..:.. مرحباً بك في شبكة الشدادين الرسمية ، ضيفنا الكريم يسعدنا دعوتك للانضمام والمشاركة معنا .. اضغط هنا لتسجيل عضوية جديدة ..:..


العودة   شبكة الشدادين > المنتديات الشعبية > أعلام ورجال
 
أدوات الموضوع
إضافة رد
قديم 16 Feb 2011, 03:41 AM [ 21 ]


تاريخ التسجيل : Jun 2010
رقم العضوية : 29031
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة والكتابة
مواضيع : 383
الردود : 14766
مجموع المشاركات : 15,149
معدل التقييم : 223جواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura about

جواهر غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 8
العضو المميز

الشاعر المميز

الاحتفال بالعام السابع

التواصل

فعالية لقطة ومقاديرها

العضو المميز

وسام المسابقات والفعاليات

الحضور المميز


رد: عصر الخلفاء الراشدين


ولتحقيق هذه الأهداف، قمت بتتبع مسار الفتح لمعرفة حاجة الجيش إلى المداد أو الظروف التي فرضت على المسلمين طلب المدد، وذلك ابتداءً من عصر الرسول الكريم حتى نهاية الخلافة الراشدة.
وقد ركزت الدراسة على الإمدادات أو الدعم العسكري ابتداء من طلبه في ميادين القتال حتى وصوله ودوره في ساحة المعارك أكثر من التركيز على حسم الأمر أو دراسة نتائج الفتوحات.

وقد تطرقت لبحث هذا الموضوع عبر المحاور التالية:

l تعريفات المدد ثم أهميته وفوائده.
l أهم الإمدادات والتعزيزات في العهد النبوي.
l الإمدادات والتعزيزات في الخلافة الراشدة، وتشمل:
ـ الإمدادات في مواجهة الردة في مطلع العصر الراشدي.
ـ إمدادات الفتوح ودعمها في العراق ومصر والشام.
ـ الإمدادات لدرء الفتن كما في عهد عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب.
ـ إمدادات أخرى.

وقد اعتمدت ـ بعد عون الله ـ على كثير من المصادر والمراجع في مقدمتها القرآن الكريم ثم مصادر السيرة النبوية وعصر الخلافة الراشدة، وغير ذلك من المراجع التاريخية والعسكرية.


توقيع : جواهر



سبحانك اللهم وبحمدك .. أشهد أن لا إله إلا أنت .. استغفرك وأتوب إليك ..
الأعلى رد مع اقتباس
قديم 16 Feb 2011, 03:42 AM [ 22 ]


تاريخ التسجيل : Jun 2010
رقم العضوية : 29031
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة والكتابة
مواضيع : 383
الردود : 14766
مجموع المشاركات : 15,149
معدل التقييم : 223جواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura about

جواهر غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 8
العضو المميز

الشاعر المميز

الاحتفال بالعام السابع

التواصل

فعالية لقطة ومقاديرها

العضو المميز

وسام المسابقات والفعاليات

الحضور المميز


رد: عصر الخلفاء الراشدين


المَدَد: مفهومه وأهميته
في الأصل إعطاء الشيء حالاً بعد حال. قال المفضل: ما كان فيه بطريقة التقوية والإعانة يقال فيه أمده يمده إمداداً، وما كان فيه بطريقة الزيادة يقال فيه مده يمده مداً، ومنه البحر يمده من بعده سبعة أبحر، وقيل المدد في الشر والخير كقوله تعالى عند المدد في الشر: {ونمد له من العذاب مدا}، وفي الخير كقوله تعالى: {وأَمْددْنَاهم بأمْوَال وبَنين}(2).
وجاء في "لسان العرب"(3) مَدَدْنا القوم: صرنا لهم أنصار أو مَدَداً، وأمددناهم بغيرنا. وحكى اللحياني، أمدّ الأمير جنده بالخيل والرجال وأعانهم، وأمدهم بمال كثير وأغاثهم، والمدد ما مدَّهم به أو أمدَّهم، والجمع أمداد. قال سيبويه: »ولم يجاوزوا به هذا البناء، والمدد العساكر التي تلحق بالمغازي في سبيل الله، وقيل المدَدَ ما أمددت به قومك من حروب أو غير ذلك من طعام أو أعوان«. وفي حديث أويس: »كان عمر ـ رضـي الله عنه ـ إذا آتى أمْدَاد أهل اليمن، سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ «.
والأمداد جمع مدد، وهم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمدُّون المسلمين في الجهاد، وقال يونس: »ما كان من الخير فإنك تقول أمددته، وما كان في الشر فهو مَدَدْت«.وقال الفيروزآبادي: مَدَّ زيد القوم، صار لهم مدداً(4). وفي "المعجم الوسيط"(5): مَدَّ الجيشَ: أعانه بمدد يقوّيه، ومدّ القوم الجيشَ: كانوا مَدَداً له، وأمدَّ الجند: مدَّهم. وجاء في "لسان العرب"(6) عن الإمداد أن يرسل الرجل للرجل مدداً. تقول: أمددنا فلاناً بجيش. قال الله تعالى: {أن يُمدَّكم ربكم بخمسة آلاف}، وقال في المال: {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين}...وفي "مختار الصحاح"(7) جاءت كلمة م د د، المدَّ السيل. يقال مد النهر ومده نهر آخر، وأمددت الجيش (بمدد)، والاستمداد طلب المدد.
ويأتي المدد بمعان أخرى كالندب والغياث والرِّدْء. وذكر صاحب "اللسان" أن النَّدب أن يندب إنسان قوماً إلى أمر أو حرب أو معونة، أي يدعوهم إليه فينتدبون له، أي يجيبون ويسرعون(8).. والرِدْء: العون، والمادة: المعين والناصر. وفي التنزيل العزيز: {فأرسل معي ردءاً يصدقني}(9).. والردء: القوة والعماد والجمع أرداء(10) وفي وصية عمر ـ رضي الله عنه ـ قوله: »وأوصيه بأهل الأمصار خيراً فإنهم رِدْء الإسلام وجباة المال«. فالردء: العون(11). والغوث: الإعانة والنصرة. ويقال في الشدة تنزل بالمرء فيسأل العون عن كشفها: واغوثاه! (12).
وسمى أبو عبيدة المدد بالغياث عندما كان يجاهد الأعداء في بلاد الشام(13) ولذلك سمي اليوم الثاني من أيام القادسية بأغواث كما هو مشهور في التاريخ نتيجة وصول المدد.
وذكر صاحب "المنجد"(14): »العون والغوث. يقال: أمددته بمدد، أي قويته وأعنته به«. وقد عنون البخاري في كتابه "الجامع الصحيح" لأحد أبوابه بقوله: »باب العون بالمدد«(15) ؛ وفي "تاريخ الطبري"(16) ذكر من معاني المدد الاستحثاث عند الحديث عن واقعة نهاوند.
وفي سياق الحديث عن معركة القادسية وجه أبو عبيدة بن الجراح بقيادة القعقاع بن عمرو التميمي نجدات(17)من الشام إلى القادسية، ومثل ذلك نجدات أخرى إلى عمرو بن العاص في مصر(18).
وقد وردت كلمة »مد« بمختلف معانيها في القرآن الكريم أكثر من خمس وعشرين مرة(19) والأمداد تشمل المدد الرباني بالملائكة كما حدث للمسلمين في عصر الرسالة في بدر وحنين وغيرها، والمدد البشري وهو المساندة بقوات إضافية تلتحم مع الجيش ضد أعداء الإسلام. وقد يكون المدد بما يحتاج إليه الجيش من مستلزمات المعيشة والحفاظ على سلامة الجند وصحته. فقد كان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كما يقول البلاذري(20):»يمد أهل القادسية بالغنم والجزر، كما أمدهم بالأطبه«(21)
وفي الموضع نفسه ذكر الطبري(22) أن عمر بن الخطاب كان يمدهم بالأسواق إلى ما يصيبون.
ولما حدث في عهد الخليفة عمر بن الخطاب المجاعة المشهورة بعام الرمادة في السنة الثامنة عشر للهجرة، كتب الخليفة عمر إلى أمراء الأمصار يستغيثهم لأهل المدينة ومن حولها ويستمدهم(23).
وفي هذا دلالة على أنواع المدد كما حدث في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين.
ويأتي المدد بمعنى التعزيز. فعزز بمعنى شَدَّد وقوّى(24). وقد وردت في القرآن الكريم في قوله تعالى: {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعزّزنا بثالث}(25) ويؤخذ من ذلك تعزيز القوات الإسلامية بما أشارت إليه بعض المراجع أن خالد بن سعيد بن العاص طلب من الخليفة الصديق الإسراع بإرسال التعزيزات إليه ليواصل التحرك في بلاد الشام(26).
وخلاصة القول إن الإمدادات هي ما يرسل من رجال أو عتاد لتعزيز قوات محاربة.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 16 Feb 2011, 03:42 AM [ 23 ]


تاريخ التسجيل : Jun 2010
رقم العضوية : 29031
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة والكتابة
مواضيع : 383
الردود : 14766
مجموع المشاركات : 15,149
معدل التقييم : 223جواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura about

جواهر غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 8
العضو المميز

الشاعر المميز

الاحتفال بالعام السابع

التواصل

فعالية لقطة ومقاديرها

العضو المميز

وسام المسابقات والفعاليات

الحضور المميز


رد: عصر الخلفاء الراشدين


أهمية المدد وفوائده
إن من يتأمل غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم كلها يلحظ أنه لم يكن يرسل في الغزوة إلا ما تحتاجه من قوات؛ فإن اضطر إلى استنفار جميع المسلمين، استنفرهم، لأن الاقتصاد بالقوى يعني عدم إهدار القوى واستعمال القوة الكافية لتنفيذ المهمة والاحتفاظ بباقي القوات لاستخدامها عند الضرورة، ولا يعني حشد قوات أقل من القوات اللازمة لتنفيذ المهمة. فإذا احتاجت المهمة والوضع العسكري إلى جميع المسلمين، وجب حشدهم كلهم(27).
ومن خلال استقراء أحداث المواقع الإسلامية يمكن الإشارة إلى بعض النقاط التي توضح أهمية الإمدادات وفوائدها:

1 ▄ دعم الجبهات العسكرية للجيش الإسلامي في مواقع الأعداء.
2 ▄ تنشيط المجاهدين، وتدريبهم على مواصلة النشاط العسكري وازدياد عزائمهم.
3 ▄ الابتعاد عن الفتور والخمول الذي قد يسري على القوات الإسلامية.
4 ▄ شمول الجهاد والأجر والمشاركة كافة القوات الإسلامية أو أفراد الجماعة المسلمة.
5 ▄ تجديد للدماء واكتساب الخبرات وازديادها.
6 ▄ استدراكات الخلافة، أو ولاياتها بعد مسير الجيش، أو تلافي النقص الذي طرأ على الجيش الأول، وزيادة التوجيه أو تغيير الخطط.
7 ▄ إعطاء الفرصة للمجاهدين ـ فضلاً عن الآجر ـ بإبراز القدرات الشبابية أو الطاقات الفردية لدى المجاهدين.
8 ▄ عدم التوكل على الغير الذي قد يولد التواكل، والابتعاد عن الأنانية.
9 ▄ إشغال أفراد الدولة الإسلامية بقضايا الأمة، والابتعاد عن المشكلات الداخلية.
10 ▄ إرهاب العدو، ورفع معنوية المجاهدين الذين في ميادين القتال.
11 ▄ العبرة في إرسال المدد للإسلام وليس للقبيلة أو العشيرة، فالمدد يأتي من قبائل شتى، وهذا دليل على وحدة الجماعة المسلمة.
12 ▄ كان للمدد الأثر بعد عون الله على انتصار الجيش في جبهات القتال(28).
13 ▄ ورود أسماء لها ذكرى في مسيرة الفتوح، ومن حقهم إبرازهم ليقتدى بهم وليس من أجل الشهرة وخلافه.
14 ▄ المدد دليل على قوة الدولة الإسلامية وتناصر أفرادها، وليس دليلاً على الضعف. والدليل على ذلك ما حدث للمسلمين في موقعة مؤتة، حيث كلف الرسول عليه السلام قبل وفاته جيشاً بقيادة أسامة بن زيد لقتال الروم وبالتحديد في الموقع الذي شهد تلك الموقعة. وبعد خلافة الصديق، وصل جيش أسامة إلى المواضع التي حددها الرسول عليه الصلاة والسلام وانتصر جيشه وقال العرب والروم: »لو لم يكن بالمسلمين قوة، لما أرسلوا هذا الجيش فكفوا عن كثير مما كانوا يريدون أن يفعلوه«(29).
15 ▄ لم تقتصر الإمدادات على الدعم البشري، بل تتجاوز ذلك إلى العتاد وتأمين الطعام، حيث كان الخليفة عمر يمد أهل القادسية ببعض المواد الغذائية((30).
16 ▄ من خلال تحركات الإمدادات، فقد يأتي المدد من ناحية أخرى من غير الجهة التي خرج منها الجيش. وفي هذا دليل على التلاحم بين أقاليم الدولة الإسلامية وقوتها ومساندة بعضها بعضا.
17 ▄ ومن ناحية أخرى، قد يسبق المدد مسير الجيش الأساسيّ، كما حدث في محاولات فتح المسلمين لمدينة الباب بأذربيجان. فقد سبق بكير بن عبد الله وهو ممد لصاحب الجيش سراقة بن عمرو(31).
18 ▄ المدد يشكل إحباطاً لقوات الأعداء، وقطعاً لإمداداتهم كما حدث في موقعتي القادسية واليرموك وغيرها.
19 ▄ في دراسة المدد توضيح لعلاقة الخليفة برعيته، ومتابعته لجنده. وهذا ينبع من حرص الخلافة على سلامة أفرادها ورعايتهم. ولذلك نجد الخليفة ينشغل بأمر الجيش حتى يعود ويأمر عند حدوث معضلة تتابع الجيوش وتلاحقها، وهذا من مهمات المدد.
20 ▄ توفير الوقاية والحماية للمجاهدين وسلامتهم، وجعل المدد كغطاء وتورية أمام الأعداء كما حدث للمسلمين في مؤتة والقادسية وحمص وغيرها.
21 ▄ إذعان الأعداء لمطالب المسلمين كما حدث عند محاصرة أبي عبيدة بن الجراح لبيت المقدس وقيام أبي عبيدة بتعزيزات القوات الموجودة بكل من قيسارية والرملة، منعاً لكل تحرك من سكانها. فلم ير أرطبون بيت المقدس بداً من مصالحة المسلمين(32).
22 ▄ كما أن تتابع الإمدادات دليل على قناعة المجاهدين المسلمين بعدالة قضيتهم التي أعلنوا الجهاد في سبيلها وساهموا في عون إخوانهم، مهما بعدت المسافة أو تنوعت اللغات؛ فهم يقاتلون في سبيل غاية نبيلة وشرف سامٍ هو تحقيق كلمة الله والدفاع عنها. كما أن عموم المسلمين يسعون في جهادهم لأشرف وسام إما النصر وإما الشهادة. فهم لا يهابون الموت تحقيقاً لذلك الهدف.
23 ▄ قد يكون إرسال المدد من أجل نشر الإسلام وتعليمه وإقراء الناس القرآن، وليس من أجل دعم جبهات القتال فحسب، كما حدث في سريتي الرجيع وبئر معونة.
24 ▄ ومما يدخل العزيمة في نفوس الجند ويدفع بمعنوياتهم ويأزر طموحاتهم مكافأة الجند في ساحات القتال ممن أظهر شجاعته ومقدرته، وخاصة عندما تشتد بالمسلمين الحاجة إلى المدد والقوة. فيذكر الطبري أن الخليفة عمر أرسل من المدينة مدداً للقادسية مكوناً من أربعة سيوف وأربعة خيول ليوزعها على من أحسن البلاء في المعركة وقدم من ضروب الشجاعة والمقدرة ما يستحق المكافأة(33).
وعلى العموم، فقد أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين أنهم أثنوا على أهل الإمدادات، ومن ذلك قول الخليفة عمر: »جزى الله أهل الكوفة خيراً! يكفون حوزتهم ويمدون أهل الأمصار«(34).


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 16 Feb 2011, 03:44 AM [ 24 ]


تاريخ التسجيل : Jun 2010
رقم العضوية : 29031
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة والكتابة
مواضيع : 383
الردود : 14766
مجموع المشاركات : 15,149
معدل التقييم : 223جواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura about

جواهر غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 8
العضو المميز

الشاعر المميز

الاحتفال بالعام السابع

التواصل

فعالية لقطة ومقاديرها

العضو المميز

وسام المسابقات والفعاليات

الحضور المميز


رد: عصر الخلفاء الراشدين


الأمداد في العهد النبوي:
إن هذه الدراسة تهدف إلى تتبع مراحل إمداد الجيوش منذ بدء القتال مع أعداء الإسلام في العهد النبوي. وهذه المرحلة تعود بدايتها عندما هاجر الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم إلى المدينة تاركاً أرضه الأولى مكة المكرمة.
ومن تتبع مسار الهجرة الشريفة، برز له المدد الرباني ـ من رب العزة والجلال لرسوله الأمين ـ واضحاً للعيان منذ غادر الرسول داره حتى وصل المدينة، وكل خطوات الهجرة إمدادات ربانية لنبيه في بداية مرحلة الدعوة وانطلاقة تكوين الدولة. ومن تلك الإمدادات:

أولاً: علم الرسول صلى الله عليه وسلم بما خطط له المشركون في دار الندوة من محاولة اغتياله عليه الصلاة والسلام. وتنفيذاً لهذا المخطط اجتمعوا على باب داره يرصدونه حتى ينام، وجاء جبريل عليه السلام فقال للرسول: »لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه«. وفي عتمة الليل أخذ حفنة من التراب في يده وأخذ ينثر ذلك التراب على رؤوسهم بعد أن أخذ الله أبصارهم وهو يتلو قوله عز وجل {يس ـ والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين} إلى قوله: {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون}(35).. فلم يبق رجلاً منهم إلا وقد وضع على رأسه تراباً ثم انصرف(36). وهذا يمثل المدد الرباني لرسوله الكريم.
ثانياً: بعد أن مضى الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق مهاجرين، قصدا غار ثور(37). فأخذ القرشيون المشركون يتقصون أثرهما وأخذوا معهم القافة لذلك حتى وصلوا إلى غار ثور. ويذكر الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في هذا الصدد ـ كما ورد في مسند البزار ـ أن الله تعالى أمر العنكبوت فنسجت على وجه الغار وأرسل حمامتين وحشيتين فوقفتا على وجه الغار، وأن ذلك مما صد المشركين عنه. فلما أتوا الغار، طارت الحمامتان ورأوا البيض ونسج العنكبوت فقالوا لو دخل هنا لتكسر البيض ولم يكن عليه نسج العناكب فصرفهم الله عز وجل بذلك. ففي "الصحيحين" عن أنس أن أبا بكر قال: نظرت إلى أقدام المشركين فوق رأسنا ونحن في الغار، فقلت: يا رسول الله! لو أن أحدهم نظر تحت قدميه، أبصرنا. فقال: يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا؛ وروى أن أبا بكر لما رأى القافة، اشتد حزنه على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقال: إن قتلت، فإنما أنا رجل واحد؛ وإن قتلت أنت، هلكت الأمة. فعندها قال له سول الله صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا، يعني بالمعونة والنصر. فأنزل الله سكينته، وأيده بجنود لم تروها ـ يعني الملائكة ـ ليحرسوه أو ليصرفوا وجوه الكفار وأبصارهم عن رؤيته(38).
ويعلق الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قائلاً: »وهذا أبلغ في الإعجاز من مقاومة القوم بالجنود. فهو على كل شيء قدير لطيف بما يشاء؛ إن شاء ربط العالم بخيط العنكبوت، وإن شاء بأسباب غير ذلك«(39).
وإن كان هذا بحد ذاته يعد معجزة وكرامة لرسول اللهصلى الله عليه وسلم ، فهو أيضاً مدد رباني لرسوله الكريم. قال تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السلفى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم}(40).
ثالثاً: وموقف آخر في أثناء هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم في رحلته الميمونة إلى المدينة. حيث تعقب الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق سراقة بن مالك بن جعشم في الطريق. ويتحدث سراقة عن نفسه قائلاً: ركبت فرسي وعصيت الأزلام »بعد أن خرج منها الذي أكره« حتى إذا دنوت منهما ـ فكان أبو بكر يكثر الالتفات ورسول الله لا يلتفت ـ، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغت الركبتين فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها حتى استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقمت الأزلام فخرج الذي أكره فناديتهم بالأمان قفوا فركبت فرسي حتى جئتهم...

حتى كتب له رسول الله كتاباً بوعد.. يقول سراقة: فكنت أول النهار جاهداً عليهما وآخره حارساً لهما(41). وهذا من المدد أيضاً...
وتتابع الإمداد لرسوله الكريم في أشد جبهات القتال وفي أثناء الصراع مع الكفار في كثير من الميادين كبدر وأحد والخندق وحنين وغيرها...
فمعركة بدر تمثل أولى الجبهات القتالية مع المشركين كما أنها أول معركة فاصلة بين الحق والباطل، حيث وقف الرسول صلى الله عليه وسلم رافعاً يديه في التضرع حتى سقط رداؤه، وكان الصديق يقول له:
حسبك مناشدتك ربك يا رسول الله فإن الله منجز لك وعدك، وقد استنصر المسلمون ربهم واستغاثوه فأوحى الله إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان. فلما رأى إبليس الملائكة، فر ونكص على عقبيه وقال: إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب(42).
وقد أمد الله المؤمنين بثلاثة ثم خمسة آلاف مسومين. فقد روي أنهم كانوا بعمائم بيض إلا جبريل عليه السلام، فإنه كان بعمامة صفراء على مثال الزبير بن العوام. وروى أنهم كانوا على خيل بلق. قال عروة بن الزبير: كانت الملائكة على خيل بلق عليهم عمائم بيض قد أرسلوها بين أكتافهم، وقال هشام بن عروة عمائم صفر. قال قتادة: كانوا قد أعلموا بالعهن في نواحي الخيل وأذنابها، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: تسوموا فإن الملائكة قد تسومت، وقرئ »مُسَوَّمين« على البناء للمفعول معناها معلمين من جهته سبحانه ـ وقيل مرسلين من التسويم، بمعنى الإسامة(43).
ويذكر ابن هشام في "السيرة" عن ابن إسحاق أن الملائكة قاتلت مع المسلمين في بدر. يقول ابن عباس: حدثني رجل من بني غفار قال: أقبلت أنا وابن عم لي حين أصعدنا في جبل يشرف بنا على بدر ونحن مشركان ننظر الوقعة على من تكون الدائرة فننهب مع من ينتهب. قال: فبينما نحن في الجبل، إذ دنت منا سحابة فسمعنا فيها حمحمة الخيل فسمعت قائلاً يقول: أقدم حيزوم. فأما ابن عمي، فانكشف قناع قلبه فمات مكانه؛ وأما أنا، فكدت أهلك ثم تماسكت (44).
وفي رواية لابن عباس: بينما رجل من المسلمين يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم فنظر إلى المشرك أمامه مستلقياً فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط، فاخضر ذلك أجمع. فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: صدقت. ذلك من مدد السماء الثالثة، فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين. وفي رواية ابن سعد عن عكرمة قال: كان يومئذ يبتدر رأس الرجل لا يدري من ضربه، وتندر يد الرجل من ضربها(45).
وعلى العموم، فقد اطلع الله سبحانه وتعالى على جنده فوجد قلوباً مؤمنة متوكلة عليه راجية نصره وتأييده غير مقترنة بسلاح ولا عدد قد حققوا في أنفسهم وحياتهم أسباب النصر الذي وعدهم الله به فأنجز لهم الوعد((46). قال تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين، وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم، وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم}(47).
وقد أفرد البخاري لشهود الملائكة يوم بدر باباً مستقلاً بقوله: »شهود الملائكة بدرا«(48).
فهذا أولى الإمدادات القتالية للمؤمنين...
وفي موقعة أحد، قاتلت الملائكة ونزلت تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ففي "الصحيحين" عن سعد قال: رأيت رسول الله يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عليهما ثياب بيض كأشد القتال وما رأيتهما قبل ولا بعد(49).
وكانت رباعيته عليه السلام قد كسرت في هذه الموقعة وشج في وجهه وجعل الدم يسيل عليه، وجعل يمسح الدم ويقول: كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم}(50).وفي رواية أن الرجلين اللذين كانا يقاتلان عن النبي صلى الله عليه وسلم قيل: هما جبريل وميكائيل؛ وفي رواية لهما: رأيت عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وشماله رجلين... الحديث.
وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم : يوم أحد هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب، وفي البخاري من حديث البراء: لم يبق معه صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً(51)
وروى الإمام أحمد وابن أبي حاتم والبيهقي والحاكم والمستدرك عن ابن عباس قال: ما نصر الله النبي صلى الله عليه وسلم في موطن كما نصره يوم أحد. فأنكرنا ذلك عليه، فقال ابن عباس: بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله، إن الله يقول في يوم أحد: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه}. يقول ابن عباس: والحس القتل(52)
ومن الإمدادات الربانية وللجيش الإسلامي في العهد النبوي: ما حدث في سرية غالب بن عبد الله الليثي حينما أرسله الرسول ومعه بضعة عشر رجلاً إلى بني الملوح وهم قوم من العرب كانوا يسكنون بالكديد(53) كانوا يسيؤون للمسلمين، فخرج غالـب وصحبـه لأداء ما كلفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وقد أسروا في طريقهم الحارث بن مالك المعروف بابن البرصاء وكان خصماً لدوداً للمسلمين ـ، وتابع غالب وصحبه فوصلوا إلى ديار القوم فقتلوا عدداً منهم واستاقوا ماشيتهم وقفلوا راجعين. لكن بني الملوح لم يتركوا المسلمين، بل جمعوا جموعهم وخرجوا في آثار غالب وأصحابه فأدركوهم وحاولوا أن يحيطوا بهم. وهنا أمد الله المسلمين بجند من عنده {وما يعلم جنود ربك إلا هو}؛ فقد أرسل سبحانه الوادي بالسيل حتى امتلأ بالماء بحيث لا يستطيع أحد اجتيازه. يقول غالب: »وأيم الله ما رأينا قبل ذلك سحاباً ولا مطراً«. وقد أدركنا بني الملوح ينظرون إلى المسلمين وهم يسوقون ما غنموه منهم دون أن يستطيعوا الوصول إليهم، وعاد غالب وصحبه تحدوهم عناية الله ورعايته(54)
وفي يوم الأحزاب (الخندق) بعد أن تكالبت الأعداء على المسلمين وحوصروا، دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومما قاله: »اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم«. فأرسل الله على المشركين جنداً من الريح فجعلت تقوض خيامهم، ولا تدع لهم قدراً إلا كفأتها، ولا طنباً إلى قلعته، وجنداً من الملائكة يزلزلون بهم ويلقون في قلوبهم الرعب والخوف((55). كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها}(56)
وكانت هذه الريح باردة شاتية شديدة، مما جعل أبا سفيان يقول: »يا معشر قريش! إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام. لقد هلك الكراع والخف وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا الذي نكره، ولقد لقينا من هذه الريح ما ترون والله ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل«. فارتحل الجميع ونجّى الله المسلمين، وقد كفى الله المؤمنين القتال وصدق وعده وأعز جنده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده«(57)
ورجع المسلمون إلى المدينة ووضعوا السلاح، فجاء جبريل وقت الظهر، فقال: أقد وضعتم السلام وأن الملائكة لم تضع أسلحتها؟ انهض إلى هؤلاء ـ يعني بني قريظة ـ فنادى رسول الله: »من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة«(58)
وموقف آخر يوضح أن الله سبحانه لم يتخل عن رسوله الأمين، عندما اضطربت أمور الجيش الإسلامي وتباهى بكثرته في حنين وكمال عدته. إلا أن قوتهم وكثرتهم أعجبتهم، فركنوا إليها في تحقيق النصر. وقال بعضهم: لن نغلب اليوم من قلة! فلم تغن عنهم شيئاً وحلت بهم الهزيمة فولوا الأدبار تاركين ميدان المعركة، وثبت صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين الصادقين(59) قال تعالى: {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين}(60)
وحدّث ابن سعد في "الطبقات" عمن شهد المعركة أنه قال: »سمعنا صلصلة بين السماء والأرض كإمرار الحديد على الطست الحديد«(61).
ومن أنواع المدد التي حدثت في العهد النبوي ما حدثنا بها الإمام البخاري. وقد أفرد باباً خاصاً هو باب العون بالمدد، حيث يقول فيه:

أتاه.. (أي الرسول) رعل وذكوان وعصيه وبنو لحيان(62). فزعموا أنهم قد أسلموا واستمدوه على قومهم فأمدهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين من الأنصار. قال أنس: كنا نسميهم بالقراء يحطبون بالنهار ويصلون بالليل، فانطلقوا بهم حتى بلغوا بئر معونه(63) غدروا بهم وقتلوهم، فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو عليهم(64).وكان على رأس القراء المنذر بن عمرو، وكان رسول الله يذكر أصحابه في بئر معونه ويدعو على الذين أصابوهم، وقد حزن عليهم حتى أنه كان يدعو على من قتل القراء، وعلى رأسهم أبو براء عامر بن مالك المعروف بملاعب الأسنة(65).
وهذه حالة من أنواع المدد خسر فيها المسلمون جميع أفراده. ومثلها حادثة أخرى تعرف بسرية الرجيع(66).
ومن الإمدادات النبوية والتعزيزات لجيوشه المتوجهة لبعض السرايا الحربية والتي تعرضت للخطر في أثناء القيام بتحقيق المهمة الأساسية للسرية وتأديب الأعداء، ما حدث في سريتي ذي القصة بقيادة محمد بن مسلمة الأنصاري إلى ديار بني ثعلبة وعوال، وسرية بشير الأنصاري إلى فدك. إذ أرسل الرسول عليه الصلاة والسلام السرية الأولى إلى ذي القصة في ربيع الأول من السنة السادسة للهجرة، حيث تمكن الأعداء من قتل جميع أفراد السرية عدا قائدها محمد بن مسلمة الأنصاري الذي بقي منه رمق من الحياة حتى لقيه رجل من المسلمين فحمله إلى المدينة. وعندئذ قرر الرسول صلى الله عليه وسلم إرسال أبي عبيدة عامر بن الجراح في أربعين رجلاً مدد أو نجدة إلى مصارع القوم، فلم يجدوا أحداً، ووجدوا نعماً وشاء وساقه ورجع(67).
ومثلها السرية التي أرسلها الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة إلى فدك بقيادة بشير بن سعد ومعه ثلاثون رجلاً إلى بني مرة بفدك. وفي نهاية الأمر أصيب أصحاب بشير، وجرح هو أيضاً؛ ولكنه تحامل على نفسه حتى وصل المدينة، وأبلغ الرسول بالأمر. عند ذلك هيأ الرسول نجدة ومدداً وأسند قيادته أول الأمر إلى الزبير بن العوام ثم عدل عن ذلك وجعل القيادة لغالب بن عبد الله حيث قدم غانماً ظافراً من سرية، فبعثه في مئتي رجل حتى انتهى إلى مصارع بشير وأصحابه، وحققوا ما أمرهم به رسول الله ثم عادوا بعد ذلك(68).
ومن أشهر الإمدادات العسكرية أو التعزيزات في العهد النبوي ما حدث في سرية ذات السلاسل(69).
عندما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص ومعه ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار، وأمره عليه السلام أن يستعين بمن يمر به من بلى وعذره وبلقين. فسار في الجيش حتى قارب القوم، فبلغه أن لهم جمعاً كبيراً. فبعث رافع(70) بن مكيث الجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في مائتين من المهاجرين والأنصار منهم أبو بكر وعمر وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعاً ولا يختلفا، فلحق بعمرو. فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس، فقال عمرو: إنما قدمت عليَّ مدداً وأنا الأمير، فأطاع له بذلك أبو عبيدة، وتمكن المسلمون من هزيمة جمعهم، وأبلغوا رسول الله بعودتهم وسلامتهم(71).
ونختم مدد الجيش وتعزيزاته في العهد النبوي بأهمية المدد كما عمل به الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فنجد المصطفى عليه السلام عند خروجه إلى خيبر سنة سبع من الهجرة يأمر بقطع مدد غطفان المشركة عن خيبر اليهودية حيث سار عليه السلام بجيشه حتى نزل بين الطرفين قطعاً لإمدادات العدو(72).
وفي غزوة مؤتة الشهيرة، فكر المسلمون في طلب المدد من رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولكن القائد عبد الله بن رواحة ثنى عزمهم عن ذلك بما لدى الجند من قوة إيمان. وفي الموقعة نفسها حدث للمسلمين ما حدث من استشهاد القادة الثلاثة وتولى القيادة خالد بن الوليد، حيث وضع خطة سريعة للانسحاب بجيشه حين أوهم الروم بوصول إمدادات كبيرة إليه، في حين كان ينسحب بجيشه من أرض المعركة. قال الواقدي: »لما قتل ابن رواحة مساءً، بات خالد بن الوليد. فلما أصبح غدا وقد جعل مقدمته ساقته، وساقته مقدمته وميمنته ميسرته، وميسرته ميمنته، فأنكروا (الروم) ما كانوا يعرفون من راياتهم (أي رايات المسلمين) وهيئاتهم، وقالوا: قد جاءهم مدد! فرعبوا فانكشفوا مهزومين فقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم(73).
وهكذا عاد جيش المسلمين إلى المدينة بعد أن نجحت خطته وانسحب بجيشه بما أظهره من إمدادات كبيرة أمام الأعداء.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 16 Feb 2011, 03:45 AM [ 25 ]


تاريخ التسجيل : Jun 2010
رقم العضوية : 29031
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة والكتابة
مواضيع : 383
الردود : 14766
مجموع المشاركات : 15,149
معدل التقييم : 223جواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura about

جواهر غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 8
العضو المميز

الشاعر المميز

الاحتفال بالعام السابع

التواصل

فعالية لقطة ومقاديرها

العضو المميز

وسام المسابقات والفعاليات

الحضور المميز


رد: عصر الخلفاء الراشدين


مدد الجيوش في العصر النبوي والخلافة الراشدة (2)

كتب: د / سعد بن عبد العزيز القصيبي *
18/12/1431 الموافق 24/11/2010

مدد الجيوش وتعزيزاتها في مواجهة الردة:
حدث أن ارتد بعض العرب، ونجم النفاق واشرأبت اليهود والنصارى والمسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الثانية لفقد نبيهم صلى الله عليه وسلم وقلتهم وكثرة عدوهم (1) . وقدمت كتب أمراء النبي صلى الله عليه وسلم من كل مكان بانتفاض عامة أو خاصة وتبسطهم بأنواع الميل على المسلمين(2) . ودفعوها إلى أبي بكر.
وكان في مقدمة أولئك المرتدين قبائل عبس وذبيان، وبنو أسد وغطفان في معية طليحة بن خويلد الأسدي، وبنو حنيفة وبطونهم كبني عدي وبني عامر وتبعيتهم لمسيلمة الكذاب، وبعض قبائل اليمن وتهامة، وكندة، والبحرين وعُمان وبلاد مهرة، وقبائل قضاعة في شمال الحجاز وأطراف الشام(3) .
ويتضح من ذلك أن جمعاً كبيراً من أفناء قبائل العرب قد عادوا للتخلي عن الإسلام ومحاربة المسلمين وتأييدهم لزعمائهم.
وليس هنا مجال الحديث عن الردة وأسبابها ونتائجها، فالمصادر والمراجع فصلت في ذلك كثيراً، وقد ألف فيها العديد من المصنفات، وليس هذا هو الهدف من الدراسة، وإنما الهدف هو تتبع الإمدادات أو تعزيز الجيوش في مواجهة هذه الردة، ومعرفة دور القيادة الحكيمة في مواجهة الردة بقيادة الخليفة الأول أبي بكر الصديق ودعم قواته.
ويشير الطبري إلى أنه لما فصل أسامة كفرت الأرض وتضرمت وارتدت من كل قبيلة عامة أو خاصة إلا قريشاً وثقيفاً(4) .
وبعد عودة أسامة ظافراً غانماً من أطراف الشام عينه أبو بكر أميراً على المدينة وخرج الصديق لتأديب قبائل عبس وغطفان وغيرهم من مانعي الزكاة في ذي القصه والأبرق وذي الحسى، وبعد انتصار الخليفة عليهم شكل أحد عشر لواءً ، حيث أمر خالد بمسيلمة ووجه جيش عكرمة في أثره مدداً له، كما بعث شرحبيل بن حسنة في أثر عكرمة مدداً، وإذا فرغ شرحبيل أيضاً، فليلحق بقضاعة مدداً لعمرو بن العاص، وقال له الصديق: »إذا فرغ من اليمامة، فالحق بقضاعة وأنت على خيلك تقاتل أهل الردة، وكان الخليفة قد أوعب مع خالد بن الوليد الناس إلى بزاخه لقتال طليحة«(5) .
بعد مسيرة خالد بن الوليد إلى بني أسد أقبل رجل من بني سليم يقال له الفجاءة(6) .بن عبد ياليل، فدخل على أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ فسلم عليه وقال: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم !أنا رجل مسلم وعلى دين الإسلام فقد كنت، لا غيرت، ولا بدلت، وقد رغبت في قتال أهل الردة وقد أحببت أن يعينني بقوة من خيل وسلاح حتى أفرقه في قومي، وبني عمي من بني سليم وألحق بخالد بن الوليد فأقاتل معه طليحة بن خويلد وأصحابه(7) .

لكن الفجاءة خالف أمره إلى المسلمين، فشنها غارة على كل مسلم في سليم وعامر وهوازن وبلغ ذلك أبا بكر(8) .
وكان الصديق قد دفع إلى الفجاءة مدداً وتعزيزاً لمطلبه عشرة من الخيل وسلاحاً كثيراً من سيوف ورماح وقسي وسهام، ووضع معه عشرة من المسلمين. فخرج الفجاءة كأنه يريد خالداً بن الوليد مدداً ليلحق به ثم ترك الطريق وعطف على دار قومه بني سليم، فقتل العشرة عن آخرهم، وفرق الخيل والسلاح الذي أعطاه أبو بكر على من اتبعه من سفهاء قومه، والتمَّ إليه من أهل الدعارة والفساد. وكان يقول:

ألم ترني خدعت القوم حتى
وقلت له أبا بكر أعني
وقلت له أقاتل من عصاكم
فثواني بكل أقبّ نهد
فملت بها على الأقصين مقتله
ولست أرى على تقتل قوسي
سوى أني أقول إذا اعترتني
ستلقاني المنية مستقلاً
وتلك سجيتي إني ولوع




قويت بما أخذت من السلاح
على من بالبزاخة والبطاح
وأنصركم على أهل الجناح
وبض كالعقائق والرماح
وفي الأدنين آثار الجراح
ولا قتل الأباعد من جناح
هموم النفس من كل النواحي
بأوتاد الرجال ذوي السلاح
بإيثار الفساد على الصلاح











(9) .

فاغتم أبو بكر وبنو سليم غماً شديداً لما عمله الفجاءة، وأرسل أبو بكر طريفة(10) .بن حاجز أن يجمع له ويسير إليه وبعث إليه عبد الله بن قيس الجاسي عوناً ومدداً له فسار إليه وكانت نهاية الأمر أن القوم اقتتلوا وهرب الفجاءة فلحقه طريفة فأسره وبعث به إلى أبي بكر ـ وأمر أبو بكر طريفة بأن يجمع له من الحطب خارج المدينة وتشد يداه ورجلاه وسط الحطب وتضرم النار ويلقى بها، ففعل طريفة وأحرق الفجاءة حتى صار فحماً... (11) . جزاء خيانته وغدره.
ومن متابعة حركة مدد الجيوش الإسلامية في مجابهة المرتدين ما أمر به الخليفة الراشد أبو بكر الصديق عندما كلف خالد بن الوليد بأمر مسيلمة الكذاب الذي ظهر في ديار(12) . بني حنيفة. فذكر الطبري أن الخليفة جعل من جيش عكرمة بن أبي جهل مدداً لجيش خالد وأن يلحق في أثره، كما بعث شرحبيل بن حسنة في أثر عكرمة بن أبي جهل مدداً لهما(13) .
كما يشير الطبري في موضع آخر أن أبا بكر الصديق أمد خالداً بن الوليد بسليط بن عمرو بن عبد شمس العامري ليكون ردءاً لخالد بن الوليد من أن تأتيه أحدمن خلفه(14) . وأمر أبو بكر معن(14) .بن حاجز الذي كان عاملاً على مسلمي بني سليم أن يلحق بخالد أيضاً(15) . دعماً له أيضاً. وقد وصلت خالد بن الوليد تعزيزات ومدد من البدريين الذين كان أبو بكر الصديق يضن بهم، وكان يقول: »لا استعمل أهل بدر، أدعهم حتى يلقوا الله بصالح أعمالهم«. وإنما خالف الصديق ذلك لاستفحال أمر مسيلمة(16) .. فأرسلهم مدداً لجيش خالد أمام قوات مسيلمة الكذاب.
وفي البحرين ارتد أغلب الأهالي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بزعامة الحطم بن ضبيعة، ولكن العلاء بن الحضرمي ـ عامل البحرين ـ لم يستطع مواجهته، فاضطر إلى ترك البحرين طالباً النجدة والدعم، فتمكن العلاء من العودة بجيش من المدينة؛ كما أن أبا بكر الصديق ألحق العلاء بثمامة بن أثال في مسلمة بن حنيفة بن سحيم، ومن أهل القرى من سائر بني حنيفة، مدداً له(17) . كما أمده بقيس بن عاصم المنقري في قومه، وأتاه كثير من أهل اليمن، فسلك العلاء بهم الدهنا، وتمكن من القضاء على الحطم وقتله، وفرت فلول المرتدين إلى جزيرة دارين(18) . فعبر المسلمون إليهم وهزموهم(19) .، وعادت المنطقة إلى الإسلام وتبعيتها للخلافة.
وفي عمان ارتد ذو التاج لقيط الأزدي، واضطر عمال الأقاليم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وهما جيفر وعباد اِبْـنَا الجلندي أن يعتصما بالجبال والبحر، فبعث جيفر إلى أبي بكر يستحثانه عليه، فبعث الصديق حذيفة بن محصن الغلفاني وعرفجة البارقي، الأول إلى عمان وعرفجة إلى مهر، وأمرهما أن يكاتبا جيفر وعباد إذا قاربا عمان، وأمرهما الخليفة أن يجدا السير حتى يقدما عمان، وكان أبو بكر الصديق قد كاتب عكرمة أن يلحق بعمان، فلحقهما عكرمة قبل أن يصلا عمان، فلما قاربوها كاتبوا جيفر فأتاهم وعسكروا بصحار عاصمة عمان(20) .
أما زعيم حركة الردة في عمان لقيط الأزدي، فإنه جمع جموعه وعسكر بدبا، وقد التقى الفريقان واقتتلا قتالاً شديداً، وكاد المسلمون أن ينهزموا فيه لولا أن مَنَّ الله عليهم بالأمداد العظيمة من بني ناجية وعليهم الخريت بن راشد، ومن عبد القديس وعليهم سيحان بن صوحات وشواذب عمان من بني ناجية وعبد القيس، وقاتلوا المرتدين وانتصروا عليهم وبشروا الخليفة بالنصر(21) .
وبعد استتباب الأمر في عمان، تحرك عكرمة بقواته إلى مهرة للقضاء على ردتها. وقد استنفر من حول عمان من أهل عمان، ولحقوا به في مهره كما قدم إليه أمداد من بني ناجية والأزد وعبد القيس وراسب وسعد بن زيد من بني تميم حتى اقتحم على مهره بلادها، وتمَّ له الانتصار عليهم في النهاية(22) .
وفي اليمن... تزعم ردتها الأسود العنسي الذي لم يلبث أن قتل على يد بعض قواده ووزرائه قبيل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم . وبالرغم من موت الأسود، لم تستقر الأمور في اليمن. وبأمر من الخليفة أبي بكر ولي حكم صنعاء فيروز الفارسي، وثار زعماء اليمن والمؤيدون لحركة الأسود على فيروز وعلى رأسهم قيس بن عبد يغوث المعروف بقيس بن مكشوح المرادي، وكذلك عمرو بن معدي كرب ـ وكانا من أكبر المؤيدين للأسود. ويشير الطبري إلى أن قيساً بن مكشوح عمل على القضاء على الأبناء ومن يساندهم، فدعاهم قيس إلى وليمة طعام وتربص لهم فقتل بعضهم، وبلغ فيروزاً الخبر، فسعى لمحاربة قيس، وطلب الإمدادات من الخلافة. فأرسل أبو بكر لمن بقوا على إسلامهم يأمرهم بالوقوف حيال المرتدين حتى تصلهم الإمدادات التي يقودها المهاجر بن أبي أمية وعكرمة بن أبي جهل، وقد وصلت الإمدادات إلى اليمن، كما أن فيروز أرسل إلى بني عقيل بن ربيعة بن عامر بن صعصعة رسولاً يستمدهم ويستنفرهم على قيس وأعوانه، كما أرسل إلى عك رسولاً يستمدهم، فوصلت فيروز إمدادات كثيرة وخرج فيروز فيمن تأشب إليه ومن أمده فقاتلوا قيساً بن عبد يغوث دون صنعاء فهزم الله قيساً وولَّى هارباً(23) .
كما أن أبا بكر الصديق كتب إلى طاهر بن أبي هالة بالنزول إلى صنعاء وإعانة الأبناء، وإلى مسروق عك، كما كتب إلى عبد الله بن ثور بن أصغر بأن يجمع إليه العرب ومن استجاب له من أهل تهامة. وتمكنت هذه الجموع من إخماد حركة الردة بعد أسر زعمائها وهم قيس وعمرو بن معدي كرب حيث أرسلا إلى أبي بكر، فحاسبهما، ومن ثم عفا عنهما(24) .
وفي كنده وحضرموت، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، أقر أبو بكر الصديق زياد(25) .بن لبيد بن ثعلبة الأنصاري عاملاً في أهل حضرموت، وأمره بقتال المرتدين فيها بزعامة الأشعث بن قيس الكندي، وأمده بـعبيدة بن سعد، فسار إليهم زياد وتتبع ديارهم وأقوامهم. وبعد فترة، التقى الطرفان في مدينة تريم(26) . انهزم خلالها زياد أمام قوات الأشعث(27) .
نتيجة لذلك، كتب زياد بن لبيد إلى المهاجر بن أمية المخزومي يستمده على الأشعث، فجاءه المهاجر بمدد يقدر عدده بألف فارس انضم بها إلى زياد؛ كما كتب زياد إلى أبي بكر يطلب منه مدداً ويخبره بالأحوال قائلاً:

أخبر زياداً أن كندة أجمعت
أحياء كندة قد أتتك بجمعها
قد صيرتك إلى التحصن صاغراً
فاصـبر ولا تجـزع لـوقـع سيـوفـنـا

طراً عليك فكيف ذلك تصنع
ولديك منها جيرة لو تنفع
حتى كتبت إلى عتيق تضرع
إن الكـريــم إذا جـنـى لا يجــزع


عند ذلك أرسل أبو بكر رسالة إلى الأشعث بن قيس يدعوه فيها بالرجوع إلى الإسلام (28) . ولكن رجال الأشعث بأمر منه قاموا بقتل رسول أبي بكر، فكتب زياد بن لبيد إلى أبي بكر رضي الله عنه يخبره بقتل الرسول ويعلمه أنه وأصحابه محاصرون في مدينة تريم أشد الحصار، وكتب هذه الأبيات طالباً المدد(29) .

هل راكب يرد المدينة مخبراً
ويقول للصديق عند لقائه
إنا حصرنا في تريم كأننا
حشدت لنا أملاك كندة واعتدت




رهط الرسول وسادة الأنصار
والدمع يهمل كالبدي الجاري
نحن النكوص بها على الأدبار
بالمرهفات وبالقنا الخطار





فامنعهم بمهاجرين فوارس
وبكـل قــرن في الهيــاج مهــــذب

فرسان صدق من بني نجار
يســمـو بعـضـب صــارم بـتـــار


استشار أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ المسلمين، واستقر الرأي على إرسال عكرمة بن أبي جهل مدداً له. وقال عنه عمر بن الخطاب: » إنه رجل حرب أهل لما أُهِّل له«. وكان عكرمة يومئذ في مكة، فجاءه كتاب أبي بكر، فخرج في ألفي فارس من قريش ومواليهم وأحلافهم، وسار باتجاه زياد بن لبيد(29) .ليقابل بذلك المهاجر بن أبي أمية الذي يعد في تشكيلات الجيوش الإحدى عشرة لقتال أهل الردة من المكلفين بقتال ردة حضرموت(30) . بعد الانتهاء من صنعاء في اليمن.
بلغ الأشعث بن قيس وصول الإمدادات والتعزيزات لزياد بن لبيد، فانحاز الأشعث إلى حصن النجير بحضرموت وجمع نساء قومه وذريته فأدخلهم معه، ثم حاصره زياد بن لبيد وأخذ زياد يشجع أصحابه، وقام الأشعث يقول: »يا معشر كندة! لا يهولنكم مدد أعدائكم لأصحابهم« حتى افتتح زياد الحصن عنوة، فاضطر الأشعث في النهاية أن يستسلم، وعاد للإسلام وبعثوا بالأشعث إلى أبي بكر فمنَّ عليه وحقن دمه(31) .
وقد اتضح من خلال هذا العرض جهود الخلافة وحكمتها في معالجة الوضع وتوجيه الإمدادات في الوقت المناسب. وهذا يمثل أحد أسباب انتصار المسلمين في حروب الردة، على الرغم من كثرتهم وقوّة عتادهم، وعلى الرغم من الإغراءات التي ينادون بها ـ لذلك عادت للدولة الإسلامية وحدتها، وتفرغوا بعد ذلك لأعدائهم الخارجين على حدودهم ونشر الإسلام في أرجاء المعمورة.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 16 Feb 2011, 03:46 AM [ 26 ]


تاريخ التسجيل : Jun 2010
رقم العضوية : 29031
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة والكتابة
مواضيع : 383
الردود : 14766
مجموع المشاركات : 15,149
معدل التقييم : 223جواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura about

جواهر غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 8
العضو المميز

الشاعر المميز

الاحتفال بالعام السابع

التواصل

فعالية لقطة ومقاديرها

العضو المميز

وسام المسابقات والفعاليات

الحضور المميز


رد: عصر الخلفاء الراشدين


بيعة أبي بكر الصديق


كتب:
12/09/1430 الموافق 01/09/2009


رجع رسول الله من مكة بعد فراغه من حجة الوداع ـ تلك الحجة التي ودع فيها صلى الله عليه وسلم أمته في خطبته الشهيرة , وأجمل فيها الإسلام وتعاليمه لمن حضر معه ـ ولم يمكث بعد رجوعه إلا قليلا , حتى علاه الإعياء , وغلب عليه المرض , فصار لا يستطيع أن يخرج من بيته إلا بمشقة بالغة ـ ورغم أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمتع بدرجة عالية من النشاط والقوة إلا أن الجهد المتواصل خلال سنوات الدعوة , والتي دامت قرابة ثلاثة وعشرين عاما قد ترك أثره عليه ـ فشرع في تهيأة أبي بكر الصديق لتولى أمر المسلمين بعده , والقيام بأعباء الخلافة , حتى لا يحس المسلمون بفراغ كبير بعد رحيله .
وجدير بالذكر أن رسول الله لم يرشح أبا بكر لخلافته إلا لأن فيه من المقومات التي يستطيع بها تحمل أعباء الخلافة ما لم يتوفر في غيره من سائر الصحابة , فقد لازمه طوال فترة البعثة , وراقب حركاته وسكناته , وتعرف منه كيف يواجه العظائم , ويتصدى للصعاب , ويدير أمور الدولة بحكمة ورشاد , وتعلم منه كيف يتعامل مع العدو والحبيب , وقرن الله ذكره بذكر رسول الله في قوله تعالى : " إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا.." التوبة : 40 , ورأى معه من آيات التأييد ما رسخ بها الإيمان في قلبه , ترسيخا يفوق رسوخ الجبال ...
فكان أول ما فعله صلى الله عليه وسلم أن كلف أبا بكر رضي الله عنه بإمامة المسلمين في الصلاة فقال : " مروا أبا بكر فليصل بالناس " وقد حدث أن غاب أبو بكر يوما , فقام عمر فصلى بالناس ,فلما كّبر عمر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فقال صلى الله عليه وسلم :"فأين أبو بكر ؟ !يأبى الله ذلك والمسلمون , يأبى الله ذلك والمسلمون " ...
ثم صار يوكل إليه قضاء حوائج المسلمين , وينبههم إلى الرجوع إليه في الأمور التي كانوا يرجعون إليه فيها عند فقده , فقد جاءت إليه امرأة تسأله عن حاجة فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: أرأيت إن جئت فلم أجدك - كأنها تقول الموت - قال صلى الله عليه وسلم: "إن لم تجديني فأتي أبا بكر". رواه البخاري في صحيحه...
ولما وجد في نفسه شيئا من العافية قبيل موته , خرج إلى المسجد يهادي بين رجلين من أصحابه , فأراد أبو بكر أن يتأخر ويقدمه في الصلاة , فأومأ اليه صلى الله عليه وسلم أن مكانك ثم أتى حتى جلس الى جنبه , فصلى بصلاته . ..
وأعاد على مسامع المسلمين بعض فضائله , فقال :" فإني لا أعلم امرأ أفضل يدا عندي في الصحبة من أبي بكر .." وقال : "لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لا تخذت أبا بكر خليلاً، ولكن أخي وصاحبي " أخرجه البخاري في صحيحه ...
وطلب من المجاورين للمسجد , الذين كانت تفتح دورهم عليه مباشرة , أن يسدوا منافذهم تلك ؛ للحفاظ على نظافة المسجد فقال : ": سدوا هذه الأبواب في المسجد إلا باب أبي بكر " ؛ لأنه سيحتاج إلى الخروج إليه كل حين , وعلى غير ميعاد للتباحث في أمر المسلمين , فيشق عليه تغيير مخرج بيته .
ثم بدأ يلمّح للمسلمين بقرب أجله , حيث تمت رسالة الإسلام , وبلّغ ما أنزل إليه من ربه أحسن بلاغ, فخرج صلى الله عليه وسلم على الناس فخطبهم , وتحلل منهم ـ أي طلب من له عنده شيء أن يأتي ليأخذه منه , وفعل ذلك ورعاً منه صلى الله عليه وسلم ـ ثم قال لهم : " إن عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا , وبين ما عنده , فاختار ما عنده " فقال أبو بكر : بل نفديك بأنفسنا وأبنائنا فقال : على رسلك ( هون عليك ) يا أبا بكر , ثم جمع صلى الله عليه و سلم من كان غائبا من أصحابه فودعهم وعيناه تدمعان , ودعا لهم فقال : " أوصيكم بتقوى الله .. إني لكم نذير و بشير , ألاّ تعلوا على الله في بلاده وعباده , فإنه قال لي ولكم : " تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ " القصص 83 ...
وظل صلى الله عليه وسلم يتابع أمر قيام أبي بكر بالأمر دونه حتى الدقائق الأخيرة من حياته , فقد كشف صلى الله عليه وسلم ستار حجرته صباح اليوم الذي قُبض فيه , فلما رأى الناس صفوفا خلف أبي بكر , تبسم صلى الله عليه و سلم , فشعر به الصحابة في صلاتهم , وهمّ بعضهم أن يُفسح له الصف , ليدخل لكنه عجز عن الخروج إليهم , وأشار إليهم أن مكانكم , وأسدل ستار غرفته , بعد رؤيته هذا المشهد الذي أثلج صدره , لتصعد روحه إلى باريها .
ورغم ذلك لم ينص صلى الله عليه وسلم على خلافة الصديق مباشرة ؛ لأنه لم يشأ أن يسلب المسلمين حقهم , وإرادتهم في اختيار من يقوم بشئونهم ويتولى أمرهم .
قُبض صلى الله عليه وسلم , وكانت وفاته صدمة لكل المسلمين , لم يستطع الكثير منهم تحمل أثرها , رغم إلماحات الرسول صلى الله عليه وسلم السابقة بدنوها ، فمنهم من دُهش فخولط , ومنهم من أُقعد فلم يُطق القيام، ومنهم من أعتُقل لسانه فلم يطق الكلام، ومنهم من أنكر موته بالكلية ؛لأن فقد عزيز عليه كرسول الله ليس بالأمر الهين , إلا أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان أهلا بالفعل للقيام بأعباء المهمة التي أعده النبي لها , فما إن أُعلم بوفاته حتى جاء سريعا من منزل له بالسنح خارج المدينة , ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف عن وجهه ـ وهو متمالك لنفسه ـ وقبله قائلا: "بأبي أنت وأمي طبت حيا ميتا , والذي نفسي بيده لا يذيقنك الله الموتتين أبدا" .
ثم خرج فوجد عمر رضي الله عنه يصيح بالحاضرين : "إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي , وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما مات " فقال لعمر: "أيها الرجل ! أربع ( هون )على نفسك , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات , ألم تسمع الله يقول : " إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ "( الزمر :30 ) و قال : " وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ " ( الأنبياء : 34).
ثم أتى المنبر فصعده , وحمد الله , وأثنى عليه , ثم قال : ألا من كان يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا قد مات , ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت , قال الله تعالى :" وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " فتلقاها منه الناس , وصاروا يرددونها , وظل بمن حوله من أهل المدينة , حتى خفف عنهم هول الفاجعة , وفاءوا إلى رشدهم بفيئه , وأمسوا يدربون أنفسهم على الحياة دون رسول الله , وعلى الصبر على فراقه , وعلى البحث في شئونهم العامة والخاصة .
وكان أول أمر نظروا فيه هو ( من يخلف رسول الله عليهم , ومن ينهض بالأمر بعده صلى الله عليه وسلم ) لأنهم كرهوا كما قال سعيد بن زيد أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة , ولم يسندوا أمر الخلافة إلى أبي بكر الصديق مباشرة ؛ لأن رسول الله لم ينص على خلافته صراحة كما ذكر من قبل , والبعض من المسلمين ـ وخاصة الأنصار ـ لم يفهموا من الإشارات الضمنية التي وردت عن رسول الله في فضل أبي بكر أهليته للخلافة دون غيره.
فاجتمع الأنصار في مكان لهم يسمى " سقيفة بني ساعدة" وتناقشوا في إمكانية استخلاف سعد بن عبادة , وكانت حجتهم في ذلك كما قال سعد بن عبادة : "لكم سابقة في الدين , وفضيلة في الإسلام ليست لأحد من العرب : إن محمداً صلى الله عليه وسلم لبث في قومه بضع عشرة سنة , يدعوهم إلى عبادة الرحمن , وخلع الأنداد والأوثان , فما آمن به إلا القليل، ما كانوا يقدرون على منعه , ولا على إعزاز دينه , ولا على دفع ضيم، حتى إذا أراد بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة , ورزقكم الإيمان به وبرسوله , والمنع له ولأصحابه , والإعزاز له ولدينه , والجهاد لأعدائه , فكنتم أشد الناس على عدوه , حتى استقامت العرب لأمر الله ...وتوفاه الله وهو عنكم راضٍ , وبكم قرير العين ".
ثم خرج من بينهم أسيد بن حضير فأتى أبا بكر ؛ ليعرض عليه وجهة نظر الأنصار هذه , فوجده وقد اجتمع إليه المهاجرون - أو من اجتمع إليه منهم – فلما أخبره بخبر الأنصار قال لمن حوله : " انطلقوا إلى إخواننا من الأنصار، فإن لهم في هذا الحق نصيباً, فذهبوا حتى أتوهم " .
وبعد اطلاعه على ما عزموا عليه , ومعرفة وجهة نظرهم قال : " أنتم يا معشر الأنصار، من لا ينكر فضلهم في الدين , ولا سابقتهم في الإسلام، رضيكم الله أنصاراً لدينه ورسوله , وجعل إليكم هجرته ... ,وإنكم لا تذكرون منكم فضلاً إلا وأنتم له أهل .
ثم بين لهم أن هذه الأمور ليست كفيلة بجعل الخلافة فيهم ؛ لأن العرب بما جلبت عليه من عصبية لن ترضى أن تدين لأحد من غير قريش , قوم النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي أثناء النقاش قال رجل من الأنصار: " منا أميرٌ ومنكم أمير " فاحتج عمر بأنه لا يصح أن يكون للمسلمين أميران , لأن رسول الله حذر من ذلك , وقال (أي عمر) ": هيهات لا يجتمع اثنان في قرن! والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبينا من غيركم، ولا تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم.
فأعاد أبوبكر الحديث , وذكر الأنصار بفضلهم , وبما غاب عن ذهنهم في شأن الخلافة فقال " : لقد علمتم أن رسول الله قال : لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار وادياً سلكت وادي الأنصار ، ولقد علمت يا سعد أن رسول الله قال وأنت قاعد : قريش ولاة هذا الأمر ، فبر الناس تبع لبرهم ، وفاجرهم تبع لفاجرهم , فقال سعد : صدقت ، فنحن الوزراء وأنتم الأمراء , فقال أبو بكر : نعم "... لا تفاتون بمشورة , ولا تقضي دونكم الأمور.."
وزاد أبو عبيدة :يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر , فلا تكونوا أول من بدل وغير! فقام بشير بن سعد أبو النعمان بن بشير فقال: يا معشر الأنصار ! إنا والله وإن كنا أولي فضيلة في جهاد المشركين , وسابقة في هذا الدين ما أردنا به إلا رضى ربنا , وطاعة نبينا والكدح لأنفسنا، فما ينبغي أن نستطيل على الناس بذلك , ولا نبتغي به الدنيا، ألا إن محمداً، صلى الله عليه وسلم، من قريش وقومه أولى به، وايم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر، فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم.
ثم أعلنوا بيعتهم جميعا لأبي بكر بالخلافة بعد عبارة عمر المؤثرة : " أنشدكم بالله، هل أُمر أبو بكر أن يصلي بالناس؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فأيكم تطيب نفسه أن يزيل عن مقامه الذي أقامه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: كلنا لا تطيب أنفسنا، نستغفر الله!.ويشعر عندها أبو بكر بثقل التبعة فيقول " أنت يا عمر أقوى لها منى , فيرد عليه : إن لك قوتى مع قوتك .
حدث كل ذلك يوم وفاة رسول الله , ثم جلس أبو بكر في اليوم التالي ؛ ليأخذ البيعة من سائر الناس, وأتته وفود العرب مجمعة على بيعته إلا المرتدين ,فقد سئل سعيد بن زيد : أشهدت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، فال : فمتى بويع أبو بكر ؟ قال : يوم مات رسول الله صلى الله عليه فقيل له : هل خالف عليه أحد ؟ قال : لا إلا مرتد أو من قد كاد أن يرتد.
وقد زعم بعض الناس أن علي بن أبي طالب امتنع عن بيعته ثم بايعه مكرها ؛ لأنه كان يطمع في الخلافة لنفسه , وهذا افتراء على الرجل , إذ كان من المسارعين إلى بيعته , بعد فراغه من دفن رسول الله , ولم يصبر حتى يعود إلى بيته , ويغير من ملابسه , إذ جاء في تاريخ الطبري : لما سمع علي ببيعة أبي بكر خرج في قميص ما عليه إزار ولا رداء ؛ عجلاً حتى بايعه، ثم استدعى إزاره ورداءه فتجلله.( تاريخ الرسل والملوك : ج 2 / ص 119)
ولما سئل بعد ذلك عن خلافة الصديق قال : " قدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فصلى بالناس، وإني لشاهد غير غائب، وإني لصحيح غير مريض، ولو شاء أن يقدمني لقدمني، فرضينا لدنيانا من رضيه الله ورسوله لديننا " (أسد الغابة :ج 2 / ص 149).
بتلكم الصورة تمت بيعة أول خليفة للمسلمين , لتعلن للناس أجمعين أن الحاكم في الإسلام لابد أن يكون خير الناس وأرجحهم عقلا , وأقدرهم على تولي التبعات , وفي نفس الوقت هم أصحاب الحق في اختياره , لا يفرضه عليهم أحد مهما علت مكانته.
ومن العجب أن البعض ـ ممن يرون في كل مزية من مزايا الإسلام عيبا ـ يعيبون على المهاجرين والأنصار تعدد آرائهم في أمر الخلافة قبل أن يتفقوا على أبي بكر, مع أن هذا هو قمة ما ينادي به أنصار الديمقراطية والحرية حديثا .


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 16 Feb 2011, 03:47 AM [ 27 ]


تاريخ التسجيل : Jun 2010
رقم العضوية : 29031
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة والكتابة
مواضيع : 383
الردود : 14766
مجموع المشاركات : 15,149
معدل التقييم : 223جواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura about

جواهر غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 8
العضو المميز

الشاعر المميز

الاحتفال بالعام السابع

التواصل

فعالية لقطة ومقاديرها

العضو المميز

وسام المسابقات والفعاليات

الحضور المميز


رد: عصر الخلفاء الراشدين


ردة أهل البحرين:


كتب:
12/09/1430 الموافق 01/09/2009


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى ملك البحرين المنذر بن ساوى فأسلم على يديه، وأقام العلاء فيهم الإسلام والعدل، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي المنذر بعده بقليل فارتد أهل البحرين، وملكوا عليهم المغرور، وهوالمنذر بن النعمان بن المنذر، وقال قائلهم: لوكان محمد نبياًمامات، ولم يبق في البحرين بلدة على الثبات سوى قرية:"جواثا"، وحاصر المرتدون مسلمي جواثا وضيقوا عليهم، حتى منعواعنهم الأقوات وجاع المسلمون جوعاً شديداً .

وكان قد قام في جواثا رجل من أشرافهم، وهو الجارود بن المعلى، خطيباً وقد جمعهم فقال: يامعشر عبدالقيس، إني سائلكم عن أمر فأخبروني إن علمتموه، ولا تُجيبوني إن لم تعلموه، فقالوا:سل، قال: أتعلمون أنه كان لله أنبياء قبل محمد؟ قالوا:نعم، قال: تعلمونه أم ترونه؟ قالوا: نعلمه، قال: فما فعلوا؟ قالوا: ماتوا، قال: فإن محمد صلى الله عليه وسلم مات كما ماتوا، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقالوا: ونحن أيضاً نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأنت أفضلنا وسيدنا، وثبتوا على إسلامهم، وتركوا بقية الناس فيما هم فيه.

وبعث أبو بكر الصديق رضي الله عنه العلاء بن الحضرمي لقتال أهل الردة في البحرين، فلما دنا منها جاء إليه ثمامة بن أثال في حشد كبير، وجاء بعض أُمراء تلك النواحي رفداً إلى جيش العلاء، ولما اقترب من المرتدين وحشودهم الضخمة نزل ونزلوا، وباتوا متجاورين في المنازل، فبينما المسلمون في الليل إذ سمع العلاء أصواتاً عالية في جيش المرتدين، فقال: من رجل يكشف لنا خبر هؤلاء؟ فقام عبد الله بن حذف، ودنا من خندقهم فأخذوه، وكانت أمه عجلية، فجعل ينادي: يا أبجراه، فجاء أبجر بن بجير فعرفه، فقال: ما شأنك؟ قال: علام أُقتل وحولي عسكر من عجل وتيم اللات وغيرها؟ فخلصه، فقال له: والله إني لأظنك بئس ابن أخت أتيت الليلة أخوالك، فقال: دعني من هذا وأطعمني، فقد مت جوعاً، فقرب له طعاماً فأكل، ثم قال:زودني واحملني،يقول هذا والرجل قد غلب عليه السُكُر، فحمله على بعير وزوده وجوزه. وجد عبد الله بن حذف المرتدين سكارى لا يعقلون من الشراب فرجع إلى العلاء فأخبره، فركب العلاء من فوره بجيشه، وانقض على المرتدين فقتلوهم،إلا قسم استطاع الفرار والهرب.
وغنم المسلمون جميع أموالهم وأثقالهم، فكانت غنيمة عظيمة.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 16 Feb 2011, 03:48 AM [ 28 ]


تاريخ التسجيل : Jun 2010
رقم العضوية : 29031
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة والكتابة
مواضيع : 383
الردود : 14766
مجموع المشاركات : 15,149
معدل التقييم : 223جواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura about

جواهر غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 8
العضو المميز

الشاعر المميز

الاحتفال بالعام السابع

التواصل

فعالية لقطة ومقاديرها

العضو المميز

وسام المسابقات والفعاليات

الحضور المميز


رد: عصر الخلفاء الراشدين


ردة أهل عُمان:

ظهر في عُمان رجل يقال له: ذو التاج لقيط بن مالك الأزدي، وكان يُضاهي في الجاهلية الجُلندى، فادعى النبوة، وتابعه الجهلة من أهل عُمان، فقهر جيفراً وعبداً، وألجأهما إلى الجبال، فبعث جيفر إلى الصديق رضي الله عنه فأخبره الخبر، وطلب مدداً فبعث رضي الله عنه بأميرين: حذيفة بن محصن، وعرفجة البارقي الأزدي، حذيفة إلى عُمان، وعرفجة إلى مهرة، وأمرهما أن يجتمعا ويتفقا ويبتدئا بعُمان وحذيفة هو الأمير فإذا ساروا إلى بلاد مهرة فعرفجة الأمير.

ثم أمر الصديق رضي الله عنه - بعد قهر مسيلمة ومقتله - عكرمة بن أبي جهل أن يلحق بحذيفة وعرفجة إلى عُمان، ، ثم كتب الصديق إلى حذيفة وعرفجة أن ينتهيا إلى رأي عكرمة بعد الفراغ من المسير من عُمان أو المقام بها.فلحق عكرمة بحذيفة وعرفجة قبل أن يصلا إلى عُمان، فساروا جميعاً فلما اقتربوا من عُمان راسلوا جيفراً من مكان يُسمى "رجاماً"، وبلغ لقيط بن مالك مجيء الجيش فعسكر في جموعه بِدَبَا، وجعل الذراري والأموال وراء ظهورهم، واجتمع جيفر وعبد بمكان يقال له صُحار فعسكرا به، وبعثا إلى أُمراء الصديق فقدمواعلى المسلمين، قتقابل الجيشان هناك، وتقاتلوا قتالاً شديداً، وجاء المسلمين في الساعة المناسبة مَدَدٌ من بني ناجية وعبد القيس فقتل من المرتدين عشرة آلاف مقاتل، وتم النصر للمسلمين والقضاء على المرتدين في عُمان.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 16 Feb 2011, 03:48 AM [ 29 ]


تاريخ التسجيل : Jun 2010
رقم العضوية : 29031
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة والكتابة
مواضيع : 383
الردود : 14766
مجموع المشاركات : 15,149
معدل التقييم : 223جواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura about

جواهر غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 8
العضو المميز

الشاعر المميز

الاحتفال بالعام السابع

التواصل

فعالية لقطة ومقاديرها

العضو المميز

وسام المسابقات والفعاليات

الحضور المميز


رد: عصر الخلفاء الراشدين


ردة أهل مَهْرَة:

سار عكرمة بالمسلمين إلى بلاد مهرة، فوجد أهلها جُندين، على أحدهما - وهم الكثرة - أمير يقال له: المصبح أحد بني محارب، وعلى الآخر الجند الآخرين أمير يقال له: شخريت، وهما مختلفان، وكان هذا الاختلاف رحمة على المؤمنين، فراسل عكرمة شخريتاً فأجابه، وانضاف بقواته إلى عكرمة، وتمادى المُصَبح على طغيانه، مغتراً بكثرة من معه ومخالفته لشخريت، فسار إليه عكرمة ومن معه، فاقتتلوا مع المصبَّح أشد من قتال دَبَا، وتم النصر للمسلمين، وقتل المصبح وفر من كان معه.


الأعلى رد مع اقتباس
قديم 16 Feb 2011, 03:49 AM [ 30 ]


تاريخ التسجيل : Jun 2010
رقم العضوية : 29031
الإقامة : saudi arabia
الهواية : القراءة والكتابة
مواضيع : 383
الردود : 14766
مجموع المشاركات : 15,149
معدل التقييم : 223جواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura aboutجواهر has a spectacular aura about

جواهر غير متصل


مـجـمـوع الأوسـمـة : 8
العضو المميز

الشاعر المميز

الاحتفال بالعام السابع

التواصل

فعالية لقطة ومقاديرها

العضو المميز

وسام المسابقات والفعاليات

الحضور المميز


رد: عصر الخلفاء الراشدين


ردة أهل اليمامة :

قال مسيلمة لأتباعه وقومه قبيل المعركة الفاصلة بينه وبين المسلمين: اليوم يوم الغيرة، اليوم إن هزمتم تُستنكح النساء سبيات، وينكحن غير حظيات، فقاتلوا عن أحسابكم وأمنعوا نسائكم.

وتقدم خالد رضي الله عنه بالمسلمين حتى نزل بهم على كثيب يُشرف على اليمامة فضرب به عسكره، وقدم رايته مع زيد بن الخطاب، وراية المُهاجرين مع سالم مولى أبي حُذيفة، وهو على الميمنة، وعلى الميسرة شجاع بن وهب، وعلى الخيل البراء بن مالك ثم عزله واستعمل عليهاأسامة بن زيد ، وقاتل البراء راجلاً، ثم أعاده خالد على قيادة الخيل فصنع الأعاجيب.وكانت راية الأنصار مع ثابت بن قيس بن شماس، والعرب على راياتها.

وكانت الصدمة الأولى في المعركة عنيفة قاسية، انهزم الأعراب خلالها، حتى دخلت بنو حنيفة خيمة خالد، وهموا بقتل أم تميم زوجته. وتنادى كبار الصحابة وقال ثابت بن قيس بن شماس: بئس ما عودتم أقرانكم، و نادوا من كل جانب: أخلصنا يا خالد، فخلصت ثلة من المهاجرين والأنصار، وصار البراء بن معرور كالأسد الثائر، وقاتلت بنو حنيفة قتالاً لم يعهد مثله، وجعلت الصحابة يتواصون بينهم ويقولون: يا أصحاب سورة البقرة، بَطُلَ السحر اليوم، وحفر ثابت بن قيس لقدميه في الأرض إلى أنصاف ساقيه، وهو حامل لواء الأنصار بعد ما تحنط وتكفن فلم يزل ثابتاً حتى استشهد رضي الله عنه.

وقال المهاجرون لسالم مولى أبي حذيفة: أتخشى أن نُؤتي من قِبَلَك؟ فقال: بئس حامل القرآن أنا إذاً. وقال زيد بن الخطاب: أيها الناس، عضوا على أضراسكم واضربوا في عدوكم وامضوا قُدُماً،وقال: والله لا أتكلم حتى يهزمهم الله أو ألقى الله فأُكلمه بحجتي، فقتل شهيداً رضي الله عنه.

وحمل خالد بن الوليد رضي الله عنه حتى اخترق صفوف المرتدين ووصل قُبالة مسيلمة، وجعل يترقب أن يصل إليه فيقتله ثم رجع، ثم وقف بين الصفين ودعا للمبارزة،ثم نادى بِشعار المسلمين، وكان شعارهم يومئذ: يا محَّمداه، وجعل لا يبرز إليه أحد من المرتدين إلا قتله، ولا يدنو منه شيء إلا صرعه،واقترب خالد رضي الله عنه من مسيلمة، وعرض عليه النصف والرجوع إلى الحق فأبى، فانصرف عنه خالد وعزل الأعراب عن المهاجرين والأنصار، وجعل كل قبيلة على رايتها يقاتلون تحتها، حتى يعرف الناس من أين يُؤتون، وصبرت الصحابة في هذا الموطن صبراً لم يعهد مثله، ولم يزالوا يتقدمون إلى نحور عدوهم حتى فتح الله عليهم وولى المرتدون الأدبار.

وتبع المسلمون المرتدين يقتلون منهم وهم مدبرون، ويضعون السيوف في رقابهم حيث شاؤوا، حتى ألجؤوهم إلى حديقة الموت، وقد أشار عليهم محكم بن الطفيل بدخلوها، فدخلوها وفيها مسيلمة، وأدرك عبد الرحمن بن أبي بكر محكم بن الطفيل فرماه بسهم في عنقه وهو يخطب فقتله، وقال قائل: يا أبا ثمامة، أين ما كنت وعدتنا؟ فقال أبو ثمامة - أي مسيلمة -: أما الدين فلا دين،ولكن قاتلواعن أحسابكم، فاستيقن القوم أنهم كانوا على غيرشيئ.وأغلقت بنو حنيفة الحديقة عليهم، وأحاط بهم الصحابة.

وقال البراء بن مالك:يامعشر المسلمين ألقوني عليهم في الحديقة،فاحتملوه فوق التروس، ورفعوها بالرماح حتى ألقوه عليهم،فلم يزل يقاتلهم دون بابها حتى فتحه، ودخل المسلمون الحديقة من الباب الذي فتحه البراء، وفتح الذين دخلوا الأبواب الأخرى، وحوصر المرتدون وأدركوا أنها القاضية لا محالة.

ووصل المسلمون في الحديقة إلى مسيلمة، وإذا هو واقف في ثلمة جدار كأنه جمل أورق، يخرج الزبدُ من شدقيه من غيظه وحرج موقفه وانهيار بنيان زعامته، فتقدم وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم - قاتل حمزة رضي الله عنه - فرماه بحربته فأصابه، وخرجت من الجانب الآخر، وسارع إليه أبو دجانة سماك بن خرشة فضربه بالسيف فسقط فنادت امرأة من قصر مسيلمة: واأمير الوضاءة قتله العبد الأسود (أي وحشي).

يقول وحشي: فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة، خرجت معهم، وأخذت حربتي التي قتلت بها حمزة، فلما التقى الناس، رأيت مسيلمة الكذاب قائماً في يده السيف وما أعرفه، فتهيأت له، وتهيأ له رجل من الأنصار من الناحية الأخرى، كلانا يُريده، فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه، فوقعت فيه، وشد عليه الأنصاري - عبد الله بن زيد - بالسيف فربُك أعلم أينا قتله، فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قتلت شر الناس.


حروب الردة، للدكتور شوقي أبو خليل.


الأعلى رد مع اقتباس
إضافة رد
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

07:31 PM
Powered by vBulletin® developed by Tar3q.com