..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


آخر 10 مشاركات قلب نابض عبر عن نفسك بأنشودة أو شيلة    <->    قلب نابض رُفعت الجلسة    <->    قلب نابض بـ اختصار...!    <->    وردة سَجلْ دُخوُلكْ / خُروُجكْ بِـ بيَتْ شِعر ♫ ( النُسخّة الثَالِثّة ) !    <->    اٌترك اثراً قبل ان ترحل    <->    صهيل الأصايل    <->    نشاط روضة الذاكرين    <->    سهم مكتبة الشدادين للصوتيات والمرئيات    <->    وردة فيه حكيّ بــ / صدريّ ودي أقوله .. ( النسخة العاشرة ) ..    <->    دعوة لكتابة خاطرة من سطر واحد    <->   
مختارات   اصبر قليلاً فبعد العسر تيسير ‏ وكل أمر له وقت وتدبير   
مواضيع ننصح بقراءتها صهيل الأصايل
العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الأدبية > منتدى القصص والحكايات
 
أدوات الموضوع
إضافة رد
قديم 08 Mar 2006, 08:44 PM [ 61 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




(10)‏

لم يستطع الماوردي أخذ فصل قصير من النوم في باص الليل الأخير. فقد كانت القرحة تزلزل كامل قامته. بينما ملامح آخر الليل كانت في نهاية الشوط. كان يتطلع عبر نافذة الباص عمداً. على الرغم من تعذر الرؤية في مثل هذا الوقت. لم يتواصل مع أية أفكار. فقد كانت استجابته لذلك مقطوعة بسبب تلك الآلام التي اعتاد ابتلاعها منذ سنوات. وكم تمنى أن يرمي بتلك المعدة إلى فم ذئب لم يذق الطعام منذ قرن. ولكنه لم يستطع أن يفعل ذلك بسبب جبنه. أوفي أكثر الأحول. ربما لأنه إطلاقاً، لم يجد مثل ذلك الذئب بعد.‏

"تبرير جميل؟!"‏

عندما نزل الماوردي من الباص، واتجه نحو المنزل، لمحت عيناه أربعة من الأشباح الأقزام وهم يقطعون الشارع باتجاهه.‏

"ما هذا بحق السماء؟ أأنا سكران إلى هذا الحد أم إن العيون لم تعد بعد إلى العمل!"‏

سأل الماوردي نفسه وهو يحتاط للأمر. وعندما لم تبق بينه وبين الأقزام الشبحية إلاّ بضع أقدام، سرعان ما سمع من يحييه: "هاي ماوردي!"‏

أصاب الذهول الماوردي، فأخرج يده اليمنى من جيب المعطف وراح يحك رأسه وكأنه يحاول إخراج قنفذ من دماغه، عل ذلك يساعده على تنظيف نفسه من الخربطة المفاجئة التي حدثت له، تفسير لائق للمشهد الذي يراه وسط الظلام الشفاف. وفجأة صاح بهم الماوردي:"قفوا!". بعدها اقترب منهم وراح يتطلع فيهم عن كثب.‏

- ما الذي أخرجكم من البيت في مثل هذه الساعة يا أولاد؟ سأل الماوردي أبناء جارته الأجنبية.‏

- "نحن في طريقنا إلى المدرسة." أجابت الطفلة الكبيرة. وأضافت: أليست الساعة تقارب السابعة الآن؟‏

-كلا. إنها الخامسة يا أولاد. ومن ألبسكم أكياس الزبالة السوداء هذه؟ سأل الماوردي وهو يحتضن أصغرهم.‏

- إنها ماما.‏


توقيع : كديميس

"لاتبحثوا عني بين كلماتي فهي لاتشبهني"
الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:45 PM [ 62 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




- سال الماوردي الأخت الكبيرة بدهشة وحنق:"هل فعلت ذلك أمك حقاً. ولماذا؟"‏

-نعم.هي التي فعلت ذلك، كي نقول للمعلمة بأن ليس لدينا ثياب للشتاء. كي تدفع لنا البلدية ثمن ذلك!‏

-وإذا لم تفعل البلدية ذلك؟‏

-سوف لن نذهب للمدرسة بعد ذلك!!‏

اصطحب الماوردي الأطفال إلى بيتهم القريب من منزله. رن الجرس وأعادهم إلى الأم، بعد أن سألها إن كانت تملك في البيت ساعة لتحديد ومعاينة الوقت أم لا. وسلمها ساعته اليدوية بعد سماعه الجواب بالنفي، وأقفل عائداً باتجاه بيته.‏

"يا للعنة. لقد طارت السكرة من الرأس. يا لقذارة بنت العاهرة. تستخدم الأطفال للشحاذة!"‏

هكذا كان رأس الماوردي يغلي بالغثيان من جراء هذه الطريقة الرخيصة للابتزاز. وكان على وشك الدخول إلى الفراش. لكنه لم يحس بالقدرة على ذلك، فتوجه إلى المطبخ من أجل إعداد فنجان من القهوة. أحضرها، وقام بإشعال غليونه وتناول القهوة ممدداً قدميه على الطاولة.‏

وبدأت أفلام الأجانب عرضها في الذاكرة بسرعة البرق. ولم يستطع الماوردي إيقاف الفضائح التي انهالت عليه دفعة واحدة. لمَ إيقاف هذه العروض، إذا كانت مجال فخر مرتكبيها في عالم يسمى اليوم بعالم"الشطاره."؟ هل يستطيع الماوردي أن يمنع واحداً من هؤلاء عن التفاخر بواقعة فعلها، ولا يخجل من ارتكابها والتحدث عنها كعمل بطولي؟‏

تذكر الماوردي ذلك اليوم الذي رأى فيه شخصاً تتجمهر حوله شلة من الأجانب في إحدى المقاهي، وهو يقص عليهم بطولته عن الكيفية التي استطاع بواسطتها لطش 170 ألف كرونه في ليلة واحدة، عندما ذهب للمقامرة بلعبة الروليت في فندق الـ"sas" مغطياً شراء الفيشات بشيكات مصرفية من دون رصيد.‏

وتذكر الإفريقي الذي كوّن شركةً وهمية للاستيراد والتصدير بواسطة زوجته الدانماركية المخدوعة، ليطير بعدها هارباً من عش الزوجة والبلاد بأكثر من مليونين من الكرونات. وللمثال هناك شخوص كثيرة يعرفها الماوردي وسواه. إما الظريف في عمليات النصب والاحتيال، فهي في صورة ذلك الشخص الذي زور شهادة وفاة لشخصه، وجاء ليقبض بوليصة التأمين على حياته من إحدى الشركات بنفسه!!‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:45 PM [ 63 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




قذف الماوردي بللور النافذة بفنجان القهوة، واستلقى على أغطية السرير، وكأنه يحاول منع تدفق شريط المشاهد القذرة في ذاكرته.‏

"وما أدراك أن تصبح واحداً من هؤلاء يا ماوردي؟"‏

ضحك. عندما حاول أن يخلع الحذاء من قدمه اليسرى ولم يستطع. فسقط في النوم دون أن يحقق حتى هذه الرغبة: أن ينام دون ثقل الهموم والأحذية!‏

تذكر الماوردي أنه نائم الآن. قال:‏

"سأسحب اللحاف ببطء من تحت جسدي دون أن أثير لديه الشك بأنني لم أنم حتى هذا الوقت. لست أنتَ الوحيد الذي يفعل ذلك. فهناك الكثيرون الذين يخشون من ضباط النوم في الليل أو أثناء القيلولة. ولكنك يا ماوردي ما تزال تفكر بكيف تنام حتى وأنتَ نائم. ماذا أصابك؟ هل أنت من سلالة المخلوقات الزجاجية التي تكشف عن كل ما في داخلها دفعة واحدة؟ أم أنت من نسل أولئك الذين يوزعون نعاسهم على النصوص، ويقفلون عائدين إلى ذواتهم بثياب الأحلام التي لم يصبها التلوث والتلف بعد؟؟ حتى لو لم تكن كذلك، أقنع نفسك بهذا الدور المسرحي. فلا شيء صعب في هذا. وليس من قانون يعاقبك فيما لو قمت بعمل شيء من هذا القبيل."‏

"كلا. نم أيها الوغد. وأحلم وأنت نائم. لا تنهض على الرغم من وجود النهار الذي يأكل الأرض بحوافره السميكة. اعترف للمرة الأخيرة بأنك بريء من النهار ومشتقاته المؤلمة والكئيبة. وبأن كل ممتلكاتك هي من صنع الليل الذي لم تر فيه شخصاً له أنف أشبه بعود الثقاب، وعينان أشبه بالفطر. أنتَ نائم الآن، فلماذا تحاول تعكير مزاج الحواس الأخرى؟"‏

"بعد ساعات تستفيق، ويكون بإمكانك عدم ترتيب الأغطية أو كي الثياب ولا تنظيم الأفكار من جديد. كذلك، فسوف لا تبذل جهداً لارتداء الحذاء، لأنه ما يزال في قدميك منذ الليلة الماضية. وكل هذا توفير لك في الحياة المعاصرة.. يا ماوردي!!"‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:46 PM [ 64 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




-أين ذهبوا؟‏

-من؟‏

-أولئك الذين في ذهنك. هل ستعمل معهم؟‏

-لقد ذهبوا إلى بيوتهم لإستفراغ الإفرازات البطولية.‏

-وأنت؟‏

-من الصعب عليّ تكهن ما يحدث بعد إنجاز مرحلة النوم المكلف بها الآن.‏

-أيعني أنك لم تأخذ قسطاً من النوم، لتبتعد بنا عن هذا التحقيق؟‏

-لن تروا شيئاً. فالنعاس مثل بحيرات تنصت لقراءة الأحلام


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:46 PM [ 65 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




‏ أيها البطل الروائي الفاسد.‏

تسأل عن نفسك وتنام، فيخرج عليك الديناصور في الحلم، ليقتات عظامك وما تبقى من تلك الروح القديمة.‏

حيث الفراغ المُفترس والحنين المهووس وقتلى الذكريات.‏

" كأن لا مكان لك في الجغرافية." تسأل.‏

" كأن لا معنى لك في التاريخ" تجيب المخالب.‏

-ألمْ ترَ الطمي يملأ العين؟‏

-كنت أسمي ذلك اغتراباً. فالعين قماش العقل.‏

-وعندما يتسخ..؟‏

-يرتطم الظلام في العين كصخرة عملاقة سوداء.‏

-إن لك غطرسة المُبدع.‏

-وهي أشبه بالجرم المُخل بالشرف أمام السلطة العربية. أليس كذلك؟‏

في تلك اللحظة، أحس بالشارع يميد تحت قدميه أشبه بسجادة تكاد تخلع العاصفة مساميرها. وكان يهرول دون تعثر، على الرغم من أن الليل اكتسح المدينة كالصحراء.‏

"المنفى هو آخر الكنوز" تلك هي العبارة اليومية التي يتنفسها، وهو في ممرات النوم الضيقة.‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:47 PM [ 66 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




(11)‏

أخذ الماوردي مقعده في الباص كعادته اليومية. نفس المقعد ذاته. قبل الأخير إلى جانب الشباك. فقد ألفه طيلة عامين وأصبح وكأنه ملكاً شخصياً له في هذا الباص، مع بقية الأشخاص الذين بات الماوردي يعرفهم جميعاً، ويعلم أين يهبط كل منهم وفي أي موقف. وبكل تأكيد، مثلما ركاب هذا الخط أيضاً.. ممن باتوا يعرفون الماوردي، وأحياناً يهمسون له بكلمة:"هاي" تعبيراً ودلالة على حسن موقفهم منه. لكن حظ الماوردي هذه الجمعة كان على غير العادة. فهو لم يتلق كلمة"هاي" وحدها، وإنما:"كيف الحال أيضاً."!‏

كان الباص قد تحرك تواً من المحطة. ومعه تحركت شفاه الفتاة التي أخذت مكانها إلى جانبه في المقعد، فاتحة الكلام بالحديث عن الطقس. أهو الربيع الذي حركها؟ أم أن الكلام للاستهلاك العام؟ البشر في الدانمارك ملك الطقس. وهو ما يدفعنا لقبول هذه اللغة في المقدمة، وقبل أي شيء آخر في حياة هذه البلاد. فقسوة مكياج السماء الرمادي والثلج، هما ما يأكلان الروح ويسعيان لتدمير المزاج ونشر الكآبة في الأعماق السحيقة للكائن البشري.‏

-اسمي"مورغ نلسن" وأنا أسكن قريباً من منزلك.‏

"وأنا الماوردي". أجابها مضيفاً:‏

"الربيع هنا خرقة لا تستطيع مسح أو امتصاص ما يخلفه الشتاء في بلادكم. والصيف هو الآخر، كثيراً ما يعجز عن تجفيفها. لأنه صيف خجول في الغالب." هكذا أجابها الماوردي متمنياً أن ترى الدانمارك صيفاً حقيقياً.‏

"وهذا ما نحلم به". قالت له الفتاة وهي تدعوه لتناول القهوة في منزلها. لكن الماوردي أصر على أن تفعل هي ذلك وتتناول القهوة عنده. فابتسمت قائلة:‏

"إذا كان إصرارك هذا سيسعدك، فلا مانع من ذلك." وهبط الاثنان من الحافلة في الموقف القريب من الشارع الذي يقطنان فيه. كانت الزهور تسحر العين على امتداد الطريق، فيما كانت الأشجار تمتص أشعة هذا اليوم المشمس بنهم.‏

دخلا المنزل.. فألقى الماوردي بحقيبته اليدوية على السرير، فيما وضع كيس البضائع في ركن من الممر. مرحباً بمورغ وهو يشير إلى الصوفا الزرقاء المركونة في صدارة الغرفة، لتجلس. فيما بدت غرفة الماوردي في أحسن حال من الفوضى. الكتب والمجلات وأشرطة التسجيل والسراويل والقمصان المبعثرة على السرير والمقاعد:"أرجو المعذرة من الفوضى". قالها الماوردي وهو يلم الأشياء في محاولة لترتيب الغرفة.‏

"لا عليك. هذا هو نظام العزاب". ألست وحيداً هنا؟ سألته مورغ وهي تلصق نظرها على صورة لفتاة كانت تأخذ مكانها على الجدار.‏

-نعم. سأذهب لإعداد القهوة الآن.‏

-هل تريد مساعدة؟‏

-شكراً. لطف منك أن أسمع هذا أيتها الضيفة.‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:48 PM [ 67 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




أرجعت مورغ رأسها إلى الوراء ومدت يديها على ظهر الصوفا، وراحت تدقق في محتويات الغرفة متفحصة الصور المعلقة والفازات والتماثيل الصغيرة والأواني الخزفية التي تحمل بعض الرسوم. فيما بدأت الشمس تنعكس بأشعتها على لوح البللور للنافذة التي تطل على الحديقة.‏

عاد الماوردي وهو يحمل صينية عليها إبريق القهوة وثلاثة فناجين مع السكر والقشطة. فبادرته مورغ بالقول:‏

-ثلاثة فناجين!‏

-قد يأتي ضيف آخر. فلا نكلف نفسنا عناء السفر إلى المطبخ. الماوردي ضاحكاً. وهي تشاركه الضحك أيضاً.‏

-قل لي. أليست تلك اللوحة لسلفادور دالي؟‏

-نعم. هي كذلك. هل سبق وأن تعرفت إلى أعماله؟‏

-أجل. لقد سبق أن رأيت له الكثير من أعماله الحقيقية هنا. عندما عرضت في أحد متاحف الدانمارك. شيء ساحر. قالت له ذلك بإعجاب ودهشة.‏

-على الرغم من إن عالمنا سوريالي في تفاصيله الدقيقة، إلا أنه ليس بروعة عالم دالي السوريالي. عالمنا تحكمه الرداءة والقبح، فيما تحكم عالمه المخيلة الجمالية.‏

-وهل تشعر بأن قباحات تغلف عالمنا؟ تشرب رشفة من القهوة.‏

-عالمنا ليس قبيحاً بالتأكيد، ولكنهم يعملون على مسخه.‏

-ومن هؤلاء..؟‏

-بالتأكيد ليسوا الملائكة. يضحك وهو يحاول إشعال الغليون.‏

-من أين أنت يا ماوردي؟ عذراً لهذا السؤال... يقاطعها الماوردي كمن يحاول التوكيد على ضرورة التوضيح، كمفتاح للحوار.‏

-من الشرق."يقولها وهو يشعر بنفسه كطاووس".‏

-وهل يعني هذا بأنك مسلم؟‏

-نعم. ولكن ليس من الضروري أن يكون الشرقي مسلماً. فالشرق مهبط كل ديانات الأرض. اليهودية والمسيحية والإسلامية وإلى ما هنالك من الديانات البوذية وغيرها. هل تعرفين شيئاً عن الإسلام غير ما هو مشاع عنه في الغرب: عدم تناول لحم الخنزير والخمور وارتداء الحجاب وتعدد الزوجات، والإرهاب مؤخراً؟!‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:48 PM [ 68 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




يسأل الماوردي، وهو يفيض شوقاً للاستماع إلى جواب هذا الطائر الجديد"مورغ".‏

-إنك تحاول القفز إلى الجوهر فوراً. تبتسم بشيء من الإعجاب على صراحة الماوردي. وتقول:‏

-قد أكون مع الخيارات الشخصية الخاصة بالأكل والشراب والعبادة والملبس. ولكن إذا كان ذلك قد حدث في القدم، فلماذا التواصل معه راهناً؟‏

-المسلم لدينا بقدر ما يؤمن. والإيمان لدينا درجات. ولكنني أحس بأن كل فرد له الحق بأن يبني علاقته مع الرب بطريقته الخاصة. لدينا متصوفة وعلمانيون وملحدون أيضاً. لذلك فعادات البشر، كالامتناع عن تناول لحم الخنزير أو عدم شرب الخمور أو ارتداء الحجاب، ليست هي من جوهر الإسلام من شيء. فالكثير منا يأكل لحم الخنزير ويشرب الخمر ولا يرتدي أغطية الرأس.‏

-هل تأكل أنت لحم الخنزير؟‏

-أنا لا أتناول إلا لحوم الحيوانات الذكية. الطيور مثلاً."لماذا هذا الكذب يا ماوردي. ألم تأكل لحم الخنزير مرات عديدة، وتشرب الخمور بكل أنواعها أيها الوغد؟".‏

-إنها إجابة ذكية للهروب من القفص.‏

-ليس هروباً هذا الذي تسميه. وإذا لم تعجبك هذه الإجابة، فلنقل بأننا لا نأكل الخنزير رأفة بهذا الحيوان الذي قد لا يستحق أن يتحول إلى نفاية في المصارين. هل تقنعك هذه الإجابة؟‏

الماوردي يضحك مضيفاً:‏

-لماذا تريدون منا أن نأكل الخنزير وكأنكم تعلنون الحرب ضد هذا الحيوان. إذا كانت لديكم فكرة للانتقام، فعليكم أخذ الثأر من الخراف، لأن السيد المسيح ولد في حظيرة للأغنام، وساهم بتربيتها ورعيها دون الخنزير. لذلك يجب أن نتحدث عن العادة لدى كل شعب من الشعوب. فنحن لو أكلنا لحوم الأبقار في الهند، لكنا بنظر الهندوس ليس أكثر من جزارين وقتلة. فأولئك ليس بوسعهم رؤيتنا ونحن نقوم بتحويل آلهتهم إلى"بوف" أو بفتيك وشرائح للقلي. وأضاف‏

-كذلك الأمر بالنسبة للأوروبي الذي يهتم بالكلاب. هل تسعده رؤية أكلة لحوم الكلاب في شرق آسيا الأقصى؟‏

-أنتَ تجد تبريراً لكل شيء. وتتفه قيمة الموضوعات التي ربما هي في ذهنك بقيمة الصفر. أسألك عن الحجاب وأغطية الرأس؟‏

-إنه موديل أو موضة. لماذا لا تعتبرونه كذلك؟ ألا تؤمنون بالحرية الشخصية؟ ثم ليست كل مسلمة تفعل ذلك. هناك الملايين من النساء لا يستخدمن هذا الغطاء على الرغم من أنه قد يقي الشعر من التقصف والغبار والتأثيرات الجانبية لحرارة الشمس.‏

تغرق مورغ بالضحك وهي تستمع لوجهات نظر الماوردي. وتسأله:"والتعددية في الزواج؟".‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:49 PM [ 69 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




-من كثرة حبنا للنساء يا مورغ0يضحك- وكذلك من أجل زيادة وتحسين النسل. ولمنع حدوث الزنى أو البغاء أيضاً. أقول لك لقد كان يحدث ذلك سابقاً، أي قبل بلوغ المدينة عالمنا. وقبل أن تنال المرأة بعض حقوقها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية في أكثر من مكان.‏

أسألك يا مورغ:‏

-كم امرأة يتزوج الرجل في بلادكم؟ أولم يضرب رقماً قياسياً في تعدد الزوجات، ولكن مع بعض الاختلافات الطفيفة-يتزوج دون أوراق. وينجب دون أوراق. ويطلق أو ينفصل دون أوراق. أو يعيش الزواج ضمن أوراق. أليس هذا صحيحاً؟‏

-أجل. وهو ما لم يكن يحدث قبل خمسين سنة أو أكثر في بلادنا. فقد كان مجتمعاً فلاحياً محافظاً له تقاليده.‏

-والآن؟ أليس محزناً هذا التفليش المنظم للعائلة: الطلاق والانفصال والزواج والحب الذي يأتي ويختفي بسرعة البرق؟ مع الأسف، إن ذلك سيترك تعقيدات كبيرة على مستقبل الأجيال هنا. هل تعرفين كيف يحب الشرقي لدينا؟ كان المرء يخوض معارك طاحنة من أجل الحصول على المرأة التي يحب. أقصد"معارك القبائل". الحب كما أعتقد يستحق مثل هذه التضحيات. فيما هنا، يستطيع المرء الحصول على امرأة بواسطة التلفون!!‏

يمتقع وجه مورغ حنقاً من شيء ما قد تكون تذكرته هي الآن، فيأخذها الصمت, إلا أن الماوردي يحاول تغيير مجرى الحديث نحو ضفة أخرى. فيرجوها بقوله:‏

"دعينا من أجدادي وأجدادك الآن. ماذا تعملين هذه الأيام؟".‏

تسحب نفساً عميقاً من سيكارتها وترد دون الشعور برغبة"موظفة في المكتبة".‏

-عمل جميل. أليس كذلك؟ ولكن حذار من العمل تحت رفوف الكتب العالية، كي لا يحدث لك ما حدث للجاحظ.‏

-ومن الجاحظ. وماذا حدث له؟‏

-من كبار كتّاب الأدب العرب في العصر العباسي. وقعت عليه رفوف مكتبته، فقتلته الكتب‏

-وهل تتمنى أن يحدث لي ما حدث لكاتبكم؟ ضاحكة.‏

-كلا. ولكنني تذكرت تلك الواقعة فقط. فقد تقتلنا القراءة اليوم وليس وزن الكتب.‏


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 08 Mar 2006, 08:50 PM [ 70 ]
عضو متميز

تاريخ التسجيل : Feb 2005
رقم العضوية : 28
الإقامة : saudi arabia
الهواية : ركوب الدرجات
مواضيع : 291
الردود : 5726
مجموع المشاركات : 6,017
معدل التقييم : 83كديميس will become famous soon enough

كديميس غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 5
الكاتب المميز

مسابقة تعرجات قلم

ليلة حالمة

التواصل

عضو مخلص




تنهض مورغ لتشكر الماوردي على القهوة والحديث، وتهم بالذهاب بعد أن تتناول حقيبتها اليدوية مذكرة إياه بأنه سيكون ضيفها في المرة القادمة. فيشكرها الماوردي على أن يقوم بتحديد الموعد فيما بعد. وقبل أن تضع قدميها خارج باب المنزل، تطلعت مورغ بوجه الماوردي قائلة له:‏

-ألا تعتقد بأن مقتل الجاحظ كان بفعل عمل إرهابي؟‏

أخذت الدهشة الماوردي قليلاً وهو يحدق بعينيها اللامعتين وأجابها:‏

-ليست عيناك جميلتان وحسب، وإنما تشعان بالذكاء. سنناقش موضوع الإرهاب في المرة القادمة.‏

-هل من مانع يحول دون تسجيل رقم هاتفك؟ سألت مورغ.‏

-كلا. تفضلي. يناولها ورقة كتب عليها ذلك. فيما هي تناوله كارتاً أبيض عليه رقم الهاتف والعنوان.‏

تقترب منه مورغ وتقبله أثناء توديعها له قائلة:‏

"لا تنس ذلك يا ماوردي. المرة القادمة عندي."‏

"لا. أبداً.." فيبتسم وهو يصافحها مودعاً.‏

عاد الماوردي إلى الداخل وأقفل الباب. ثم سرعان ما سحبته قدماه إلى المرآة المعلقة في الحائط، حيث راح يتطلع في وجهه وهو يتحسس مكان القبلة التي طبعتها مورغ على خده الأيسر. بعدها أشعل غليونه واستلقى على الصوفا..‏

"هل كان عليك أن تدخل في هذا النقاش معها يا ماوردي. النساء لا يحبذن الفلسفة والسياسة والكلام الفارغ الذي أدليت بدلوك فيه. كان يمكن أن تتحدث عن الربيع والصيف القادم والسباحة والأزياء وأنواع النبيذ وربما الحب." هكذا حدث الماوردي نفسه، وكأنه يقوم بحملة تأديبية لتأنيب الذات على ما فعل.‏

"ومن يقول لك أنها من صنف النساء اللواتي يفضلن الكلام عن الأشياء التافهة؟"‏

أجاب نفسه وكأنه متأكد من سوية فكر المرأة وقوى عقلها الثقافية.‏

"ربما طارت من عش الصداقة التي تطمح فيها يا ماوردي" ردّ بشيء من الانكسار. إلا أنه سرعان ما ردّ على ذلك قائلاً:‏

"وليكن ذلك. فليذهبن إلى الجحيم. لكن لن يطول الانتظار، فالنساء مثل الطيور تحلق وتحط على الدوام. فهن لا يخالفن قانون الجاذبية. ونحن على الأرض يا ماوردي، لا على كوكب آخر".‏

-"لا تجازف يا ماوردي!!"‏

-"بمَ. بالخنزير أم بالزوجات الأربع أم بالخمور التي لم تعد تحتسي منها غير النبيذ الرخيص؟!!".‏

-"كلا أيها الغبي. بسعة التفكير أمام النساء."‏

-"وهل اخترعت صواعق تفجير جديدة."‏

-"كلا. ولكن تفجير النساء يتم بطرق ما زلت تجهلها أيها الأبله."‏

-"بعد كل تلك النساء، وما زلت أعمى!!"‏

-"أجل. كل شيء يبدأ من النساء. ألم تقرأ ما قاله البيرتو مورافيا من أن الجنس هو محرك العالم."‏

-اللعنة.. نم أيها الشيطان الخرافي. فتكاد أن تختفي الظلال الأخيرة من قنينة النبيذ.‏


الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لكي تكون أسعد مما أنت عليه‎ المرمشي القسم العام 3 16 Mar 2010 12:57 AM
كيف تكون أسعد الناس؟ نسايم القسم العام 10 16 Nov 2009 03:59 PM
كيف تكون أسعد الناس? السلطانة القسم العام 6 27 Feb 2009 09:08 PM
صور لسعد بن مشعل الحارثي الشدادي 2000 عالم الرياضة 24 31 Mar 2007 05:35 PM
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

10:36 AM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com