|
||||||||||||||||||
قصة عشق محرّم والعياذ بالله !
العشق مرض خطير و خبيث يتسلل بشكل خفي إلى القلب ويكون دخوله بالتدريج ، شيئاً فشيئاً وبهدوء ثم يحتل القلب ، ويتمكن منه، ويسيطر عليه بإحكام ودهاء ثم يعلن بعد ذلك السيطرة وتوحده بالمكان و يطرد كل من سواه ثم يبدأ المرض الخبيث اللعين يمارس هوايته القذرة حيث يعيث في القلب المسكين بالفساد والتخريب والتدمير والسبب الذي يجعله يتمادى في غيه و فساده هو صاحب القلب فقد سمح له بالدخول ، وسهل له السيطرة وأعطاه الضوء الأخضر للفتك والتدمير ثم تكون نهاية هذا الإنسان البائس التعب والمرض ثم الموت المحقق ! بل قد يرتد عن دين الإسلام ، ويخسر دينه و دنياه و كل شيء والعياذ بالله ! البداية مجرد نظرة إعجاب ! شاب يعجب بفتاة أو العكس أو شاب يعجب بشاب وسيم، أو فتاة تعجب بأخرى ثم مع تكرار النظر، وتأمل المحاسن، والجمال تنطبع الصورة في ساحة القلب الخالي من محبة الله و خوفه ثم يكون التعلق والحب والهيام والوله ...... وأخيرا العشق، وما أدراك ما العشق ؟ الفراغ القاتل وإطلاق البصر والنظر إلى كل وسيم و جميل وخلو القلب من محبة الله و الأنس بذكره و شكره وحسن عبادته، والخوف منه و مراقبته يزداد المرض ، ويستفحل الداء، وتعظم المصيبة ! أحبتي أعضاء منتدى الشدادين وكل من يقرأ أحداث وتفاصيل هذه القصة العجيبة أقدم لكم هذه القصة التاريخية الحقيقية التي ينقلها لنا علماء و مؤرخون صادقون ثقات بدايتها نظرة إعجاب ، ونهايتها مأساة ! وسوف أشرح القصة و أعلق عليها ، وأجعل كلامي بين قوسين للتوضيح : يقول ابن الأثير رحمه الله ، في كتابه المنتظم في تاريخ الملوك و الأمم وهو يتحدث عن أحداث سنة : 426 هـ ، يقول : ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر : أحمد بن كليب الأديب الشاعر ( اقرأ يا أخي ماذا جرى لأحمد بن كليب وخذ العظة والعبرة ! ) ( يا ربي اسألك العفو والعافية ! ) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن المذحجي الأديب، قال: كنت اختلف في النحو إلى أبي عبد الله محمد بن خطاب النحوي في جماعة أيام الحداثة ( يعني كان يدرس النحو عند هذا العالم ، ومعه جماعة من طلبة العلم أيام الصغر والشباب ) وكان معنا أسلم بن أحمد بن سعيد بن قاضي قضاة الأندلس ( يعني كان معنا طالب اسمه : أسلم بن أحمد، ولد أكبر قضاة الأندلس ) قال محمد بن الحسن: وكان من أجمل من رأته العيون ( أي كان هذا الطالب : أسلم بن أحمد ، وسيماً بل من أجمل ما رأته العيون ) وكان معنا عند محمد بن خطاب أحمد بن كليب، وكان من أهل الأدب والشعر فاشتد كلفه بأسلم وفارق صبره ( يعني أن أحمد بن كليب تعلق قلبه بأسلم ، ولم يستطع الصبر والعياذ بالله ! ) وصرف فيه القول مستترا بذلك إلى أن فشت أشعاره فيه وجرت على الألسنة،وتنوشدت في المحافل ( يقول إن أحمد كان يقول الشعر في أسلم، أولاً بشكل خفي مستتر ) ( ثم خرجت أشعاره و ظهرت للناس و سمعوها و انتشرت ) (يقول الراوي : وفي أحد الأيام ، وبينما أنا أمشي في أحد الشوارع ) ( مررت بعرس و إذا الزامر - أي المغني - يغني بأبيات لأحمد قالها في أسلم ) فلعهدي بعرس في بعض الشوارع والنكوري الزامر في وسط المحافل يزمر بقول أحمد بن كليب في أسلم: وأسلمني في هواه ... أسلم هذا الرشا غزال له مقلة ... يصيب بها من يشا وشى بيننا حاسد ... يسأل عما وشى فلو شاء أن يرتشي ... على الوصل روحي رشا ومغن محسن يسايره، فلما بلغ هذا المبلغ انقطع عن جميع مجالس الطلب ( أي لما انتشرت هذه الأبيات بين الناس، ترك أسلم طلب العلم ) ولزم بيته والجلوس على بابه ( أي لزم أسلم بيته، وصار يجلس عند الباب للترويح عن نفسه ) وكان أحمد بن كليب لا شغل له إلا المرور على باب دار أسلم سائرا أو مقبلا نهاره كله ( أي صار أحمد بن كليب يمر على بيت أسلم طوال النهار، ذهاباً وإيابا ) فانقطع أسلم من الجلوس على باب داره نهارا ( أي ترك أسلم الجلوس عند باب بيته في النهار ) فإذا صلى المغرب واختلط الظلام خرج مستروحا وجلس على باب داره فتحيل أحمد بن كليب في بعض الليالي ولبس جبة صوف من جباب أهل البادية واعتم بمثل عمائمهم ، وأخذ بإحدى يديه دجاجا وبالأخرى قفصا فيه بيض كأنه قدم من بعض الضياع، ونحن جلوس مع أسلم عند اختلاط الظلام على بابه فتقدم إليه وقبل يده، وقال: يا مولاي من يقبض هذا، فقال له أسلم: من أنت ؟ فقال: أجيرك في الضيعة الفلانية. وقد كان يعرف أسماء ضياعة والعاملين فأمر أسلم غلمانه بقبض ذلك منه على عادتهم في قبول هدايا العاملين في ضياعهم ثم جعل يسأله عن أحوال الضيعة. فلما جاوبه أنكر الكلام فتأمله فعرفه فقال له: يا أخي وإلى هاهنا تتبعني أما كفاك انقطاعي عن مجالس الطلب وعن الخروج جملة، وعن القعود على بابي نهارا حتى قطعت علي جميع ما لي فيه راحة فقد صرت في سجنك والله لا فارقت بعد هذه الليلة قعر منزلي ولا جلست بعدها على بابي ليلا ولا نهارا، ثم قام وانصرف أحمد بن كليب حزينا كئيبا. فقلنا لأحمد بن كليب: قد خسرت دجاجك وبيضك فقال: هات كل ليلة قبلة يده وأخسر أضعاف ذلك! فلما يئس من رؤيته البتة نهكته العلة وأضجعه المرض ! قال محمد بن الحسن: فاخبرني شيخنا محمد بن خطاب قال: عدته فوجدته بأسوأ حال، فقلت له: لم لا تتداوى؟ فقال: دوائي معروف وأما الأطباء فلا حيلة لهم في البتة فقلت له: فما دواؤك؟ قال: نظرة من أسلم فلو سعيت في أن يزورني لأعظم الله أجرك بذلك وأجره قال: فرحمته وتقطعت نفسي له فنهضت إلى أسلم فاستأذنت عليه فاذن لي وتلقاني بما يجب فقلت له: لي حاجة، فقال: وما هي؟ قلت: قد علمت ما جمعك مع أحمد بن كليب من ذمام الطلب عندي. فقال: نعم ولكن قد تعلم أنه برح بي وشهر اسمي وآذاني فقلت له: كل ذلك يغتفر في مثل هذه الحال التي هو فيها والرجل يموت فتفضل بعيادته فقال لي: والله ما أقدر على ذلك فلا تكلفني هذا . فقلت له: لا بد من ذلك فليس عليك فيه شيء وإنما هي عيادة مريض. قال: ولم أزل به حتى أجاب، فقلت له: فقم الآن. قال: لست والله أفعل ولكن غدا. فقلت له: ولا خلف؟ قال: نعم . فانصرفت إلى أحمد بن كليب فاخبرته بوعده بعد تأبيه فسر بذلك فارتاحت نفسه . فلما كان من الغد بكرت إلى أسلم وقلت له: الوعد. فوجم، وقال: والله لقد تحملني على خطة صعبة علي وما أدري كيف أطيق ذلك؟ قال: فقلت له: لا بد أن تفي بوعدك لي . قال: فأخذ رداءه ونهض معي راجلا ( أي ماشيا ) فلما أتينا منزل أحمد بن كليب وكان يسكن في درب طويل وتوسط الزقاق ( أي صار أسلم في وسط الزقاق وهو الشارع الضيق ) وقف واحمر وخجل ، وقال لي: يا سيدي الساعة والله أموت وما استطيع أن انقل قدمي ولا استطيع أن أعرض هذا على نفسي . فقلت: لا تفعل بعد أن بلغت المنزل تنصرف قال: لا سبيل والله إلى ذلك البتة، قال: ورجع هاربا فاتبعته وأخذت بردائه فتمادى وتمزق الرداء وبقيت قطعة منه في يدي لمدة ، ومضى ولم أدركه فرجعت ودخلت على أحمد بن كليب وقد كان غلامه دخل عليه إذ رآني من أول الزقاق مبشرا قال: فلما رآني تغير وجهه وقال: أين أبو الحسن؟ ( أي أين ذهب أسلم ؟ ) فأخبرته بالقصة فاستحال من وقته واختلط ( أي اختلط عقله، وصار يهذي بكلام غير مفهوم ) وجعل يتكلم بكلام لا يعقل منه أكثر من الاسترجاع ( الاسترجاع : قول إنا لله وإنا إليه راجعون ) فاستبشعت الحال وجعلت أتوجع وقمت قال: فثاب إليه ذهنه ( أي رجع له عقله ) فقال: يا أبا عبد الله اسمع مني واحفظ مني ثم أنشأ يقول: أسلم يا راحة العليل ... رفقا على الهائم النحيل وصلك أشهى إلى فؤادي ... من رحمة الخالق الجليل قال: فقلت له: اتق الله ما هذه الخبطة العظيمة ؟! فقال: قد كان . فخرجت عنه فو الله ما توسطت الزقاق حتى سمعت الصراخ عليه وقد فارق الدنيا. قال الحميدي: قال لنا أبو محمد: وهذه قصة مشهورة عندنا ومحمد بن الحسن ثقة، ومحمد بن خطاب ثقة . وأسلم هذا من بني خالد، وكانت فيهم وزارة وحجابة وأبوه الآن في الحياة يكنى أبا الجعد . انتهى .
|
31 Oct 2016, 08:43 AM | [ 2 ] | |||||||
<img border=
|
رد: قصة عشق محرم والعياذ بالله !
هلابك البحث العلمي والله يسعدك لجلبك الجمييل دائما جديدك في تميز تقديري في انتظار جديدك |
|||||||
|
||||||||
31 Oct 2016, 09:33 AM | [ 3 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضو مبدع
|
رد: قصة عشق محرم والعياذ بالله !
|
||||||||||||||||||||||||||||
31 Oct 2016, 01:25 PM | [ 4 ] | ||||||||
مراقب عام
|
رد: قصة عشق محرم والعياذ بالله !
البحث تشكر على تميز مشاركاتك وفقك الله |
||||||||
|
|||||||||
31 Oct 2016, 02:25 PM | [ 5 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضو مبدع
|
رد: قصة عشق محرم والعياذ بالله !
ورزانة شخصيتك بارك الله فيك . |
||||||||||||||||||||||||||||
10 Nov 2016, 03:55 PM | [ 6 ] | ||||||||
مؤسس شبكة الشدادين
|
رد: قصة عشق محرّم والعياذ بالله !
هلا والله بك أخي العزيز البحث العلمي قرأت ما أتيت به هنا وتعجبت بمثل هذه القصة بين أحمد واسلم وأسأل الله أن تكون محبتنا بيننا لوجهه الكريم وأن لا يخالطها عرق وسواس رجيم وفقك الله ورعاك ودائماً ما تتحفنا بكل مميز وجميل وهادف وفقك الله ورعاك |
||||||||
|
|||||||||
13 Nov 2016, 12:35 PM | [ 7 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضو مبدع
|
رد: قصة عشق محرّم والعياذ بالله !
سلمت أناملك على ما سطرت بحروفك أحب أن أؤكد أن هناك عشق عفيف قد يقع فيه البعض بدون قصد كأن يعشق الرجل ابنة عمه أو قريبته وهذا العشق دواءه الزواج . ولا عيب فيه أو حرج، والله أعلم . |
||||||||||||||||||||||||||||
13 Nov 2016, 08:07 PM | [ 8 ] | ||||||||
عضو متميز
|
رد: قصة عشق محرّم والعياذ بالله !
كل ما تغير مساره وجانب طريقه ضاعت شرعيته وبانت حرمته وفقك الله أخي البحث العلمي والله يكفينا وإياك كل محرم وفاسد |
||||||||
|
|||||||||
14 Nov 2016, 06:37 AM | [ 9 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضو مبدع
|
رد: قصة عشق محرّم والعياذ بالله !
كلمات قليلة، لكن معانيها كثيرة و جميلة يعجبني الرجل قليل الكلام وإذا تكلم جاء بالدرر والمختصر المفيد ! اسأل الله أن يحفظك و يزيدك من فضله . |
||||||||||||||||||||||||||||