|
|||||||||||||||||
الوفاء والتابوت
في ذات يوم تحدث (باسم) إلى أبيه ليخطب ابنة عمه (بثينة) فغضب والده وحلف بالله أن لايخطبها له . فقال باسم : ياأبتي أني أحبها ولا أريد غيرها زوجة . رفض والده وقال : لن تأخذها مادمت أني على قيد الحياة . وجهز أمتعتك وحقائب السفر سوف أرسلك للدراسة خارج البلاد ،وكان والده غنيا وثريا ، ولا همه سوى نجاح ابنه تعليميا . اقبنع الأبن مجبرا وحمل حقيبة سفره ومعه حقيبة أخرى حملها بنفسه هما وحزنا وفراق . رحل وأراد أن يؤنس في رحلته بصديق وفي . التقى بالخارج بشاب اسمه (فارس) وكان فقير وأخذ يراقبه من بعد فأعجب به وحبه لتفوقه في دراسته ولحسن خلقه ، وعرض عليه باسم أن يسكن معه . فوافق فارس مباشرة وفرح فرحا .. فليس لديه الآن مايعوق أكمال دراسته . كان باسم الغني وفارس الفقير كالأخوان يخاف كل منهم على الآخر . وفي غربتهم يرسل باسم إلى والده رسالة يخبر بها أنه التقى بصديق نقي وتقي اسمه فارس ويسكنان سويا . وكذا الأمر مع فارس يرسل لوالدته يخبرها بأنه التقى مع شاب غني وسوي اسمه باسم وأنه يسكن معه . فكان والد باسم يرد على رسالة ابنه برسالتين تحوي هديتين ومصروفين لباسم وفارس . ومضت خمس سنوات وهم في الغربة بجد وأجتهاد حتى أنتهت بالفرح لهما بالنجاح والتفوق .. فسأل باسم فارس وقال له الآن بعد الشهادة اين ستذهب ؟ قال فارس سأذهب للبحث عن عمل . فعرض عليه باسم وقال له لما لا تعمل مع والدي بالتجارة . فوافق فارس وأنتقل معه للعمل في شركة والده . ومضت خمس سنوات أخرى عمل فيها فارس مع باسم بجد وأجتهاد تكللت بالنجاح . ففكر فارس بالعودة إلى قريته حيث مسقط رأسه وبها تسكن والدته . فعاد ومعه من الثروة مما جعله اغنى سكان القرية التي جعلته قريبا من السلطان وحاشيته . وتمر الأيام وبعد ثلاثة سنين حن فارس إلى صديق عمره باسم الذي كان له يد العون سابقا بعد الله سبحانه وتعالى . فأرسل إليه رسالة في صيغة سؤال. هل يسمح وقتك للقائي لعلي اخطر ببالك . فرد باسم وقال له على الرحب والسعة وأنا بأنتظار مجيئك .. وفي أثناء الرسالة وهي في طريقها إلى فارس وافت المنية والد باسم ، فحمل أبيه ودفنه ، وهو بأنتظار قدوم صاحبه فارس فأوقف مراسيم العزاء حتى لا يحزن صاحبه . وقدم فارس فأستقبله باسم بالترحيب وأحتضنه وهو كاتم حزنه على فراق والده وقدم له مائدة العشاء ومن ثم أعدت غرفة فارس إلى حيث النوم . وفي الصباح أيقظ الخدم فارس فأستيقظ ونظرو إليه فأذا هو حزينا وكئيبا . فبلغو الخدم باسم فأتى إليه مسرعا ظانا أنه كشف وفاة والده . فبادره بالسؤال ماذا بك أخي فارس حزينا وكئيبا . فرد عليه فارس بعد تنهيدة طويلة وقال لقد رأيت من لم تفارق خيالي البارحة ذات الحسن والجمال .. رمقتها بعيني فأهتز لها قلبي وفارق النوم جفني . فسارع باسم بالقول لا عليك أطلب من شيئت من بنات المدينة فهي لك وعدا مني .. فمن هي ؟ قال فارس لا أعرفها ولكن أعرف منزلها فأخذ باسم بيده يشده بالخروج إلى ذلك المنزل . وأي منزل كان !! لقد كان منزل ابنة عمه وحبيبته الذي رفض والده أن يزوجه أياه . الذي كان ينتظرها ثلاثة عشر عاما .. فصمت برهة من الوقت وقال لك ماطلبت . ولم يخبر فارس بأنها ابنة عمة وأنه كان ينتظرها للزواج منها . فرجع باسم وفارس إلى القصر وقال لفارس انتظر هنا ، سأذهب إلى ذلك المنزل لكي اخطب لك التي رائتها. فذهب باسم إلى عمه وقال له أني اخطب ابنتك إلى صديقي فارس .. فتعجب عمه وقال ثلاثة عشر عاما وبثينة في انتظارك وعندما اتيحت لك ولها الفرصة أتيت لتخطبها لصديقك فارس ! ماذا بك وماذا أصابك ؟ فرد عليه وقال أني قد وعدت فارس وشرح له قصته في طلبه . وهو أعز علي من نفسي . فوافق عمه على "مضض " فتزوج فارس بثينة وأخذها إلى قريته .. أكمل باسم مراسيم العزاء .. وكان عزاءه في والده وحبيبته معا . خلت الديار عليه وضاقت به نفسه التي بين جنبيه .. فصار حبيس قصره لا يخرج ولا يعلم الناس عنه شيئا . فطفق الناس يبحثون عن من يخرجه من عزاءه وعزلته .. فقام أحدهم وقال اتركوه .. أنا من سيخرجه من عزلته .. هذا الرجل اسمه (كايد) ذهب إليه كايد في قصره وتجاذب معه أطراف الحديث ودعاه إلى ( خمارته) لكي يسقيه مما يخفف عنه آلآمه التي تنسيه نفسه من الهموم والأحزان التي تطاولت عليه من فقدان والده وحبيبته . ذهبوا سويا إلى المخمر فأسقاه الكأس بعد الكأس حتى نسي ماكان . وأدمن أشد الأدمان عليها حيث أنها الملهى . ومع الأيام أتو إليه بلعبة الميسر (القمار) وهو فاقد لوعيه ، فبداء يفقد ثروته شيئا فشيئا . وفي آخر أيامه لم يتبقى له سوى (القصر ) فراهن عليه وهم يسقوه الكأس تلو الكأس وخسر الرهان . وخرج في آخر ليلته بدون صديقه (كايد) الذي أضاع ماتبقى من ثروته في المخمر والميسر . خرج على وجهه لا يملك سوى ثيابه ، و وجها شاحبا ،وقلبا مكسورا ، يجر أذيال الخيبة والفشل يرمق بعينيه بالفقر والموت . صحى ضميره وذكره بأعز أصدقائه ذاك هو فارس ! فأعتزم وتحزم وتوجه إلى قرية فارس وصلها والظلام دامس . أخذ يسأل عن قصر فارس ووصل إليه . وعند بوابة القصر والحرس واقفون على الباب .. سألوه من أنت أنت البائس ؟ أن أردت طعاما أطعمناك ! وأن أردت كساء كسوناك ! وأن أردت عطية أعطيناك ! ولا سبيل لك لمقابلته . فقال : أنا صديقه وحبيبه وابن عم زوجته ، ولا أريد مما ذكرتم سوى مقابلته . فرفضوا ، وتشادو بأصوات مرتفعة وبثينة في النافذة ، تسمع وتشاهد صوت ليس عليها غريبا ، واسما عليها عزيز. فأسرعت ركضا إلى فارس وقالت له أن باسم في صراخ مع الحرس يريد الدخول والحرس يمنعوه . فأقترب فارس وبثينة من النافذه . فصرخ فارس بأعلى صوت بيئس الصديق هو !! قالت بثينة في بكاء شديد .. ذاك ابن عمي الذي أوقف عزاء والده من أجلك ! ذاك ابن عمي الذي ضحى بحبنا من أجلك ! ذاك ابن عمي الذي شارك في بناء ثروتك ! ذاك ابن عمي الذي صاحبك خمس سنين بالغربة ! فصرخ فارس بصوت عالي بيئس الصاحب هو ، وصفعها صفعة قوية فصرخت صرخة مدوية سمعها باسم . وطل على الحرس من النافذة وقال لهم أطردوه ولا يدخل القصر! تلك الكلمات حولت الحب إلى بغض ، والأمل إلى يأس. وزادت الهموم عليه شدة ونكالا . قطرت دمعاته وقطرات المطر تنهمر عليه ،وفي هذه الظلمة أخذ يتلمس الدفء. واتجة إلى أقرب مكان ليحميه من المطر ، حتى يتوقف المطر ويرحل إلى مصيره !! وتحت ومضات البرق وصوت الرعد ، شاهد رجال الحرس يحملون تابوت ويدفنونه خلف القصر . فجن جنونه . قد فعلها فارس وقتل بثينة بسببه ، وانتظر إلى أن ينصرف الحرس ، وأخذ يزحف في الظلام خفية ، ليصل إلى ابنة عمه ليلقي عليها النظرة التي "فقدها" في حياته وسنوات عمره ، بنظرة أخيرة في القبر . وأخذ يحفر ويحفر حتى تدمت أنامله ، وتكسرت أضافره ، والدموع تنهمر من عينه .. انتظرو تكملة القصة !
التعديل الأخير تم بواسطة علي مرزوق ; 20 Aug 2008 الساعة 02:50 AM
سبب آخر: تعديل
|
20 Aug 2008, 02:54 AM | [ 2 ] | ||||||||
عضو متميز
|
فأخذ يحفر القبر وتدمت أنامله وتكسرت أضافره ، حتى تجشرجت أنفاسه في صدره . وصل إلى التابوت فتحه بكل شوق ولهفة في لقاء ابنة عمه وحبيبته مودعا أياها آخر نظرات "الأمل " . . . فوجد قطعة قماش سحب طرفها ثم فتحها فتلألأت في الظلام . أنها مجوهرات !! وليست كما ظن أنها بثينة . ففكر بالأنتقام من صاحب هذه المجوهرات عدوه فارس ، الذي وضعها في حفرة لكي لايرى ثروته أحد خوفا عليها ! أخذها وانطلق مسرعا بين أشجار الغابة حافي القدمين ، وهو يجري ويجري على الأشواك ولا يدري ومتجه إلى حيث لا يدري . فلمح وهو يركض نورا خفيفا من بعيد ، واتجه إليه حتى وصلها . وكانت (عشة ) فيها امرأة "عجوز " ومعها عنزتين . فحين ما أقبل عليها صرخت في وجهه ماذا تريد أيها اللص ؟ فأنا لا أملك شيئا سوى هذه العنزتين ، ولا طعام عندي ولا مآوى ، فارحل من هنا ! فأخذ يلهث ويقول أريد الدفء والراحة إلى أن يبزغ الفجر . وسوف أكافئك بثمن جزيل . قالت وبما !!! فأخرج لها قطعة من المجوهرات . فقالت : أتملك هذه وأنت بهذه الحالة ! قال : أنا لا أب لي ولا أم لي ولا أعرف احدا هنا إلا صديقا أصبح عدو من أعدائي ، وحبيبة لا أعرف مايكون مصيرها .. قالت العجوز أنا كنت تاجرة ماهرة في هذه المدينة بالمجوهرات وضحك علي من ضحك حتى خسرت كل شئ ولا ولد عندي ولا بنت !! وأشارت عليه أن يشتركا في بيع هذه المجوهرات وننشئ شركة ونستفيد من بعض .. أسترخاء باسم وتنهد وهو عالم بالتجارة فوافق أن يطبق مادرسه على أرض الواقع .. وبداء حياته من جديد واتفقا على أن يدخلا المدينة على أن تكون هي أمه وهو ولدها وعدا وعهدا بينهم .. وعملا معا فتكونت ثروة عند باسم وأشتهر من جديد في هذه المدينة .. فطلب يوما من أمه هذه أن يبني لنفسه قصرا يفوق قصر فارس .. فأشترطت عليه أن تختار له هي أجمل بنات المدينة .. فشرع في البناء ، وعزم أن يعمل فرحا يحضره كل من دخل المدينة أو خرج منها ، وأن يحضر السلطان وأعوانه .. أخفت عنه أمه هذه تلك البنت حتى اليوم الموعود .. فأجتمع السلطان وأعوانه في قصر باسم لحضور الحفل .. وحضرت العروس بأجمل زينتها .. فأعجب بها باسم أشد الإعجاب ، وبداء يتلقى التبريكات من الجميع المصطفين أمامه .. وحضر في من حضر "فارس" . . . فكيف كان اللقاء !؟ صرخ باسم بالحرس . من سمح لهذا بالدخول ؟ اخرجوه اخرجوه ! بيئس الصاحب والصديق هو ! فتعجب السلطان وقال : كيف تعزم من يدخل المدينة ومن يخرج منها وتطرد هذا الرجل !! فقال باسم لسلطان كان هذا الرجل كذا وكذا وشرح له قصته السابقه .. فقال السلطان يستحق الطرد فأخرجوه صاغرا وذليلا .. فصرخ فارس وقال أيها السلطان أتسمع من باسم ولم تسمع مني !! فقال السلطان هات ماعندك فأنت أشر أنسان ! رفع رأسه فارس وقال : أيها السلطان أن دار بك الزمان هل ترضى أن تعمل تحت خادمك وتهان !! فقال السلطان أعوذ بالله أن أكون مهان ! قال فارس : لأعز صديقي وحبيبي باسم ، رفضت أن اجعله عاملا معي ولي ! قد دفنت له تابوت يحوي نصف ثروتي ! وأقعدت أمي في طريقه ضياء له ! وزوجته أختي عوضا عن ابنة عمه ! فهل يحق لي الآن أن أصافح يده وأبارك له .! فما للوفاء الا وفاء مثله ! فتعانق باسم وفارس في ليلة فرح عامرة كأنها ليلة عن ألف ليلة وليلة . . . كتبتها بقلمي لعلها تنال أستحسانكم ورضاكم !! محبكم " بحر الغموض" |
||||||||
20 Aug 2008, 03:46 AM | [ 3 ] | ||||||
|
يسعدني ان اكون اول من زار موضوعك الاكثر من شيق قصة قمة في الرونق والجاذبيه وحكمة بالغه سلمت يداك وننتظر جديدك فلاتحرمنا من ابداع تقبل مروري اخوك / تركي البصيصي
|
||||||
|
|||||||
20 Aug 2008, 06:20 AM | [ 4 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضو متميز
|
أخي تركي دمت بخير وتقبل تحيات أخيك .. |
||||||||||||||||||||||||||||
22 Aug 2008, 12:49 AM | [ 5 ] | ||||||
|
وما الوفاء الا وفاء مثله .. قمة الوفاء أن تكون بطريقة مبهمة وخاصة أذا كانت مفاجية لصاحبها .. دارت القصة في الخيال وعاشت بأرض الواقع .! في آمال وآلآم وجراح ومن ثم إلى ضمد جروح .. في وفاء الجروح !! |
||||||
22 Aug 2008, 10:45 AM | [ 6 ] | |||||||
عضو متميز
|
وهل جزاء الاحسان الا الاحسان 00 اخوي ابو مرزوق امتعتنا بهذه القصة الرائعه والاخراج المميز منك ولاهنت على ذلك تقبل احترامي لك |
|||||||
|
||||||||
22 Aug 2008, 12:39 PM | [ 7 ] | ||||||
|
قصه رووووووووووووووووووووووعه اخوي ابومرزوق سلمت يمناك ولاهنت ليمون |
||||||
22 Aug 2008, 02:24 PM | [ 8 ] | |||||||
روح الحياة
|
قصة رااائعه جداً بها من الحكمة والوفاء الشيء الكثييير تستحق التميز والنجوم الله يعطيك ألف عافية |
|||||||
|
||||||||
23 Aug 2008, 02:51 AM | [ 9 ] | ||||||||
شاعر
|
تسلم اخي الفاضل علي مرزوق على القصة الرائعة التي بها من الفائدة الكثير الكثير تقبل مروري وتحياتي لشخصك الكريم |
||||||||
|
|||||||||
23 Aug 2008, 06:19 AM | [ 10 ] | ||||||||||||||||||||||||||||
عضو متميز
|
دمت بود وتقبل تحياتي . |
||||||||||||||||||||||||||||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الوفاء | خالد ال عويد الحارثي | القسم العام | 1 | 14 Nov 2009 12:09 PM |
يوم الوفاء | ابن مهرس2008 | تغيب عين الشمس ومنتدانا ما يغيب | 18 | 03 Jan 2009 06:59 AM |
الوفاء | الحائلي | مرافئ البوح | 8 | 20 Sep 2008 08:29 PM |
الوفاء | بندر النايف | القسم العام | 12 | 16 Dec 2007 09:34 PM |
اين الوفاء؟ | عبدالله الشدادي | مرافئ البوح | 16 | 27 Sep 2006 01:55 PM |
|