا وذهبت تاركة بصمة لن تبلى مادام
هناك مسلمة تخاف الله وتعرف قيمتها في إسلامها ,.

شكراً لكِ ,.

أحسنتي الأختيار معزوفه

الله يبارك في جهودك يارب

		المشاركة الأصلية بواسطة : السلطان اقتباس
	ما شاء الله تبارك الله مبدعة يا معزوفة الرحيل يعجبني جداً تميزك في مواضيع ومشاركاتك في كل الأقسام وتنويعك بكل جديد ومفيد الله يعطيك ألف عافية

أهلاً ب ( السلطان )
حضورك / يثري متصفحي كل , / , مـره / !!
أشكرك عليه

		المشاركة الأصلية بواسطة : بندر النايف اقتباس
	رحم الله الداعية زينب الغزالي وقد قرأت لها ,, وهذا هو فعلاً التحول الحقيقي من الباطل للحق ولم تتوقف بل واصلت بالنشر وتبييض الصفحة الماضية ,. أحسنتي الإنتقاء لشخصية من عصرنا وذهبت تاركة بصمة لن تبلى مادام هناك مسلمة تخاف الله وتعرف قيمتها في إسلامها ,. شكراً لكِ ,.

شاكره لك حضورك الممطر بالعذوبه
دمت بخير.

		المشاركة الأصلية بواسطة : ســديــم اقتباس
	أحسنتي الأختيار معزوفه الله يبارك في جهودك يارب

شامخ هو حضورك كوني بالقرب دوماً

مشكورة اخت معزوفة الرحيل من جد نساء نجهل تواجدهم رحمها الله وادخلها فسيح جناته

		المشاركة الأصلية بواسطة : مهرسيه ماركه اقتباس
	مشكورة اخت معزوفة الرحيل من جد نساء نجهل تواجدهم رحمها الله وادخلها فسيح جناته

نورتِ الصفحه بتواجدك ياالغلا
شكراً بحجم السماء وغزارة الماء

فعلا رب ضرة ناافعه
فقد نفها حرقها بالرجوع الى الله سبحانه وتعالى
انها امراءه عظيمه ..ربي يرحمها .ويتقبلها
شكرا معزووفه على هذا الطرح الشامخ
ربي يسعدك
............