..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الإسلامية > منتدى خير البشر وخاتم الرسل
 
أدوات الموضوع
إضافة رد
قديم 14 Dec 2011, 04:39 PM [ 11 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Jun 2011
رقم العضوية : 40992
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 496
الردود : 7353
مجموع المشاركات : 7,849
معدل التقييم : 225الغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura about

الغزال الشارد غير متصل


رد: الآحاديث الآربعين النووية مع الشرح والفوائد بإذن الله ..!!


الحــــــديث العــاشـــر


عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله :
{إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن
الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين
فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً
[المؤمنون:51]،
وقال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ
[البقرة:172]،
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء: يا رب ! يا رب !
ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنّى يستجاب له؟ }.




• شـــرح الحــديث •



{ إن الله طيب} الطيب في ذاته طيب في صفاته وطيب في أفعاله .. أي طاهر منزه عن النقائص


{ لا يقبل إلا طيباً } لا يقبل إلا طيباً في ذاته وطيباً في كسبة. وأما الخبيث في ذاته كالخمر،


أو في كسبة كالمكتسب بالربا فإن الله تعالى لا يقبله
{ وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين }

فقال تعالى:
" كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُم"
[البقرة:172].


وايضــا فهو سبحانه وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً طاهراً
من المفسدات كلها كالرياء والعجب.
فأمر الله تعالى للرسل وأمره للمؤمنين واحد أن يأكلوا من الطيبات وأما الخبائث فإنها حرام عليهم
لقوله تعالى في وصف الرسول الله :
[ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ].
.
.

ثمـ ذكـر الرسول عليه الصلاة والسلام.. شخـص تتوفـر فيـه

اسباب اجـابة الدعــاء

وهـي..
.
.
1-إطالة السفر: ومجرد السفر يقتضي إجابة الدعاء،
فقد روى أبو داود وابن ماجه والترمذي من
حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن:
دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده ".

2-الانكــسار والتذلل من أعظم أسباب إجابة الدعاء.
فالله تعالى ينظر إلى عباده يوم عرفه ويقول:
{ أتوني شعثاً غبراً }

3-مد اليدين إلى السماء: وهو من آداب الدعاء،
روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"إن الله تعالى حَيِيٌّ كريم، يستحي إذا رفع الرجلُ إليه يديه أن يَرُدَّهما صفراً خائبتين".

4-الإلحاح على الله عز وجل:
وذلك بتكرير ذكر ربوبيته سبحانه وتعالى.
" يارب ..يارب "

.
.

ولكــن مع توفر هذه الاسباب .. إلا ان الاجــابة تمــنع .. بل تستبعــد لقوله
" أنـّى "
لأنه توسع في الحرام أكلاً وشرباً ولبساً وتغذية ..






الحــــــديث الحـــادي عشر




عن أبي محمد الحسن بن على بن أبي طالب سبط رسول الله وريحانته رضي الله عـنهـما، قـال: ( حـفـظـت مـن رســول الله :

{دع ما يـريـبـك إلى ما لا يـريـبـك } ).



شـــرح الحــديث


عن أبي محمد الحسن بن علي سبط رسول الله وعن أبيه وأمه وهو ابن بنت رسول الله
وهو أفضل الحسنين فإن النبي أثنى عليه وقال:

{ إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به

بين فئتين من المسلمين



فأصلح الله بين الفئتين المتنازعتين حين تنازل عن الخلافة لمعاوية بن
أبي سفيان فنال بذلك السيادة.


والسبط : هو ابن البنت،
وريحانته : تعني القريب الذي يرتاح إليه، الذي يشم منه الرائحة الطيبة الذي يحبه.


أن النبي قال:
{ دع ما يريبك إلى ما لا يريبك }
يعني اترك الذي ترتاب فيه وتشك فيه إلى
الشيء الذي لا تشك فيه، وهذا يشبه الحديث السابق أن النبي قال:
{ بينهما أمور مشتبهات
لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه }


فالذي يريبك وتشك فيه سواء كان في أمور الدنيا أو أمور الآخرة فالأحسن
أن ترتاح منه وتدعه
حتى لا يكون في نفسك قلق واضطراب فيما فعلت وأتيت.


هذا الحديث أعطانا قاعدة عظيمة :
وهي التعامل في حياتنا سواء مع الأشياء، أو التعامل
في الحلال والحرام، أو التعامل في الأقوال والأعمال، أن نتعامل بوضوح، أن أتعامل
بما اتضح لدي، أتعامل بما صح لدي، أترك ما فيه شك.




الأعلى رد مع اقتباس
قديم 14 Dec 2011, 04:40 PM [ 12 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Jun 2011
رقم العضوية : 40992
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 496
الردود : 7353
مجموع المشاركات : 7,849
معدل التقييم : 225الغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura about

الغزال الشارد غير متصل


رد: الآحاديث الآربعين النووية مع الشرح والفوائد بإذن الله ..!!



الحــــــديث الـثاني عــشر

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله :




{من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعـنيه }.



[حديث حسن، رواه الترمذي: 2318 وابن ماجه:3976 ].






شـــرح الـحــديـــث



هذا الحديث أصل في أدب التعامل مع الآخرين، وهذا الحديث من جوامع كلم النبي - صلى

الله عليه وسلم - كما كان الحديث السابق ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) كما
شاهدنا في الحديث السابق : كيف هاتين الكلمتين أدت إلى قواعد عظيمة في الدين،
ومن ثم في التعامل.فكذلك هذا الحديث أصل في الأدب.

ينبغي على الإنسان يترك ما لا يعنيه أي ما لا يهمه وما لا علاقة له به فإن هذا من حُسن
إسلامه ويكون أيضاً راحة له، لأنه إذا لم يكلف به فيكون راحةً له بلا شك وأريح لنفسه.

فيستفاد من هذا الحديث:

1-أن الإسلام يتفاوت يزيد وينــقص لقوله: { من حسن إسلام المرء }.

2- أنه ينبغي للإنسان أن يدع ما لا يعنيه لا في أمور دينه ولا دنياه، لأن ذلك أحفظ لوقته وأسلم
لدينه وأيسر لتقصيره لو تدخل في أمور الناس التي لا تعنيه لتعب، ولكنه إذا أعرض عنها ولم يشتغل
إلا بما يعنيه صار ذلك طمأنينة وراحة له.

3-أن لا يضيع الإنسان ما يعنيه أي ما يهمه من أمور دينه ودنياه بل يعتني به ويشتغل به ويقصد إلى ما هو أقرب إلى تحصيل المقصود.







الحديث الثالث عشر
عـن أبي حـمـزة أنـس بـن مـالـك رضي الله عـنـه، خــادم رسـول الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قــال:

{ لا يـُؤمـن أحـدكـم حـتي يـُحـب لأخـيـه مــا يـُحـبـه لـنـفـسـه }.


[رواه البخاري:13، ومسلم:45].




•شـــرح الـحــديـــث •

{ لا يؤمن } يعني الإيمان الكامل. قوله: { حتى يُحب لأخيه } أي أخيه المسلم.
{ ما يُحب لنفسه } من أمور الدين والدنيا،
لأن هذا مقتضى الأخوة الإيمانية أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك.


فيستفاد من هذا الحديث:

1- أن الإيمان يتفاضل منه كامل، ومنه ناقص .
وهذا مذهب أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص.

2- الحث على محبة الخير للمؤمنين لقوله: { حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه }.
فإن الطباع البشرية قد تكره حصول الخير وتمييز غيرها عليها ، والإنسان يجب عليه أن يخالف
الطباع البشرية ويدعو لأخيه ويتمنى له ما يحب لنفسه ،
والشخص متى لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه كان حسوداً .

3-التحذير من أن يحب للمؤمنين ما لا يحب لنفسه لأنه ينقص بذلك إيمانه حتى أن الرسول
نفى عنه الإيمان، مما يدل على أهمية محبة الإنسان لإخوانه ما يحب لنفسه.

4-تقوية الروابط بين المؤمنين, لأن من اتصف به فإنه لا يمكن أن يعتدي على أحد من المؤمنين
في ماله أو في عرضه أو أهله، لأنه لا يحب أن يعتدي أحد عليه بذلك فلا يمكن أن يحب اعتداءه هو على أحد في ذلك.
5- استعمال ما يكون به العطف في أساليب الكلام في قوله: { لأخيه }
ولو شاء لقال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب للمؤمن ما يحب لنفسه ..
لكنه قال: { لأخيه } استعطافاً أن يحب للمؤمن ما يحب لنفسه.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 14 Dec 2011, 04:42 PM [ 13 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Jun 2011
رقم العضوية : 40992
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 496
الردود : 7353
مجموع المشاركات : 7,849
معدل التقييم : 225الغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura about

الغزال الشارد غير متصل


رد: الآحاديث الآربعين النووية مع الشرح والفوائد بإذن الله ..!!


الحــــــديث الرابع عــــشر



عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله :

{ لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بـإحـدي ثـلاث: الـثـيـّب الــزاني، والـنـفـس بـالنفس، والـتـارك لـديـنـه الـمـفـارق للـجـمـاعـة }.




[رواه البخاري78، ومسلم:1676 ].



شـــرح الـحــديـــث

هذا الحديث بين فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن دماء المسلمين محترمة
وأنها محرمة لا يحل انتهاكها إلا بإحدى ثلاث:

الأول: { الثيّب الزاني } وهو الذي تزوج ثم زنى بعد أن منّ الله عليه بالزواج، فهذا يحل
دمه، لأن حده أن يرجم بالحجارة حتى يموت.

الثاني: { النفس بالنفس } أجمع المسلمون على أن من قتل مسلماً عمداً
فقد استحق القصاص وهو القتل، قال الله تعالى:


{ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ }

وذلك حتى يأمن النَّاسُ على حياتهم،
وقال الله تعالى:


{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ }

[البقرة: 179].
ويسقط القصاص إذا عفا أولياء المقتول.

الثالث: { التارك لدينه المفارق للجماعة } أجمع المسلمون على أن الرجل إذا ارتد،

وأصر على الكفر، ولم يرجع إلى الإسلام بعد الاستتابة، أنه يُقتل،
روى البخاري وأصحاب السنن: عن ابن عباس رضي الله عنهما :
أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: "مَنْ بَدَّلَ دينَه فاقتلُوه".

وقال ابن عثيمين -رحمه الله- :
{ التارك لدينه المفارق للجماعة } المراد به من خرج على الإمام،
فإنه يباح قتله حتى يرجع ويتوب إلى الله عزوجل،

فالحدود في الاسلام ,, رادعة, ويقصد منها الحماية والوقاية











الحــــــديث الخـــــــامــس عــشر








عن أبي هـريـرة رضي الله عـنه، أن رســول الله
صلى الله عليه وسلم قــال:




{مـن كـان يـؤمن بالله والـيـوم الآخر فـلـيـقـل خـيـراً أو لـيـصـمـت،

ومـن كــان يـؤمن بالله واليـوم الآخر فـليكرم جاره،
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه }.

[رواه البخاري: 6018، ومسلم: 47 ].

شـــرح الـحــديـــث


هذا الحديث من الآداب الإسلامية الواجبة:

1- قوله صلى الله عليه وسلم :
( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ))


إذا أراد أن يتكلم فليفكر ، فإن ظهر أنه لا ضرر عليه تكلم ، وإن ظهر أن فيه ضرر أو شك فيه أمسك..
لأن القول باللسان من أخطر ما يكون على الإنسان فلهذا كان مما يجب عليه أن يعتني
بما يقول فيقول خيراً أو يسكت.

ونقل عن أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى أنه قال :
السكوت في وقته صفة الرجال ، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال

وقيل لبعضهم: لم لزمت السكوت ؟
قال : لأن لم أندم على السكوت قط ،و قد ندمت على الكلام مراراً.
ومما قيل: جرح اللسان كجرح اليد.

2-(( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره))

أن من التزم شرائع الإسلام ، لزمه إكرام الضيف والجار .
وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) .

قال العلماء: إذا كان الجار مسلماً قريباً فله ثلاث حقوق: الجوار والإسلام والقرابة،
وإن كان مسلماً غير قريب فله حقان: وإذا كان كافراً غير قريب له حق واحد حق الجوار.

فاكرام الجار يكون بكف الأذى عنه وبذل المعروف له، فمن لا يكف الأذى عن جاره فليس بمؤمن،
لقول النبي : { والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن } قالوا من يا رسول الله ؟
قال: { من لا يأمن جاره بوائقه }.

3- ( ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ).
فالضيف هو الذي نزل بك وأنت في بلدك وهو مارٌ مسافر، فهو غريب محتاج ..
فلذلك يكون له حـق ,, كما للجار حــق..
ويكون اكرام الضيف بحـسن ضيافته، والواجب في الضيافة يوم وليلة وما بعده فهو تطوع ولا ينبغي
لضيف أن يكثر على مضيفه بل يجلس بقدر الضرورة، فإذا زاد على ثلاثة أيام فليستأذن من مضيفه


حتى لا يكلف عليه.




رعاية الإسلام للجوار والضيافة، يدل على كمال الإسلام وأنه متضمن للقيام بحق الله سبحانه

وتعالى وبحق الناس.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 14 Dec 2011, 04:44 PM [ 14 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Jun 2011
رقم العضوية : 40992
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 496
الردود : 7353
مجموع المشاركات : 7,849
معدل التقييم : 225الغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura about

الغزال الشارد غير متصل


رد: الآحاديث الآربعين النووية مع الشرح والفوائد بإذن الله ..!!



الحــــــديث الــسادس عــشر




عــن أبـي هـريـرة رضي الله عــنـه أن رجــلاً قـــال للـنـبي : أوصــني.
قال: { لا تغضب } فردد مراراً ، قال: { لا تغضب }.
[رواه البخاري:6116]

شـــرح الـحــديـــث

الوصية هي العهد بالأمر الهام، وهذا الرجل طلب من النبي أن يوصيه
فقال: { لا تغضب } وعدل النبي عن الوصية بالتقوى التي أوصى الله عز وجل بها هذه الأمة
وأوصى بها الذين أوتوا الكتاب من قبلنا إلى قوله { لا تغضب } لأنه يعلم من حال هذا الرجل والله
أعلم أنه كثير الغضب ولهذا أوصاه بقوله { لا تغضب } وليس المراد النهي عن الغضب الذي هو
طبيعة من طبيعة الإنسان، ولكن المراد: املك نفسك عند الغضب بحيث لا تنفذ إلى ما يقتضيه ذلك
الغضب، لأن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم فلهذا تجده تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه

وربما يذهب شعوره بسبب الغضب ويكون أشياء لا يحمد عقباها، وربما يندم ندماً عظيماً على ما
حصل منه، فلهذا أوصاه النبي بهذه الوصية وهي وصية له ولمن كان حاله مثل حاله.

فإن قال قائل : إذا وُجد سبب الغضب وغَضِـب الإنسان ، فماذا يصنع ؟

نقول : هــناك دوائين:

1- دواء قولي: وهو قول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
2- دواء فعلي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ،فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضجع )).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

{ إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار
وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ }





الحــــــديث السابع عــشر



عـن أبي يعـلى شـداد بـن أوس رضي الله عـنه، عـن الـرسـول صلى الله عـليه وسلم قـال:

{ إن الله كتب الإحـسـان عـلى كــل شيء، فـإذا قـتـلـتم فـأحسـنوا القـتـلة، وإذا ذبـحـتم فـأحسنوا الذبحة، وليحد أحـدكم شـفـرتـه، ولـيـرح ذبـيـحـته }.



شـــرح الـحــديـــث


{ الإحسان } ضد الإساءة وهو معروف.

{ كتب } بمعنى شرع،

وقوله: { على كل شيء } الذي يظهر أنها بمعنى في كل شيء،
يعني أن الإحسان ليس خاصاً في بني آدم بل هو عام في كل شيء
{ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته }
وهذا من الإحسان.

وقوله: { إذا قتلتم } هذا حين القتل من بني آدم أو مما يباح قتله
أو يسنُ من الحيوانات من وحوش وغيرها.

وقوله: { فأحسنوا القتلة } أن يسلك أقرب الطرق إلى حصول المقصود بغيرأذية
لكن يرد على هذا ما ثبت من رجم الزاني المحصن
والجواب عنه أن قال: إنه مستثنى من الحديث وإما أن يقال:
المراد { فأحسنوا القتلة } موافقة الشرع وقتل المحصن بالرجم موافق للشرع.

وأما قوله: { فأحسنوا الذبحة } والمراد به المذبوح من الحيوان الذي يكون ذبحه ذكاة له مثل الأنعام
والصيد وغير ذلك .. فإن الإنسان يسلك أقرب الطرق التي يحصل بها المقصود الشرعي من الزكاة،
ولهذا قال: { وليحد أحدكم شفرته } أي سكِّينه، { وليرح ذبيحته } أي يفعل ما به راحتها.
وراحتها تكون بإن يضجعها برفق دون أن تتعسف في إضجاعها ومن ذلك أيضاً أن يضع رجله على

عُنقها ويدع قوائمها الأربعة اليدين والرجلين بدون إمساك، لأن ذلك أبلغ في إراحتها وحريتها فيالحركة، ولأن ذلك أبلغ في خروج الدم عنها فكان أولى.


و لا يقطع منها شيء حتى تموت ،و لا يحد السكين قبالتها ، وأن يعرض عليها الماء قبل الذبح ،ولا يذبح اللبون ، ولا ذات الولد ،حتى يستغني عن اللبن.



ومن فوائد هذا الحديث:


1- أن الله سبحانه وتعالى جعل الإحسان في كل شيء حتى إزهاق القتلة، وذلك بأن يسلك أسهل
الطرق لإرهاق الروح ووجوب إحسان الذُبحة كذلك بأن يسلك أقرب الطرق لإزهاق الروح ولكن على

الوجه المشروع.



2- طلب تفقد آلات الذبح لقوله عليه الصلاة والسلام: { وليحد أحدكم شفرته }.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 14 Dec 2011, 04:45 PM [ 15 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Jun 2011
رقم العضوية : 40992
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 496
الردود : 7353
مجموع المشاركات : 7,849
معدل التقييم : 225الغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura about

الغزال الشارد غير متصل


رد: الآحاديث الآربعين النووية مع الشرح والفوائد بإذن الله ..!!


الحــــــديث الثــامــن عـــشر
عـن أبي ذر جـنـدب بـن جـنـادة، وأبي عـبد الـرحـمـن معـاذ بـن جـبـل رضي الله عـنهما، عـن
الرسول صلى الله عـليه وسلم، قـال:
{ اتـق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها،

وخالق الناس بخـلـق حـسـن }.
[رواه الترمذي:1987، وقال: حديث حسن، وفي بعض النسخ: حسن صحيح].
شـــرح الـحــديـــث
قوله صلى الله عليه وسلم : (( اتق الله حيثما كنت ))
أي اتقه في الخلوة في السر كما تتقيه في العلانية بحضرة الناس ،
واتقه في سائر الأمكنة والأزمنة.
مما يعين على التقوى استحضار أن الله تعالى مطلع على العبد في سائر أحواله ،
قال الله تعالى :
{ ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر
إلا هو معهم أين ما كانواثم يُنَبِّئُهم بما عملوا يوم القيامة إنّ الله بكل شيء عليم }
[المجادلة:7].
والتقوى كلمة جامعة لفعل الواجبات وترك المنهيات .
وقوله صلى الله عليه وسلم :
(( وأتبع السيئه الحسنة تمحها ))
أي إذا فعلت سيئة فاستغفر الله تعالى منها وافعل بعدها حسنة تمحها .
ويشهد لهذا قوله تعالى:" إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ " [هود:114].

وظاهر الحديث أن الحسنة تمحو السيئة المتعلقة بحق الله تعالى ،
أما السيئة المتعلقة بحق العباد من الغضب والغيبة والنميمة ،
فلا يمحوها إلا الاستحلال من العباد ، ولا بد أن يعين له جهة الظلامة ،
فيقول : قلت عليك كيت وكيت .
وفي الحديث دليل على أن محاسبة النفس واجبة ، قال صلى الله عليه وسلم :
(( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا )) .
وقال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتَنظُر نفسُ ما قدمت لغد ٍ} [الحشر:18].
قوله صلى الله عليه وسلم : (( وخالق الناس بخلق حسن ))..
اعلم أن الخلق الحسن كلمة جامعة للإئسان إلى الناس ،
وإلى كف الأذى عنهم .
قال صلى الله عليه وسلم : (( خيركم أحسنكم أخلاقا ً)).
وقال ايضا عليه الصلاة والسلام (( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً ))
وعنه صلى الله عليه وسلم : (( أن رجلاً أتاه فقال : يا رسول الله ما أفضل الأعمال ؟
قال : (( حسن الخلق )) ، وهو على ما مر أن لا تغضب





الحــــــديث التــاســع عـــشر

عـن أبي العـباس عـبدالله بن عـباس رضي الله عـنهما،
قــال: كـنت خـلـف النبي صلي الله عـليه
وسلم يـوماً، فـقـال :

{ يـا غـلام ! إني أعـلمك كــلمات: احـفـظ الله يـحـفـظـك، احـفـظ الله تجده
تجاهـك، إذا سـألت فـاسأل الله، وإذا اسـتعـنت فـاسـتـعـن بالله،
واعـلم أن الأمـة لـو اجـتمـعـت عـلى
أن يـنـفـعـوك بشيء لم يـنـفـعـوك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله لك،
وإن اجتمعـوا عـلى أن يـضـروك
بشيء لـم يـضـروك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله عـلـيـك؛ رفـعـت الأقــلام،
وجـفـت الـصـحـف }.

[رواه الترمذي: 2516 وقال: حديث حسن صحيح].

وفي رواية غير الترمذي:
{ احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم
أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع
الكرب، وأن مع العسر يسراً }

• شــــرح الحــديث •


قوله: ( كنت خلف النبي ) يحتمل أنه راكب معه، ويحتمل أنه يمشي خلفه،
وأياً كان فالمهم أنه وصاه بهذه الوصايا العظيمة.

قال: { إني أعلمك كلمات } قال ذلك من أجل أن ينتبه لها.

الكلمة الأولى:
قوله: { احفظ الله يحفظك } هذه كلمة { احفظ الله } يعني احفظ حدوده وشريعته
بفعل أوامره واجتناب نواهيه يحفظك في دينك وأهلك ومالك ونفسك،
لأن الله سبحانه وتعالى يجزي المحسنين بإحسانهم.

وعُلم من هذا أن من لم يحفظ الله فإنه لا يستحق أن يحفظه الله عزوجل،
وفي هذا الترغيب على حفظ حدودالله عزوجل.

و أن من أضاع الله - أي أضَاع دين الله - فإن الله يضيعه ولا يحفظه
قال تعالى:
" وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "
[الحشر:19].

الكلمة الثانية:
قال: { احفظ الله تجده اتجاهك } ونقول في قوله: { احفظ الله } كما قلنا في
الأولى، ومعنى { تجده اتجاهك } أي تجده أمامك يدلك على كل خير ويقربك إليه ويهديك إليه.

الكلمة الثالثة:
قوله: { إذا سألت فاسأل الله } إذا سألت حاجة فلا تسأل إلا الله عزوجل ولا تسأل
المخلوق شيئاً، وإذاقُدر أنك سألت المخلوق ما يقدر عليه، فاعلم أنه سبب من الأسباب وأن
المسبب هو الله عز وجل فاعتمد على الله تعالى.

الكلمة الرابعة:
قوله: { وإذا استعنت فاستعن بالله } فإذا أردت العون وطلبت العون من أحد فلا
تطلب إلا من الله، لأنه هو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض وهو يعينك إذا شاء، وإذا أخلصت
الاستعانة وتوكلت عليه أعانك،
ولكن لا مانع أن يستعين بغيرالله ممن يمكنه أن يعينه لقوله النبي :
{ وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة }.
وإذا استعنت بمخلوقٍ فيما قدر عليه فاعتقد أن سبب وأن الله هو الذي سخره لك.

الكلمة الخامسة:
قوله: { واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا
بشيء قد كتبه الله لك }
الأمة كلها من أولها إلى آخرها لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن
ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وعلى هذا فإن نفع الخلق الذي يأتي للإنسان فهو من الله في
الحقيقة، لأنه هو الذي كتبه له وهذا حث لنا على أن نعتمد على الله تعالى ونعلم أن الأمة لا
يجلبون لنا خيراً إلا بإذن الله عزوجل.

الكلمة السادسة:
{ وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك }
وعلى هذا فإن نالك ضرر من أحد فاعلم أن الله قد كتبه عليك فارض بقضاء الله وبقدره ولا حرج أن
تحاول أن تدفع الضرر عنك لأن الله تعالى قال:
" وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا "
[الشورى:40].

الكلمة السابعة:
{ رفعت الأقلام وجفت الصحف } يعني أن ما كتبه الله تعالى قد انتهى
فالأقلام رفعت والصحف جفت ولا تبديل لكلمات الله.
فقد ثبت عن النبي أن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض
بخمسين ألف سنة.
رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح،

وفي رواية غير الترمذي: { احفظ الله تجده أمامك }
وهذا بمعنى: { احفظ الله تجده اتجاهك }.

{ تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة }
يعني قم بحق الله عزوجل في حال الرخاء،
وفي
حال الصحة، وفي حال الغنى { يعرفك في الشدة } إذا زالت عنك الصحة وزال عنك الغنى واحتجت
إلى الله عرفك بما سبق لك، أو بما سبق من فعل الخير الذي تعرفت به إلى الله عزوجل.

{ واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك }
يعني أن ما قدر الله تعالى أن
يصيبك فإنه لا يخطئك، بل لابد أن يقع، لأن الله قدره.
وأن ما كتب الله أن يخطئك رفعه عنك فلن يصيبك أبداً فالأمر كله بيد الله وهذا يؤدي إلى أن يعتمد
الإنسان على ربه اعتماداً كاملاً

ثم قال: { واعلم أن النصر مع الصبر } فهذه الجملة فيها الحث على الصبر، لأنه إذا كان النصر مع الصبر فإن الإنسان يصبر من أجل أن ينال الصبر.

وقوله: { وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً } الفرج انكشاف الشدة والكرب الشديد جمعه كروب كمال قال تعالى:
" فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"
[الشرح:5-6].



الأعلى رد مع اقتباس
قديم 14 Dec 2011, 04:47 PM [ 16 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Jun 2011
رقم العضوية : 40992
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 496
الردود : 7353
مجموع المشاركات : 7,849
معدل التقييم : 225الغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura about

الغزال الشارد غير متصل


رد: الآحاديث الآربعين النووية مع الشرح والفوائد بإذن الله ..!!


الحـــديث العـشــرون


عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
{ إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت }.
[رواه البخاري: 3483 ].

شــــرح الحــديث

{ إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، ]
يعني أن من بقايا النبوة الأولى التي كانت في الأمم السابقة. وأقرتها هذه الشريعة.
{ إذا لم تستح فاصنع ما شئت }
إذا أردت فعل شيء ، فإن كان مما لا تستحي من فعله من الله ، ولا من الناس فافعله ،وإلا فلا.
و المعنى الثاني أن الإنسان إذا لم يستح يصنع ما شاء ولا يبالي وكلا المعنين صحيح.
يستفاد من هذا الحديث:
أن الحياء من الأشياء التي جاءت بها الشرائع السابقة، وأن الإنسان
ينبغي له أن يكون صريحاً، فإذا كان الشيء لا يستحى منه فليفعله
وهذا الإطلاق مقيد بما إذا كان في فعله مفسدة فإنه يمتنع الفعل
خوفاً من هذه المفسدة.




الحـــديث الحــادى والعشرون

عن أبي عمرو، وقيل: أبي عمرة ؛ سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه، قال: قلت:
يا رسول الله ! قـل لي في الإسـلام قـولاً لا أسـأل عـنه أحــداً غـيـرك، قـال:

{ قُــل آمـنـت بالله، ثـم اسـتـقم }.


[رواه مسلم: 38].


شــــرح الحــديث

[قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك،]


يعني قولاً يكون جامعاً واضحاً بيّناً لا أسأل أحداً غيرك فيه،


فقال له النبي : { قل آمنت بالله ثم استقم } آمنت بالله هذا بالقلب،

والاستقامة تكون بالعمل، فأعطاه النبي كلمتين تتضمنان الدين كله فآمنت بالله
يشمل إيماناً بكل ما أخبر الله به عزوجل عن نفسه وعن اليوم الآخر وعن رسله وعن كل ما أرسل


به، وتتضمن أيضاً الانقياد ولهذا قال: { ثم استقم } وهو مبني على الإيمان.


ومن ثم أتي بـ { ثم } الدالة على الترتيب والاستقامة ولزوم الصراط المستقيم


صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين،
ومتى بنى الإنسان حياته على هاتين الكلمتين فهو سعيد في الدنيا وفي الآخرة.


فهــذا يدل على أن الإيمان بالله لا يكفي عن الاستقامة،


بل لا بد من إيمان بالله واستقامة على دينه



الحـــديث الثاني والعشرون

عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: أن رجلاً سأل رسول الله ،
فقال: ( أرأيت إذا صليت المكتوبات، وصمت رمضان، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام،

ولم أزد على ذلك شيئاً؛ أأدخل الجنة؟ )
قال: { نعم }.


شــــرح الحــديث


قوله : [ أرأيت ... إلخ ] معناه : أخبرني.
حرّمت الحرام: اجتنبته معتقداً تحريمه،
أحللت الحلال: فعلته معتقداً حلّه.
المكتوبات : الفرائض.. بمعنى الفرائض الخمس والجمعة - بالنسبة للرجال -.
في هذا الحديث يسأل الرجل رسول الله إذا صلى المكتوبات وصام رمضان وأحل الحلال
وحرم الحرام ولم يزد على ذلك شيئاً هل يدخل الجنة ؟ قال: { نعم }.
وهذا الحديث لم يذكر فيه الزكاة ولم يذكر فيه الحج، فإما أن يقال:
إن ذلك داخلاً في قوله: ( حرمت الحرام ) لأن ترك الحج حرام وترك الزكاة حرام.
ويمكن أن يقال: أما بالنسبة للحج فربما يكون هذا الحديث قبل فرضه، وأما بالنسبة للزكاة فلعل النبي علم من حال هذا الرجل أنه فقير وليس من أهل الزكاة فخاطبه على قدر حاله.
فـ يبين لنـا الحديث ان الاقـتصار على الفـرائض يدخــل الجـنة ..
ولكـن السنن والرواتب تجبر النقص في الفرائض وتقربـا الى الله..
ا- تجبر النقص بالفرائض :
كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( إن أول
ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاتُهُ ؛ فإن صلحت فقد أفلَح و أنجَح ، و إن فسَدَت فقد
خاب و خسر ، فإن انتقص من فريضته شيءٌ قال الرب عز و جل : انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل
بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك )
[ رواه أصحاب السنن غير أبي داود بإسناد صحيح ] .
2- قربه إلى الله ..
قال الله في الحديث القدسي..
[ .. ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل، حتى أحبه ..)



الأعلى رد مع اقتباس
قديم 14 Dec 2011, 04:49 PM [ 17 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Jun 2011
رقم العضوية : 40992
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 496
الردود : 7353
مجموع المشاركات : 7,849
معدل التقييم : 225الغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura about

الغزال الشارد غير متصل


رد: الآحاديث الآربعين النووية مع الشرح والفوائد بإذن الله ..!!


الحـــديث الثالث والعشرون

عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:


{ الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأن -
أو: تملأ - ما بين

السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء،
والقرآن حجة لك أو عليك؛ كل الناس

يغدو، فبائع نفسه فمعتقها، أو موبقها }.
[رواه مسلم: 223 ].


شــــرح الحــديث

{ الطهور شطر الإيمان } بضم الطاء يعني الطهارة.
شطر الإيمان أي نصفه وذلك أن الإيمان تخلي وتحلي،
أما التخلي فهو التخلي عن الإشراك، لأن الشرك بالله نجاسة كما قال الله تعالى:
إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة: 28].
فلهذا كان الطهور شطر الإيمان،
وقيل: إن معناه أن الطهور للصلاة شطر الإيمان، لأن الصلاة إيمان ولا تتم إلا بطهور...
ولكن هذا المعنى خاص..
و المعنى الأول أحسن وأعم..
وقال: { والحمد لله تملأ الميزان }
الحمد لله تعني: وصف الله تعالى بالمحامد والكمالات الذاتية والفعلية،
{ تملأ الميزان } أي ميزان الأعمال لأنها عظيمة عند الله عزوجل
ولهذا قال النبي : {
كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان،
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
}.
وقال: { سبحان الله والحمد لله } يعني الجمع بينهما { تملأ }
أو قال: { تملان ما بين السماء والأرض } وذلك لعظمهما ولاشتمالهما على تنزيه الله تعالى عن
كل نقص، وعلى إثبات الكمال لله عزوجل،
ففي التسبيح تنزيه الله عن كل نقص، وفي الحمد وصف الله تعالى بكل كمال،
فلهذا كانتا تملان ما بين السماء والأرض.
ثم قال: { والصلاة نور } يعني: أن الصلاة نور في القلب وإذا استنار القلب استنار الوجه،
وهي كذلك نور يوم القيامة قال تعالى:
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ... [الحديد:12].
وهي أيضاً نور بالنسبة للاهتداء والعلم .
وقال: { والصدقة برهان } أي دليل على صدق صاحبها، وأنه يحب التقرب إلى الله
وذلك لأن المال محبوب إلى النفوس ولا يصرف المحبوب إلا في محبوب أشد منه حباً
وكل إنسان يبذل المحبوب من أجل الثواب المرتجى وهو برهان على صحة إيمانه وقوة يقينه.
قال: { والصبر ضياء } الصبر أقسامه ثلاثة: صبر على طاعة الله، وصبر على معصية الله،
وصبر على أقدار الله.
وقال: { ضياء } نوراً مع حرارة كما قال تعالى:
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً
[يونس:5].
والشمس فيها النور والحرارة، والصبر كذلك لأنه شاق على النفس
فهو يعاني كما يعاني الإنسان من الحرارة ومن الحار.
وقال أيضاً: { والقرآن حجة لك أو عليك } والقرآن حجة لك، أي عند الله عزوجل أو حجة عليك ...
فإن عملت به كان حجة لك، وإن أعرضت عنه كان حجة عليك،
ثم بين النبي أن كل الناس يغدون، أي يذهبون الصباح إلي أعمالهم.
وقال: { فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها } كل الناس يغدون ويكدحون ويتعبون أنفسهم،
فمنهم من يعتق نفسه ومنم من يوبقها أي يهلكها بحسب عمله،
فإن عمل بطاعة الله واستقام على شريعته فقد اعتق نفسه، أي: حررها من رق الشيطان.
فـالبتالي.. يتبين لنـا أن الحرية حقيقة هي: القيام بطاعة الله وليست إطلاق الإنسان نفسه
ليعمل كل شيء أراده، قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
هربوا من الرق الذي خلقوا له *** وبلوا برق النفس والشيطان
فكل إنسان يفر من عبادة الله، فإنه سيبقى في رق الشيطان ويكون عابدا للشيطان.





الحـــديث الـرابـع العـشرون

عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، عن النبي صلي الله عليه وسلم،
فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى، أنه قال:
{ يا عبادي:
إني حرمت الظلم على نفسي، وجعـلته بيـنكم محرماً؛ فلا تـظـالـمـوا .

يا عبادي
كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم .

يا عبادي
كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم .

يا عبادي
كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم .

يا عبادي
إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم .

يا عبادي
إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني .

يا عبادي
لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم،

ما زاد ذلك في ملكي شيئاً .
يا عبادي
لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أفجر قلب رجل واحد منكم،

ما نقص ذلك من ملكي شيئاً .
يا عبادي
لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني،

فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر .
يا عبادي
إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها؛ فمن وجد خيراً فليحمد الله،

ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه }.
[رواه مسلم:2577].

شــــرح الحــديث


عن أبي ذر الغفاري عن النبي فيما يرويه عن ربه عز وجل وهذا الحديث وأشباهه
يسمى الحديث القدسي، لأنه يرويه النبي عن الله عز وجل قال:
{ يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما }
فبين الله عز وجل في هذا الحديث أنه حرم الظلم على نفسه فلا يظلم أحداً لا بزيادة سيئة
ولا بنقص حسنة كما قال تعالى:
" وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا "
[طه:112].

{ وجعلته بينكم محرماً } أي جعلت الظلم بينكم محرماً، فيحرم عليكم أن يظلم بعضكم بعضاً،
ولهذا قال: { فلا تظالموا } والفاء للتفريع على ما سبق
{ يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم } العباد كلهم ضال في العلم وفي العمل
إلا من هداه الله عزوجل وإذا كان الأمر كذلك فالواجب طلب الهداية من الله،
ولهذا قال: { فاستهدوني أهدكم } أي اطلبوا مني أهدكم،
والهداية هنا تشمل هداية العلم وهداية التوفيق،
{ يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم }، وهذه كالتي قبلها بين سبحانه
وتعالى أن العباد كلهم جياع إلا من أطعمه الله ثم يطلب من عباده أن يستطعموه ليطعمهم،
وذلك لأن الذي يخرج الزرع ويدر الضرع هو سبحانه وتعالى .
كما قال سبحانه وتعالى:
" أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ* أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ *

لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ "
[الواقعة - 65]
ثم المال الذي يحصل به الحرث هو لله عزوجل.
ويترتب على هذا سؤال الإنسان ربه واستغناؤه بسؤال الله عن سؤال عباد الله ,
ولهذا قال - فاستطعموني أطعمكم-
{ يا عبادي كلكم عار } أي قد بدت عورته إلا من كساه الله ويسر له الكسوة،
ولهذا قال: { إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم }اطلبوا مني الكسوة أكسكم، لأن كسوة بني
ادم مما أخرجه الله تعالى من الأرض، ولو شاء الله تعالى لم يتيسر ذلك.
{ يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم }
وهذا كقوله في الحديث الصحيح: { كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون }
فالناس يخطئون ليلاً ونهاراً أي يرتكبون الخطأ وهو مخالفة أمر الله ورسوله بفعل المحذور
أو ترك المأمور، ولكن هذا الخطأ له دواء – ولله الحمد – وهو قوله: { فاستغفروني أغفر لكم }
أي اطلبوا مغفرتي أغفر لكم، والمغفرة: ستر الذنب مع التجاوز عنه.
{ يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني }
لأن الله سبحانه وتعالى غني عن العالمين ولو كفر كل أهل الأرض فلن يضروا الله شيئاً،
ولو آمن كل أهل الأرض لن ينفعوا الله شيئاً، لأنه غني بذاته عن جميع مخلوقاته.
{ يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنكسم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم
ما زاد ذلك في ملكي شيئا }
لأن طاعة الطائع إنما تنفع الطائع نفسه أما الله عزوجل فلا ينتفع بها لأنه غني عنها، فلو كان الناس كلهم على أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك ملك الله شيئاً.
{ يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنكسم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم
ما نقص ذلك في ملكي شيئاً }
وذلك لأن الله غني عنا، فلو كان الناس والجن على أفجر قلب رجل مانقص ذلك من ملك الله شيئاً.
{ يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنكسم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر }
وذلك لكمال جوده وكرمه وسعة ما عنده، فإنه لو أعطى كل إنسان مسألته لم ينقصه شيئاً،
وقوله: { إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر }
وهذا من باب تأكيد عدم النقص، لأنه من المعلوم أن المخيط إذا دخل في البحر ثم نزع منه
فإنه لا ينقص البحر شيئاً لأن البلل الذي لحق هذا المخيط ليس بشيء.
{ يا عبادي إنما أعمالكم أحصيها لكم }
أي أعدها لكم وتكتب على الإنسان.
[ ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه }
ومع هذا فإنه سبحانه يجزي الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة،
ويجزي السيئة بمثلها أو يعفو ويصفح فيما دون الشرك والله أعلم.
وبيان أن العاصي سوف يلوم نفسه إذا كان في وقت لا ينفعه اللوم ولا الندم.



الأعلى رد مع اقتباس
قديم 14 Dec 2011, 04:51 PM [ 18 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Jun 2011
رقم العضوية : 40992
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 496
الردود : 7353
مجموع المشاركات : 7,849
معدل التقييم : 225الغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura about

الغزال الشارد غير متصل


رد: الآحاديث الآربعين النووية مع الشرح والفوائد بإذن الله ..!!


الحـــديث الـخـامس و العـشرون •

عن أبي ذر ، أن ناساً من أصحاب رسول الله قالوا للنبي : يا رسول الله ذهب أهل
الدثور بالأجور؛ يُصلُّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويـتـصـدقــون بفـضـول أمـوالهم.
قـال :
{ أولـيـس قـد جعـل الله لكم ما تصدقون؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة،
وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة،
وفي بضع أحـد كم صـدقـة }.
قالوا : يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟
قال: { أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال، كان له أجر }.
[رواه مسلم: 1006].
.
.
شــرح الحـديث

أن أناساً من أصحاب رسول الله قالوا للنبي { يا رسول الله } وهؤلاء فقراء،
قالوا: { يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور } يعني أهل الأموال ذهبوا بالأجور،
{ يُصلُّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم }
فهم شاركوا الفقراء في الصلاة والصوم وفضولهم في الصدقة.
قال النبي : { أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون... } إلخ.
لما اشتكى الفقراء إلى رسول الله أنه ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما يصلون
ويصومون كما يصومون ويتصدقون بفضول أموالهم يعني والفقراء لا يتصدقون.
بيّن لهم النبي الصدقة التي يطيقونها فقال:
{ أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به، إن لكم بكل تسبيحة صدقة }
يعني أن يقول الإنسان سبحان الله صدقة { وبكل تكبيره صدقة } يعني إذا قال: ( الله أكبر )
فهذه صدقة { وكل تحميده صدقة } يعني إذا قال: ( الحمد لله ) فهذه صدقة
{ وكل تهليلة صدقة } يعني إذا قال: ( لا إله إلا الله ) فهذه صدقة
{ وأمر بالمعروف } يعني إذا أمر شخصاً أن يفعل طاعة فهذه صدقة { ونهي عن منكر }
يعني إذا نهى شخصاً عن منكر فإن ذلك صدقة { وفي بضع أحدكم صدقة }
يعني إذا أتى الرجل زوجته فإن ذلك صدقة وكل له فيها أجر ذكروا ذلك لتقرير قوله
{ وفي بضع أحدكم صدقة } وليس للشك في هذا، لأنهم يعلمون أن ما قاله النبي
فهو حق لكن أرادوا أن يقرروا ذلك فقالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟
ونظير ذلك قول زكريا عليه السلام: قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ
[آل عمران: 40] ... أراد أن يقرر ذلك ويثبته مع أنه مصدق به.
قال: { أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ } والجواب: نعم يكون عليه وزر,
قال: { فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر } وهذا القياس يسمونه قياس العكس
يعني كما أن عليه وزراً في الحرام يكون له أجراً في الحلال فقال
{ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر }
فـ يتبين لنـا حسن تعليم الرسول بإيراد كلامه على سبيل الاستفهام
حتى يقنع المخاطب بذلك ويطمئن قلبه، وهذا قوله عليه الصلاة والسلام
حين سئل عن بيع الرطب بالتمر: { أينقص إذا جف؟ } قالوا: نعم، فنهى عن ذلك.
<b>
الحـــديث " السادس والعشرون "
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ:
تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ،
وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا
أَو تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ،
وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ،
وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيْهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ،
وَتُمِيْطُ الأَذى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ




)


رواه البخاري ومسلم


مـعنى الحـــديــث " السادس والعشرون " :

كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ:

السلامى هي المفاصل، وقيل:العظام، والمعنى واحد لايختلف،
لأن كل عظم مفصول عن الآخر بفاصل فإنه يختلف عنه في الشكل،
وفي القوة، وفي كل الأمور وهذا من تمام قدرة الله عزّ وجل فليس
الذراع كالعضد، وليست الأصابع كالكف، فكل ما فصل عن غيره من
العظام فله ميزة خاصة، ولذلك كان على كل سلامى صدقة.

وجاء في صحيح مسلم أن السلامى ثلاثمائة وستون مفصلاً،
هكذاجاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : "إنه خلق كل إنسان من بني آدم
على ستين وثلاثمائة مفصل..." أخرجه مسلم،
والطب الحديث يوافق هذا - سبحان الله -
مما يدل على أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم حق.

وقوله عَلَيْهِ صَدَقَةٌ:أي كل مفصل عليه صدقة


وقولهكُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمسُ: يعني كل يوم يصبح على كل
عضو من أعضائنا صدقة، أي ثلاثمائة وستون في اليوم،
فيكون في الأسبوع ألفين وخمسمائة وعشرين.
لكن من نعمة الله أن هذه الصدقة عامة في كل القربات،
فكل القربات صدقات، وهذا شيء ليس بصعب على الإنسان،
مادام كل قربة صدقة فما أيسر أن يؤدي الإنسان ما يجب عليه.

ثم قالتَعْدِلُ بَينَ اثنَيْنِ صَدَقَة:تعدل أي تفصل بينهما إما بصلح وإما بحكم،
والأولى العدل بالصلح إذا أمكن ما لم يتبين للرجل أن الحكم لأحدهما،
فإن تبين أن الحكم لأحدهما حرم الصلح، وهذا قد يفعله بعض القضاة،
يحاول أن يصلح مع علمه أن الحق مع المدعي أو المدعى عليه،
وهذا محرم لأنه بالإصلاح لابد أن يتنازل كل واحد عما ادعاه فيحال بينه وبين حقه

إذاً العدل بين اثنين بالصلح أو بالحكم يكون صدقة،
لكن إن علم أن الحق لأحدهما فلا يصلح، بل يحكم بالحق.

وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ :أي بعيره مثلاً "تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا" إذا كان لايستطيع
أن يركب تحمله أنت وتضعه على الرحل هذا صدقة
"أَو تَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ" متاعه ما يتمتع به في السفر من طعام وشراب
وغيرهما، تحمله على البعير وتربطه، هذا صدقة.
وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ: أي كلمة طيبة سواء طيبة في حق الله
كالتسبيح والتكبير والتهليل، أو في حق الناس كحسن الخلق صدقة.


وَبِكُلِّ خُطوَةٍ تَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَة : سواء بعدت المسافة أم قصرت،
وإذا كان قد تطهر في بيته وخرج إلى الصلاة لايخرجه إلا الصلاة
لم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة.

فيكتسب شيئين: رفع الدرجة، وحطّ الخطيئة.

وقد استحب بعض العلماء - رحمهم الله - أن يقارب الإنسان خطواته
إذا ذهب إلى المسجد، ولكن هذا استحباب في غير موضعه، ولادليل عليه،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر أن بكل خطوة يخطوها إلى الصلاة
صدقة لم يقل: فليدن أحدكم خطواته، ولو كان هذا أمراً مقصوداً مشروعاً
لبيّنه النبي صلى الله عليه وسلم .
ولكن لايباعد الخطا قصداً ولايدنيها قصداً، بل يمشي على عادته.

وَتُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ : أي تزيل الأذى وهو ما يؤذي المارة من
حجر أو زجاج أو قاذورات فأي شيء يؤذي المارين إذا أميط عن طريقهم فإنه صدقة.

*****************

من فــــوائــــد الحديــــث :

1. وجوب الصدقة على كل إنسان كل يوم تطلع فيه الشمس عن كل
عضو من أعضائه، لأن قوله: "عَلَيهِ صَدَقَة" وعلى للوجوب،
ووجه ذلك: أن كل إنسان يصبح سليماً يجب عليه أن يشكر الله عزّ وجل،
سليماً في كفه، في ذراعه، في عضده، في ساقه، في فخذه،
في كل عضو من أعضائه عليه نعمة من الله عزّ وجل فليشكرها.

فإن قال قائل: قد يكون في إحصاء ذلك صعوبة؟

فالجواب: أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجزئ من ذلك -
أي بدلاً عنه، لأن (من) هنا بدليّة بمعنى بدل ذلك - ركعتان يركعهما من الضحى،
فإذا ركعت ركعتين من الضحى صار الباقي نفلاً وتطوعاً.
ويؤخذ من هذه الرواية: أنه ينبغي للإنسان أن يداوم على ركعتي الضحى،
وجه ذلك: أنها تأتي بدلاً عن هذه الصدقات أي بدلاً عن ثلاثمائة وستين صدقة،
وهذا القول هو الراجح: أنه تسن المداومة على ركعتي الضحى.

ووقتها: من ارتفاع الشمس قيد رمح في رأي العين،
إلى قبيل الزوال يعني بعد طلوع الشمس بنحو ثلث ساعة إلى قبيل الزوال بعشر أوخمس دقائق،
وآخر الوقت أفضل.

وأقلها ركعتان وأكثرها لاحد له، فصلِّ ما شئت فأنت على خير.

فلننظر جميعاً إلى فضل الله سبحانه وتعالي إذا أن ركعتان في الضحى تُعطينا بإذن الله
ثلاث مائة وستين صدقة تغني عن ثلاث مائة وستين صدقة وفضل الله سبحانه وتعالي واسع ،
ونحمده سبحانه وتعالى على فضله وكرمه .

2. أن الشمس هي التي تدور على الأرض، فيأتي النهار بدل الليل،
لقوله: "تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ" وهذا واضح أن الحركة حركة الشمس،
ويدل لهذا قول الله تعالى:
(وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَال)

(الكهف: الآية17)

أربعة أفعال مضافة إلى الشمس،

وقال تعالى عن سليمان:
( فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ)
(صّ: 32)

أي الشمس (بِالْحِجَابِ) أي بالأرض، وقال النبي صلى الله عليه وسلم
لأبي ذرٍّ رضي الله عنه حين غربت الشمس: أَتَدْرِيْ أَيْنَ تَذْهَبُ ؟
قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فأضاف الذهاب إليها أي إلى الشمس.

3. فضيلة العدل بين الاثنين، وقد حث الله عزّ وجل على الصلح فقال تعالى:
( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا
أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ)
(النساء: 128)

فالصلح خير، والعدل بين الخصمين في الحكم واجب

4. الحث على معونة الرجل أخاه، لأن معونته إياه صدقة،
سواء في المثال الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم أو في غيره.

المثال الذي ذكره هو: أن يعينه في دابته فيحمله عليها أو يرفع له عليها متاعه،
ولكنْ هناك أمثال كثيرة ومن ذلك:

لو وجدت إنساناً على الطريق وطلب منك أن تحمله إلى البلد وحملته،
فإنه يدخل في هذا من باب أولى.

ولكن هل يجب عليك أن تحمله، أولا يجب؟

الجواب: إن كان في مهلكة وأمنت منه وجب عليك أن تحمله وجوباً لإنقاذه من الهلكة،
والمهلكة إما لقلة الماشي فيها، أو لأن فيها قطاع طريق ربما يقضون على هذا الرجل.

فإن لم تأمن من هذا الرجل فلا يلزمك أن تحمله، مثل أن تخاف من أن يغتالك
أو يحول مسيرك إلى اتجاه آخر بالقوة فلا يلزمك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ" .

إذاً معنى الحديث الحث على معونة إخوانك المسلمين حتى في غير المثال الذي ذكره
النبي صلى الله عليه وسلم، وكلما كان أخوك أحوج إلى معونتك كانت المعونة أفضل،
وكلما كانت المعونة أنفع لأخيك كانت أفضل.

وليس من هذا النوع أن تعين زميلك في وقت الاختبار على معرفة الجواب الصحيح،
ويقال: هذا منكر وخيانة للأمانة، وأنت لو فعلت فقد أعنته على منكره فلايجوز.

5. الحث على الكلمة الطيبة لقوله: "وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ" والله لا أطيب من كلام
الله عزّ وجل القرآن،كل كلمة في القرآن فهي صدقة.

والكلمة الطيبة تكون طيبة في أسلوبها، وفي موضوعها، وفي إلقائها،
وفي نواح أخرى، فإذا رأيت شخصاً وتكلمت معه بكلام طيب مثل: السلام عليكم،
حياكم الله، صبحكم الله بالخير فهذه كلمة طيبة لكن بشرط أن لايكون ذلك مملاً
بمعنى أن تبقى معه مدة وأنت تقول مثل هذا الكلام،
لأنه إذا كان مملاً انقلب إلى غير طيب،
ولكل مقام مقال.

المهم القاعدة: كل كلمة طيبة فهي صدقة.

6. أن إزالة الأذى عن الطريق صدقة، وبقياس العكس نقول:
وضع الأذى في الطريق
جريمة وأذية،

ويتفرع على هذه الفائدة:

إذا كان إماطة الأذى عن الطريق الحسّي صدقة فإماطة الأذى عن الطريق المعنوي
أبلغ وذلك ببيان البدع والمنكرات وغيرها، والمنكرات كسفاسف الأخلاق من الدعارة
واللواط وشرب الخمر والدخان وغيرها، فبيان هذه الأشياء لئلا يمارسها الناس
تعتبر صدقة وأعظم من إماطة الأذى عن الطريق الحسي.

ومن إماطة الأذى عن الطريق المعنوي قتل داعية الفساد،
لكنه ليس إلينا بل إلى ولي الأمر.

7. أن كل ما يقرب إلى الله عزّ وجل من عبادة وإحسان إلى خلقه فإنه صدقة،
وما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فهو أمثلة على ذلك. والله الموفق.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 14 Dec 2011, 05:12 PM [ 19 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Jun 2011
رقم العضوية : 40992
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 496
الردود : 7353
مجموع المشاركات : 7,849
معدل التقييم : 225الغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura about

الغزال الشارد غير متصل


رد: الآحاديث الآربعين النووية مع الشرح والفوائد بإذن الله ..!!


الحـــديث " السابع والعشرون "



(عن النواس بن سـمعـان -رضي الله تعالى عـنه- عـن النبي -صلى الله عـليه وسلم- قـال :

( الـبـر حـسـن الـخلق، والإثـم ما حـاك في نـفـسـك وكـرهـت أن يـطـلع عــلـيـه الـنـاس )

رواه مسلم.

وفي رواية أخرى :

(وعن وا بصة بن معبد رضى الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :
( جئت تسأل عن البر و الإثم ؟ ) قلت : نعم ؛ قال : ( استفت قلبك ؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن اليه القلب ،
والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك ) )

حديث حسن ، في مسندي الإمام أحمد بن حنبل ، و الدارمي بإسناد حسن .


مـعنى الحـــديــث :

قوله صلى الله عليه وسلم البر:أي الذي ذكره الله تعالى في القرآن ،
فقال ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى )(المائدة: الآية2)
والبر كلمة تدل على كثرة الخير ، فهو اسم جامع لكل خير ، وهو أيضاً البر: اسم جامع لكل معروف ،
ويدخل فيه جميع العبادات التي شرعها الله سبحانه وتعالى مثل : الصلوات الفريضة والنافلة ،
الصيام ، الحج ، الزكاة بأنواع الإنفاق الخيري ، الطاعات للوالدين ، صلة الأرحام إلي غير ذلك من الطاعات ،

حسن الخلق :أي حسن الخلق مع الله ، وحسن الخلق مع عباد الله ،
فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم ،
وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا ،
فإذا أمرك الله بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها فإنك تقابل هذا بصدر منشرح.

وأيضا حسن الخلق مع الله في أحكامه القدرية ، فالإنسان ليس دائما مسرورا
حيث يأتيه ما يحزنه في ماله أو في أهله أو في نفسه أو في مجتمعه والذي قدر
ذلك هو الله عز وجل فتكون حسن الخلق مع الله ، وتقوم بما أمرت به وتنزجر عما نهيت عنه .

أما حسن الخلق مع الناس فقد سبق أنه : بذل الندى وكف الأذى والصبر على الأذى ، وطلاقة الوجه .
وهذا هو البر والمراد به البر المطلق ، وهناك بر خاص كبر الوالدين مثلا وهو الإحسان
إليهما بالمال والبدن والجاه وسائر الإحسان .

وهل يدخل بر الوالدين في قوله ( حسن الخلق )؟

فالجواب : نعم يدخل لأن بر الوالدين لا شك أنه خلق حسن محمود كل أحد يحمد فاعله عليه .





ثم قالالإثم ما حاك في نفسك:أي تردد وصرت منه في قلق

وكرهت أن يطلع عليه الناس :لأنه محل ذم وعيب ، فتجدك مترددا فيه وتكره أن يطلع الناس عليك وهذه الجملة إنما
هي لمن كان قلبه صافيا سليما ، فهذا هو الذي يحوك في نفسه ما كان إثما ويكره أن يطلع عليه الناس .

أما المتمردون الخارجون عن طاعة الله الذين قست قلوبهم فهؤلاء لا يبالون ،

بل ربما يتبجحون بفعل المنكر والإثم ، فالكلام هنا ليس عاما لكل أحد بل هو خاص
لمن كان قلبه سليما طاهرا نقيا ؛ فإنه إذا هم بإثم وإن لم يعلم أنه إثم من قبل الشرع
تجده مترددا يكره أن يطلع الناس عليه ، وهذا ضابط وليس بقاعدة ، أي علامة على الإثم في قلب المؤمن .





من فــــوائــــد الحديــــث :

1. حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم حيث يتقدم للسائل
بما في نفسه ليستريح ويطمئن لقوله ( جئت تسأل عن البر ؟) .

2. أن (نعم) جواب لإثبات ما سئل عنه فقول وابصة رضي الله عنه (نعم )
أي جئت أسأل عن البر ؛ ولهذا لو أجاب الإنسان بها من سأله عن شيء
فمعناها إثبات ذلك الشيء .

3. جواز الرجوع إلى القلب والنفس لكن بشرط أن يكون هذا الذي رجع إلى قلبه
ونفسه ممن استقام دينه ؛ فإن الله عز وجل يؤيد من علم الله منه صدق النية .

4. أن الصوفية وأشباههم استدلوا بهذا الحديث على أن الذوق دليل شرعي
يرجع إليه لأنه قال : (استفت قلبك) فما وافق عليه القلب فهو بر.

فيقال : هذا لا يمكن لأن الله تعالى أنكر على من شرعوا دينا لم يأذن به الله،
ولا يمكن أن يكون ما أنكره الله حقا أبدا .

ثم إن الخطاب هنا لرجل صحابي حريص على تطبيق الشريعة فمثل هذا يؤيده الله عز وجل
ويهدي قلبه حتى لا يطمئن إلا إلى أمر محبوب إلى الله عز وجل

5. أن لا يغتر الإنسان بإفتاء الناس لا سيما إذا وجد في نفسه ترددا ؛ فإن كثيراً
من الناس يستفتي عالما أو طالب علم فيفتيه ثم يتردد ويشك ؛
فهل لهذا الذي تردد وشك أن يسأل عالما آخر ؟

الجواب : نعم بل يجب عليه أن يسأل عالما آخر إذا تردد في جواب الأول .

فإذا أفتانا أهل العلم انتهى الكلام والتفكير في المسألة ، فكلام العالم بالشرع لغير العالِم هو قطع!
فإن كان مصيباً هذا العالم فله أجران وإن كان مخطئاً وقد أعمل اجتهاده فله أجر .

6. أن المدار في الشرعية على الأدلة لا على ما أشتهر بين الناس لأن الناس
قد يشتهر عندهم شيء ويفتون به وليس بحق ، فالمدار على الأدلة الشرعية

7. الإثم هو في المساحة المترددة ، التي بدورها تجر للوقوع في الأمر المحرم هذا في حال عدم تبيان الحكم الشرعي ! ،
أما إذا تبين الحكم الشرعي فهو حينئذ القائم >> يعني إذا كان الحكم حلال فهو حلال وإذا كان حرام فهو حرام ،
حتّى ولو خالف مزاج الإنسان وهواه ورغباته لذلك مجرّد الاعتماد على ما يحيكه الصدر
لا يعفي الإنسان عن السؤال الشرعي الخاص بالمسالة التي يفكّر فيها .

8. هذا الحديث يقوى شخصية الإنسان لأنّه يكون منتجاً إذ يحثّ على مراقبة المسلم
لنفسه في الحال وهذا هو المؤمن الصادق ،وسيكون هذا الإنسان المراقب لنفسه بإذن الله إنسان منتج عامل
لا يُبالي بالنظر الدنيوي للآخرين وإنما ينظر إلى الله سبحانه وتعالي ، فيُصبح العمل عمل منتج وقائم ومأجور عليه أيضا بإذن الله ..
كذلك هذا الحديث يبني الشخصية بإيجاد رقيب من النفس على النفس فيبقى المرء سائراً في خط مستقيم في هذه الحياة .



الحـــديث " الثامن والعشرون "




(عَن أَبي نَجِيحٍ العربَاضِ بنِ سَاريَةَ رضي الله عنه قَالَ:
وَعَظَنا رَسُولُ اللهِ مَوعِظَةً وَجِلَت مِنهَا القُلُوبُ وَذَرَفَت مِنهَا العُيون. فَقُلْنَا: يَارَسُولَ اللهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوصِنَا، قَالَ:
(أُوْصِيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عز وجل وَالسَّمعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافَاً كَثِيرَاً؛
فَعَلَيكُمْ بِسُنَّتِيْ وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المّهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ
فإنَّ كلّ مُحدثةٍ بدعة، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ )


رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح..




مـعنى الحـــديــث :

وَعَظَنا: الوعظ:ا
لتذكير بما يلين القلب سواء كانت الموعظة
ترغيباً أو ترهيباً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم
يتخول أصحابه بالموعظة أحياناً.


وَجلَت مِنهَا القُلُوبُ:
أي خافت منها القلوب كما قال الله تعالى:
(الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ )(الأنفال: الآية2)


وَذَرَفَت مِنهَا العُيون:كَأنَّها" أي هذه الموعظة "مَوعِظَةَ مُوَدِِّعٍ" وذلك
لتأثيرها في إلقائها،وفي موضوعها،وفي هيئة الواعظ لأن كل هذا مؤثر،
حتى إننا في عصرنا الآن تسمع الخطيب فيلين قلبك وتخاف وتبكي،
فإذا سمعته مسجلاً لم تتأثر، فتأثير المواعظ له أسباب منها:
الموضوع،وحال الواعظ،وانفعاله.




قَالَ أوصيكُم بِتَقوَى الله عزّ وجل:
هذه الوصية مأخوذة من قول الله تعالى:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)
(النساء: الآية131)
فتقوى الله رأس كل شيء.


ومعنى التقوى: طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه على علم وبصيرة.

ولهذا قال بعضهم في تفسيرها: أن تعبد الله على نور من الله،
ترجو ثواب الله، وأن تترك ما حرم الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله.


وقال بعضهم:

خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى

واعمل كماش فوق أر ض الشوك يحذر ما يرى

لاتحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

وَالسَّمعُ والطَّاعَة :
أي لولاة الأمر بدليل قوله وَإِن تَأمَّر عَليكُم
والسمع والطاعة بأن تسمع إذا تكلم، وأن تطيع إذا أمر،
وسيأتي إن شاء الله في بيان الفوائد حكم هذه الجملة العظيمة،
لكن انظر أن النبي صلى الله عليه وسلم خصها بالذكر بعد ذكر
التقوى مع أن السمع والطاعة من تقوى الله لأهميتها ولعظم التمرد عليها.


وَإن تَأمَّر عَلَيكُم:
أي صار أميراً "عبد" أي مملوكاً.


فَإِنَّهُ مَن يَعِش مِنكُم :أي تطول به الحياة "فَسَيَرى"
والسين هنا
للتحقيق اختِلاَفاً كَثيراً في العقيدة، وفي العمل ، وفي المنهج،
وهذا الذي حصل، فالصحابة رضي الله عنهم الذين عاشوا طويلاً
وجدوا من الاختلاف والفتن والشرور ما لم يكن لهم في الحسبان.


ثم أرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى ما يلزمونه عند هذا الاختلاف،
فقال: "فَعَلَيكُم بِسَّنتي"
أي الزموا سنتي، والمراد بالسنة هنا:
الطريقة التي هو عليها ، فلا تبتدعوا في دين الله عزّ وجل ما ليس منه ،
ولا تخرجوا عن شريعته.



وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَاشِدين :
الخلفاء الذين يخلفون رسول الله صلى الله عليه
وسلم في أمته، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه.


فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو الخليفة الأول لهذه الأمة،
نص النبي صلى الله عليه وسلم على خلافته نصاً يقرب من اليقين،
وعامله بأمور تشير إلى أنه الخليفة بعده.


مثال ذلك: أتته امرأة في حاجة لها فوعدها وعداً، فقالت: يا رسول الله إن لم أجدك؟
قال: "ائتِي أَبَا بَكر"


وقال : "يَأَبَى اللهُ وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنونَ إِلا أَبَا بَكرٍ"

وأمر أن تسد جميع الأبواب المشرَّعة على المسجد إلا باب أبي بكر،
وجعله خليفته في الصلاة بالمسلمين حين مرض ،
وهذه إمامة صغرى،يشير بذلك إلى أنه يتولى الإمامة الكبرى،
وجعله أميراً على الحجيج في السنة التاسعة خلفاً عنه.
فهو الخليفة بالنص الذي يقرب من اليقين.


ثم الخليفة من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه أولى الناس
بالخلافة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنهما صاحبا رسول
الله صلى الله عليه وسلم وكان كثيراً ما يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر،
وجئت أنا وأبو بكر وعمر ،فرأى أبو بكر رضي الله عنه
أن أحق الناس بالخلافة عمر رضي الله عنه.


وخلافة عمر رضي الله عنه ثابتة شرعاً لأنها وقعت من خليفة،
ثم صارت الخلافة لعثمان رضي الله عنه بمشورة معروفة رتبها عمر رضي الله عنه،
ثم صارت بعد ذلك لعلي رضي الله عنه هؤلاء هم الخلفاء الراشدون لا إشكال فيهم.


وقوله:المهديين :
صفة مؤكدة لما سبق، لأنه يلزم من كونهم راشدين
أن يكونوا مهديين، إذ لا يمكن رشد إلا بهداية،وعليه فالصفة هنا ليست
صفة احتراز ولكنها صفة توكيد وبيان علة،يعني أنهم رشدوا لأنهم مهديون.


عَضُّوا عَلَيهَا بالنَّوَاجِذِ:
أي على سنتي وسنة الخلفاء وهي أقصى
الأضراس ومن المعلوم أن السنة ليست جسماً يؤكل،
لكن هذا كناية عن شدة التمسك بها،أي أن الإنسان يتمسك بهذه السنة
حتى يعض عليها بأقصى أضراسه.


وَإيَّاكُم :
هنا لمّا حث على التمسك بالسنة حذر من البدعة.


فقال :وَإيَّاكُم وَمُحدَثَاتِ الأُمور :
أي اجتنبوها،والمراد بالأمور هنا الشؤون،
والمراد بالشؤون شؤون الدين،لا المحدثات في أمور الدنيا،
لأن المحدثات في أمور الدنيا منها ما هو نافع فهو خير،
ومنها ما هو ضار فهو شر،لكن المحدثات في أمور الدين كلها شر،
ولهذا قال: "فَإِنَّ كُلَّ مُحدَثَةٍ بِدعَة" لأنها ابتدعت وأنشئت من جديد.


كُل بِدعَةٍ ضَلالَة :أي كل بدعة في دين الله عزّ وجل فهي ضلالة .



من فــــوائــــد الحديــــث :

1. مشروعية الموعظة،ولكن ينبغي أن تكون في محلها،وأن لا يكثر فيُمِل،
لأن الناس إذا ملوا ملوا الواعظ والموعظة، وتقاصرت هممهم
عن الحضور،ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم
يتخول أصحابه بالموعظة،وكان بعض الصحابة يعظ أصحابه
كل يوم خميس، يعني في الأسبوع مرة.


2. أنه ينبغي للواعظ أن تكون موعظته مؤثرة باختيار الألفاظ الجزلة المثيرة
،وهذا على حسب الموضوع،فإن كان يريد أن يعظ الناس لمشاركة في جهاد
أو نحوه فالموعظة تكون حماسية،وإن كان لعمل الآخرة
فإن الموعظة تكون مرققة للقلوب.


3. أن المخاطب بالموعظة إذا كانت بليغة فسوف يتأثر لقوله:
"وَجِلَت مِنهَا القُلُوبُ، وَ ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ" .


4. أن القلب إذا خاف بكت العين، وإذا كان قاسياً، نسأل الله عزّ وجل أن يبعدنا
وإياكم من قسوة القلب،لم تدمع العين.


5. أنه جرت العادة أن موعظة المودع تكون بليغة مؤثرة،لأن المودع لن يبقى
عند قومه حتى يكرر عليهم الموعظة فيأتي بموعظة مؤثرة يُذَكر بها بعد ذلك
لقولهم: "كَأَنَّهَا مَوعِظَةُ موَدِِّعٍ" .


6. طلب الإنسان من العالم أن يوصيه،لقولهم رضي الله عنهم "فَأَوصِنَا".

ولكن هل هذا يكون بدون سبب،أو إذا وجد سبب لذلك؟

الظاهر الثاني: بمعنى أنه ليس كلما قابلت أحداً تقول:أوصني،
فإن هذا مخالف لهدي الصحابة فيما يظهر،لكن إذا وجد سبب كإنسان
قام وعظ وبيَّن فلك أن تقول أوصنا وأما بدون سبب فلا،
ومن ذلك السفر، أي إذا أراد الإنسان أن يسافر وقال مثلاً للعالِم أوصني، فهذا مشروع.


7. أن أهم ما يوصى به العبد تقوى الله عزّ وجل لقوله: "أُوصيكُم بِتَقوَى الله".


8. فضيلة التقوى حيث كانت أهم وأولى وأول ما يوصى به العبد.

9. وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة لولاة الأمور،
والسمع والطاعة لهم واجب بالكتاب والسنة،قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )
(النساء: الآية59)
فجعل طاعة أولي الأمر في المرتبة الثالثة ولكنه لم يأت بالفعل (أطيعوا )
لأن طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم،
ولهذا لو أمر ولاة الأمور بمعصية الله عزّ وجل فلا سمع ولا طاعة.


وظاهر الحديث وجوب السمع والطاعة لولي الأمر وإن كان يعصي الله عزّ وجل
إذا لم يأمرك بمعصية الله عزّ وجل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"اسمَع وَأَطِع وَإِن ضَرَبَ ظَهرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ" وضرب الظهر وأخذ المال
بلا سبب شرعي معصية لا شك، فلا يقول الإنسان لولي الأمر:
أنا لا أطيعك حتى تطيع ربك، فهذا حرام، بل يجب أن يطيعه وإن لم يطع ربه.


أما لو أمر بالمعصية فلا سمع ولا طاعة، لأن رب ولي الأمر ورب الرعية
واحد عزّ وجل، فكلهم يجب أن يخضعوا له عزّ وجل،
فإذا أمرنا بمعصية الله قلنا: لا سمع ولا طاعة.


10. ثبوت إمرة العبد،لقوله: "وَإِن تَأَمرَ عَلَيكُم عَبدٌ" ولكن هل يلزم طاعة
الأمير في كل شيء، أو فيما يتعلق بالحكم؟


الجواب:الثاني، أي فيما يتعلق بالحكم ورعاية الناس، فلو قال لك الأمير مثلاً:
لا تأكل اليوم إلا وجبتين. أو ما أشبه ذلك فلم يجب عليك أن توافق إلا أنه يحرم
عليك أن تنابذ، بمعنى أن تعصيه جهاراً لأن هذا يفسد الناس عليه.


11. وجوب طاعة الأمير وإن لم يكن السلطان، لقوله: "وَإِن تَأَمرَ عَلَيكُم"
ومعلوم أن الأمة الإسلامية من قديم الزمان فيها خليفة وهو السلطان،
وهناك أمراء للبلدان، وإذا وجبت طاعة الأمير فطاعة السلطان من باب أولى.


وهنا سؤال يكثر: إذا أمَّر الناس عليهم أميراً في السفر، فهل تلزمهم طاعته؟

فالجواب: نعم، تلزمهم طاعته،وإذا لم نقل بذلك لم يكن هناك فائدة من تأميره،
لكن طاعته فيما يتعلق بأمور السفر لا في كل شيء،إلا أن الشيء
الذي لا يتعلق بأمور السفر لا تجوز منابذته فيه، مثال ذلك:


لو قال أمير السفر:اليوم كل واحد منكم يلبس ثوبين لأنه سيكون الجو بارداً.
فهنا لا تلزم طاعته، لكن لا تجوز منابذته بمعنى: لا يجوز لأحد أن يقول لن
ألبس ثوبين، لأن مجرد منابذة ولاة الأمور تعتبر معصية.


12. ظهور آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:
"فَإِنَّهُ مَن يَعِش مِنكُم فَسَيَرَى اختِلافاً كَثيرَاً" فقد وقع الأمر كما
أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.


فإن قيل: وهل يمكن أن نطبق هذه الجملة في كل زمان،بمعنى أن نقول:
من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً؟


فالجواب: لا نستطيع أن نطبقها في كل زمان،لكن الواقع أن من طال عمره
رأى اختلافاً كثيراً.


كان الناس فيما سبق أمة واحدة، حزباً واحداً،ليس هناك تشتت ولا تفرق ثم اختلفوا،
في بلادنا هذه كان الناس منقادين لأمرائهم،منقادين لعلمائهم حتى إن الرجل يأتي
مع خصمه إلى القاضي وهو يرى أن الحق له فيحكم القاضي عليه،
ثم يذهب مطمئن القلب مستريحاً،وإذا قيل له: يا فلان كيف غلبك خصمك؟
قال:الشرع يُخْلِفُ. والآن الأمر بالعكس،تجد الخصم إذا حُكِم عليه والحكم حق
ذهب يماطل،ويطالب برفع المعاملة للتمييز،ومجلس القضاء الأعلى وإن كان
يرى الحق عليه وليس له لكن يريد أن يضر بصاحبه،والاختلاف الآن وقع،
أحص مثلاً أفكار الناس لا تكاد تحصيها، منهم من فكره إلحاد،
ومنهم من فكره دون ذلك، ومنهم من فكره سيء في الأخلاق، ومنهم من دون ذلك.


13. وجوب التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم عند الاختلاف، لقوله:
"فَعَلَيكُم بِسنَّتي" والتمسك بها واجب في كل حال لكن يتأكد عند وجود الاختلاف.


أنه يجب على الإنسان أن يتعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،
وجه ذلك: أنه لا يمكن لزومها إلا بعد علمها وإلا فلا يمكن.

15. أن للخلفاء سنة متبعة بقول النبي صلى الله عليه وسلم،
وعلى هذا فما سنه الخلفاء الراشدون أُعتبر سنة للرسول صلى الله عليه وسلم
بإقراره إياهم، ووجه كونه أقره أنه أوصى باتباع سنة الخلفاء الراشدين.


وبهذا نعرف سفه هؤلاء القوم الذين يدعون أنهم متبعون للسنة
وهم منكرون لها،ومن أمثلة ذلك:


قالوا:إن الأذان الأول يوم الجمعة بدعة، لأنه ليس معروفاً في عهد النبي صلى
الله عليه وسلم إنما هو من سنة عثمان رضي الله عنه، فيقال لهم: وسنة عثمان
رضي الله عنه هل هي هدر أو يؤخذ بها مالم تخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟


الجواب:الثاني لا شك، عثمان رضي الله عنه لم يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم
في إحداث الأذان الأول، لأن السبب الذي من أجله أحدثه عثمان رضي الله عنه ليس
موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم
كانت المدينة صغيرة،متقاربة، لا تحتاج إلى أذان أول، أما في عهد عثمان رضي الله عنه
اتسعت المدينة وكثر الناس وصار منهم شيء من التهاون
فاحتيج إلى أذان آخر قبل الأذان الذي عند مجيء الإمام.


وهذا الذي فعله عثمان رضي الله عنه حق وسنة النبي صلى الله عليه وسلم،
ثم إن له أصلاً من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه في رمضان كان
يؤذن بلال وابن أم مكتوم رضي الله عنه، بلال رضي الله عنه يؤذن قبل الفجر ،
وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن أذانه لا لصلاة الفجر ولكن ليوقظ النائم،
ويرجع القائم للسحور، فعثمان رضي الله عنه زاد الأذان الأول من أجل أن
يقبل الناس البعيدون إلى المسجد ويتأهبوا فهو إذاً سنة من وجهين:


من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتباع سنة الخلفاء
ورأي عثمان رضي الله عنه خير من رأينا.


ومن جهة أخرى أن له أصلاً في سنة النبي صلى الله عليه وسلم .

16. أنه إذا كثرت الأحزاب في الأمة فلا تنتم إلى حزب،
فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان مثل الخوارج والمعتزلة
والجهمية والرافضة،ثم ظهرت أخيراً إخوانيون وسلفيون
وتبليغيون وما أشبه ذلك، فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار
وعليك بالأمام وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:
"عَلَيكُم بِسُنَّتي وَسُنََّة الخُلَفَاء الرَاشِدين"


ولا شك أن الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف
لا الانتماء إلى حزب معين يسمى السلفيين، والواجب أن تكون الأمة الاسلامية
مذهبها مذهب السلف الصالح لا التحزب إلى من يسمى ( السلفيون) فهناك طريق
السلف وهناك حزب يسمى (السلفيون) والمطلوب اتباع السلف،
إلا أن الإخوة السلفيين هم أقرب الفرق إلى الصواب ولكن مشكلتهم كغيرهم
أن بعض هذه الفرق يضلل بعضاً ويبدعه ويفسقه،
ونحن لا ننكر هذا إذا كانوا مستحقين، لكننا ننكر معالجة هذه البدع بهذه الطريقة ،
والواجب أن يجتمع رؤساء هذه الفرق، ويقولون:
بيننا كتاب الله عزّ وجل وسنة رسوله فلنتحاكم إليهما لا إلى الأهواء والآراء
، ولا إلى فلان أو فلان، فكلٌّ يخطئ ويصيب مهما بلغ من العلم والعبادة
ولكن العصمة في دين الإسلام.


فهذا الحديث أرشد فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى سلوك طريق مستقيم
يسلم فيه الإنسان، ولا ينتمي إلى أي فرقة إلا إلى طريق السلف الصالح
سنة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين.


17. الحث على التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء
الراشدين تمسكاً تاماً، لقوله: "عضوا عَلَيهَا بالنَّوَاجِذِ".


18. التحذير من البدع، أي من محدثات الأمور، لأن (إيَّا) في قوله
"وَإيَّاكم" معناها التحذير من محدثات الأمور لكن في الدين،
أما في الدنيا إما مطلوب وإما مذموم حسب ما يؤدي إليه من النتائج.


فمثلاً: أساليب الحرب وأساليب الاتصالات،وأساليب المواصلات كلها محدثة،
لم يوجد لها نوع فيما سبق، ولكن منها صالح ومنها فاسد حسب ما تؤدي إليه،
فالمُحَذَّر منه المحدث في الدين عقيدة،أو قولاً،أو عملاً،فكل محدثة في الدين
صغرت أو كبرت فإنها بدعة، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم،
فإن قال قائل: كيف نجمع بين هذه الكلية العامة الواضحة البينة:
"كُلَّ مُحدَثَةٍ بدعَةٌ" وبين قوله صلى الله عليه وسلم
"مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجرُها وَأَجرُ مَن عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوم القِيامَةِ"


فالجواب من وجهين:

الوجه الأول:أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً"
أي من ابتدأ العمل بالسنة، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره بعد أن
حث على الصدقة للقوم الذين وفدوا إلى المدينة ورغب فيها، فجاء الصحابة
كلٌّ بما تيسر له، وجاء رجل من الأنصار بصرة قد أثقلت يده فوضعها في
حجر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةَ فَلَهُ
أَجرَها وَأَجرُ مَن عَمِلَ بِهَا إِلَى يَومِ القِيامَةِ" أي ابتدأ العمل سنة ثابتة،
وليس أنه يأتي هو بسنة جديدة، بل يبتدئ العمل لأنه إذا ابتدأ العمل
سن الطريق للناس وتأسوا به وأخذوا بما فعل.


الوجه الثاني:أن يقال: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً" أي سن
الوصول إلى شيء مشروع من قبل كجمع الصحابة المصاحف
على مصحف واحد، فهذا سنة حسنة لاشك، لأن المقصود
من ذلك منع التفرق بين المسلمين وتضليل بعضهم بعضاً.


كذلك أيضاً جمع السنة وتبويبها وترتيبها، فهذه سنة حسنة يتوصل بها إلى حفظ السنة.

إذاً يُحمَل قوله: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةَ" على الوسائل إلى
أمور ثابتة شرعاً، ووجه هذا أننا نعلم أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم
لا يتناقض، ونعلم أنه لو فُتِحَ الباب لكل شخص أو لكل طائفة أن تبتدع
في الدين ما ليس منه لتمزقت الأمة وتفرقت،وقد قال الله عزّ وجل:
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ
إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)
(الأنعام:159)


19. أن جميع البدع ضلالة ليس فيها هدى، بل هي شر محض حتى
وإن استحسنها من ابتدعها فإنها ليست حسنى،بل ولا حسنة لقول
النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَة" ولم يستثنِ النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً.


وبناءً على هذا يتبين خطأ من قسم البدع إلى خمسة أقسام أو إلى ثلاثة أقسام،
وأنه ليس على صواب، لأننا نعلم علم اليقين أن أعلم الناس بشريعة الله رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، وأن أنصح الخلق لعباد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأن أفصح الخلق نطقاً محمد صلى الله عليه وسلم ،
وأن أصدق الخلق خبراً رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
أربعة أوصاف كلها مجتمعة على الأكمل في قول النبي صلى الله عليه وسلم
ثم يأتي مَنْ بعده ويقول: البدعة ليست ضلالة،
بل هي أقسام: حسنة ،ومباحة،ومكروهة، ومحرمة،وواجبة.


سبحان الله العظيم،يعني لولا إحسان الظن بهؤلاء العلماء لكانت المسألة كبيرة،
أن يقسموا ما حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ضلالة إلى أقسام: حسن و قبيح.


إذاً نقول: من ابتدع بدعة وقال: إنها حسنة. فإما أن لا تكون بدعة، وإما أن لا تكون حسنة قطعاً.

مثال ذلك: قالوا من البدع الحسنة جمع المصاحف في مصحف واحد،
ومن البدع الحسنة كتابة الحديث، ومن البدع الحسنة إنشاء الدور لطلاب العلم وهكذا.


فنقول هذه ليست بدعة، وهي حسنة لا شك لكن ليست بدعة،هذه وسيلة
إلى أمر مقصود شرعاً، نحن لم نبتدع عبادة من عندنا لكن أمرنا بشيء
ورأينا أقرب طريق إليه هذا العمل فعملناه.


وهناك فرق بين الوسائل والذرائع وبين المقاصد، لأن جميع الأمثلة التي قالوا:
إنها حسنة تنطبق على هذا، أي أنها وسائل إلى أمر مشروع مقصود.


ومثال آخر قول جماعة: إن الميكرفون الذي يؤدي الصوت إلى البعيد بدعة
ولا يجوز العمل به؟


فنقول: هو وسيلة حسنة ، لأنه يوصل إلى المقصود، وقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم
للأذان مَنْ هو أندى صوتاً لأنه يبلغ أكثر، وقال للعباس رضي الله عنه في غزوة حنين:
نادى يا عباس لأنه كان صيتاً رضي الله عنه .


إذاً رفع الصوت مطلوب، وهذه وسيلة من وسائله، ولهذا لما رُكِّبَ الميكرفون
(مكبّر الصوت) في المسجد - الجامع الكبير بعنيزة- أول ما ركب على زمن
شيخنا عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - خطب في ذلك خطبة
وأثنى على الذي أتى به وهو أحد المحسنين- رحمه الله -
وقال: هذا من النعمة. وصدق،وهو من النعمة لأنه وسيلة إلى أمر مقصود.


كذلك أيضاً الاتصالات، الآن نتصل عن طريق الهاتف إلى أقصى العالم،
فهل نقول استعمال هذا الهاتف بدعة لا تجوز؟


الجواب:لا نقول هذا، لأنه وسيلة، وقد يكون إلى خير أو إلى شر.

فعلى كل حال: يجب أن نعرف الفرق بين ما كان غاية وما كان ذريعة.

يوجد أناس أحدثوا أذكاراً يذكرون الله فيها على هيئات معينة،
وقالوا: إن قلوبنا ترتاح إلى هذا الشيء، فهل نقول: هذا بدعة حسنة أو لا؟


الجواب:لا، لأنهم أحدثوا في دين الله ما ليس منه،فإن النبي صلى الله عليه وسلم
لم يتعبد الله عزّ وجل على هذا الوجه، وعلى هذا فقِس.


إذاً الواجب علينا أن نقول: سمعنا وآمنا وصدقنا بان كل بدعة ضلالة،
وأنه لا حسن في البدع تصديقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونقول:
ما ادعى صاحبه أنه بدعة حسنة فهو إما أن لا يكون حسناً وظنه حسناً،
وإما أن لا يكون بدعة، أما أن يكون بدعة وحسناً فهذا لايمكن،
ويجب علينا أن نؤمن بهذا عقيدة.


ولا يمكن أن نجادل أهل الباطل في بدعهم إلا بهذا الطريق بأن نقول:
كل بدعة ضلالة.


فإن قال قائل: ماذا تقولون في قول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه
حين جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد، وخرج ليلة من الليالي فوجد
الناس يصلون بإمام واحد فقال: نعمت البدعة هذه فسماها بدعة؟


أجاب بعض العلماء بأن المراد بالبدعة هنا البدعة اللغوية لاالشرعية،
ولكن هذا الجواب لا يستقيم، كيف البدعة اللغوية وهي صلاة؟
والصواب أنها بدعة نسبية بالنسبة لهجران هذا القيام بإمام واحد،
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أول من سن القيام بإمام واحد - أعني التراويح -
فقد صلى بأصحابه ثلاث ليال في رمضان ثم تخلف خشية أن تفرض،
وتُرِكَت، وأصبح الناس يأتون للمسجد يصلي الرجل وحده ، والرجلان جميعاً،
والثلاثة أوزاعاً، فرأى عمر رضي الله عنه بثاقب سياسته أن يردهم إلى السنة الأولى
وهي الاجتماع على إمام واحد فجمعهم على تميم الداري وأُبي بن كعب رضي الله عنهما
وأمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة ،
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.


فيكون قوله: نعمت البدعة يعني بالبدعة النسبية، أي بالنسبة إلى أنها
هجرت في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر الصديق
رضي الله عنه وفي أول خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،
وإلا فنحن نؤمن بأن كل بدعة ضلالة،
ثم هذه الضلالات تنقسم إلى: بدع مكفرة، وبدع مفسقة ، وبدع يعذر فيها صاحبها.


ولكن الذي يعذر صاحبها فيها لا تخرج عن كونها ضلالة، ولكن يعذر الإنسان
إذا صدرت منه هذه البدعة عن تأويل وحسن قصد.


والبدعة المكفرة أو المفسقة لا نحكم على صاحبها أنه كافر أو فاسق حتى تقوم
عليه الحجة، لقول الله تعالى:
(وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا
رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ)
(القصص:59)


وقال عزّ وجل:
( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)
(الاسراء: الآية15)
ولو كان الإنسان يكفر ولو لم تقم عليه الحجة لكان يعذب،
وقال عزّ وجل:
(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )
(النساء: الآية165)
والآيات في هذه كثيرة.


فعلينا أن نتئد وأن لا نتسرع، وأن لا نقول لشخص أتى ببدعة واحدة من آلاف السنن إنه رجل مبتدع.

فانتبهوا لهذه المسائل الدقيقة، ولا تتسرعوا، ولا تتهاونوا باغتياب العلماء السابقين واللاحقين،
لأن غيبة العالم ليست قدحاً في شخصه فقط، بل في شخصه وما يحمله من الشريعة، لأنه إذا ساء ظن الناس
فيه فإنهم لن يقبلوا ما يقول من شريعة الله، وتكون المصيبة على الشريعة أكثر.


ثم إنكم ستجدون قوماً يسلكون هذا المسلك المشين فعليكم بنصحهم، وإذا وجد فيكم من لسانه منطلق
في القول في العلماء فانصحوه وحذروه وقولوا له: اتق الله، أنت لم تُتَعَبَّد بهذا،
وما الفائدة من أن تقول فلان فيه فلان فيه، بل قل: هذا القول فيه كذا وكذا بقطع النظر عن الأشخاص.


لكن قد يكون من الأفضل أن نذكر الشخص بما فيه لئلا يغتر الناس به، لكن لا على سبيل العموم هكذا في المجالس،
لأنه ليس كل إنسان إذا ذكرت القول يفهم القائل، فذكر القائل جائز عند الضرورة،
وإلا فالمهم إبطال القول الباطل، والله الموفق.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 14 Dec 2011, 05:14 PM [ 20 ]
عضوة متميزة

تاريخ التسجيل : Jun 2011
رقم العضوية : 40992
الإقامة : saudi arabia
مواضيع : 496
الردود : 7353
مجموع المشاركات : 7,849
معدل التقييم : 225الغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura aboutالغزال الشارد has a spectacular aura about

الغزال الشارد غير متصل


رد: الآحاديث الآربعين النووية مع الشرح والفوائد بإذن الله ..!!


الحـــديث " التـاسع والعشرون "



(عَن مُعَاذ بن جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلتُ يَا رَسُولَ الله أَخبِرنِي بِعَمَلٍٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ وَيُبَاعدني منٍ النار قَالَ:
(لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيْمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيْرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللهَ لاَتُشْرِكُ بِهِ شَيْئَا، وَتُقِيْمُ الصَّلاة، وَتُؤتِي الزَّكَاة، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ.
ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ:
الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيْئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ تَلا :

(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ: (يَعْلَمُونْ)
[السجدة:16-17]
ثُمَّ قَالَ: أَلا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ؟
قُلْتُ: بَلَى يَارَسُولَ اللهِ،
قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ وَذروَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ
ثُمَّ قَالَ: أَلا أُخبِرُكَ بِملاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟
قُلْتُ:بَلَى يَارَسُولَ اللهِ.
فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا.
قُلْتُ يَانَبِيَّ اللهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟
فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ. وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ
أَو قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِمْ) . )

رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.




معنى الحديث :

يمثّل لنا هذا الحديث هِمَمُ الصحابة العالية رضي الله عنهم وأرضاهم ،
فلم يقل الصحابي هنا : أخبرني بعمل أكسب فيه العشرة عشرين أو ثلاثين أو ما أشبه بذلك ،
بل قال: " أَخبِرنِي بِعَمَلٍٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ وَيُبَاعدني من النارَ ... "أي يكون سبباً لدخول الجنة والبعد عن النار .

فقال النبي صلى الله عليه وسلملَقَد سَأَلتَ عَنْ عَظيمٍ: أي والله عظيم، هذه هي الحياة،
أن تدخل الجنة وتبتعد عن النار، هذا هو الفوز والفلاح، قال الله عزّ وجل:
( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ) (آل عمران: الآية185)
ولهذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه عظيم، ولكن الحمد لله،،،

وَإِنهُ ليَسيرٌ عَلى مِنْ يَسرَهُ اللهُ عَلَيه : - اللهم يسره علينا يا رب العالمين -
وصدق النبي صلى الله عليه وسلم فإن الدين الإسلامي مبني على اليسر،
قال الله تعالىيُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )(البقرة: الآية185)
ومبني على السمح قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وهو يبعثهم إلى الجهات:
"يَسِّروا ولا تُعَسِّروا، بَشِّروا وَلاَ تُنَفِّروا"، "فَإِنَمَا بُعِثتُم مُيَسِّرين وَلَم تُبعَثوا مُعَسِّرين"
وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ هذا الدينُ يُسر، وَلَن يُشَاد الدينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ"
فهو يسير لكن لمن يسره الله عليه، ثم شرح ذلك فقال:




تَعبُدَ اللهَ: بمعنى تتذلل له بالعبادة حباً وتعظيماً، مأخوذ من قولهم:
طريق معبد أي ممهد ومهيأ للسير عليه، لا تعبد الله وأنت تعتقد أن
لك الفضل على الله، فتكون كمن قال الله فيهم
(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ)(الحجرات: الآية17)

هذا وهم لم يمنوا على الله تعالى، بل على الرسول صلى الله عليه وسلم فقط،
اعبد الله تعالى تذللاً له ومحبة وتعظيماً، فبالمحبة تفعل الطاعات، وبالتعظيم تترك المعاصي.

لا تُشرِك بِهِ شيئاً: أي شي يكون حتى الأنبياء، بل الأنبياء ما جاؤوا إلا لمحاربة الشرك،
فلا تشرك به شيئاً لا ملكاً مقرباً،ولا نبياً مرسلاً، والعبادة لها شروط نذكرها إن شاء الله في الفوائد.

قال: وَتُقيم الصَلاةَ، وَتُؤتي الزكَاةَ، وَتَصوم رَمَضَانَ،وَتَحُج البَيتَ:هذه أركان الإسلام الخمسة ، وقد مرت في الأحاديث السابقة .


ثم قال: أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبوَابِ الخَيرِ: أبواب أي مسائل،
وأبواب تستعمل في الباب الذي يفتح للداخل والخارج،وتستعمل في المسائل، ومن هذا قول العلماء في مؤلفاتهم:
هذا الباب في كذا وكذا. وقول المحدثين: لا يصح في هذا الباب شيء،
أي لا يصح في هذه المسألة شيء.

فقوله: " أَبوَابِ الخَيرِ" أي مسائل الخير، ويجوز أن يكون
المراد به الباب المعروف الذي يكون منه الدخول والخروج.

"أَلا أَدُلُّكَ عَلَى أَبوَابِ الخَيرِ" والجواب: بلى، لكن حذف للعلم به،
لأنه لابد أن يكون الجواب بلى.

قال: الصَّومُ جنةٌ:أي مانع يمنع صاحبه في الدنيا ويمنع صاحبه في الآخرة.

أما في الدنيا فإنه يمنع صاحبه من تناول الشهوات الممنوعة في الصوم،
ولهذا يُنهى الصائم أن يقابل من اعتدى عليه بمثل ما اعتدى عليه،
حتى إنه إذا سابه أحد أو شاتمه يقول: إني صائم.

وأما في الآخرة فهو جُنَّةٌ من النار، يقيك من النار يوم القيامة.

والصوم: التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

وَالصَّدَقَة تُطفِىء الخَطيئَة كَمَا يُطفِىء المَاءُ النَّارَ:الصدقة مطلقا
ً سواء الزكاة الواجبة أو التطوع،و سواء كانت قليلة أو كثيرة.

تُطفِىء الخَطيئَة :أي خطيئة بني آدم، وهي المعاصي.

كَمَا يُطفِىء المَاءُ النَّارَ :والماء يطفىء النار بدون تردد،
فشبه النبي صلى الله عليه وسلم الأمر المعنوي بالأمر الحسي.

وَصَلاةُ الرّجُل في جَوفِ اللَّيلِ:هذه معطوفة على قوله "الصدقة"
أي وصلاة الرجل في جوف الليل تطفىء الخطيئة، وجوف الليل وسطه كجوف الإنسان.

ثم تلا صلى الله عليه وسلم :
(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ *
فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* ) [السجدة:16-17]

تلا أي قرأ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) هذا في وصف المؤمنين،
أي أنهم لا ينامون (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) إن ذكروا ذنوبهم خافوا،
وإن ذكروا فضل الله طمعوا، فهم بين الخوف و الرجاء،
(وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) ( من ) هنا إما أن تكون للتبعيض والمعنى ينفقون بعضها،
أوتكون للبيان،والمعنى ينفقون مما رزقهم الله عزّ وجل قليلاً كان أو كثيراً
(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:17) ،
استشهد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية على فضيلة قيام الليل،

ثم قال: أَلاَ أُخبِرُكَ بِرَأَسِ الأَمرِ،وَعَمودِهِ،وذِروَةِ سِنَامِهِ :ثلاثة أشياء:

قُلتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: رَأَسُ الأَمرِ الإِسلام :أمر الإنسان الذي من أجله خُلِقَ،
رأسه الإسلام ، أي أن يسلم لله تعالى ظاهراً وباطناً بقلبه وجوارحه.

وَعَمودِهِ الصلاة: أي عمود الإسلام الصلوات ،والمراد بها الصلوات الخمس،
وعمود الخيمة ما تقوم عليه، وإذا أزيل سقطت.

وَذِروَةِ سِنَامِهِ الجِهَاد في سَبيلِ الله:ذكر الجهاد أنه ذروة السنام،لأن الذروة أعلى شيء ،
وبالجهاد يعلو الإسلام ، فجعله ذروة سنام الأمر، قال الله تعالى:
(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:139)

وقال عزّ وجل: (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ) (محمد:35)

وقوله: الجهاد يعني في سبيل الله عزّ وجل والجهاد في سبيل الله
بينه النبي صلى الله عليه وسلم أتم بيان، فقد سئل عن الرجل يقاتل حمية،
ويقاتل شجاعة، ويقاتل ليرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟
فقال: "مَن قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هي العُليَا فَهوَ في سَبيلِ اللهِ"
فهو لم يجب عن الثلاثة التي سئل عنها بل ذكر عبارة عامة،
فقال:"مَن قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُاللهِ هي العُليَا فَهوَ في سَبيلِ اللهِ"

و الجهاد له مفهومان : مفهوم خاص هو بذل الجهد في قتال الكفار ومفهوم عام هو
بذل الجهد في طاعة الله عز وجل وترك معصيته .

ثم قال: أَلاَ أُخبِرُكَ بِمَلاك ذَلكَ كُله: ملاك الشيء ما يملك به، والمعنى ما تملك به كل هذا .

قُلتُ:بَلَى يَا رَسُول الله، قَالَ: فَأَخذ بِلِسانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَليكَ هَذا
أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه وقال: "كُفَّ عَليكَ هَذا"
أي لاتطلقه في القيل والقال، وقد تقدم قوله:
"مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَليَقُل خَيرَاً أَو ليَصمُت" فلا تتكلم إلا بخير.

قُلتُ: يَا نَبيَّ الله وَإِنَّا لَمؤاخِذونَ بِما نَتَكَلّم بِه: الجملة خبرية لكنها استفهامية
والمعنى:أإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ يعني أن معاذاً رضي الله عنه تعجب
كيف يؤاخذ الإنسان بما يتكلم به.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم حثاً على أن يفهم: ثَكِلَتكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذ أي فقدتك،
وهذه الكلمة يقولها العرب للإغراء والحث،ولا يقصدون بها المعنى الظاهر،
وهو أن تفقده أمه، لكن المقصود بها الحث والإغراء.

وقال بعض العلماء: إن هذه الجملة على تقدير شرط والمعنى:
ثكلتك أمك يا معاذ إن لم تكف لسانك، ولكن المعنى الأول أوضح وأظهر،
وأنها تدل على الإغراء والحث ، ولهذا خاطبه بالنداء فقال : يا معاذ.

وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النارِ عَلى وجُوهِهم، أَو قَالَ: عَلَى منَاخِرهِم

هذا شك من الراوي إِلا حَصائدُ أَلسِنَتِهم أي ما يحصدون بألسنتهم من الأقوال.

لما قال هذا الكلام اقتنع معاذ رضي الله عنه وعرف أن ملاك الأمر كف اللسان،
لأن اللسان قد يقول الشرك، وقد يقول الكفر، وقد يقول الفحشاء، فهو ليس له حد.




الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

03:59 AM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com