آخر 10 مشاركات |
مختارات | قال تعالى: {ادعُ إلى سَبيِلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَ جَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ} |
|
||||||||||||||||||
الصمصامة
التاريخ كتاب مفتوح، فيه الفوائد والعبر، والدروس والدرر السنة : 231 هـ . الحادثة التاريخية : مقتل أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله . أداة القتل : الصمصامة . الكتاب : البداية والنهاية، لأبي الفداء إسماعيل بن كثير الجزء 10، صفحة 336 . تمهيد قبل ذكر تفاصيل هذه الحادثة التاريخية : انتشرت في فترة زمنية ماضية ، بدعة وفتنة تسمى : خلق القرآن وذلك على يد علماء سوء انحرفوا عن طريقة أهل السنة والجماعة يقال لهم : المعتزلة، استطاعوا التأثير على بعض خلفاء بني العباس وهي الفتنة التي صمد لها الإمام أحمد بن حنبل حتى سمي بأمام أهل السنة والجماعة فكلام الله تعالى منزل غير مخلوق، لأن كلام الله صفة من صفاته سبحانه، وصفاته غير مخلوقة ومن البدع التي نشرها هؤلاء العلماء المبتدعة : إنكار أن الله سبحانه يرى بالعين في الآخرة كذلك إنكار كثير من أسماء الله وصفاته التي وردت في الكتاب والسنة . يقول ابن كثير رحمه الله : كَانَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ والديانة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير وكان من أئمة السُّنَّةِ الْآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَكَانَ مِمَّنْ يَدْعُو إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ الله منزل غير مخلوق وكان ( الخليفة ) الْوَاثِقُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ فِي الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ يَدْعُو إِلَيْهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَجِهَارًا اعتماداً على ما كان عليه أبوه قبله وعمه المأمون، مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَلَا بُرْهَانٍ وَلَا حُجَّةٍ وَلَا بَيَانٍ، وَلَا سُنَّةٍ وَلَا قُرْآنٍ فَقَامَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ هَذَا يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهي عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْقَوْلِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ دَعَا النَّاسَ إِلَيْهَا فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ، وَالْتَفَّ عَلَيْهِ مِنَ الْأُلُوفِ أَعْدَادٌ ........ . فلما كَانَ شَهْرُ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ ( 231 هـ ) : انْتَظَمَتِ الْبَيْعَةُ لِأَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الْخُزَاعِيِّ فِي السِّرِّ عَلَى الْقِيَامِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهي عَنِ الْمُنْكَرِ ......... . ..... فَلَمَّا أُوقِفَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ بَيْنَ يدي الواثق .... قَالَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: هُوَ كَلَامُ اللَّهِ. قَالَ: أَمَخْلُوقٌ هُوَ؟ قَالَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ. وَكَانَ أحمد بن نصر قد استقل وباع نفسه وحضر وقد تحنط ( أي إغتسل و تطيب ) وتنور ( أي حلق شعر عانته ) وشد على عورته ما يسترها ( حتى لا تنكشف بعد قتله ) فقال له: فَمَا تَقُولُ فِي رَبِّكَ، أَتَرَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْأَخْبَارُ بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى ربها ناظرة) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إنكم ترون ربكم كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رؤيته) . فنحن على الخبر ( أي نحن مع ما جاء في القرآن و السنة ) . قَالَ الْوَاثِقُ: وَيْحَكَ ! أَيُرَى كَمَا يُرَى الْمَحْدُودُ الْمُتَجَسِّمُ ؟ وَيَحْوِيهِ مَكَانٌ وَيَحْصُرُهُ النَّاظِرُ؟ أَنَا أَكْفُرُ برب هذه صفته . وما قاله الواثق لا يجوز ولا يلزم ولا يرد به هَذَا الْخَبَرِ الصَّحِيحِ . ثُمَّ قَالَ أحمد بن نصر لِلْوَاثِقِ ( وكأنه يقول : أزيدك من الشعر بيت ) : وَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ بِحَدِيثٍ يَرْفَعُهُ : (إِنَّ قَلْبَ ابن آدم بأصبعين من أصابع الله يقلبه كيف شاء) وَكَانَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ " . فقال له إسحاق بن إبراهيم ( من المعتزلة ) : ويحك، انْظُرْ مَا تَقُولُ . فَقَالَ: أَنْتَ أَمَرْتَنِي بِذَلِكَ . فَأَشْفَقَ إِسْحَاقُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: أَنَا أَمَرْتُكَ ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَمَرْتَنِي أَنْ أَنْصَحَ لَهُ . فَقَالَ الْوَاثِقُ لِمَنْ حَوْلَهُ: مَا تَقُولُونَ فِي هذا الرجل؟ فَأَكْثَرُوا الْقَوْلَ فِيهِ . فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ حَلَالُ الدَّمِ . وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَرْمَنِيُّ صَاحِبُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي دُؤَادٍ: اسْقِنِي دمه يا أمير المؤمنين . فقال الواثق: لا بدَّ أن يأتي ما تريد . وقال ابن أبي دؤاد: هُوَ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ لَعَلَّ بِهِ عَاهَةً أَوْ نَقْصَ عَقْلٍ . فَقَالَ الْوَاثِقُ: إِذَا رَأَيْتُمُونِي قُمْتُ إِلَيْهِ فَلَا يَقُومَنَّ أَحَدٌ مَعِي، فَإِنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ . ثُمَّ نَهَضَ إِلَيْهِ بِالصَّمْصَامَةِ .... وَقَدْ كَانَتْ سيفاً لعمرو بن معد يكرب الزُّبَيْدِيِّ أُهْدِيَتْ لِمُوسَى الْهَادِي فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ ضَرَبَهُ بِهَا عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ مَرْبُوطٌ بِحَبْلٍ قَدْ أُوقِفَ عَلَى نِطْعٍ ثُمَّ ضَرَبَهُ أُخْرَى عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ طَعَنَهُ بالصمصامة في بطنه فسقط صريعاً رحمة الله عَلَى النِّطْعِ مَيِّتًا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون. رحمه الله وعفا ..... وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى بَغْدَادَ فَنُصِبَ فِي الْجَانِبِ الشرقي أياماً، وفي الْغَرْبِيِّ أَيَّامًا وَعِنْدَهُ الْحَرَسُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَفِي أُذُنِهِ رُقْعَةٌ مَكْتُوبٌ فِيهَا : هَذَا رَأْسُ الكافر المشرك الضال أحمد بن نصر الخزاعي مِمَّنْ قُتِلَ عَلَى يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ هَارُونَ الْإِمَامِ الْوَاثِقِ بِاللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ أَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْحُجَّةَ فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ، وَنَفْيِ التَّشْبِيهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِ التَّوْبَةَ وَمَكَّنَهُ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ فَأَبَى إِلَّا الْمُعَانَدَةَ وَالتَّصْرِيحَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَجَّلَهُ إِلَى نَارِهِ وَأَلِيمِ عِقَابِهِ بِالْكُفْرِ فَاسْتَحَلَّ بِذَلِكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ دَمَهُ وَلَعَنَهُ . قال ابن كثير : وقد كان أحمد بن نصر هذا من أكابر العلماء العاملين القائمين بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهي عَنِ الْمُنْكَرِ وَذِكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَوْمًا فَقَالَ : رحمة اللهِ ما كانَ أسخاه بنفسه لله، لقد جاد بنفسه له . وقال جعفر بن محمد الصائغ : أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ الخزاعي حين ضُرِبَتْ عُنُقُهُ يَقُولُ رَأْسُهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله . ورأى بعضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ومعه أبو بكر وعمر قد مَرُّوا عَلَى الْجِذْعِ الَّذِي عَلَيْهِ رَأْسُ أَحْمَدَ بن نصر فلما جاوزوه أَعْرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ عَنْهُ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ أَعْرَضْتَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نصر؟ فقال: أعرضت عنه استحياء منه حين قتله رجل يزعم إنَّه من أهل بيتي . ولم يزل رأسه منصوباً مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى بَعْدِ عِيدِ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ فَجُمِعَ بَيْنَ رَأْسِهِ وَجُثَّتِهِ وَدُفِنَ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ بَغْدَادَ بِالْمَقْبَرَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْمَالِكِيَّةِ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَذَلِكَ بأمر المتوكل . النهاية ، وإلى اللقاء مع قصة تاريخة أخرى . توضيح : الصمصامة من أشهر سيوف العرب توارثوه جيلاً بعد جيل صمصم : مر في العظام و قطعها . قال في قاموس المعاني : الصَّمصام : السَّيف الصُّلب القاطع رَجُل صَمْصَام : مُصَمِّم ، ماضٍ في الأمر بعزيمة ثابتة. انتهى
|
17 Nov 2016, 04:08 PM | [ 2 ] | ||||||||
مؤسس شبكة الشدادين
|
رد: الصمصامة
رحم الله أحمد بن نصر الخزاعي وجميع أئمة المسلمين وأتباع السلف الصالح أولهم وآخرهم وحذل أهل البدع والضلالات وجزاك كل خير أخي العزيز البحث العلمي |
||||||||
|
|||||||||
17 Nov 2016, 04:10 PM | [ 3 ] | |||||||
|
رد: الصمصامة
.
جزاك خير على و بورك بحضورك المُحاط بالعلم بالفائدة |
|||||||
17 Nov 2016, 09:29 PM | [ 4 ] | ||||||||
عضو متميز
|
رد: الصمصامة
وقفات العظماء وابائهم وتمسكهم بالحق تمثلها هنا قصة أحمد الخزاعي رحمه الله ويوم القيامة يقتص له الله ممن ظلموه |
||||||||
|
|||||||||
20 Nov 2016, 07:31 AM | [ 5 ] | ||||||||
عضو مبدع
|
رد: الصمصامة
السلطان ،،، سارة الغيد ،،، درع الخوي شكراً لكم من القلب أسعدني و شرفني كل حرف كتبتموه .... سلمت أياديكم الغالية .... ولا حرمني الله من تواجدكم الرائع والمميز . |
||||||||